رواية خلف الندامة الفصل الرابع بقلم حنين ابراهيم
بعد ايام كانت صابرة تجهز الأكل للعمال القائمين على بناء المنزل كانت تقف طوال اليوم في المطبخ و سلفاتها يدخلن فقط للاكل و يخرجن بعد ان نبهت عليهم شفيقة ان لا يساعدنها
اما خليل فكان يعمل مع العمال ليل نهار في حمل حجر البناء و الاعمال الاخرى فهذا ما كان يفعله لكسب قوته و الان يبني بيته بيده رغم الأصابة التي في رجله التي تعرض لها منذ سنوات و مازلت تجعله يعرج لكن عندما يتذكر أنه يبني البيت الذي سيجعله يستقر وزوجته أخيرا و يعيشا حياة هادئة ينسى كل تعب ويعود للعمل بجد للانتهاء بسرعة
لينة كانت تحاول تجنب المشاكل مع جدتها في تلك الفترة حتى لاتعود و تنقلب على والدتها و اما أمل و دعاء و ليال كانو أكبر منها كانو غالبا في الجامعة ويبتن في السكن لذلك احتكاكهن بهم قليل رغم انهم حتى بوجودهن لم يتصرفن بطيش مثلها
عاد خليل إلى البيت متعب بعد يوم عمل شاق وصعد لغرفته لحقته زوجته بدلو الماء التي سخنته ليستحم به واخرجت له ملابس نظيفة
لينة كانت تكتب دروسها عندما راتهما ابتسمت تلقائيا اخيرا هنطلع من البيت ده و نعيش حياة هادية
دخلت عليها زكية لتجدها شاردة: ايه سرحتي في ايه؟
لينة انتبهت لها: هاه لا ولا حاجة بس مبسوطة عشان البيت هادي اليومين دول و الكل مرتاح و مبسوط
زكية بابتسامة: عندك حق ربنا يكمل فرحتنا على خير
لينة شعرت بنغزة في قلبها لكنها حاولت مسح الذكريات السيئة من رأسها و حتى زكية كانت تدعو ان يخيب ظنها لانها تشعر ان هذا الهدوء وراءه شيء سيء
زكية حاولت تغيير الموضوع: هي جدتك زهرة عاملة ايه؟
كانت لينة تكتب في كراسها عندما سمعت سؤال عمتها تجمدت يدها في مكانها وهي تتذكر أخر زيارة لها منذ سنة
عندما جاءت زهرة بأكياس و خيرات وهي سعيدة سلمت عليها هي وباقي البنات و جلسو معها سعداء بزيارتها إلى ان دخلت شفيقة تنظر لهم بقرف كعادتها لكن زهرة لم تنتبه لنظراتها وهي تنهض وتسلم عليها شفيقة نظرت للاكياس الذي احضرتها: ايه دول
زهرة بابتسامة ود: دول شوية خوخ من محصول السنة دي و كمان
أخرجت علبة زجاجية تريها لها: ده عسل نحل من المنحلة الي عندنا
شفيقة بشك: ده ليا؟
زهرة حتى لا تحرجها: اه ليك و ابقي ادي لصابرة شوية منه
شفيقة بامتعاظ: مش كفاية إبني؟
زهرة لم تفهم سؤالها لكن صابرة كانت تضع يدها على قلبها وتدعو أن لا توضح كلامها لوالدتها
زهرة بطيبة: الحمد لله الخير كتير السنة دي و ابوها بعتلها نصيبها من لمحصول ليها ولجوزها و قالي أوصل سلامي ليك كمان و اديك ده انتي عارفة فوايد عسل النحل
بعد بعض الوقت غادرت و شفيقة استلمت صابرة بالسب و الصراخ: اه يا ولاد... مكفاكمش ابني عايزيني انا كمان احصله؟ عايزين تغمو عنيا عشان امشي تحت طوعك
صابرة بقهر:
يا ماما حرام عليك كل شوية تتهمي فيا زور أنا و ماما ملناش في الحاجات دي إحنا نعرف ربنا كويس و نخاف منه عمرنا ما نعمل الي إنت بتقولي عليه
شفيقة: حرمت عليك عيشتك، امال عايزاني أسمي الي هي جايباه ده إيه؟
صابرة وقد طفح كيلها: مهي قالتلك ده حقي من محصول السنة دي وعموما لو مش مصدقة
أخذت علبة العسل وفتحتها بعنف وهي تاكل منها: اهو أهو يا حماتي لو كانت حاطة فيه حاجة وحشة انا الي هتبلي بيها إرتاحتي كده، إرحميني بقا حرام عليك كفاية العذاب الي إنت معيشاني فيه طول السنين دي
شفيقة بزمجرة: و إيه الي جابرك على العذاب يا ختي أنا قولتلك تغوري من هنا و تسيبينا فحالنا
في تلك اللحظة دخل خليل: إيه الي بيحصل هنا ده صوتكم جايب أخر الشارع
لتجلس شفيقة على اقرب أريكة وهي تبكي وتولول: تعال شوف مراتك و امها الدجالة يا إبني جايبينلي صرة فيها سحر و عايزين يضحكو عليا بيها فاكريني غشيمة و مش هتفطن لهم
خليل بملل: يا امي سحر ايه بس الله يهديك إنت لسا مش عايزة تبطلي الموال ده؟
شفيقة: ايوة سحر حتى بالأمارة شوف علبة العسل دي كانت جيباها ليا بس لما شافت إني عرفت خطتها قامت أكلتها عشان تخبي عملتها وحتى بناتك شاهدين إسألهم كانت جايباها لمين
نظر لهن ليحكو له كل الذي حدث بالتفصيل
صابرة تركتهم وصعدت لغرفتها بغضب ولملمت ملابسها لم تنظر اي حل من زوجها فهو كلما يستطيعه فعله هو ان يطلب منها ان تذهب لعائلتها بضعة أيام حتى تهدا الأوضاع
وهذا ما فعله عندما لحقها ولكن هذه المرة قال لها أنه سيجد حلا عما قريب
نادت على بناتها لتأخذهم معها نظرت لهن شفيقة بتحدي الي هتروح معاها متعتبش البيت ده تاني
لم تهتم لكلامها لحقنها جميعا ما عدا أمل رغم نظرات الصدمة على وجوه اخواتها
شفيقة بفرحة: اهو كده تبقي بنت ابني بصحيح
صدم اهل صابرة عندما وجدوها عندهم بالحقائب لتحكي لهم باختصار انه يوجد مشاكل بينها و بين حماتها
بعد ايام ذهبت أمل لزيارة والدتها استقبلتها اخواتها باللوم و العتاب
أمل بتبرير: طب يا غبية منك ليها لما انا و انتي وكلنا نطلع من البيت هنعرف إزاي هما بيخططو لايه
لينة بسخرية: طب وعرفتي ايه يا عبقرية زمانك
أمل: بصو يا بنات هي من ساعة ما أمي راحت و تيتا بتعامل ابويا باللين تقريبا كده بتحاول تلين دماغه عشان لما تطلب منه حاجة بعد كده
دخل الشك في قلب صابرة ما اللذي تخطط له حماتها يا ترى
أمل قامت بسرعة: استأذنكم انا بقى عشان انا قولت لتيتا اني هشتري عباية و خمارات قبل ما يبدأ الموسم الدراسي
ليال: جبتي فلوسهم منين مش بابا كان بيقولك اصبري يلم فلوس نشتري مع بعض؟
أمل وهي تخرج نقودا من حقيبتها: الله يباركلها جدتك ادتني فلوس و قالتلي شبرقي نفسك يابت ولدي
نظرت البنات لبعض وهن يلكن شفاههن يمين و يسار بحركة شعبية
بعد ايام جاء خليل ليأخذ زوجته
قابله والدها الذي أخبره ان يأخذ بناته لأنهم ليسو مطالبين بتحمل مسؤليتهن لكن ابنتهم ستبقى ولن تعد للبيت الذي ذلت فيه و ان كان يريدها يجد لها بيت خارجا
ولان خليل لم يكن له مقدرة على بيت مستقل اخذ بناته وغادر
عادت البنات لبيت جدتهم و المعاملة كانت اسوء بعد ان وقفن في صف والدتهن ما عدا امل التي كانت تدعوها بابنة إبني الغالية وتميزها في المعاملة و تعطيها المال احيانا
كان قلب صابرة يتقطع على تشتت عائلتها خاصة عندما تأتي بناتها و تشتكي المعاملة لكن ما جعلها تتراجع عن موقفها و تعود عندما اخبرتها أحد الجيران أن شفيقة تدور في البيوت و تبحث عن زوجة لخليل لتحمل حقائبها و تقرر العودة
والد صابرة بغضب: خلي بالك يا صابرة انتي لو كسرتي كلامي ورجعتي اوعي ترجعي في يوم و تشتكي أنا مش هيبقى ليا عين اقف لهم و اجيب حقك و انت رايحاهم برجلك من غير رضايا
صابرة بجمود: أنا صبرت سنين يا ابويا مش بعد كل ده اخلي بناتي لوحدهم و انا عارفة انهم مش بيطيقوهم ولا اخليه يتجوز عليا و انا اقعد هنا زي البيت الوقف
تركها والدها بعدم رضا وغادر و أخوها لحقها يحمل عنها الحقيبة بعد ان كانت ستغادر وحدها اوصلها للبيت وضع الحقيبة و غادر دون ان يدخل فلا احد منهم كان راضي عن قرارها
فتحو لها الباب و استقبلوها بناتها بالاحضان و شفيقة نظرت لها بسخرية: ايه الي جابك مش كنا خلصنا منك
صابرة ببرود: جاية لمكاني جنب جوزي و بناتي
حملت حقبتها و صعدت و شفيقة تتافف
ومنذ ذلك اليوم أهل صابرة لم يعودو يعتبو بابهم حتى في المناسبات
زكية ايه رحتي فين
عادت لينا من ذكرياتها وهي تتذكر سؤال عمتها: تيتا كويسة و بتسلم عليك
بعد اشهر انتهى خليل من بناء البيت و صابرة جهزت حاجياتها و اثاث غرفتها رغم انه يكاد يكون متهالك لقدمه من اجل نقله
وعندما احضر خليل الشاحنة كانت تنزل به و قبل ان يخرج خليل اي شيء
وقفت شفيقة في المنتصف وقف عندك أنت فاكر اني هسيب ام البنات تتهنى بالبيت الي اتبنى في ارضي و بفلوسي؟
نظر لها الجميع باستغراب وهي تخرج النسخة الثانية من المفتاح: واد يا سعد خد مفاتيح بيتك الي هتطلعو تعيشو فيه