رواية عطر سارة الفصل الخاتمة بقلم شيماء سعيد


 رواية عطر سارة الفصل الخاتمة

بعد مرور خمس سنوات..

بقصر علام العريق كانت الأجواء جنونية، دلفت سارة لجناحها وهي تحمل غضب العالم بما فيه، أغلقت الباب خلفها بقوة لعله يستيقظ، وصلت للفراش وجدته ينام بعمق شديد فأخذت الوسادة خاصتها وضربت بها على رأسه..

هنا استيقظ إبن علام، سحبها على فجأة فسقط جسدها على الفراش رفع نفسه قليلاً وأصبح فوقها ثم قال بجدية:

_ أنتِ قد إللي أنتِ عملتيه ده ؟!..

إبتسمت إليه بسخرية خوفها منه أصبح ماضي بخانة الذكريات، وضعت كفها على صدره لتبعده عنها قليلاً وقالت:

_ قدها ونص كمان..

رفع حاجبه بذهول وقال:

_ مالك يا بت من الصبح عاملة قلق كدة ليه ؟!..

تذكرت سبب جنونها فصرخت بقوة ثم دفعته بعيدا عنها، وقفت أمامه وقالت:

_ طلقني يا محمود طلقني بدل ما أموت نفسي وارتاح منك..

ماذا تقول تلك الحمقاء ؟!.. اندفع من فوق الفراش ليقف أمامها مردفاً بذهول:

_ هي هبت منك على الصبح وإلا إيه ؟!..

_ هو ده الحل الوحيد أنا مستحيل أكمل حياتي بالشكل ده..

مسح على خصلاته لعله يقدر على التحكم بغضبه ثم قال من بين أسنانه:

_ ليه يا بسبوسة عملت لك إيه ؟!..

كلمة بسبوسة بنبرة صوته الحنونة نقطة ضعفها، سقطت دموعها بحزن شديد ليزيد قلقه، جذبها ليضمها لصدره ثم أغلق يديه عليها بحنان مردفاً:

_ مالك بس يا بسبوسة إيه إللي مزعلك بالشكل ده ؟!..

_ أنا حامل..

قالتها بحزن، سمعها لتعطي إليه بحر من السعادة اللذيذة، أتسعت ابتسامته ونزل بكفه على بطنها يؤكد لنفسه وجود قطعة جديدة منه بداخلها، ظلت تبكي ومع صمته علمت إنه سعيد، أبتعدت عنه بغضب وقالت:

_ مبسوط مش كدة ؟!.. طلقني يا محمود بقولك..

علم سبب جنونها ليكن صبور معها، مسح على خصلاتها بحنان وقال:

_ تقدري تعيشي من غير محمود حبيبك ؟!.

حدقت به ببراءة وعقلها يفكر بالسؤال بعدها حركت رأسها بقلة حيلة مردفة:

_ لأ مقدرش..

_ في حد يزعل من نعمة ربنا عليه ؟!..

عضت على شفتيها بحزن ثم همست:

_ يا محمود إحنا معانا دلوقتي أربع عيال في خمس سنين والخامس في السكة ماشيين بمعدل كل سنة عيل، لا نافع حبوب ولا لولب ولا حقن ولا أي نيلة على دماغك يبقي الحل إيه ؟!..

لو بيده كان جعل المعدل ثلاثة كل عام، رسم الأسف الشديد على معالم وجهه ثم قال:

_ فعلاً الموضوع خرج عن السيطرة بس عندي حل أحلي من الطلاق..

حدقت به باهتمام منتظرة حله فأكمل:

_ أننا نحمد ربنا على نعمته علينا، الحمدلله معانا المال والبنون يا سارة عايزين إيه من الدنيا تاني ؟!.. عندك بدل البت إللي بتساعد تلاتة ومن الصبح يبقوا عشرة لو حابة ده غير تيتا وماما...

معه كل الحق مع كل طفل يوفر إليها كل سبل الراحة، حتي هو يساعدها بنفسه معظم الوقت، مررت لسانها على طرف شفتيها لتعطي لها بعض الطراوة وقالت:

_ بس أنا بتعب في الحمل يا محمود تعبت والله العظيم تعبت..

يعلم أنها صادقة ولكن ما باليد حيلة استخدم معها كل الطرق وبالنهاية تحمل، سعيد جداً بحملها وبربطها به أكثر إلا أن حزنها هذا يؤلم قلبه، وضع قبلة حانة على خصلاتها وقال:

_ عشان ربنا بيحبك بيديكي حاجة غيرك بيحلم بيها، هبقي معاكي خطوة بخطوة ولو ينفع أخد الوجع مكانك هأخده..

طبطب على قلبها، تعلقت بعنقه مثل طوق النجاة وهمست بأمان:

_ ربنا يخليك ليا..

تنهد براحة بعدما قدر على إقناعها، حملها بين يديه ووضع جسدها على الفراش بحنان مردفاً:

_ حاسة إنك عايزة حاجة ؟!..

أومات إليه بنظرة يعلمها فاقترب منها أكثر وهمس بنبرة خشنة:

_ إيه يا بسبوسة..

_ عايزاك أنت يا روح بسبوسة..

_ غالي والطلب......

قطعته بوضع أحد أصابعها على شفتيه هامسة بنعومة: 

_ أغلي بكتير يا حودة..

____ شيما سعيد ____

بفيلا علي..

على يد صغيرة ناعمة استيقظ علي، أبتسم بحب مع علمه بصاحب اليد، قربها من شفتيه وقلبها قبل أن يعتدل بنومته مردفاً:

_ يا صباح كل حاجة حلوة على عيون الست مسك..

بإبتسامة بريئة رائعة قالت مسك:

_ صباح الخير يا بابي..

وضعها على ساقه وهمس:

_ هربانة من مامي شكلك كدة ؟!..

أومات إليه بتوتر وهمست:

_ مامي معلقة ياسين تحت..

عقد حاجبه بتعجب، ياسين تؤام مسك وقطعة من قلب أروي منذ متي وهي تقسو عليه ؟!.. يبدو إنه على باب كارثة، مال على صغيرته قليلاً وقال:

_ وهي مامي قلبت على ياسين كده لوحدها ولا في مصيبة في الموضوع؟!.. 

أشارت إليه بالنزول إليها أكثر حتى وضع أذنه أمام شفتيها فقالت:

_ بص يا بابي مامي كانت بتعلم ياسين يدافع عن نفسه وكانت بتعلمني انا كمان معاه فياسين لما بقى شاطر راح ضرب بودي ابن الجيران.. 

_ وياسين عمل كده ليه؟!..

نظرت للأرض بخجل وقالت:

_ أصل بودي امبارح قالي إن الدريس الأحمر حلو عليا قوي..

صغيرته صاحبة الأربع أعوام لديها معجب ؟!.. أنتفض من فوق الفراش بغضب ونزل لمحل زوجته وولده، رأي ياسين معلق بمحل تعليق ماسورة الستارة وأروى تجلس بالمقابل على أحد المقاعد مردفة بغضب:

_ أنت مش هتنزل من هنا غير لما تروح معايا تعتذر للولد اللي فتحت له دماغه ده..

صرخ الصغير بغضب:

_ يحمد ربنا ان هي جات على قد دماغه بس..

_ واد يا ابن علي احترم نفسك وما تعصبنيش الا والله العظيم أعمل لك نفسك التلات غرز إللي الواد خدهم..

جائها صوت علي الغاضب من خلفها:

_ نزلي الولد دلوقتي حالا يا أروى وتعالي ورايا..

رغم عندها الا أنها تعطي إليه كامل السيطرة أمام أبنائه، نفذت طلبه وصعدت فوق سلم من الخشب لتفك الصغير، تركته مع شقيقته ودلفت لغرفة نومها، رأت معالم الغضب واضحة عليه فقالت:

_ هو أنت بجد زعلان على ابنك بعد اللي عمله في ابن الناس ده؟!.. 

_ أيوه يا أروى مش عاجبني طريقتك في العقاب، الولد ده عاكس أخته امبارح وابني عشان راجل اخد حقه بايده ما كانش المفروض يتعاقب بالعكس ده كان المفروض تجيبي له هدية.. 

أتسعت عينيها بذهول من تفكيره وطريقته بتربية الأطفال، تخلت عن هدوئها وقالت بغضب:

_ ايه اللي انت بتقوله ده ؟!.. عايز تجيب لابنك هديه عشان بقى بلطجي وفتح دماغ ابن الجيران وبعدين مين اللي يعاكس مين الولد عنده ست سنين وبنتك عندها اربعه دول اطفال.. 

_ الأطفال بتكبر يا هانم ولو الولد ده كبر انه يقرب من البنت او يقول لها اي حاجه قدام أخوها ابني لما يكبر هيركب قرنين، حتى لو شايفه ان صرف الولد وحش مش من حقك تعاقبيه بالشكل ده عشان ثقته ما تقلش في نفسه.. 

رفعت حاجبها بسخرية وقالت:

_ وماله ابنك عندك تحت أهو، روح شوف ايه المكافأة اللي حابب تديها له واديها له لكن لا أنت ولا هو ليكم كلام معايا بعد كده.. 

_ أروي..

قالها بغضب وهو يراها تترك له الغرفة وتخرج، مسح على خصلاته بضيق وذهبت لغرفة ياسين، وجده يجلس على الفراش حزين يرفض الحديث مع مسك الباكية فقال علي:

_ روحي يا مسك اقعدي مع مامي شوية..

_ ياسين مش راضي يتكلم معايا يا بابي..

وضع قبلة حانة على مقدمة رأسها وقال:

_ روحي اقعدي مع مامي وانا هخليه يكلمك..

خرجت الصغيرة بحماس فقال علي:

_ تفتكر اللي عملته صح ولا غلط يا ياسين؟!..

نظر إليه الصغير بقوة وقال:

_ أنا ما عملتش حاجه غلط يا بابا الولد ده بص على اختي وحضرتك قولتلي قبل كده ان ما حدش يقرب منها، قالها ان الدريس بتاعها حلو انا كل اللي عملته اني ضربته في عينه اللي بصت لاختي.. 

أبتسم إليه علي وقال بفخر:

_ راجل من ضهر راجل ياسين، بس كمان لازم تعرف عواقب اللي حصل لو كان حصله حاجة في عينه هتدخل السجن، لما تشوف حاجة مش عاجباك تيجي تقولي وأنا هاخد حقك وحق أختك لحد أنت ما تكبر وتبقى في ضهرنا كلنا اتفقنا يا حبيبي..

أومأ إليه الصغير بثقة:

_ اتفقنا، دلوقتي انا عايزة اصالح ماما انا مش بحبها تبقى زعلانه مني..

أومأ إليه علي بهدوء وقال:

_ ومسك ؟!.. زعلان منها ليه ؟!..

_ عشان انا لو ما كنتش جيت وسمعته ما كانتش هتقول يا بابا..

مسح على خصلاته بحنان مردفاً:

_ أختك رقيقة وبتخاف من كل حاجه وأنت سندها المفروض تعلمها الصح من الغلط مش تزعل منها..

_ صح يا بابا عندك حق طب اعمل إيه دلوقتي عشان اصالح مسك وماما؟!..

_ هقولك..

____ شيما سعيد ____

بقصر علام.

كان يجلس محمود علي رأس الطاولة وبجواره سارة من طرف وحنان من الطرف الآخر أما ألفت فكانت تجلس على رأس الطاولة بالمقابل إليه وباقي أفراد عائلته فاطمة، أحمد، محمد، مصطفي أبنائه من سارة، أخذت تقلب بالطبق بتوتر فسألها:

_ مالك يا سارة ؟!

رفعت رأسها إليه بالقليل من الخوف وقالت:

_ محمود معتز هيرجع من السفر النهاردة أرجوك كفاية عليه عقاب لحد كدة ؟!..

تعجب من طلبها، عن أي عقاب تتحدث ؟!.. أشار لفاطمة مردفاً:

_ خدي باقي أخواتك واطلعوا العبوا في الجنينه يا طمطم.. 

خرجت الصغيرة مع باقي أخواتها فنظر محمود لسارة بهدوء مردفاً:

_ عقاب إيه ده إللي أنا عامله لمعتز ؟!..

تنهدت بثقل وقالت:

_ من يوم فرحه علي سمية وهو بينام في أوضة في الجنينة وبيشتغل مع العمال بعد الجامعة، بعدها راح أجر لنفسه شقة وفضل يحوش لحد ما سافر الولد بالشكل ده هيضيع مننا أكتر..

تدخلت حنان بالحديث عندما رأته صامت:

_ هي عندها حق يا محمود معتز غلط بس بالله عليك كفاية عقاب فيه..

الوحيدة التي أخذت وضع الصامت ألفت، تعلم ما يفعله محمود جيداً، أخذ محمود نفسه بهدوء وقال:

_ مفيش عقاب ولا حاجة، أنا سبته يبعد عشان يكمل تعليمه ويعتمد على نفسه ويبقي راجل ولما يرجع النهاردة هتعرفوا معتز بقي عامل إزاي، يلا يا أستاذة على شغلنا خلينا نحضر للافتتاح..

بعد عشر دقائق ظلت بهم صامتة بداخل السيارة، وجدته وقف بأحد الطرق الخالية فقالت بتعجب:

_ وقفت ليه ؟!..

جذب كفها وقال:

_ عايز أعرف الجميل زعلان ليه ؟!..

لا تعلم ماذا تقول وكيف تقول، اعتادت على سرد يومها إليه بالتفاصيل لتأخذ منه أكبر قدر من الدعم إلا بموضوع شقيقتها، شعر بثقل قلبها فقال بحنان:

_ قولي يا بسبوسة أنا سامعك..

_ مريم اتصلت بيا إمبارح وطلبت تزود فلوسها بتاعت كل شهر غير انها كمان طلبت شقة جديدة بتقول إللي عايشة فيها صغيرة مش عارفة أعمل معاها إيه مصرة على الطمع والكره..

حاول كتم غضبه حتي لا يجرح مشاعرها بكلمة وقال:

_ لو أنتِ حابة تديها زيادة اعملي كده ما فيش مشكلة، مع اني شايف ان اللي بتاخده زياده وزياده أوي كمان يا سارة، اختك بتستغل طيبتك، بس في النهايه اللي أنتِ شايفاه ومرتاحة فيه انا موافق عليه.. 

أخذت حظها من الدنيا به، ملت برأسها على كتفه براحة وقالت:

_ لأ مش هزود أي حاجة حابة تعيش باللي انا بديه لها تمام، شايفة إنه قليل تنزل تشتغل بنفسها كتر خيري معاها لحد كده..

وضع قبلة حنونة فوق رأسها وقال:

_ يسلملي العاقل الشاطر إللي عارف مصلحته..

فلتت منها ضحكة وقالت:

_ أنت بتأخدني على قد عقلي وإلا ايه يا محمود ؟!..

_ وأنا أقدر برضو يا بسبوسة؟!.. يلا وصلنا مصنعك على الساعة 3 هعدي عليكي عشان معاد الطيارة ماشي ؟!..

_ ماشي..

نزلت من السيارة واتجه هو لمطار القاهرة الدولي، دقات قلبه تعلو وهو يقف بانتظار أكبر أبنائه بعد سنوات من الغياب، أشتاق وقلبه يتلهف على عناق، عناق يحمل الكثير من الحب، الحنين لطفله الصغير، رآه يأتي من بعيد، أصبح نسخة طبق الأصل منه، شاب وسيم جاذب، طويل القامة وبصدر عريض، مع ذقنه أصبح محمود الصغير..

تجمد للحظة وهو يري والده يقف بانتظاره، أشار على نفسه برجاء يتأكد منه هل هو هنا من أجله أم ات لشخص أخر ووجده صدفة، فتح محمود ذراعيه إليه بلا كلمة، بلا عتاب ، بلا وجع جديد..

ألقي معتز بجسده داخل أحضانه والده مثل الغريق الذي وجد طوق النجاة أخيراً، كلنا منهما يضغط على الآخر وكأنه يخشي الفرار، شعر محمود بدمعة معتز الساقطة على بذلته فأبتعد عنه قليلاً مردفا بحب:

_ معتز..

_ بابا أنا آسف أنا...

وضع محمود يده على فمه يمنعه من الحديث مردفا:

_ خلاص مافيش أي كلام أو تفكير إللي فات، وحشتني يا ضهر أبوك..

كلمة كبيرة سقطت على صدر معتز مثل الحجارة، يا ليته كان يعلم من البداية إنه ظهر أبيه، أومأ إليه بقوة مردفاً:

_ يمكن عمري ما كنت قد الكلمة دي بس أوعدك من دلوقتي أبقي الابن إللي بتحلم بيه يا بابا..

_ مش عايزك بس تكون الإبن إللي بحلم بيه، عايزك كمان تكون الأخ إللي بحلم بيه..

_ أوعدك يا بابا...

_____ شيما سعيد _____

بالمساء بفيلا علي..

عادت أروي من عملها بغضبها من الصباح، فتحت الباب ووقفت لعدة لحظات متعجبة من ظلام المنزل، أين أطفالها ؟!.. أين المربية والخادمة ؟!.. تسلل إليها شعور بالقلق فقالت:

_ أم إبراهيم أنتِ فين وليه الضلمة دي ؟!.. 

الصمت مسيطر على المكان، ألقت بحقيبة عملها أرضا واقتربت من رز الضو سريعا ضغطت عليه وهي مستعدة للحرب، اتسعت عينيها بذهول، وردها المفضل مزين للأرض مع بلالين حمراء رائعة وسفرة كبيرة عليها قالب من الكيك وباقي أنواع الحلوة المحببة لقلبها..

زوجها يقف بالمنتصف وعلى كل طرف واحد من أطفالها، سألت بذهول:

_ هو إيه إللي بيحصل هنا بالظبط ؟!.. 

أقترب منها ياسين مردفاً بندم:

_ أنا آسف يا ماما على اللي حصل مني وأوعدك اني بعد كده هقول لبابا قبل ما أعمل أي حاجه..

نزلت لمستوي طوله ووضعت على رأسه قبلة حنونة مردفة:

_ أنا عايزة أشوفك أحسن واحد في الدنيا يا ياسين، عايزك تحكم في عقلك في أي خطوة قبل ما تمد أيدك فاهم يا حبيبي.. 

أومأ إليها مردفاً:

_ فاهم يا ماما المهم ان حضرتك ما تكونيش زعلانه مني..

_ مش زعلانة..

ضمته وأشارت لمسك وضمتها هي الأخري غمز ياسين لعلي وأخذ شقيقته للخارج، حاولت الصعود لغرفتها إلا أنه قال بعدما سحبها إليه:

_ ممنوع يعدي علينا يوم واحنا زعلانين من بعض مش ده كان اتفقنا..

ردت بعتاب:

_ بس أنت زعلتني وحسستني اني أم فاشلة ، أنت عارف كويس ان الموضوع ده بيضايقني يا علي احساس إني اتربيت وحيدة بيخليني دايما عايزاهم كويسين، يمكن ما بعرفش اربي بالطريقة الإيجابية لكن والله بحبهم.. 

ضمها بالقرب من قلبه وقال:

_ مش عايز اسمع منك الكلام الاهبل ده تاني أنتِ أحسن أم في الدنيا دي كلها، انا اوقات بغلط يا أروى وبسمع كلامك لما بتقولي ده غلط، مفيش مشكلة أننا نعمل حاجات غلط وفي حد بيوعينا احنا مع بعض عشان نتعلم.. صح ؟!..

مثل الطفلة الصغيرة قالت:

_ صح..

_ طيب تعالى في حضني بقي..

_ ماشي..

_____ شيما سعيد _____

بمساء اليوم التالي..

بفندق كبير بدبي كان يقام افتتاح برند عطور تحت عنوان " عطر سارة"، بأجواء رائعة تم بدأ الحفل، وقفت سارة بجوار محمود بسعادة، حلمها أصبح حقيقة ملموسة أمام عينيها، ها هي الفتاة الصغيرة الضائعة أصبحت امرأة ناضجة ناجحة، معها زوج حنون وأبناء أتوا إليها بالنعيم على الأرض..

شعرت بضمته إليها وهمسته الفخورة:

_ مبروك يا بسبوسة..

رفعت عينيها إليه بنظرة شكر واضحة وقالت:

_ شكرا يا محمود بجد شكرا..

_ على إيه ؟!..

بشغف واضح بعينيها قالت:

_ بعد كل ده بتسأل ليه أنت عملت ليا كل حاجة يا محمود، اديني حياة كاملة قولتيلي عيشي أحسن ما كنتي تتمني..

أخرج تنهيدة طويلة وقال:

_ آمال واحد كان عايش زي الإنسان الآلي جات بنت صغيرة كلها حياة رجعت فيه الروح من تاني يقولها إيه ؟!..

ردت عليه بدلال:

_ قولها بحبك..

أخذ نفس عميق من رائحة عطرها المميزة وقال:

_ بحبك يا بسبوسة..

_ وأنا مغرمة يا قلب بسبوسة..

ضمها بحب فحدقت بعيداً رأت معتز يقترب من سمية الواقفة بمكان بمفردها فقالت بتوتر:

_ تفتكر ممكن تسامح ؟!.

_ مش عارف بس متأكد أنه بيحبها..

أقترب معتز من سمية بندم شديد، نظر إليها وعلم كم كان أحمق مغفل يأكله الحقد، زادت جمال وأصبحت أكثر أنوثة وجاذبية، رأي بعينيها قوة تثبت إليه أنه على مشارف حرب، همس بنبرة ثقيلة:

_ عاملة إيه يا سمية ؟!..

بهدوء قالت:

_ حمد لله على سلامتك يا معتز، كويس جداً أنك رجعت..

دق قلبه بقلق وقال:

_ ليه ؟!..

_ عشان نطلق كفاية إللي راح من عمري..

سيف قاتل ضرب قلبه بكل قوة، كان يهرب طوال السنوات الماضية من تلك المواجهة، حرك رأسه بنفي وقال:

_ لأ يا سمية أكيد مش هنوصل للطلاق عارف إني غلطان بس والله العظيم ومش عايز أخسرك.. 

فلتت منها ضحكة ساخرة وقالت:

_ لو مش واخد بالك أنا اتجوزتك غصب عنك، ما ينفعش تقولي مش عايز اخسر لك لانك عملت كل حاجة تخليك تخسرني.. 

_ سمية أنا بحبك..

قالها بصدق فصرخت بغضب:

_ بطل كدب بقى بطل كدب ولف ودوران لان العيلة الصغيرة اللي ضحكت عليها زمان دلوقتي بقت كبيرة وبتفهم، أنت بالذات اخر واحد ممكن اثق فيك او اصدقك، خليتني العب على ابوك  كنت حاطط كاميرات جوه أوضة نومي عشان تتأكد من تنفيذ خطتك صح، لو ما كنتش ذكية وروحت لمحمود بيه في مكتبه كان مستقبلي وحياتي ضاعوا، تعرف معتز أنا اول مرة أحس بشعور الكره كان معاك.. 

حرك رأسه بندم وقال:

_ كنت غبي وحمار عيل مدلع وضايع في الدنيا، حطيت الكاميرات مش عشان خاطر اي حاجه غير إني اطمن أنه ما قربش منك وانك تحت الملايه بهدومك، سمية ارجوكي اديني فرصة واحدة بس وانا اوعدك مش هتندمي.. 

_ لأ..

قالت كلمة واحدة بقوة وتركته بمفرده وذهبت لاحدي سيدات الأعمال، ضرب رأسه بقوة على العمود خلفه وقال:

_ الله يسامحك يا أمي..

بعد عشر دقائق صعدت سارة لترحيب بالحضور وعلي وجهها إبتسامة مشرقة:

_ السلام عليكم ورحمه الله وبركاته، أول حاجة حابة أشكر كل الناس اللي اخدت من وقتها وجات عشان تشاركني نجاح البرفان اللي انا مسكاه في أيدي، ده مش مجرد برفان عادي ده حياتي كلها من أول ما فتحت عيني على الدنيا لحد ما وقفت قدامكم النهاردة، حياة فيها الحلو والوحش فيها السعادة والحزن، فيها الحب اللي ممكن يحول اي حاجه لجنة، لو في سبب واحد لنجاح عطر سارة هيبقى محمود علام واولادي من محمود علام، راجل اداني حياة اداني قوة قدرت بيها أقف بيها قدامكم النهاردة وانا ناجحة وفخورة بنفسي شكراً.. 

نزلت لتقف أمامه فضمها أمام الجميع مردفاً:

_ بعشقك يا بسبوسة..

تمت بحمد الله 

تعليقات



×
insticator.com, 6ed3a427-c6ec-49ed-82fe-d1fadce79a7b, DIRECT, b3511ffcafb23a32 sharethrough.com, Q9IzHdvp, DIRECT, d53b998a7bd4ecd2 pubmatic.com, 95054, DIRECT, 5d62403b186f2ace rubiconproject.com, 17062, RESELLER, 0bfd66d529a55807 risecodes.com, 6124caed9c7adb0001c028d8, DIRECT openx.com, 558230700, RESELLER, 6a698e2ec38604c6 pmc.com, 1242710, DIRECT, 8dd52f825890bb44 rubiconproject.com, 10278, RESELLER, 0bfd66d529a55807 video.unrulymedia.com, 136898039, RESELLER lijit.com, 257618, RESELLER, fafdf38b16bf6b2b appnexus.com, 3695, RESELLER, f5ab79cb980f11d1