رواية خائنة خلف جدران الحب الفصل الخامس عشر بقلم صفاء حسنى
النار التهمت الورق... لون الرماد غطى الطاولة، ورائحة الحريق لسه بتملأ المكان.
رهف وقفت على بعد خطوة، تراقب الأوراق وهي تتحول لرماد، وكأنها بتحرق معاها التهديد نفسه.
رفعت موبايلها... صورت كومة الرماد، وبكل هدوء بعتت الصورة للشخص اللي بيبتزها.
ثواني... ورد الرد الغاضب:
- "آنتي مجنونة! رسمي أنا بتعامل مع مجنونة! أنا طلبت تجيبي الورق... مش تحرقيه!"
ابتسمت رهف بسخرية، وردت ببرود قاتل:
- "أنا نفذت اللي طلبته. قلت أخفي الورق... خفيته.
ولو حد فكر يقرب مني تاني، سواء إنت أو أي عدو، أنا بنت نائب رئيس الوزراء... فاهم يعني إيه؟
ولا أفهمك يعني ما بتهددش؟ ومفيش مع السلامة."
وأغلقت المحادثة بحظر كامل للرقم... مكالمات وواتساب.
في مكان آخر... الشخص ضغط الموبايل بعصبية، نفخة غاضبة خرجت منه:
- "إيه المصيبة اللي خليتني أتعامل معاها دي؟! حرقت الورق... أنا كنت عايز الورق عشان أديه للخصم، يقدر يعترض على الحكم... لكن المجنونة حرقت كل حاجة."
ضحك الشخص اللي كان جنبه، وهو بيشرب قهوته بهدوء:
- "ولولو... عادي. كده كده الملف ناقص. إحنا تأكدنا.
هنبلّغ عن التحقيق ونثبت إن الملف ناقص... وجوزها يروح في داهية.
هو أصلاً طلع نائب غبي... متجوز واحدة مريضة وما اكتشفهاش.
خليه يشرب."
؟
الكاتبة صفاء حسنى
رهف قاعدة على سريرها، إيدها بتترعش وهي ماسكة الموبايل، قلبها بيدق بسرعة من التهديدات اللي وصلتها. بتاخد نفس عميق وتتصل برقم سرّي تابع لمكتب أبوها.
رهف:
"أيوه يا سامي... أنا رهف... اسمعني كويس، الموضوع مستعجل جدًا ومينفعش يتأخر."
صوت سامي بيجي هادي لكن فيه جدية:
"خير يا آنسة رهف؟"
رهف (بصوت منخفض وحازم):
"هبعَتلك دلوقتي رقم واحد بيهددني... عايزاك تعمل هكر على موبايله، تمسح أي رسايل قديمة عنده، وتبعت من موبايله رسايل تهديد لرقمي. وكمان... هبعتلك صورة ليا أنا ومؤمن، قصّها بطريقة تبان وحشة وتحطها في الرسايل."
سامي:
"تمام، وبعد كده؟"
رهف:
"بعدها افكّ الحظر من عندي عشان استقبل الرسايل، وأروح أقدّمها لمباحث الإنترنت. المهم تخلص الشغل بسرعة ومحدش يشك."
لقطة سريعة:
رهف تبعت رقم الشخص والصورة لسامي، أصابعها سريعة على الكيبورد.
بعد دقائق، تليفونها بيرن بنغمة الرسائل...
تفتح وتشوف رسايل التهديد ومعاها الصورة المشوّهة، عينيها بتلمع بنظرة انتصار صغيرة وسط خوفها.
رهف (بهمس لنفسها):
"كويس... كده الورق كله معايا."
تقوم بسرعة، تلم حاجتها، وتخرج من أوضتها متوجهة على مباحث الإنترنت، خطواتها ثابتة، وعينيها فيها لمعة إصرار.
الصبح، شمس خفيفة بتدخل من شباك البيت، مومن لابس بدلة سودة وكرفته بسيطة، ماسك في إيده شنطة جلد صغيرة فيها الورق المهم. وشه متوتر لكن عينه فيها إصرار.
فتح باب البيت وطلع بسرعة، خطواته تقيلة بس قلبه بيخبط بقوة. ركب عربيته واتجه على المحكمة، طول الطريق دماغه شغالة بأفكار كتير.
وصل قدام المحكمة، السلم عالي والزحمة كبيرة، ناس طالعة وناس نازلة، كل واحد شايل همّه. دخل من البوابة بعد ما اتفتش، وراح على القاعة رقم ٤.
القاعة مليانة، القاضي قاعد على المنصة، وصوت الموظف بينادي على القضايا.
الموظف:
"القضية رقم ١٤٥... مومن عبد الهادي ضد..."
مومن وقف واتقدم، حط الشنطة على الترابيزة وفتحها، طلع الورق وسلمه للقاضي.
مومن (بصوت ثابت):
"سيادة القاضي، الأوراق دي بتثبت حقي وبتكشف كل حاجة."
القاضي بدأ يبص على الورق، لكن قبل ما يكمل، محامي الخصم قام واقف، ابتسامة خفيفة على وشه.
المحامي:
"مع احترامي، لكن الأوراق دي فيها خلل واضح... في توقيعات ناقصة، وفي صفحات مش مختومة."
مومن اتفاجئ، قلبه وقع، بص في الورق بسرعة.
مومن:
"إزاي؟! الورق كان كامل."
المحامي كمل بثقة:
"واضح إن فيه تلاعب، وممكن نطالب بإبطال المستندات."
همس الناس في القاعة بدأ يزيد، ومومن حس كأن الأرض بتتهز تحت رجليه.
والمحامى يبدأ يلمح ان أكيد حتى بيلعب فى اورق القضية
اللي كان المفروض يساعده، قاعد في الصفوف الخلفية بيبص للأرض، ملامحه مريبة.
في اللحظة دي، فهم مومن إن عاوزين يورطه
وإن اللعبة أكبر منه، وإن الورق اتلعب فيه قبل ما يوصل القاضي.
---
الكاتبة صفاء حسنى
---
فجأة، عيناه لمحت من بعيد رهف وهي داخلة القاعة. استغرب جدًا، قلبه دق بسرعة، وكأنه مش فاهم إيه اللي جابها في اللحظة دي.
اقتربت رهف بخطوات ثابتة، ملامحها جدّية، ووقفت قدام القاضي باحترام. قالت بصوت واثق:
ـ حضرتك... في شوية أوراق كانوا موجودين في ملف تاني لزوجي، لكن أنا عندي شكوى... إن فيه ابتزاز حصل من بعض المحامين المحترمين، ومباحث الإنترنت معايا، وواضح إنه كان فيه محاولة لتوريط زوجي.
مدّت إيدها وقدمت للقاضي باقي الأوراق ومعاهم ملف قضية مباحث الإنترنت. القاضي استلم الأوراق وهو بيرفع حاجبه باستغراب، وبدأ يقلب فيهم باهتمام، والقاعة كلها اتشدت لمعرفة إيه اللي هيحصل بعد كده.
الكاتبة صفاء حسنى
---
القاضي بعد ما قلب في الورق وبص لرهف بنظرة حازمة، قال:
"الكلام اللي بتقوليه ده خطير يا مدام، ولازم يتأكد. المحكمة هتحوّل الموضوع للنيابة العامة عشان تحقق فيه فورًا. ولو ثبت فعلاً إن فيه ابتزاز أو تلاعب بالأدلة... كل اللي شارك فيه هيتحاسب بالقانون، مهما كان منصبه."
ابتسمت رهف وهي تبصّ للمحامي بنظرة انتصار، وابتسامة صغيرة ارتسمت على وشها كأنها بتقول "اللعبة خلصت".
ضحكت بخفة وهي شايفة علامات الصدمة بتغزو ملامحه مع كل اتهام بيتوجه ضده، لحد ما القاضي نطق بقراره الحاسم:
القاضي (بصوت صارم):
"بعد ثبوت الاتهامات الموجهة للمحامي... تقرر المحكمة وقفه عن العمل فورًا، وإحالته للمحاكمة الجنائية."
المحامي وقف مذهول، عينيه بتتنقل بين القاضي ورهف، وهو مش قادر يستوعب إزاي الأمور اتقلبت عليه بالشكل ده، في حين إن رهف كانت واقفة ثابتة، وعينيها مليانة قوة ورضا بالنصر اللي حققته.
---
الكاتبة صفاء حسنى
---
ابتسمت رهف وهي بتبص للمحامي، ضحكت ضحكة انتصار كأنها بتقول من غير كلام: "أنا كسبت الجولة"، المحامي اتصدم وهو بيسمع كل الاتهامات اللي وُجهت له، لحد ما جاله القرار بوقفه عن العمل وتقديمه للمحاكمة.
مؤمن ما قدرش يمسك نفسه، اتجه ناحيتها وهو فخور بيها، لكن عينه كان فيها سؤال:
- ليه ما بلغتينش بكل اللي حصل؟
تنهدت رهف وهي بتبص له بحب، وقالت بنبرة صادقة:
- أنا وعدتك إني أحميك من أي خطر... أنا بعشقك يا مؤمن، ومحدش في الدنيا يقدر يضرك طول ما أنا موجودة.
---
قرب منها أكتر وسأل بقلق:
- "طب... فين حياة ومراد؟ سبتيهم مع مين؟"
ردت بسرعة وبثقة:
- "سبتهم مع أمي... كان لازم أكون أسرع من أي خطر ممكن يقرب منك."
---
"ورهف نجحت تقرّب منه، وطلبت منه يخرجوا يتغدوا بره. فعلًا خرجوا وحسّوا كأنهم رجعوا لأيام الخطوبة. بدأوا يتكلموا، وفي وسط الكلام سألته:
- حبيبي، بتروح فين جمعة وسبت؟ سمعت إنهم إجازتك.
ضحك مؤمن وقالها:
- مش دايمًا إجازة، بس هفهمك. أنا اشتغلت دكتور في الجامعة عشان كنت محتاج أهدّي الضغط النفسي اللي بشوفه في النيابة، وبحس براحة نفسية وأنا بعلّمهم.
ابتسمت رهف وهي مبسوطة وسألته:
- في كلية إيه؟
مؤمن خد رشفة من العصير، وابتسامة هادية ظهرت على وشه وهو بيرد:
- في كلية الحقوق... يمكن تستغربي، بس التدريس هناك بيفكرني أنا ليه دخلت المجال ده من الأول، وبيديني إحساس إني لسه بقدر أغيّر في حياة حد.
رهف ميلت راسها بخفة وهي بتحاول تخبي فضولها:
- كلية الحقوق... حلو... طب يا ترى بتدرّس لمين؟ لطلبة صغيرين ولا...
ضحك مؤمن وهو بيقطع كلامها:
- أغلبهم كبار في السن... وده أكتر سبب بيخليني أحب الموضوع، بحس إني قدامي ناس عايزة تتعلم بجد، مش بس عشان الشهادة.
في اللحظة دي، عين رهف لمعت وهي بتحاول تربط بين كلامه وبين اللي كانت سمعاه قبل كده... وفي دماغها بدأت تدور فكرة مش هتسيبها في حالها."
"بعد ما خلصوا الغدا، طلبت منه يوصلها على البيت ويروح يجيب هو حياة ومراد عشان هي حاسة بتعب.
وافقها واعتذر منها إنها اتعرضت لموقف زي ده بسبب شغله.
فعلًا وصلها ومشي على بيت أهله.
رهف اتصلت بإيمان وطلبت تقابلها فورًا.
وفعلًا إيمان قالتلها إنها فوق في شقتها.
طلعت رهف وهي كلها غضب، وفتحت الباب وبصت لإيمان وقالت:
- إنتي لازم تسيبي الكلية لو عايزة تكملي شغل معايا.
إيمان استغربت من كلامها:
- إنتي بتقولي إيه؟ يعني إيه أسيب كليتي؟ رهف فوقي على نفسك.
زعقت رهف:
- إنتي مديونة ليا، تسمعي كلامي. أنا اللي رجعتك لمصر وخرجتك من كل التهم، وبقولك سيبي الجامعة.
رفضت إيمان وقالت:
- أنا محدش يتحكم فيا. ولو على الشغل، عندك مش عايزة.
مسكتها رهف بعنف:
- رايحة فين؟
سحبت إيمان إيدها وقالت:
- رهف أنا مش عايزة أخسرك، بس إنتي واضح إنك فاكراني من ممتلكاتك، لا انسي.
جت تمشي ورهف مسكت فيها، وفجأة وقعت رهف واتخبطت في ترابيزة وأغمى عليها.
إيمان شهقت وشالت رهف ونزلت جري على الأسانسير ووقفت تاكسي وصرخت:
- على المستشفى بسرعة!"
-
في الطوارئ، دخلت إيمان وهي لاهثة، ووجهها شاحب من الصدمة، تصرخ:
- حد يلحق! هي وقعت على دماغها!
الممرضين أسرعوا ونقلوا رهف على النقالة، وإيمان تمشي جنبها وهي بتحاول تفسر للطبيب:
- كانت واقفة وبعدين وقعت فجأة... خبطت راسها في الترابيزة...
الطبيب دخل رهف فورًا على غرفة الفحص، وأغلق الباب، ووقفت إيمان في الممر، قلبها بيدق بسرعة، مش عارفة هي خايفة على رهف فعلاً ولا من اللي ممكن يحصل بعد كده.
بعد دقائق، خرج الطبيب وقال بلهجة جدية:
- محتاجين نعمل أشعة مقطعية فورًا، وفي احتمال إنها فقدت الوعي بسبب ارتجاج أو نزيف بسيط... هنحتاج نبلغ أهلها.
إيمان ابتلعت ريقها، و قررات. تتصل ب ولدة رهف
في بهو البيت، كان مومن واقف قدام أم رهف، بيحاول يلهي الأطفال وهو بيستعد ياخدهم. فجأة، رنّ موبايل الأم.
رفعت السماعة، صوت إيمان كان على الطرف التاني، متوتر وأنفاسها متقطعة:
"أنا آسفة إني بكلمك فجأة... بس رهف في المستشفى."
اتسمرت الأم مكانها، والدمعة نطّت من عينها قبل حتى ما تستوعب الكلام، شهقت شهقة قوية وصوتها اتكسر:
"رهـــــف؟!"
الأطفال انتبهوا لصوت جدتهم العالي، وابتدوا يبصوا حوالينهم بقلق. مومن اتجمد، قلبه بيخبط في ضلوعه، وهو بيحاول يفهم إيه اللي بيحصل.
مومن وقف مذهول... عيناه اتسعت
أم رهف تحس الدنيا اتشقّت تحت رجليها، تشهق شهقة قوية وصوتها يصرخ:
- رهف!
مؤمن، اللي كان واقف جنبه الباب، يتجمد في مكانه والدم ينشف في عروقه، عينه تتسع وهو بيبص في الأرض بصدمة.
ممرات المستشفى كانت مليانة أصوات خطوات ونداءات الأطباء، وريحة المطهرات مغرقة الجو.
مؤمن بيجري وهو لابس جاكيت مفتوح، أنفاسه متقطعة، وعينيه بتلف تدور في كل اتجاه.
مؤمن بصوت عالي وهو بيقرب من مكتب الاستقبال:
- لو سمحت! رهف... فين أوضة رهف؟!
الممرضة رفعت عينيها من الورق، مستغربة:
- مين حضرتك؟
مؤمن مش قادر يسيطر على صبره:
- أنا جوزها... رهف فين؟! حالتها إيه؟
في اللحظة دي، أم رهف ظهرت وهي ماسكة إيدين الأطفال اللي بيجروا وراها، ووشها شاحب، عينيها حمراء من البكا. أول ما شافته شهقت:
- مؤمن!
الأطفال سابوا إيدها وجروا على ايمان
-
ايمى ايمى
هى جريت عليهم ركعت في نص الممر، حضنتهم بسرعة، وحاست بإيدينهم الصغيرة بتترجف، وبصت في وش أم رهف الا بتسالها :
- إيه اللي حصل؟! فين هي؟!
بصت ايمان له بعيون كلها خوف ودموع:
- في العمليات......
مؤمن وقف متجمد، قلبه وقع في رجليه، وعقله رجع على طول لصورة الطالبة اللي بيشوفها في الجامعة... هي نفس الاسم... ونفس الملامح.
---
نظر لها مومن بعيون كلها غضب وملامحه مشدودة:
ـ إنتِ هنا ليه؟! ومالها مراتي؟ وتعرفيها منين؟
ابتدت إيمان توضح وهي بتحاول تهدي الموقف:
ـ حضرتك... أنا بكون صديقتي مدام رهف.
هز مومن راسه باستنكار، وصوته عالي وفيه شك واضح:
ـ أنا عارف كل أصحاب رهف، وعمرها ما قالت إن عندها صديقة زيك! واضح إنك من طرف الناس اللي عاوزين يأذوني، وروحتي عندها عشان تقتليها!
اتسعت عيون إيمان من الصدمة، ونزلت دموعها وهي بتهز راسها رافضة الاتهام:
ـ أقسم بالله... ما عملت حاجة! هي اللي وقعت لوحدها!
---
كانت إيمان تحاول التقاط أنفاسها بصعوبة، بينما مومن يشتعل غضبًا. اقترب منها خطوة، وكأنه وحش كاسر يستعد للانقضاض على فريسته.
مؤمن: "كفاية تمثيل! فاكرة إنك هتقدري تخدعيني بدموع التماسيح دي؟ أنا مش غبي، وشايف الكذب في عينيكي كويس أوي."
إيمان (بصوت مرتعش): "صدقني يا أستاذ مؤمن، أنا عمري ما أذيت حد. رهف صاحبتي، ومستحيل أفكر أعمل فيها كده."
مؤمن (بتهكم): "صاحبتك؟ يا سلام! وإيه اللي يثبت كلامك ده؟ وريني دليل واحد بس يخليني أصدقك."
نظرت إيمان حولها بيأس، تحاول أن تجد أي شيء يثبت براءتها. ثم تذكرت شيئًا في حقيبتها. أخرجت هاتفها المحمول بسرعة، وبدأت تبحث عن شيء ما.
إيمان: "استنى يا أستاذ مؤمن، ثواني بس. أنا معايا صور وفيديوهات لينا مع بعض، هتشوف بنفسك."
بينما كانت إيمان تحاول فتح الصور، خطف مؤمن الهاتف من يدها بعنف. بدأ يتصفح الصور والفيديوهات بسرعة، وعيناه تشتعلان بنيران الغضب والشك.
مؤمن (بعد أن شاهد الصور): "حتى لو كلامك ده صح، برضه مش هصدقك. ممكن تكوني اتعرفتي عليها قريب، أو بتخططي لحاجة أكبر. أنا مش هسمحلك تأذيها."
إيمان (بصراخ): "يا ربي! أعمل إيه عشان تصدقني؟ أنا مش قادرة أصدق إنك بتتهمني كده."
اندفع مؤمن إلى الداخل ليجد رهف ملقاة على الأرض فاقدة الوعي. ركض نحوها بفزع، يحاول إفاقتها دون جدوى.
مؤمن (بهلع): "رهف! رهف حبيبتي! ردي عليا!"
في هذه اللحظة، دخل طفل صغير وطفلة أكبر قليلًا إلى الغرفة.
حياة (بصوت قلق): "بابا! ماما مالها؟"
مراد (بخوف): "ماما نايمة؟"
تجاهل مؤمن سؤال الأطفال، وعيناه مثبتتان على رهف. ثم نظر إلى إيمان بغضب.
مؤمن (بصراخ): "إنتِ عملتي فيها إيه؟ إيه اللي حصلها؟"
إيمان (بصدمة): "أنا... أنا ما عملتش حاجة! هي فجأة وقعت قدامي!"
فجأة، تدخل مراد الصغير في الحديث.
مراد (ببراءة): "طنط إيمي هي اللي بتعمل لنا الأكل كل يوم. هي كويسة أوي."
ثم أضافت حياة الصغيرة:
حياة (بحب): "طنط إيمي بتحكي لنا قصص حلوة قبل ما ننام."
توقف مؤمن عن الصراخ، ونظر إلى الأطفال بذهول. ثم نظر إلى إيمان، وعيناه تحملان خليطًا من الغضب والارتباك والدهشة.
مؤمن (بصوت هامس): "إيه اللي بيحصل هنا؟ إيه طنط إيمي دي؟ وإنتوا مين؟"
نظرت إيمان إلى مؤمن بحزن، ثم نظرت إلى الأطفال بحب.
إيمان: "أنا إيمان، و... أنا اللي برعى أولادك في غياب رهف."
صمت مؤمن للحظات، وعيناه تتنقلان بين إيمان والأطفال في حالة من الذهول التام. لم يستطع استيعاب ما يسمعه.
مؤمن (بصدمة): "؟ من إمتى؟ وإزاي ما عرفش حاجة زي دي؟"
نزلت دموع إيمان رغماً عنها، وهي ترى نظرة الضياع في عيني مؤمن.
إيمان (بحزن): "من 3 شهور يا أستاذ مؤمن.
قطع حديثهم الدكتور وهو يقول
المدام عندها نزيف فى المخ وهنعمل لها
عميلة محتاجين موافقة
سقط مؤمن على ركبتيه، غير قادر على استيعاب حجم الصدمة
تتبع
إقتباس من الفصل 16
طيب أنا مش فاهم… رهف تعرفك من إمتى؟"
تنهدت إيمان وقالت:
ـ "من زمان… إحنا كنا جيران وأصدقاء في المرحلة الإعدادي والثانوي."
انصدم مؤمن وسألها:
ـ "إنتي كنتِ معانا في مدرسة فريدة الخاصة؟"
هزت إيمان رأسها بالنفي:
ـ "كنت في مدرسة فتيات مصر الجديدة الأزهر الشريف."
بصّ لها مؤمن باندهاش:
ـ "دي المدرسة اللي جنب مدرستنا!"
هزت إيمان رأسها:
ـ "آه… كنت الفترة الابتدائي والإعدادي هناك، وبعدين اتنقلت في الثانوية عند رهف."
هز مؤمن رأسه وكأنه بيتذكر:
ـ "آه… أنا وقتها كنت اتنقلت آخر سنة لمدرسة عسكرية عشان أتهيأ وأدخل الشرطة."
سألته إيمان بلهفة:
ـ "إزاي حضرتك ظابط وكمان دكتور؟"
تنهد مومن وتابع بنبرة عتاب:
موضوع كبير لكن
ـ "ليه رهف خبت عليا إنها جابتك تساعدها في أمور البيت؟ أنا عارفة إن العيال كانوا تعبنينها… ومكنتش هرفض."
إيمان ابتسمت ابتسامة خفيفة وهي بتحاول تدافع عن موقف رهف:
"ممكن عشان شغلك… وممكن كانت حاسة إنك هترفض إني أنا بالتحديد أشتغل عند حضرتك."
مؤمن استغرب وسألها باستفهام:
"مش فاهم… ليه؟ إنتِ عليك إيه بالظبط؟"
إيمان تنهدت بخجل وقالت بصوت واطي:
"حضرتك… أنا للأسف بنت واحد كان عضو في تنظيم."
مؤمن (بصوت عالٍ، ملامحه متصلبة): "تنظيم إيه بالظبط؟ يعني شكوكي كانت في محلها من البداية؟!"
شكرا لزيارتكم عالم روايات سكيرهوم