رواية ثأر الشيطان الفصل الخاتمة بقلم سارة بركات


 رواية ثأر الشيطان الفصل الخاتمة 


تنهد بعمق بعدما أنهى مكالمته الهاتفية ثم ابتسم بهدوء وهو يقترب من المنزل الصغير الذي تشتعل أضواءه بين المنازل الموجودة في ذلك الشارع الذي يقف فيه .. دق جرس المنزل وبعد ثوانٍ تحدثت من خلف الباب باستفسار:

- من؟

- هذا أنا أندريه.

وقف ثوانٍ ينتظرها لكي تفتح له باب المنزل وبالفعل قامت بفتحه وطالعها بابتسامة عذبة وقدم لها باقة الورود التي بيده ..

- ماذا تُريد؟

ذلك ماتحدثت بضيق يغزو ملامحها ولم تأخذ منه الباقة حتى، بل ظلت يده معلقة في الهواء تقدم لها الباقة.

تحدث بابتسامة:

- جئت لكي أخبركِ أننا سنتزوج.

عقدت حاجبيها بغضب من طريقته البسيطة والسهلة في الحديث التي تُثير استفزازها:

- ماذا؟! ألا تدري أنني متزوجة يا هذا؟

تحدث أندريه بابتسامة:

- لقد طلقتكِ منه.

عقدَت حاجبيها باستفسار .. أخرج من جيب سُترته البيضاء ورقة مطوية ناولها إياها بيده الأخرى .. التقطتها منه وبدأت بقراءتها وذُهِلَت عندما رأت توقيع زوجها!

- متبقٍ فقط توقيعكِ عزيزتي.

تحدثت بذهول:

- كيف؟! كيف وصلت إليه؟

ابتسم أندريه وقام بفتح هاتفه يبحث في شيءٍ ما ثم وضع هاتفه أمام عينيها، ذُهِلّت عندما رأت صورة زوجها أمامها .. كان مكَبَلًا ووجهه مليءٌ بالكدمات ..

- متبقٍ فقط كلماتكِ يا عزيزتي .. أخبريني! ماذا تريدين أن تفعلي به! تريدين أن أقتله لكِ؟ سأفعلها أم أقوم بمعاقبته ليتمنى الموت ولا يناله؟ سأفعلها ايضًا، أنتِ فقط صاحبة القرار وأنا سأفعل ما تريدين، فقط أخبريني.

كانت تُطالعه وتحاول التحكم في عبراتها كيف يكون هكذا؟ انتبه لرعشة يدها وأمسك بيدها متحدثًا وهو ينظر في عمق عينيها:

- أنا هنا ماري لأحقق لكِ ماتتمنين! لا بُكاءَ بعد اليوم حتى ولو احتجتي للبكاء يومًا ستكون ذراعاي ملجأكِ الوحيد.

هبطت عبراتها وأردف بصوت مهزوز:

- ماذا تريدُ مني؟

كررها مرة ثانية:

- أريدُ أن أتزوجكِ.

كانت تُطالعه بصمت تام وهو يقدم لها باقة الزهور مرة أخرى .. حتى أخذتها منه وابتسم أندريه باتساع ..

- هل الأطفال مستيقظون؟

- أجل.

- هل من الممكن أن أتعرف عليهم؟ وأنا أعدكِ أنني سأكون أبًا جيدًا لهم.

ذلك ما تحدث به أندريه بتأثر وهو ينظر في عمق عينيها .. هزت رأسها وهي تضم باقة الزهور والورقة المطوية سويًا بين ذراعيها وفسحت له المجال لكي يدخل إلى المنزل الصغير الدافئ والذي جعل قلبه يرتعش من دفئه العجيب ذلك .. شعر أن هذا منزله الذي يفتقده كثيرًا..

كان جواد يقف مع عاصم في غرفة الزيارة ويتحدث باستفسار:

- أومال مين اللي ليه مصلحة إنه يحبسني أنا وفيليب بس؟!

طالعه عاصم بتفكير قليلًا ثم أردف:

- هو فيليب عرف إنه باباك؟

- أيوه.

صمت عاصم قليلًا يفكر ثم أردف:

- رد فعله كان إزاي؟

- مكنش في أي رد فعل مع الأسف .. مش حابب أحكي تفاصيل الموضوع، وبعدين أنا في إيه ولا في إيه عشان أحكيلك قصة حياتي في الأيام اللي فاتت دي؟ عاصم الله يكرمك أنا مش طايق نفسي.

طالع عاصم الكدمات الموجودة في وجهه ثم تحدث:

- مين اللي ضاربك؟

- حد من المساجين اللي جوا.

ذلك ماتحدث به جواد بتأفف ثم استأنف بفضول:

- إنت ليه مقدمتش الورق اللي يدين فيليب؟

أردف عاصم بلامبالاة:

- لما لقيت إن الموضوع ده هيأثر على علاقتي بصاحبي .. قررت إني أخلي الوزارة تصرف نظر عن القضية لإني وضحتلهم إن صعب نوصل لفيليب لإنه محمي من الشرطة الفاسدة في دولته، وفي النهاية دولته هتحميه بأي شكل ده مش أي حد يعني .. وده حقيقي فعلا أنا مجبتش حاجة من عندي.

ظل جواد يُطالعه لا يستطيع أن يفسر مشاعره هل يخبره كم هو سعيدٌ بذلك؟! .. يا الله إنه صديقه الوفي.

- هترجع مصر إمتى؟

تحدث جواد بضيق وهو يُطالع المكان حوله:

- لما أخلص المصيف اللي أنا فيه ده وبعدها هبقى أجي مصر .. إنت بتهزر يا عاصم! أنا مسجون عارف يعني إيه؟

تحدث عاصم بإحباط:

- طيب أنا هحاول أشوف الموضوع ده.

هز جواد رأسه وكاد عاصم أن يرحل ولكن أوقفه جواد:

- عاصم.

التفت عاصم يرمقه بهدوء وتحدث جواد بامتنان:

- شكرًا على وقوفك جنبي يا صاحبي.

تحدث عاصم بابتسامة:

- العفو معملتش غير شغلي .. هستناك ترجع مصر يا جواد.

ثم خرج من المكان تاركًا جواد مبتسمًا بامتنان ثم عاد لغرفة الطعام يجلس بجوار فيليب ليُكمل تناول طعامه البسيط المتبقي ووجده دافئًا كما هو.

- الأكل لسه سُخن!

- مانا لما لقيته برد حطيتلك غيره سُخن.

ابتسم جواد بهدوء ثم تحدث:

- شكرا.

ثم عاد يُكمل طعامه وبعد أن انتهى انتبه لحديث فيليب:

- بتوجعك؟!

انتبه عندما وجد فيليب يشير نحو الكدمة الموجودة بجوار فمه ثم أردف:

- مش هتفرق يومين وهتخف.

همهم فيليب وعاد الإثنان لغرفتهما بالسجن .. وقام جواد بآداء فريضة العشاء بعد أن توضأ تحت أعين فيليب الذي يُطالعه بهدوء وبعد أن انتهى .. تحدث فيليب:

- ليه دينك مختلف عني أنا ومامتك؟

رمقه جواد بهدوء ثم تحدث:

- عشان إخترت طريقي .. كل واحد في الحياة دي بيختار اللي يناسبه زي مانت اخترت طريقك في عالم المافيا من البداية.

صمت فيليب لأن جواد يتحدث بمنطقية ثم استأنف:

- مامتك علقت على ده لما عرفت؟

- اه طبعا .. قالت إنها فخورة بيا.

ذلك ماتحدث به جواد بابتسامة وهمهم فيليب ثم أردف ببعض الكلمات الروسية وهو يُطالع جواد الذي لم يفهم شيء:

- وأنا أيضًا عزيزي.

ثم استأنف بالمصرية:

- مين اللي جالك زيارة؟

- عاصم.

ذلك ماتحدث به جواد بلامبالاة وهو يلقي بجسده على فراشه الصغير ..

- الخاين!

تحدث جواد بهدوء وهو يطالع سقف الغرفة بشرود:

- مش هو اللي جابنا.

قهقه فيليب ثم أردف بضيق:

- أكيد كذب عليك.

- لا أنا مصدقُه.

- إيه اللي يثبت إنه صح؟

رمقه جواد فيليب وتحدث بهدوء:

- إثباتي الوحيد إنه صاحب عمري .. أخويا اللي أمي مخلفتهوش .. عشرة عُمري .. صاحبي عمره ما هيأذيني.

- مفيش ثقة حتى في الأصحاب .. بص صاحبي عمل فيا إيه!

جواد بتوضيح:

- في عالم المافيا إنتم بتحقدوا على بعض واللي بيعصي أوامركم بتقتلوه حتى لو كان الشخص ده من صلبكم!، لكن إحنا المصريين بنسامح وبنعفو ودايمًا عارفين إن كل فعل وليه سبب وراه مش زيكم ماشيين بمبدأ لكل فعل رد فعل .. إنت العالم بتاعك مختلف .. إنت عشت في ترف ونعيم ومنصب لكن كل اللي حواليك كانوا بيحقدوا عليك ... لكن أنا! .. أنا شوفت كتير من صُغري بس قابلت صاحبي اللي مسك بإيدي من غير ما يعرف أنا مين! شوفت الفرق بيني وبينك؟

صمت فيليب وظل يُطالعه بهدوء ولكن جواد قام بإراحة جسده على الفراش حتى غفى .. ظل فيليب يُفكر إذا كان عاصم ليس الفاعل فمن إذًا قام بالإبلاغ عنهما وسجنهما؟! بل ووضعهما في غرفة واحدة في السجن؟! ظل طوال الليل مستيقظًا يُفكر حتى وصل للنتيجة واستوعب ماتوصل إليه ثم أردف بغضب جحيمي:

- أندريه!!!!!!!

في صباح اليوم التالي:

كانت شمس ترتدي ثياب الصلاة تقوم بمسح فمها بالمياه أمام حوض المياة بعد أن تقيأت للمرة التي لا تستطيع عددها .. عندما خرجت من المرحاض ووجدت آسيا تقف أمامها بملامح مرتعبة ...

- إيه حصل تاني؟

- معرفش كنت بخلص صلاة وحسيت بدوخه يادوب جريت على الحمام بسرعة.

أردفت آسيا بسعادة:

- طب مايمكن تكوني حامل؟!

طالعتها شمس لوهلة بعدم فهم ثم استوعبت ماتقول يبدو أنها مُحقة! لأن تلك الأعراض هي أعراض الحمل فعلا ولكنها كانت تعتقد أن ذلك التقيؤ بسبب الطعام الذي أصبحت تأكله بكميات كثيرة عن المعتاد في الآونة الاخيرة والذي يكون جزءًا أيضًا من علامات الحمل عند البعض .. هرولت بسرعة لغرفتها وهرولت آسيا خلفها وأخذت شمس تبحث عن شيءٍ ما حتى وجدته، تحدثت آسيا بعدم فهم عندما رأت ذلك الجهاز بيد شمس:

- إيه ده يا شمس؟

- ده إختبار حمل.

تحدثت بعدم فهم:

- يعني مش هتعملي تحاليل؟

- هشوف ده الأول هيقول إيه.

همهمت آسيا بعدم فهم .. وقامت شمس بتغيير ثياب الصلاة وارتدت منامتها واقتربت من الحمام وتبعتها آسيا وكادت أن تدخل الحمام خلفها ولكن شمس توقفت وطالعتها ..

- أنا هدخل الحمام.

آسيا بعدم فهم:

- أيوه .. مش انتي هتشغلي ده؟

وأشارت إلى الجهاز .. ابتسمت شمس بتفهم لعدم فهمها التكنولوجيا المتطورة في تلك الأيام وأخذت تشرح لها كيفية عمل الجهاز، احمر وجه آسيا خجلًا عندما استوعبت ماكانت ستُقدم عليه واعتذرت لشمس التي ابتسمت لكي ترفع عنها الحرج ثم دخلت الحمام وانتظرتها آسيا بلهفة شديدة يبدو أن ذلك أتى في الوقت المناسب لكي يخفف عنهما الإثنان ماشعرا به في غياب جواد ... وفيليب! ...

بعد عدة دقائق خرجت شمس من الحمام وهي تنظر للنتيجة أمامها بعدم استيعاب.

- في إيه؟

ذلك ما تحدثت به آسيا وهي تنظر للجهاز لكي تعرف نتيجته كما شرحت لها شمس مسبقًا .. ولم تشعر بنفسها سوى وهي تُطلِقُ زغرودة كسيدة مصرية أصيلة! .. ضمتها بقوة وهي تبكي:

- ألف مبروك يا شمس .. ألف مبروك ياحبيبتي.

بكت آسيا لأنها تذكرت علامات الحمل التي شعرت بها عندما كانت حاملًا في جواد وأيضًا قبل إختطافها من فيليب! بكت شمس هي الأخرى بعدم تصديق وكانت تتمنى أن يكون جواد أمامها لكي تخبره بذلك الخبر السعيد الذي شفى ألم قلبها قليلًا والذي صار بسبب غيابه عنها! .. انتبهت الإثنتان عندما دخل أندريه الغرفة يُطالعهما بتعجب:

- بتعيطوا ليه؟ وبعدين مين اللي كان بيعمل الصوت الغريب ده؟

ابتعدت آسيا عن شمس وتحديث بسعادة أثناء بكاءها:

- شمس حامل يا أندريه.

- نعم! يعني إيه؟ يعني أنا هبقى جدو! إزاي! ده أنا لسه كنت بقولها إمبارح إني هكون أب كويس! لا كبرتوني بدري مينفعش كده.

رمقاه بعدم فهم ولكنه ابتسم ابتسامة كبيرة وتحدث:

- أنا أمزح عزيزاتي.

ثم نظر لبطن شمس وتحدث بمرح:

- مين حبيب جدو.

قهقهت الإثنتان وهو شاركهما الضحك وتمنى أن تظل ضحكتهما مرسومةً على وجهيهما فلقد عانى كثيرًا في غياب جواد وفيليب حيث أنه كان متحفزًا دائمًا لمحاولة إخراجهما من الإكتئاب الذي كانتا تعيشان به وحمدا لله لقد ساعده الطفل القادم في ذلك كثيرًا .. انتقل بتفكيره نحو فيليب وجواد واللذان من المفترض أن يخرجا الآن من السجن .. يحاول أن يفكر بطريقة ليهرب من فيليب ولكن يبدو أنه قد حان وقت المواجهة، سيقتله حتمًا.

............................................

كان الإثنان يجلسان في غرفتهما وانتبها حينما دخل أحدهم للغرفة وكان جُنديًا وأخبرهما أن اليوم هو موعد خروجهما من السجن .. تعجب جواد من ذلك أما فيليب فلم يتعجب بالطبع فلقد توصل إلى ما كان يريد أخيه! خرجا من السجن بعدما قاما بأخذ أشياءهما وذهبا إلى القصر .. كان أندريه يجلس في باحة القصر بهدوء ينتظر دخولهما في أي ثانية .. وبالفعل دخل فيليب وخلفه جواد للقصر وابتسم أندريه ابتسامة كبيرة وتحدث بالإنجليزية:

- مرحبًا بعودتك أخي.

ذلك ما تحدث به أندريه ولكنه لم يتفاجأ بالطبع بما فعله فيليب حيث لكمه بقوة جعلته يتأوه ألمًا ولكنه تعجب من الخطوة التالية حيث قام فيليب بضمه هل خرف فيليب؟! يضربه ثم يقوم بضمه.

- وحشتني يا أندريه.

زاد تعجب أندريه من حديثه ثم ابتعد عنه وطالعه بابتسامة:

- فيليب، إنت كويس؟ حد ضربك على راسك؟

- أنا كويس.

كان جواد يُطالع ما يحدث لم يكن لديه أي ردة فعل حيث أن شيئًا ما بداخله كان ممتنًا كثيرًا لأندريه لما فعله ..ثم خذ يبحث بعينيه عن شمس حبيبته والتي اشتاق لها كثيرًا انتبه لها عندما رآها تنزل على أدراج القصر بسرعة عندما رأته ولكن آسيا على الرغم من سعادتها بعودتهما إلا أنها كانت تمنعها من حركتها السريعة على أدراج القصر لم يفهم السبب ولكنه لم يشعر بنفسه سوى وهو يركض نحوها وقام بضمها بقوة بين ذراعيه لدرجة أنه كاد أن يكسر ضلوعها ..

- جواد، براحة عليها شويه .. شمس حامل.

فتح عينيه بذهول عندما سمع ذلك الخبر وابتعد عنها بهدوء وهو يُطالعها .. كانت مبتسمة بإشراق وهي تنظر إليه..

- الكلام ده بجد؟؟!

أومأت وقام بضمها مرة أخرى ولكن ليس بقوة خوفًا .. كان فيليب ينظرلثلاثتهم بهدوءٍ غير مفهوم وخاصة عندما سمع بخبر حمل شمس .. شعر بشيءٍ غريبٍ في داخله .. قلبه ينبض بقوة! ولكنه استفاق واقترب من آسيا التي كانت تقف بجانبهما وتبتسم لهما بحُب ووقف أمامها وهو يُطالعها بهدوء تقابلت نظراتها معه .. وتلك المرة كانت هادئة ثم تحدثت:

- إنت كويس؟

هز رأسه بهدوء وهو يُطالعها وظلا هكذا لبعض الوقت نظراتهما تتحدث بالكثير من الذكريات والمعاني اقترب آسيا خطوة منها فقط! كانت خطوة واحدة جعلت فيليب يُقصر المسافة التي كانت بينهما ليضمها بقوة وبادلته أيضًا .. وبكى الإثنان كثيرًا.

- وحشتيني يا آسيا.

- وانت كمان وحشتني أوي يا فيليب.

شمس وجواد كانا يراقبانهما بابتسامة وأخيرًا كل شيء أصبح بخير.

- طب على فكرة بقا أنا كمان عندي واحدة بحبها .. بلاش تخلوني أحِس بجفاف عاطفي.

ذلك ماتحدث به أندريه بمزاح وهو ينظر إليهم وقهقه الجميع.

..........................

رواية/ ثأر الشيطان .. بقلم/ سارة بركات

بعد مرور يومين:

كان ماتيوس شاحبَ الوجه فلقد تركه فيليب منذ أيامٍ وأسابيع ولم يأكل أي شيء! أو يشرب حتى .. أصابه الجفاف .. وأصبح جسده ضعيفًا للغاية .. ولكنه انتفض عندما سمع صوت خطوات في الأعلى وعندما رأى فيليب:

- فيليب .. أنا جائع .. أرجوك .. أطعمني .. أنا أموت فيليب.

ظل فيليب ُطالعه بابتسامة هادئة يراه وهو يتلوى من العطش والجوع ثم تحدث كأنه يتحدث إلى أنثى:

- مرحبًا عزيزتي، هل أصبحتِ بخير؟ أتريدين المزيد؟

ابتلع ماتيوس غصته ثم تحدث:

- لا أرجوك فيليب يكفي ذلك .. أرجوك حررني وأطعمني.

اقترب فيليب منه وتفاجأ ماتيوس بأنه ضمه إليه وربت على ظهره وتحدث فيليب بهمسٍ مسموع:

- لا لن أفعل ... لأن تلك نهايتكِ عزيزتي.

- ماذا؟!

تفاجأ بطعنة في ظهره صرخ على إثرها وأيضًا طعنات متفرقة بجسدة لا يستطيع أن يبتعد عنه لأن قبضة فيليب قوية على جسده.

أردف فيليب بغضب شديد وتلك المرة يتحدث مع ماتيوس بصيغة المُذكر:

- هيا أريدك أن تشعر بألم كل طعنة شعرتُ أنا بها أثناء فقداني لزوجتي! وأيضًا لطعناتك لي طوال ذلك الوقت.

ظل يطعنه حتى فقد ماتيوس حياته وأصبح جثة هامدة ورمى جثته أرضًا .. ثم خرج من القبو وأمر رجاله بحرق جثته وإخبار المافيا الروسية أن ماتيوس خائن ونال عقابه وهو الموت على يد فيليب زعيم المافيا الروسية السابق وذلك قبل تركه للزعامة مباشرة ونقلها لأندريه أخيه.

............................

في مساء اليوم بالقاهرة:

كان ساجد يتناول الكثير من الممنوعات في إحدى الحفلات التي أقيمت في ملهىً ليلِّي وبعد أن انتهى، خرج من المكان وركب من سيارته وعندما قام بتشغيل المقود انفجرت سيارته وهو بداخلها .. وتلك كانت نهاية خائن المافيا الروسية أيضًا.

..................................

في صباح اليوم الذي يليه وفي مدينة الإسكندرية:

كانت آسيا تقف بإتجاه منزل والدتها قلبها يدق بعنف لأنها وأخيرًا ستراها، كان فيليب بجانبها يُمسكُ بيدها؛ أما جواد فقد كان يقف أمام باب المنزل وبجانبه شمس أخذ يدق على جرس المنزل وانتظر قليلًا حتى فتحت جدته الباب ..

- جواد! إزيك؟! تعالى يابني اتفضل إنت كنت واحشني .. مش بتيجي بقالك كتير..

ثم رمقت شمس بانبهار:

- إيه ده؟ دي القمورة بتاعتك؟ إزيك يا جميل؟

- أنا الحمدلله، حضرتك إزيك؟

- الحمدلله يا حبيبتي.

تحدث جواد بابتسامة:

- أنا بخير شكرا يا مدام كريستين .. أنا بس عندي ليكِ مفاجأة.

طالعته بعدم فهم وأشار لمكان ما بجانب المنزل لم تنتبه لوجود أحد يقف به بسبب انشغالها برؤية جواد وحبيبته التي طالما تحدث عنها معها .. شهقت وارتجف قلبها عندما رأت ابنتها آسيا تقف هُناك .. إنها حية! إنها هنا!

- ماما.

ذلك ماتحدثت به آسيا وهي تبكي وتركت يد فيليب وهرولت نحو والدتها وقامت بضمها بقوة .. بكت كريستين وهي تضم ابنتها بقوة يا الله لقد عادت روحها إلى الحياة وأخيرًا تحققت أمنيتها وهو أن ترى ابنتها مرة أخرى .. بكت الإثنتان بنحيبٍ عالٍ وظلا هكذا لمدة طويلة أمام المنزل.

بمرور الوقت:

كانت كريستين تُطالع جواد بعدم استيعاب لمعرفتها بكونه حفيدها الأول! ..

- أنا حسيت .. حسيت بيك حسيت إن في حاجة فعلا .. قلبي كل مرة كان بيشوفك فيها كان بيدق ومكنتش عارفة إيه السبب.

اقترب منها وقام بتقبيل يدها ولكنها قامت بضمه بقوة وكان فيليب وآسيا مبتسمان وهما يراقبان سعادتها .. ثم التفتت كريستين لشمس الذي كانت تبتسم لهما وأشارت لها بأن تقترب هي الأخرى وقامت بضمها هي وجواد معًا .. لم يصدق إخوة آسيا أنها حية في البداية عندما سمعا الخبر من والدتهما ولكنهما صدَقَا حينما رأوها حية أمامهما .. ويا الله كم اشتاقا لأختهما الصغيرة كثيرًا .. تعرفت آسيا على أبناء أخواتها وتعرفوا على جواد أيضًا ورحبوا به كثيرًا في عائلتهم .. ولقد تقبلوا جميعًا إختلاف عقيدة جواد عن عقيدتهم لأنه ذكرهم بآسيا التي تنفذ قراراتها مهمًا تكن؛ ففي النهاية كان يتضح أن قرارها يصُبُ في مصلحتها الشخصية.

................................

كانت تقف أمام مرآتها وهي تُطالع فستان زفافها .. كانت تبكي وتتمنى أن يكون والدها السيد بهجت معها في يومٍ كهذا إنها تفتقده كثيرًا حقًا .. يؤلمها قلبها على غيابه لقد مر أكثر من عام على وفاته وقلبها مازال ينزف دمًا على فراق والدها ..

- لا لا لا الميك أب هيبوظ ياشمس.

استفاقت عندما تحدثت صباح وهي تقترب منها لكي تقوم بضبط مساحيق التجميل على وجهها ..

- بلاش هرمونات الحمل دي الله يكرمك عايزين الفرح يعدي على خير.

ابتسمت شمس بين دموعها وقامت بضمها بقوة..

- ربنا يخليكي ليا يا صباح ويديم وجودك في حياتي.

ابتسمت صباح بحب وضمتها بقوة وتأثرت:

- وأنا كمان بتمنى كده ... ربنا يعلم أنا بحبك قد إيه ياشمس بجد، يا رب نفضل أصحاب العمر كله.

- يا رب

ثم ابتعدت صباح عنها وتحدثت وهي تقوم بمسح عبراتها التي بدأت في النزول:

- يلا كفاية نكد وعياط بقا .. الفرح هيبوظ مننا.

هزت شمس رأسها وقامت صباح بضبط مساحيق التجميل لها مرة أخرى وأخذت نفسًا عميقًا تتجهز في الخروج من الغرفة ولكنها تفاجأت بدخول أندريه للغرفة:

- شموسة ياقلبي ... إيه الجمدان ده كله؟؟ لا لا لا جمالك يخطف القلب وخطف قلبي.

طالعته صباح بتعجب ثم تحدثت:

- مين الراجل ده؟

أردفت شمس بابتسامةٍ كبيرة:

- ده أندريه بابايا التاني.

عقدت صباح حاجبيها بعدم فهم وأخذت تفكر كثيرًا أندريه وشمس! الإسمان لا يليقان ببعض .. اقترب منها أندريه وأمسك بيدها وتحدث:

- هسلمك لعريسك النهاردة.

ابتسمت بحب ثم أردفت:

- انا متسلمة لعريسي فعلا بس دي شكليات، إنت ناسي إن أنا حامل! إحنا بس عملنا فرح عشان كلنا نتجمع.

- أكيد طبعا عارف ده .. مش ناسي طبعا إن كريستينا حامل
(إفيه من أحد الأفلام المصرية :D)

وأخذ يقهقه كثيرًا على تلك المُزحة ولكن شمس ظلت ترمقه بضيق ثم حمحم وتحدث:

- آسف.

أما بالنسبة لجواد فقد كان يقف بغرفته وبجانبه آسيا وفيليب يبتسمان وهو يتجهز أخذ نفسًا عميقًا وهو يرى انعكاس صورتهما في المرآة .. يا الله كان فقط يتمنى ذلك والآن قد تحققت جميع آماله .. استفاق عندما اقترب منه فيليب وتحدث بانشغال وهو يقوم بضبط ياقته:

- شُكرًا إنك خليتني أوصل لليوم ده معاك .. دلوقتي عايزك تعرف إني فخور بيك يا جواد .. والأيام اللي جاية هتقربنا من بعض أكتر وهتصلح علاقتنا ببعض.

وبعد أن انتهى من ضبط ياقة جواد ابتسم له بحب أبوي وقام بضمه:

- مبروك يابني.

- الله يبارك فيك يابابا.

تنهد فيليب بارتياح وابتعد وسمح لآسيا التي تبكي بضم جواد هي الأخرى ..

- أنا فرحانة بيك أوي.

- أنا اللي مبسوط وسعيد جدا إنكم أخيرًا معايا في يوم حلو زي ده.

ثم قرروا أن يخرجوا من الغرقة لينزلوا إلى صالة الزفاف لكي يقوموا باستقبال العروس التي خرجت للتو من غرفتها مع أندريه الذي أخذ اليوم دور والدها ليقوم بتسليمها إلى زوجها .. وفي بداية القاعة كان جواد يقف أسفل أدراج الفندق ينتظر أن تقترب شمس نحوه وكان فيليب وآسيا يقفان خلفه يشعران بمشاعره المُختلطة وسعيدان كثيرًا لأجله .. حتى وصل أندريه وشمس له حياه عمه أندريه وقام بضمه وبارك له وسلمه شمس وقام بتقبيل مقدمة رأسها واتجها نحو مقعدهما في القاعة .. أما بالنسبة لعاصم فقد وقف بجانب صباح التي كانت تبكي بتأثر وهي تُطالع العروسان وكزها على كتفها لعلها تنتبه لوجوده بجانبها ..

- في إيه؟

تحدث بابتسامة:

- عقبالنا.

شعرت الخجل والتوتر في آنٍ واحد ثم أتى على بالها سؤالًا ما ..

- في حاجة مش فاهماها.

- قوليلي وأنا هساعدك .. عايزة تفهمي إيه؟

صباح بحيرة:

- بص هي إزاي جدة جواد إسمها كرستين؟ مش جواد مُسلم؟ وإزاي مامته إسمها آسيا طب ماهي كده مسلمة؟ وأبوه اسمه فيليب ده هو كده مسيحي .. وإزاي جواد اتجوز شمس أصلا؟.

قهقه عاصم بشدة:

- ياااه إنتِ جيتي متأخر أوي.

عقدت حاجبيها ثم أردفت:

- مش فاهمة، يعني إيه؟

- هفهمك .. شايفة انتي النُص اللي هناك ده؟

أشار إلى عائلة العريس ..

- اه شايفاهم.

- دول مسيحيين.

طالعته بتعجب ثم عادت تنظر نحوهم ...

- والنص اللي هناك دول مسلمين.

- يعني إيه؟!! يعني جواد مسيحي!! إزاي حراااااااااااااااام.

كادت أن تصرخ ولكن عاصم أوقفها:

- يا مجنونة بتعملي إيه؟ لا طبعا جواد مسلم زينا.

تساءلت بعدم فهم:

- إزاي؟!!!

- ياختاي هو أنا لسه هعيد!

وأخذ يشرح لها القصة كاملة وهي تُطالعهم بتعجب ثم أردفت في النهاية:

- وماله؟ مالها الوحدة الوطنية؟ كلنا حبايب واخوات في بعض.

وأطلقت زغروطة عالية وفي تلك الأثناء تم تشغيل الكثير من الأغاني الشعبية في الزفاف .. وأخد الجميع يرقص بسعادة عليها حتى جدة جواد كانت ترقص بها مع آسيا وفيليب وأمسك أندريه بيد ماري التي كانت ترتدي خاتم خطبتهما وكانت سعيدة للغاية وهي تطالعهم بانبهار ورقص أندريه معها على تلك الأغاني والتي كان الرقص على ألحانها صعبًا في البداية ولكنها اندمجت في الرقص عليها فيما بعد.

..............................

بعد مرور ثلاثة أعوام:

كانت آسيا تركض في قصرٍ ضخم اشتراه فيليب بعما استقر بمصر ليجمع به عائلته الصغيرة، كانت تضحك بقوة وكان فيليب يركض على ركبتيه خلفها لكي يسمع أيضًا قهقهات ذلك الصغير الذي يجلس فوق ظهره .. "يَزن" ..

- تيتا .. تيتا.

فيليب بحماس يشعر أنه أصبح طفلاً هو الآخر:

- يلا يا يزن نجري ورا تيتا بسرعة .. بسرعة.

- بيب بيب

ذلك ما قاله يزن بطفولة وهو يضحك وامتزجت ضحكاته مع ضحكات فيليب وآسيا وكل ذلك يحدث تحت أعين جواد وشمس اللذان يراقبانهم وكانا سعيدين للغاية لأنه وأخيرًا عوض الله فيليب وآسيا عن مافقداه منذ زمن طويل.

تمت بحمد الله 
تعليقات



×
insticator.com, 6ed3a427-c6ec-49ed-82fe-d1fadce79a7b, DIRECT, b3511ffcafb23a32 sharethrough.com, Q9IzHdvp, DIRECT, d53b998a7bd4ecd2 pubmatic.com, 95054, DIRECT, 5d62403b186f2ace rubiconproject.com, 17062, RESELLER, 0bfd66d529a55807 risecodes.com, 6124caed9c7adb0001c028d8, DIRECT openx.com, 558230700, RESELLER, 6a698e2ec38604c6 pmc.com, 1242710, DIRECT, 8dd52f825890bb44 rubiconproject.com, 10278, RESELLER, 0bfd66d529a55807 video.unrulymedia.com, 136898039, RESELLER lijit.com, 257618, RESELLER, fafdf38b16bf6b2b appnexus.com, 3695, RESELLER, f5ab79cb980f11d1