رواية اسير عينيها الجزء الرابع (للعشق قيوده الخاصة) الفصل التاسع والاربعون 49 بقلم دينا جمال



رواية اسير عينيها الجزء الرابع (للعشق قيوده الخاصة) الفصل التاسع والاربعون  بقلم دينا جمال

جلطة ... جلطة .... جلطة .... جلطة .... كلمة ترددت بسرعة وعنف داخل ثنايا عقلها ... كصفعات عنيفة تهبط علي وجهها توقظها من ثباتها رغما عنها ... فتحت عينيها فجاءة تشهق بعنف كأنها غريق طفي فوق سطح الماء بعد طول عذاب ... التفتت تنظر حولها للحظات عقلها يعجز عن ترجمة اي إشارات أين هي ماذا يحدث ... ما حدث .... لحظات معدودة قبل أن يبدأ عقلها في ترجمة في كل شئ ... مات جنين ابنتها .... زيدان في الغرفة .... خالد سقط أرضا ... جلطة ... توسعت عينيها ذعرا عند الكلمة الاخيرة ... تزامنا مع اقتراب احدي الممرضات منها تسألها مبتسمة :
- حمد لله علي سلامتك يا دكتورة حضرتك كويسة ... تحبي اندهلك الدكتور

استندت بكفيها علي الفراش تجذب جسدها تنزع سن إبرة المحلول من يدها ... تحركت من الفراش قامت بصعوبة تشعر بدوار يغزو ثناياها بالكامل ...هرعت الممرضة إليها تسألها فزعة :
- رايحة فين يا دكتورة ... حضرتك تعبانة

نظرت لينا لها بألم تحرك رأسها نفيا انسابت دموعها تهمس باكية :
- أنا كويسة .... أنا عايزة اشوف جوزي ... ساعديني أروح اوضته

نظرت الممرضة لها بشفقة ... لتهرع إليها تمسك بيديها تحاول اسنادها ... نظرت له تقول مبتسمة تحاول طمئنتها :
- علي فكرة جوز حضرتك بخير ... دكتور حسام بيقول جلطة خفيفة ودوبوها بالأدوية وهو دلوقتي كويس جدا 

توسعت عيني لينا تنظر لها بتلهف .... تترجاها بنظراتها أن يكن ما تقوله صدقا ... لتحرك الفتاة رأسها بالإيجاب تؤكد لها ما تقول ... لتشق ابتسامة واسعة شفتي لينا ...استندت علي يدي الممرضة تتحرك معها بخطي متلهفة تحاول الإسراع في خطواتها تتسارع دقاتها تلهفا لرؤيته ... كل خطوة تسرع بها تتذكر يمر أمامها مشاهد كثيرة من حياتهم قديما والآن ...
حياتها بأكملها فيلم قصير يمر سريعا هو البطل منذ كلمة البداية ... وقفت أمام باب غرفته لتهرع سريعا تفتح مقبض الباب ... انحدرت دموعها وابتسامة كبيرة شقت ثغرها حين رأته يجلس علي فراشه يتحدث مع أخيه وزيدان .... التفت برأسها لها سريعا ما أن رأها نظر لها حزينا يفتح ذراعيه لها ... تقدمت ناحيته مسلوبة الإرادة تهرول في خطاها .... ارتمت بين ذراعيه ليطبق يديه عليها يخبئها بين أحضانه ... نظر حمزة لزيدان ... ليخرج كلاهما من الغرفة يغلقان الباب عليهما .... 

في الداخل كان نص يلتقي بالآخر يجبر كل منهما شرخ الآخر ... هي تختبئ بين أحضانه ترمي بروحها الملتاعة ذعرا عليه بين امواج قلبه العاتية لتغرق لوعتها للأبد ... وهو يدفن روحه قبل رأسه بين حنايا عبيرها الشذي ينعش به صحراء قلبه الملتاعة شوقا لها ... انتحبت وزادت دموعها تشد بكفيها علي ملابسه تختبئ بين طيات قلبه ... رفع يده يمسح علي حجابها يتمتم بترفق :
- اهدي يا لينا ... اهدي يا حبيبتي ... أنا كويس والله كويس

حركت رأسها نفيا تقبض علي ملابسه بعنف بين كفيها كأنه سيهرب سيتركها ويرحل .... ارتجفت نبرتها تتمتم بحرقة :
- ما ينفعش تقع .... أنت ما ينفعش تقع .... ما تعملش كدة تاني عشان خاطري .... أنا مش هستحمل ... 

جذبها ناحيته يريح رأسها علي صدره  يمسح علي حجابها ... قبل قمة رأسها يتمتم مبتسما :
- حاضر يا حبيبتي ... اهدي بقي ... كفاية عياط ... طب علي فكرة بقي شكلك بيبقي وحش لما بتعيطي

رفعت وجهها إليه ليري وجهها الشاحب عينيها تكاد تنفجر من البكاء ... يشعر بأنفاسها المتسارعة ... مد يده يزيل برفق سيل دموعها المنهمر ... قرص قمة انفها يتمتم مبتسما في مرح :
- أنا كويس يا بسبوسة ... ما تعيطيش بقي يا قلبي .... يا ستي أنا قولت اريح من مشاكلوا شوية ...بتبصيلي كدة ليه 

اردف بها متعجبا .... حين رأي نظراتها المعاتبة ... ابتعدت عنه تجلس علي الفراش تمسح هي ما سقط من دموعها .... ازدردت لعابها الجاف اخفضت رأسها قليلا تنظر أمامها مباشرة تتمتم متألمة :
- ما ينفعش ... ما ينفعش تقع وتوقعنا كلنا معاك .... انت ما ينفعش حتي تبقي ضعيف .... ما ينفعش تحرق قلبي تموت روحي ... تكسر ضهر حمزة وعمر ... تقهر لينا وزيدان .... احنا كلنا بنتحامي فيك ... عارفين أنك السد اللي دايما واقف حامينا ... لما انت تقع .... يبقي بتدمر الكل يا خالد

ارتسمت ابتسامة خفيفة علي شفتيه ينظر لها كلماتها ... وااه منها اكسير حياة جدد نشاط قلبه ... أشبع جوا روحه .... أشعل بركان شبابه الذي بدأ يخبوا .... لف ذراعه حو كتفيها يقرب رأسها منه يقبل جبينها ... يتمتم مبتسما :
- حقك عليا ... آخر مرة ما تعطيش بقي ... وحياتي عندك ... طب فاكرة لما كنا في أسوان وبنتمشي مع بعض وكلت الايس كريم بتاعك

خرجت من بين شفتيها ضحكة خافتة تتذكر ذلك الموقف البعيد ... رفعت وجهها له تقطب ما بين حاجبيها تتمتم حانقة :
- عشان إنت طماع تاكل بتاعك وبتاعي وبتاع لوليتا 

خرجت منه  ضحكة عالية يردف ضاحكا :
- الله ما أنا اشتريت ليكوا غيره .... بس والله كان طعمه حلو .. 

ضحكت ضحكة صغيرة لتصدمه بكفها برفق علي صدره تتمتم ساخرة :
- تقوم قايل للراجل عندك آيس كريم بالبسوسبة ... يا مفتري 

ارتفعت ضحكاته حتي أدمعت عينيه يشدد من ضمها لصدره رفع يده الأخري يمسح ما سقط من عينيه من شدة الضحك ليتمتم مشاكسا :
- طب والله اختراع عظمة ... مش خليتك تجربيه ... انكري بقي أنك حبيته

توجه برأسه لها ليراها تستند بيسراها علي صدره تنظر له تبتسم .... ابتسامة صغيرة عاشقة يعرفها جيدا ... تتحرك مقلتيها بسرعة تحفر ملامح وجهه وهو يضحك في قلبها .... توقف عن الضحك ينظر لها يبتسم ينظر لمقلتيها دون كلام لحظات طويلة قبل أن ترتفع برأسها قليلا تقبل وجنته تتمتم بخفوت عاشق :
- أنا بحبك أنت ... من أول نفس في عمري لحد ما يخلص عمري 

تنهد بولة يشدد علي احتضانها للحظات طويلة ... ابعدها عنه يمسح وجهها بكفه برفق يتمتم مبتسما :
- قومي اغسلي وشك وفكي حجابك ما حدش هيدخل تاني .... 

ابتسمت تحرك رأسها إيجابا تحركت خطوة من الفراش لتتوسع عينيها فزعا ... لينا !! ... نسيت ابنتها في موجة لهفتها وعشقهم التفتت له سريعا تتمتم فزعة :
- لينا ... لينا فين واخبارها إيه 
______________________
حين خرج حمزة وزيدان من غرفة خالد ... التفت حمزة يربت علي كتف زيدان يسمح وجهه بيده الاخري يتمتم مرهقا تعبا :
- أنا هنزل اشرب فنجان قهوة في الكافتريا ... تعالا معايا اشرب حاجة

حرك زيدان رأسه نفيا دون أن ينطق بحرف واحد ... ليتنهد حمزة حزينا علي حاله هو الآخر ... تركه وغادر يشعر بحاجة ملحة لكوب قهوة ... ليستطيع المواصلة .... بينما وقف زيدان مكانه ينظر لغرفة لينا زوجته ... او كما كانت ... يزدرد لعابه بين حين وآخر يصارع رغبة ملحة تدفعه للدخول للاطمئنان عليها ... خاصة بعد ما حدث لخاله .... تري كيف سيكون حالها ... تحرك خطوة للأمام ليعودها مرة أخري .... عقله يصرخ فيه أن يتوقف ... إلي أن ويكفي كل ما بينهما انتهي ... وقلبه يصرخ فيه أن يتقدم يرجو عقله أن يتركه يذهب ... اغمض عينيه يشد علي قبضته بعنف الصراع داخله مؤلم ... ورؤيتها أشد ألما ... دون كلمة اخري أسرع في خطواته إلي غرفتها ... ادار المقبض ودخل يتدلي من يده الغطاء الذي كان بالخارج جلبه ربما كانت في حاجة إليه .... تقدم هو منها وقف جوار فراشها ينظر ناحيتها والعديد من المشاعر المبعثرة تضرب كيانه ... بينما كانت هي في حالة بين الوعي واللاوعي تحرك رأسها للجانبين تشعر برأسها يلتف بعنف رأت ظل طويل يقف أمامها عينيها مشوشة لا تري ملامحه جل ما رأته أنه يمسك في يده حبل كبير .... رأت الغطاء في يده حبل كيف لا تعرف ... لحظات وبدأت تتضح الرؤية أمامها بالكامل ... زيدان هو من يقف رأته بنظرة مشوشة ولكن لما زيدان يمسك في يده حبل ... طرف الغطاء الطويل ما كانت تري ... لحظات وبدأت تشعر برأسها يثقل من جديد ... جسدها مرتخي عينيها مغمضتان ولكنها تشعر بما يحدث ... تسمع كل ما سيقوله ... اقترب هو أكثر يضع الغطاء في يده فوق غطائها ... تنهد يبتسم ساخرا يشعر بالشفقة علي حالها ...  علي طرف الفراش جوارها جلس ... مد يده مترددا يبسطها علي بطنها الفارغ .... لتدمع عينيه رغما عنه ... دمعة حزينة هربت من إثر مقلتيه تركض علي صفحة وجهه ... حين همست شفتيه :
- كان نفسي تعيش .... كنت مستعد اتنازلك حتي عن عمري ... بس أنت تيجي للدنيا ... اشيلك علي ايدي ... انا اتعذبت اوي في حياتي ... انت وهي نقطة النور الوحيدة اللي فيها ... حتي النقطة دي انطفت 

لحظات وسحب يده من فوق بطنها .. لتشعر به يحطها فوق رأسها يمسد علي خصلات شعرها المنسدلة .... تسمع نبرة صوته الحزينة الممزقة :
- أنا همشي ... مش هعذبك ولا هعذب نفسي اكتر من كدا ... أنتي اكتر واحدة عارفة أنا قد ايه بحبك ... كان نفسي بس في فرصة تانية ... اعوضك بيها عن اللي حصل ... بس حتي الفرصة دي استكترتيها عليا ... مع اني ما استكرتش عمري كله ليكي  ... يمكن انتي ما حبتنيش وأنا كنت بوهم نفسي ... بس أنا حبيتك وهفضل طول عمري أحبك ... سلام يا لينا !!

قالها لتشعر بفراغ بارد جوارها وصوت خطواته يبتعد ... صوت الباب يفتح ... ليظهر في تلك اللحظة صوت والدتها تغمغم متلهفة :
- زيدان هي لينا كويسة ... طمني عليها 

سمعته يطمأن والدتها عليها ... ليختفي صوته للحظات ... لحظات تسارعت فيها دقات قلبها ... قبل أن تهدئ حين سمعت والدتها تحادثه :
- أنت رايح فين يا زيدان

والصمت عاد من جديد صمت طويل ... قبل أن تسمع نبرة صوته التي لن تنساها ابدا :
- ماشي !!!!
كلمة واحدة عرفت بها قصده هو ذاهب دون عودة .... يبدو انه ملّ خسر رهان الحب .... نزلت دمعة حزينة من عينيها تستمع لخطواته ترحل بعيدا وتقترب خطوات والدتها ... اقتربت لينا من فراش ابنتها جلست جوارها تمسد علي خصلات شعرها بحنو مالت تطبع قبلة حانية علي رأسها تهمس لها حزينة :
- ربنا يشفيكي يا حبيبتي ... وتقومي بالسلامة ... بإذن الله ربنا هيعوضكوا ... أنا عارفة شعورك كويس أوي يا لينا ... بس الحمد ما حصلكيش زي ما حصلي .... هسيبك ترتاحي ....
مالت مرة اخري تقبل جبين ابنتها لتجذب الغطاء المبعثر تدثرها جيدا مسحت علي شعرها برفق ... قبل أن تغادر هي الأخري ويتركونها وحيدة ... ظنون أنها نائمة وهي كانت تتمني حقا أن تكون كذلك ... علي حالها كما هي فقط انسابت دموعها الصامتة من خلف جفنيها المغلقين يصرخان وجعا والصمت يقتل الجميع 
_______________
خرجت لينا من غرفة ابنتها توصد الباب عليها ... لتلمح حسام يخرج من أحدي الغرف هرعت إليه سريعا تسأله متلهفة :
- حسام طمني علي لينا هي كويسة ... 

ابتسم حسام في هدوء يعطي الأوراق في يده للطبيب الواقف جواره ليستأدن الأخير ويغادر ... بينما كتف هو ذراعيه أمام صدره يتمتم مبتسما :
- حمد لله علي سلامتك الأول يا دكتورة وسلامة خالد باشا ... مش عايزة حضرتك تقلقي بنت حضرتك صحتها زي الفل ... الحمد لله الرحم ما اتضررش من السقط ... هي بس محتاجة راحة .... وهتبقي أحسن من الأول 

ابتسمت لينا متوترة .... شردت عينيها تحرك رأسها إيجابا ... تحركت متجهه إلي غرفة خالد ... دخلت الغرفة توصد الباب خلفها ... رفعت وجهها إليه لتراه يناظرها مبتسما ... اردف يسألها قلقا :
- لينا كويسة

ابتسم تحركت رأسها إيجابا لتأخذ طريقها إلي مرحاض الغرفة دخلت تغلق الباب عليها من الداخل ... يحلس هو يراقب حزينا ... لحظات وسمع صوت دقات علي باب الغرفة .. سمح للطارق بالدخول لتدخل تلك الممرضة ريهام قطب جبينه ينظر لها مستفقا بينما حمحمت الفتاة تردف بخفوت :
- أنا آسفة للازعاج ... هي دكتورة لينا مش موجودة قالولي انها هنا ... انا كنت عيزاها في حاجة مهمة 

نظر لباب المرحاض المغلق ... لا يعرف لما ولكنه حقا يشعر بشعور سئ خلف ما تريد تلك الفتاة اخبار لينا به ... عاد ينظر للفتاة ليحمحم بخشونة :
- دكتورة لينا في الحمام عايزة تبلغيها بإيه وأنا اقوله ليها 

توسعت عيني الفتاة بهلع ذلك هو زوج الدكتورة لينا علي ما تتذكر ... ذلك الرجل هو من أخبرتها عنه صديقتها أنه ذو رتبة كبيرة في الشرطة ... ابتلعت لعابها مرتبكة حركت رأسها نفيا تهمس متلعثمة :
- ها لا ابدا ... عن إذن حضرتك

التفتت لتغادر ليصدق حدسه تلك الفتاة ستخبر لينا شيئا هاما وخطيرا وعليه أن يعرفه هو اولا والآن ... همس بصوت خفيض غاضب :
- استني عندك 

انتفض قلب الفتاة خوفا ازدردت لعابها الجاف لتلتفت ناحية ذلك الجالس علي فراشه يرميها بنظرات نارية تكاد تخترقها ... يسبر اغوارها ليعرف ما يدور بخلدها ... اشار بيده أن تقترب قليلا ... جفت الدماء خوفا في عروقها تفكر في اسوء الاحتمالات ... وقفت بالقرب منه تتنفس بسرعة تشعر بالذعر ... بينما كتف خالد ذراعيه يسألها في هدوء :
- حاجة ايه ... ومن غير كذب

قبضت يديها متوترة حمحمت مرتجفة تردف بنبرة خائفة متلعثمة :
- اااا ... اصل بصراحة ....
قصت عليه ما أخبرت صديقتها به ...سريعا بتلعثم شديد ... صمتت ما أن انتهت تلتقط أنفاسها الهاربة من الخوف بلعت لعابها الجاف تكمل :
- والله يا باشا دا اللي شوفته ... أنا قولت احذر الدكتورة لينا ... انا نيتي خير ... مش قصدي حاجة 

رفعت وجهها تنظر له بحذر لتري عينيه شاردة في الفراغ ... ملامح وجهه مقطبة غاضبة قاسية ... من حسام وتلك الفتاة التي فسرت الوضع بأكمله بشكل خاطئ وكانت علي وشك أن تهدم كل شئ أن أخبرت لينا بما أخبرته به الآن ... وذلك الأرعن هو من وضع نفسه وشقيقته في موضع شبهه ... سريعا نظر للفتاة قبل أن تخرج لينا من المرحاض حرك رأسه إيجابا يتمتم في هدوء :
- تمام أنا هتصرف ... بس حسك عينك اللي قولتيه دا ... تفتحتي بوقك ليه لأي حد ... حتي الدكتورة لينا ... وما تقلقيش ما فيش تحقيق .... مفهوم

حركت الفتاة رأسها إيجابا سريعا ... صحيح أنها تعجبت من هدوء الرجل بعد ما قالت ... أخبرته أنها رأت ابنته بين أحضان الطبيب وهو لم يثور حتي ما تلك العائلة الغريبة ... حمحمت الفتاة تردف سريعا :
- حاضر حاضر .... مفهوم ... عن إذن حضرتك 

قالتها لتفر سريعا من الغرفة بينما جلست هو مكانه ينتهد بارتياح ... حمدا لله أن أصر أن يعرف من الممرضة ماذا حدث ... تخيل لو كانت لينا هي من سمعت تلك الكلمات ... التف برأسه ناحية باب المرحاض قطب جبينه متعجبا ... لما تأخرت بالداخل ... ما الذي حدث لها لكل ذلك التأخير ... علا بصوته ينادي باسمها .... لحظة وراها تخرج من خلف باب  المرحاض عينيها متنفخة حمراء للغاية ... عرف أنها كانت تبكي ... الان فقط فهم لما تأخرت .... تحرك من فراشه وقف أمامها ينظر لعينيها المنتفخة .... تنهد يهمس متضايقا :
- كنتي بتعيطي صح .... يلا يا لينا عشان هنمشي .... 

توسعت عينيها مدهوشة فتحت فمها لتعترض تخبره بأنه بحاجة للراحة أكثر من ذلك ليرفع سبابته أمام وجهها يردف مقاطعا إياها :
- قولا واحدا هنرجع البيت دلوقتي ... هتصل بحمزة يجهز العربية ... هروح اشوف لينا علي ما تلبسي حجابك .... 

نظرت له محتدة غاضبة ... ليتحرك هو يتصل بأخيه يخبره بأن ينتظرهم في السيارة ... ليتركها ويخرج من الغرفة .... إلي غرفة ابنتهم ... بعد دقائق قليلة كانوا جميعا في سيارة حمزة .... لينا تجلس جوار ابنتها النائمة علي الاريكة الخلفية ... حمزة خلف مقعد السائق .... هو يقف بالخارج أمام حسام ... ذلك الطبيب الذي بات يحتل نصيب الأسد من حياتهم .... قطبت جبينها مستفهمة تنظر للقميص الذي يرتديه خالد ... خالد كان يرتدي صباحا « تيشرت أسود » قد قصه الاطباء .... قميص من هذا !! ... ذلك القميص رأته من قبل ... ليس أحد قمصان خالد ... خالد يرتدي ألوان محددة للغاية وذلك القميص ذو الخطوط الكثيرة ليس منهم ابداا .... قميص من إذا ...

وقف خالد بالخارج وحسام أمامه يهمس له بصوت خفيض غاضب :
- يا باشا ... اللي أنت بتعمله دا ما ينفعش ... المفروض تفضل هنا تحت الملاحظة مش هخرج يعني هخرج ... طب لينا وحالتها مستقرة إنما أنت ...

ابتسم خالد ساخرا ينظر لولده باستهجان دس يديه في جيبي سرواله يتمتم متهكما :
- قميصك ذوقه عرة شبهك ... أنا خالد السويسي يا دكتور يا حليوة إنت ... فين أدوية لينا ... او ورشتة العلاج بتاعتها 

تنهدت حسام مغتاظا ليعطيه حقيبة صغيرة بها علب دواء وورقة بها اسماء كل نوع وموعده تنهد يهمس حانقا :
- دي الأدوية بتاعتها ... هتلاقي ورقة فيها اسم كل دوا ويتاخد كل قد ايه ... وغذوها كويس الفترة الجاية ... مهمة صحتها النفسية عشان تتجاوز اللي حصل ...

اخذ خالد الحقيبة منه يعطيها لحمزة ... التفت ليستقل السيارة ليجد حسام يمسك بذراعه قبل أن يركب التف خالد بوجه له ليتنهد حسام يتمتم مبتسما في اصفرار :
- الدوا بتاع حضرتك .. ما سألتش عنه ... اتفضل ... دكتور هاشم كاتب المواعيد جنب كل نوع ... 

التقط خالد الحقيبة الاخري يلقيها في السيارة بإهمال ... اعطي حسام شبح ابتسامة صغيرة ليستقل السيارة جوار أخيه .... انطلق حمزة بهم ... تركزت عينيه علي مرآه السيارة الامامية ينظر الي حسام الذي يقف بعيدا .... بينما تنظر عيني له تري جيدا ما يفعل ... والشك داخل قلبها يزيد ... حسام وخالد بينهما شئ ... رابط تشعر به جيدا ... تتمني فقط لو يكن حدسها كاذبا .... ان يكون فقط مصادفة ... إن يكن خالد يعامله كزيدان وهي فقط تتوهم .... أسندت رأس ابنتها لها تحتضنها بحنو ... بينما همس غاضبا يعاتب أخيه :
- اللي في دماغك في دماغك مش هتتغير ابداا ... يا ابني اقعد حتي النهاردة ترتاح ... لا يعني لاء ... يا اخي حسبي الله ونعم الوكيل فيك ... وفي دماغك ... هتنقطني 

ضحك خالد ساخرا ينظر لأخيه في ثقة مبالغ فيها كثيرا 

بعد اقل من ساعة وصلت السيارة إلي المنزل ... نزل حمزة اولا يفتح باب السيارة المجاور لابنة أخيه انحني بجسده يحملها بين ذراعيه خرج بها من السيارة نظر لأخيه يتمتم سريعا :
- أنا هطلع لينا اوضتها وجايلك علي طول 

تحرك للداخل سريعا يصعد لأعلي لتنزل لينا من السيارة ... تحركت تفتح باب سيارته تجذب يده ابتسم يخرج معها من السيارة لتلف ذراعه حول رقبته تتمتم سريعا :
- اسند عليا ... يلا عشان عايزة اطلع اشوف لينا 
وقف جوار السيارة يبتعد عنها نظر لها يتمتم مبتسما :
- اطلعي انتي للينا ...أنا هعرف اطلع لوحدي أنا لسه واقف علي رجليا يا لينا 

وقفت أمامه للحظات أرادت حقا أن تسأله عن العلاقة بينه وبين حسام ولكن لم تجد الوقت مناسبا حتي لذلك .... رأت حمزة ينزل من أعلي لتتركه وتهرول للداخل بخطي سريعة تصعد لغرفة ابنتها .... رأت بدور ومعها مايا في غرفة لينا ... بدور تخلع حذاء لينا ومايا تدثرها بالغطاء ... التفتا معا ناحية لينا ما أن دخلت  لتبادر مايا تسأل متلهفة :
- مالها لينا يا طنط بابا حطها علي السرير ونزل علي طول هي كويسة 

نظرت لينا لابنتها النائمة مشفقة علي حالها ... تتمني فقط لو تستطيع أن تتجاوز صدمة ما حدث سريعا ... ما يحدث لها كثير ... أكتر مما يحتمل ... ادمعت عينيها تنظر لمايا تهمس مختنقة :
- لينا سقطت ... 

شهقة فزعة خرجت من مايا لتلتف برأسها ناحية لينا .... كم كانت حمقاء حين شعرت بالغيرة منها ... لينا تلاقي الكثير من المصائب البارحة فقط طلقها زيدان واليوم فقدت جنينها .... انهمرت دموعها لتتوجه ناحية فراش لينا جلست عليه تهمس لها بصوت خفيض مختنق :
- يا حبيبتي يا لينا ... كانت فرحانة بالبيبي أوي ... وزيدان الحيوان هو السبب ... اكيد لما طلقها نفسيتها باظت اكتر ما هي بايظة ... عشان كدة الجنين سقط ... كان عندها حق لما ما رضتيش تسامحه ... بس هي قالتلي أنها بتحبه ... يكون دا جزاتها في الآخر يطلقها ... والطفل يموت ...

مسكينة لينا همست  بها بدور في نفسها تنظر لابنه شقيق زوجها ... التي من المفترض أنها كانت والدتها ... حال لينا ذكرها بحالها قديما مع زوجها السابق ... في احدي شجاراتها مع أسامة دفعها بعيدا وهي تحمل في الشهر الثامن تقريبا لتسقط علي ظهرها ... صرخت صرخة مدوية إثر ما حدث بينما خرج هو من المنزل دون أن يعيرها انتباها .. لولا أنها استطاعت الاتصال بخالد ربما كانت لتموت وقتها ... ولكن لسوء حظها مات الجنين ... مات وهو علي بعد أيام من أن تراه ... لم تكن تدري انها تبكي بعنف الا حين شعرت بيد لينا تربت علي كتفها تسألها قلقة :
- بتعيطي ليه يا بدور مالك يا حبيبتي 

نظرت بدور للينا المسطحة علي الفراش مشفقة عليها لتخرج من الغرفة سريعا ... قابلت في طريقها خالد وهو يستند بجسده علي حمزة متوجهين الي غرفته يتحرك بخطئ بطيئة متعبة ملامحه مجهدة بكل ما تعينه الكلمة من معني شهقت بعنف تهرول ناحيتهم تسأله مذعورة :
- بابا أنت كويس ... في ايه حصل إيه

أعطاها شبح ابتسامة شاحبة ليمد يده يربت علي خدها يردف مبتسما :
- ما تقلقيش يا حبيبتي أنا كويس

حمحمة غاضبة خرجت من حمزة ينظر لبدور في حدة ... لكنها حقا تجاهلت كل ما فعل اندفعت تسند أبيها كما يعرف قلبها ... الي غرفته لم تبالي بتلك النظرات الغاضبة التي يرميها حمزة بها .... توجهت معه الي غرفة خالد .... تركهم الاخير ليتوجه الي فراشه جلس علي الفراش يستند بظهره الي ظهر الفراش الوثير ابتسم يتمتم بارتياح :
- ايوة كدة سريري حبيبي ... مش سرير المستشفى اللي يدوب واخد جسمي بالعافية ... يلا يا حبيبي إنت وهي اطلعوا برة عشان عاوز أنام 

اقتربت بدور منه سريعا وقفت جوار الفراش تسأله قلقة :
- أنا مش همشي قبل ما اطمن علي حضرتك ... ايه اللي حصل يا بابا ... أنت كويس 

ابتسم خالد يوجه انظاره ناحية حمزة ليربت علي طرف الفراش جواره لم تتردد هي لحظة واحدة جلست بالقرب ظهرها ناحية حمزة وجهها مقابل خالد ... ابتسم الاخير ينظر لابنته تنهيدة طويلة متعبة خرجت من بين طيات قلبه نظر لها يتمتم مرهقا :
- بصي يا بدور ومن انتي عيلة عندك 8 سنين يوم ما شوفتك وانتي عيلة بتلعبي علي السلم ...شوفت فيكي سما الله يرحمها ... حبيتك كأنك بنتي من صلبي ... أنا ربنا ما رزقنيش غير بلينا ... بس عوضني بيكي وبزيدان وبالواد جاسر ... ربنا يعلم أنا بعتبركوا ككلوا ولادي ... يمكن زيدان وجاسر اهم رجالة زيي زيهم ... الموضوع بسيط ... انما أنتي ... أنا كنت وهفضل معتبرك زي لينا بنتي بالظبط ... بس الموضوع عندك مختلف ... بدور الصغيرة كبرت وبقت عروسة ... والعروسة دي بقت مرات اخويا ... انتي هتفضلي بنتي طول عمري ... بس بردوا لازم نراعي الراجل الواقف وراكي دا ... كلامي مفهوم يا بدور 

اخفضت رأسها ... لتدمع عينيها ... في تلك اللحظة تحديدا شعرت بالندم علي موافقتها علي الزواج من حمزة .... حركت رأسها إيجابا بخفة لترفع وجهها مدت يدها تمسح دموعها براحة يدها تتمتم بخفوت حزين :
- حاضر يا بابا .... حضرتك مش عايز مني حاجة

حرك رأسه نفيا يبتسم لها برفق :
- لاء يا ستي أنا هنام ... يلا خدي جوزك وامشوا ... تصبحي علي خير 

وقفت بدور من جوار خالد توجهت ناحية حمزة مرة من جواره لتشعر بحرارة غضبه تلسع جسدها ... لم تتوقف جواره سوي ثانية لتكمل طريقها لباب الغرفة وحمزة يتابعها بعينيه ... اجفل علي جملة نطقها خالد ساخرا :
- يا عم الغيور ... خلاص هتاكلها ... علي الله تزعلها يا حمزة ... ما تحبش تعرف أنا لما كنت بعمل في أسامة إيه 

توجه حمزة بعينيه ينظر لأخيه مستهجنا ما يقول كتف ذراعيه أمام صدره ابتسم ساخرا يتمتم في حدة معتدا بذاته :
- حمزة السويسي ما بيتهددش ... حمد لله علي سلامتك يا كبير ... تصبح علي خير 

ابتسم خالد ساخرا ... ها هو مختل آخر من عائلته ... وضع رأسه علي الوسادة يريح جسده علي الفراش ... قطب جبينه متضايقا قميص حسام ضيق يشعره باختناق ... مد يده يفتح أحد أزرار القميص ليشعر بشئ في جيب القميص ... مد يده يلتقطه ليجد ورقة بيضاء عليها بضع كلمات... لفها ينظر لها من الناحية الاخري ليجدها صورة ... صورة لسارة في قميص حسام ... قطب جبينه غاضبا يتمتم  متوعدا :
- آه يا ابن ال.... بتقرطسني ... وايه اللي كاتبة علي الضهر دا ... 
بضحكاتك احيا ... بآنفاسك أعيش ... بشذي عطرك ينبض قلبي بين خلجاتي ... فأنتي الروح والنبض ... أنتي اكسير حياتي

يا حبيب أبوك وكمان عملي فيها شاعر ... دا أنا هنفخ أمك ... بس لما اشوفك يا حيوان ... بس حلو الشعر دا ابقي اقوله للينا كأني أنا اللي مألفة 
ابتسم في خبث ليضع الصورة مرة أخري في جيب القميص ... يغمض عينيه 
__________________
علي صعيد آخر ... خرج حمزة من غرفة خالد يبحث عن بدور ليجدها هناك علي وشك الدخول لغرفتها .... تقدم ناحيتها سريعا بخطي واسعة امسك بيدها قبل أن تدخل ... شهقت مما حدث  قبل أن تعي اي شئ شعرت بحمزة يجذبها إلي غرفته ... ادخلها ليترك يدها يوصد الباب عليهم من الداخل نظرت هي له فزعة خائفة مذعورة ...تفكر في اسوء الاسوء تري ما سيفعل ... يضربها كما كان يفعل أسامة او ربما اسوء ... لا يمكنها حتي تخيل ما يمكن أن يفعل ادمعت عينيها خوفا شهقت مذعورة حين رأته يقترب منها لتتمتم سريعا بهلع :
- ما تضربنيش ... أنا ما عملتش حاجة

نظر حمزة لها حزينا ... ليرسم ابتسامة خفيفة علي شفتيه وقف بالقرب منها يتمتم في هدوء :
- ما تخافيش مني ابدا يا بدور ... مش أنا اللي امد ايدي علي واحدة ست ... يمكن زمان أيام ما كنت اياد ... كنت ممكن اعمل فيكي اسوء مما تخيلي انما دلوقتي لاء ... أنا عمري ما تترفع عليكي ابدا .. عشان كدة مش عايزك تخافي مني 

نظرت له في شك أحقا هو صادق فيما يقول .. ومن إياد هذا الذي قال اسمه للتو .... ابتلعت لعابها متوترة حين اقترب منها وقف أمامها يمسك برسغ يدها برفق يجذبها الي أقرب مقعد ... جلست وجلس أمامها جذب مقعده ليصبح أمامها مباشرة لا يفصلهم فاصلة .... ليرتجف جسدها ... تسارعت دقاتها تسابق  أنفاسها ... برودة قارصة عصفت بجسدها ... تشعر بجسدها بارد كالثلج ... بينما مد هو يده امسك كف يدها يخفيه بين راحتيه يشعر بيديها المرتجفة ابتسم يقول مازحا :
- ايه يا بنتي بتترعشي كدة ليه ... هو الجو عندك برد اوي كدة ... ما تخافيش مني يا درة ... ممكن

رفعت وجهها تنظر له متوترة ابتلعت لعابها المتصحر تحرك رأسها إيجابا ليتنهد هو اخذ نفسا قويا يظفره بهدوء اردف يعاتبها بلين :
- بصي يا بدور أنا عارف إن علاقتك قوية أوي بخالد ... بس دلوقتي الوضع اختلف ... دلوقتي خالد اخو جوزك ... ومش عايز اقولك علي عرق الغيرة في عيلة السويسي حاجة زبالة .... تخيلي كدة أنا مرة نسيت وكنت رايح أسلم علي لينا .... الحيوان اللي اسمه أخويا كان هيكسر ايدي ... فياريت بس تراعي دا لحد ما نسافر

نسافر ... تمتمت بها بهلع تنظر له عينيها متسعتين من هول ما سمعت ... بينما احتفظ هو بابتسامته حرك رأسه إيجابا يردف مبتسما :
- ايوة ... دبي المكان هناك هيعجبك جداا ... أنا شغلي وحياتي وشركتي كله هناك ... أنا هنا لفترة مؤقتة وقريب هنرجع .. أنا وانتي ومايا وأ ... قصدي وخالد وسيلا 

توترت حدقتيها عن أي سفر يتحدث ولما لم يخبرها من قبل ... لتنهر نفسها كم هي حمقاء ... هي من الأساس تعلم أنه لا يعيش هنا فقط يأتي زيارات سريعة ... ولكنها لم تكن تعرف أنه ينوي أن يأخذها معه حين يسافر ... رفعت وجهها له تهمس مرتبكة :
- طب ما تخيلني أنا هنا ... وسافر أنت وتعالا 

اختفت الإبتسامة من علي وجهه في لحظة ليطرق قلبها خوفا مما حدث ... مد هو احدي يديه يربت علي وجنتها بخفة يردف في هدوء :
- ليه يا درة .. أحنا متجوزين عشان تفضلي هنا وأنا اسافر ... مكانك جنبي معايا يا درة ... ما تشليش هم حاجة صدقينئ المكان هناك هيعجبك جداا ...وهيعجب خالد وسيلا جدااا ....

ابتلعت لعابها متوترة ....لم يكن السفر ضمن مخططاتها القادمة ابداا ... اجفلت يرتعش جسدها حين شعرت به يقترب منها ليميل هو يطبع قبلة صغيرة علي جبينها .... أغمضت عينيه تستشعر معاملته الحانية لها ... والمقارنات في عقلها لا تتوقف ابدا
__________________
في صباح اليوم التالي استيقظت باكرا للغاية ... الشمس قد سطعت قبل ساعات معدودة ... فتحت عينيها فجاءة تنظر حولها ... لتجد مايا تنام جوارها ... كيف ومتي عادت للبيت ألم تكن في المستشفي ... سحبت جسدها تتحرك من الفراش بخطئ بطيئة تتحرك ناحية المرحاض تتذكر حديثه الأخير معها وصلت للمرحاض دخلت تغلق الباب عليها من الداخل ... تجذب قدميها الي الحوض وقفت تنظر لانعكاس صورتها في المرآة لحظة اثنتين ثلاثة .... تتفرس عينيها قسمات وجهها الميتة ... جثة بلا حياة تتحرك بلا روح ... لتهبط دموعها فجاءة دون سابق إنذار فتحت صنوبر المياة فجاءة لتنهمر المياة بعنف ملئت كفيها تصفعه وجهها بدفعات مياة قوية عنيفة امتزجت دموعها الحارة بقطرات المياة الباردة لتزيدها حرارة ... انتهي كل شئ خسرت كل شئ ... أهي النهاية ... إم فقط كلمة البداية ... تقف علي أطلال الماضي تبكي ما أنهار ... أم تدفع بجسدها للأمام تكتب بداية قصتها من جديد جلست علي حافة المغطس تمسك منشفة كبيرة تجفف بها وجهها بعنف .... تتصارع الأفكار في عقلها بشكل مخيف ... القت المنشفة من يدها أرضا بقوة ضعيفة تحركت للخارج متجهه الي شرفة غرفتها التقطت هاتفها قبلا متوجه إليها  فتح بابيها دخلت تغلقهم عليها ... وقفت تستند بجسدها الي سور الشرفة ... اغمضت عينيها للحظات ... في تلك اللحظات مر أمامها آخر مشهد جمعهما هنا في الشرفة .. ابتسمت ساخرة كانت ترغب في السجائر ... انسابت دمعة حزينة تحرق وجهها .... لما تكرهها الحياة لتلك الدرجة ما الخطأ الذي ارتكبته ... لما يحدث لها ذلك ... اجفلت علي صوت دقات هاتفها نظرت له متعجبة لتجد ما يفوق ال300 مكالمة من معاذ والآن هو يتصل من جديد ... لما كل ذلك القدر ... تنهدت ساخرة تفتح الخط ولم يعطيها الأخير فرصة حتي للنطق بكلمة واحدة سمعته يهتف سريعا متلهفا متلعثما :
- انتي فين يا لينا ... انتي كويسة ... أنا هتجنن من القلق عليكي ... من امبارح بتصل بيكي وما بترديش ... طمنيني عليكي انتي بخير .... كنتي تعبانة اوي لما كنتي معايا ... انتي كويسة ... ساكتة ليه 

التفت برأسها تنظر لشرفة زيدان الفارغة حقا كان سيغضب لو كان هنا الآن ابتسمت معذبة لما تفكر فيه اصلا ... لما لا يتوقف قلبها عن السؤال عنه ... انتبهت من شرودها تجيب ذلك المتلهف بنبرة ثقيلة حزينة :
- أنا مش عارفة أنا كويسة ولا لاء يا معاذ ... حاسة اني ضايعة .... محتاجة حد يدور عليا ... أنا عايشة في غربة جوا نفسي ... أنا اجهضت يا معاذ الجنين مات ... الحاجة الوحيدة اللي كانت كويسة في حياتي راحت

تبدلت نبرته الي أخري حزينة مترفقة :
- أنا آسف ما كنتش أعرف ... بس مش يمكن دا أحسن ليكي عشان ما يفضلش زيدان ضاغط عليكي بالطفل ... وبعدين كان في حاجة كنت عايز اقولها ليكي بس ما رضتش أقولك عشان ما اقلقكيش ... انتي حكتيلي عن اللي زيدان عمله ... يعني في الأغلب الطفل ما كنش هيعيش يا لينا ... ولو كان اتولد ... احتمال كبير أنه يكون عنده إعاقات ... بس بما انه خلاص حصل ... فدا الأفضل ليكي عشان تبدأي حياتك من نقطة البداية من جديد ... من غير اي خيوط للماضي 

معاذ دائما يشعرها بأنها تحادث طبيب نفسي ماهر يعرف جيدا كيف يسكن اوجاعها ... اغمضت عينيها لتمد يدها الأخري تقبض علي بطنها الفارغ ليتجلي الألم علي ملامحها ... ينخر قسماتها ... محق هو محق هي فقط تتألم  ... وقريبا سيزول الألم نهائيا .... انتهي كل شئ رحل الماضي بكل ما فيه من عذاب ... كان يجب أن يأخذ جزءا منها قبل أن يغلق أبوابه .... فتحت عينيها فجاءة حين سمعته يكمل مترددا :
- بصي يا لينا أنا عارف أنه مش وقته ... بس أنا كنت ولازالت بحبك ... بحبك أوي ... ولولا خوفي عليكي زمان من تهديد زيدان ... كان زمانا أنا وانتي أسعد زوجين ... كل اللي حصل لك دا ما يقللش حبك في قلبي ولو درجة واحدة ... بالعكس دا يخليني متمسك بيكي اكتر ... عشان اعوضك عن كل اللي فات نفتح سوا صفحة جديدة  ... لينا أنا بحبك اوي وعايز اتجوزك ... قولتي ايه

عقدت صدمة ما قال لسانها ظلت واقفة مكانها للحظات طويلة تعجز بالقيام بأي فعل ... معاذ يريد الزواج منها ... ولما التعجب ألم تكن تحبه ... ألم تكن تنتظر تلك اللحظة قديما بفارغ الصبر ... ألم تكن تطير فرحا حين تحادثه ولو للحظات قليلة ... وماذا حدث لها حين قررت أن تسكت صوت قلبها الذي كان يدق بحبه وتذهب لزيدان ... تقف الآن شبح انثي تبكي الأطلال لم لا تعيد كل شئ كما كان عليه وتعد هي كما كانت ... تعطي الفرصة لمعاذ كما أعطتها لزيدان من قبل ... ولكنها أحبت معاذ اولا ... وها هو معاذ هنا بعد كل ما حدث له بسببها مازال جوارها يحتويها يساندها يخفف عنها وقع ما تلاقي ... أما زيدان ففر هاربا من الجولة الأولي .... تنهدت تأخذ نفسا قويا تردد بنبرة هادئة واثقة :
- وأنا موافقة يا معاذ

في اللحظة التالية سمعت صوت صيحته الفرحة .... لتسمعه بعدها يردد سريعا متلهفا :
- موافقة بجد موافقة أنا مش مصدق نفسي .... لا بجد حاسس اني بحلم ... انتي بجد وافقتي ... يا رب ما يكونش حلم ... يعني انتي موافقة إن أنا وانتي نتجوز ... أنا هاجي اطلب ايدك دلوقتي حالا 

ارتسمت ابتسامة حزينة ساخرة حين تذكرت ما فعله زيدان حين وافقت علي زواجهم 

« ليناااااا وااااااافقت ... ليناااااا وافقتتت اخيرااااااااااااا 

ضحكت بقوة تتعلق برقبته لينزلها برفق ينظر لها بسعادة تشع من مقلتيه يتعلثم من شدة سعادته :
- أنا مش مصدق نفسي يا لينا ... لقد هرمنا من أجل هذه اللحظة زي ما بيقولوا 
أسند جبينه الي جبينها ينظر لمقلتيها يهمس بشغف :
- بس حتي لو كنت استنيت العمر كله قصاد السعادة اللي أنا حاسس بيها دلوقتي مش كتير ... بحبك ، لآخر نفس فيا هفضل أحبك »

خرجت من ذكراها فجاءة علي صوت معاذ يقول متلهفا :
- ها اجي ... قولي اه اه هتلاقيني عندكوا حالا 

حركت رأسه نفيا كأنه سيراها تتمتم بخفوت مثقل :
- هبلغ بابا يا معاذ واقولك

سريعا كان يرد فرحا متلهفا :
- وأنا هفضل جنب التليفون الأربعة وعشرين ساعة مش هسيبه ثانية ... باباكي بس يحدد الميعاد وهتلاقيني عندكوا قبلها بست ساعات ... انتي بس قوليلي ... رني عليا .. إن شاء الله حتي تبعتيلي كلمني شكرا

ضحكت ساخرة علي ما يقول ... لتغلق معه الخط بوعد باتصال قريب .... 

مرت عدة ساعات وهي تقف مكانها تنظر للحديقة الهادئة ربما تنتظره ... وربما تنتظر حالها تبحث هنا وهناك عن ذاتها الضائعة ... اجفلت علي دخول سيارتين الي الفيلا ... أحدي نزل منها عمها عمر ... الذي دخل يركض الي الداخل والاخري نزل منها عمها محمد صديق والدها منذ القدم وشقيقه في الرضاعة كما تعرف ... وهو لم يأتي .... دقائق مرت قبل أن تسمع صوت والدتها تنادي باسمها قلقة ... دخلت إلي غرفتها لتجد والدتها تبحث عنها ... هرولت لها سريعا ما أن رأتها تسألها قلقة :
- لينا انتي ايه اللي مخرجك البلكونة يا حبيبتي  انتي لسه تعبانة تعالي ارتاحي ... أنا جبتلك الفطار ... تعالي كلي عشان تاخدي علاجك

تحركت لينا متوجهه الي فراشها ... لتحمل لينا صينية الطعام وضعتها أمامها علي الفراش تسمح علي شعرها برفق تحادثها بحنو :
- كلي يا حبيبتي ... اللي عدي خلاص ... انسيه ما تفتكريش اي وحش حصل 

شردت عينيها في الفراغ لتحرك رأسها إيجابا تغمغم بشرود :
- عندك حق أنا مش لازم افتكر اي وحش حصل ... هو كمان عنده حق
__________________
في غرفة خالد استيقظ فجاءة علي أحدهم يعانقه بعنف فتح عينيه مفزوعا ليجد محمد يعانقه ليدفعه خالد بعيدا عنه يصيح فيه غاضبا :
- يا اخي حرام عليك قطعتلي الخلف ... بتعيط ليه قالولك اني مت 

وقف محمد أمامه ينظر له غاضبا اقترب منه يقبض علي ذراعيه بعنف يصرخ في وجهه :
- حرام عليك يا اخي ... عايز تعمل فيا ايه تاني ... كل يوم والتاني موقع قلبي عليك ... دا أنا شعري أبيض بسببك هتعمل فيا ايه تاني ... جلطة يا خالد .... هتفضل تحرق في نفسك لحد ما تقع ميت 

نظر خالد لصديقه متوترا مدهوشا ... لينظر لشقيقه الواقف في الخلف .. ليخفض عمر رأسه ارضا يشعر بالخزي من نفسه لولا اتصال محمد به ما كان ليعرف أن شقيقه مريض ... في اللحظة التالية كان محمد يجذب خالد يعانقه بقوة يتمتم له راجيا :
- ما تحرقش قلبي عليك كدة تاني ورحمة أبوك يا خالد ما هستحمل يجرالك حاجة ... 

ابتسم خالد يعانق صديقه ... ليقترب عمر منه يخفض رأسه في خزي يتمتم بصوت خفيض نادم :
- أنا آسف يا أخويا ... سامحني ... أنت طول عمرك شايل همي وأنا ما اعرفش أنك تعبان غير من محمد ... أنا آسف يا خالد ...

ابتعد محمد عنه يدفع عمر ليقترب من شقيقه ... ليرتمي عمر بين ذراعي خالد ينوح باكيا :
- سامحني يا خالد ... دا أنت أخويا وابويا وكل حاجة ليا في الدنيا ... شايل همي وبتحل مشاكلي من وأنا عيل صغير لحد ما بقيت شحط متجوز ومخلف ... دايما بتفكر فيا قبل نفسك ... انما أنا ... أنا أناني حيوان ما بفكرش غير في نفسي 

ضحك خالد بخفة يبعد عمر عنه يصفع وجهه بخفة يردف ضاحكا :
- من ناحية إنت حيوان فأنت حيوان فعلا  ... المهم يا حيوان طمني عملت ايه مع تالا اتصالحتوا ولا اجيب المأذون واتجوزها 

حرك عمر رأسها إيجابا ينظر له غاضبا كطفل صغير حانق ... جلس ثلاثتهم يتحدثون بعض الوقت .... قاطع محمد كلامهم حين نظر لخالد تنهد يردف بحذر :
- علي فكرة يا خالد زيدان طلب نقل ... من القاهرة للغردقة ... والطلب اتوفق عليه !!!!

احتدت عيني خالد غضبا ما أن سمع تلك الكلمات تخرج من فم صديقه ... كور قبضته يسحق عروقه الغاضبة ... الأحمق يهرب ... يظن أن حله الأمثل هو الهروب بلا رجعة .... استسلم بتلك السرعة ....شرد للحظات ليعاود النظر لصديقه نظرات حادة مشتعلة ... شد علي اسنانه يهمس بصوت غاضب :
- والنقل اتوافق عليه وأنا آخر من يعلم ... طلب النقل مش هيتوافق عليه غير لما محمد بيه بنفسه يوافق .... ولا إيه ... وبعدين امضتي عليه .... 

تنهد محمد ياسا يتحاشي بكل السبل النظر ناحية صديقه تنهد يغمغم باستياء :
- خالد أنت عارف إن زيدان واخد مني موقف من زمان من ساعة ما لوجين خدته وسافرت وأنت رجعته ... وهو قاطع كلام معايا ... سنين وأنا بحاول أصلح علاقتي بيه وهو رافض ... وأنت كمان رافض تقولي ايه اللي حصله أنا ما صدقت اتكلم معايا يا خالد

ارتسمت ابتسامة تهكمية سخيفة علي شفتي خالد ينظر لصديقه في سخرية كتف ذراعيه أمام صدره يتشدق متهكما :
- فتروح موافقله علي طلب النقل لا حقيقي أحسنت يا ابني والله ... دماغك دي الماظات

تنهد محمد حانقا من سخرية صديقه اللاذعة سلط عينيه علي عيني خالد يتمتم محتدا :
- خالد من غير تريقتك دي ... بس فعلا زيدان محتاج يبعد بعد كل اللي حصل ... زيدان بيتعذب يا خالد شوفتها في عينيه ... سيبه يبعد يا خالد يمكن يرتاح ... مش عشان اسمه علي اسمك واسم بنتك علي اسم مراتك ... عايزهم يعيدوا قصة حبك تاني بالعافية يا خالد ... بنتك ما حبتش زيدان ... كفاية عليه أوي كدة 

قال ما قال ليهب واقفا ينظر لخالد محتدا ينتفس بعنف ... يشعر بالذنب يلاحقه في كل لحظات حياته حين أهمل زيدان .. ابن صديق عمره قبل أن يكن ابن شقيقته ...بينما كست نظرات حزينة محبطة نظرات خالد ... ربما صديقه محق هو فقط من يري قصة حب خيالية نسجها من خياله لتظل قصة حبه هو حية ابد الدهر ... تبدلت نظرات محمد الغاضبة إلي اخري حزينة مسبقة حين رأي نظرات صديقه المحبطة تنهدا يآسا ليقترب جلس جوار خالد مد يده يربت علي كتفه يحادثه بترفق :
 خالد أنا عارف أنت بتحب زيدان وبتعزه قد ايه ...مش مجرد ابن صاحبك اللي وصاك عليه ... أنت بتعتبره ابنك واغلي كمان .... بس المرة هو فعلا محتاج يبعد ... كفاية عليه عذاب حب من طرف واحد

التفت خالد برأسه ناحية زيدان يناظره بنظرات حزينة تتألم ... يبعد زيدان عنه سنوات وهو يشب امام عينيه من مجرد طفل صغير الي رجل شاب ترتفع له الهامات فخرا .... ازدرد لعابه الجاف ... تنهد يخرج أنفاسه الحزينة المحترقة .... مد يده يلتقط هاتفه الموضوع جواره علي الوسادة يطلب رقم زيدان ... لحظات وجرس الهاتف يدق ... الي ان اختفت وظهر صوت زيدان يغمغم في هدوء حزين :
- خير يا خالي

تسارعت دقات قلب خالد تتطارق بعنف خلف قفصه الصدري ...شد علي أسنانه تخرج الكلمات من بين شفتيه بصعوبة مؤلمة وكأنها تُسلخ :
- هات ورق النقل بتاعك وتعالا الفيلا ...

دون أن ينطق بكلمة أخري أبعد الهاتف عن اذنه يغلق الخط .... ليشد محمد بيده علي كتف صديقه يشجعه بابتسامة صغيرة ذات معاني كثيرة 
____________
في غرفة لينا السويسي 

رفعت لينا رأسها عن صينية الطعام التي لم تُمس الا بأقل القليل ... تنظر لوالدتها نظراتها حائرة ضائعة مشتتة تنهدت تزفر أنفاس حارة حزينة تشتعل ألما قبل أن تهمس فجاءة دون اي مقدمات :
- معاذ كلمني وقالي أنه عايز يجي يطلب ايدي 

جحظت عيني لينا الشريف في صدمة جمدت عقلها للحظات ... عقلها لا يعي ما تقول ابنتها عن أي زواج تتحدث ومِنْ مَنْ ذلك الشاب معاذ .... لحظة لحظة ابنتها التي فقدت جنينها البارحة وانفصلت عن زوجها قبلها مباشرة ترغب في الزواج الآن ارتسمت ابتسامة مذهولة علي شفتي لينا تتمتم مدهوشة :
- أنتِ بتهزري يا لينا صح 

وضعت المعلقة الصغيرة من يدها تنظر لوالدتها لحظات قليلة لتحرك رأسها نفيا بحركة بطيئة تتمتم شاردة :
- ههزر ليه يا ماما ... خلاص كل اللي بيني أنا وزيدان خلص ... من حقي أعيش حياتي

كلمات قالتها نطق بها لسانها ولم يعترف بها قلبها ابدا ... هي حقا تريد ان تحيي من جديد ولكنه وكيف تكون معه وقد هدما معا بايديهم كل شئ ... توسعت عينيها قليلا حين هبت والدتها وقفت أمامها تصرخ غاضبة :
- لا دا انتي اتجننتي رسمي ... أنا معاكي ومسنداكي في كل اللي عملتيه ... عشان عيزاكي انتي اللي تحددي طريقك بايدك ... حتي لما اتطلقتوا انتي وزيدان والجنين نزل ... قولت خير .. يمكن لما يرجعوا لنقطة الصفر تاني ترجع مشاعرهم تاني من اول وجديد ... قولت لينا اكيد هتركز في حياتها ... هتراجع مشاعرها ... هتبني نفسها من تاني .. إنما جاية تقوليلي البتاع بتاعك عايز يتجوزك وانتي اكيد موافقة مش كدة

ارتسمت ابتسامة شاحبة علي شفتي لينا حركت رأسها للجانب لتري مايا انتفضت من نومها مذعورة تنظر لزوجة عمها وهي تصرخ بتلك الطريقة لا تفهم ما يحدث ... عادت لينا تنظر لوالدتها لحظات معدودة للغاية نظرات فارغة قبل أن تحرك رلسها إيجابا بهدوء تام ... تزامن مع تصاعد دقات خالد القلقة علي باب الغرفة .... فتح الباب دخل يحاول قدر استطاعته أن يسرع في خطواته ... وقف أمام زوجته يسألها قلقا :
- في ايه يا لينا بتصرخي ليه ... 

نظر ناحية ابنته يصيح فيه خائفا من أن يكن اصابها مكروه :
- انتي كويسة في حاجة وجعاكي ... اتصل بالدكتور 

نظرت لينا لابنتها حانقة لتتوجه تمسك بيد خالد تحاول جذبه من الغرفة ... رسمت ابتسامة مصطنعة علي شفتيها تتمتم بخفة :
- ما فيش يا خالد أنا كنت بزعقلها عشان مش راضية تاكل ... بقالي ساعة بتحايل عليها ... روح يا حبيبي إنت ارتاح ... أنت لسه تعبان 

وقف للحظات ينظر لهما مترددا قلقا لتمسك لينا بكفه ابتسمت له بحنو تجذبه معها للخارج ... رمت ابنتها بنظرة اخيرة معاتبة لتأخذ زوجها وتغادر .... 

جلست لينا مكانها تفكر في كلمات والدتها هل حقا اخطئت حين وافقت علي الزواج من معاذ بتلك السرعة ... ام انها تحتاج إليه ... تحتاج أن تشعر بيد تمسك بيدها تجذبها .. يد لم تمل منها وتتركها كما فعل هو ... وربما هي محقة معاذ شخص جيد .. ساعدها وسيظل يفعل ... التفتت حين شعرت بيد مايا توضع علي كتفها ... رأت الاخيرة تبتسم لها ابتسامة شاحبة حزينة فتحت فمها تحادثها برفق :
- لينا ما تاخديش اي قرار في حالتك دي ... أنا فهمت من كلام مامتك أن معاذ عايز يتجوزك وانتي موافقة تقريبا ... لينا انتي لسه جرحك بينزف ما تحوليش تخيطيه بأي حاجة عشان بعد كدة انتي اللي هتتعبي ... 

وجهت انظارها لها تبتسم ساخرة مايا الصغيرة باتت أكثر حكمة من الجميع الآن ... تحركت بعينيها تنظر لنقطة في الفراغ تخطط في نفسها أمرا
__________________
علي صعيد آخر في منزل حسام ... لم يذق للنوم طعما منذ الأمس تقريبا ساعة تقريبا يقف في شرفة غرفته ينظر للشارع الشبه فارغ يشاهد جموع الناس وهم يتحركون هنا وهناك ... دائما ما كان عنده فضول غريب لمعرفة تلك الدوائر التي تربط بين الجميع ... خلف كل شخص يتحرك قصة ... علاقات ... حياة ... واخري واخري واخري والدوائر تتشابك ... تتنافر ... تتصارع من اجل البقاء ... وهو يقف عند الهامش ينظر للجميع ... بابتسامة صغيرة غير مبالية بما يحدث تماما ...
لا يهتم بكل تلك الصراعات التي تحدث حوله ... يعيش في دائرته الخاصة ... تتشابك مع غيرها لتساعد ثم تنفصل من جديد ويعد وحيدا ... يراقب من جديد ... علي درب هو فقط من يراه يسير ... ارتسمت ابتسامة صغيرة علي شفتيها ... حين مر اسمها في باله تذكر أنه اعطي والده قميصه الذي يحمل صورتها فيه ليضحك بخفة ساخرا ... والده حقا سيغضب حين يري الصورة ... يتمني فقط الا تراها زوجته ... حتي لا يضع والده في موقف غريب حقا ... اختفت الإبتسامة من علي شفتيه ... زيدان يصر علي السفر ... فشلت كل محاولاته معه في العدول عن رأيه يتمني فقط أن ينصلح الحال بينه وبين شقيقته ... كلاهما بحاجة لبداية جديدة ... سفر زيدان يعني خسارة صديق عمر سنوات وهما معا يتشاركان السئ قبل الجيد والآن يغادر ... اجفل من شروده علي يد يعرف صاحبتها جيدا تربت علي ذراعه برفق التفت لها ليجدها تمد يدها له بكوب شاي كبير ... ابتسم لها ابتسامة صغيرة يأخذ منها الكوب يضعه علي سور الشرفة جواره يتمتم مبتسما :
- تسلم ايديكِ يا ماما 

ابتسمت شهد لحسام ابتسامة واسعة حانية وقفت تستند بجسدها علي سور الشرفة جواره تتمتم مبتسمة :
- تسلم من كل سوء يا رب ... قولي بقي مالك حالك متشقلب بقالك كام يوم ... وامبارح راجع متأخر أوي وصاحي بدري اوي ... أنت لحقت نمت 

مد يده يربت علي كف يدها بحنو تنهد يأخذ نفسا قويا ليحرك رأسه نفيا يتمتم :
- لا ابدا ... تعبان بس من ضغط الشغل ... الواحد كبر بردوا أنا عديت التلاتين 

توسعت عيني شهد في دهشة اعتدلت في وقفتها تتمتم سريعا بنبرة متلهفة قلقة :
- كبرت ايه يا ابني و30 ايه اللي عديته دا أنت لسه في عز شبابك يا حسام ... مش عايزة اسمع منك الكلام الاهبل دا تاني والله أزعل منك

ابتسم لها يحرك رأسه إيجابا يرتشف رشفة كبيرة من كوب الشاي .... كاد أن يختنق بها حين سألته فجاءة :
- صحيح بتشوف أبوك .... البيه بقاله كتير ما بيجيش  .. وقبل كدة ساعة واحدة ويجري

ابتلع ما في فمه يضع الكوب جواره من جديد التفت لها يعقد ذراعيه أمام صدره حان وقت سؤاله الذي اجله كثيرا والآن وتحديدا الآن يريد أن يعرف له اجابة لم يتردد وهو يسألها مباشرة :
- أنا اللي عندي سؤال ليكي يا ماما ... انتي ليه اصريتي اوي كدة أنك ترجعي لبابا ... استفدتي ايه ... سوري يعني مع كامل احترامي ليكي ... بس انتي قبلتي علي نفسك تبقي زوجة تانية في السر ... انتي اللي قبلتي أنك تشوفيه ساعة واحدة كل فين وفين ... ليه ...السؤال اللي هيجنني ليه ... انتي مستفيدة إيه من دا 

غامت عيني شهد تكدر صفوها اخفضت رأسها أرضا أمام نظرات طفلها القاسية المتسألة ... ابتلعت لعابها ... ابتسمت تنهدت .... لحظات ورفعت وجهها تنظر لذلك الصغير الذي شب وصار رجلا ويسأل وله الحق في أن يحصل علي إجابة الآن وحالا توجهت برأسها الي الشارع الفارغ ابتسمت تردف متهكمة :
- باخد حقي ... من غير ما اخد حقي .... اسوء حاجة ممكن تحصل لابوك .... إن مراته لينا هانم تبعد عنه .... جوازي منه هيخيله علي طول مرعوب خايف قلقان في لحظة في حياته خايف لتسيبه ... خايف أنا اروح اقولها .... خايف تعرف بأي شكل من الأشكال ... أنا عيشت معاه وشوفت حالته بتبقي عاملة ازاي من غيرها .... صدقني اللي ابوك عايش فيه دلوقتي هو أكبر عقاب علي اللي عمله فيا 

انهت كلامها لتزفر نفس حاد جثم بعنف علي صدرها التفتت جوارها لتري حسام يناظرها بنظرات حزينة معاتبة ... رأت دمعة حبيسة تحجرت في عينيه سمعت صوته يغمغم حزينا :
- ليه القسوة دي يا ماما ... طول عمرك أحن أم وزوجة في الدنيا 

قسوة !!!! ..... رددتها شهد مدهوشة تناظر ابنها نظرات مذهولة ... وقفت قباله تشير لنفسها تتمتم بحرقة :
- واللي أبوك عمله فيا ما كنش قمة القسوة يا حسام ... أنا شوفت كتير اوي في حياتي بسببه

رفع حسام كف يده يمسح وجهه يمحي سريعا تلك الدمعة التي حاولت الهروب خاارج مقلتيه انحني برأسه لأسفل قليلا يبتسم معاتبا :
- كان مريض نفسي .... صدقيني المرضي النفسيين بيتعذبوا أضعاف المرضي العاديين .... 

رفع وجهه ينظر لوالدته يتمتم مبتسما في سخرية مريرة :
- علي فكرة بابا جاله جلطة ... واتحجز امبارح في المستشفي ... الحمد لله ربنا لطف بيه وبقي كويس .... عن إذن حضرتك هروح ألبس عشان عندي شغل

تركها ودخل الي غرفته بعد أن قال ما قال بينما وقفت شهد متجمدة مكانها عينيها متستعين عاي آخرهما انفاسها تختفي دقات قلبها تتصارع أغمضت عينيها تشد علي كفيها بعنف ليشق وجنتيها خطي دموع سوداء امتزجت بكحل عينيها الحالك ... فتحت عينيها تتمتم لنفسها بصوت خفيض متألم :
- يا ريتني ما حبيتك يا خالد ...  

مر سبعة أيام بعد ذلك اليوم اسبوع كان الجميع في حاجة إليه في حاجة الي هدنة من كل شئ ... الجميع في حاجة إن يعيد ترتيب حساباته المبعثرة من جديد ... أولهم كانت مايا .... التي خرجت من مرحاض غرفتها بعد أن ابدلت ثيابها لاخري تناسب العمل وقفت أمام مرآه زينتها تنظر لانعاكسها في المرآه تبتسم ساخرة اختلفت كثيرا عن السابق لم تعد تلك المدللة التي تهوي شراء الثياب ... وليتها ظلت .... وقفت تمشط خصلات شعرها تعقده في شكل حلقة كبيرة في نهاية رأسها تضع القليل من مستحضرات التجميل تظهر بها طلتها الساحرة .... التقطت حقيبة يدها تنزل لأسفل .... وجهت انظارها لغرفة لينا المغلقة منذ أسبوع وهي ترفض الحديث مع اي من مكان تخبر الجميع انها بحاجة لتعيد حساباتها القديمة والقادمة بمفردها ...نزلت الي أسفل فتحت باب المنزل الكبير لتتطالع والدها يجلس في الحديقة أمامه علي طاولة صغيرة بدور زوجة ابيها ... يحتسيان القهوة ... ابتسامة والدها المشرقة ... جعلت ابتسامة صغيرة تتسرب لشفتيها ... اقتربت في خطواتها تتجه ناحيتهم وقفت بالقرب منهم تتمتم مبتسمة بتكلف :
- صباح الخير

قام حمزة سريعا يحاوط كتفيها بذراعه يقبل جبينها يتمتم مبتسما :
- صباح الفل يا حبيبة بابا .. علي فين العزم بدري كدة

اعادت خصلة ثائرة من شعرها خلف أذنيها تتمتم بخفوت :
- رايحة شغلي 

ضحك حمزة بخفة يقرص وجنت ابنته برفق يتمتم مبتسما :
- بقيتي اللي قادرة علي التحدي والمواجهة رسمي خلاص ... مالوش لزوم لشغلك يا ميوش يا حبيبتي احنا خلاص راجعين دبي

توسعت عيني مايا في دهشة لتبتعد عن والدها ترميه بنظرات مصدومة حركت رأسها نفيا بعنف تصيح محتدة :
- راجعين دبي ...امتي وازاي ... وازاي حضرتك اصلا ما تاخدش رأيي في حاجة زي دي ... أنا مش هرجع دبي ومش هسيب الشغل ... 

انتفخت اوداج حمزة غضبا سجنه خلف قبضان سيطرته العالية علي التحكم بمشاعره ... دس يديه في جيبي سرواله ارتسمت ابتسامة صفراء مستهجنا ما تقول :
- طيب يا مايا روحي شغلك ولما ترجعي لينا كلام تاني مع بعض .. خلي بالك من نفسك يا حبيبي

وقفت مايا للحظات ... ترميه هو وبدور بنظرات غاضبة حانقة لتتحرك بعنف الي أحدي السيارات تصفع بابها خلفها بعنف لحظات وتحرك بها السائق ليتنهد حمزة يآسا جلس أمام بدور لحظات قبل أن يسمعها تتمتم بنبرة خافتة متوترة :
- علي فكرة هي عندها حق ... كان لازم تقولها قبلها بفترة كبيرة .... بس اللي عملته أنك بتفرض عليها أمر واقع ....

زفر أنفاسه يخلل أصابعه في خصلات شعره ربما بدور محقة كان عليه اخبارها قبلا .... قبل ان يبدأ تجهيز ترتيبات السفر ... عاد ينظر لبدور يتمتم متسألا :
- طب وانتي اتضايقتي بردوا لما عرفتي اننا هنسافر 
تحاشت النظر ناحيته بكل السبل الممكنة ... حركت رأسها إيجابا تتمتم بصوت خفيض :
- بصراحة آه ... أنا قضيت حياتي كلها هنا ... طفولتي وشبابي هنا .... هيبقي صعب عليا يعني اني ابعد عن دا كله فاهمني

رفعت وجهها إليه ما أن أنهت كلامها لتزدرد لعابها قلقة حين رأته يقف من مكانه .. تسارعت أنفاسها خوفا ماذا ينوي أن يفعل بها ... رأته يجذب مقعده بخفة يضعه جوارها جلس بجانبها يلف ذراعه حول كتفيها ... ارتعشت وارتجف جسدها إثر لمسته بينما ابتسم هو يتمتم برفق :
- هحاول اعمل كل اللي اقدر عليه .. عشان لا ازعلك لا انتي ولا الهبلة اللي مشيت مكشرة دي

لم تفهم حقا ما يعني الا أنها ابتسمت متوترة تومأ برأسها إيجابا 

علي صعيد قريب كان هناك من يقف في شرفة غرفته يدس احدي سجائره بين شفتيه ينظر لذلك المشهد بابتسامة تهكمية ساخرة يتمتم :
- مراهق اوي ... المرة الجاية هياخدها في كازينو 
_____________________
علي صعيد بعيد بعد دقائق قليلة وصلت مايا لشركة آل مهران جروب للسياحة ... نزلت من سيارتها تخطو خطواتها للداخل .... دون أن تتحدث بكلمة واحدة ... لم تكن بالشخصية الاجتماعية التي تحب الاختلاط .. ولكنها حقا لاحظت تلك النظرات الغريبة التي يرميها بها الجميع خاصة الموظفات ... منذ الحادث وهي في اجازة مرضية ... لما ينظر لها الجميع هكذا ...نظرت لملابسها جيدا علها تجد الخطأ ولكن لا شئ ... هي حقا لا تفهم ما يحدث ... توجهت إلي غرفة المكتب التي تتشاركها مع زملائها يبدو أنها اول الحضور فالغرفة فارغة ...توجهت الي مقعد مكتبها الصغير ... جلست تنظر لتصاميمها الأخيرة الموضوعة علي سطح المكتب ملتفة كما هي برباطها .... فتحت إحداها تنظر لتصميمها الغير مكتمل لتلتقط قلم رصاص تكمل ما بدأت مرت لحظات قبل أن تسمع صوت فتاة تتمتم ساخرة بنبرة لعوب :
- هو انتي بقي مايا ... اللي المهندس ادهم نط من فوق السطح علي الأسانسير عشان ينقذها 

قطبت جبينها متعجبة من نبرة الفتاة الغريبة وطريقتها السخيفة ... بينما عقدت تلك الفتاة ذراعيها أمام صدرها تتشدق ساخرة :
- دا الحب ولع في الدرة جامد اوي يعني ... بس السؤال هنا بقي ايه اللي بينك وبين المهندس اللي لسه جاي من أيام .... شكلك مش سهلة خالص ... يعني وقعتي أدهم في يومين .... يومين كمان وتوقعي رعد بيه ... ومين عارف اسبوع كمان وتكوني وقعتي جاسر باشا بجلاله قدره

اشتعلت عيني مايا غضبا هبت واقفة توجه نظرات نارية مشتعلة ناحيتة تلك الفتاة اشارت بسبابتها ناحية باب الغرفة تصيح فيها غاضبة :
- امشي اطلعي برة انتي فكراني زبالة زيك ... أنا مش هنزل من مستوايا لامثالك ... يلا برة ... أنتي ما تعرفيش أنا اقدر اعمل فيكي إيه ... اطلعي برة

نظرت تلك الفتاة لمايا نظرات حانقة كارهة مغتاظة لتتحرك لخارج الغرفة تتوعد لها بالانتقام ... بينما تهاوت مايا علي مقعدها من جديد .. لحظات ووقفت من مكانها تهرب الي اقرب مرحاض منها دخلته توصد الباب خلفها بالمفتاح وضعت يدها علي فمها تكبح صوت بكائها تهبط دموعها في صمت 
بينما توجهت تلك الفتاة تدخل إلي غرفة مكتبها القت الحقيبة بغل علي سطح مكتبها تشد علي اسنانها مغتاظة تلك الوقحة تقسم أنها ستعمل علي جعل سيرتها علكة يمضغها الجميع في أفواههم بلا رحمة ... باب الغرفة الإلكتروني انغلق من جراء نفسه ... قطبت جبينها تنظر للباب متعجبة كيف ومن اغلقه من الأساس ... خرجت من بحر افكارها تشهق بعنف الي سيل ماء اندفع من جهاز إنذار الحريق المثبت في سقف الغرفة ... اغرقها هي والغرفة والاوراق جميعا شهقت بعنف تلطم خديها :
- يا ليلة مش فايتة دا ورق الشغل بتاع جاسر باشا ... هينفخني ... 

اخذت الأوراق سريعا توجهت لباب الغرفة تحاول فتح الباب ولكنه مغلق موصد ... لديها كارت مبرمج علي فتح مثل تلك الاشياء ... هرعت سريعا تجلبه حاولت فتح الباب مرة اخري ليعطيها رسالة أن الكارت لا يعمل 
وقفت جوار الباب تدق عليه بعنف تصرخ فزعة مذعورة :
- الحقوني .... حد يلحقني ... افتحولي الباب ... 

دقائق مرت وهي تصرخ قبل أن يفتح الباب من تلقاء نفسه كما فعل سابقا لتهرع الي الخارج بمنظرها ذاك ملابسها المبللة مستحضرات التجميل لطخت وجهها بشكل بشع ... البعض لم يستطع رؤية المشهد وانفجروا ضاحكين ... والبعض الآخر كانوا يضحكون ولكن في الخفاء 
ووقفت مايا بعيدا عنهم جميعا تنظر لها بابتسامة واسعة متشفية ... هي حقا سعيدة علي ما حدث لها بعد ما قالته لها دون شفقة ... 
رفعت وجهها لأعلي هي علي اتم ثقة أن تلك افعال أدهم لمحت احدي كاميرات المراقبة تتحرك بشكل عشوائي لتثبت عليها ما أن نظرت لها .... لحظات وارتسمت علي شفتيها ابتسامة صغيرة تشكره بها
_____________
 ارتسمت إبتسامة واسعة متشفية سعيدة علي شفتيه تلك الفتاة حقا ظنت أنها تستطيع إيذاء وتين قلبه ولو حتي ببضع كلمات سامة خرجت من فم افعي .... بتر أنيابها حتي لا تبث  سمها من جديد ... تسارعت دقات قلبه بعنف تكاد تقفز من قفصه الصدري ترقص فرحا ... ابتسامة بلهاء واسعة تغزو شفتيه ... ليسمع في اللحظات التالية صوت رسالة وصلت لهاتفه فتحها بتلهف لتتوسع عينيه في فرحة عارمة حين قرأ تلك الجملة التي بعثتها
( شكرا يا أدهم 💙 ) 

تسارعت أنفاسه يقرأ احرف الجملة مرة تليها اخري وأخري وأخري ابتسامة بلهاء تزداد اتساعا تغزو ثغره بالكامل هب من فراشه يتحرك بشكب عشوائي مضحك يصيح بفرحة وهو يضحك :
- شكرا ويا أدهم وقلب ازرق ... شكرا ويا أدهم وقلب ازرق .... شكرا ويا أدهم وقلب ازرق ... دا أنا هقابله بكرة وبعد بكرة وبعد بعده هقابله بكرة 

ظل يتحرك بعشوائية سعيدة يلتف في انحاء الغرفة وحول نفسه يستند علي ساقه السليمة ليلمح بطرف عينيه شخص يقف عند باب الغرفة التفت للواقف ليري مراد شقيقه المتسول ذاك يقف يرميه بنظرات تهكم ساخرة للغاية :
- أنا قولت من الاول انك عيل لمؤخذة واقف تترقص زي الحريم .... كاتك خيبة 

قالها ليلتفت ليغادر بينما وقف ادهم ينظر في أثره غاضبا للحظات ليعاود ما كان يفعل .... 
اخذ مراد طريقه الي أسفل حيث دكان جدته .... توجه إليه مباشرة يجلس علي المقعد أمامه ينظر لبداية الشارع ينتظرها أن تهل يتمني أن تفعل ... إن لم تفعل هي سيفعل هو ... خطوة واحدة تفصله عن الوصول لوجبته القادمة .... توسعت ابتسامته حين رآها خرجت من أفكاره لتتجسد امامه ها هي تأتي من بعيد تتشح بجلبابها الاسود ووشاح رأس يماثله في اللون تسرع في خطاها كما تفعل دائما ... ارتسمت ابتسامة شيطانية خبيثة يتفحصها جيدا بنظرات ... لا يزال جسدها هزيلا ... كآخر مرة رآها ... ولكن الفرق واضح وجهها تظهر حمرة خديه الفطرية ... تتحرك بسرعة إذا هي في أفضل حال ... وها هي تقترب ناحيته الي الدكان مباشرة دخلت دون أن تعره انتباها .... توجهت الي جدته مباشرة التفت برأسه يتابع المشهد المعتاد ... جدته تعانق الفتاة بمحبة وكأنها من دمها ... تسألها عن حالها بتلهف لتهمس تلك الأخيرة بصوت خفيض :
- أنا الحمد لله يا ست منيرة ... مش عارفة اشكرك ازاي بجد ... ربنا يكرمك يا رب ... اتفصلي يا ست منيرة

ختمت كلامها لتمد يدها بلفة نقود صغيرة حمحمت تردف في حرج :
- أنا عارفة طبعا انه دا ما يجيش ربع تمن الحاجات اللي حضرتك جبتيها ... بس بإذن الله اول ما اخد معاش ابويا هجيبلك الباقي 

نظرت منيرة نظرات حازمة غاضبة اخذت النقود تضعها في يد الفتاة من جديد تطبق كفها عليها تتمتم بصوت حازم غاضب :
- بت يا روحية تاخدي فلوسك في ايدك وتطلعي علي شقتك يلا ... قبل ما حد من الحوش اللي هنا يضايقك ... مش عايزة اسمع منك الهبل دا تاني مفهوم

اخفضت الفتاة رأسها أرضا تحركها إيجابا ابتلعت لعابها تهمس بصوت خفيض هامس :
- حاضر يا ست منيرة ... أنا كنت نازلة اشوف عم عبده بتاع المفاتيح والترابيس .... مفتاح الشقة ضايع مش لاقياه والباب قديم ما فيهوش ترباس 

شهقت منيرة قلقة علي الفتاة لتضرب صدرها بكف يدها تتمتم متلهفة :
- ضاع ازاي دا ... عمك عبده تعبان قافل النهاردة ... بكرة الصبح من النجمة اجيبهولك يركب ترباش متين للباب وتربسي علي نفسك كويس

رفعت روحية وجهها تنظر لمنيرة ممتنة ..تشكرها بصوت هامس ... ودعت الفتاة جدته ورحلت تهرول كما تفعل دائما لتتوسع ابتسامته الخبيثة .... لديه الليلة اذا لينفذ ما يريد
_________________
عودة لفيلا خالد السويسي .... في حديقة المنزل توقفت السيارة نزل منها يخلع نظرات الشمس الخاصة به لتظهر زرقاء عينيه الغائمة حزنا ... ملابسه سوداء وكأنه ينعي روحه علي ما حدث لها .... التقط ملف به عدة أوراق ليتوجه الي الداخل خطي ... رفع يده يطرق باب المنزل لحظات وفتحت له الخادمة التي تعجبت من عدم دخوله ... الجميع يعرف ان زيدان يملك عدة نسخ لمفاتيح المنزل ... خطي للداخل وقف أمام الخادمة يتمتم في هدوء خاوي من الحياة :
- بلغي خالد باشا اني مستنيه في مكتبه

قالها ليتركها متوجها ناحية مكتب خالد مباشرة لتقف الخادمة تنظر في أثره مدهوشة ... قبل أيام فقط كان زيدان يتحرك في البيت بدون قميص واليوم يتعامل علي أنه ضيف غريب ... هرعت سريعا الي غرفة خالد لتبلغه .... بينما توجه زيدان الي غرفة مكتب خالد مر في طريقه علي المطبخ ... ما إن تجاوزه سمع صوتها المميز يصيح باسمه ... لحظات وقف متجمدا مكانه دون ان يستدير لتتقدم هي منه وقفت أمامه تلحم زرقاء عينيها بامواج عينيه ... تنظر مشفقة حزينة لقسمات وجهه المجهدة المنطفئة ...رفعت يدها تود أن تضعها علي وجهه كما تفعل دائما ... لتجده يعد خطوة للخلف كأنه يرفض أن تفعل ذلك ... نظرت له مدهوشة ... ليقابل بشبح ابتسامة طفت علي ثغره ... تجاوزها يكمل طريقه لغرفة مكتب خالد .... جلس علي أحد المقاعد يضع الاوراق علي سطح المكتب ... هو فقط يحتاج لامضائه وسيرحل سريعا ... حتي ملابسه التي هنا لا يريدها ... جلس علي  أحد المقاعد الملاصقة للمكتب ... ينظر ارضا ابتسامة ساخرة تعلو شفتيه ... شريط حياته يمر سريعا أمام عينيه ... ربما كان عليه الرحيل منذ زمن وتأخر كثيرا في تلك الخطوة .... هو حقا يشتاق إليها ولكنه لا يرغب في رؤيتها بعد الآن .... قلبه يتألم ... يصرخ ... يختنق ... وهو يعرف أنها بالقرب ... يريد الفرار من هنا بأي شكل كان .... دقائق قبل أن يسمع صوت باب المكتب يُفتح وطل خاله ... رفع وجهه ينظر له سريعا نظرات قليلة يرغب في الاطمئنان عليه بأي شكل ممكن ... ابتسم خالد ابتسامة حزينة ينظر للواقف أمامه ... تقدم ناحيته بضع خطوات ... ليصبح بالقرب منه قريبا كثيرا .... للحظات كل منهما ينظر للآخر نظرات بها ما بها من العتاب والاسف ... والأسرع كان خالد جذب ابنه الذي لم يولد من صلبه يعانقه بقوة أغمض زيدان عينيه يبتسم حزينا .... ابتعد عن خالد ليمد يده الي الأوراق امسكها يتمتم بخفوت :
- ممكن امضة حضرتك 

نظر خالد للاوراق ليزدرد لعابه تتسارع دقاته ألما ... قبض علي الأوراق بعنف ينظر لزيدان يتمتم :
- بردوا مصمم تمشي

حرك زيدان رأسه إيجابا عدة مرات سريعة متتالية يؤكد له مع كل اماءة أنه فقط لا يرغب سوي في الرحيل .... سمع صوت خالد يتمتم بخفوت حزين :
- أنت بتهرب يا زيدان ... مش قادر تكمل معركتك لنهايتها 

ارتسمت ابتسامة ساخرة علي شفتي زيدان يحرك رأسه إيجابا يتمتم متهكما :
- ايوة فعلا أنا جبان وبهرب ... حربي خلصت خلاص يا سيادة اللوا ممكن حضرتك تمضيلي علي الورق عشان امشي 

زفر خالد أنفاسه المختنقة يقبض علي الاوراق في يده تحرك يتجه الي مقعد مكتبه تهاوي بجسده عليه ينظر للواقف أمامه يحاول إثناءه عن رأيه :
- يا زيدان ..... 

في الاعلي ...تحديدا في غرفتها سبعة ايام كانت أكثر من كافية لتختلي فيها بذاتها المهمشة تعيد تجميع قطع روحها تلصقها من جديد ... وقد قررت جيدا ما ستفعل .... عودتها لزيدان ... ستبقيها في تلك الحلقة المفرغة من المشاعر المضطربة الخائفة ... بينهم الكثير من الحواجز وهي لم تعد لها طاقة حتي للسير ... ربما هي لم تحب زيدان كما يجب أن يكون ... لكي تغفر له خطاءه او أخطائه ..... الحب الأبسط والامثل في تلك اللحظات هو معاذ ...معاذ يحبها وهي كانت تفعل ومن يعلم ربما تعود تلك المشاعر من جديد .... توجهت الي مرحاض غرفتها اغتسلت تنفض عنها غبار امراءة بائسة ... لتخرج من المرحاض بدلت ثيابها مشطت خصلات شعرها ... تتوجه الي أسفل ... قابلت والدتها في طريقها لتشيح لينا بوجهها غاضبة من تصرفات ابنتها الرعناء بينما ابتسمت الصغيرة ساخرة ... أخذت طريقها لغرفة مكتب والدها ... الباب لم يكن مغلقا رأته يجلس هناك جوار مكتب والدها الذي يصيح فيه :
- يعني بردوا اللي في دماغك في دماغك ... طب ايه رأيك بقي مش ماضي علي الورق

وقف زيدان ينظر لوالدها يبتسم في هدوء تام يغمغم بلامبلاة :
- براحتك طبعا يا باشا ... بس أنا ساعتها هصعد طلب النقل للي أعلي من حضرتك ... 

إنت بتهددني يا حيوان ... صاح بها والدها محتدا ... دخلت هي الي الغرفة في تلك اللحظة ليضرب جسد ذلك الواقف صاعقة كهرباء عنيفة ترجفه بعنف مخيف ... اشاح بوجهه بعيدا سريعا لا يرغب حتي في أن يلمح طيفها ... تقدمت هي للداخل ... ليصدح صوت خالد الساخر :
- اهلا اهلا اهلا لينا هانم .. اخيرا نجمة الشباك الأولي قررت تخرج من عزلتها الفنية وتنورنا بطلتها البهية 

تنهدت حانقة ألن يتوقف والدها عن السخرية ... وذلك الواقف هناك بعيدا عنها ماله ينظر بعيدا لتلك الدرجة لا يريد حتي أن يراها ... ابتلعت لعابها توجه انظارها ناحية والدها تنهدت تستعد لتفجير القنبلة في وجوده :
- بابا معاذ عايز يجي يتقدملي .. أبلغه يجي أمتي 

وقعت الجملة علي خالد وقع الصاعقة توسعت عينيه علي اتساعهما ينظر لذلك الواقف هناك قلبه يكاد ينفجر قلقا عليه بعد ما قالت .... رأي عروق فكه ورقبته النافرة يكور قبضته يغرزها في المقعد أمامه .... وقلبه يكوي وهو حي ....  
روحه تصرخ تتعذب  .... وهي تتحدث ببساطة بأن غيره يريد الزواج منها ... حاول ازدارد ريقه ليشعر بسيخ نار يقف في حلقه اغمض عينيه متألما يشد علي جفنيه ... في تلك اللحظات ... فتح خالد قلمه يخط إمضاءه علي الأوراق أمامه يمدها لزيدان يتمتم بنبرة حانية حزينة :
- خلي بالك من نفسك كويس ... 

حرك الأخير رأسه إيجابا سريعا التفت وياليته لم يفعل كان وجهها اول ما وقع عليه تقف هناك بعيدة بقدر قربها منه ... فقط خطوتين تفصلهم
تجرع مرارة الحسرة ارتجفت حدقتيه تنازع ألم ينهش جنبات قلبه بلا رحمة ...نجحت وبشدة في إحراق روحه يشعر بقبضة من نيران تعتصر قلبه ... ردت له الدين الذي ارتكبه خطأ ليتها فقط تصدق أنه خطأ .... بصعوبة تحركت قدميه ناحيتها ... الي أن صار أمامها مد يده ناحيتها يبتسم .... ابتسامة مريرة تخفي خلفها دموع من نار قلب يغلي كمرجل متقد همس اخيرا بصوته  الاجش عينيه لا تنزاحان عن وجهها :
- مبروك يا بنت خالي !!

كلمة خرجت بشق الأنفس نطقتها شفيته ولم ينطق بها قلبه ... ذلك النابض الذي يصرخ ألما وهو يسمع ما تقول ...تريد الزواج بتلك السرعة لتلك الدرجة ليس لوجوده اي أهمية في حياتها ... منذ أسبوع فقط فقدوا طفلهم الذي لم يري النور بعد وها هي الآن تريد الزواج ... رأي ابتسامة صغيرة للغاية تطفو فوق ثغرها تتمتم :
- شكرا يا زيدان

مد يدها لتصافحه فما كان منه إلا أنه نظر لكفها الممدود للحظات ليخطو خطواته للخارج دون أن يعيرها انتباها ....

ارتسمت ابتسامة ساخرة علي شفتيها يبدو أن كل شئ قد انتهي حقا ... خاصة بعدما قالت في وجوده ... واي أوراق تلك التي كان يريد من والدها أن يوقع عليها وهو رفض في البداية والآن وافق ... اجفلت فجاءة من شرودها علي صوت والدها :
- معاذ دا ايه بقي اللي عايز يتقدملك ... 

أخذت نفسا قويا تنظر لوالدها في هدوء وثقة كتفت ذراعيها أمام صدرها تتمتم ساخرة :
- معاذ الحسيني يا بابا اعتقد أن حضرتك جايب معلومات الدنيا كلها عنه .... معاذ اللي حضرتك لعبت مع زيدان عشان تبعدوه عني ... عشان حضرتك شايفه مش مناسب ... انما أنا شايفة ايه لاء مش مهم ... معاذ مش لعبي ولا بيتسلي بعد كل الي عملتوه لسه بيحبني وعايز يتقدملي وأنا موافقة 

عاد خالد يجلس علي مقعده يحرك سبابته وابهامه أسفل ذقنه رسم ابتسامة صفراء علي شفتيه يتمتم متهكما :
- وأنا مش موافق ... ومش هقابله يا بنت خالد .. ايه رأيك بقي

كلماته البسيطة كانت قبس نار اشغل الحريق أحمرت عينيها تسارعت أنفاسها تقبض علي كف يدها تصرخ بحرقة قلبها :
- لييييه ... لييييه دايما مش عايز سعادتي عايزني دايما انفذ اللي انت عايزه وبس ... امشي كدة يا اما ...تقولي ماليش دعوة اتصرفي انتي ...أنا مش موافق ... عايزني نسخة تانية من ماما تفرض عليها كل حاجة من غير ما تقول لاء ... أنا بحب معاذ وهتجوزه برضاك او غصب عنك 

صمتت تتنفس بحرقة تتسارع أنفاسها الحارة في الخروج تعزف إيقاعا عنيفا تشاركها دقات قلبها الهادرة وذلك الجالس لم تتغير تعابير وجهه لم يغضب لم يثور .... جل ما فعله أنه قام من مكانه ... تحرك ناحيتها وقف للحظات عينيه لا تنزحان عن وجهها ينظر لها نظرات حادة كسهام تخترقها ... في لحظة وقبل أن تعي أي شئ كان كفه يهوي علي وجهها ... ألم بشع شعرت به يحرق قلبها قبل وجنتها ....التف وجهها بعنف إثر صفعته ... شخصت مقلتيها تضع يدها علي خدها ... لفت رأسها ناحيته ترميه بنظرات مصدومة عينيها متسعتين تنظر له في ذهول ... بينما وقف هو للحظاا يقبض علي كفه الذي صفعتها ... تلك الصغيرة كما يجري تجاوزت كل الخطوط ... رسم ابتسامة صفراء علي شفتيه يتمتم متهكما :
- قوليله اني مستنيه النهاردة الساعة 7 لو أتأخر دقيقة واحدة ما يجيش احسن له 

ورحل قال ما قال ورحل في هدوء تام وكأن شئ لم يكن وكأنه لم يصفعها للتو .... كورت قبضتها شدت علي أسنانها بعنف نظرت أمامها مباشرة بأعين حمراء غاضبة تحبس فيها سيل من الدموع .... ابتسمت غاضبة تتمتم في نفسها باصرار :
- هخرجك من سجنك هبعد وبكرة تشوف يا خالد يا سويسي ... ومعاذ أول خطواتها للخروج اندفعت من الغرفة تركض لغرفتها صفعت الباب عليها توصده بالمفتاح تحركت في انحاء الغرفة تحرق أنفاسها تتحرك بعنف هنا وهناك ... صرخت صرخة ذبيحة لتمسك أحد التحف في غرفتها تلقيها بعنف علي زجاج مرآتها بعنف تصرخ بحرقة قلبها .... سقطت علي ركبتيها تجهش في البكاء تبكي وتتسابق شهقاتها ... تسمع أصوات طرقات عنيفة علي باب الغرفة من الخارج وأصوات متداخلة تطلب منها فتح الباب لتصرخ فيهم وهي تبكي :
- ابعدوا عن هنا مش عايزة اشوف حد فيكوا ...امشوووا كلكوووووا 

جلست علي ركبتيها أرضا تضم كفيها لصدرها  تصرخ بصوت مكتوم تغمض عينيها تشد علي جفنيها بعنف ... بقيت لحظات علي تلك الحال قبل أن تفتح مقلتيها ... عينيها الحمراء الباكية ككأس دماء فاض عن حدة فسقطت منه الدماء تنهمر بغزارة ... التقطت هاتفها الملقي هناك جوارها ... تبحث عن رقمه بتلهف .... تتصل به لم تمر لحظة واحدة مع اول دقة كان تسمع صوته يجيب متلهفا :
- ايوة يا لينا أنا مش مصدق أنك اتصلتي أخيرا .... بقالي اسبوع بحاول اكلمك قولتي لوالدك ....

صمتت للحظات تزدرد لعابها المحترق من صحراء قلبها المشتعلة تحت نيران روحها المستعرة .... خرجت الكلمات من فمها بشق الأنفس :
- ايوة قولتله وهو مستنيك الساعة 7 ما تتأخرش 

سمعته يصيح فرحا كأنه طفل صغير حصل علي جائزته الكبيرة لتسمعه يغمغم متلهفا سعيدا :
- بجد ... بجد والله أنا مش مصدق نفسي من 6 بالظبط هكون قدام الباب ... أنا هجري ألبس مش هتأخر عليكي سلام يا حبيبتي 

واغلق الخط ليصدر بعدها صوت صفير طويل لم تسمع منه سوي كلمة حبيبتي التي قالها في 
النهاية ... ونفر منها قلبها ... لم تحبها ابدا ... ألم تكن تحبه قبل قليل ؟!!!

علي صعيد قريب للغاية في غرفته التي يتسخدمها للتدريب في الأسفل ... دخل الي الغرفة يجلس علي أحد المقاعد من الجلد يخفي وجهه بين كفيه يتنهد بحرقة بين حين وآخر ... صفعها وتلك المرة لم يكن نادما ... قاسية القلب تماما مثله ... لما لم تكن مثل زوجته حنونة طيبة ... نسخة أخري منه لا تقبل السماح بسهولة ... شعر وكأن ذلك الكف يصفعه لنفسه ... انعاكسه يقف أمامه .... تريد الزواج من ذلك الشاب لتفعل ما تريد ... ربما هو المخطئ ... حسابته أخطأت في حقها ... ربما هي أدري منه بصالحها ... ما يمزق قلبه حقا زيدان ... نظرة عينيه حين التفت وراءها وهي تنطق بتلك الكلمات كان ابشع ما رأي يوما ... جذب هاتفه من جيب سرواله ... يبعث رسالة لرقم حسام كتب فيها
( حسام ... زيدان تعبان اوي ... دور عليه ... خليك جنبه ... سيب كل اللي في ايدك وشوفه فين ما تسيبهوش ... وأنا هتصل بيك بعد شوية )
بعثها لرقم ولده ليعيد هاتفه لجيب سرواله يمسح وجهه بكفيه يشعر بالعجز يشل تفكيره لا يعرف ما عليه أن يفعل 
______________
علي صعيد بعيد للغاية في جنوب مصر في اسيوط تحديدا ... منزل رشيد الشريف تحديدا .... في صالة المنزل الواسعة علي احدي الارائك ... يجلس جاسر جوار شاهيناز ... يبسط يده برفق علي بطنها المنتفخ يضع علي قدمه طبق به قطع تفاح مقطعة شرائح رفيعة التقط احدي الشرائح من الطبق يقربها من فمها توسعت ابتسامته يغمغم بنبرة حانية للغاية :
- حبيبتي افتحي بؤك ... أنا عرفت أن التفاح مفيد جدا ليكي وللجنين 

ارتسمت ابتسامة ناعمة لعوب علي شفتي شاهيناز لتفتح فمها بدلال قليلا قطمت قطعة صغيرة برقة متناهية لا مثيل لها .... تمضغها بنعومة تنهدت تهمس بخفوت ناعم :
- حبيبي تسلمي لي يا جاسر أنا بحبك اوي اوي يا جاسر 

امسك كف يدها يلثمه بقبلة طويلة شغوفة ... مال يقبل جبينها أيضا ابتعد عنها قليلا يبتسم ابتسامة واسعة مشرقة :
- وانتي اغلي حاجة عندي يا قلب جاسر ربنا يخليكي ليا وما يحرمنيش منك ابدا لا انتي ولا اللي في بطنك

في تلك اللحظات خرجت شروق من المطبخ تمسك في يديها منشفة صغيرة تجفف يديها ... توسعت عينيها في دهشة تنظر لذلك المشهد الغريب أمامها صحيح أنها كانت تريد أن يعامل زوجتيه بالعدل .. ولكن ما يحدث منذ أن عاد مع سهيلة قبل أيام هو العجب بعينه .. جاسر لم يطأ غرفة سهيلة ... والاخيرة لم تخرج من غرفتها ... علاقة جاسر وشاهيناز تغيرت بشكل غريب مفاجئ ...  بات يعاملها كأنه يعشقها منذ صغره .... الأمر برمته لا يعجبها القت المنشفة من يدها تتوجه ناحيتهم بخطي سريعة وقفت بالقرب منهم حمحمت بحدة ليلتفا لها معا ... ليغمغم جاسر مبتسما :
- خير يا أمي

تنهدت شروق بامعتاض علي حاله الغريب كتفت ذراعيها أمام صدرها تنظر لشاهيناز تغمغم بحزم :
- شاهيناز اطلعي اوضتك عايزة اتكلم مع جاسر كلمتين

ابتسمت شاهيناز ببراءة قطة صغيرة لتستند علي ذراع وقفت تبسط كف يدها الأيسر خلف ظهرها نظرت لشروق تبتسم في دلال :
- من عيوني يا ماما 

لتعاود النظر لجاسر تغمزه بطرف عينيها تهمس له :
- مستنياك في اوضتنا يا جاسر ما تتأخرش ..

تحركت شاهيناز تصعد الي أعلي تراقبها عيني جاسر بقلق شديد ... وكأن حياته بأكملها معتمدة عليها .. اجفل علي يد والدته تقبض علي رسغ يده تجذبه خلفها ... الي المطبخ وقف امامها ينظر لها متعجبا لتبادر هي تهتف فيه محتدة :
- مالك يا جاسر حالك متشقلب ليه كدة من ساعة ما جيت من السفر ... أربعة وعشرين ساعة لازق جنب مراتك ... لا بتروح تشوف الأرض ولا بتخرج من باب البيت حتي ... حتي سهيلة ما روحتش تتطمن عليها .. أنا صحيح كنت عيزاك تعدل بينهم بس أنت دلوقتي رامي سهيلة خالص ... ذنبها ايه البنت عملتلك ايه يعني عشان تقهرها بالشكل دا 

تنهد جاسر بملل يقلب عينيه مستاءا ... مجرد ذكر اسمها يشعره بالغضب بات ينفر حتي من سماع اسمها .... عقد ساعديه أمام صدره العريض يغمغم حانقا :
- بقولك ايه يا ماما أنا مش عايز اسمع سيرة الزفتة دي خالص هي ايه اللي مقعدها ما تغور في داهية ... أنا مش عايزها اصلا

أصفر وجه شروق عينيها مرتكزة لتلك الواقفة خلف جاسر تمسك بيد شقيقته .... يبدو آت صبا نجحت اخيرا في إخراجها في وقت غير مناسب تماما .... فجاءة من العدم اندفعت من خلفه عاصفة هوجاء وقفت سهيلة امام جاسر ترميه بنظرات كارهة مقهورة حزينة بشراسة بدأت تصرخ فيه :
- أنت ايه يا اخي .... حرام عليك ... تلعب بقلبي ومشاعري تطلعني لسابع سما وترجع ترميني في سابع أرض ... إنت بتلعب بيا ... شوية بحبك وشوية غوري في ستين داهية ... إنت مش بني آدم ... دا حتي الحيوان ما تستاهلش اني اشبهك بيه ... أنا بكرهك يا جاسر .... منك لله يا اخي ... حسبي الله ونعم الوكيل فيك ... ربنا يجيبلي حقي منك

ما إن نطقت كلماتها الأخيرة احمرت عينيه نفرت عروقه... يصرخ فيها بصوت حاد عالي جهوري :
- اسكتي ... اخرسي ...مش عايز اسمع صوتك

اقترب يريد ضربها لتهرع شروق تقف بينهما دفعته في صدره بعيدا بعنف ... تصرخ فيه :
- أنت اتجننت يا جاسر عايز تضرب مراتك ..

ارتدت للخلف خطوتين ينظر لتلك التي تقف بالخلف تختبئ خلف والدته نظرات قاتلة ليشعر بألم بشع فجاءة دون سابق إنذار ... مال يتقئ مادة سوداء قاتمة .... هرعت شروق إليه فزعة .... بينما وقفت سهيلة تنظر له كارهة مشفقة علي حاله ... حزينة ... تركته تخرج من المطبخ ... لتصطدم برشيد يقف أمامها ... نظراته مصوبة علي جاسر ... يعقد ما بين حاجبيه ...  ينظر لولده بريبة يدبر في نفسه أمرا
____________
وقف ينظر للشمس وهي تغرب قرص أحمر دامي يختفي بين جنبات السماء .... قرص تسيل منه دماء قلبه ... يختفي شيئا فشيئا ويحل الظلام في لحظات يكسي المكان يغطي روحه المجهدة بغطاء أسود ... عند شط بعيد يقف وحيدا ينظر لقرص الشمس الذي رحل ورحل معه الأمل من قلبه ... أحبها ولم تحبه ... أخطأ دون قصد فلم تسامحه ... اخلص لها فأحبت غيره ... طلب العفو كثيرا فذلت كرامته أكثر ... كور قبضتيه يشد عليهما لما ... فيما أخطأ ليحدث له ذلك كله تباعا ... لم يكد يجد السعادة ... لتهرب من بين يديه تقسم علي عدم العودة له من جديد ... سيرحل يبدأ من نقطة الصفر ... يبني ما حطمته هي .... التفت برأسه بحركة آلية للغاية حين شعر بحركة جواره وسمع صوت صديقه يردف بصوت متعب لاهث :
- أنت هنا يا اخي بقالي أربع ساعات بدور عليك ... 

وقف حسام للحظات يلتقط أنفاسه ليتقدم من صديقه وقف جواره ابتسم يقول في مرح عله يخفف عنه ولو قليلااا :
-هيييح وتينة غصة الافنان باسقة ... قالت لأترابها والصيف يحتضرُ

قالها لينظر لصديقه عله يجد ولو شبح ابتسامة صغيرة تعلو ثغره ولكنه بقي كجلمود صخر لم تهتز منه شعره ... تنهد حزينا علي حاله ليمد يده يربت علي كتفه يقول مترفقا :
- هون علي نفسك يا صاحبي

ارتسمت ابتسامة مريرة ساخرة علي شفتي زيدان .... تلاها ضحكة عالية ... ضحكة تنزف ألما ... توقف عن الضحك ليلتفت لصديقه يصيح ساخرا :
- أهون علي نفسي أنت بتتكلم بجد ... اهون علي نفسي ايه ولا ايه ... اهون عليها ان فرحتي بمراتي اللي عيشتي عمري كله اتمناها ما كملتش ...اني طلقتها ...انها بتحب غيري وعايزة تتجوزه .... إن ابني حلمي ... كنت بحلم بيه كل ليلة بتخيله وأنا شايله علي ايدي بيضحكلي .... بيكبر قدام عينيا بحققله كل حلم نفسه فيه .... هعيش بس عشان اشوفه بيضحك ... بس حتي الحلم دا مات .... هو أنا مش مسمحولي حتي أحلم ... لدرجة دي أنا شخص وحش ... 

حرك حسام رأسه نفيا سريعا ... ليري دموع قاسية فرت من أسر عيني زيدان ضرب قلبه بقبضة يده يصيح بحرقة :
- اختك قهرتني ... داست علي قلبي وكرامتي ورجولتي ... ما رضتيش حتي تديني فرصة تانية ... ودلوقتي هتتجوز ... بمنتهي البساطة 
قلبي بيتحرق نار بتحرق روحي قبل جسمي ... 

ادمعت عيني حسام حزنا علي حال صديقه ... ليقترب يود معانقته ... بادله زيدان العناق الأخير يشد علي جسد صديقه ... ابتعد عنه يرسم ابتسامة زائفة علي شفتيه يتمتم :
- أنا ماشي يا حسام ... خلاص شنطي في العربية ... كنت هتصل بيك اودعك بس اديك جيت خلي بالك من نفسك يا صاحبي ... 

ادمعت عيني حسام حزنا ليندفع يعانق زيدان من جديد يتمتم بحرقة :
- أنا مش عايزك تمشي ... مش عايز اخسر صاحب عمري بس أنا أكتر واحد عارف أنت محتاج تبعد قد إيه ... 

ابتسم زيدان يبعد حسام عنه مد يده يصافحه بقوة يتمتم مبتسما :
- سلام يا صاحبي !!
___________________
أنها السابعة مساءا الموعد المنتظر .... خالد في غرفته يتصفح هاتفه يحاول الاتصال بزيدان أو حسام ... بينما لينا تقف أمام فراشه تنظر له حانقة تتمتم متعجبة :
- خالد أنت هتجنني صح ... شوية تقول موافق علي معاذ ... ودلوقتي قاعد بتلعب علي الموبايل والواد تحت بقاله فوق النص ساعة 

رفع خالد وجهه عن هاتفه لوي ثغره بابتسامة ساخرة يتمتم ببرود :
- أنا قايل أن الميعاد سبعة هو اللي جاي بدري ... يبقي يترمي لحد ما انزله 

تنهدت لينا حانقة من أفعالهم جميعا يأست من البيت كله بمن فيه اقتربت تجلس امامه علي الفراش تسأله متعجبة :
- أنت بجد موافق علي جواز لينا ومعاذ

اغلق الهاتف يضعه في جيب سرواله ابتسم يعقد ذراعيه أمام صدره يتمتم متهكما :
- بنتك اللي عايزة ... تعمل اللي هي عايزاه ... عايزة تتجوزه اوي أوي تتفضل ... بدل ما انا بقيت شرير الرواية اللي بيغصبها تعمل حاجات هي مش عايزاها 

نظر لساعة الحائط أمامه ليتحرك من مكانه متجها لباب الغرفة فتحه كاد أن يخرج ... حين استوقفته لينا تسأله متعجبة :
- أنت هتنزل كدة 

نظر لما يرتدي لترتسم ابتسامة ساخرة علي شفتيه يردف ساخرا :
- عندك حق فعلا الترنج دا أنضف من اني انزله بيه بس للأسف مكسل أغير 

تركها ونزل لتضرب كف فوق آخر ... اغمضت عينيها تحاول استيعاب ما يحدث حولها ... زيدان ومعاملته النافرة منها ... ابنتها وموافقتها السريعة علي الزواج بتلك السرعة ... حمزة وبدور وعلاقتهم الأكثر من غريبة ... والآن خالد الذي حقا لا تفهم ما يدور بخلده ابدا ... تحركت لتنزل .. سمعت صوت رسالة تصل لهاتف خالد الآخر ... التقطته تفتحه تنظر لما أرسل له ؟!!!
__________________
علي صعيد آخر في غرفة لينا السويسي ... وقفت أمام مرآة زينتها الشبه مهشمة تنظر لتلك الانثي التي لا تقل عنها شيئا هي الأخري شبه مهشمة وربما مهشمة بالكامل ... تنهدت تأخذ نفسا قويا تشجع نفسها ... ترتدي فستان اسود لامع يغطي ذراعيها يصل لكحليها تعقد شعرها كجديلة طويلة ... ارتدت حذاء ذو كعب رفيع ... مستحضرات التجميل الباهظة التي تمتلكها اكثر من جيدة لاخفاء ملامحها المجهدة النازفة ... ورسم ملامح انثي رائعة الجمال ... وقفت للحظات ترفع رأسها لأعلي تنظر لصورتها تعتد بحالها ... لن تنكسر مهما فعلوا .. امراءة غير قابلة للكسر ... تحركت تنزل لأسفل لتجد والدها هناك عند نهاية السلم ... احتدت عينيها تنظر له حانقة ملابس البيت ما يرتدي ... لم يبدل حتي ثيابه ... نزلت لأسفل خلفه ... لتجده يتوجه ناحية معاذ الذي يجلس متأنقا بحلة فاخرة يبتسم ابتسامة واسعة بلهاء لا معني لها ... هب سريعا ما أن رأي خالد يمد يده يريد مصافحته يتمتم متلهفا :
- خالد باشا اهلا وسهلا يا افندم أنا بجد سعيد اتي قابلت حضرتك ... حضرتك

قاطعه خالد يبسط كفه امام وجه ذلك الاخير قلب عينيه يردف ساخرا :
- خلاص أنت هتعملي فرح ... اقعد 

حمحم معاذ حرجا يعود الجلس مكانه ليجلس خالد أمامه يضع ساقا فوق أخري ... ينظر له للحظات طويلة يقيمه بنظراته دون أن ينطق بحرف واحد ... ارتبك معاذ من نظرات خالد الحادة ابتسم يهمش مرتبكا :
- هو في حاجة حضرتك

حرك خالد رأسه نفيا ببطئ رسم ابتسامة صفراء سخيفة صفراء علي شفتيه يتمتم مستهجنا :
- أنا قاعد مستني البيه ينطق ... أنت مش جاي تتقدم ولا جاي تشرب شاي ونعشيك وتروح 

ابتلع معاذ لعابه يتنفس بسرعة من شدة توتره ابتسم مرتبكا يحرك رأسه إيجابا سريعا يتمتم بلهفة متلعثما :
- ايوة طبعا يا باشا جاي اتقدم ... حضرتك أنا اسمي معاذ الحسيني عندي 27 سنة ... خلصت كلية طب من شهر تقريبا وعندي شقة تمليك باسمي ...والدي متوفي من زمان ووالدتي عايشة عن خيلاني برة مصر ... وبشتغل في مستشفي خاصة وبقبض منها كويس جدا يعني ... أنا تحت أمر حضرتك في اي طلب تطلبه

صمت خالد للحظات يرسم ملامح الاقتناع علي وجهه حرك رأسه يتمتم متهكما :
- كلام جميل ... كلام معقول ... ما اقدرش اقول حاجة عنه ... بس قولي الأول انت قاعد فين دلوقتي 

قطب معاذ جبينه متعجبا من ذلك السؤال الغريب حمحم ابتسم يردف :
- علي الكنبة

خرجت ضحكة عالية ساخرة من بين شفتي خالد ينظر لمعاذ نظرات استهجان باردة توقف عن الضحك لتتجهم ملامحه في لحظة يتمتم محتدا :
- طب يا لذيذ ... أنت قاعد دلوقتي في بيت خالد باشا السويسي عارف مين هو خالد باشا السويسي

حرك معاذ رأسه إيجابا سريعا ... دني خالد بجذعه العلوي يستند بمرفقيه علي فخذيه ليعود معاذ تلقائيا للخلف ... ابتسم خالد ساخرا يردف في قسوة :
- لاء مش عارف ... خالد السويسي يقدر ينفسك بإشارة واحدة من صباعه وهو قاعد ... فلو جاي تلعب تستظرف ... انفد بعمرك ... العمر مش بقذعة يا معاذ ولا ايه

ابتلع الأخير لعابه الجاف نظر لخالد يردف مرتبكا :
- هو في ايه حضرتك أنا جاي اتقدم والله ومش فاهم حضرتك بتتكلم عن ايه ... ومش فاهم بردوا حضرتك موافق ولا لاء

تنهد خالد غاضبا يرمي معاذ بنظرات نارية حارقة كاللهب نظر للاشياء الموضوعة علي الطاولة يردف متهكما :
- اومال أنت قرفنا من الساعة 6 وجايب معاك شوكولاتة وورد عشان نقعد نتساير مثلا .. صحاب احنا ... للاسف هي شايفة انها بتحبك وأنا شايف أنها ما بتشوفش اصلا ... لازم اوديها لدكتور نظر

نظر معاذ لخالد مدهوشا ذلك الرجل مختل بكل ما تعنيه الكلمة من معني ... توسعت عينيه فزعا حين رآه يقبض فجاءة علي تلابيب ملابسه يهمس له بهسيس مستعر :
- أنا لو وافقت عليك وطلعت بتلعب هدفنك حي ... أنت لسه مش عارف أنت بتتعامل مع مين

لفظه خالد من يده بعنف ليرتد الاخير للخلف ينظر لخالد مذعورا .... حرك رأسه بالإيجاب سريعا عدة مرات يتمتم بصوت خفيض متوتر للغاية :
- ااا ... ااااا .... اااا ... اكيد .. صدقني هكون عند حسن ظن حضرتك ... نقرا الفاتحة بقي !!!
_________________
علي صعيد آخر أعد عدته جيدا ... الليلة بعد الثانية عشر .... الشارع يصبح فارغا تماما لا أحد فيه ... ليس أمامه سوي الليلة ... انتظر بفارغ الصبر ... في تلك القهوة امام منزله الي أن بدأت الأقدام تختفي عن الشارع ... أعمدة الإنارة اشتعلت تنير الشارع الغارق في الظلام ... قام يتحرك بخفة متوجها الي عمارتها 
التي يعرفها جيدا ... خطوة اثنتين ثلاثة ينظر حوله هنا وهناك الي أن وصل ارتسمت ابتسامة ثعلبية خبيثة علي شفتيه يخرج المفتاح من جيب سرواله وضعه في القفل يديره بخفة وبطئ شديد إلي أن انفتح الباب ... دخل علي أطراف أصابعه ... يرد الباب ببطي لينغلق دون صوت .... نظر للصالة الصغيرة يلتف برأسه يبحث عنها لا أحد ... لا يجدها في اي مكان ... تحرك يمشي علي اطراف أصابعه الي أقرب غرفة ادار مقبضها يفتح بابها ... لترتسم ابتسامة واسعة أظهرت انيابه المدنسة ... خطي داخل الغرفة بخطي بطيئة يتحرك بخفة إلي فراشها التي تتسطح عليه اتجه ... اليه يجلس جواره ... مد يده يتحسس خصلات شعرها برفق ... رفع بعض من خصلاتها جوار أنفه يشتمها لتجفل هي من تلك الحركة فتحت عينيها فجاءة لتشخص بذعر حين رأته في غرفتها كادت أن تصرخ حين كمم فمها بيمناه ورفع سبابته الاخري امام فمه يهمس لها بصوت خفيض خبيث :
- هششششش !!!!

في غرفتها تجلس علي فراشها تكاد تتميز من الغيظ  تغرز أظافرها في قماش فستانها ترغب في تمزيقه من شدة غيظها ... أنفاسها تتسارع في الخروج ... تشد علي أسنانها بعنف تتذكر ما حدث قبل ساعات مرات وتكرارا 
Flash back
نزلت خلف والده وقفت بعيدا تراقب ما يحدث في الغرفة بأعين حمراء تشتعل غضبا والدها تفتت بكل الطرق في إهانة معاذ ... بالطبع سيفعل هو لا يريد لها زوجا سوي ابن صديقه التي تكاد تجزم أنه يحب زيدان اضعاف ما يحبها هي ... أليست هي ابنته من دمه ... لما لا يريد سعادتها .. لما فقط يريد أن ينفذ ما يرغب فيه هو فقط ... والبقية ينساقون خلف كلامه دون أدني اعتراض وكأنه حكيم القرية الذي يعرف صالح الجميع ... شدت قبضتها علي قماش الستارة جوارها ... وهي تري والدها يقبض علي تلابيب ملابس معاذ يهدده قائلا : 
 - أنا لو وافقت عليك وطلعت بتلعب هدفنك حي ... أنت لسه مش عارف أنت بتتعامل مع مين

كادت في تلك اللحظة أن تندفع لداخل الغرفة تصرخ في والدها أن ما يفعله لا يصح إطلاقا ... وأنه يجب عليه أن يحترم معاذ كما يحترمه الأخير ولكن اوقفتها جملة معاذ :
- نقرا الفاتحة بقي 

نظرت ناحية والدها تنتظر ردة فعله بفارغ الصبر لتجده يضع ساقا فوق أخري يضحك ضحكة عالية ساخرة يتمتم متوعدا :
- اقرا يا حبيبي إنت دخلت برجليك عش الدبابير ... استحمل بقي 

اشتغلت أنفاسها تنظر لوالدها ناقمة لتراه ينظر ناحيتها مباشرة نظرات ساخرة مستهجنة ... بينما رفع معاذ كفيه يقرأ الفاتحة ولم يفعل خالد ... ركزت هي عينيها علي عيني والدها ترفع كفيها أمامه تعرف أن يراها تقرأ الفاتحة .... انتهي معاذ من القراءة ... ليعاود النظر لخالد يبتسم متوترا يردف :
- احم طب حضرتك تفضل نعمل خطوبة ولا كتب كتاب وفرح علي طول ... أنا من رأيي 

قاطعه خالد رفع كفه يقبضه أمام وجه نعاذ يتمتم ساخرا :
- أنت كمان هتقول رأيك دي هزلت ؟!

عند تلك النقطة لم تحتمل ما يفعل والدها ... معاذ يجلس كمن تنهمر عليه الأعاصير في ليالي الصيف الحارة .... اندفعت تدخل الي الغرفة وقفت بالقرب من والدها تقف بشموخ تعقد ذراعيها أمام صدرها تردف محتدة :
- وفيها ايه يا بابا لما يقول رأيه مش هو العريس بردوا ولا ايه ... 

نظر معاذ للينا يعاتبها بنظراتها علي ما تفعل بينما تجهم وجه خالد غضبا تحرك من مكانه يقف أمامها مباشرة يدس يديه في جيبي سرواله ينظر لها غاضبا لترتسم ابتسامة ساخرة واسعة علي شفتيها تتمتم متهكمة :
- ايه هتضربني تاني ... اتفضل 

شد خالد علي أسنانه يحاول أن يكبح زمام غضبه لا يرغب في أن يؤذيها أولا ... ولن يرفع يده عليها أمام ذلك الشاب ثانيا ... ابتسم ابتسامة سوداء غاضبة يتمتم متوعدا :
- لميها يا بنت خالد .... مش هنتخانق قدام الأستاذ

خرجت ضحكة خافتة ساخرة من بين شفتي لينا لتقترب برأسها من والدها تبتسم تتمتم ببساطة :
- ليه ما نتخانق ... معاذ مش غريب ... كلها كام يوم ويبقي جوزي ... يعني من العيلة 

اشتعلت أنفاس خالد غضبا .... يقبض علي يده بعنف حتي لا يصفعها ... تسارعت أنفاسه ينظر له متوعدا أن تصمت وتغادر ولكنها بقيت تقف امامه تبتسم ابتسامة واسعة بريئة للغاية ... توجهت ناحية أحد المقاعد تجلس عليه تتمتم ببساطة :
 - انا مش عايزة خطوبة ... ممكن نعمل كتب كتاب في حفلة بسيطة .... seriously ذكرياتي مع الأفراح مش لذيذة

حمحم معاذ متوترا ... نظر ناحية لينا يبتسم ابتسامة صغيرة دافئة ... ليعاود النظر لخالد الذي يقف يرميهم بنظرات نارية قاتلة ... حمحم مرة اخري يبتلع لعابه الجاف يتمتم مرتبكا :
- اللي خالد باشا يشوفه ... ايه رأي حضرتك يا باشا 

نظر خالد لابنته تلك الصغيرة تحتاج لإعادة تأذيب وصدقا هو لن يفعل ذلك ... سيترك الأيام هي من تأدبها جيدا .... رغم ما تفعل هي ابنته اولا واخرا .... جميع المعلومات التي جمعها تثبت أن ذلك الشخص الجالس أمامه ذو صفحة بيضاء نقية ... صادق في كل حرف قاله عن حياته ... 
مر أمامه في تلك اللحظة صورة زيدان ... زواج لينا سيكون الضربة القاضية له ... وبقائه جواره لم يكن سوي عذاب له .... وتلك الصغيرة لو فقط أعطت لحياتهم فرصة لما كانوا هنا الآن ... يعرف أن جل ما تفعل ينبع من شعورها البشع بالألم .. تبحث عن اي مسكن كان ليسكت صوت الألم داخله .... ولكنه يخشي عليها أن يكن للمسكن أضرار قادمة ستؤذيها أكثر مما تظن 

عاود النظر لذلك الشاب الجالس أمامه ليشير الي باب المنزل ابتسم ابتسامة باردة يتمتم :
- نورتنا يا دكتور ... ردي هيوصلك قريب ...

أصفر وجه معاذ حرجا .... بينما اشتعل وجه لينا غضبا ... والدها يطرد معاذ بطريقة مهينة قام معاذ من مكانه يبتسم متوترا حرك رأسه إيجابا سريعا التفت ناحيتها برأسه يتمتم مبتسما :
- سلام يا لينا 

عاود النظر لخالد ليتمتم بصوت خفيض محرج :
- في انتظارك رد حضرتك 

تحرك لباب المنزل بخطي سريعة خرج يفر بذاته يغلق الباب خلفه في تلك اللحظة انطلقت عاصفة هوجاء اندفعت لينا ناحية والدها تصيح  غاضبة :
- ايه اللي حضرتك عملته مع معاذ دا ... نازل بالترنج ... وبتكلمه بمنتهي الغطرسة وكل كلمة فيها ألف تهديد وتهديد .... وطردته بمنتهي الإهانة ... دا لو زيدان كان زمانك شيلته من فوق الأرض فراشناله الأرض ورد عشان خاطر عيون زيدان باشا مش كدة ... 

ارتسمت ابتسامة جافة علي شفتي خالد دس يديه في جيبي سرواله يتمتم ساخرا :
- كل واحد ومقامه بقي ومعاذ بتاعك دا مالوش مقام عندي 

قال ما قال وتركها تقف مكانها تشتعل غضبا ... توجه هو الي منزل البيت الضحم قبل أن يضع قدمه علي اولي الدرجات وجدها تندفع وقفت أمامه تنظر له للحظات تتنفس بعنف لتصرخ بشراسة :
- مالوش مقام عندك ... بس ليه عندي ... كفاية بعد كل اللي عملتوه فيه ... لسه واقف جنبي بيساندني ....عايزني بس سعيدة انما انتوا لاء ... انتوا عايزني مبسوطة من وجهه نظركوا انتوا ... انتي شايف اني المفروض هكون سعيدة مع زيدان ... انما أنا فعلا سعيدة ولا لاء مش مهم ... بتعذب ولا لاء .... المهم أن هو هيبقي سعيد ... مرتاح ... وبنتك تتعذب تموت تولع مش فارقة معاك 

أخرجت كل ما في جعبتها لتقف أمامه تتنفس بعنف تغشي عينيها الدموع ... حمرة قانية تلهب وجهها الغاضب .... ونظراته هو لم تتغير فقط رفع كف يده يربت علي وجهها برفق يتمتم بخفوت حزين :
- كل دا كنتي تقدري بإيدك تغيريه لو اديتي لحياتك فرصة تانية ... بس انتي اخترتي أصعب طريق عليكي قبل ما يكون عليه ... ربنا يعينك علي نفسك ... تصبحي علي خير

قالها ليتحرك ويتوجه الي أعلي ... وقفت هي تنظر في أثره لحظات وبدأت دموعها تنهمر رغما عنها ... امسكت طرفي فستانها تهرع سريعا إلي غرفتها .. تلوذ بها كما اعتادت

Back
اجفلت من شرودها الطويل الحزين علي صوت رنين هاتفها نظرت للهاتف الملقي لتجد رقم معاذ يضئ الشاشة ... مدت يدها الي الهاتف اغلقته ... تلقيه بعيدا ... وضعت رأسها علي الوسادة تغمض عينيها رغما عنها في تلك اللحظة لا ترغب سوي في النوم 
___________________
علي صعيد آخر في غرفة خالد ولينا .... يجلس علي فراشه يعقد ذراعيه خلف صدره ينظر لها وهي نائمة قلقا عليها ... حين صعد إلي غرفتها رآها نائمة تضم ركبيتها لصدرها آثار دموه تغرق وجهها .. تري ما حدث لتصبح بتلك الحالة ... 
تنهد قلقا خائفا عليها ... ليجذبها لصدره يحاوطها بذراعه ... يمسح علي شعرها بخفة ... لحظات وتوسعت عينيه فزعا حين وجد جسدها يرتجف بعنف تدفن رأسها في صدره تصرخ بعنف .... صرخات ذبيحة مقهورة مكتومة داخل صدره ... جسدها يرتجف يتشنج بشكل مخيف ...انتفض يحتضن جسدها يصيح فزعة مذعورا :
- لينا مالك يا لينا ... لينا فوقي يا حبيبتي ... فوقي يا لينا 

فتحت عينيها فجاءة تنظر له عينيها حمراء دموعها تنهمر بلا توقف ... نظراتها ذبيحة معذبة ... لا يعرف ما بها ولكن قلبه ينخلع خوفا علي حالها .... ضمها لصدره سريعا يخبئها بين أحضانه يسألها مذعورا :
- في ايه يا حبيبتي مالك ... لينا ما توجعيش قلبي عليكي ... مالك يا حبيبتي ... 

كابوس .... همست بها بصوت مرتجف بالكاد خرج من بين شفتيها ليبعدها عنه قليلا مسح علي رأسها تنهد يتمتم :
- حرام عليكي وقعتي قلبي ... خدي طيب اشربي

مد يده يجذب كوب الماء المجاور لهم يضعه أمام فمها التفت بعينيها ناحيته نظرة خاطفة معذبة لتشعر بالمياه تبلل شفتيها ارتشفت القليل فقط القليل لتبعد الكوب عن فمها ... تنظر في نقطة بعيدة في الفراغ ... سماء عينيها تكدرت حزنا ... بالكاد تمنع دموعها من الا تهبط .. اجفلت علي يده حين امتدت أسفل ذقنها يحرك رأسها ناحيته يبتسم قلقا :
- مالك يا لينا ... أنا قلقان عليكي ... فيكي ايه يا حبيبتي

حركت رأسها بالنفي رفعت يديها تمسح وجهها بعنف خاصة عينيها تمحي منها إثر الدموع .. حمحم تجلي صوتها المختنق تهمس بخفوت شارد :
- ما فيش ... عملت ايه مع معاذ

تنهد يآسا يقص عليها سريعا ما حدث وما فعلت ابنتهم ... فكان ردها آخر رد توقع أن يسمعه ... حين اخفضت رأسها تشيحها بعيدا عنه تغمغم مختنقة :
- سيبها تعمل اللي هي عايزاه ... مش دايما الحب بجنون بيبقي هو الصح ... ما تعذبهاش زيي

توسعت عينيها في فزع مما قالت انتفض يمسك بذراعيها يسألها جزعا :
- تتعذب زيك ؟!! ... أنا بعذبك يا لينا ... في ايه يا لينا ... مالك ... طلعت لقيتك نايمة وكان شكلك بتعيطي ... وصاحية بتصرخي ... ودلوقتي بتقولي ما تعذبيهاش زيي ... أنا زعلتك في حاجة 

رفعت وجهها تنظر لقسمات وجهه المتوترة القلقة .... لترتسم ابتسامة معذبة علي شفتيها حركت رأسها نفيا تتمتم بخفوت :
- فاكر زمان مامتك كانت بتتخانق معاك قد إيه عشان تتجوز ... وتخلف ولد يشيل اسمك

عقد جبينه متعجبا ماذا بها الليلة حرك رأسه إيجابا يسألها متعجبا :
- ايوة فاكر ... وأنتي عارفة اني رفضت وانها مقطعاني ورافضة تيجي تعيش معايا بسبب الموضوع دا .... بس انتي ايه اللي فكرك دلوقتي

رسمت ابتسامة صغيرة علي شفتيها تسأله ببساطة :
- ليه رفضت تتجوز ... تخلف ولد يشيل اسمك ... يقولك يا بابا 

حسنا لينا جُنت ... او ربما حدث شيئا هو لا يعرفه وهو حقا قلق من ذلك تنهد يزفر أنفاسه القلقة يتمتم متعجبا :
- اتجوز !! .. اخلف !! انتي بتتكلمي مالك يا لينا ... انتي فاكرة أنه يفرق معايا انه يكون عندي ولد يشيل اسمك ولا لاء ... طالما أنه مش منك ... وبعدين ما لينا شايلة اسمي ... هي صحيح بنت كلب مطلعة عين أهلي بس كفاية أنها بنتك ... يخليني ابلعلها الزلط ... الموضوع مش موضوع طفل يشيل اسمي ... دي روح ترفض حتي انها تبعد عنك 

انهمرت دموعها تنظر له .... نظرات تملئها الحسرة والألم .... يد من نار تعتصر قلبها ... اقترب مرة اخري يخبئها في صدره يسألها جزعا :
- مالك يا حبيبتي ... لينا ما تعمليش فيا كدة ... 
حالتك دي بتقتلني ... اتكلمي ... اصرخي ... قوليلي أنا مزعلك في إيه ... عشان خاطري ما تعمليش كدة 

اغمضت عينيها للحظات تحاول إستعادة رباطة جأشها الممزقة ... بصوت خفيض مختنق همست له :
- أنا حلمت أنك اتجوزت عليا تالا مرات عمر عشان كدة كنت اتفزعت 

ابعدها عنه برفق يضحك عاليا مد يده يمسح دموعها يغمغم في مرح :
- صحيح من حفر حفرة لأخيه وقع فيها ... يعني أنا اقول كدة عشان اغيظ عمر ... اقع أنا فيها في الآخر ... تالا زيها زي ياسمين يا لينا عمري في يوم ما بصلتها بصة وحشة ولا عمري هعمل كدة دي مرات اخويا .... شرفي زي ما هي شرفه 

رسمت ابتسامة زائفة باهتة علي شفتيها تحرك رأسها إيجابا .... رفعت وجهها تنظر لعينيه ... ملك الخداع ... دايما ما يخدعها وهي دائما نا تنخدع ببساطة ... رسمت الجدية علي قسماته تسأله :
- هتعمل ايه مع لينا ومعاذ

اتكئ علي الفراش يجذبها لتتوسد صدره شعر بجسدها يرتجف رجفة غريبة لم يعهدها ... وضع رأسها علي صدره يمسح علي خصلات شعرها تنهد يهمس لها :
- انتي عيزاني اعمل إيه ... وأنا اعمله

ابتسمت ساخرة حقا يسألها منذ متي وهو لا ينفذ ما  في رأسه هو دون أن يستشير اي من كان ... كهرباء مؤلمة ترجف جسدها ... ترغب في دفعه بعيدا .... تمتمت بصوت خفيض مختنق :
- شوف لينا عايزة ايه ... خد رأيها المرة دي ... مش يمكن هي صح ... أنا صحيح بحب زيدان دا ابني أنا اللي مربياه ... بس وجودهم جنب بعض بيعذبهم هما الإتنين ... عشان كدة بقولك شوفها هي عايزة ايه 

تنهد حائرا يحرك رأسه إيجابا ... ربما لينا محقة ... وابنته ايضا محقة وهو المخطئ الوحيد هنا 
________________
توسعت عينيها في هلع تنظر له مذعورة جسدها يرتجف كأن كهرباء عنيفة ضربته ... ابتسامته المخيفة قربه الزائد عن اي حد ... يده التي تكمم فمها تنذرها بالاسوء بمشهد لم تنساه يوما ... يوم اغتال ذئب مشابه برائتها بلا رحمة ... تركها جثة هامدة تعاني العذاب الوانا ... عذاب نبذ المجتمع لفتاة مغتصبة .... عذاب كلمات الناس السامة التي تنهشها بلا رحمة ... عذاب الخوف من القادم ... عذاب الوحدة ... جلد الذات ... الاشمئزاز من ذاتها لذنب لا ذنب لها فيه ... تلوت بجسدها بعنف لن تسمح لجريمة اخري أن تحدث في حقها يكفي ما لاقت ... بينما ذلك الدنئ لم يكن سوي يبتسم ابتسامة واسعة شيطانية مخيفة يده اليسري تكمم فمها ... ويده اليمني تضم رسغيها في قبضته تمنعها من الحركة ... مال ناحيتها برأسه يهمس جوار اذنها بخبث :
- أنتي ليه محسساني أن أنا جاي اغتصبك يا روحية ... انتي مش عذراء يا ماما ... عشان تخافي علي نفسك اوي كدة ... اوعدك اني ما اقولش لحد ...لا من شاف ولا من دري يا رورو

حركت رأسها نفيا بعنف تغرق دموعها كف يده تتلوس بجسدها بقوة تترجاه بنظراتها أن يبتعد عنها .... ترك رسغيها وبدا يحاول بيمناه تمزيق ثيابها وهي تحاول بإستماته دفعه بعيدا عنها ... رفع وجهه ينظر لها غاضبا ليهوي بكفه علي وجهها بعنف يهمس لها محتدا :
- ما تهمدي بقي ... انت هتعمليلي فيها شريفة ...

في تلك اللحظة تحديدا انطلق صوت صراخ عالي ... صوت يعرف صاحبته جيدا ... جدته ؟!! صوتها يصدح كناقوس خطر يدق في جوف الليل يوقظ الجميع :
- يالهوووووووي يالهوووووي يالهووووووي الحقوني يا نااااااس يا أهل الحارة يا رجالة الحتة .... ابن ابني اللي اويته في بيتي جاي يعتدي علي البت الغلبانة ... ضربني ... ودخل عايز يغتصبها 

توسعت عيني مراد في صدمة وهو يري جدته تقف داخل شقة روحية التي اغلق بابها بالمفتاح ترتدي جلباب منزلي ... تفتح باب الشقة علي مصرعيه تصرخ بصوت عالي جهوري ... انتفض هو بعيدا عن روحية ينظر لجدته بذعر ... ما هي الا لحظات واندفع رجال المنطقة لداخل شقة روحية ... لتصيح جدته ما أن رأتهم :
- الحقوني يا رجالة ... أنا كنت بايتة مع البت الغلبانة ... يا عيني كانت تعبانة وبتفرفى من السخونية ... لقيت البيه جاي ضربني وطردني من الأوضة وعايز يعتدي عليها ... صوت هو صحيح ابن ابني بس البت غلبانة ومكسورة الجناح

انهت كلامها لتهرول الي غرفة روحية توجهت الي فراشها جذبتها تخبئها في أحضانها تربت علي رأسها برفق تنظر لمراد نظرات متوعدة متشفية :
- بس يا قلب أمك بس ... أنتي تعبانة اصلا ... منه لله ابن الحرام

ومراد يقف كثمثال منحوت من صخر ... ينظر لجدته مذهولا في تلك اللحظة اندفع ثلاثة رجال ضخام الجثة ناحيته يجذبونه من الغرفة ... يتناوبون علي ضربه كل منهم يسبه بأبشع الألفاظ :
- بقي يا كلب ... يا .... يا ... يا ... جاي تعتدي علي البت الغلبانة

بات الرؤية أمامه مشوشة حرفيا ايدي الرجال التي تتكالب علي جسده بالضرب لم تعطيه حتي فرصة الدفاع عن نفسه ...في الصالة ملقي أرضا ... يشعر بجسده مهشم من عنف ما يلاقي ... يلمح ببصره المشوش جدته وهي تنظر له مشفقة للحظات لتعاود نظراتها إلي الجمود والحزم لحظات اخري ...

دفعه أحد الرجال بقدمه بعنف في بطنه ليشعر بسيل دماء يندفع من فمه ... تكور حول نفسه يكاد يبكي من الألم ... في تلك اللحظة صدح صوت جدته تصيح فيهم :
- خلاص كفاية هو خد جزاءه 

رفع وجهه قليلا فقط ينظر لجدته نظرات ضعيفة مشوشة يعاتبها بنظراته التي تصرخ ألما ... صدح صوت أحد الرجال :
- لا يا ست منيرة ما خدش جزاءه ... احنا هنوديه القسم وهما هناك هيعرفوا شغلهم معاه ... هو آه حفيدك .. بس البت الغلبانة دي مالهاش غيرنا يجيبلها حقها 

صدح شهقة قوية من منيرة لتضرب بيدها علي صدرها تصيح سريعا بفزع :
- ونتشحطط البنت الغلبانة في الأقسام ... نفضحها بين الظباط والمخبرين مش كفاية اللي هي فيه ... لاء يا عم عبده لاء ... اللي غلط لازم يتحاسب آه ... بس مش كدة

صدح صوت ذلك الرجل الضخم صاحب البطن الممتلئ والشعر الخفيف صاحب محل الاقفال والمفاتيح :
- خلاص يبقي يتجوزها يا ست منيرة

ارتسمت ابتسامة منتصرة علي شفتي منيرة سرعان ما اخفتها سريعا توسعت عينيها تتمتم مدهوشة :
- يتجوزها ... وماله ما يتجوزهاش ليه ... هي روحية تتعايب دي ست البنات كلهم

توسعت عيني مراد المكدومة في فزع .. يتزوج من ... جاهد في إخراج صوته يصيح معترضا :
- لاء طبعا ... اتجوز مين ... اااه
صرخ من الألم حين دفعه ذلك الرجل الضخم بقدمه في ظهره بعنف بصق عليه يصيح فيه بغلظة :
- أخرس ياض ... دا أنت تحمد ربنا ... دا عشان خاطر عيون الست منيرة بس 

ابتسمت منيرة ابتسامة صغيرة تتمتم ممتنة :
- تعيش يا عم عبدة والله ... أنا هفضل مع روحية ....اهديها يا عيني البت مفتورة من العياط 

انحني عبده يقبض علي ملابس مراد يرفعه من الأرض يتمتم بغلظة :
- وأنا هاخد البيه ارميه ... هيفضل عندي الليلة ... والصبح يا يتجوزها ... يا يتزف في الحارة ويترمي في السجن 

نظرت روحية لمراد بتعاطف زائف تخفي خلفه ابتسامة واسعة سعيدة .... علي ذلك الأحمق الذي يحركه الشيطان كلعبة أن يتعلم الدرس .. عادت تنظر لعبده تقول بنبرة خافتة حزينة :
- حقك يا اخويا 

نظر عبدة للرجال معه يهتف بصوته الاجش الغليظ :
- يلا يا رجالة ... فضيناها خلاص ... ما ينفعش الوقفة دي في انصاص الليالي ... عن إذنك يا ست منيرة 

تحرك الرجال للرجال وعبده يجر مراد خلفه الذي ينظر لجدته يتوسلها بنظراته ... اغلقت منيرة الباب خلفهم توصده بالمفتاح ... وقفت خلف الباب المغلق ابتسمت تتمتم ساخرة:
- فاكر نفسه ناصح ابن وحيد ... اهو خد علقة ما خدهاش حرامي في مولد .. بس والله صعب عليا ...بس احسن يستاهل عيل قذر 

تنهدت حزينة حين تناهي الي اسماعها صوت بكاء عنيف لتلك المسكينة من داخل الغرفة لتتوجه إليها سريعا ... تحاول إقناعها بما خططت 
_______________
مع شروق شمس اليوم التالي كان يقف بسيارته امام عمارة سكنية ليست بكبيرة ....استأجر فيها شقة صغيرة في الطابق الثالث ... نصحه أحد زملائه بها ... المكان هناك هادئ ...  ... بها 
نزل من سيارته يحمل حقيبته من صندوق السيارة توجه ناحية العمارة ... اوقفه الحارس ليريه بطاقته الشخصية ...  ليفسح له دخل ...شقته في الطابق الثالث .. الطابق الثالث يحتوي علي شقتين ... واحدة كبيرة لا يعرف من يسكنها ...واخري صغيرة تكفي لأعذب مثله ... صعد الي الطابق الثالث ... توجه إلي الشقة الاقرب جذب مفتاحه يضعه في قفل الباب ... يحاول فتحه .. لم يُفتح ... ربما تلك ليست شقته جذب المفتاح من قفل الباب في نفس اللحظة التي انفتح فيها الباب فجاءة بعنف ورأي فوهة مسدس تتوجه الي رأسه مباشرة .... نظرات خاوية نظر بها الي من يحمل المسدس ... ليجده شاب تقريبا في أواخر العشرينات يقبض علي المسدس ينظر له غاضبا نظرات حادة قاتلة .. ليهتف فيه :
- أنت مين وبتحاول تفتح شقتي ليه 

ابتعد زيدان للخلف يرميه بنظرات خاوية تنهد يتمتم في خواء :
- أنا اتغلبطت في الشقة عن إذنك ... 

قالها ليتحرك متوجها الي الباب الآخر وضع المفتاح في قفل الباب ... انفتح في لحظات ... ما كاد يدخل وجد يد تقبض علي كتفه وصوت ذلك الشاب الأسمر يهتف محتدا :
- استني هنا أنت رايح فين 

تنهد زيدان غاضبا هو حقا به ما يكفي ويزيد في اللحظة التالية كان يجذب سلاحه من غمده يشهره أمام وجه الشاب يصيح فيه غاضبا :
- بقولك ايه أنا روحي في مناخيري اصلا ... أنا المقدم زيدان الحديدي ... أبعد بقي وارمي اللعبة اللي في ايدك دي لتعورك

جل ما حدث أن ذلك الشاب ابتسم واخفض سلاحه مد يده يصافح زيدان يتمتم باحترام :
- زيدان باشا معاك الرائد باسل مهاب نور الدين ... نورت الغردقة يا افندم 

تنهد زيدان متعبا يعيد سلاحه لمكانه ابتسم شبح ابتسامة مجهدة يحرك رأسه إيجابا  يتمتم :
- اهلا وسهلا ... منورة بأهلها .... عن إذنك

أراد سحب يده من يد ذلك الشاب الواقف امامه .... ليشدد باسل علي يده ضحك يقول محرجا :
- اتمني أن حضرتك ما تكونش زعلت من الموقف اللي حصل ... بردوا يعني إنت لو مكاني كنت هتعمل كدة ولا ايه 

زفر زيدان أنفاسه المجهدة يرغب في بعض النوم ... رسم ابتسامة مجاملة علي شفتيه يتمتم :
- لا ابدا ما فيش حاجة حصلت عن إذنك

حاول جذب يده مرة أخري ليترك باسل كفه يمسك برسغ يده يتمتم مبتسما في إصرار :
- إذنك ايه بس ... أنت أكيد جاي من سفر طويل ... والله لازم تفطر معانا ... 

شد زيدان علي أسنانه غاضبا كم يرغب في لكم ذلك الفتي والفرار الي شقته التي لم يراها بعد ... دخل خلف باسل الي شقة الأخير ... كان يظنه هو الآخر مثله ولكن المنزل المرتب ذو الرائحة العطرة ... خاصة رائحة الطعام التي تبعث أعملته أنه بالطبع يوجد سيدة بالبيت .... اصطحبه باسل الي احد المقاعد في غرفة الصالون يجلس أمامه يقول مبتسما :
- نورتنا والله يا زيدان يا باشا 

علا بصوته قليلا :
- مني حضري الفطار 

عاد ينظر لزيدان يتمتم مبتسما :
- ممكن أوراق النقل بتاعت حضرتك 

رفع زيدان حاجبه الأيسر مستهجنا ما يقول ... ليحمحم باسل بحرج يردف :
- أنا قصدي يعني عشان اعرف حضرتك اتنقلت انهي اقسم ... اقول لحضرتك علي مكانه بدل ما تفضل تدور

تنهد زيدان متعبا يخرج الاوراق من جيب سترته يعطيها لباسل الذي فتحها سريعا .. ارتسمت ابتسامة واسعة علي شفتي الأخير رفع وجهه لزيدان يردف :
- يا محاسن الصدف ... حضرتك في نفس القسم اللي أنا فيه ... يعني احنا بقينا زملا ... وجيران في نفس الوقت 

ابتسم زيدان بإرهاق يحرك رأسه إيجابا أخذ منه الأوراق ليهب واقفا يتمتم بخمول ناعس :
- بما اننا بقينا زملا وجيران يبقي أكيد هنتقابل كتير فمالوش داعي للفطار دلوقتي ... ... أنا تعبان ومحتاج أنام ... عن إذنك 

قالها ليغادر منزل باسل يجذب الباب خلفه ... في تلك اللحظات خرجت فتاة شابة في منتصف العشرينات ... ملامحها هادئة نقية .. تلف حجابها ترتدي جلباب بيتي واسع .. قطبت جبينها متعجبة حين رأت باسل يجلس بمفرده لتسأله :
- أنت مش كنت بتكلم حد دلوقتي وقولتلي حضريلي الفطار

ابتسم باسل مشاكسا ....ليتحرك ناحيتها وقف أمامها يتمتم مبتسما :
- معلش يا ستي خليها غدا عشان ضيفنا تعبان وعايز ينام دلوقتي ... 

مدت يدها تفك حجاب رأسها تنفض شعرها الاسود القصير تتمتم مبتسمة :
- طب كويس أنا كدة كدة كنت هظبط غدا النهاردة عشان انجيليكا جاية تزورني ... بس صحيح مين ضيفنا دا 

طوقها بذراعيه يلاعب حاجبيه مشاكسا يقول مبتسما :
- المقدم زيدان الحديدي زميلي في الشغل وجارنا ...بس الصاروخ الاوربي جايلنا النهاردة ... 

احتقنت عيني مني غضبا لتكور قبضتها تصدمه علي صدره بعنف تتمتم حانقة :
- اتلم يا باسل والا والله هقول لزميلك الجديد وجارنا علي الصدف المقصودة ؟!!!
_________________
في منزل عثمان الصياد ... فتح عينيه صباحا يبحث عنها ... ليجد الفراش جواره فارغ قطب جبينه متعجبا أين ذهبت منذ الصباح الباكر ... شد جسده ينتصف في جلسته بصعوبة يصيح باسمها :
سارين ... سارين .... انتي فين يا سارين

قطب جبينه متألما لا يعلم لما ولكنه يشعر بصداع يشع يكاد يفتت رأسه ... وضع يده علي جبهته يمسدها برفق يتأوه بقوة يصدح بصوته ينادي عليها :
- ساااااارين 

فتح عينيها ينظر حوله ليلمح بطرف عينيه شيئا لم تره عينيه في البداية ورقة صغيرة مطوية ... موضوعة علي وسادة سارين ؟!!!

تعليقات



×
insticator.com, 6ed3a427-c6ec-49ed-82fe-d1fadce79a7b, DIRECT, b3511ffcafb23a32 sharethrough.com, Q9IzHdvp, DIRECT, d53b998a7bd4ecd2 pubmatic.com, 95054, DIRECT, 5d62403b186f2ace rubiconproject.com, 17062, RESELLER, 0bfd66d529a55807 risecodes.com, 6124caed9c7adb0001c028d8, DIRECT openx.com, 558230700, RESELLER, 6a698e2ec38604c6 pmc.com, 1242710, DIRECT, 8dd52f825890bb44 rubiconproject.com, 10278, RESELLER, 0bfd66d529a55807 video.unrulymedia.com, 136898039, RESELLER lijit.com, 257618, RESELLER, fafdf38b16bf6b2b appnexus.com, 3695, RESELLER, f5ab79cb980f11d1