رواية مابين الحب والظلال الفصل الاول بقلم اية الفرجانى
طلعت السماعة بلحظة هدوء وردت:
= عملت اللي قولتلك عليه
كانت دي كلمات سلمى… لصحبتها "أسماء" وبدون ولا ذرة تردد
أسماء (بصوت مشدود:
= ايوا صورت العقد
سلمى (بعين ثابتة على الطريق):
=تمام ابعتلي النسخة للمحامية…
لان اللي حصل بينهم رسمي، وده يخلي ورقتي أقوى
أسماء:
= طب ناوية تعملي إيه دلوقتي؟ هتواجهيه؟
سلمى (بنبرة شبه باردة):
= لأ… مش دلوقتي لسه قدامي شويه وقت عشان افهم كويس عشان
اللي يخون وهو فاكرك مش عارفة، لازم يعيش فترة وهو فاكر إنك لسه مغفّلة
بس لما تتقفل عليه من كل ناحية، وتنهار كل الكدب اللي بناه…
ساعتها المواجهة تبقى لها طعم تاني
أسماء باستغراب:
= أنا مش مصدقة إنك ماسكة أعصابك كده دا لو انا كنت هديت الدنيا فوق دماغهم
سلمى (بضحكة فيها وجع):
= لازم اكون قويه عشان اقدر اخد حقي لان
لما تحسي إنك اتحرقتي من جوّا، بتعرفي تطبخي انتقامك على نار هادية
أسماء :
= سلمى… انتي قويه انا عارفه بس مش هتقدري تستحملي بعد احمد عنك وانت عارفه دا كويس
سلمى:
= عارفة…
بس لحد ما أنهي الدور اللي اخترت ألعبه، مفيش وقت للضعف
قفلت المكالمة، وعنيها ما زالت على الطريق
بس قلبها؟
كان جوه معركة…
ما بين خيانة وكرامة مش هتسمح تتهزم
وقفت على جنب الطريق
خدت نفس عميق
وبصّت في المراية
وشها عادي
بس عنيها؟
كانت بتحكي حكاية ست… مش ناوية تسامح… ومش ناوية تتكسر
بعد فتره كانت وصلت لمكان الاجتماع
"الشهاوي جروب" بصت علي اسم الشركه ودخلت بخطوات ثابته
&&&'::::
داخل قاعة اجتماعات زجاجية فخمة
كان يجلس "أمير الشهاوي" على رأس الطاولة الكبيرة
بدلة سوداء أنيقة، ساعة باهظة، ونظرة صارمة
الكل بيعدّل جلسته لما بيبص عليهم
السكرتير دخل بسرعة:
= الاجتماعات جاهزة يا فندم… بس المهندسة سلمى لسه ماوصلتش
أمير من غير ما يبص عليه:
= هي مش متأخرة… إحنا اللي مستعجلين
سكت السكرتير، وخرج بسرعة
دقايق وفتح باب القاعة
دخلت "سلمى" بخطوات ثابتة
لابسة أسود بسيط، أنيق
أمير ساب الملفات قدامه وبص لها بثبات وقال:
= اتأخرتي يا سلمى… على وقتهم
لكن على وقتي… جيتي في المعاد الصح
سلمى باستغراب و بنبرة رسمية:
= اعتذر عن التأخير يا أستاذ أمير
الطريق كان فيه زحمة، لكن معايا كل التقارير المطلوبة
أمير وهو بيشاور على الكرسي اللي جنب منه:
= اتفضلي… ماينفعش اجتماع بالحجم ده يتم من غيرك
قعدت سلمى
كل الموجودين قاعدين قدامهم ملفات
وأمير بيتكلم عن صفقة استيراد ضخمة مشروع بملايين الدولارات
لكن عينه، دايمًا ترجع على سلمى… يلاحظ كل حركة، كل نَفَس، وكل رد فعل
واحد من الموظفين قال فجأة:
= لو سمحت يا فندم، إحنا عندنا عرض من شركة تانية أقل بـ12٪
ليه نختار العرض اللي جاي من شركة "نُور للاستيراد" اللي بتمثلها المهندسة سلمى؟
أمير بص له بنظرة ثابتة وقال:
= لأن 12٪ توفير مش هينفعك لما يحصل خلل في الجودة…
ولا لما الشركة التانية تهربك من الضمان
لكن "نور"… وراها واحدة ما بتعرفش تشتغل نص شغل
سكت لحظة وبص لسلمى
ثم بص للمجموعة كلها وقال:
= أنا ما باخدش قراراتي بالأرقام… باخدها بالناس
وسلمى… مش مجرد اسم في العقد، دي شريكة نجاح
سلمى بصت له باستغراب بسيط
اللي قاله مش متعود تسمعه في الشغل
كان كلام كبير… وكأن في حاجة وراه
أمير كمل، وهو بيقلب الملف قدامه:
= الصفقة هتتم مع "نور للاستيراد"
والاجتماع انتهى
الكل وقف ومشوا بهدوء
ماعدا سلمى… كانت بتلم أوراقها
لما قالت:
= شكرًا على الثقة
بس ما كنتش مستنية المجاملة دي
أمير وهو واقف، ومش بيبص فيها:
= دي مش مجاملة
دي خطة شُغل… وأنا دايمًا باختار الناس اللي ما بيعرفوش يخسروا
وقبل ما ترد، بص فيها وقال بنبرة هادية بس تقيلة:
= على فكرة… شوفي موبايلك، بعتلك حاجة هتهمك
استغربت كلامه
وطلعت الموبايل
رسالة واتساب… من نفس الرقم المجهول
“اللي حواليك مش دايمًا بيبانوا… وفي حد بيحفرلك من قلب مكتبك”
اتجمدت
بصت تاني
نفس الرقم… بعده رسالة تانية:
“سما مش بريئة… ومش جاية لوحدها”
رفعت عينيها من الموبايل
وبصّت ناحية الزجاج اللي بيفصل مكتب أمير عن الممر
لقته واقف… باصص ناحيتها
بس أول ما عينه جات في عينها… لف وراح على مكتبه
&&&&&&::::
بعد العصر، أحمد قاعد لوحده في الصالة، الأولاد في أوضتهم
قاعد سرحان، بيفكر في برود سلمى، نظرتها، ردودها اللي كلها كأنها بتودّعه
فجأة
موبايله بيرن
كان رقم طارق صاحب احمد وسكرتيره
أحمد بص على الموبايل وتنهد:
= أيوه يا طارق… في إيه؟
طارق بصوت متردد شوية:
= آسف إني بكلمك دلوقتي، بس الموضوع مهم ومينفعش يستنى
أحمد:
= خير؟ حصل حاجة في الشركة؟
طارق:
= لأ… الموضوع مش في شركتنا
الموضوع عن… سلمى
أحمد بيقوم واقف بسرعة:
= في إيه؟ جرالها حاجة؟
طارق بنبرة محسوبة:
= لا لا… هي بخير
بس… كانت النهاردة عند أمير الشهاوي
في اجتماع كبير حصل في الشهاوي جروب، وهي كانت حاضرة
أحمد صوته بيعلى وهو مش فاهم:
= اجتماع إيه؟ سلمى مالها ومال أمير الشهاوي؟
طارق:
= الصفقة الجديدة اللي شركته ناوية تنفذها… سلمى شركتها دخلت فيها
والمفاجأة… إن أمير أعلن رسمي إنه اختار "نور للاستيراد"يعني شركتها للمشروع
وسلمى حضرت ووقّعت!
أحمد بيصرخ:
= إيه؟؟ أمير الشهاوي؟ هو بالذات؟
سلمى راحت له؟ واتفقوا؟
هو ده اللي كان في دماغها من الأول؟! عشان كده خبت عني الموضوع
طارق يحاول يهدي الموقف:
= أحمد… بلاش تستبق الاحداث، ممكن الصفقة تكون فعلاً شغل وبس
بس أنا… حبيت أقولك، علشان تبقى في الصورة
أحمد بعصبية وهو بيمشي في الصالة:
= ما بكرهش حد قد البني آدم ده
راجل لزج، لابس وش الشياكة وهو في الحقيقة أفعى
وبيستغل أي حاجة توصل له للسيطرة على السوق… وعلى الناس
طارق بتردد:
= طيب… أنت شايف إن ده صدفة؟
ولا سلمى... تقصّدت؟
أحمد سكت
لحظة صمت… بعدها قال بنبرة باردة لكن فيها نار تحت الرماد:
= سلمى مش بتعمل حاجة من غير قصد
ولو اختارت تشتغل مع أمير… تبقى في دماغها حاجه
بس أنا مش هسكت
مش هسيبها تتهان
ولا هسيب أمير يلعب معايا لعبة مكشوفة
طارق:
= بس خليك هادي، وفكر الأول
دي سلمى مش أي حد… يمكن…
أحمد بيقاطعه:
= أنا كنت بدوّر على طريق اسيطر بيه علي كل حاجه بس كده الموضوع هيتغير
قفل المكالمة
ورمى الموبايل على الكنبة
= أمير الشهاوي؟
تمام… نشوف مين فينا اللي هيكسب الجولة دي
&&&&&&&'''::::::
سلمى كانت واقفة في الممر، عنيها لسه على مكتب أمير، والموبايل في إيدها مش مصدقه انو امير هو الي بعت ليها
قلبها بيخبط في صدرها، مش بسبب الخوف
بس بسبب ألف سؤال ملوش إجابة
خطواتها تسارعت وجريت علي مكتبه
فتحت الباب بدون ما تستأذن
دخلت... وقفلته وراها بقوة
أمير كان واقف عند رف كتب جنب المكتب
اتلفت ببطء… ولا كأن في عاصفة داخلة عليه
سلمى بحدة:
= إنت؟!
إنت اللي بعتلي الرسايل دي؟
أمير بهدوء قاتل:
= الرسالة وصلتك… يبقى المهمة نجحت
سلمى بدهشه:
= يعني إنت بتراقبنا؟
من إمتى؟ وبتبعتلي من رقم غريب ليه؟
ليه تعمل كده؟
كنت متوقع إيه يحصل؟
وليه تقول على احمد كده؟!
أمير قعد على المكتب، وفتح ملف قدامه:
= مافيش حاجة بتتفهم وهي متغلفة بالمشاعر
افصلي… فكّري… واسألي نفسك:
لو واحدة مكانك… وكنتي تعرفي إن حواليها خطر
كنتي تفضلي ساكته؟
ولا أحذرك؟
سلمى (بعصبية):
= تحذرني؟
أنت اخترت تبعتلي بشكل يخليني أشك في الكل
ليه ما جيتش تقوللي في وشي؟ ليه تخليني أعيش مرعوبة؟
هو ده اسمه تحذير؟ ولا لعب أعصاب؟
وبعدين انت مالك واي هدفك تعمل كده
أمير ببرود واضح:
= لأنك لو كنتي عرفتي إنه أنا… كنتي هتشكّي في نيّتي
وبعدين… أنتي ما بتحبيش حد يتدخل في معركتك
أنا بس حبيت أزودلك سلاح
سلمى بصوتها بدأ يتهد:
= أنت عارف قد إيه أنا تايهة دلوقتي؟
إيه اللي انت شايفه وانا لا
أمير وقف وبص في عنيها لأول مرة بجدية:
= مش كل حاجة وقتها دلوقتي
بس هقولك كلمة واحدة… ما تثقيش في اللي بتضحكلك قوي
الضحكة ساعات بتكون غطا… وراها خنجر
سلمى بهمس:
= إنت… بتعمل كل ده ليه؟
لأنك خايف عليا؟
ولا لأن ليك مصلحة في اللي بيحصل؟
ولا… لأنك مهتم بزيادة؟
أمير ابتسم ابتسامة فيها حزن:
= كل سؤال ليه وقت…
بس مش لازم كل جواب يتقال
سلمى بصوت مكسور:
= أنا مش فاهمة إنت إيه…
بس لو كنت بتلعب، متنساش إن اللعب بالنار ممكن يولّع الدنيا كلها
أمير بهدوء تقيل:
= وأنا عمري ما لعبت بحاجة مش عارف أطفّيها
&&&&؛:::::
كان واقف قدام الشباك، الموبايل في إيده، بيعمل مكالمة ورا التانية
ساعات بيرن… ساعات بيبعت واتساب
لكن سلمى؟
ما بتردش
أحمد (بتوتر لنفسه):
= إيه في إيه يا سلمى؟
من إمتى بتقفلي تليفونك كده؟
مش طبيعي…
خد المفاتيح بسرعة ولبس الجاكيت
ولسه بيمسك الباب يفتحه…
الباب اتفتح من الناحية التانية
دخلت سلمى
وشها هادي حجابها متلخبط شوية من المشوار
شنطتها على كتفها، وموبايلها في إيدها، ولسه النور بينوّر على شاشة الاتصال الفائت من "أحمد"
أحمد بصوت عالي من غير ما يحس:
= إنتي بتعملي إيه؟
فينك من الصبح؟
أنا كنت هتجنن!
موبايلك بيرن ومابترديش!
كنت هطلع أدور عليكي في الشوارع!
إيه اللي حصل؟!
سلمى بهدوء بارد:
= كنت في الشغل… زي كل يوم اي الجديد يعني
أحمد بغضب:
= في الشغل؟ امم
مع أمير الشهاوي؟
هو ده الشغل اللي بتقولي عليه؟
هو ده اللي بقيتي تشتغلي عنده؟
ده أكتر واحد أنا مش بطيقه
سلمى رفعت حاجبها:
= هو مش صاحب الشركة اللي اتفقتوا معاها من أسبوع؟
ولا فجأة بقي عدوي وعدوك؟
أحمد مقاطعها بعصبية:
= الموضوع مش كده!
أنا… أنا قلقان عليكي
وبصراحة مش مرتاح له
في حاجة فيه غلط
وإنتي ماشية ورا كلامه كأنه منّجم! وبتوقعي معاه عقد
سلمى بعين باردة:
= لو كنت قلقان بجد… كنت سألتني بهدوء
مش كنت هستقبل هجوم وأنا لسه داخلة من الباب
أحمد بيمسك راسه:
= انتي مش فاهمة…
أنا شاكك إنه بيقربلك لسبب
وإنتي… ما بقيتيش تقوليلي أي حاجة
بقيتي غامضة!
سلمى بصوت واطي بس تقيل:
= يمكن علشان بقيت أعيش وسط ناس كلها أسرار
وما بقيتش أعرف أفرق…
مين خايف عليا… ومين خايف مني
أحمد وقف قدامها وحاول يهدي:
= سلمى… أنا مش عدوك
أنا اللي كنت جمبك في كل حاجة
إزاي فجأة تتحولي لإنسانة تانية؟
سلمى نظرت له نظرة طويلة:
= يمكن لأن الدنيا حواليا اتغيرت
وأنا… بقيت مضطرة أكون حد تاني عشان أعيش
أحمد بهمس:
= طب وأنا؟ مكاني فين في اللي بيحصل؟
سلمى وهي ماشية ناحية السلم:
= إنت؟
لو عايز تبقى في الصورة…
استناني لما أخلص الرسم....
#####:::'
قاعدة في ركن معزول
عنيها بتلف في المكان
الأنوار خافتة… والمزيكا ناعمة
كان مستنيه شخص…
دخل
ماشي بخطوات محسوبة
لابس جاكيت واسع اسود، كاب مغطّي وشه، ونظارة كبيرة سودة
كأنّه طالع من كابوس
قعد قدامها
بدون ولا كلمة
بس سما قالت بهمس:
= اتأخرت
الشخص بصوت غريب، متركب عليه فلتر واضح:
= المهم إني جيت…
إنتي جاهزة للخطوة الجاية؟
سما (بنبرة قلقة):
= أنت متأكد؟ الموضوع كبر أوي…
أحمد مش سهل… وسلمى بدأ يبقى ليها حلفاء وانا بقيت خايفه
الشخص بابتسامة خفيفة:
= بالظبط…
وعلشان كده لازم نلعبها جامد
الموجة الجاية… دمار
أنا مش جاي أفصلهم… أنا جاي أهدهم
سما متوترة:
= بس أنا مش عايزة يحصل ضرر كبير…
الشخص (قطع كلامها بهدوء مريب):
= مفيش نجاح من غير خسارة
إحنا مش بنفك اتنين…
إحنا بنقلب طاولة كاملة
سما بصوت متقطع:
= هو… هو أحمد عملك إيه؟
إنت عايز تدمره ليه بالشكل ده؟
الشخص ميل ناحيتها وقال بهمس:
= مش مهم هو عمل إيه
المهم… إنه هيدفع تمن حاجات كتير
وهي هتدفع أكتر منه
سما بتهمس:
= تقصد سلمى؟
الشخص نبرة صوته تنخفض:
= سلمى… بتفكر إنها بتحارب لوحدها
بس قريب… هتفهم إن الخطر مش جاي من قدّامها
الخطر جواها… حواليها… يمكن في أقرب حد ليها
سما حست برعشة:
= مش قادرة أصدق إنك عارف كل ده
إنت مين؟!
الشخص وقف ببطء، وقال بنبرة نهائية:
= سيبي الأسامي… للأفلام
أنا هنا علشان أغير النهاية
ومشي
سابها قاعدة
الكوبايه بتاعه لسه فيها قهوة… والكرسي لسه بيتحرك
لكن الرعب الي حسيت بيه كان غريب
اي الي متخبي وليه الشخص ده عاوز يدمر احمد
طب مين امير وليه بيساعد سلمي واحمد ليه بيكره