رواية البيت الذي يهمس كاملة بقلم محسن سالم

رواية البيت الذي يهمس كاملة  بقلم محسن سالم



١ـ النقاش مع أحمد

كانت مقهى "الفيشاوي" في القاهرة تعج بالضجيج، لكن جلستنا كانت غارقة في صمت ثقيل. رائحة الشاي بالنعناع تتصاعد بيننا، وأصابع أحمد تدق على الطاولة بإيقاع متوتر.

"يعني بجد هتروح هناك لوحدك؟" سألني بنظرة لا تخلو من اتهام.

حاولت أن أبدو هادئًا بينما كنت أدير الكوب الزجاجي بين راحتيّ. "مفيش حل تاني يا صديقي. إيجار الشقة وحده بياكل نصف مرتبي، وهذه فرصة ربنا بعتها."

أحمد أخذ نفسًا عميقًا قبل أن يرد: "عارف إنك ممكن تضحك عليّ، لكن سمعت حكايات غريبة عن قرى الصعيد. أماكن فيها حاجات... مش طبيعية."

ضحكت محاولًا تهدئة الجو: "إيه؟ خايف تلاقيني بعد أسبوع بقالب حلوى في العزبة؟"

لكن عينيه كانتا جادتين بشكل مرعب. "أنا مش بهزر. فيه أماكن بتبقى... مسكونة. وبعض الناس بتروح هناك وما بتعودش."

شعرت ببرودة غريبة تسري في ظهري رغم حر القاهرة اللاهب. "خلاص، هكلمك أول ما أوصل. لو حسيت بأي حاجة غريبة، هاجر من هناك فوري."

---

٢ـ الوصول إلى القرية

وقف القطار فجأة في محطة صغيرة، وكأنه توقف عن إرادته. كنت آخر من نزل، وحقيبتي الوحيدة بدت صغيرة بشكل مثير للشفقة في مواجهة هذا المكان الغريب.

الهواء كان ثقيلًا بحرارة رطبة، وحتى الطيور بدت صامتة في هذا المساء. سحبت من جيبي ورقة العنوان المتكومة وسألت أول شخص رأيته وقلت له بإرهاق

"عفواً يا عم

ده شارع المنصور؟"

الرجل العجوز توقف كما لو أنني صفعته. عيناه الصفراوتان اتسعتا وهو يحدق فيّ

"إنت... إنت مين؟"

"أنا ابن أخت العم حازم. جاي أستلم الميراث."

لحظة صمت طويلة، ثم أشار بإصبعه المرتعش نحو شارع ضيق مظلم. 

هناك. بس...توقف وكأنه يحارب نفسه.

"بس إيه يا عمي؟"

"ما تروحش هناك بعد المغرب أبدًا."

همس بها بسرعة قبل أن يبتعد مذعورًا، تاركًا وراءه رائحة عرق ممزوجة بالخوف.

---

٣- أول نظرة على المنزل

بدأت أمشي في الشارع الضيق، وأحسست بعيون القرية كلها تثقب ظهري. نوافذ المنازل كانت تفتح وتغلق بخفة، وأسمع همسات مكتومة تتبعني.

ثم ظهر فجأة.

المنزل.

لم يكن بناءً، بل كائنًا حجريًا مريضًا. جدرانه الصفراء المتسخة كانت تنحني كظهر عجوز، والنوافذ العالية بدت كعيون ميتة تتابع قدومي. البوابة الحديدية الصدئة صرصرت في الريح وكأنها تضحك عليّ.

وقفت مكاني، ساقاي ترفضان التحرك. في صدري، قلبي كان يخفق كطبل حرب. رائحة غريبة - رائحة تراب مبلول وورق متعفن - خرجت من المنزل لتلف أنفي.

فجأة، سمعت صوتًا خلفي: "إنت ابن مين يا ولد؟"

التفت لرؤية امرأة عجوز بملابس سوداء، عيناها غائرتان في جمجمتها.

فقلت لها متوترا من منظرها

"ابن أخت العم حازم" أجبت بصوت أجش.

ابتسمت ابتسامة تخلو تمامًا من الود

"آه... حازم العراف." همست وهي تلمس عقدة حمراء حول عنقها. "كلهم بييجوا... وما بيرجعوش."

ثم اختفت في الظلام، تاركة إياي وحدي أمام هذا الكابوس الحجري.

٤- العتبة الأولى

المفتاح الصدئ قاوم القفل قبل أن يفتح بصوت عالٍ كطلقة مسدس. الباب الخشبي تزحلق على أرضيته الحجرية بصوت يشبه أنين إنسان.

رائحة كريهة جدا ضربت وجهي بقوة. وقفت على العتبة، عيناي تدمعان من الغبار والرائحة. المصباح الكهربائي في السقف كان مكسورًا، وآخر أشعة الشمس كانت تتسلل من النوافذ المتسخة، مطلقة ظلالًا متشنجة على الجدران.

صعدت درجة... ثم أخرى... خشب السلم صرخ تحت قدمي. في الأعلى، ممر طويل بأبواب متعددة، كلها مغلقة إلا واحدة.

من تلك الغرفة المفتوحة، سمعت صوتًا خافتًا:

"أخيرًا... جئت."

لكن عندما اقتربت، لم أجد سوى غرفة خالية مغطاة بطبقة سميكة من الغبار. على الأرض، آثار أقدام... كثيرة... وكأن حشدًا كان يقف هنا للتو.

---

٥- الليلة الأولى

الظلام كان مختلفًا هنا. لم يكن مجرد غياب للنور، بل كيانًا حيًا يتنفس. اضطجعت على السرير الحديدي البارد، كل حاسة من حواسي مشدودة لأقصى حد.

ثم...

طنين.

صوت خدش على الباب.

"مين؟!" قفزت من السرير، يداي ترتجفان.

لا جواب. فقط همسة باردة عبر الباب: 

خالد. أخيرًا جيت

المصباح الزيتي الوحيد في الغرفة بدأ يخفت فجأة. في الزاوية، رأيت.

لا.

لا يمكن.

طفلة صغيرة بملابس بيضاء، تبتسم لي. لكن عينيها...

عينيها كانتا سوداوتين تمامًا.

"ماما بتقول إنك هتبقى معنا للأبد. 

همست بصوت طفولي بريء.

ثم انطفأ المصباح تمامًا.

في الظلام، أحسست بأصابع صغيرة تلمس وجهي.

وغبت عن الوعي

---

الفصل الثاني: الدمى التي تتكلم

١- الصحوة المرعبة

انتفضت من الغيبوبه وكأن أحدًا صفعني. ضوء الصباح الباهت يتسلل من النافذة المتسخة، يرسم خطوطًا مائلة على الأرضية الخشبية المتآكلة. تنفّسي كان سريعًا كأنني أجريت ماراثونًا، وملابسي لاصقة بجسدي من العرق البارد.

"كان مجرد حلم..." همست لنفسي وأنا أمسح جبيني المرتعش.

ثم نظرت إلى وسادتي.

كانت هناك بصمة صغيرة... كأن طفلة جالت بأصابعها على القماش الأبيض. بقع رطبة تشبه آثار اللعاب. قفزت من السرير وكأنني لمست نارًا.

الهاتف يرن فجأة، صوت أحمد يخرج منه بقلق:

"إيه يا راجل إنت زهقان مني كده؟

من أمبارح ما كلمتنيش

حاولت أن أضبط صوتي وانا اقول له

"آه.. آسف يا عم. البطارية نفدت." كذبت.

طب إيه رأيك في البيت؟

نظرت حولي. الغرفة كانت هادئة الآن، لكن الجو بدا أثقل من أي وقت مضى

"غريب شوية.. بس هتعوّد."

في الخلفية، سمعت صوت درجات السلم تُصرّح كما لو أن أحدًا يصعدها ببطء.

---

٢- اكتشاف العلّية

السلم الخشبي المؤدي إلى العلّية كان متآكلًا كأنه لم يُستخدم منذ قرون. كل درجة كانت تصرخ تحت وزني كأنها ستتكسر. في الأعلى، باب صغير مغلق بسلاسل صدئة.

"لابد أن هنا مكان يحفظ الأوراق المهمة..." فكرت بصوت عالٍ.

المفك في يدي ارتطم بالسلاسل التي سقطت بضجة مدوية. الباب انفتح ببطء بصوت يشبه أنين عجوز.

دخلت إلى غرفة مغبرة، أشعة الشمس تتسلل من شبّاك صغير، تكشف عن عشرات... بل مئات... من الدمى موضوعة على رفوف خشبية.

دمى بملابس تراثية. دمى بوجوه شمعية شاحبة. دمى بعيون زجاجية تلمع في الظلام.

لكن الأكثر إثارة للرعب.

إحدى الدمى كانت جالسة على كرسي صغير في المنتصف، ترتدي فستانًا أسود باليًا، وعلى حجرها

مذكرة صغيرة.

اقتربت بخطوات مترددة. المذكرة كانت مفتوحة على صفحة مكتوب عليها بخط متعرج:

"مرحبًا بعودتك يا حازم. لقد افتقدناك."

ارتجفت يدي وأنا أقلب الصفحة. دمعة سقطت على الورق... لكنها لم تكن دمعة من عيني.

نظرت إلى الأعلى.

الدمية... كانت تبكي.

---

٣- المحادثة المسائية

"أحمد.. أنا محتاج أتكلم مع حد." صوتي كان أجشًا من قلة النوم.

"إنت متضايق؟ قول."

التحديق في مرآة الحمام الصدئة بينما أحاول إقناع نفسي أن ما أراه مجرد هلوسة

"هو.. لو قلت لك إن في حاجات هنا.. مش طبيعية؟"

صمت طويل في الطرف الآخر. 

يعني إيه؟

الدمى.. بتتحرك.

ضحكة أحمد كانت متكلفة 

إنت بتتهري كده ليه؟ يمكن من الغبار أو

واحدة منهم.. كتبت اسمي

صرخت دون أن أنتبه ربنا بسبب الإنفعال والضغط الزائدين

الصمت أصبح أثقل. ثم همس أحمد

أنا جاي عندك بكرة الصبح. متلمسش حاجة هناك. وإياك والعلّية اللي قلت لي عليها دي

لكنها كانت نصيحة متأخرة جدًا.

في تلك اللحظة، سمعت صوت أقدام صغيرة تركض في الممر خلفي.

---

٤- الليل الأسود

المصباح الزيتي يلقي بظلال متشنجة على جدران غرفتي. كل ظل يبدو كذراع ممتد ليلتقطني. الأصوات لم تتوقف منذ أن غربت الشمس

خشخشة تحت السرير.

دقات إصبع على النافذة.

أنين طفولي يأتي من خلف الباب.

أمسكت بالمصباح بيد مرتعشة، النور يتذبذب مع كل خطوة أخطوها نحو الباب.

"مفيش حاجة.. مفيش حاجة" كنت أكررها كتعويذة.

فتحت الباب فجأة.

الممر كان فارغًا. إلا من...

دمية صغيرة ملقاة على الأرض، رأسها مقلوب للخلف، عيناها الزجاجيتين تحدقان بي. وفمها المطاطي الصغير...

كان يبتسم.

---

٥- الصرخة التي لم تُسمع

الهاتف يرن فجأة. صوت أحمد يصرخ: "ما تفتحش الباب! اسمعني! هم بيستخدمو-"

الخط انقطع.

في نفس اللحظة، كل دمى العلّية بدأت تسقط من الرفوف، تضرب الأرض بضربات متزامنة.

دق. دق. دق.

صوت زحف آلاف الأرجل الصغيرة يأتي من السلم.

الباب يهتز كما لو أن إعصارًا يضربه من الخارج.

الدمية عند قدمي... تحركت فجأة.. وأمسكت ببنطالي بإصبعين شمعيتين.

فمها المطاطي تمدد إلى ثلاث أضعاف حجمه، وهمس بصوت عشرات الأطفال معًا

"ماما جاية علشان تاخدك معانا."

ثم انطفأ المصباح.

---

الفصل الثالث: العروس الشاحبة

١- الصحوة في الظلام

فتحت عينيَّ على ظلام دامس. لم أكن متأكدًا إذا كنت لا أزال في المنزل أم في مكان آخر. الهواء كان ثقيلًا برائحة زهور ذابلة ممزوجة بشيء معدني كالدم. حاولت الجلوس لكني اكتشفت أن يديَّ مقيدتان إلى جانبي السرير بشرائط قماشية بيضاء.

"أحمد؟" همست بصوت أجش.

لا رد. فقط صوت تنفس خفيف يأتي من زاوية الغرفة.

المصباح الزيتي على الطاولة البعيدة اشتعل فجأة من تلقاء نفسه، ملقياً ضوءًا خافتًا كشف عن شخصية واقفة في الزاوية.

ثوب أبيض طويل. شعر أسود يغطي الوجه. يدين شاحبتين بمخالب طويلة.

م..من أنتِ؟

ارتعش صوتي.

رفعت المرأة رأسها ببطء. الشعر انزاح ليظهر وجهًا شاحبًا كالقمر، شفتان زرقاوان، وعينان...

لم تكن لها عينان.

فجواطت سوداء تدمي سائلًا أسودًا يسيل على خديها.

ابتسمت بلا شفاه 

"زوجي أخيرًا استيقظ."

---

٢-  طقوس الزواج

سحبتني تلك الأيادي الباردة من السرير. الشرائط القماشية تحولت فجأة إلى حبال من شعر بشري مجدول. الغرفة لم تكن غرفتي بعد الآن - بل قاعة عتيقة بجدران حجرية، شموع سوداء تنضج شمعًا أحمر كالدم.

في الزوايا، وقفت دمى العلية مرصوفة كشهود زفاف. عيونها الزجاجية تلمع في الظلام.

العروس الشاحبة جذبتني إلى منصة مرتفعة حيث انتظر كاهن بثوب أسود. وجهه كان مغطى بقناع خشبي متحرك، يفتح ويغلق مع كل كلمة ينطقها:

"بإسم من ناموا تحت هذه الأرض.. أعلنكما زوجين."

شعرت بيدها الباردة تمسك بيدي. أظافرها اخترقت جلدي. الدم سال على الأرضية الخشبية ورسم رموزًا غريبة.

الكاهن قدم لي كأسًا من فضة

"اشرب لتكتمل الوصلة."

داخل الكأس... سائل أسود يتحرك كأنه حي.

كنت كالمخدر

---

٣- الهروب المستحيل

رفضت شفتاي الكأس

العروس صرخت بصوت  غير بشري، القاعة كلها اهتزت. الدمى بدأت تتقدم نحوي، أذرعها الصغيرة تتحرك بسرعة غير طبيعية.

الكاهن أمسك رأسي بالقوة بينما تصب العروس السائل الأسود في فمي.

طعمه كان... ذكريات.

رأيت العم حازم شابًا يوقّع على ورقة بنفس هذه القاعة.

رأيت رجالاً ونساءً يموتون واحدًا تلو الآخر في المنزل.

رأيت نفسي... نائمًا في السرير بينما العروس تجلس إلى جانبي تحدق بي منذ الليلة الأولى.

السائل كان يجري في عروقي كالنار. شعرت بشيء داخل جمجمتي يتنبه.

في لحظة يأس، عضضت لساني حتى سال الدم. العروس صرخت عندما لمس دمي جلدها الشاحب، مخلّفًا حروقًا تدخن.

هربت بينما القاعة تنهار، الدمى تحترق ورائي كفراشات ورقية.

---

٤- الحقيقة في القبو

سقطت في القبو بينما الأرض تهتز. أمامي، جدار من الطوب المنهار كشف عن غرفة سرية.

داخل تلك الغرفة:

جثث محنطة بملابس تعود لعصور مختلفة، كلها جالسة حول طاولة.

في المنتصف، العم خالد محنطًا هو الآخر، يمسك بيده ورقة مكتوب عليها اسمي.

على الحائط، ساعة جدارية متوقفة عند 3:33 صباحًا.

صوت العروس يأتي من الأعلى: "زوجي... لا يمكنك الهروب من مصيرك."

يد صغيرة تمسك بيدي. التفت لرؤية الطفلة الدمية، عيناها الآن حمراوان:

"ساعدني... وسأساعدك."

---

٥- الصفقة

الدمية قادتني إلى نفق تحت الأرض. في النهاية، غرفة صغيرة بها تابوت زجاجي.

داخل التابوت... جثة العروس الحقيقية محفوظة في سائل أصفر.

هي ماتت منذ مئة عام

همست بها الدميه

لكنها تريد عريسًا حيًا لتعود

سحبت من جيبها الصغير سكينا صدئًا

"اقطع رأسها في التابوت... وسأحررك."

لكن...

عندما اقتربت من التابوت، رأيت شيئًا جعل دمي يتجمد.

الجثة فتحت عينيها

وشعرت بألم رهيب في ظهري

والتفت فرأيت

الدميه الصغيره قد دست السكين فيه

وهي تقول

"آسفة... لكنها أمي."

---

الفصل الرابع: الأجراس التي تدق تحت الأرض

١- الصحوة في الظلام

فتحت عينيَّ على ألم حارق في ظهري. الدم كان ينزف بغزارة حيث طعنتني الدمية الصغيرة. حاولت الحركة لكن جسدي كان مثقلاً كأنه مليء بالرصاص. السقف المنخفض للنفق كان يتنفس معي، يتسع ويضيق كرئة حججرية.

رائحة العفن اختلطت برائحة دمي. الزاحف على يديَّ وركبتيَّ في ذلك النفق الضيق، كل حركة كانت تجرّ وراءها خطًا من الدم.

ثم سمعتها...

دينغ... دونغ...

أجراس بعيدة تدق تحت قدميَّ. كل دقة كانت تهز الأرض كزلزال صغير.

الدمية كانت قد اختفت، لكن صوتها ما زال يرن في رأسي:

"هي تريدك أن تصل إليها... لكن الأجراس ستأخذك أولاً."

---

٢- الغرفة المستديرة

النفق انتهى فجأة بغرفة مستديرة غريبة. الجدرن منحوتة بوجوه بشرية متألمة، أفواهها مفتوحة في صمت صارخ. في المنتصف، بئر عميقة، منها يصدر صوت الأجراس.

على حافة البئر، وقفت عشرات الدمى في دائرة، رؤوسها مائلة للخلف، عيونها الزجاجية تحدق في شيء فوقي.

نظرت إلى الأعلى.

السقف كان مغطى بأجساد محنطة، معلقة بالشعر، تتأرجح كالثمار الناضجة. بينهم، رأيت جثة أحمد، عيناه مفتوحتان على وسعهم، وفمه مخيط بخيط أسود.

لا... لا... هذا مستحيل

لكن الأجراس تحت قدميَّ ضحكت. 

دينغ دونغ... دينغ دونغ...

إحدى الدمى التفتت نحوي ببطء:

لقد حذرته... لكن الأصدقاء لا يستمعون أحيانًا.

---

٣-  النزول

حبل متآكل معلق في البئر. صوت الأجراس يصبح أعلى مع كل لحظة.

"لازم أنزل... لازم أعرف..."

القبضة على الحبل قطعت يديَّ النازفتين. الظلام تحته كان مطلقًا، كأنه يبتلع كل ضوء.

ثم...

القدمين لمستا الماء. بارد كالجليد. الأجراس تدق الآن من كل الاتجاهات.

ضوء أزرق خافت كشف عن منصة حججرية في وسط المياه. عليها... جسد العروس، لكن هذه المرة:

شفتاها مفتوحتان على وسعهم، مليئتان بالديدان الصغيرة.

بطنها مفتوح، وكأن شيئًا خرج منها مؤخرًا.

في يديها، حملت جرة صغيرة، منها يخرج صوت الأجراس.

اقتربت، المياه الآن عند خصري. شيء ما تحت الماء يلمس ساقيَّ...

---

٤- الجرة الملعونة

اليدان المرتعشتان فتحتا الجرة.

داخلها.

لسان بشري مخفف، مربوط بخيط أسود، يهتز كلما دق الجرس.

اللحظة التي لمستها...

الرؤية ضربتني كالمطرقة

العم حازم وهو شاب

يقطع لسان امرأة حية في هذه الغرفة نفسها.

المرأة... العروس... تدفن حية في الجدار.

قبل أن تموت،

لعنت المنزل وأهله.

الجرس الأخير دق...

دونغ...

وكل الأجساد المحنطة في الأعلى سقطت في الماء معي.

---

٥- الصحوة الأخيرة

استيقظت على أرضية القبو. الجرح في ظهري ما زال ينزف. لكن...

شيء ما كان مختلفًا.

اللسان... كان الآن في فمي.

وحين حاولت الصراخ.

صوت العروس خرج من حنجرتي

"أخيرًا... اكتمل الانتقال."

في المرآة القديمة، رأيت وجهها بدأ يحل محل وجهي.

---

الفصل الخامس: الرجل الذي لم يعد نفسه

١-  التحول

أسبوع بعد ذلك.

جلست في مقهى الفيشاوي، نفس الكرسي الذي جلست عليه مع أحمد. النادل يتجنب نظري. الزبائن يبتعدون.

في المرآة أمامي:

عيناي أصبحتا أغمق، تكادان تكونان سوداوين.

شعري يسقط خصلًا خصلًا.

أسناني... تصبح أكثر حدة.

الهاتف يرن. صوت أمي:

كيف الحال يا ولدي؟ متى تعود؟

لكن عندما أجبت...

صوت أنثوي خرج من فمي:

أنا بالفعل في بيتي يا عزيزتي.

---

٢-  زيارة غير متوقعة

المنزل الآن نظيف. الدمى في أماكنها. العروس... أنا... أجلس في الغرفة الأمامية.

الجرس يدق.

على الباب، أحمد واقفًا، وجهه شاحب:

"دورت عليك ف كل مكان... إيه اللي حصل لك؟"

ابتسمت له بابتسامتها الواسعة جدًا:

لقيت عيلة جديدة... عايز تنضم لينا؟

ورائي، كل الدمى تهمس:

"نعم... فلينضم إلينا."

---

٣-  العرس الأخير

القبو الآن تحول إلى قاعة زفاف.

أحمد مقيد على الكرسي، عيناه مفتوحتان بالرعب.

أنا... هي... أرتدي ثوب الزفاف الأبيض المتسخ.

في يديَّ، السكين الصدئ الذي طعنتني به الدمية.

"كل عروس تحتاج إلى شاهد..."

الدمى تصفق بحماس بينما أرفع السكين.

أحمد يصرخ... لكن لا أحد يسمع.

---

٤- الجيران يهمسون

في القرية، الجدة العجوز تهز رأسها بينما تشاهد المنزل من نافذتها.

"آخرهم... كان أسرع من غيره."

في الداخل، الضحكات تملأ الغرف.

النوافذ تضيء وحدها.

والدمى... تتحرك بحرية الآن.

---

٥- دعوة مفتوحة

الآن، أنت...

أيها القارئ العزيز...

هل شعرت يومًا بأن المنزل يراقبك؟

هل سمعت خطوات في العلية ليلاً؟

هل رأيت دمعة على خد دمية قديمة؟

إنها تبحث عن عريس جديد.

ربما... ستكون أنت الضيف التالي.

في منتصف الليل، إذا سمعت أجراسًا تحت سريرك...

لا تنظر إلى الأسفل.

فهي بالفعل...

تنظر إليك.

[النهاية]
انتهت احداث الرواية نتمني ان تكون نالت اعجابكم وبانتظار ارائكم في التعليقات وشكرا لزيارتكم عالم روايات سكيرهوم

للمزيد من الروايات الحصرية زورو قناتنا علي التليجرام من هنا
تعليقات



×
insticator.com, 6ed3a427-c6ec-49ed-82fe-d1fadce79a7b, DIRECT, b3511ffcafb23a32 sharethrough.com, Q9IzHdvp, DIRECT, d53b998a7bd4ecd2 pubmatic.com, 95054, DIRECT, 5d62403b186f2ace rubiconproject.com, 17062, RESELLER, 0bfd66d529a55807 risecodes.com, 6124caed9c7adb0001c028d8, DIRECT openx.com, 558230700, RESELLER, 6a698e2ec38604c6 pmc.com, 1242710, DIRECT, 8dd52f825890bb44 rubiconproject.com, 10278, RESELLER, 0bfd66d529a55807 video.unrulymedia.com, 136898039, RESELLER lijit.com, 257618, RESELLER, fafdf38b16bf6b2b appnexus.com, 3695, RESELLER, f5ab79cb980f11d1