رواية حكاية عمر الفصل التاسع عشر 19 بقلم رونا فؤاد



 رواية حكاية عمر الفصل التاسع عشر بقلم رونا فؤاد


 نظر عمر الي صمت وسيله وشرودها الذي طال ليسألها وعيناه تتطلع لعيونها التي لاح صفاءها اسفل ضوء الشمس لترتسم ابتسامه فوق شفتيه بينما لاول مرة يتطلع لمثل هذا تفصيل بفتاه ... ملامحها عيونها شعرها حتي ذلك الصمت الذي أعطاها جاذبيه كلها اشياء جديده يراها بها أو بأي فتاه 
: مالك يا سيلا ؟

تحركت عيناها ببطء تجاهه لتصطدم بنظره عيناه التي ارتسمت بداخلها اعجاب لطيف لتهز كتفها وهي تخفض عيناها بخجل : مفيش ..

هز رأسه بإصرار : قولي بتفكري في ايه ؟!

مجددا هزت كتفها ولكن تلك المره انفلتت تنهيده من صدرها وهي تقول بشجن: بفكر في بابا 

نظر لها برفق وأكمل جملتها : كان نفسك يكون معاكي دلوقتي 

لاحظ حركه شفتيها المتوترة بينما حقا لاتعرف أن كان هذا ما تريده أو ما جاش به صدرها 

لتقول بتشتت : اكيد كان نفسي يكون موجود ...بس ...بس 

تنهدت مجددا لينظر لها عمر بتلهف عما جعلها بتلك الحاله التي لم يعتاد عليها : اتكلمي يا سيلا ....مالك يا حبيتي ايه مضايقك ؟

اشرقت ابتسامه هادئه من بين غيوم الحزن التي ارتسمت علي وجهها لتجد قلبها يلتجأ إليه وتتحدث مطولا : بفكر لو مكانش انفصل عن ماما ....هزت كتفها وتابعت بتأثر : كان نفسي اتكلم معاها عنك ...اخد رأيها واحس انها فرحانه اني هتجوز ... صمتت لحظه قبل أن ترتجف شفتيها وهي تتابع بأسي : يعني زي اي بنت وامها ..!

تغيرت كل ملامح وجهها بينما دون أن ترتب كانت تتابع : من عشر سنين انفصلت هي وبابا ....وقتها كان عندي ١٤ سنه ..عيشت وقت صعب اوي 

ابتلعت رمقها وتابعت : كانوا بيتخانقوا زي اي اتنين بس اخر خناقه كانت النهايه  ....بابا كان بطبيعه شغله بيسافر في المواقع وبيغيب كتير عن البيت وانا فكرت وقتها 

إن دي خناقه زي اي خناقه بس وقتها بابا كان عصبي جدا ...حتي ...حتي أنه أول مره يمد أيده علي ماما 

ساب البيت ونزل وانا جريت علي ماما اللي كانت بتعيط جامد اوي ....غص حلقها بقوة بينما تجسد هذا المشهد امامها وهي تتابع : فكرتها بتعيط أنه ضربها بس ...بس مفكرتش ابدا أنها كانت بتعيط من الافترا والاتهام اللي اتهمه لها 

عقد عمر حاجبيه ولم يعلق بشيء بل تابع بصمت ما ستكمله لتتابع وسيله بخزي شديد : اتهمها أن هي بتخونه 

خانتها دمعه حارقه انسابت من عيونها فوق وجنتها الناعمه ولكن قبل أن يمد عمر يداه ليمسحها تزاحمت الدموع بعيونها وانسابت بغزارة فوق وجنتيها بينما تتابع بقهر : اونكل طلعت ابن خالتها ....كان بيسافر دائما واوقات كان بيجي يزورنا ...عادي زي اي قريب 

مشوفتش منه اي حاجه وحشه بالعكس حتي علاقته ببابا كانت كويسه ....اتفاجأت اليوم ده بعيله ماما في بيتنا ...فكرت أنهم جايين بعد خناقه بابا وماما وتوقعت أنها اشتكت لعيلتها .... اخدتني ماما في الاوضه عشان مسمعش بس صوت بابا كان عالي واتصدمت وانا بسمع اتهامه ليها بحاجه زي دي .... ارتجفت شفتيها ورفعت عيناها الباكيه تجاه عمر تسأله بوجع قلب : بس عارف ايه صدمني اكتر ؟! 

اوما لها عمر لتتابع وهي تفرك يديها التي انتابتها تلك الرجفه : اتصدمت من ثقه أهلها فيها وازاي جدو وقف قدام بابا يقوله استحاله بنتي تعمل كده 

حتي اونكل طلعت وقف في وش بابا وبصوت كله احتقار قاله ازاي تفكر كده ..... كلهم وثقوا في ماما الا هو .....بكت وتابعت بسخريه مريرة : ده حتي وصل بيه الحال أن يشك اني بنته 

عقدت حاجبيها بقوة وتابعت : كلهم صدقوها ماعدا هو وكأن عنده دليل قوي .....التوت شفتيها بتهكم بينما تتابع : والدليل اللي كان عنده مجرد رساله من مرات اونكل طلعت بتقوله أن ماما بتخونه 

رفعت يدها وضمت كلتا اصبعها بينما تتابع بقهر : حته رساله خلته يشك فيها ....بس رساله !

مسحت كلتا وجنتيها من دموعها ورفعت عيناها تجاه عمر تتابع بنفس السخريه المريرة : بابا صدق وحتي مفكرش لحظه قبل ما يحكم عليها والغريب هو اللي اكتشف الموضوع كله ....اونكل طلعت عرف أن مراته اللي بعتت الرساله وخلاها تقول قدام الكل اللي عملته واللي كان بسبب غيرة فارغه ....كورت قبضتها بحنق وتابعت : تغير من انسانه فتدمر حياتها باتهام بشع زي ده 

سحبت نفس عميق واغمضت عيونها تتمالك نفسها بعد تلك الذكري المؤلمه ليتطلع لها عمر برفق بالغ بينما لم يفكر أنها عاشت شيء كهذا 

التقت عيناها بعيناه لتجيب عن سؤاله عما حدث بعدها ببساطه وكأنه النهايه الطبيعيه : صممت تنفصل عن بابا وهو عشان يضغط عليها تتراجع عن الطلاق اخدني منها ....هزت كتفها وتابعت : بس ماما متراجعتش بالعكس كرهته وكرهت اي حاجه تربطها بيه ....حتي أنها بعد وقت صغير اتجوزت اونكل طلعت ...

أومات وتابعت : شافت أن ده اكبر عقاب لبابا ....أنها تتجوز اللي صدقها و جري ورا الحقيقه ....

فضلت وقتها مع بابا اللي مهما ندم عمره ما فكر ابدا يعتذر وحتي سيرة ماما محدش بقي يجيبها 

عاشت حياتها مع جوزها وحتي ربت بناته بعد ما اخدهم من امهم اللي طلقها بعد اللي عملته وده كان ابسط حاجه ترد بيها له الجميل ....عدت السنين وفكرت اني نسيت اليوم ده حتي مكنتش بفكر مين فيهم صح ومين غلط ...ساعات كنت بدي بابا العذر واقول الغيرة اتحكمت فيه وساعات تانيه بلوم عليه أنه لو كان حكم عقله وقلبه كان لا يمكن يصدق حاجه زي دي عن مراته وام بنته اللي عاشت معاه علي الحلو والوحش 

ومقدرتش ولا يوم الومها علي انها بعدت عني .... اتظلمت وكان هتتظلم اكتر لو اتنازلت ورجعت له بعد اللي حصل وعشان كده مش زعلانه منها ...

كنت لما باجي اسكندريه مع بابا نزور تيته كانت من ورا بابا بتاخدني ازور ماما 

ارتسمت ابتسامه علي شفتيها بينما تتابع : طبعا كان بيبقي عارف بس كان بيعمل نفسه مش عارف ...يعني ابسط حقوقها بعد اللي عمله أنها تشوفني وكان وقتها بيسبني مع تيته كام يوم عشان اشوف ماما براحتي ....سنه ورا سنه والمسافات بينا بقت بتكبر ....لغايه ما بقيت احس اني مجرد ضيفه 

هزت راسها وتابعت بإقرار : مقدرش اقول انها كانت بتزعلني أو تضايقني ...بالعكس كانت كويسه جدا معايا ...حتي اونكل طلعت كان بيعاملني كويس هو وبناته ....بس برضه كنت بحس نفسي ضيفه أو دخيله علي حياتهم وعشان كده لما بابا مات وتيته قالت ليا اعيش مع امي مرضتش وعيشت معاها هنا في اسكندريه ....انا وتيته لوحدنا واكتر اتنين محتاجين لبعض .... ساعات كتير ببقي محتاجه لامي زي اي بنت ....زي دلوقتي محتاجه اوي امي وحاسه اني وحيده ...! 

برفق شديد كان عمر ينظر إليها قائلا بحنان لاول مره يظهره : انتي مش لوحدك بعد كده ...انا جنبك 

نظرت إليه ولمعت الدموع بعيونها بتأثر لحنان كلماته ليتابع عمر بابتسامه مشجعه  : انتي مش محتاجه حد ....شدد علي باقي كلماته وكأنه يخبر نفسه بها قبل أو يخبرها هي : انا وانتي مش محتاجين حد ....هنبدا حياتنا مع بعض من غيرهم ....احنا مش محتاجين حد ..! 

نظرت إليه ورسمت ابتسامه فوق وجهها وكأنها بها تتخطي كل وجعها وهو أيضا ابتسم لها بينما يعرف أن كلماته تلك لنفسه هو ....لن يحتاج لأحد من عائلته وسيؤسس لنفسه عائله. ....!

ظل ينظر إليها مطولا بينما لم يستطع لسانه اخراج كلمه حتي أنه لم يجد كلمه مناسبه ليقولها لها لتلتقي عيونهم لحظه بعدها ترتدي وسيله نفس قناعه بالتهرب من إظهار حزنها و مشاعرها وعلي الفور كانت تقول بصوت مرح : طبعا نفسك اتسدت بعد الكأبه بتاعتي 

هز رأسه وقال بحنان وهو يمد يده ليضعها فوق يدها بعفويه : لا 

سحبت يدها من أسفل يده بخجل بينما تبتسم له وتتابع بمرح تخفي به حزنها الواضح : فهمت بقي ماما كشرت ليه لما سألتها عن بابا 

اوما وابتسم لها وعاد الصمت ليخيم عليهم مجددا بينما يستغرب عمر تأثره أو رغبته في إبعاد هذا الحزن عنها وهو من يكن ليشعر بالملل لسماع حديث طويل من فتاه ولم يكن ليكمله أما معها فالحديث دوما له بقيه 

.............

.....

نظر ايهم الي غرام لتتوقف عيناه لدي تلك الاهداب الكثيفه الزائفه التي كللت عيناها وقد ارتسمت خطوطها بالاسود الفاحم لتعطي عيونها جمال متقن لم يجذبه ابدا مقدار تلك اللمعه التي لمحها بعيونها بسعاده بريئه كطفله  صغيرة اخذها ابيها لشراء ملابس العيد بينما نظرت إليه 

بخجل لا يتناسب مع تلك الصورة التي بدت عليها بتلك المساحيق التي تكاد تخفي ملامحها وتلك الملابس المنمقه للغايه بينما بدي كم أنها لا تشعر بالارتياح بها مهما بدت أنها فاتنه بها ... خفضت عيونها تجاه مختلف الهواتف التي وضعها البائع امامها قبل أن ترفع عيناها تجاهه مجددا وتغيب بالتطلع الي هالته ....ليست مجرد هاله رجل وسيم بل هاله رسمتها له بخيالها الطامح للحنان والراغب بالاحتواء ....اخذها ليحضر لها ما طلبته عزه كأي امرأه عرفها من قبل يلبي طلباتها لتلبي طلباته ولم يكن أبدا بالرجل البخيل بل يدرك جيدا أن الهدايا من الرجل للمرأه شيء لابد منه ليشعرها بأنوثتها ويدللها دون النطق بشيء بينما غرام رأت به حنان واهتمام بتفصيل صغير جرحها من والدتها وقرر أن يداويها ويعوضها به ....كل منهما قرء الاخر وفقا لما يريد ووفقا لما اعتاد عليه ....مرت بحياته نساء كثيرة ويعرف للتعامل معهم طريق معين لا يتبع سواه وهي لم يمر بحياتها من يهتم بها لذا ركضت خلف اهتمام لا تدرك سببه وفسرته كما يطمح قلبها وخيالها ...

خرجت نبره ايهم الرخيمه بينما يقول : اختاري !

تعلثمت بخجل وهي تخفض عيونها عن عيناه : مش بعرف فيهم ...اختار انت  

دون سؤالها مره اخري اشار الي أحد الهواتف قائلا  : هناخد ده 

اوما البائع بتهذيب : تمام يااستاذ 

بقيت واقفه مكانها بينما اتجه ايهم ليدفع ثمن الهاتف ويدون الفاتورة لتلتقط اسمه :  ايهم عبد الحميد 

ولم تلتقط باقي الاسم ولم تهتم كما لم يهتم ايهم بسؤالها عن باقي اسمها ليكتب الفاتورة باسمه هو 

خفضت عيناها الي يدها التي تفركها بتوتر وخجل وسعاده لم تشعر بها من قبل ... الكثير والكثير من المشاعر تتدفق الي قلبها منذ أن قابلته قبل ساعه ليأخذها بسيارته لطريق لم تسأله عنه ووجدت نفسها معه ليشتري لها الهاتف ..... وضع ايهم الفاتورة بداخل علبه الهاتف واعطي لها الكيس الأنيق دون قول شيء لتقول بصوت غلفه الخجل وهي تأخذه. منه : شكرا 

لم يهتم ايهم بل سار الي الخارج وهي خلفه ليركب مجددا سيارته وينطلق بها ....

نظر إلي يدها التي كورتها بحجرها ثم رفع عيناه ببطء يتطلع الي ملامح وجهها الجانبيه قبل أن يتوقف جانبا  

ويلتفت إليها : جعانه .... انا جعان ...تعالي ندخل نتعشي 

أومات بلا تفكير بل إن السعاده تراقصت بداخلها وهي لأول مره تعيش شيء كهذا ....تخرج برفقه رجل ليتناولان الطعام سويا ...شيء لم يمر عليها ....فقط اعتادت علي حمل المسؤوليه ولم تعتاد أن تعيش حياتها هي فقط دون التفكير في الآخرين  

تلفتت حولها بانبهار الي المكان الذي اخذها إليه 

بينما ايهم لم يقل الكثير ....ما المانع من التغيير 

تبدو فتاه بسيطه مثلما وصفتها عزه لذا لم يمانع من التسريه عنها فهو بالرغم من صمته إلا أنه يعرف دوما ان المراه يجب أن تكون لها معامله خاصه ...كلما اشعرتها بأنوثتها كلما أعطتك منها ....وهو انسان كان دوما راقي في تعامله مع المراه ....سخر من نفسه وهو يفكر بشيء كهذا ...يتزوج بتلك الطريقه ويتحدث عن الرقي 

اوما لنفسه بينما يصحح جملته ( راقي في التعامل معها وليس في مشاعره تجاهها ) بعد زوجته كل النساء بحياته لغرض واحد ....غرض تعرفه جيدا لذا يخطو معها تلك الخطوة دون تردد أو تفكير من اي عواقب وهاهو يخطو تلك الخطوة برفقه غرام التي كانت ما تزال مأخوذه بسحر كل ما تعيشه معه حتي الآن ....رجل يتعامل معها بتلك الطريقه ... لم تكن تحلم يوم بشيء كهذا أو دعنا نصحح الجمله أيضا ( جفاف حياتها ماثل جفاف أحلامها لذا لم يكن لديها احلام وما إن ظهر شيء. مختلف بحياتها ركضت خلفه ظنا منها أنه الحلم المنشود ) 

دخلت غرام بتردد خلفه بينما خطي بضع خطوات يفسح لها المكان لتدخل الي هذا المنزل .....هل تسأل لماذا أتت الي هنا او تظل تحيا في أحلامها البلهاء وكأن ما يحدث شيء طبيعي وان وجودها معه بمنزل لا تعرف شيء لا يدعو للخوف أو حتي التساؤل ....!

.............

....

نظر عمر الي وسيله التي انتظرت منه اجابه علي سؤالها لتعيده مره اخري : عاوز تتجوزني عشان الموقف اللي حصل ياعمر ولا فعلا حبيتي وعاوز نكون مع بعض في الحياه 

لم يفكر في سبب إلا أنه شعر برغبته أن تكون في حياته لذا استصعب الرد ولكن ما أكده : لا مش عشان الموقف ده يا وسيله ....نظرت له باستفهام لتدفعه لتحصل علي اجابه تريح عقلها الذي مازال لا يستوعب طلب كهذا ويرفض الاعتراف بما يخبره به قلبها  : امال !؟

هز عمر كتفه : قولتلك حسيت اني عاوز اتجوزك 

ضحكت وسيله بخفه بينما تخفي صدمه عقلها من إجابته : بس كده ؟!.

اوما لها ونظر في عيونها بينما لم يعد هناك بد من اعطاءها الاعتراف الذي تريده والاحتفاظ لنفسه بالاسباب ....لا يفهمه أحد لذا اعتاد أن يقدم لهم ما يريدون سماعه وهاهو يخبرها أن شعوره هو فقط ما دفعه لطلب الزواج منها وهي لاتراه سبب كافي لذا فليعطيها الأسباب 

: من اول ما اتكلمنا مع بعض وانا اتشديت ليكي ....كل يوم بحس اني عاوز اقرب منك اكتر ....برتاح معاكي ومعجب بكل حاجه فيكي ومن غير ما افكر كتير بعد ما حسيت كل ده معاكي الطبيعي اتجوزك 

ربما لم يخطيء في وصفه لما يشعر به تجاهلها ولكنه أخطأ في الاصرار أنه يقول تلك الكلمات لها فقط لترتاح وان بداخله لا يوجد سبب لزواجه بها إلا مجرد إحساسه أنه يريدها أن تكون في حياته ....ظلمها وظلم إحساسه بها والذي كان كما وصفه بالضبط وتعجل كثيرا بتلك الخطوة التي كانت ستأتي ولكن بالوقت المناسب وايضا هذا اعتراف أدركه بعد شهور طويله من تذكره لتلك الكلمات بينهم ....

سحبت وسيله نفس عميق بينما تحاول أن تهديء من دقات قلبها التي تسارعت بعد سماع تلك الكلمات 

لتقول بتردد : بس ...بس يعني انت مش احسن لو تاخد وقت شويه تفكر تاني 

هز عمر رأسه قائلا بجديه :  مش محتاج افكر يا سيلا ....انا عارف نفسي وعارف انا عاوز ايه 

نظر لها بعتاب وتابع : انتي اللي شكلك عاوزة وقت 

هزت وسيله راسها بينما صعب عتابه عليها قول حقيقه خوفها وارتباكها من تلك السرعه التي تطورت بها علاقتهم : لا مش كده 

نظر إلي عيونها باستفهام : امال ايه ؟!

ابتلعت رمقها ببطء كما ابتلعت نظراته عيونها لتري بداخلها كم هو بالفعل بحاجه اليها ...

..................

....

تطلع ايهم مطولا اليها لتبدأ أنفاسه تتثاقل بينما امسك بمنديل أخرجه من جيب سترته وبرفق مرره فوق شفتيها يزيل احمر الشفاه الذي راودته تلك الرغبه بإزالته عن شفتيها التي أراد أن يتناولها بين شفتيه دون احمر شفاه ....

فقط يريد يذوق شفتيها التي بدت اكثر اثاره دون أي شيء فوقها ....اجفلت غرام من فعلته واندفعت الحمره الي وجهها وسرعان ما خفضته ليمد ايهم أنامله برقه اسفل ذقنها يرفع وجهها إليه ويتابع ما يفعله ولكن تلك المره بأطراف أنامله التي تلمست شفتيها ترسم خطوطها بلمسه ساحره لتلتهم عيناه شفتيها قبل شفتاه وهو يتطلع إليها بينما اكتنزت بحمره طبيعيه حددت منحنياتها لتبدو مغريه في نظره أكثر مما كانت بأحمر الشفاه  

دق قلبها بجنون من لمسه أنامله التي أخذ يحركها فوق شفتيها برفق لتغمض عيناها بوجل شديد تحاول ايجاد القدره  بداخلها لتتحكم بسيل تلك المشاعر بداخلها ....هناك من بعيد خلف تلك السحابات الورديه التي تزاحمت بخيالها صوت ناقوس يدق بقوة ويحاول أن ينبهها ولكن كلما حاولت الاستماع لصوت الخطر كان صوت دقات قلبها المتسارعه يطغي علي اي صوت .....

فيضان من الاحاسيس والمشاعر داعب قلبها وكيانها لاول مره وهي تعيش شيء حلمت به .....ارتجفت أنفاسها بينما شعرت بتلك الأنفاس الساخنه تداعب وجنتيها لتحاول ان تفتح عيونها ولكن رعشه عاتيه انتابت جسدها حينما لامست كلتا يداه خصرها يقربها إليه ليلامس جسدها صدره العريض ....واه من هذا احساس قلب عالمها الذي لم يعد يدرك شيء مما حوله وكلما حاول صوت الناقوس أن يعلو من أسفل كل تلك الأصوات الطاغيه كلما باغتتها كلمات فيفي التي رسمت فوقها احلام ورديه ولم تدري انها رسمت احلام زائفه ستسقط مع اول نسمه هواء ....

أنها تكون مع رجل جعلها تعيش مشاعر اهتمام لاول مره تشعر بها وكم كانت صدفه ان يشعرها ايهم بمثل هذا الاهتمام الذي بالغت في تقديره فهو رجل اشتري هديه لامراه وأخذها لتناول العشاء قبل أن يقضي رغبته بها بينما هي ظنته فارس الاحلام الذي احضر لها نجمه من السماء الورديه التي مازالت تحلق بها فلم تجد بنفسها القدره علي أبعاده أو السيطرة علي دقات قلبها أمام تلك المشاعر التي داعبت قلبها لاول مره 

بينما اختطف أنفاسها وهو يلتقط شفتيها بين شفتيه ....

لتستجيب له دون ادني مجهود فقد دخل إليها من الباب الصحيح وهو حاجتها للاهتمام و الاحتواء فحصل من شفتيها الجاهله علي استجابه زادت من أثارته وهي تاركه له شفتيها يتذوقها كيفما يشاء ......!



............

....

نظرت جوري إلي ابيها الذي مد ذراعه لها قائلا بحنان : تعالي ياجوجو 

قامت من مكانها واتجهت الي ابيها الذي سرعان ما امسك بيدها واجلسها بجواره علي طرف فراش المشفي 

ابعد شعرها عن وجهها ورفع ذقنها إليه بحنان بينما يسألها : زعلانه ليه ؟!

هزت راسها وقالت برقه : مش زعلانه 

ابتسم لها ومال يداعب وجنتها : امال الوش الجميل ده مكشر ليه 

هزت راسها ليباغتها بسؤاله الماكر : زعلانه علي الجحش ابن البحيري ....؟! 

.........

...

عقد صالح حاجبيه باستفهام : يعني ايه هتشتغلي ...انتي مش اترفضتي 

هزت ثراء راسها وقالت بكذب : كلموني وقالوا إني اشتغلت 

لم يفهم صالح شيء ليضيق عيناه يحاول أن يتبين كلامها وعلي الفور كانت ثراء تتابع بنبره فخيمه لا تقبل الجدل : ربنا أراد يا بابا وفوق اراده ربنا مفيش سؤال 

وهاهي ترتدي عباءه الايمان الزائفه بينما كانت أول من اعترض علي اراده الله وركضت تحيك الخطط بمشروعيه حللتها لنفسها واقنعت نفسها انها تستحق تلك الوظيفه وما فعلته مجرد طريق لايهم ما دام يوصلها لهدفها  

..........

...

قال سيف بعقلانيه : نستني كام يوم وانا هسافر لعاصم واتكلم معاه وان شاء الله ترجعوا لبعض 

نظر مراد الي ابيه بامتعاض : لسه هستني 

اوما سيف بحزم : اه هتستني ولا عاوز تحاول تتكلم معاها كلمه تانيه وتضايقها و الموضوع 

يتعقد ...اسمع الكلام الافضل اننا نستني 

هز مراد رأسه : لا يابابا مش هقدر استني 

زفر سيف بضيق : وكنت طلقتها ليه لما مش قادر علي بعدها 

زفر مراد هو الآخر : اهو اللي حصل بقي يابابا ....قولتلك كنت بهددها وخلاص 

التفت له سيف بحنق : وادي آخره تهديدك ....رفع إصبعه أمام وجهه ابنه وتابع : اسمع يا مراد انا حاليا هسكت ومش هتكلم في اللي عملته معاها ولا اسألك ايه اللي وصل الموضوع بينكم لكده بس ده عشان انت تقعد مع نفسك وتحاسبها وتشوف انت عملت ايه غلط وتصلحه 

ترك ابنه وغادر لتسرع نور تجلس بجوار ابنها قائله بصوت خفيض : مراد متمسمعش كلام ابوك 

نظر لها بعدم فهم لتشير تجاه قلبه وتتابع: اسمع كلام قلبك ....نظر لها لتهز راسها له بتشجيع : سافر لها يا حبيبي ...حسسها انك مش قادر علي بعدها 

كلام ابوك عاقل زياده عن اللزوم واوقات الست بتبقي مش عاوزة العقل وعاوزة جنان الحب ...سافر لها ووريها جنانك 

تسربت الابتسامه لوجهه مراد الذي هتف بتشجع : ده انا هوريها هي وأبوها الجنان اللي علي حق 

ضحكت نور وغمزت له :

 لا وريها هي وأبوها مالكش دعوه بيه خالص ....


لا تعرف متي غرام وجدت نفسها فوق هذا الفراش الوثير بينما شعرت بأنها كريشه محموله فوق رياح هادئه وقد كانت كذلك بينما حملها ايهم وسار بها الي الغرفه وعيناها تختطف عينها في رحله عبر السحاب لم تطأ مثلها من قبل ....رحله حالمه لم يترك ايهم بها التطلع الي ملامحها وتلك الطاعه البريئه دون أي زيف من جانبها جذبته إليها  

وكأنه بين ذراعيه طفله وليست امراه كما قبلها خبيرة او علي الاقل تعرف كيف تشعره بأنه مرغوب بل كانت فقط طائعه له ليكون تلك المرة الراغب في القرب 

التقط ايهم شفتيها مجددا وهو يميل بها ليضعها فوق الفراش بينما كانت غرام ما تزال غارقه بتلك الاحلام التي طغت فوق الصوت الذي أخذ يتعالي بداخل عقلها يطلب منها التراجع .....حاولت أن تستمع لصوت عقلها وذلك الشعور الذي بدأ يتسرب الي قلبها بأنها لا يجب أن تنساق لشيء كهذا لتضع يدها فوق صدره بممانعه تحاول سحب شفتيها من بين شفتيه ولكن ضراوة قبلته ازدادت لتبث فوضي وشتات بمشاعرها وتزيد من دقات قلبها التي أخذت تهدر بصدرها بقوة بلا توقف بل ازدادت وتيرتها  بينما تحركت شفتاه تجاه عنقها بقبلات صغيره ناعمه بدأت تزداد ضراوتها لتغمض عيناها بخجل ووجل شديد بينما كلما حركت عنقها للهرب من قبلاته العاصفه كانت شفتاه تعرف إليها الطريق من جديد لتنفلت من بين شفتيها اهه حينما امتصت شفتاه جلد عنقها الناعم ذو الرائحه المسكره  لتغيب حرفيا عما حولها بينما اخذت قبلاته الخبيرة تولد بداخلها مشاعر تعجز عن مواكبتها لتتجراء يداه وتتلمس جسدها من فوق قماش بلوزتها الحريريه ومع استكشافه لخريطه جسدها كانت تلك المشاعر الغريبه تطأ كل انش بكيانها وكأنها انفصلت عن العالم وأصبحت بهذا العالم الذي لا تريد التفكير به بأي شيء بل تريد المزيد من تلك المشاعر والأحاسيس التي تشعر بها معه فلم تعد تريد منه الابتعاد بل استسلمت كليا لنوبه مشاعره بدأت يداه بحل ازرار ملابسها ببطء الواحد يلو الاخر ليتعالي بداخلها هذا الصوت من جديد ويدفعها بغريزة فطريه أن تضع يدها فوق يداه توقفه ولكن قد فات أوان التراجع فلم يتوقف بل زاد من جرعه قبلاته العاصفه ليندثر اي صوت لعقلها وتنزلق مجددا لهوه تلك المشاعر الحاره التي أخذ يبثها إليها من خلال قبلاته التي كانت تاره ناعمه وتاره عاصفه حاره ....مع كل قبله ولمسه  كانت يداه تبعد بلوزتها عن كتفها حتي أبعدها عنها تماما وقبل أن تفيق وتحاول الخروج قبل أن تبتلعها تلك الدوامه كانت يداه تمتد الي الضوء بجواره ليغلقه ويبقي فقط ضوء هاديء بأحد جوانب الغرفه التي ساد بها الصمت وخلا الا من صوت أنفاسهم ..... تراجع بها للخلف لتشعر بجسده الضخم وهو يتمدد فوقها وبعدها توالت تلك المشاعر بسرعه عجزت عن إيقافها بينما دق صوت الخطر بقوة مجددا بعقلها ولكن بتلك اللحظه لم يعد هناك مجال للتراجع ....صرخه قويه انبثقت من صدرها قبل شفتيها كان مصيرها شفتاه التي التهمت شفتيها بشغف كبير بينما يضع يخطو خطوه في طريق اللا عوده 

أغمض عيناه ومازالت شفتاه تعتصر شفتيها بقوة كما حال قوة دقات قلبه الراقد فوقها ولكن ما شعر به بتلك اللحظه أخرجه بقوة من شغف تلك اللحظات التي عاشها برفقتها ليعقد حاجبيه ويفتح عيناه ببطء يتطلع إليها بينما كانت تغمض عيناها وتعتصر جفونها بقوة بينما انغرست أظافرها بظهره وكأنها تحتمي به .... هز رأسه بقوة وعيناه لا تفارق النظر إلي عيونها المغلقه وملامحها المرتعبه ليدرك تلك الحقيقه .... أنها فتاه اول مره يلمسها رجل ....واه من تلك الحقيقة التي لا يستطيع تجاهلها ولا التراجع بها 

فقد اكتشفها بعد فوات الاوان ....! 

تسارعت أنفاسه وهو يبعد جسده من فوقها سريعا وعيناه مازالت تتطلع إليها وهي مازالت تغمض عيونها 

رفع الغطاء فوقها وقام من الفراش الذي لمح فوقع تلك الآثار قبل أن يسرع بخطواته لأول باب أمامه ....  لتستمتع غرام  الي صوت انغلاق باب

ببطء فتحت عيونها حينما شعرت بعدم وجوده

واااه من فتح عيونها بتلك اللحظه علي حقيقيه مافعلته....!

.............

....

ابتسامه هادئه ارتسمت فوق شفاه حلا التي كانت تعبث بهاتفها وهي متمدده أمام التلفاز لتسألها اختها بفضول : بتضحكي مع مين ؟

هزت حلا كتفها وقالت ببساطه : ده مسيو هادي ؟!

عقدت هنا حاجبيها : وانتي بتكلميه ليه ؟!

هتفت حلا وهي تضع الهاتف بجوارها : عادي كان بيسأل عليا عشان من وقت المطعم وانا مروحتش درس البيانو رفعت هنا حاجبيها : وهو بيسأل علي كل اللي بيدرسوا عنده ولا انتي بس 

ضيقت حلا عيناها وقامت من مكانها لتوكز اختها بغيظ في كتفها وهي تهتف بها : انا عارفه قصدك ومش عبيطه عشان اللي في دماغي ...انا كبيرة وفاهمه كل حاجه 

نظرت لها هنا : وايه اللي في دماغي يا كبيرة 

هتفت حلا بها : موضوع التلميذه اللي بتحب الاستاذ ويضحك عليها ...لا يا فالحه انا مش عبيطه واصلا مسيو هادي مجرد مدرس وبس 

تنهدت وتابعت : اصلا انا مش بفكر في حب ولا حاجه زي دي 

نظرت لها اختها بفضول : امال بتفكري في ايه 

قالت حلا بهيام وهي تتحرك تجاه البيانو الاسود الكبير الموضوع بجانب الغرفه وتطرق عليه بأطراف أصابعها : بفكر في البيانو وبس 

ضحكت اختها : مجنونه 

هزت حلا راسها وقالت بعقلانيه : مجنونه بحلمي اني اكون عازفه مشهورة ....تنهدت وتابعت بإقرار : لو كان مجرد هوايه مكنتش زعلت من بابي اوي كده ....ياهنا انا بحب الموسيقي اوي ولما شوفت يومها اعجاب الناس بعزفي كان نفسي بابي يشجعني 

..............

....



جلس ذلك الرجل الاشيب الي أحد المقاعد بجوار طاوله المطبخ الرخاميه ليسأل المراه الخمسينيه التي وقفت تجهز الطعام 

: وبيشتغل ايه العريس اللي متقدم لوسيله يا سندس ؟!

قالت والده وسيله : وسيله بتقولي ضابط وعيلته ناس كويسين 

تنهد قائلا بسماحه : طيب علي خيره الله 

التفتت له سندس باستفهام : يعني هتقعد معاه 

اوما الرجل قائلا : وماله .... مش عريس وجاي لبنتك ...طبعا هقعد معاه 

قالت سندس بامتنان : شكرا يا طلعت 

ابتسم لها قائلا : علي ايه ...هي مش زي بنتي 

أومات سندس قائله : اه ....بس توقعت يعني أنك هترفض

هز رأسه قائلا : وارفض ليه.... هي ساعه الراجل يكون ضيفنا و هتعدي بالطول ولا بالعرض 

نظر لها وتابع بسره : عشان خاطرك 

صمت وفكر هل خاطرها ام من أجل خاطر بناته الذين تولت تربيتهم بعد زواجهم ....

رفع رأسه إليها قائلا : سندس 

نظرت له ليتابع : متبقيش تنسي علاج ماما 

أومات له بينما اخذت بجوار مسؤليه تربيه بناته رعايه والدته المريضه لتقول بتهذيب : حاضر هطفي الفرن علي الاكل و طالعه عشان اخد لها الغدا معايا 

قال لها : اه وابقي كلمي وسيله قولي لها تيجي في اي وقت ...ولا اكلمها انا 

هزت راسها : لا هكلمها 

شجعتها مكالمه والدتها المرحبه بمجيء العريس المنتظر ليلتهي فكر وسيله عن شيء هام ....والدتها لم تسأل عن أي شيء بل وسيله من كانت تتحدث ....عكس تمام طلعت الذي لم يتوقف عن طرح الاسئله علي وسيله 

لتتسع عيناه يعني أبوه صاحب الشركه اللي كان ابوكي شغال فيها 

أومات وسيله وخفضت عيناها علي ذكر سيرة والدها التي جعلت ملامح والدتها تتعكر 

ليتابع طلعت اسئلته التي كانت وديه فلم تستطيع وسيله الا الاجابه عليها 

: ده راجل اعمال علي كده 

قالت سندس باقتضاب : عاصم السيوفي 

هز طلعت رأسه قائلا : مسمعش عنه 

نظرت سندس له قائله :ازاي بقي ياطلعت ....عارف مدينه زينه اللي كانوا بيعلنوا عنها زمان .... ده صاحبها ومشاريع تانيه كتير

اتسعت عيون طلعت الذي كان رجل بسيط تلقائي عمل سنوات شبابه بالخارج وكون ثروة بسيطه تكفيه ليعيش عليها وهاهو منذ سنوات جالس بالمنزل ...هاديء الطباع وليس لديه طموحات بل مكتفي بحياه هادئه ومثله بناته كذلك ففتاه منهم قاربت الثلاثون والاخري في السابعه والعشرون ومثل أباهم اكتفوا بأخذ الشهاده والبقاء في المنزل بانتظار زوج مستقبلي لم يطأ حتي الآن 

قال طلعت بابتسامه وتلقائيه : ماشاء الله ....الف مبروك يا بنتي ....تنهد وتابع : يلا عقبال اخواتك 

نظر لها بابتسامه وديه وتابع :  مش نيفين و ندي اخواتك 

أومات له وسيله بابتسامه بينما الفتاتان لم تري منهم شيء شيء في فتره بقاءها البسيطه معهم 

ليقول بوديه : طيب يبقي لازم تشوفي عريس زيه ليهم ....هو مش عنده اخوات 

هزت وسيله راسها : عنده اخوه ....بس متجوز يا اونكل 

ضحك طلعت قائلا : وماله ....ابن عمه ابن خاله صاحبه اهو هتشوفي أن شاء الله عريس لاخواتك 

أومات وسيله وهي تهز راسها : أن شاء الله يا اونكل 

..........   

        ....



ضمت غرام ركبتيها الي صدرها وانسابت الدموع من عيونها ......عاشت لحظات حالمه ولكنها أفاقت علي حقيقه ماخسرته بتلك اللحظات التي لم تجرؤء علي السعاده بها وقد ضاق صدرها وهي تشعر أنها فعلت شيء خاطيء....نعم مهما راوغت إلا أنها لا تستطيع أن تكذب علي نفسها وقد تلاشي الحلم وتلاشت السحابات الورديه من سماءها 

بررت وأخبرت نفسها بكل كلام فيفي ولكن شعورها أنها أخطأت لم يفارقها .....

ببطء قامت من مكانها لتتطلع لانعكاس صورتها بالمراه 

بينما حلقت عيناها بهذا السواد بعد أن سال مكياج عيونها 

لتجذب مناديل من علبه المناديل الذهبيه الموضوعه علي جانب طاوله الزينه وتمسح وجهها الذي احمر من فرط حكها له بينما كرهت النظر إلي نفسها وهذا الشعور بالاثم يتجلي علي كل ملامحها .....

ماذا تفعل أو ماذا فعلت بينما هي بمنتصف طريق لم تعد العوده منه ممكنه ولا سبيل للتقدم .....فقد خطت

خطوتها وانتهي ...! 



......

بسرعه وهلع أسرعت غرام الي الفراش ما أن شعرت بصوت المياه تتوقف لتجذب الغطاء فوقها وتغمض عيونها بقوة تتظاهر بالنوم فلا تعرف ماذا تقول ان تفعل بتلك اللحظه ....تشعر نفسها بعالم غريب عنها كليا ...عالم اقحمت نفسها به بلا سابق علم أو معرفه ....لقد تركت نفسها له وأصبح هو فقط من بيده الامر وبما أنها لاتعرف ماذا تفعل سوي ان تغمض عيناها وتستسلم لخطوات القدر الذي جمعها به لعله قدرها الجميل بالرغم من كل ما تشعر به إلا أنها حاولت ان تتمسك بهذا الامل وكذبت علي نفسها بأنه امل زائف فقد خطت خطوتها بالنيران وانتهي الأمر 

وكم كان هو الآخر ضائع لايعرف ماذا يفعل ...؟! نفس الشعور بالضيق راوده بقوة و شعوره بأنه ارتكب خطأ لم يتوقف عن تقريعه ...كيف يفعل شيء كهذا ولماذا الان ....

بخطوات بطيئه تقدم من الفراش ليتطلع إليها ويري ذلك الوجه البريء الذي كان مخفي خلف مساحيق التجميل 

كور قبضته بقوة وهو يتساءل ماذا فعل ...

هل خدعته هي ام عزه ..؟! 

فتاه ...!!

هز رأسه وعيناه مازالت تتطلع إليها ...

لا لم يتخيل يوما أن يفعل شيء كهذا بفتاه 

وليست اي فتاه فهي تبدو صغيرة للغايه ليعقد حاجبيه بقوة وهو يسأل نفسه ...لماذا فعلت هذا ؟! ....

ماذا القي بها بهذا الطريق ..؟! 

اسئله كثيرة بدرت في ذهنه ولكنه لم يتوقف بل جذب سترته الجلديه وارتداها وغادر دون النظر خلفه ....فحتي لو نظر ماذا سيغير هذا إلا ادخال المزيد من الضيق الي صدره 

هبت غرام من الفراش علي صوت صفقه الباب 

لتعتدل جالسه وتتلفت حولها ....أنه تركها وغادر ...؟! 

............

...

مد ايهم يداه الي تابلوه السيارة واخرج تلك الورقه التي كانت عقد زواجه العرفي بها .....هدرت الدماء في عروقه وكور قبضته بغضب ....

وضع هاتفه علي أذنه : احمد 

: امرك ياباشا 

قال ايهم باقتضاب : هبعتلك اسم عاوز صورة البطاقه بتاعته 

اوما الرجل : حاضر هبتعها ليك علي طول 

ظل جالس بسيارته بانتظار الرد ليكور قبضته بغضب وهو يري عمرها .....

أنها بالثانيه والعشرون ....فتاه صغيرة وضعت نفسها بطريقه المظلم الذي لايجب أن يكون بدايه طريق لفتاه مازالت لم تشق طريقها في الحياه بعد ...

ام أن هل هذا فخ من عزه التي ألقت تلك الفتاه في طريقه وخدعته بها ام أنها الفتاه من خدعت كلاهما ....هز رأسه يفكر أن عزه لاتجروء علي فعله كتلك ابدا ! 

.............

....

بخوف تراجعت عزه خطوتين ما أن رأت ايهم امامها وعيناه تطلق شرور غضبه .....شهقت بفزع حينما اقبض ايهم علي ذراعها مزمجرا بها : مين البت دي ؟!

تعلثمت عزه وارتجف لسانها : بت مين يا باشا ....غ...را..م 

هي عملت حاجه ضايقتك ؟

نظر لها ايهم بغضب مزمجرا : انتي اللي زقتيها عليا .....

هزت عزه راسها بخوف لتكذب متظاهره بعدم الفهم : في ايه يا باشا ...انا مش فاهمه حاجه ..لو ضايقتك قولي عملت ايه ..!

نظر لها ايهم بغضب واندفع مجددا يمسك ذراعها بحنق وهو يصيح بها بصوته الغاضب : دي بت صغيرة ....بت مش متطلقه زي ما قولتي ليا .....انطقي عملتي كده ليه ؟!

ارتجفت أوصال عزه كذلك فيفي التي وقفت بأحد الأركان تستمع الي ما يحدث بخوف فقد ظنت أن الأمر سيمضي 

تظاهرت عزه بالصدمه وهي تتطلع إليه وتردد كلامه لعلها تجد كذبه مناسبه تخرجها من هذا الموقف : ب..ب..تت

ازاي ...ازاي يا باشا ....دي قالت ليا 

انتفضت بهلع ما أن خرج صوته الغاضب مزمجرا : متكذبيش 

هزت عزه راسها سريعا وهي تقول بكذب : لا والله مش بكذب....

اهتزت نظرات ايهم بتوتر مثلما توترت كل أنفاسه 

بينما لا يصدق أنها تفعل هذا بنفسها ....تكذب كذبه كتلك 

قالت عزه وهي تخفي خوفها بينما تحاول أن تهدئه : يا ايهم باشا هو انا عمري ضحكت عليك .....وهعمل كده ليه ...؟!

البت جت وقالت وانا صدقتها ....بخبث تطلعت إليه بطرف عيناها وهي تتابع : وهو انا يعني هكشف عليها ....

هزت كتفها وتابعت بينما تري أنه بدء يعقل كلماتها 

: طلبت اشوف لها جوازه وانا شوفت لها كذا جوازه لغايه ما مره شافتك عندي وطلبت اكلم سيادتك عنها ....قولتلها بلاش مينفعش ايهم باشا مش عاوز يتجوز صممت ولما انت طلبت مني عرضت عليها وهي وافقت 

زمجر ايهم بها بعدم اقتناع بينما يسأل نفسه نفس الاسئله : وهي هتعمل كده في نفسها ليه ...هتكذب ليه ....عاوزة ايه باللي عملته ؟! 

ذرفت عزه دمعه كاذبه بينما تتابع وهي تنكس راسها : معرفش يا باشا ....اللي اعرفه قولته لسيادتك... اعرف منين بقي أنها بتكذب ولا اعرف نيتها منين اللي الله 

اعلم بيها ....!

ترك ايهم ذراعها ودار حول نفسه بضع مرات بغضب نابع من قله حيلته وعدم إدراكه ماذا سيفعل في وضع كهذا 

ظلت عزه تتطلع إليه وهي واقفه مكانها بصمت تبتلع لعابها بصعوبه وهي ايضا لاتعرف ماذا سيفعل بها أو بغرام...؟!

توقف ايهم مكانه والتفت الي عزه بعيون غاضبه لتخفض عزه عيونها بسرعه بخوف ....قال ايهم بصوت صارم : انهي الموضوع ده كله ياعزه .....

نظرت له عزه بصدمه لتحاول أثناءه : بس يا باشا دي يعني ....يعني ما تجرب يمكن ترتاح ....قاطعها بصوت جهوري جعلها تنتفض من مكانها : قولتلك انهي الموضوع 

أومات سريعا ...حاضر حاضر يا باشا 

رفع ايهم إصبعه أمام وجهها وقال بتحذير : مش عاوز اشوفها ولا اسمع عنها تاني 

أومات عزهون مجادله : حاضر ...حاضر بس اهدي يا باشا 

زفر ايهم بغضب وتابع : اخرسي خالص مش عاوز اسمع صوتك 

هزت راسها بصمت ليقول بحزم وهو يتجه الي باب المنزل : هبعتلك فلوس اديهالها وزي ما قولتلك مش عاوز اشوفها ولا اسمع عنها تاني 

.........

...

نظرت غرام الي ابنتها بحنق : عاجبك اللي حصل !!

اعمل ايه انا دلوقتي ...؟!.

اقول للبت ايه ؟

هزت فيفي راسها بتفكير : متوقعتش يكون ده رد فعله ...قولت هتعدي 

نظرت لها عزه بغضب : واهو معدتش ولازم اخلي البت تبعد عن طريقه ....اقولها ايه ؟ 

واصلا اطلعها ازاي من الشقه ....فركت راسها بعصبيه : اقولها ايه ؟!

...

جلست غرام علي طرف الفراش تجفف شعرها بالمنشفه والضياع غلف كل ملامحها فهي لا تدرك شيء ولا تفهم شيء ....تركها وغادر ...!

حاولت أن تكذب احساسها أنه تركها بعد ما فعل بها ....ارتجفت شفتيها ولمعت الدموع بعيونها وهي تصحح جملتها ...بعد ما فعلت هي هذا بنفسها ...!

لتتذكر كلام فيفي وعزه وتتمسك به فهم لن يفعلوا بها شيء كهذا .....لابد وأنه لديه شيء هام لذا غادر

اعتدلت واقفه وهي تحاول أن تطمئن نفسها فلابد أنه سيعود بعد قليل .....قامت ببطء لتجمع شعرها جديله خلف رأسها ثم تعيد الفرشاة الي مكانها وتتطلع الي طاوله الزينه وتمسك باحدي زجاجات العطر ترفعها الي أنفها وتتذكر بها رائحته وتحاول أن تهرب بتفكيرها الي ليله الامس لعلها تخفف من وطأه شعورها بالضيق الممزوج بالخوف من مجهول سارت به بكل عزم خطواتها 

....أنه تركها بمنزله لذا لا يجب عليها أن تخاف ابدا ....طمأنت نفسها واستدارت تتطلع حولها الي اثاث الغرفه الأنيق لتبدأ بترتيب كل شيء مكانه ثم تتجه الي الخارج تتطلع الي باقي الشقه بعيون مبهورة وكلمات فيفي تشجعها أنها وجدت العوض ....تلك الكلمه التي أخذت ترددها لنفسها بزيف ....عوض عن ماذا ...؟!.

عن قسوه والدتها ام قسوه الحياه ام قصور تفكيرها بأنها كانت ضحيه بينما لم تكن هي أكثر من فتاه مثل كثير غيرها واجهت صعوبه الحياه .....

أنها ماتزال بقلب اخضر لم يعرف زيف ولا خداع الحياه ...فتاه وضعت نفسها لعبه بيد غير امينه دفعها الي طريق مجهول لا تدرك نهايته ....

غص حلقها ولم تعد قادره علي التفكير في تبريرات زائفه أكثر من هذا ....لم تعد قادره علي خداع نفسها أكثر 

لتترك العنان لدموعها وهي تهز راسها بأن لم تكن تلك ابدا الاحلام التي رسمتها ....لم تكن تحلم ابدا بزواج كهذا ... لم تكن تلك احلامها عن الصباح التالي لليله زواجها .....لم تكن أبدا تلك احلامها ....؟!

لقد خدعت نفسها بأنها تعيش سعاده بل كل ما كانت تعيشه هو بريق البدايات لمشاعر لم تطرق بابها من قبل وحينما زال البريق رأت الحقيقه ....أنها مجرد فتاه تزوجها بالسر ....فتاه تركت نفسها له دون أن حتي تسأل أو تعرف ماذا بعد ....ساذجه حد الغباء ....!

مسحت دموعها بظهر يدها وهي تفكر في والدتها بتلك اللحظه ....لقد كانت كلها حقد وغضب منها بالأمس والان تشعر أنها بأمس الحاجه اليها ....تريد أن تضع راسها علي كتفها وتتحدث معها وتطمأنها ...!

التفتت حولها بجزع حينما تعالي رنين جرس الباب 

لتقوم من مكانها بارتباك ....ماذا تفعل ومن القادم 

رفعت نفسها علي أطراف أصابعها لتري من خلال فتحه العين السحريه من بالخارج 

لتفتح سريعا ما أن رأت عزه ....ابتلعت عزه ورسمت فوق شفتيها ابتسامه زائفه وهي تحتضنها : عامله ايه يا روما ...؟!

قالت غرام بصوت متشتت : كويسه 

دخلت عزه لتخطو بضع خطوات للداخل تسألها بكذب : هو ايهم باشا نايم ولا ايه ؟!

هزت غرام راسها وقالت بتعلثم : مشي 

تظاهرت عزه بالمفاجاه وهي تسألها : مشي ...مشي ازاي

نظرت لها وتابعت بخبث : اوعي تكوني ضايقتيه  ياغرام 

هزت الفتاه راسها سريعا : لا ابدا ...معملتش حاجه 

اردفت تخبرها بكل ماحدث لتقول عزه بمكر : عندك حق جايز عنده شغل .....سحبت نفس عميق قبل أن تستجمع ثباتها وهي تقول : طيب ودلوقتي هتعملي ايه ؟!

هزت غرام كتفها : ابدا ....هعمل ايه يعني ؟!

ابتلعت عزه وقالت بمكر : يعني هتفضلي هنا 

أومات غرام : اروح فين ؟

قالت عزه بتعلثم : تروحي !

نظرت لها غرام بصدمه : اروح !

هزت عزه راسها وتابعت بمكر : طبعا تروحي أمال تخلي امك تقلق عليكي 

اهتزت نظرات غرام قائله بأسي : انا مش عاوزة اروح تاني ....زعلانه منها اوي 

قالت عزه سريعا  : لا مينفعش ...نظرت غرام لها بعدم فهم لتتابع عزه باستدراك : قصدي ...قصدي مينفعش مهما يكون تسيبي امك قلقانه وتسأل روحتي فين ....وبعدين لو مروحتيش امك هتعمل مشكله كبيرة وأيهم هيتضايق 

ابتلعت غرام بضياع : بس ...بس اروح ازاي 

قالت عزه بنبره هادئه تشجعها : عادي خالص ولا كأن حاجه حصلت ...كام يوم بس كده وبعد كده تفاتحي امك في موضوع الجواز ...تقولي ليها متقدم ليكي عريس كويس ولو اعترضت تبقي وقتها تقولي ليها انك خلاص اتجوزتيه 

ارتجف قلب غرام بخوف : اقولها ....هزت راسها سريعا : لا لا مقدرش 

ربتت عزه علي يدها قائله : مش مهم دلوقتي ....وقتها نرتب هنعمل ايه ...المهم يلا قومي عشان تروحي 

جذبت من حقيبتها مغلق بلاستيكي قائله : خدي دي فلوس ايهم سابها ليكي 

عقدت غرام حاجبيها بعدم فهم : سابها ليا ...؟! ازاي ...انتي شوفتيه امتي 

ارتبكت ملامح عزه لتقول سريعا باستدراك : قصدي ...قصدي يعني كان سايبهم ليكي معايا بس انا نسيت اديهم ليكي 

اعتدلت واقفه تقول بسرعه وهي تخفي ارتباكها :يلا بقي يا روما بطلي كلام وقومي قبل ما امك تقلق اكتر من كده ...

وعن اي قلق كانت تتحدث عزه بينما كادت زينب تفقد عقلها قلقا علي ابنتها حينما عادت من ورديه عملها قرب الفجر وتفاجأت بعدم وجود ابنتها .....بالتأكيد لم تفتقد وجودها ولا دخلت غرفتها لتطيب خاطرها بل لفت نظرها تلك الفوضي التي خلفها اولادها والتي اعتادت الا تراها بينما ابنتها الكبري تكون قد أنهت كل هذا قبل عودتها .....دخلت الي غرفه ابنتها لتؤنبها كما اعتادت لتتفاجيء بعدم وجودها .....أسرعت لتوقظ ابنتها الصغري شيماء تسألها لتتفاجيء بها تقول بصوت حزين : كانت بتعيط ومشيت امبارح 

انصعقت ملامح زينب وأسرعت تحاول الاتصال بابنتها لتتوقف يدها بجزع وهي تتذكر أنها كسرت هاتفها ....!

  ...........

....

احتسي ايهم المزيد من قهوته السوداء بينما بقي جالس في مكتبه صامت بوجوم بعد اتصال عزه به قبل قليل قائله بكلمات ظنتها مطمئنه تمحي بها كل ماحدث ( خلاص يا ايهم باشا خلصت كل حاجه ) 

لم ينتظر لسماع المزيد أو يقول شيء بل انهي المكالمه لتتنهد عزه بارتياح واخيرا بينما ظنت أنها بالفعل أنهت كل شيء بالرغم من أنها تدرك أن الأمر لم ينتهي علي الاقل بالنسبه لغرام التي عليها التفكير بكذبه مناسبه تجعلها بها تقتنع أن الأمر انتهي ....

عقد ايهم حاجبيه قائلا بصوت اجش : ادخل 

تفاجيء بعمر أمامه : صباح الفل ياباشا 

اوما ايهم ولم تستطيع نبره عمر المرحه تغيير ملامحه الممتعضه...نظر عمر له باستفهام : مالك ....ده انا قولت هتفرح لما تشوفني 

شاكسه ايهم باقتضاب : علي اساس بيجي من وراك حاجه تفرح ....اقعد 

جلس عمر الذي كان بمزاج رائق عكس مزاج ايهم المتعكر ليساله ايهم : فينك اختفيت تاني ليه 

هز عمر كتفه قائلا : كنت في اسكندريه 

نظر له ايهم متسائلا : ايه موضوع اسكندريه اللي كل يوم تسافرها ....

قال عمر ببساطه : ابدا بس بفكر اتنقل هناك 

عقد ايهم حاجبيه بقوة : تتنقل ايه .... انت لسه ناقل شغلك ....ياأخي اهدي بقي وشوف شغلك 

قال عمر باريحيه وهدوء : انا هادي اوي وفعلا عجبتني العيشه هناك 

نظر له ايهم بمكر : العيشه ولا الناس اللي عايشين في اسكندريه 

ضحك عمر قائلا : الاتنين ....وخلاص انا اخدت قراري  وهقدم طلب النقل واستقر هناك 

هز ايهم رأسه : لا انت بتهزر ....يعني ايه تستقر 

قال عمر ببساطه : وههزر ليه .... انا طلبت وسيله وهتجوزها واعيش معاها في اسكندريه 

انعقدت ملامح ايهم بقوة غير مستوعب ما نطق به عمر ناهيك عن البساطه التي يتحدث بها : طلبتها ...!

كده فجأه ومن غير ابوك ولا امك تأخد خطوة زي دي 

اشاح عمر بوجهه يخفي انطفاء لمعه عيناه بينما حاول أن يجعل حماسه لبدء حياه جديده يطغي علي اي صوت اخر بداخله كفيل باطفاء لمعان عيناه 

ليقول بجديه : محدش له دعوة بيا ...دي حياتي وانا عاوز ابدءها مع البنت اللي اختارتها 

نظر له ايهم باستنكار : وكل ده حصل فجاه ....ايه يا عمر الموضوع مش هزار ولا لعب 

هز عمر رأسه بدفاع عن نفسه : وانا لا بهزر ولا بلعب ....نظر إلي ايهم وتابع بجديه : انا واخد قراري عن اقتناع ....مفيش بنت خلتني ابقي عاوز اكون معاها زي وسيله ...هز رأسه وتابع باقتناع شديد : اصلا انا من وقت ما دخلت حياتي وتقريبا مبقتش افكر ولا اكلم اي بنت غيرها ...مبقتش احس أن ناقصني حاجه ..ملت حياتي ومبقتش اقدر استغني عنها 

وده لوحده كفايه يخليني اتأكد أنها اللي اقدر اكمل حياتي معاها 

اوما ايهم بتشجيع : كل ده جميل بس ليه مستعجل علي خطوة الجواز 

هز عمر كتفه :مش شايف اي سبب اني استني طالما انا عاوزها في حياتي 

مش عاوز اكون لوحدي ....مش بحب اعيش لوحدي وانت عارف 

اوما ايهم ليتابع عمر : عاوزها تكون معايا طول الوقت ....عاوز يكون ليا بيت وحياه .... عاوزها تهتم بيا وتعمل ليا اكل ...تقعد تتكلم معايا ...

لم يستطيع اكمال أسبابه بلا مرح ليغمز لايهم بشقاوة :  وعاوز اعيش معاها الحاجات التانيه 

ضحك ايهم لا يعرف هل بسخريه ام من قلبه علي هذا الرجل الذي مازال بعقليه طفل ليشاكسه قائلا : يعني هتتجوز عشان تطبخلك 

زجره عمر بغيظ : ميبقاش دمك تقيل ...نظر له وتابع : 

انت بتتجوز ليه 

ضحك ايهم ورفع حاجبه قائلا بوقاحه :  عشان الحاجات التانيه 

غمز عمر له بشقاوة وجاراه في الحديث قائلا : والحاجات التانيه لازم تكون البنت عجباك وانا وسيله عجباني 

تنهد وتابع :  دخلت دماغي ياايهم ومش عاوزة تطلع منها 

.....مبقتش افكر الا فيها 

نظر له وتابع : تخيل انا بقيت بقعد اسمع ليها بالساعات حتي لو حاجه تافهه ....بقيت بحب اقعد ارغي معاها في أي موضوع حتي لو اكلت ايه علي الغدا .....بعرف كل حاجه في يومها وهي بتعرف كل حاجه في يومي .....دخلت حياتي معرفش ازاي بالبساطه دي مع أن عمر ما بنت قبلها عملتها  

غرق فجاه بنوبه ضحك لينظر له ايهم : بتضحك علي ايه يا جحش 

قال عمر بمكر : تخيل يا باشا أن عمر السيوفي مبقاش يشوف الإمكانيات وسرحان طول الوقت في جمال عينيها 

ضحك ايهم بعدم تصديق ليهز عمر راسه متابعا بجديه  : صدق الواد سيف لما قالي لما تقابلها هتعرف ....

تنهد ايهم براحه لهذا التغير الذي يعترف به عمر ليسأله : يعني عمر السيوفي وقع وخلاص هيستقر 

اوما عمر باقتناع : اه 

قال ايهم وهو يقوم من مكانه ويربت علي كتف عمر بتشجيع :  طيب كلم ابوك ....هيفرح اوي لما يسمع منك الكلام ده 

تغيرت كل ملامح عمر ليهز رأسه : لا 

عقد ايهم حاجبيه بدهشه : ليه ؟! 

هتف عمر باحتدام : اهو كده 

رفع ايهم حاجبه باستنكار : هتتجوز من غير موافقه ابوك ياعمر 

هتف عمر بقناعه زائفه : انا حر 

هز ايهم رأسه برفض : لا طبعا مش حر .... بلاش جنان ياعمر 

التفت عمر الي ايهم بسخط : جنان عشان مش عاوز اسمع تأنيب منه ولا اشوف في عينيه كلمه ( مصيبه جديده ) 

هز رأسه برفض وهو يقوم من مقعده  : خلاص يا ايهم انا واخد قراري ومحدش له دعوة بيا ولا باللي بعمله بعد كده 

اسرع ايهم يوقفه عن المغادره : استني بس ياعمر احنا بنتكلم 

نظر له عمر ودون إرادته خانته نبرته لتخرج حزينه وهو يقول : ده حتي مفكرش يسأل عني 

قال ايهم برفق : ولا انت سألت عنه .....نظر اليه وتابع بجديه : هو ابوك يا عمر وأنت اللي لازم تسأل عنه 

هز عمر رأسه : لا 

تنهد ايهم قائلا : طيب ماشي بلاش تكلمه ....نظر إليه وتابع : وكمان بلاش تستعجل الخطوة دي 

ابوك لا يمكن يرفض لو قولت له الكلام اللي قولته ليا دلوقتي وزي ما بتقول البنت كويسه وعاوز تبدأ معاها حياتك يبقي ابدء صح وبلاش تزيد في البعد بينك وبين عيلتك 

محق ايهم ولكنه غفل عن هذا الماضي الذي يلازم اي شيء يفعله عمر ....فلديه ماضي يتذكره الجميع ودوما ما يربطون كل ما يفعله بهذا الماضي 

.........

....

سرت رجفه هادئه باوصال وسيله بينما وقفت تتجهز للذهاب الي والدتها ..... اليوم سيأتي عمر لطلب يدها رسميا 

ابتسمت لها امتثال بينما تري حماسها وتوترها وخجلها وتسعد كثيرا برؤيتها لها بمثل هذا اليوم لتقوم من مكانها وبرفق تديرها وتمد أصابعها لتغلق لها قفل سلسلتها الذهبيه التي عجزت وسيله عن غلقها بسبب رجفه يدها 

نظرت وسيله إلي جدتها من خلال المراه قائله : انا مبسوطه اوي يا تيته

أومات امتثال  وهي تضمها إليها : وانا كمان يا حبيبه تيته 

ربتت علي كتفها وتابعت : ربنا يسعدك 

نظرت وسيله إلي جدتها وهي ترفع رأسها من فوق صدرها : كان نفسي تكوني معايا يا تيته

ربتت امتثال علي يدها قائله : انا معاكي علي طول ..... خليكي براحتك مع والدتك ...انتي بنتها وحقها هي تشاركك 

قالت وسيله بامتنان : بس انتي مهمه اوي عندي 

أومات امتثال وربتت علي وجنتيها : وانتي كمان يا حبيتي ....وكده كده انا معاكي هروح فين 

أومات وسيله لتنظر الي هاتفها الذي تعالي رنينه لتقول بلهفه : ده عمر 

أومات جدتها لتقول لها : طيب يلا يا حبيتي بلاش تخليه يستني كتير 

أسند عمر رأسه الي ظهر مقعد سيارته وبقي بالاسفل في انتظار وسيله التي سبقتها ابتسامتها الهادئه ليجتاح الارتياح ملامحه ويسري بعروقه ويبعد أي تردد عنه فهو أخذ خطوته باقتناع ولن يتراجع 

قبل أن يتحرك بسيارته تجاه منزل والدتها مال للخلف ليجذب باقه الورود التي أحضرها لها لتتسع ابتسامه وسيله وكذلك عمر الذي قال وهو يتطلع إليها : اول مره في حياتي اجيب ورد 

افلتت ضحكه وسيله الرقيقه : بتهزر 

هز رأسه واختطف نظره إليها بينما تتطلع الي الورد بنظرات سعيده : عمري ما فهمت اصلا يعني ايه اجيب ورد بس معاكي حسيت اني عاوز اجيب ورد 

ابتسمت وسيله بسعاده لسماعها تلك الكلمات لتتجرء يداه وتمسك بيدها بينما يقول بصدق وهو ينظر لعيونها: وسيله انتي غيرتي حاجات كتير في حياتي .... تنهد وتابع وهو يرفع يدها ببطء تجاه شفتاه : حياتي بقت احلي بيكي ....انتي زي الورد ده مينفعش الواحد ميفضلش باصص له 

قبل أن تلامس شفتاه يدها كانت وسيله بخجل شدىد تجذب يدها من يده بينما دقات قلبها تدوي بقوة داخل صدرها وهي تهمس : انا بحبك ياعمر 

لم يصدق ليس سماع تلك الكلمه بل تلك السعاده التي هزت اركان قلبه وهو يستمع إليها منها ....لقد مرت عليه تلك الكلمه من مختلف الفتيات ولكن منها وبتلك الطريقه وفي تلك اللحظه شيء آخر ....أوقف سيارته فجاه لتكاد تصطدم وسيله بمقدمه السياره ولكنه سرعان ما كان يضع ذراعه امامها بحمايه وتنفلت منه كلمته القلقه : انتي كويسه ....انا اسف 

أومات واعتدلت بجلستها : انا كويسه ... مفيش حاجه حصلت ...وقفت ليه فجاه 

التفت لها عمر بكامل جسده واختطف نظرات عيونها بينما يقول بهيام : عاوزاني اعمل ايه بعد اللي قولتيه

عضت علي شفتيها وخفضت عيناها بخجل لتقتله بتلك اللحظه ولا يدري بأي ارض كان يعيش وهو يفتقد أن يعيش تلك التفاصيل بأي علاقه سابقه مرت عليه 

مد أنامله برقه ليرفع ذقنها لتنظر اليه ويهمس اسمها بغزل : وسيله ...هتعملي فيا ايه اكتر من كده !!

ليعود الزمن سريعا لحظات ويكرر نفس جمله أبيه الذي قالها لوالدته قبل اعوام طويله ( انتي وقعتي عمر السيوفي ) ...!



..............

....

ارتجفت يد غرام وهي تمد يدها تجاه حقيبتها تحاول اخراج مفاتيح المنزل منها كما ارتجفت ساقيها وهي تجرها جر لتصعد السلالم .....سقطت الحقيبه من يدها وانتفضت كل دقات قلبها ما أن انفتح الباب فجاه ووجدت نفسها أمام والدتها .....بلا تفكير جذبتها زينب بقسوه من خصلات شعرها لتدخلها الي المنزل وهي تصيح بها : كنتي فين ...؟!

ارتجف جسد غرام وماتت الكلمات علي شفتيها وهي تحاول نطق كلمه ؛ أن...انا 

انخرس صوتها حينما تردد حولها صدي تلك الصفعه القويه التي هوت بها والدتها علي وجهها لتنفجر الدموع من عيون غرام وتضع يدها علي وجنتها بألم لم يشفع لها أمام قسوة والدتها التي أمسكت بكتفها بقوة وهزتها بعنف تصرخ بها : انطقي كنتي فين ....؟!

وقفت إخوتها لدي باب الغرفه يبكون بخوف وهم يروا ما تفعله زينب باختهم والتي توقفت فجاه ما أن وقعت عيناها علي محتويات حقيبه ابنتها التي تبعثرت لدي باب الشقه ....!

............

....



رحب طلعت بعمر : اهلا اهلا ....اتفضل ياابني 

اشار عمر لوسيله لتدخل قبله بلياقه لتدخل وسيله ويندفع طلعت يرحب بها بود كبير : اهلا ياوسيله ...ادخلي يا بنتي 

دخلت ليتبعها عمر وهو يضع علي أحد الطاولات علبه الشيكولاته الفخمه التي أحضرها من اشهر محل حلوي 

تقدمت سندس من عمر تصافحه بترحيب : اهلا وسهلا 

اوما عمر لها بلياقه : اهلا بحضرتك 

اشار طلعت له : اتفضل ياابني ....اشار لابنتيه : تعالوا يا بنات ...تعالوا سلموا علي عريس اختكم 

تقدمت الفتيات بخجل يصافحون عمر ويجلسون لتقدم أحداهم بعد قليل الضيافه لعمر الذي حمحم يحاول أن يرتب كلماته بينما بتلك اللحظه شعر بحاجته لأبيه ليقف خلفة لا أن يكون هو من يتحدث بطلب كهذا ولكن عناده وكبره لم يدعوه يفكر كثيرا ليأخذ الخطوة 

لينظر الي والده وسيله قائله : وسيله بلغت حضرتك بطلبي 

اوما طلعت متدخلا : طبعا يا ابني ومفيش عندنا اي مانع 

ابتسمت وسيله بخجل وخفضت عيناها فلم تري نظره سندس الحانقه تجاه زوجها الذي وافق دون أن يلفت نظره مجيء عمر وحده بلا عائلته 

لتحمحم سندس وتتدخل بحرج :  امال والدك ووالدتك 

لم يتردد عمر وهو يقول : مسافرين 

قال طلعت بسماجه : يرجعوا بالسلامه 

مجددا تدخلت سندس بينما تحاول بتهذيب أخباره أنه اني لخطبه ابنتها دون عائلته : أن شاء الله بس كان نفسنا يكونوا موجودين 

قال عمر وهو يحرك يداه فوق ربطه عنقه يخفي توتره : 

اختي عندها شغل مهم وهما مسافرين معاها 

قبل أن تقول سندس شيء كان عمر يتابع : سيف اخويا الكبير موجود بس شايل الشغل مكان بابا وطبعا حبيت اجي اتفق علي كل حاجه قبل ما أبلغه 

تنهدت سندس وبدء الارتياح يسري بعروقها بمعرفه أهله ليقول طلعت بسماجه ليس لها محل : وليه مطلعتش رجل اعمال زي اخوك 

هز عمر كتفه : عادي مش بفهم في شغلهم 

قال طلعت بوديه : لا ازاي بقي ده انت لازم تفهم فيه .....تنهد وتابع بوديه لا محل لها بينما هناك أشياء اهم يتحدثوا بها : عارف انا لما كنت في الخليج كنت بشتغل اي حاجه ....حتي كنت بشتغل اكتر من شغلانه في نفس الوقت 

دون إرادته افلتت ضحكه عمر بينما يقول بمرح : اشتغل ضابط الصبح وبعد الضهر اشوف شغلانه تانيه 

ضحك طلعت ولكنه سرعان ما محي ضحكته بسبب نظرات سندس التي زجرته أن يتوقف عن الحديث ويدخل في صلب الموضوع 

  ليقول عمر وهو يحمحم : انا بجهز عشان انقل شغلي هنا عشان وسيله تكون جنبكم 

مجددا لم يدع طلعت عمر ليكمل جملته ليقول سريعا : وليه يا عمر ....وهي القاهره بعيده دي كلها ساعتين ....هناك اكيد احسن في بيت العيله ...اسمع عندكم فيلا كبيرة اكيد 

احتقن وجهه سندس ليقول عمر بتهذيب : يعني ...اه ...بس انا وسيله هنعيش في بيت لوحدنا 

وهنا ليا بيت برضه 

اتسعت ابتسامه طلعت بينما يقول : ماشاء الله ربنا يبارك ....

زجرته سندس بنظراتها ليبتلع ويحاول رسم الجديه وهو يتابع : طيب ده بالنسبه للشقه ....المهر بقي والشبكه

انتفخ وجهه سندس بالغيظ من سطحيه زوجها بينما رفعت وسيله عيناها تجاه زوج والدتها بعتاب علي حديث كهذا ليرحم عمر خجلها وهو يقول بتفخيم لذاتها : وسيله تستاهل  الدنيا كلها مش بس مهر وشبكه وعشان كده طلباتها كلها أوامر 

خجلت وسيله وعضت علي شفتيها تكتم ابتسامتها السعيده ليبتسم عمر لها قبل أن يدير رأسه تجاه طلعت قائلا : انا جاهز لكل حاجه وكل طلباتكم أوامر وماليش الا طلب واحد

نظر له طلعت باستفهام : نتجوز في اقرب وقت ...هز كتفه وتابع : اصلا مفتكرش في سبب نستني 

انسحب طلعت من لسانه ليقول : يبقي الف مبروك ...نقري الفاتحه 

زمت سندس شفتيها وترددت بنطق شيء لتتعالي الهمهمات حولها بينما رفع الجميع يداهم واغمضوا عيونهم يقرءون الفاتحه 

لتفتح وسيله عيناها بسعاده وتتطلع الي عمر الذي ما أن فتح عيناه حتي امتدت يداه الي جيب سترته يخرج منها علبه قطيفه باللون الاسود انحفرت عليها اول حروف من اسم ذلك المحل الشهير للمجوهرات لتتسع عيون طلعت ما أن فتح عمر العلبه ومد يداه بها لوسيله 

: اللهم صلي علي النبي .....كلك ذوق ياابني 

هكذا هلل طلعت بينما يري اسورة خالبه للأنظار تتوسط ارضيه العلبه الحريريه

بخجل مدت وسيله يدها تجاه عمر الذي قال بحرج : كنت عاوز اجيب خاتم بس معرفتش مقاس صباعك 

تدخل طلعت قائلا : كله منك حلو ....لبسها ياابني هديتك 

نظرت له سندس بغيظ بينما تولي دفه الحديث بالنيابه عن الجميع ...!

اغلق عمر قفل الاسورة حول معصم وسيله ورفع عيناه ببطء إليها يتأمل تلك السعاده التي تتراقص بعيونها قبل أن يهمس : مبروك

تعليقات