رواية زواج بلا قلب الفصل التاسع عشر بقلم ادم نارو
انطفت أنوار القاعة، واشتغل ضوء المسرح فجأة، وطلع راجل على الستيج بابتسامة واسعة، كان اسمه سعد.
سعد (بحماس):
– سيداتي سادتي، الكبار والصغار، العُزّاب والمتجوزين... عاملين إيه؟ إن شاء الله تكونوا كلكم عزّاب... أقصد فرحانين طبعًا!
ضحكوا الناس كلها، حتى ليلى ضحكت، وماهر كان باصص لها وهو مبتسم.
سعد:
– النهاردة معانا شخصية قوية، عنيدة، عصبية، بس في قلبها حنية محدش يعرفها غير ربنا... مين تتوقعوا؟
ليلى (بضحكة خفيفة):
– أكيد آدم!
أسية (وهي بتضحك):
– إنتي عارفة أخويا أوي كده ليه؟
ضحكوا هما الاتنين، وماهر بص لهم بعيون فيها غيرة.
سعد:
– إيه؟ مش سامع!
الجمهور (بصوت عالي):
– السيّد آدم!
سعد:
– سيداتي وسادتي، نرحب بأحر التصفيقات... بالسيد آدم السيوفي!
التصفيق علا، وآدم دخل من المصعد بخطوات ثابتة. ليلى ابتسمت من غير ما تحس.
آدم (قدّام المايك، بنبرة واثقة):
– أهلًا بيكم، يارب تكونوا بخير ومبسوطين...
أنا دايمًا بقول إن لو عاوز توصل لحاجة، لازم تتعب وتضحي... وده اللي عملناه السنة دي. اشتغلنا كتير، تعبنا، بس النهاردة واقفين بنحتفل بنجاحنا.
وبالمناسبة دي، حابب أشكر كل واحد فيكم اشتغل بإخلاص، وفخور بكم كلكم.
موظف ١ (باندهاش):
– هو بيتكلم علينا؟
موظف ٢:
– دي لحظة تاريخية!
موظف ٣:
– اسكتوا واسمعوا بس!
آدم (مكمّل):
– أتمنى نفضل دايمًا على نفس الطريق، ونبقى أقوى وأكبر... شكرًا ليكم.
الجمهور صفق بحرارة، حتى ليلى اتأثرت وصفقت.
سعد:
– شكرًا ليك يا سيد آدم على الكلام الجميل ده...
فجأة طلع "هيثم" على الستيج، رجل أعمال بيكره آدم ودايمًا بيحاول يوقعه.
هيثم (بخبث):
– لو تسمحلي أضيف كلمة... كلنا عارفين إن السيد آدم اتجوز من كام يوم بس، وده صدم الكل... علشان كده قررنا نعمل فقرة للصحفيين يسألوه شوية أسئلة عن الجواز المفاجئ...
إيه رأيك يا سيد آدم؟ هتجاوب؟ ولا هتتهرب؟
آدم بص له بغضب واضح، شكله كان عايز ينزله من على المسرح بإيده.
أسية (بهمس):
– هو عايز يوصّل لإيه .؟
الحاج التامي (بقلق):
– يا رب آدم يمسك أعصابه.
ماهر (بضحكة خبيثة):
– يلا نشوف هيتصرف إزاي دلوقتي...
هيثم (بيستفز):
– شكله السيّد آدم فقد النُطق!
صحفي (من بين الجمهور):
– إحنا محتاجين تفسير يا سيد آدم، ليه دايمًا بتهرب من الكلام عن الجواز ده؟
الجمهور (متفاعل):
– صح... عنده حق!
ليلى (بصوت واطي):
– يا ترى هيعمل إيه دلوقتي...؟
أسية (بقلق):
– مش عارفة والله...
آدم (بهدوء وغضب متحكم فيه، وهو بيقرّب المايك):
– أنا عمري ما هربت من حاجة... بس اتأخرت عالرد لأن الأسئلة دي بلا قيمة.
القاعة سكتت... الكل مصدوم من كلامه.
هيثم (بتهكم):
– يعني الجواز مش مهم بالنسبالك؟
ماهر (بضحكة من غير صوت):
– هنشوف هتطلع منها إزاي بقى...
آدم (بسخرية):
– شكلك متضايق أوي من جوازي يا سيّد هيثم.
هيثم (بتوتر):
– لا أبدًا... أنا بس بحاول أوضح للناس...
آدم (قاطعه):
– عشان إنت قريب مني أوي، وزي أبويا يعني، حبيت تتدخل؟
هيثم اتوتر وبص حواليه مش عارف يرد.
آدم (بحزم):
– بس مش مشكلة... اللي عنده سؤال يتفضل، وأنا هجاوب.
سمية (بصوت خافت):
– بيعمل إيه ده؟!
ليلى (بتراقبه بقلق)
صحفي ١:
– في إشاعة بتقول إنك اتجوزت الأنسة ليلى غصب عنك... صح الكلام ده؟
الحاج التامي (همس غاضب):
– ده سؤال وقح... المفروض يتطرد.
أسية:
– بابا، إهدى شوية...
آدم (ضحك بسخرية):
– هو انت جاوبت بدلًا عني... بتقول "إشاعة"، يعني مش حقيقة.
دي كلها خطط من ناس بتحاول توقعني...
وأنا متغصبتش على الجواز... أنا بحب مراتي.
ليلى بصت له باندهاش... مش فاهمة هو بيقول الحقيقة ولا بيحاول يحفظ صورته.
صحفي ٢:
– بس في ناس بتقول إن ليلى كانت حزينة ليلة الفرح...
آدم (بحدة):
– أولًا، دي مراتي، وتقول "مدام ليلى"، مش كده!
ثانيًا، الليلة دي كانت متوترة شوية زي أي عروسة.
بص لهيثم وكان باين عليه الغيظ، وآدم ابتسم باستفزاز.
آدم:
– في سؤال تاني؟ علشان أرجع أقعد جنب مراتي.
صحفي ٣:
– في كلام بيقول إن مدام ليلى من عيلة بسيطة... فقيرة يعني... ده صحيح؟
القاعة كلها سكتت، وكل العيون راحت على ليلى اللي اتكسفت وبصّت في الأرض.
هيثم (في سره وهو بيضحك):
– ورّيني هترد على دي إزاي يا أدم...
آدم (بهدوء وابتسامة واثقة):
– أيوه...
لحظة صمت...
آدم (مكمّل):
– بس فين العيب؟
لو كان الفقر عيب... مكنتش وصلت للي أنا فيه.
أنا بحب مراتي... وعارف قيمتها... وهي أغلى من كنوز الدنيا.
ويا ريت تحترموا المهنة الشريفة اللي اسمها "الصحافة"... ومتبقوش سلعة بتتباع بالفلوس.
نزل من على المسرح، وراح قعد جنب ليلى، اللي كانت متأثرة جدًا.
سعد (خد المايك بسرعة):
– تصفيق كبير لأجوبة السيد آدم الصادقة!
الناس صقفوا، فيهم اللي مصدوم، وفيهم اللي منبهر.
سعد (مكمل):
– ويلا نغيّر الجو... مين عايز يرقص؟! دي جي، شغّل لنا الموسيقى بسرعة، شكلكم هتناموا!
أسية (لآدم بقلق):
– أخويا... إنت كويس؟
آدم (بهدوء):
– أنا تمام...
ليلى (بحزن):
– آسفة... أنا السبب في اللي حصل.
آدم:
– متأسفيش... مفيش ذنب ليكي.
أسية:
– هيثم الحقير هو اللي اشترى الصحفيين علشان يحرجك!
ليلى (مصدومة):
– إيه؟ بجد؟
آدم (ببرود):
– أيوه... بس لو فاكر إنه بيتحداني، يبقى غلطان. أنا بلعب التحدي ده بطريقتي.
الحاج التامي (بعصبية):
– هعلمه درس عمره ماينساه!
سمية:
– سيبه يتصرف... ده أمر يخصه هو.
آدم (بص لسمية وكأنّه بيقول: فعلاً أنا ابنك؟):
– متقلقوش... هحلها بطريقتي... ومش محتاج حد يتدخل.
أسية:
– الأغنية دي حلوة أوي...
ليلى:
– عندك حق...
ماهر (قرب من ليلى):
– ليلى؟
ليلى:
– نعم؟
ماهر:
– تحبي ترقصي معايا؟
ليلى (بتوتر):
– لأ... أنا معرفش أرقص.
ماهر:
– متخافيش... هعلمك.
آدم (بغضب مكتوم):
– ماهر... تمثّل دور الضحية، بس نواياك معروفة.
ماهر (بحدّة):
– قصدك إيه؟
آدم:
– بتقرب من مراتي قدامي وبتتظاهر بالبراءة...
ليلى (مصدومة):
– إنت بتقول إيه؟ ماهر زي أخويا!
آدم (بحدة):
– بس هو مش شايفك كده!
❤️❤️❤️
ماهر:
– احترم نفسك!
آدم:
– مش هاحترمك... وهتشوف هعمل إيه!
آدم مسكه من جاكيت البدلة كأنه هيضربه، لولا إن الحاج التامي تدخل وفصلهم.
الحاج التامي (بسخرية):
– ناقص تجيبوا سكاكين وتقتلوا بعض! عظيم... نرتاح بقى.
سمية (تجري لماهر):
– يا بني، إنت كويس؟ حصلك حاجة؟!
آدم (بحزن وهدوء):
– متخافيش يا سمية... مضربتوش... بس المرة الجاية... هشيل جثته بنفسي!
سمية (بغضب):
– قليل الأدب!
الحاج التامي (قاطعهم): يعني كل مرّة نتجمع كعيلة، لازم نتخانق؟
سمية (ببرود): عشان كده العيلة بقت أهدى وأسعد من غيره.
آدم (بضحكة قهر): يعني كنتِ شايفاني أصلًا فرد من العيلة؟
(سمية بصّت له بنظرة كلها غضب واحتقار)
آسية: كفاية بقى... اللي حصل ده كله غلط ماهر.
سمية: لأ، ماهر ما غلطش في حاجة.
آدم: طبعًا، ماهر الملاك الطاهر اللي عمره ما بيغلط.
سمية (باحتقار): مش زيك... إنت كنت أكبر غلطة في حياتي.
(ليلى قاعدة ساكتة، مصدومة من الكلام، وعينيها على آدم اللي وشه اتحوّل لطعنة صامتة من كتر القهر)
الحاج التامي (بحزم): كفاية كلام فاضي... ماهر دي مش صاحبة دراسة، دي مراته لأخوك الكبير، شوية احترام بقى... إحنا مش عايشين في أمريكا.
ماهر (بانفعال): عقولكم متسخة...
(ماهر خرج بسرعة)
سمية (بصوت عالي وهي بتجري وراه): ماهر! ابني! شفتوا؟ زعلتوه... ربنا ياخد الحق من السبب!
آسية (قلقانة): ماما! .. استأذنكم، هاروح أطمن عليها.
ليلى: طبعًا... روحي .
الحاج التامي (بحنية): أنا آسف يا بنتي إنك شوفتينا بالحالة دي.
ليلى (بصّت له وسكتت، مش عارفة ترد من الصدمة)
الحاج التامي: اسمحولى، هاروح أشوف الضيوف.
(بصّت ليلى لآدم)
ليلى (بقلق): إنت كويس؟
آدم (بص لها بحدة): إنتي بتشفقي عليا؟
ليلى (بتضايق): بتقول إيه؟
آدم (بعصبية): كنتي بتضحكي وبتلمسي إيده... شكلك متعودة على كده.
ليلى (بصت له بانفعال): آدم! احترم نفسك!
آدم: إيه؟ مش عاجبك تسمعي الحقيقة؟
ليلى: تستاهل المعاملة الوحشة دي من أمك.
(آدم سكت شوية، وبعدين قام وسحب نفسه من الترابيزة)
ليلى (بهمس لنفسها): يا رب... أنا قلت إيه بس؟
🍒🍒🍒🍒🍒🍒🍒🍒
(عدى باقي الحفل زي ما الكل حب... إلا شخص واحد كان قلبه مولع من جوه، آدم... اللي اتربى في عيلة زرعت فيه القسوة وخلته شخص الناس كلها تخاف منه.)
(بعد الحفل، ليلى خرجت مع آسيا علشان يودعوا بعض)
آسية: هتيجي تزورينا بقى، صح؟
ليلى: أكيد! طبعًا هاجي.
آسية: إحنا مش بعيد... ساعة زمن وتكونوا عندنا.
ليلى: هستأذن آدم يوصّلني ليكم.
(سمية من غير حتى ما تبص لليلى أو تقول كلمة)
سمية (بجفاف): اتحركي يا أسية.
آسية (بابتسامة حزينة): متزعليش، ماما دايمًا كده.
ليلى: نعم...
ماهر (يناديها): ليلى!
ليلى (بقلق وبصوت واطي): نعم؟
ماهر: نفسي تشتغلي معانا في الفندق.
ليلى: مش عارفة... آدم مش هيوافق بسهولة.
ماهر (بعصبية): لازم يكون ليكي شخصية! إنتي إنسانة حرة تختاري اللي يناسبك.
ليلى: بس أنا...
(آدم قرب منها، ومد إيده على خصرها وسحبها ليه قدام الكل)
آدم: أيوه، هي إنسانة حرة، ولو مراتي حابة تشتغل... هشغّلها في مكان قُصادي علشان أشوفها طول الوقت.
(ليلى مصدومة ومش قادرة ترد، وآسية ابتسمت)
آسية: شكلك بتشتاقلها.
آدم (بثقة): دي الأكسجين بتاعي.
(آسية فرحت، وماهر كان هيولع من الغيظ... وسمية من جوه العربية)
سمية: يلا يا أسية ! مش هنبات هنا!
آسية: حاضر ماما...
ليلى: باي حبيبتي.
آدم: وإحنا كمان هنمشي دلوقتي.
آسية: تصبحوا على خير.
(آسية سحبت ماهر اللي كان واقف متجمد، عينه على إيد آدم وهي على خصر ليلى)
آسية: أخويا! ماما بتنادي!
آدم (بتهكم وهو بيستفزه): تصبح على خير يا ماهر.
(ماهر بيبصله بغضب، وآدم بيضحك بسخرية... ركبوا العربية ومشوا)
ليلى (دفشته): إنت فيك إيه النهاردة؟
آدم (بهدوء مصطنع): في إيه يعني؟
ليلى: ليه تعامل أخوك كده؟
آدم: آه آدم غلطان عشان بيتعامل وحش مع ماهر... بس ماهر بيتعامل طبيعي معايا، صح؟
ليلى: إنت بتتصرف زي العيال الصغيرة!
آدم (ببرود): شكلك مهتمة بأخويا؟
ليلى (بعصبية): احترم نفسك... إنت بتتكلم معايا بقلة أدب