قصة لعنة الزمن كاملة بقلم اوكسيم

قصة لعنة الزمن كاملة بقلم اوكسيم



عندما دخلت ليلى مدرستها في صباح يوم غريب، لاحظت أن كل شيء يبدو مألوفًا بشكل غريب، لكنه متوقف في مكانه. الطلاب كانوا يجلسون في الفصول، المعلمون يشرحون، لكن الكلمات التي تُقال تتكرر بنفس الإيقاع والعبارات. صوت أجراس المدرسة كان يرنّ، لكنه لا يتغير، وكأنه عالق في لحظة واحدة تتكرر بلا نهاية.
في البداية، اعتقدت ليلى أن الأمر مجرد حلم أو مزحة سخيفة، لكن كلما حاولت الحديث إلى أي شخص، كانوا ينظرون إليها بعيون فارغة قبل أن يعيدوا نفس الجملة التي قالوها قبل ثوانٍ.
قررت التجول في المدرسة لتفهم ما يجري. الممرات كانت مليئة بأصوات خطوات خافتة، وكأن أحدهم يراقبها من بعيد. عندما اقتربت من غرفة الأنشطة، وجدت مرآة كبيرة على الحائط تعكس صورتها، لكن الغريب أن صورتها في المرآة كانت تتحرك بشكل مختلف عنها. حين اقتربت أكثر، انكسرت المرآة فجأة دون أي سبب، وظهرت خلفها رسالة محفورة على الجدار تقول: "الخطأ يجب أن يُصحَّح."
شعرت ليلى برعب شديد، لكنها واصلت البحث. وصلت إلى المكتبة، حيث لاحظت أن الكتب الموجودة هناك تتحدث عن المدرسة نفسها، لكنها مليئة بأحداث غامضة وصور مشوهة للطلاب. في إحدى الصور القديمة، رأت وجوهًا مشابهة لزملائها الحاليين، لكن ملامحهم كانت أكثر قتامة ومخيفة. في صفحة أخرى، رأت صورة المدير السابق، وكتب تحتها: "المذنب الأكبر."
بينما كانت تقلب صفحات الكتاب، سقطت ورقة صفراء صغيرة مكتوب عليها: "إذا أردت النجاة، عليك الدخول إلى غرفة المدير." شعرت ليلى بالخوف، لكنها قررت أن تتبع التعليمات.
عندما وصلت إلى غرفة المدير، وجدت الباب موصدًا بسلاسل ضخمة، لكن الغريب أن السلاسل كانت تتحرك وكأنها حية. ترددت للحظة، ثم مدت يدها لتفتح الباب، وسمعت صوتًا هامسًا خلفها: "الخطأ لا يُغفر."
داخل الغرفة، كان كل شيء يبدو متوقفًا، لكن الهواء كان مشحونًا بطاقة غريبة. على المكتب، كانت هناك ملفات تحمل أسماء الطلاب، وكل ملف يحتوي على تفاصيل دقيقة عن حياتهم ومستقبلهم. في نهاية المكتب، وجدت ساعة كبيرة، عقاربها تدور في الاتجاه المعاكس بسرعة مخيفة.
فجأة، سمعت صوت خطوات تقترب من خلفها. التفتت لتجد رجلاً عجوزًا يرتدي زي المدير، لكن ملامحه كانت مشوهة وأسنانه حادة. قال لها بصوت عميق: "لقد اكتشفتِ السر، لكن هل ستتحملين العواقب؟"
ليلى حاولت أن تتراجع، لكن الباب خلفها أغلق بقوة، وكأن يدًا خفية دفعته. نظرت إلى المدير المشوه، وعيناه كانتا تلمعان بلون أحمر غامق. تقدّم نحوها بخطوات بطيئة، وقال: "هل تعرفين لماذا عُلّق الزمن هنا؟"
هزت رأسها برعب، لكنه أكمل: "هذه المدرسة هي سجن، والطلاب هنا هم الضحايا. لقد أخطأتُ قبل سنوات عديدة، وكعقاب، حُكم عليَّ بحبس الجميع في هذه اللحظة الأبدية. أنتِ دخلتِ دون أن تكوني جزءًا من اللعنة، وهذا يجعلكِ مفتاح الحل... أو قربانًا جديدًا."
في تلك اللحظة، بدأت الأرض تهتز، والجدران تنبعث منها أصوات همسات وأصوات صراخ بعيدة. الملفات الموجودة على المكتب فتحت نفسها تلقائيًا، وأسماء الطلاب تحولت إلى رموز غريبة. الساعة الكبيرة توقفت فجأة، وعقاربها انكسرت، مما أدى إلى إطلاق دخان أسود كثيف ملأ الغرفة.
ليلى بدأت تسعل بشدة وحاولت البحث عن مخرج. لاحظت أن أحد الملفات كان يحمل اسمها، لكنه لم يكن موجودًا عندما دخلت. فتحت الملف بسرعة ووجدت فيه ورقة مكتوب عليها: "لتصحيح الخطأ، يجب أن تعودي بالزمن وتواجهيه."
قبل أن تفهم معنى ذلك، انفجر المكان بضوء ساطع، وجدت نفسها واقفة في نفس المدرسة، لكنها هذه المرة قبل عشرين عامًا. المدرسة كانت مليئة بالحياة، والطلاب يركضون والضحك يملأ الأرجاء.
ركضت بسرعة نحو مكتب المدير، حيث كان المدير نفسه، لكن يبدو أصغر سنًا. رأته وهو يفتح صندوقًا صغيرًا يحتوي على حجر أسود غريب الشكل. عندما لمس الحجر، تحولت عيناه إلى اللون الأحمر، تمامًا كما رأته في الحاضر. فجأة، بدأ الطلاب يتجمدون واحدًا تلو الآخر.
صرخت ليلى: "توقف! هذا هو سبب كل شيء!"
التفت المدير نحوها بدهشة، وقال: "من أنتِ؟ وكيف أتيتِ إلى هنا؟"
أخبرته بكل شيء، لكنه بدا غاضبًا: "لا يمكنكِ تغيير ما حدث! هذه القوة هي لعنتي وكنزي في الوقت نفسه. إذا أردتِ إيقافها، يجب أن تدفعي الثمن!"
في تلك اللحظة، بدأ الحجر يشع بقوة غامضة، وسمعت ليلى أصوات الطلاب يصرخون من داخل الحجر، وكأن أرواحهم محبوسة داخله.
كان أمامها خياران:
إما أن تكسر الحجر، مما قد يؤدي إلى اختفاء المدرسة وكل من فيها.
أو أن تأخذ مكان المدير وتصبح الحارسة الجديدة للزمن.
بينما كانت يدها ترتجف، تقدمت نحو الحجر...
ليلى اقتربت من الحجر الذي كان ينبض وكأنه قلب حي، شعرت بطاقة غريبة تسري في جسدها، وكأن الحجر يناديها بلغة لا يفهمها إلا عقلها. الأصوات القادمة من داخله ازدادت حدة، صراخ مختلط برجاء وأوامر غامضة تقول: "حررينا... اكسرينا... أو انضم إلينا."
نظرت إلى المدير، الذي بدأ يتحول تدريجيًا إلى كيان غير بشري؛ جلده أصبح رماديًا مشققًا، وأطرافه تمتد بشكل غير طبيعي. قال بصوت يشبه زئير الوحش: "لا تقتربي من الحجر! لا تفهمين عواقب ما ستفعلينه!"
لكن ليلى لم تتوقف. أمسكت بالحجر بكلتا يديها، وشعرت بحرارة شديدة كادت تحرق جلدها. الحجر بدأ ينبض بشكل أعنف، وعرض أمام عينيها رؤى مروعة. رأت كيف ارتكب المدير أول خطأ:
كان في حفل تكريم، وبسبب غروره وطمعه في القوة، استخدم الحجر لاستدعاء طاقة تُبقيه في منصبه للأبد. لكنه بدلاً من ذلك، حوَّل كل من في المدرسة إلى أرواح محبوسة داخل اللحظة الزمنية المتجمدة.
الأرض من حول ليلى بدأت تتشقق، وأعمدة سوداء ضخمة خرجت من الجدران وكأنها تحاول حمايتها. أحد الأعمدة ضرب المدير، فأطاح به بعيدًا، لكنه لم يمت. زحف باتجاه ليلى، محاولًا انتزاع الحجر من يديها.
بصعوبة، صرخت ليلى: "إذا لم أفعل شيئًا، سنبقى عالقين للأبد!"
رد المدير بصوت متهدج: "إذا كسرت الحجر، ستفتحين بوابةً للعالم الآخر. الأرواح الغاضبة ستلتهم الجميع، ولن ينجو أحد!"
ترددت للحظة، ثم فكرت: "لكن لو تركت الأمور كما هي، فالجميع سيظل محبوسًا هنا!"
مع ترددها، بدأ الحجر يشع بضوء أسود كثيف، وجذب ليلى إلى داخله. وجدت نفسها فجأة داخل عالم مليء بالظلال، حيث كانت الأرواح المسجونة تسير بلا وجوه، تبحث عن الخلاص. اقتربت منها إحداها وقالت: "أنتِ لستِ مثلنا... يمكنك إنهاء هذه الدائرة. لكن الثمن سيكون حياتك."
خافت ليلى، لكنها أدركت أن هذه الأرواح كانت ضحايا، وأنها الوحيدة التي تمتلك خيار التغيير. عادت بوعيها إلى العالم الحقيقي، حيث كان المدير يحاول خنقها لانتزاع الحجر.
جمعت كل قوتها وصرخت: "إن كان علي التضحية لإنقاذهم، سأفعل!"
حطمت الحجر بقوة على الأرض، وحدث انفجار مدوٍ. صرخت الأرواح المحبوسة وهي تخرج من الحجر، لتتحرر أخيرًا. المدير بدأ يذوب كالرماد، بينما المدرسة انهارت حولها، وتحولت إلى فراغ مظلم.
وجدت ليلى نفسها مستلقية على العشب خارج المدرسة، لكن المكان كان مختلفًا. المدرسة اختفت بالكامل، ومعها جميع الطلاب. فقط صدى أصواتهم ظل عالقًا في ذهنها.
بينما نهضت، رأت ظلًا يتحرك بعيدًا، وشعرت بشيء يهمس في أذنها: "كل شيء انتهى، لكنكِ أصبحتِ الحارسة الجديدة. العالم الآن يعتمد عليكِ."
التفاصيل لم تكن واضحة، لكن ليلى عرفت أن الزمن نفسه قد وضع مسؤولية ثقيلة على عاتقها. بينما عادت إلى بيتها، لم تكن متأكدة إن كانت قد أنقذت الجميع... أم بدأت كابوسًا جديدًا.
ليلى عادت إلى بيتها محملة بشعور غريب؛ كانت تعرف أن الأمور لم تنته تماما. الليل كان ثقيلا والهدوء المريب من حولها جعلها تشعر وكأن شيئا مظلمًا يتربص في الظلال. عندما أغلقت باب غرفتها، سمعت صوتًا خافتًا يشبه التنفس خلفها.
التفتت بسرعة، لكن الغرفة كانت فارغة. الأضواء بدأت تخفت تدريجيًا، ومرآتها الصغيرة في الزاوية انعكست فيها صورة غرفة مظلمة ليست غرفتها. اقتربت ليلى من المرآة بحذر، ورأت وجها يظهر ببطء خلفها؛ وجه المدير المشوه. كان يبتسم ابتسامة شيطانية ويقول: "هل تعتقدين أنك حرة ؟ اللعنة لم تُرفع، لقد أصبحت جزءًا منها."
حاولت التراجع، لكن المرآة أمسكت بيدها، وكأنها تحولت إلى مادة لزجة. حاولت الصراخ، لكن صوتها اختفى فجأة، وجدت نفسها في مكان جديد؛ مدرسة أخرى، لكنها كانت مختلفة. الجدران سوداء، الأرضية مغطاة برموز غريبة، والطلاب كانوا يمشون كالدمى عيونهم فارغة وأجسادهم تترنح.
بدأت تسمع همسات قادمة من كل زاوية: "أنت الحارسة الآن... عليك دفع الثمن... أو أن ينتهي العالم."
في هذه المدرسة الجديدة، كان هناك غرفة واحدة مضاءة، بابها يحمل نفس الرموز التي رأتها داخل الحجر عندما فتحت الباب، وجدت مكتبا مليئا بالكتب القديمة، وعلى الحائط كانت هناك ساعة جديدة. عقاربها تدور بسرعة جنونية، وكأنها تحسب الوقت المتبقي لها.
من بين الكتب، ظهر كتاب يحمل اسمها، فتحته بیدین مرتجفتين، لتجد صفحة واحدة مكتوب عليها: "مهمتك الأولى: مواجهة الماضي. الحارسة لا تهرب."
فجأة انفتح الباب بقوة، واندفع شخص يشبهها تماما، لكنه بملامح قاتمة وابتسامة ملتوية. قال الشخص بصوتها : "أنا ظلك. إذا أردت النجاة، عليك أن تقتليني."
لم تستطع ليلى التصديق. حاولت التراجع، لكن ظلها هجم عليها بقوة. كانت تشعر وكأنها تقاتل نفسها. الظل كان يعرف كل حركاتها، كل ضعفها وكل مخاوفها.
بدأت المدرسة تنهار من حولها، والساعة على الحائط بدأت تصدر أصوانًا مخيفة وكأنها تنذر بنهاية وشيكة. بينما كانت تكافح، رأت انعكاسها في الزجاج، وتذكرت الحجر الذي حطمته. شعرت أن اللعنة مرتبطة بشيء أعمق مما أدركته.
صوت همسات جديدة بدأ يملأ الغرفة: "الخيار بيدك... موتكِ هو الحل، أو مواجهة ما وراء الزمن."
كانت تعلم أن هذه مجرد البداية. شيء أكبر بكثير ينتظرها، وأنها أصبحت الآن جزءًا من دورة أزلية لا نهاية لها. لكن السؤال الذي بقي عالقًا في ذهنها: هل ستتمكن من كسر هذه الدورة... أم ستظل عالقة للأبد؟
بينما كانت ليلى تصارع ظلها، أدركت أن المواجهة ليست الحل، بل الفهم. توقفت عن القتال، وأخذت نفسًا عميقًا وهي تنظر إلى ظلها مباشرةً. همست: "أنتِ لستِ عدوي. أنتِ جزء مني، وجزء من هذه اللعنة."
توقف الظل عن الهجوم، وبدأ يتلاشى ببطء، تاركًا وراءه رسالة محفورة على الأرض: "القبول هو المفتاح."
فجأة، وجدت ليلى نفسها في قلب المدرسة القديمة مجددًا، لكن كل شيء كان مختلفًا. الطلاب كانوا أحرارًا، يضحكون ويتحدثون، والمدير كان جالسًا في مكتبه، بملامح عادية وغير مشوهة.
عندما دخلت ليلى إلى المكتب، نظر إليها المدير بابتسامة حزينة وقال: "لقد فعلتِ ما عجزتُ عن فعله. كسرتِ اللعنة، لكن الثمن كان كبيرًا. أنتِ الآن الحارسة بين العالمين، الزمن والحقيقة. مهمتكِ هي حماية التوازن."
سألته ليلى: "وماذا عني؟ هل سأعيش حياتي الطبيعية؟"
رد المدير: "حياتكِ لن تكون طبيعية بعد الآن. ستعيشين في الظل، لكنكِ ستكونين السبب في أن يعيش الآخرون حياتهم بسلام."
عادت ليلى إلى بيتها، لكنها شعرت أن العالم من حولها لم يعد كما كان. أصبحت ترى الأشياء التي لا يراها الآخرون: أحداث عالقة بين الماضي والمستقبل، أرواح تبحث عن السلام، وخطوط زمنية تتقاطع.
وفي كل ليلة، كانت تسمع صوت الساعة القديمة، وكأنها تذكرها بمسؤوليتها الجديدة. عاشت ليلى حياتها في الخفاء، توازن بين الزمن والواقع، لتصبح الحارسة التي أنقذت الجميع... ولكن بثمن غالٍ: حريتها.
كانت النهاية درسًا كبيرًا لها: مواجهة الأخطاء وقبول المسؤولية هما السبيل الوحيد للخلاص.
تمت

انتهت احداث الرواية نتمني ان تكون نالت اعجابكم وبانتظار ارائكم في التعليقات وشكرا لزيارتكم عالم روايات سكيرهوم

للمزيد من الروايات الحصرية زورو قناتنا علي التليجرام من هنا
تعليقات



×
insticator.com, 6ed3a427-c6ec-49ed-82fe-d1fadce79a7b, DIRECT, b3511ffcafb23a32 sharethrough.com, Q9IzHdvp, DIRECT, d53b998a7bd4ecd2 pubmatic.com, 95054, DIRECT, 5d62403b186f2ace rubiconproject.com, 17062, RESELLER, 0bfd66d529a55807 risecodes.com, 6124caed9c7adb0001c028d8, DIRECT openx.com, 558230700, RESELLER, 6a698e2ec38604c6 pmc.com, 1242710, DIRECT, 8dd52f825890bb44 rubiconproject.com, 10278, RESELLER, 0bfd66d529a55807 video.unrulymedia.com, 136898039, RESELLER lijit.com, 257618, RESELLER, fafdf38b16bf6b2b appnexus.com, 3695, RESELLER, f5ab79cb980f11d1