رواية عشق لن يعود الفصل الثامن 8 بقلم هاجر عبد الحليم


رواية عشق لن يعود الفصل الثامن بقلم هاجر عبد الحليم

في ضوء الفجر الخافت، جلس الجميع حول المائدة. رائحة القهوة تنبعث في المكان بينما تسلط الأنوار اللينة على الوجوه المرهقة من نهار طويل. كان الصمت يثقل الأجواء، إلا أن ليلى شعرت بأن هناك شيئًا جديدًا ينبض في قلبها، شيئًا يشبه الأمل الذي كان ضائعًا لفترة طويلة.


ابتسمت ليلى بخجل، نظرت إلى والدتها أولاً، ثم انتقلت بنظرها إلى والدها. كان والدها يحدق فيها بعينيه التي تمتلئ بالقلق، وأمها تطالعها بنظرات ملؤها الحب والقلق ذاته. همسات قليلة دارت بينهما، ثم قال والدها بصوتٍ هادئ:


"فيه حاجة حابة تقوليها يا ليلى؟"


ترددت ليلى للحظة، ثم قالت أخيرًا، وكأنها تقرر شيئًا عميقًا في داخلها:


"أنا موافقة على أمير. حبيت أقولكم علشان تكونوا على علم، وعلشان نحدد معاد لكتب الكتاب."


مرّت لحظات من الصمت الثقيل، قبل أن تتنفس والدتها الصعداء، ثم ابتسمت بحذر. أما والدها، فقد أطرق رأسه للحظة، وكأن الكلمات تخرج منه بصعوبة.


"القرار ليكِ، يا حبيبة قلبي. بس نعرف إنه لو اخترتي، اخترتي عن قناعة، وعن حب حقيقي."


أخذت ليلى نفسًا عميقًا، وكأن الثقل الذي كان يضغط على قلبها قد زال، وجاءت الإجابة أخيرًا، بصوتٍ ثابت مليء بالثقة:


"عن قناعة، وبكل حب."


ف غرفة ليلي

في الظلام، حيث كان الهدوء يعم المكان، غابت ليلى عن الواقع ودخلت في عالم أحلامها. كانت هناك، في مكانٍ غير واضح المعالم، تقف مع آدم. كان يقف أمامها، لكن هذه المرة كانت الأجواء مختلفة؛ لم يكن هناك أي شجار أو غضب، بل كان يملأ المكان شعور غريب من الهدوء والحب العميق.


نظرت ليلى إليه، فوجدت عينيه مليئة بالدموع، لكن كانت تلك الدموع مليئة بمشاعر الحب والتقدير. اقترب منها ببطء، وكأنه يحاول أن يقترب منها للمرة الأخيرة، همس في أذنها بصوت ضعيف، لكنه يحمل معاني كبيرة:


"أنا آسف، يا ليلى. عرفت الآن قدر حبك لي. كنتي دائمًا هنا، بجانبي، في كل لحظة، لكنني لم أكن أعي ذلك. لكن الآن، أنا سعيد أنني عرفت."


شعرت ليلى بالدموع تتساقط من عينيها، لكن كانت تلك الدموع مزيجًا من الحزن والراحة، كأنها تعيش لحظة الوداع الأخيرة التي طالما كانت تخشاها. كانت تعرف أن هذا الوداع لا عودة فيه.


"إلى الأبد، يا ليلى... أحبك."


ابتسمت ليلى ابتسامة محطمة، ولم تستطع الرد. كانت كلماتها محبوسة في قلبها، عجزت عن النطق بها، لكن عيونها قالت كل شيء.


فجأة، استيقظت ليلى، شعرها ما زال مبللاً بالدموع. نظرت حولها، كانت في غرفتها، في عالمها الحقيقي. أدركت أنها قد فقدت جزءًا من قلبها، لكنها أيضًا شعرت بنعمة الحياة التي لا تزال بين يديها.


نهضت ليلى بهدوء، وقد امتلأت روحها بالحاجة إلى الشكر. توجهت إلى سجادة الصلاة، وركعت ركعتين شكر لله، وكأنها تقول له: "شكرًا لأنك أظهرت لي الحب الحقيقي، رغم الألم."


فجرت دموعها، وتسابقت صلواتها في لحظة من السلام الداخلي، كأنها تعاهد نفسها على المضي قدمًا في الحياة، مهما كان ما مرّت به.


في مكتب كبير، مكبلٍ بكراسي جلدية وأوراق متراصة، جلس آدم خلف مكتبه، وعلى الرغم من كونه مديرًا لمصنع ناجح، إلا أن مشاعر عميقة تتأجج في قلبه. كان يحدق في الورقة أمامه، لكن عيناه ضلتا بعيدًا، عائداً بذكرياته إلى تلك الأيام.


فجأة، ظهرت في ذهنه صورة ليلى، وجهها الجميل الذي كان يشع بالنقاء، وضحكتها التي كانت تملأ حياته بالدفء. تذكر لحظاتهم معًا، كل لحظة مليئة بالحب والتضحية، وكل كلمة تبادلها معًا كأنها وعد أبدي، رغم كل ما مرّوا به من صعوبات. تذكر كيف كانت كل لحظة معهم مليئة بالغضب، والخوف من الفقد، لكن أيضًا مليئة بالتضحية والتفاني.


آدم لم يستطع أن يتجاهل ذلك الشعور الذي كان يربطه بها، رغم مرور الوقت وبعد المسافات. فكر في كل اللحظات التي مرّت، وكيف كانت تمثل له كل شيء، وكيف أثر رحيلها في حياته بشكل عميق. لم يكن يعلم كيف يمكنه المضي قدمًا دونها، أو كيف يمكنه أن ينفصل عن تلك الذكريات التي كانت جزءًا منه.


بينما كان غارقًا في أفكاره، رن هاتفه فجأة. كان والده على الخط.


"آدم، جاهز بكرة؟ كتب كتابك على رؤية ، اتفقنا على كل شيء. شوف لك وقت وركز، مفيش حاجة أهم من ده دلوقتي."


كأن الكلمات جاءت كالصفعة التي أفاقته من غيبوبته. ارتبك قليلاً، ولكن قلبه كان ينبض بشدة.


"آه، تمام يا بابا. هجهز."


أنهى المكالمة، لكنه ظل جالسًا للحظة أخرى، يفكر في كلمات والده. "كتب الكتاب؟" كيف يمكنه أن يبدأ حياة جديدة وهو يحمل تلك الذكريات التي لا تتركه؟ كيف يمكنه أن ينسى ما عاشه مع ليلى؟ كان يشعر بأنه أمام معركة بين قلبه وواقعه، بين الماضي والمستقبل.


نظر إلى صورته في المرآة الصغيرة التي على مكتبه، ثم نظر إلى الأوراق التي أمامه. كان يريد أن يخرج من هذا الصراع، لكنه كان يعرف أن القرار سيظل في قلبه فقط، وسيكون أصعب من أي شيء آخر مر به في حياته.


ف غرفة ليلي


في غرفة نومها، حيث الضوء الخافت يمر عبر الستائر، تقف ليلى أمام مرآتها الكبيرة. كان قلبها ينبض بسرعة، لكن وجهها كان محايدًا، ملامحها تحمل كل التعب والشكوك التي لا يراها أحد. كانت تمسك بفرشاة شعرها بيد مرتعشة، تحاول أن ترتب خصلاتها بعناية كما لو أن ذلك سيساعد في ترتيب مشاعرها.


فكرها كان مشتتًا بين الخوف من الخطوة القادمة، وبين الذكريات التي لا تفارقها. ولكن في تلك اللحظة، كان عليها أن تركز. كان اليوم هو اليوم المقرر لكتب كتابها على أمير، ومع كل لحظة تمر، كانت ليلى تشعر بأن عبئًا ثقيلًا يزداد على قلبها.


قررت أخيرًا أن تتوقف عن التفكير، وأخذت تنقل عينيها بين ملابسها الجديدة، تلك التي اختارتها بعناية، لكن كل قطعة كانت تحمل في طياتها شعورًا بالغربة. هل هي حقًا مستعدة لهذه الخطوة؟ هل سيملأ أمير الفراغ الذي تركه آدم في قلبها؟


دخلت والدتها فجأة، بابتسامة تطمئن، ولكن ليلى لم تستطع إخفاء حيرة عينيها. "كل شيء جاهز يا حبيبة ماما؟" قالت والدتها بنبرة محبة، بينما كانت تتجه نحوها لتمسك بمنديل صغير لترتبه على شعرها.


أجابت ليلى بصوت خافت، دون أن ترفع نظرها عن مرآتها: "أيوه، خلاص... بس مش عارفة، مش عارفة إذا كنت قادرة أبدأ من جديد."


والدتها نظرت إليها بعينين مليئتين بالحنان، لكنها لم تجب. كانت تعرف جيدًا أن ابنتها كانت تحمل في قلبها الكثير من المشاعر التي لا تستطيع التعبير عنها. "مفيش حاجة هتتغير لو مافيش استعداد داخلي، يا ليلى. ربنا يوفقك في كل خطوة."


ليلى تنهدت بعمق، ثم ابتسمت ابتسامة خفيفة على وجهها، محاولة أن تجعل كل شيء يبدو طبيعيًا. رفعت رأسها، وأعطت نفسها لحظة قصيرة في المرآة، وتأكدت من أنها تبدو في أبهى صورة لها. لكنها لم تستطع أن تتجاهل الشعور العميق في قلبها... هل هذا هو القرار الصحيح؟


بينما كانت والدتها تتجه إلى الخارج، شعرت ليلى بنبضات قلبها تزداد بشكل متسارع. هل يمكن لقلبها أن يتحمل هذا الفقد والبدء من جديد؟


في غرفة الجلوس، حيث أضاءت الشموع الأرجاء، كانت الأجواء مختلطة بين الحماسة والقلق. ليلى تجلس على الأريكة، وتدير أناملها في فوضى خفيفة على طرف ثوبها الأبيض الذي ارتدته لهذه المناسبة. قلبها ينبض بسرعة، وعقلها مشوش بين الماضي والحاضر، بين الوعود والذكريات التي لا تزال تلاحقها. أمير يقف أمامها، يظهر عليه التوتر أيضًا، لكنه يحاول إخفاءه بابتسامة مطمئنة.


أمير يقترب منها، يضع يده بلطف على يدها، وعيناه مليئة بالحب والقلق في آن واحد.


"أنا عارف إن ده مش سهل عليكي، ليلى... بس صدقيني، كل خطوة مع بعض هتكون خطوة بداية جديدة. البداية دي مش هتكون بس معايا، هتكون مع نفسك كمان."


تنظر ليلى في عينيه، ثم تخفض نظرها على يده التي تمسك بها برفق، وكأنها تبحث عن ثبات في لمسة يده.


"أمير... مش عارفة. مش عارفة لو كنت مستعدة. القلب لسه مش قادر ينسى، وذكرياتي مع آدم لسة."


أمير يحاول أن يكون أقرب إليها، ويجذب يدها قليلاً ليشعرها بأمانه.


"أنتِ مش لوحدك، قولتلك كدا كتير . أنا عارف إنك كنتِ تعبانة، وكان عندك مشاعر صعبة، بس أنا هكون جنبك... في كل لحظة. وكل خطوة هتاخديها، هتكون خطوة جديدة


واخيرا اللحظة المنتظرة


 حيث يُرى أمير في مكان مفعم بالأنوار الخافتة، يجلس على طاولة كبيرة في قاعة زفاف مُزينة بأزهار بيضاء وأضواء لامعة. يضع قلمًا فوق ورقة عقد الزواج، وعيناه مشدودتان إلى الورقة، كأنه يكتب مستقبله الذي يفرضه عليه قلبه وعقله، وعلى الجهة الأخرى من المشهد، يُرى آدم في مكان آخر تمامًا، في قاعة شبه مظلمة، حيث يوقع على عقد زواجه مع فتاة أخرى، بعيدًا عن ليلى، والذكريات التي لا تنفك تلاحقه. هناك ضوء خافت يتسلل من النوافذ، وكأن المكان لا يحمل أي فرحة حقيقية في قلبه.


في تلك اللحظة، تتلاقى أفكار أمير وآدم، بينما يشعران كليهما بثقل اللحظة، وكأنهما يغرقان في بحر من الذكريات.


أمير (همس لنفسه):

"لن أتركك، يا ليلى. رغم كل شيء، أنا هنا لأكون إلى جانبك. لن أسمح لشبح الماضي أن يحطمني."


لكن في أعماقه، يشعر بشيء غريب، وكأن كل خطوة يخطوها هو خطوة نحو شيء جديد، دون أن يملكه تمامًا.


---


في الجانب الآخر، ينظر آدم إلى الورقة التي أمامه، ويتذكر لحظاته مع ليلى، تلك الذكريات التي جعلته يحبها بصدق، لكن القدر كان له رأي آخر.


آدم (بصوت منخفض):

"لو كان بيدي، لما تركت يديك أبدًا... لكن الحياة فرضت علينا أن نختار، وكل واحد منا يمضي في طريقه. مهما كانت النهاية... لن أنساكِ."


يرتفع رأسه قليلاً، وكأن عينيه تشهدان على تلك الوداع الأبدي. ثم يمضي في حياته الجديدة، لكنه يحمل ألمًا لا يفارقه.


---


في الوقت ذاته، تعيش ليلى لحظة لا تختلف عن تلك اللحظات التي مر بها أمير وآدم، حيث تجلس مع عائلتها، بينما ينتظر الجميع قدوم اللحظة الحاسمة. قلبها مثقل بالذكريات، ووجهها يطفو عليه تعبير الحيرة، والتردد، والذنب. وعلى الرغم من أنها قبلت أمير في حياتها، إلا أن هناك جزءًا منها لا يزال مرتبطًا بآدم، وهذا الجزء لن يتركها أبدًا.


تتداخل الصورة بين الثلاثة، بينما يكتب كل منهم قصته الخاصة بطريقة مختلفة، ولكن النهاية واحدة. وفي اللحظة التي يوقع فيها أمير وآدم على عقودهما، يتلاقى الزمان والمكان في مشهد واحد، وتنهمر دمعة على خد ليلى وهي تهمس لنفسها.


ليلى (بصوت خافت):

"ليس كل قصص الحب تنتهي سعيدة... أحيانًا، تكون النهايات مجرد بداية لحياة جديدة مليئة بالوحدة والألم."


واخيرا


"في كل قصص الحب، هناك لحظة تُكتب فيها النهاية، وتبدأ الحياة بألم جديد. ففي النهاية، نعلم جميعًا أن ليس كل حب يظل حيًا في قلوبنا. أحيانًا نكتب قصتنا معًا، ثم نكتب في النهاية أسطرًا منفصلة... مع كل خطوة جديدة، نحن نترك جزءًا من أنفسنا خلفنا. لكننا نبقى نكتب، لأننا لا نعرف كيف نعيش دون أن نكمل الحكاية." حكاية حياه❤️💔


تمت بحمد الله

لمتابعه روايات سكيرهوم زورو موقعنا علي التلجرام من هنا

تعليقات



×
insticator.com, 6ed3a427-c6ec-49ed-82fe-d1fadce79a7b, DIRECT, b3511ffcafb23a32 sharethrough.com, Q9IzHdvp, DIRECT, d53b998a7bd4ecd2 pubmatic.com, 95054, DIRECT, 5d62403b186f2ace rubiconproject.com, 17062, RESELLER, 0bfd66d529a55807 risecodes.com, 6124caed9c7adb0001c028d8, DIRECT openx.com, 558230700, RESELLER, 6a698e2ec38604c6 pmc.com, 1242710, DIRECT, 8dd52f825890bb44 rubiconproject.com, 10278, RESELLER, 0bfd66d529a55807 video.unrulymedia.com, 136898039, RESELLER lijit.com, 257618, RESELLER, fafdf38b16bf6b2b appnexus.com, 3695, RESELLER, f5ab79cb980f11d1