رواية مأساة حنين الفصل السادس 6 بقلم اية الفرجانى

رواية مأساة حنين الفصل السادس بقلم اية الفرجانى


وعينه وسعت
وقال:

= إنت بتقول إيه ي ابني؟
اتجوزتوا عرفي من غير شهود ولا ولي؟
والله دا مش جواز دا لعب في الحرام!
وحملت منك؟!
إزاي؟! تقبل كده واستنيت لحد ما ولدت ولسه بتفكر تعقدوا رسمي اي عقل بشري انتم

كريم بص في الأرض وسكت 
أول مرة أشوفه بيتكسف بالشكل ده
والشيخ فضل يقول:

= اتقِ الله يا ابني...
إنت راجل وعارف الدين كويس 
ورغم كده سبتها لحد ما تولد 
والنهارده جاي تكتب ورق عشان العيل يتسجّل؟
ربنا فاكره غايب عنك دا شايفك كويس؟

أنا كنت ساكتة وانا بسمعه وعيوني علي كريم الي مش قادر حتي يرفع عيونه للشيخ 
كل كلمة من الشيخ كانت بتخبط فيا...
وفيه
بس ماكنتش برد 
كنت ضامة ابني...
وساكتة كأني مش هنا
الشيخ تنهد
وبعدين قال:

= خلاص... هنكتب العقد
وهجيب الشهود
وهنسجله بتاريخ قديم
وربنا غفور رحيم 

كل خلية في جسمي بتترعش...
مش عارفة إيه اللي بيحصل

الشيخ قرب مني سلّم عليا وقال بابتسامة خفيفة:

= أهلاً بيكي يا بنتي...
أنا عرفت إنك متجوزة من كريم عرفي
وإنك حملتي منه
وجايين نكتب الجواز رسمي علشان نثبت النسب
وده شيء محترم... وربنا بيحب الإصلاح ومش هلومك علي حاجه ولا هسال 

بس كنت ساكتة،
ما أدرش أنطق...
لو الشيخ عرف الحقيقة؟
لو عرف إن مفيش جواز، وإن الحمل جه من وجع وخديعة؟
ساعتها كريم هينهار، والشيخ هيمشي، وابني... مش هيكون ليه حتي اسم...

ففضلت ساكته

بس كريم...
كان باين عليه إنه شايل جبل فوق كتافه
ساعتها حسيت إنه بيبص للشيخ زي اللي بيطلب غفران منه.....
مش مجرد عقد

جِه الشهود
والشيخ بدأ في الإجراءات
كله بيتم زي ما بيقول الشرع
وكريم بيرد على الأسئلة
وانا... كل كلمة بتمضي على قلبي مش على الورقة

لما جيه الشيخ سال علي اسم البيبي 
أنا اتكلمت بسرعه:

= اسمه محمد...
على اسم النبي

كريم بصلي بابتسامة وسكت...

الشيخ ابتسم وقال:

= اللهم صلّ وسلم عليه...
اسم جميل، وإن شاء الله يكون من الصالحين 

وبعد ما كتبنا وكله خلص ...
الشيخ لف لنا وقال وهو خارج:

= ربنا جمعكم بالحلال...
ابدأوا صفحة جديدة
وخلوا ابنكم يكون شاهد على حياة فيها طهارة وسُترة

أنا كنت باصّة في الأرض
ومفيش صوت طالع مني
أما كريم...
كان باصصلي
بس نظرته مش نظرة راجل كسب 
كانت نظرة حد خسر كتير... وبيحاول يرجّع اللي يقدر عليه

لما الشيخ مشي
وإحنا بقينا لوحدنا حتي هدي مشيت 
كريم مقربش
قعد بعيد، بس مش بعيد قوي...

= أنا عارف إنك ساكتة...
بس سكاتك ده أعلى من أي صوت
وعارف إنك بتفكرّي أنا ليه عملت كده؟
الشيخ ميعرفش...او انا ليه كذبت 
بس أنا...
أنا مقدرش أكدب على نفسي
أنا بكتب دلوقتي لأني كنت جبان
ويمكن مش عايزك تسامحيني
بس عايز ابني يعرف إن أمه ستّ عظيمة...
اتظلمت واتكسر قلبها... بس ما رضيتش ترجع للغلط 

أنا ما سألتوش قدّام الشيخ...
بس وأنا قاعدة،
وابني نايم،
ببص عليه،
وفجأة سألت وأنا عيني ليه:

= هو انت عملت كده عشان تبقى أب؟
ولا عشان تخلّيني مراتك؟
ولا عشان تلمّ الجرح... وتلمّ صورتك قدام الناس وقدام نفسك؟

سكت
وما ردش...
بس لأول مرة
شفت عينه بتحمر من الدموع

قعد على الكرسي اللي جنب السرير
وأنا كنت على طرف السرير
وابني نايم في حضني...
كنت سامعة كل نفس بيطلع منه

وفجأة قال بصوت واطي...
صوت غريب، مش متعوده عليه منه:

= أنا عمري ما كنت بني آدم طبيعي...

سكت
حسيت فيه كلمة كبيرة جاية
وهو كمل:

= أبويا مات وأنا صغير...
وأمي اتجوزت راجل تاني... وسابتني
قالتلي هتعيش مع عمتك
وعشت فعلاً
بس طول عمري كنت ضيف تقيل...
مش ابن البيت

كان صوته فيه وجع
مش صوت راجل... صوت ولد صغير تايه

= كبرت...
ودخلت جامعة، واتخرجت،
واشتغلت في شغل أي كلام...
بس مكنتش بشوف بكرة...
مفيش هدف، مفيش حب،
كنت ماشي وخلاص
والحرام كان دايمًا أسهل طريق قدامي
كنت بغلط... وأضحك... وأنام
وعشان عمتي مكنش عجبها حالي فسبتها رغم انها كانت في اشد الحاجه ليا بنتها ماتت وملهاش حد 
وانا كنت شايف نفسي وبس وعاوز اعيش بالطريقه الي انا شيفها صح...

سكت تاني
وأنا ما قطعتوش...
ولا بصيت له...
بس قلبي كان بيسمع

= أول مرة شفتك...
كنتي بتعيّطي قدام المستشفى
كنتي متبهدلة
بصراحة؟
أنا ما كنتش بفكر أساعدك...
بس حاجة فيكِ شدتني
مكنتش عارف وقتها دي شفقة؟
ولا فضول؟
ولا يمكن ضعف مني؟
بس قربت...
وكنت باين عليّا إني بعمل خير
بس الحقيقة... الشيطان كان سابقني بخطوة

قالها...
وبص في الأرض

= أنا غلطت
وكنت عارف إني بغلط،
بس عملتها...
ولما عرفت إنك حامل
اتجننت
مش عشان الولد
لأ...
عشان اتحطيت قدام حاجة عمري ما واجهتها:
المسؤولية"

= كنت عايز أهرب
زي كل مرة بهرب فيها من كل حاجة...
بس يوم ما سمعِت صوتك من تحت...
وأنتي بتصرّخي في البدروم،
قلبي اتحرك
لأول مرة من سنين...
مشيت ناحيتك
ولقيت نفسي بشيلك
وبجري بيكي...
كنت خايف...
بس في نفس الوقت، حسيت إن ربنا بيديني فرصة
العيّل اللي في حضنك ده؟
هو الباب اللي رجّعني للحياة...
رجّعني لبُني آدم كنت ناسيه جواي

أول ماشلته حسيت باحساس غريب عليا أول مره احس بيه احساس قوي جدا علي قلبي كاني كنت تايه ولقيت نفسي في لمسته كانت كأنها دار امان 
دموعي نزلت من غير ما احس لدرجه اني استغربت نفسي ازاي...ازاي ممكن طفل يعمل كده فيا لحدما ايقنت انو فعلا ده شعور الابوه يمكن كنت محتاجه من زمان ولاني اتحرمت منه وانا صغير
حسيت قد ايه الشخص بيبقي محتاج الشعور ده...

سكت ودموعه نزلت وبعدين رفع راسه
بصلي
وقالها...
من غير ما يرفع صوته:

= أنا آسف يا حنين...
آسف على كل ثانية ظلمتك فيها
وكل لحظة كنت فيها جبان
آسف إني سبتك تولدي لوحدك
وتتعبي
وتخافي
وتنهاري...
وانا شايف وساكت

أنا ما رديتش،
كنت ببص على ابني
بس دموعي كانت بتنزل...
من غير صوت

هو سألني:

= "هتقدري تسامحيني؟"

سكت...
بس كنت بقول جوايا:

= لسه...
بس يمكن يوم ما...
بس مش دلوقتي 

بعدها الايام كانت بتمر 
كنا عايشين...
زي اتنين غُرب
في بيت واحد
لكن كل واحد فينا في عالم تاني
الورق مكتوب، والاسم اتسجّل
بس القلب لسه زي ما هو 

كريم كان بيحب محمد
وأنا كنت شايفة ده
شايفة نظراته
والخوف في عينه عليه
والندم في كل حركة منه ناحيتي

بس عمره ما حاول يلمسني
ولا حتى يقرّب
وكأنه بيقولّي:
"أنا هنا... بس مش هدوس على وجعك تاني

في يوم...
كنت في الحمام...
وبستحمي
ومحمد فجأة عيّط
كان صوته عالي...
وأنا قلبي وقع
لكن قبل حتى ما ألف فوطة وأخرج
سمعت صوت كريم بيفتح الباب
وبيدخل جري

هو كان لسه راجع من الشغل
وما استناش
دخل على طول يشوف في إيه.

خرجت بسرعة
ملفوفة...
وبحاول أغطي نفسي،
لكن اتفاجئت بيه واقف في الأوضة
شايل محمد
وعينيه عليا

أنا اتجمدت
حاولت أخبي نفسي...
لكن معرفتش

كان باصصلي...
نظرة غريبة
فيها استغراب، وكسوف، وشيء تاني...
مش مفهوم

محمد كان هادي...
ساكت في حضنه
وكأنه حاسس إن أبوه هو اللي طمّنه

كريم لف وشه
حط محمد على السرير
وساب الأوضة...
من غير كلمة

أنا فضلت واقفة...
مكتفة نفسي بالفوطة
وراسي مليانة اسأله

ليه بصلي كده؟
ليه مشي؟
هو خايف؟
ولا بيحاول يحترمني؟
ولا بيهرب من إحساس لسه مش مستوعبه؟

وفي اللحظة دي...
حسيت بحاجة غريبة جوايا

أنا اللي بقالها شهور بترجف من اسمه
النهاردة قلبي دق...
بس مش من خوف
من حاجة تانية...
حاجة أخطر:
الاحتياج.....الاحتواء...الامان....الحب
وعند اخر نقطه وقفت هل انا ممكن احبه فعلا ولا دا مجرد سؤال.....

من بعدها
بقينا بنشوف بعض أكتر،
بس من بعيد بردو.
أنا بقيت أحس إنه بيبصلي...
مش زي زمان
مش نظرة امتلاك، ولا نظرة ذنب

نظرة حد شايفني...
شايف ستّ اتغيرت، واتكسرت، وقاومت ولسه عايشه

وأنا؟
بقيت لما أسمع مفتاحه في الباب
قلبي يتحرك

مش علشان بحبه
ولا علشان نسيت الي عمله
بس علشان...
ماعدتش حاسّة إني لوحدي تمامًا
الخدم كانوا مبسوطين...
شافوا في عنينا حاجة اتغيّرت
أنا مش عارفة هي إيه بالظبط
بس كانت شبه الراحة

كريم بقى بيضحك...
وبقى بيشيل محمد من نفسه
وبيسألني لو عاوزة حاجة...
مش أمر...
سؤال حقيقي

وفي يوم قاللي واحنا قاعدين علي السفره:

= أنا قررت أبيع الشقة القديمة بتاعتي
والمحل بتاع عمتي...
هفتح شركة صغيرة
أنا خريج بزنس...
وآن الأوان أشتغل على حلمي

وأنا سكتة...
بس جوايا صوت بيقول:
يعني ناوي تعيش بجد؟
مش تهرب؟
وفعلا كريم 

فتح شركته صغيره ليه 
وبدأ يشتغل جد
وفلوس بقت تدخل
وحياتنا بقت أهدى 

الأوضة بقت أنضف
اللبس بقى جديد
الأكل بقى من بره
وحتى محمد بقى عنده عربية أطفال شيك...
بس كل ده؟
ماكسرش المسافة بيني وبينه

بقينا زوجين قدام الناس
بس أنا عارفة...
و متأكدة
إننا جُوّه البيت... غرباء

هو مش بيقرب
ولا بيطلب،
ولا بينادي بـ"مراتي"...

وأنا؟
مش قادرة أقوله "جوزي"...
حتى وانا متجوزاه

كل يوم بيرجع من الشغل
يحضن محمد،
ويبصلي ويقول:

= عايزة حاجة؟

وأنا أقول له:

= "لأ... شكراً

وأسكت

بس جوايا سؤال بيصرّخ:

= هو لسه خايف يقرّب؟
ولا هو شايفني لسه موجوعة؟
ولا هو... مش قادر يحبني؟"

وكل يوم
بننام في أوضتين...
وبنعيش كأننا في فيلم صامت
نفس المشهد... بيتكرر
بس ولا كلمة بتتغير

بس الحياة مش دايما حلوه عشان كده لازم ترجع تدبحني لان الي حصل بعد كده كان قساوة جديده من البشر....وكان الحياة بتقولي متفرحيش قوي...

في  يوم كريم كان راجع  من  الشغل وزي  العاده دخل لعب مع محمد  شويه وبصلي بابتسامه ونظره غريبه ومشي 
استغربت اول مره يبصلي كده 
هل دي نظرة الحب الي بيقولوا عليها،هو كريم  ممكن فعلاً يحبني 
قطع تفكيري صوت  جرس  الباب 

= هدي  لو سمحت  ممكن  تفتحي  الباب  
خرجت هدي من المطب بابتسامه

= حاضر يا ست البنات… جاية أهو

راحت تفتح الباب وهي لسه مبتسمة
لكن أول ما الباب اتفتح، وشها اتبدّل في لحظة
الابتسامة اختفت… عينيها وسعت… 

بصّت قدامها وقالت بصوت واطي:

= إنتِ؟!

الست اللي واقفة كانت لابسة شيك، واقفة بثقة…
بصتلها وقالت بهدوء مميت:

= إيه يا هدي؟ مش فكراني ولا إيه؟

هدي اتلخبطت…

= لأ… يعني… مش معقول…

تعليقات



×
insticator.com, 6ed3a427-c6ec-49ed-82fe-d1fadce79a7b, DIRECT, b3511ffcafb23a32 sharethrough.com, Q9IzHdvp, DIRECT, d53b998a7bd4ecd2 pubmatic.com, 95054, DIRECT, 5d62403b186f2ace rubiconproject.com, 17062, RESELLER, 0bfd66d529a55807 risecodes.com, 6124caed9c7adb0001c028d8, DIRECT openx.com, 558230700, RESELLER, 6a698e2ec38604c6 pmc.com, 1242710, DIRECT, 8dd52f825890bb44 rubiconproject.com, 10278, RESELLER, 0bfd66d529a55807 video.unrulymedia.com, 136898039, RESELLER lijit.com, 257618, RESELLER, fafdf38b16bf6b2b appnexus.com, 3695, RESELLER, f5ab79cb980f11d1