رواية اسرت قلبه الفصل الخامس والخمسون 55 بقلم سولييه نصار


 رواية اسرت قلبه الفصل الخامس والخمسون 

"أحبك للأبد"

ـ ماذا ؟
ـ ستظل تحبني للأبد ؟
ـ حتى تحترق النجوم وحتى ..
تفنى العوالم ..

حتى تتصادم الكواكب، وتذبل الشموس ..
وحتى ينطفئ القمر، وتجف البِحار والأنهار ..

حتى أشيخ فتتآكل ذكرياتي..
حتى يعجز لساني عن لفظ اسمك..
حتى ينبض قلبي للمرة الأخيرة ..

فقط عند ذلك ربما أتوقف
ربما ..
أحمد خالد توفيق 
سيف لمياس ...
......
-ابعد...ابعد.!!!
صرخت بفزع وهي تحاول ابعاده عنها ...بفزع ادركت انه يجثم عليها ....
رفع وجهه عنها وهو يلهث بينما يضحك واللعاب يسيل من فمه بشكل مقزز وقال:
-اخيرا يا حبيبتي ...في حضني أخيرا ...أنا عارف ان المكان مش ولا بد .
قالها وهو مشير للمنزل المهترئ...ثم أكمل :
-بس يكفي الغرض...ده أنا حتى جيبت السرير دة عشانك ...عشان ليالينا سوا...
قالها وهو يغمز لها بشكل مقزز ...كادت ان تفرغ ما في جوفها واخذت تحاول ابعاده عنها ولكن دون جدوى...
-ابعد ...ابعد يا معاذ ...
قالتها برعب وهي ما زالت تشعر بالدوار...تحاول ان تتذكر ماذا اتى بها الى هنا ولكنها لا تتذكر....الذكريات مشوشة....
-انا...أنا جيت هنا ازاي ؟!!
قالتها وهي تحاول ابعاده عنها فتفشل وهو يقبلها بتلك الطريقة المُقززة ....
-خدرتك يا حبيبتي ...بس عشان بعزك مرضتش اقتل حبيبك....شوفتي أنا حلو ازاي ...طاوعيني يالا عشان أنا هاخدك برضاكي ...او غصب عنك ....
اغمضت عينيها وهي تتذكر الآن ما حدث ...بدأت الاحداث تتعاقب بعقلها بسرعة مخيفة ....
........
كانا يمسكان كف بعضهما وهو يتسوقان بإحدى المراكز التجارية الضخمة....
-بس أنا الفستان عجبني يا سيف ...
قالتها بضيق ليجذب كفها ويقبله.؛
-بس هو ضيق شوية يا حبيبي ..وانا مش هخليكي تخرجي كده ..عشان أولا أنا هتحاسب عليكي ...بعدين أنا راجل غيور جداً ....
زفرت بضيق ليقول وهو يغمز لها ..:
-لو هتلبسهولي في البيت معنديش مانع ....
-ده فستان للخروج ازاي في البيت ...وبعدين كان واسع ..هو عشان حلو فيا انت رفضت ...
هز كتفيه وهو يقول :
-بس كان ضيق من الوسط...وبعدين أنا مش حابب أنك تطلعي بحاجة حلوة عليكي .. يا ستي قولتلك بغير عليكِ
ثم قال وهو يشير نحو عارضة زجاجية ما :
-ايه رأيك في التحفة دي ؟
نظرت حيث أشار واتسعت عينيها بإنبهار وهي ترى الفستان الرائع المعروض ..كان فستان ابيض بنصف كم منثور عليه ازهار صغيرة باللون الاحمر ...كان قصير ..لا يصل للركبة حتى...بدا فستان رائع للغاية ...مريح للعينين....
-واو الفستان حلو اووي !!
قالتها بإنبهار جعلت سيف يضحك ثم امسكت ذراعه وأكملت :
-بجد الفستان حلو ...حلو بطريقة يا سيف ...كأنه خارج من Pinterest....ده طبعا هلبسه في البيت ....
هز رأسه بتأكيد وقال:
-وقدامي.كمان ...
ابتسمت بحلاوة له وقالت؛
-يعني اجيبه هيطلع حلو عليا ...
-متأكد انه هيطلع احلى من شكله الحالي ....
ابتسمت له بسعادة وقد برقت عينيه له ...انه يحب عينيها عندما تلمع له .....عينيها كانت السبب الأول في أسره....
-طيب يالا نجيبه ...
قالتها وهي تبتسم بسعادة وهي تشد على يده ليبتسم ويقول :
-يالا....
ثم اتجه معها نحو المتجر ....
داخل المتجر ....
سارت مياس بسعادة داخل المتجر وبدون ان تهتم بنظرات البائعة المصدومة امسكت الفستان وهي تبتسم بسعادة وتجذبه نحوها .....كانت تبدو سعيدة به ....كان سيف يراقبها بإبتسامة على وجهه...نظرت إليه وقالت :
-شكله حلو مش كدة ؟!
-فعلا ....
-عاجبني اووي ....
-خلاص نشتريه يا فراشة ....
-أنتوا اخوات؟
قالتها البائعة وهي تنظر لسيف نظرات منبهرة مُعجبة ...جعلت مياس ترغب بقتلها من شدة الغيرة...اقتربت مياس من سيف وأمسكت ذراعه بتملك وهي تقول بإبتسامة صفراء ..
-لا أنا مراته يا قلبي ...عايزة حاجة ....
-لا.مش عايزة ...
قالتها البائعة بإحراج من أسلوب مياس الهجومي بينما ابتسم سيف وهو يضع كفه على ظهرها ويقول :
-يالا نحاسب عشان نمشي يا حبيبتي ....
-حاضر يا حبيبي...
قالتها وهي تنظر للبائعة بغضب .....
.....
بعد ان خرجا...
اخذ سيف يضحك وهو يمسك كفها ويقول :
-يالهووي عليكِ كنتِ هتاكليها....
-اومال عايزني اشوفها بتبصلك كده واسكت ؟ ده كويس مفعقتش عينيها ...
-أنتِ مفترية...
قالها سيف ضاحكاً بقوة لتعبس هي وتقول :
.-لو انت شوفت راجل بيبصلي بالشكل ده هتسكت...
-هقتله ...
قالها بإبتسامة وهو ينظر إليها بحب واكمل :
-عشان أنا بغير عليكي ....
ابتسمت بحلاوة له وقالت:
-وانا كمان بغير عليك .....
كانا ينظران لبعضهما بإبتسامة حب وكأن العالم توقف حولهما ارادت مياس ان تخبره انها تحبه الآن ولكنها تراجعت ارادت ان يكون اعترافها مميز ...لانه يستحق...
-عايزة اروح التويلت 
قالتها ...
هز رأسه وقال :
-ماشي روحي وانا هجيب ساندويتشات لينا هناكل هنا ونمشي ماشي ...
هزت رأسها مبتسمة ..ثم استدارت وذهبت .....
........
بعد قليل خرجت من الحمام لتتجمد فجأة وهي تراه أمامها ...معاذ ...وقبل أن تتحدث كان يرش شيئاً  على وجهها ووقتها فقدت الوعي كلياً!!!
...
عادت من شرودها وهي مصدومة ...
-انت ازاي ...ازاي خطفتني ...ازاي قدرت تطلع من المول...
ابتسم وقال:
-ليا اساليبي الخاصة يا حبيبتي .....
ثم أمسك ذراعيها وهو يثبتها على الفراش ويقول :
-اللي مش عايزة تدهوني بمزاجك ...هاخده غصب عنك....
ثم اقترب منها لتصرخ بقوة ولكن فجأة انكسر الباب ليظهر سيف ....
-سيف ...
صرخت برعب بينما نهض معاذ وهو يخرج سكينه ويشهرها نحوه...توسعت عينيها برعب وهي تقول بنبرة مرتعبة :
-سيف...
اقترب معاذ ليضربه ولكن سيف أمسك يديه بسهولة ثم بكفه الاخر لكمه بقوة حتى سقط أرضاً ..
-بتلمس مراتي يا ****...أنا هخليك تندم على اليوم اللي اتولدت فيه ....
ثم هجم عليه وهو يضربه بعنف ...دون اي رحمة وكأن سيف اللطيف قد اختفى تماماً...
بعد قليل ...
نهض عنه وقد فقد وعيه...ضربه بساقه في بطنه بإشمئزاز وهو يردد :
-مختل فعلاً....
ثم اتجه الى زوجته الباكية وضمها إليه بإشتياق وهو يقبل رأسها ويقول :
-حبيبتي...خلاص اهدي ...الحمدلله خلصنا منه ...البوليس هيجي دلوقتي ...برافو عليكي أنك فضلتي مشغلة النت على تليفونك ..قدرت اوصلك بسرعة الحمدلله ....
نظرت إليه وهي تهمس برعب بينما تتلمس جسده وتقول وهي تبكي :
-انت كويس...
قبل رأسها وهو يضمها إليه وقال:
-انا كويس...الحمدلله مرت ...البوليس جاي دلوقتي ...يالا عشان نمشي ....
ثالها ثم ساعدها على النهوض ....كانت تسير معه وهي متعبة ...خرجا من المنزل القديم كان سيف يدعم مياس لانها كانت متعبة وما زالت تحت تأثير المخدر ...كانت تنظر حولها وهي تكتشف انها لمنطقة نائية الى حد ما...كان بها بعض عمليات البناء التي لم تكتمل .....
اخرج سيف مفاتيح سيارته ثم فتح السيارة بجهان التحكم عن بعد ...ولكنه صرخ فجأة عندما شعر بنصل حاد ينغرس في جانبه....صرخت مياس بفزع وهي ترى معاذ يطعن سيف ويقول بهوس:
-مش هتاخدها مني ...
ثم اقترب وكاد ان يمسك كف مياس الا ان سيف امسكه ولكمه بقوة ...رغم جرحه الا انه تشابك مع معاذ ....وقد بدا أقوى منه في تلك اللحظة اخذ سيف يضربه بقوة وعنف ...وقد اوقع السكين من يده ....كان معاذ يحاول ضربه ولكن سيف كان كالوحش وهو يتخيل ان هذا الرجل من دمر حياة من يحب ...هذا الرجل لم يكتفي بتشويهها فقط بل كاد ان يغتصبها ...كانت الدماء تنزف منه بينما يضربه حتى سقط معاذ أرضاً وحينها خارت قوة سيف وهو يسقط أرضاً....
صرخت مياس فجأة وهي ترى معاذ ينهض ويمسك السكين وهو يرغب بطعن سيف ...ولكن فجأة اصيب بطلق ناري في صدره وسقط نحو الحديد المسلح في البناء الذي لم يكتمل بناؤه ...وقد اخترق الحديد وجهه وعينيه وكامل جسده تقريباً ليلفظ آخر انفاسه ويفقد حياته بموته لم يتخيل بشاعتها !!!
-سيف ...
صرخت مياس وهي تقترب من سيف الساقط على الأرض بينما ركض أيضا المحقق إياد نحوه هو وباقي افراد الشرطة ...
ضمت مياس رأسه نحوها وهي تبكي بعنف وتقول :
-سيف ابوس ايديك متسبنيش يا سيف ...عشان خاطري ....
فتح عينيه بتعب وأمسك كفها وهو يقول :
-مش هسيبك متقلقيش ....هنفضل مع بعض علطول ....عايز احقق كل احلامك اللي في الاجندة ...انتِ كتبتي كل احلامك يا مياس ...
هزت رأسها وهي تقول :
-ايوة كتبتهم ومش هسامحك لو محققتش احلامي يا سيف ...انت هتفضل معايا للأبد ...
ابتسم بتعب وهمس:
-حتى تحترق النجوم ..
اخرج إياد هاتفه وهو يتصل بالإسعاف بسرعة من أجل سيف وجثة مُعاذ 
.........
ابتعد عنها قليلاً والصدمة افقدته القدرة عن الكلام لثواني ...حاول ان يتكلم ولكنه فشل تماماً وهو ينظر الى وجهها المُشرق بسعادة ....
لحظات وبدأت ابتسامتها تتراجع قليلاً وهي تشعر ان هناك شيئاً ما خاطئ به او بها ....
امسكت ذراعه وهي تهمس :
-عاصي انت كويس ؟!
اتجهت يديه الى كفها وأزاحها بعنف نوعا ما عنه ....
رمشت عدة مرات متوجسة من رد فعله...
-عاصي هو فيه ايه ؟؟...انت بتخوفني ..
قالتها بتوتر ...ليتكلم أخيراً بنبرة كمن على وشك الانفجار وقال:
-قولي تاني ...كنتِ بتقولي ايه ؟!...انتِ ايه ؟! 
-أنا حامل!
قالتها بخفوت وقد شعرت ان سعادتها قد تسربت بسبب رد فعله...هي لا تدري أين  الخطأ ...من المفترض ان يكون سعيد !...
نهض من على الفراش ...وهو يشعر وكأن رأسه يدور ....توسعت عينيه قليلا وهو يشعر انه بكابوس...لا لا هذا ليس حقيقي ....
-انتِ ازاي حامل ؟!
عبست وهي تنظر إليه وقالت :
-ازاي يعني ...انت أكيد عارف ازاي ؟ 
ظلت تنظر إليه بخوف ...بدا ان هناك شئ خاطئ به لماذا هو مصدوم وليس سعيد ....هي لا تفهم بعد ...
نهضت وهي تقترب منه مدت ذراعها لكي تلمسه الا انه ابتعد عنها كالملسوع وقال :
-ابعدي عني ....
شحب وجهها كالأموات ليردد ؛
-انتِ مش بتأخدي مانع حمل ؟
ازدردت ريقها بتوتر وقالت:
-وهاخده ليه ؟!هو فيه ايه يا عاصي ..مالك ايه اللي حصل ..بتتصرف بالطريقة دي ليه يا عاصي انت بتخوفني ....
كان ملامح وجهه متقلصة غضباً بشكل أرعبها ...
-عاصي ممكن توضحيلي فيه ايه انا بدأت اخاف منك !!
-انا مش عايز عيال ...مين قال اني عايز عيال منك !!!
تراجعت بصدمة وقد احتشدت الدموع بعينيها وقالت؛
-مش عايز عيال مني ؟!
كانت تردد بصدمة بينما الدموع تنهمر من عينيها بشكل مكثف ....
-ايوة مش عايز ...أنا مش عايز الا أملاك ...وانا جيبتك هنا عشانها وبس ...عشان تكوني ام ليها...مش زوجة وام عيالي ....
-مش أنا اللي طلبت ابقى زوجة ليك...انت اللي قررت تاخد حقوقك يا عاصي. ..وانا عمري ما كنت همنعك من حقوقك !!!لو مكنتش عايز مني أولاد مكنتش تلمسني ...كنت تخليني زي اتفاقنا الأول ام لأملاك ...الطفل ده مش بسببي بس...ده ابنك برضه...
-تمام يعني هو غلطتي صح ...تمام يالا نصلح الغلط ده ونزلي البيبي!
رمشت بصدمة وهي تنظر إليه لم تصدق انه نطقها ....

تراجعت وهي تضع كفها على بطنها وتقول :
-لا لا مستحيل. ..أنا مش هقتل ابني ...ده حرام ...أنا مستحيل أعمل كده !!!
-يبقى تمشي أنا مش عايزك ...أنا مش هسمحلك تستغليني ....
-استغلك !!!
قالتها بنحيب ثم أكملت :
-استغلك ازاي يعني ...انطق يا عاصي ....

اقتربت منه وهي تردد بينما الدموع تغرق وجهها ؛
-أنا هستغلك ازاي يا عاصي ؟رد عليا ....
كانت النيران تتصاعد بعينيه ...
-حابة تلحقى حاجة من فلوسي....شايفة انك لو جيبتي طفل هيقاسم أملاك في الميراث وكده هتلحقي اي حاجة وكأن مش كفاية اللي بقدمهولك.....
تراجعت مصدومة وهي تنظر إليه ...شعرت وكأن طعنها ..بقلبها ...لقد قتلها بكلماته....
انتحبت أكثر وهي تشير لنفسها بينما ترتعش كفها بشدة ؛
-أنا كده يا عاصي ...انت شايفني اني واحدة بتاعة فلوس ومستغلة ....أنا عملت ايه عشان تفكر بيا بالطريقة دي ....
لم ترق ملامحه بل أصبحت حادة وهو يقول بغضب :
-اصلا كلكم كده ...بتهتموا بالفلوس ...عشان كده حملتي عشان متبقاش الفلوس لأملاك بس ...بس انا حابب اقولك اني انا مليش دعوة بالطفل ده لو ولدتيه...مش هصرف عليه ولا هياخد مليم من فلوسي ......فاحسنلك تنزليه عشان نعيش من غير مشاكل ده لو كنتِ عايزة تعيشي معايا .....أما بقا لو حابة ترجعي لحياتك القديمة وبيت اهلك والفق......
-لو سمحت اسكت !!
قالتها فجأة وقد بدأت في حالة إنهيار لم يعدها من قبل ...كلامه كان سام للغاية ...كان يقتلها شيئاً فشئ بكلماته تلك ....
مسحت دموعها وأكملت:
-أنا عمري ما كنت محرومة أو محتاجة فلوسك ...الحمدلله كنت في بيت اهلي باكل كويس واشرب ...وكون مستواك أعلى من مستوانا متفكرش تقلل مننا بالطريقة دي ....
وضعت كفها على بطنها وهي تقول بنحيب:
-ده روح جوايا مستحيل اقتله ...مش هقدر اقابل ربنا وانا فيه روح في رقبتي عشان حضرتك مش عايز اطفال....ومش أنا اللي طلبت انك تلمسني. ..انت اللي طلبت حقوقك وعشان دي حقوقك أنا اديتهالك ...أنا سمعت كلامك في كل حاجة كنت بتقعد تهين فيا وتقولك مش نوعك المفضل ...قولت مش عايز تلمسني واني مجرد ام لأملاك سكت وقبلت ...بعدين جيت وقولتلي عايز حقي سكت وقبلت ...لكن دلوقتي مش هسمع كلامك ولا انزل ابني ....فلوسك اشبع بيها أنا مش عايزة منهم مليم.... أنا هتكفل بإبني كلياً ومش عايزة منك اي حاجة ...ولو سمحت طلقني !!!
-أطلقك ؟!!
قالها بسخرية وهو يخفي هلعه ...تخيل أنها تُغادر حياته للابد ترعبه ...
اكمل وهو يضحك وقال:
-حلو اووي بجد ...اطلقك ...وتاخدي حقوقك ...مؤخر .. ...فلوس برضه ...مش ده اللي بتفكري فيه !!!
نظرت إليه بصدمة ...لا تصدق أن هذا هو عاصي ...هذا هو الرجل الذي ظل طوال الشهر السابق يواسيها بسبب شقيقتها ...لا تصدق أن هذا الرجل الان يقف أمامها ويقتلها بكلماته السامة....
-متقلقش يا عاصي مش عايزة منك حاجة انا عن نفسي هتنازل عن اي حقوق ليا ...ومستعدة امضي دلوقتي على اي ورق يضمن حقوقك...أنا مش عايزة منك الا الطلاق ....أنا هروح لبيت أهلي وهقول أننا متفقناش وبعدها هنجيب المأذون وننهي كل حاجة ...اي ورق عايزني امضي عليه عشان تضمن حقوقك أنا موافقة ...
-بسهولة كده قررتي خلاص ......
-ايوة اهو بريحك من حاجة انت مش عايزاه..أنا بكرة الصبح هاخد هدومي وامشي ....ودلوقتي رايحة انام عند أملاك ...
ثم كادت أن تذهب الا أنه امسك ذراعها واعتصره قليلا بينما النيران تشتعل بعينيه وقال :
-اقعدي هنا ...أنا اللي هنام برا !!
ثم استدار تاركاً إياها ولكن قبل أن يخرج من الغرفة أوقع بعنف زجاجات العطر بغضب وقهر لتضع كفها على فمها برعب بينما تتصاعد الراىحة الرائعة للعطور ....
اتجه نحو غرفة الرياضة الخاصة به وهو يقرر أن يفرغ غضبه....
بعد ساعتين تقريباً ...
انتهى وهو يلهث ثم اتجه إلى الحمام ليتحمم ...
بعد قليل خرج والمياه تقطر من شعره بينما يرتدي فقط سروال رياضي كان موجود في الخزانة هنا ....  .اتجه إلى فراشه وجلس به وهو يطرق برأسه أرضاً ...قلبه يحترق كلما يتذكر أنها سوف تتركه وتذهب ...حاول أن يخبر نفسه أنه غير مهتم ...وأنه سيجد غيرها ولكنه كان كاذب جيد ...هو مهتم...ومهتم للغاية  !!!
.....
في الغرفة التي تبقى بها رحيق ...
كانت تجلس على فراشها والدموع تنهمر من عينيها كانت ترتدي اسدالها وقد نظفت الأرضية من الزجاج ....كانت تبكي وهي تضع كفها على قلبها ...لم تصدق أن يتصرف عاصي بتلك الطريقة ...لقد أذاها بكلماته ....ما فعله لا يمكنها أن تتسامح معه ...جعلها تشعر بالرخص ...وكأنها باحثة عن المال ...كيف يفكر بها بتلك الطريقة. ...تسطحت على الفراش وهي تجذب الوسادة لوجهها وهي تخفي نحيبها...
.......
في اليوم التالي.......
نهض من نومه بفزع ...لم يهنأ بنوم جيد ...بل ظل طوال اليوم يحلم بكوابيس عن مغادرتها حياته ....وكل مرة يستيقظ بفزع ...نهض من الفراش وهو يدرك أن الساعة تعدت العاشرة صباحاً وركض نحو غرفتها ثم فتحها ليقع قلبه في قدمه وهو يجد أن الغرفة فارغة ....منظمة جيداً وباردة وما زالت رائحة العطور التي كسر زجاجتها بالأمس تسيطر على الغرفة ....ركض نحو الخزانة وفتحها ليجد أن ملابسها بالكامل اختفت ....
تراجع وهو يشعر بقلبه يتمزق داخل صدره أغمض عينيه بألم وهو يتراجع ويجلس على الفراش ...انتبه لغلالتها  الذي تركتها ...امسكها ثم قربه نحو أنفه وهو يتشممه بهوس ....بينما الدموع الساخنة تنهمر من عينيه . ...لم يتخيل أن تنفذ تهديدها حقاً وتتركه ....
.......
-رحيق ..
قالتها دلال بصدمة عندما فتحت الباب وهي تجد ابنتها أمامها متشحة بعباءتها السوداء ونقابها بينما تمسك حقيبة صغيرة بيديها ....كانت الدموع محتجزة بعينيها وسرعان ما تركت الحقيبة واتجهت نحو دلال وهي تحتضنها وتبكي !!
.......
بعد ساعة تقريبا...
كان أمجد يقف أمام رحيق وهو يقول :
-يا بنتي قولي ايه اللي حصل ...أنا اول ما امي اتصلت بيا اتفزعت وسيبت الشغل وجيت ...قولي حصل ايه بينك وبين عاصي !
كانت نوران تضم رحيق الباكية نحوها ...رفعت رحيق وجهها وقالت والدموع تنهمر من عينيها :
-أنا عايزة اتطلق !!
.........
يضع كفه على ظهرها يمنعها من أن تبتعد عنه بينما شفتيه تنهل من شفتيها بشغف ويأس وهو يتذكر أنها المرة الأخيرة التي سوف يلمسها فيها ......
ابعدها اخيرا وهو يأخد أنفاسه بصعوبة ليجدها تطرق برأسها ارضاً بينما شعرها يغطي وجهها ....مد كفه وهو يبعد شعرها عن وجهها وينظر إليها ويهمس :
-متمشيش خليكي هنا معايا .. ...
ابتسمت بخجل وهي تهز رأسها ليقترب منها مرة أخرى ويقبلها ....
..
استيقظ من نومه لاهثاً على صوت المنبه ....مسح على وجهه ليجد أن الساعة تجاوزت الحادي عشر ...اليوم هو عطلته من المشفى وقرر أن يرتاح فهو لم ينام لبعد صلاة الفجر ....
وضع كفه على قلبه الذي يخفق بقوة وهو يتنهد ...رباه هو لا يتوقف عن التفكير بها ..عن الحلم بها ... وكأنها ألقت عليه لعنتها .....منذ طلاقهما ... منذ شهر لم يمر يوماً الا وهو يحلم بها ...يحلم أنه يقبلها ...يترجاها كي لا تذهب وتوافق هي ...ثم يستيقظ على واقع انها ليست هنا ...
تنهد بتعب وهو ينهر نفسه عن التفكير بنوارن بينما في اصبعه طوق لآخرى ...ثم نظر إلى طوق الخطبة الذي بيده ....وهو يقر أنه من الخطأ أن يفكر بإمراة وفي حياته أخرى آخرى ...تلك التي تغيرت من أجله ومستعدة لفعل المستحيل لكي تنال رضاه ...لا يمكن أن يأذيها وهو يفكر بآخرى ...ولكن حقاً ماذا يفعل بقلبه....قلبه الذي لم يسترده منها حتى الآن .....هذا قلبه هو صحيح ولكنها هي من تتحطم به ...وكأنها قد استعمرته وترفض مغادراته استغفر ربه وهو ينهض بتكاسل نحو الحمام ...سوف يغتسل ويذهب إلى والدته حيث أن نوران سوف تأتي لوالدته ...فقد تم خطيتهما منذ أسبوع لذلك طلب من والدته أن تدعوها هي ووالدتها على الغداء وقد وافقت هي على مضض ...ونوران ب ....
توقف فجأة عن التفكير ليدرك أنه لا يفكر بحورية بل نوران .....وكأن حورية تم مسحها من عقله تماماً لتحل محلها نوران ...شعر بالضيق من سيطرة نوران على عقله ...وشعر بالضيق من ضعفه نحوه ....زفر بضيق وهو يقرر أن يتحمم كي يذهب لعائلته
...
.....وقفت أمام المرآه وهي تبتسم وتقول :
-حاسة الخمار ده لايق عليا مش كده يا ماما ...
نظرت والدتها إليها بضيق ....لقد احدث جاسم تغيير سريع في حياة ابنتها ....أصبحت أقرب إلى الله ...بدأت بالصلاة وارتدت ملابس محتشمة ...صحيح كانت تتمنى هذا التغيير ولكن تمنت أن يكون هذا التغيير بسبب خوفها وحبها في الله وليس من أجل مخلوق...فهي تعرف أن جاسم لا يحب ابنتها ...هي ترى هذا في عينيه...تخاف أن يتركها وتعود ابنتها أسوأ من الاول ....
-اه حلو ...
قالتها دون اهتمام لتعبس هي وتقول :
-ايه ده فيه ايه يا ماما ...قالبة وشك عليا ليه ؟كده هفتكر انك مش فرحنالي ...دي اول مرة هروح عند حماتي فيها ...ساعديني عشان ابهرها ومتقعدش تقارن بيني وبين مراتي القديمة ....
-أنتِ عارفة اني مش راضية عن الجوازة دي !!
قالتها والدتها بضيق ...
-يا ماما حرام عليكي أنا بحبه !
-بس هو مبيحبكيش ..افهمي ...
قالتها وهي تواجهه ..تجبرها  أن تواجه الحقيقة ولكنها رفضت أن ترى الحقيقة ....هي تحبه وهذا يكفي بالنسبة لها ....
-هيحبني ...متقلقيش هيحبني لما يشوف أنا قد ايه بحبه ....
قالتها بعناد ....
لتهز والدتها رأسها بتأكيد وتقول :
-فوقي واصحي ...هو مبيحبكيش ...لا قلبه ولا عقله معاكي ...يوم خطوبتكم مكانش هنا بعقله ولا بروحه ولا حتى بقلبه ...كان بعيد ...مجرد انسان الي بيعمل المطلوب ...هو حتى مبتسمش ...أنا مشوفتش سعادته في اليوم ده عكسك انتِ اللي كنتِ طايرة حرفياً....يا بنتي أنا بتكلم عشانك ...خايفة عليكِ أنتِ ....
ابتسمت حورية وهي تخفي ألمها مما قالته والدتها ....كانت تعرف انها محقة ولكنها لم تكن قادرة عن التخلي عنه ...هذا حلمها كيف تترك من حلمت به لسنوات ...
أمسكت كتف والدتها وقالت مبتسمة :
-متخافيش يا ماما ...جاسم كويس وحتى لو مبيحبنيش دلوقتي هيحبني بعدين ....وحتى لو محبنيش ...حبي ليه كفاية اووي ...أنا هبقى مبسوطة معاه متقلقيش .....
هزت والدتها رأسها وهي تقول :
-مش هيكون كفاية صدقيني ...وهتعرفي بعدين لما قلبك يتكسر بأسوا طريقة !!!!

...
بعد قليل...
وقفت أمام باب منزل حماتها وهي ترتجف بإثارة  بينما تعدل من خمارها الذي ليس بحاجة للتعديل من الأساس ...كان قلبها يخفق بقوة داخل صدرها حتي شعرت أنه سوف يخرج من مكانه ...كانت تمسك عبوة الشوكولاتة الفاخرة ...رنت جرس المنزل لتفتح لها منيرة الباب ...اعطتها حورية ابتسامة رائعة وهي تقول :
-ازاي حضرتك يا طنط...
-الحمدلله ...
قالتها بتجهم ثم نظرت الى والدة  حورية  وهي تقول :
-نورتونا ...
ثم افسحت لهما الطريق ليدخلان ...شعرت حور ووالدتها بالإحراج من تلك المقابلة الجافة ...دخلا المنزل بهدوء  ووالدة حورية ترمق حورية بضيق ...شعرت هي بالإحراج وفركت كفيها بتوتر ....
إشارت منيرة الى الأريكة وقالت:
-اتفضلوا اقعدوا ...جاسم شوية وجاي....
هزا رأسيهما وهما يدخلان ويجلسان على الأريكة ...بينما اختفت منيرة في المطبخ ....
-عجبك الاستقبال ده لينا ...ده مش الواد بس اللي بيحبك ...تقريباً كل العيلة مش طايقاكي ... ...
ارتبكت حورية وهي تنظر حولها وهمست :
-طليقة جاسم تبقى بنت خالته زي ما انتِ عارفة فأكيد مش متقبلاني حالياً ..متقلقيش أنا هعرف أخليها تحبني. ..
-وأنتِ هتفضلي طول عمرك في حرب يا بنتي ...ليه المرض ده بس ..ما تنسيه والله اسهل بكتير ...
ابتلت عينيها بالدموع وقالت:
-مقدرش يا ماما ...صدقيني صعب انساه....صعب اووي
-لا حول ولا قوة الا بالله ربنا يهديكي يا بنتي ....
قالتها والدتها بضيق ...ثم صمتت وهي ترى منيرة قد خرجت وهي تحمل طاولة معدنية عليها مشروبات باردة وقد غصبت شفتيها على الابتسام...صحيح انها غاضبة من جاسم لانه طلق زوجته ولكنها لن تضع الحق على تلك المسكينة فجاسم اقسم لها أن سبب طلاقه من نوران ليس تلك الفتاة وهي تعلم ان ابنها لا يكذب 
-نورتونا ...اتفضلوا ...
ابتسمت حورية وقد شعرت بالأمل وهي ترى ابتسامة حماتها وقالت ببهجة:
-ده نورك والله يا طنط ....
..........
بعد قليل....
فُتح الباب ليلج جاسم للمنزل...أطرقت حورية برأسها وهي تشعر بالسعادة ...تخفي اللهفة بعينيها عنه ...وقد فركت كفيها بتوتر ...كلما تواجدت معه بمكان واحد تشعر انها تحلق فوق غيمة وردية ...
-السلام عليكم ...
قالها ثم أكمل بلطف وهو ينظر الى والدة حورية :
-ازاي حضرتك يا ماما..؟
-انا بخير يا بني كويسة ...
ردت بلطف يشبه لطفه...فهي ابدا ليست غاضبة منه ...ليس ذنبه انه لم يحب حورية ..ذنبه انه تقدم لها فقط ...ولكن الخطأ الاكبر على ابنتها الغبية...
-ازيك يا آنسة حورية ..
قالها بنبرة عادية لترد هي ببهجة وخجل :
-الحمدلله ...
تدخلت منيرة وهي تقول :
-يالا يا جماعة عشان تاكلوا ...
.....
بعد قليل ...
على طاولة الطعام كان الجميع متجمع حورية ووالدتها ومنيرة وجاسم ..اما فادي فقد تخلف عن الحضور لانه خرج مع اصدقاؤه
...
كانت حورية تشعر بالحزن لان جاسم لم يلاحظ ملابسها الجديدة ....ولا خمارها حتى ...لم ترى الإنبهار بعينيه ابدا ...
..
-جاسم كلمني عشان موضوع الفرح ...قال انه حابب الفرح يكون الشهر اللي جاي ...
قالتها والدة حورية ثم أكملت ؛
-وانا بصراحة شايفة ان ده كويس ..أنا شبه مخلصة الجهاز بتاعها بس حورية كان ليها شوية طلبات يعني ....
-اكيد اتفضلي يا بنتي. . 
قالتها منيرة لترد حورية بخجل وهي تنظر إلى جاسم وتقول:
-انا شوفت الشقة...وكنت بقول يعني لو ينفع نغير بس الألوان  بتاعتها ..ولا ايه يا جاسم ...
-اللي عايزاه اعمليه يا نوران !!!
قالها بشرود لتتعلق جميع الأعين به بصدمة ...فقد نطق اسم طليقته!!!

تعليقات



×
insticator.com, 6ed3a427-c6ec-49ed-82fe-d1fadce79a7b, DIRECT, b3511ffcafb23a32 sharethrough.com, Q9IzHdvp, DIRECT, d53b998a7bd4ecd2 pubmatic.com, 95054, DIRECT, 5d62403b186f2ace rubiconproject.com, 17062, RESELLER, 0bfd66d529a55807 risecodes.com, 6124caed9c7adb0001c028d8, DIRECT openx.com, 558230700, RESELLER, 6a698e2ec38604c6 pmc.com, 1242710, DIRECT, 8dd52f825890bb44 rubiconproject.com, 10278, RESELLER, 0bfd66d529a55807 video.unrulymedia.com, 136898039, RESELLER lijit.com, 257618, RESELLER, fafdf38b16bf6b2b appnexus.com, 3695, RESELLER, f5ab79cb980f11d1