رواية بحر ثائر الجزء الثانى الفصل التاسع و العشرون 29 بقلم اية العربي


 رواية بحر ثائر الجزء الثانى الفصل التاسع و العشرون 

قاما بتأدية ركعتي الزواج ...

والتفت داغر يتطلع عليها، رفعت نظرها تبادله وتبتسم بوضوح، زحف نحوها وتعمق فيها أكثر.

لبرهة فخجلت وأسبلت جفنيها لذا تنفس بقوة وحدتها بنبرة متحضرة:

قبل أي حاجة عايز اقولك إلى العلقت بيكي جدا ، ويحبك يمكن أكثر من حبك ليا بمراحل ودي حاجة مش مزعلاني، بالعكس إنت تستاهلي الحب ده، واليومين اللي فاتوا علموني اصبر بس يمكن علشان أنا ملهوف عليكي كنت مدايق شوية ، أنا يعتبر إن الدنيا كافتني بيكي ، كان نفسي في هدية غالية وفقبل سنين كثير تعب وكنت واثق إن ربنا هيعوضني ، وفعلا انت كنت أحلى عوض في حياتي ، ربنا أكرمني من وسع بس وجودك معايا ده في حنة ثانية خالص ، علشان كدة مهما قفشت شوية أو اخدت على خاطري أوعي تزعلي مني ، أنا طبعي يمكن صعب شوية بس هتلقيني بلين يكتمة ، لو حتى نديتي عليا واحدا زعلانين وقلتي يا داغر هقولك أؤمريني يا بطة

شفتيها ترتعش تأثرا وتطالعه بعيون لامعة وابتسامة ثم تذكرت والديها وعائلتها فيكت فأسرع يجفف دموعها وأسرع يحتضنها ويستطرد قبل أن تتحشرج :

لا لا لا لا، الدموع دي مش وقتها أبدا ، ولا عايزها تظهر تاني طول مانت معايا ، اذا يصارحك باللي جوايا علشان افرحك مش علشان از علك .

لفتقت حوله تبادله وأردفت بخفوت وهي تقطن داخله :

أنا فعلا فرحالة أوي يا داغر، فرحانة علشان انت معايا وحبيبي وجوزي وأهلي ، أنا فعلا معاك مش خايفة من أول يوم جيت فيه هذا وأنا مطمنة وده بالنسبالي كان حلم شبه مستحيل خاصة بعد موت بابا وماما ، لكن انت قلبت كل الموازين ، أنا حقيقي بحبك وبشوفك بطلي وراحتي والحارس اللي ربنا يهديهولي
كان هذا ردها على كلماته التي لن تنساها مطلقا ، أما رده فلم يكن كلمات ، بل قبلة يضخ بها حبه ويغزو بها شفتيها ، ثم ابتعد قليلا وساعدها في التخلي عن إسدالها ولم يحتاجا إلى النهوض . ولم تتعجب كثيرا فحبيبها مختلف وغير مألوف كما الجميع .

منحته الاستسلام الذي يطالب بيه ليعبر حدودها بأمان ، ليجد نفسه في وطن خاص به فبدأ يطوف أركانه ويستكشفه بسعادة سافرة وهو يرى شمسا ذهبية تدفاه ، وزهوزا تنفتح داخل قلبه ، ومع كل خطوة يخطوها يقترب أكثر من عاصمته حتى وصل بسلام ورفع رايته الأبية على ضفاف قلبها المتراقص مع لحن همساته ولمساته التي ارتشفتها حد الثمالة فبانت مغيبة بالعشق والهوى .

تفاجأت به يطالعها وفي عينيه اهتماما لذا تساءل ويده تملس جبينها :

كتب بتحلمي ولا ايه ؟ كنت بتنادي عليا في الحلم ؟

ارتفعت قليلا ومالت نحو الكومود تلتقط من فوقه الكوب المغطى كشفته وارتشفت القليل من الماء ثم أعادته وعادت تتنهد يعمق فارتفع لمستواها وتساءل مجدنا :

- حاسة بحاجة ؟

هزت رأسها بلا والتفتت تواجهه ، تدرك أنه سيخند، وسيغضب ، ولكن لا يمكنها تجاهل هذا الحلم، عليها أن تسأله عما ينوى فعله بشأن ذلك الرضيع لذا از دردت ريقها وتساءلت بتوتر :

أنا حلمت بالطفل يا تاثر ، حلمت إنه كان بيعيط جامد وفتحت الباب واخدته في حضني وكان

باين عليه التعب والبرد ، بس انت ظهرت واخدته مني واديته الارتوا ..

صمت يطالعها فلمحت الغضب في عينيه لذا مدت يدها تمسك بكفيه وتسترسل بترج :

أنا عارفة إني ما ينفعش احتفظ بيه ، وعارفة إنك مش هتتقبله أبدا ، بس لو ليا خاطر عندك بلاش إرتوا ياخده، صدقني إحنا كدة بتعمل عدو جديد الاولادنا ، علشان خاطري يا تاثر .

نزع يده منها ومسح على وجهه يستغفر ، عقله لا يتقبل ما تقوله ، مجرد تفكيرها بذلك الصغير يصيبه بالجنون، أي عدو لأولادهم ؟ وهل هي تدرك مصلحة الأولاد عنه ؟ بعد كل تلك السنوات التي شهدت على العداء اللدود بينه وبين توماس يصبح في النهاية وصيا على ابنه ؟ تاثر؟

نادته بقلق من حالته فصاح يردف باختناق :

- مش قادر افهمك ، حقيقي المرة دي مش قادر افهمك ، يعني إيه ما ينفعش تحتفظي بيه ؟ انت اصلا بتفكري فيه ليه ؟ مالك وماله ؟ انت ازاي مش مستوعبة إن أبو الطفل ده لو كان معاه رصاصة يوم الفرح ماكنتش هبقى جنبك دلوقتي .

النقض قلبها وأغمضت عينيها تهز رأسها رفضا ثم عادت تطالعه وتردف بهدوء يخالف حدته عنها تحرز هدفا :

بعد الشر عليك ، ربنا يحفظك لينا ، حاول بس تفهم وجهة نظري ما تعتبروش ابن توم ..

اقفلي ع الموضوع ده يا ديما .

قاطعها بغلظة قبل أن تكمل اسم توماس ونهض من سريره يتجه نحو الشرفة ليدخن لفافة تبغ ينفت بها عن غضبه الماكث داخله وتركها تشعر يتخبط وعجز يراودها ويؤنب ضميرها بلا رحمة

يتمددان على الفراش بعد جولة عشق حالمة، يحتويها ويديه تتوغل خصلاتها ويسمعها وهي تبوح له بأمنياتها بـ حرية كانها تتحدث مع نفسها :

أنا فعلا وانا صغيرة كان نفسي لما اكبر اسافر واستكشف أماكن كثير ، بس طبقا الموضوع ده مكلف فقولت اشتغل الأول واكبر نفسي وبعد كدة ابقى احقق حلم السفر .

استمع إليها ولم ييد رأيه بل تساءل بنيرة حنونة :

وضو مشان الزواج والحب يا عمري أنا ؟ ما كان إلى نصيب من أحلامك ؟

ابتسمت و شردت تتذكر نفسها منذ عامين تقريبا، حينما كانت تظن أنها لن تقع في الحب ، وأنها ستعمل وتعمل فقط، حينما ظنت أن الحب يضعف صاحبه كما حدث مع والدتها .

التفتت تميل على يمينها وتحدق به ثم نطقت بحب وعينيها تتوغل في عينيه :

كنت شيلاهم من حساباتي تماما ، كونت خايفة من التجربة دي ، بس انت دخلت حياتي غيرت كل الحسابات ، لقيت نفسي برتب أولوياتي من جديد، وكنت انت أهمهم ، ما عرفتش أقاوم حبك ليا ، أنا بحبك أوي يا صالح

قرب وجهها منه وقيل حبيتها مع اعتصارة قوية من يده على خصرها، يقربها منه أكثر ويجيبها :
وأنا كثير يحبك ، وبدي احققتك كل أحلامك ، بس رح نبلش وحدة وحدة ان شاء الله ، بالأول رح تطلع رحلة العمرة مثل ما اتفقنا

سألته الرسيرة العمرة مستفهمة :

- هو انت فعلا كنت ناوي تطلع عمرة بدل شهر العسل والترتيبات اتغيرت ولا كنت ينجس نبضي وقتها ؟

أجابها موضحا :

لا عن جد وقت يللي سألتك كان بدي أول رحلة إلنا تكون عمرة ، بس بعدين شوفت إعلان عن رحلة للساحل ، حبيت اعملك إياها مفاجأة ، يتخلص الأسبوع تاعنا وبتروح عمرتنا بعد هيك ان شاء الله.

اومات يحب ثم عادت تستفسر :

هو انت قلت لداغر ييجي معانا ؟

أوما يجيب :

أكيد قلتله ، بس هو عنده خطة ثانية ، قال بدو يقضى شهر عسله ببيته

اومات بتفهم فهي تعلم شقيقها ولكنها ابتسمت خفية تفكر ، هل بدأ عسله أم لم يبدأ بعد .

هذا هو

صباحا

استيقظت من نومها على إثر حركته حيث كان ينهض بحذر كي لا يوقظها ، ود لو يرحل دون أن تراه ولكن يبدو أن عقلها لم يهدأ ، مثله تماما .

هو لم يتم جيدا ، حتى أنه لم يتم من الأساس، عقله يركض بلا هوادة ، ولسان حاله يردد ( بأي

منطق تفكر (1)

اعتدلت ترتب خصلاتها وقبل أن يتجه نحو الحمام طالعته تقول :

- صباح الخير ؟

لم يجبها ليس عن عمد ولكن عقله في منطقة أخرى، فسمعها ولم يسمعها في أن ، دلف الحمام يغلق خلفه وزفرت بضيق وحزن منه .

شردت تفكر في أمره ، تدرك أنه ليس عليه أن يكون مسؤولاً عن ذلك الطفل ولكن لقد وقعت بالفعل مسؤوليته على عاتقهما ، شاءا أم أبيا هذا ما حدث، هما المسؤولان الآن على تسليمه. لجهة امنة ، لن تجعله يخطئ خطأ فادحا ويلقيه في أية دار ، ولن تقبل بخطأ أشد قداحة وهو تسليمه لإرتوا ، ضميرها لا يتقبل هذه الأفكار لذا فهي تبحث عن حل سريع وأمن وإلا لما جمعها القدر مع ذلك الصغير ؟ لما هي تحديدا ؟ يجب أن تأخذ بالأسباب، ويجب أن يسمعها ويفهمها

ويصلا إلى نقطة اتفاق ترضيهما وتريح ضمير بهما

از دردت ريقها وقررت النهوض واستعمال الحمام الخارجي ثم التوجه نحو مالك لتوقظه وتحاول التحدث معه مجددا ، عقلها ينشغل قليلا وهي تدعو الله بينها وبين نفسها أن يلين قلب ذلك الحال على الصغير ويتقبله معه برغم أنها لا تشعر بالأمل حياله

في شقته القديمة، والتي طلب لها شركة مختصة تتولى تنظيفها وترتيبها وبالفعل تمت المهمة وانتقلوا لها بالأمس .

جلسوا يتناولون الفطور وكل منهما منشغلاً بأمره ، هو يفكر في مقابلته مع أسما اليوم ، و هي تفكر في تتبعه لتتأكد من شكوكها .

بينما ليل ينظر لوالدته ويفكر في الكلمات التي لم تزل من رأسه بل تتردد دوما لذا بات يتجنبها كثيرا وتلاحظ ذلك جيدا وتخشى أن يكون بالفعل قد سمع شيئا بدينها لذا عليها أن تسرع بالتلاعب بابنتها قبل أن ينقلب الحال عليها وتخسر معركتها الأخيرة

نهض من مكانه وأردف بهدوء :

أنا هدخل المكتب .

تحرك خطوة ولكنها أوقفته تردف بحيث :

- إيه رأيك لو تنزل النهاردة انا وانت يا احمد نشتري شوية حاجات للشقة ؟

وقع في شباكها ونطق دون أن يغيرها اهتماما :

انزلي مع شمس ، أنا عندي شغل وهنزل كمان ساعتين .

تحرك بعدها نحو مكتبه ونهض ليل بملامح متجهمة واتجه نحو غرقته لذا استندت يساعديها على الطاولة وأخفت ملامحها بين كفيها كأنها تبكي .
تعجبت شمس من هياتها واقتربت تحاول رفع رأسها متسائلة :

مالك يا مامي ؟ إيه اللي حصل ؟

رفعت سها رأسها فظهرت بمقلتيها اللامعتين امام ابنتها ونطقت بنبرة مختلفة بشع منها اللؤم :

سبيلي دلوقتي يا شمس .

انزعجت ابنتها ولم تتقبل هذا الرفض بل هزت رأسها تردف بتصميم أحبته منها :

لا مش هسيبك ، أنا لازم افهم في إيه كويس، احنا مش صغيرين علشان تعاملونا كإننا مش واحدين بالنا ، أنا واحدة بالي جدا من علاقتك إنت وبابي التي انقلبت 180 درجة من وقت ما جينا مصر، وخصوصا بابي اللي الغير خالص ، وحاسة إن فيه موضوع كبير انتو مخبيينه .

ويسبب علي

لم تتوقع سها أن تمهد لها ابنتها الحديث لهذه الدرجة ولكنها خشت أن يسمعها أحمد أو ابنها لذا

نهضت التمسك بمعصمها وتسحبها معها نحو الغرفة

أغلقت الباب ووقفت أمام ابنتها تحدق بها لثوان، الثانية تتكتف وتتأهب لتستمع إليها لذا ارتدت سها قناع المظلومية وعادت عينيها تغرق في دموع كاذبة وتحركت تجلس على القراش فتبعتها ابنتها التي جاورتها وقالت بنفاذ صبر :

مامي لو سمحت فهميني كل حاجة ، اعتبريني صاحبتك زي ما يتقوليلي دايما .

أومات سها ونظرت لابنتها تقبض على كفيها لم نطقت بنيرة خبيثة ترتدي توب الحزن :

هقولك يا شمس ، بس اسمعيني كويس، واوعي حد ثاني يعرف إلى قتلك ، أنا ما بقتش قادرة استحمل تصرفات باباكي وظلمه ليا بسبب أخوه ال

قطبت شمس جبينها بتعجب وبدأت تستمع إلى والدتها وهي تخبرها بأكاذيبها وتسرد لها القصة حسب رؤيتها هي

طرقت باب الغرفة فسمح لها مالك بالدخول ، دلفت فوجدته يجلس يقرأ الكتاب الثاني الذي اهداه له ثاني.

تخشى أن يكون بات انطوائها قليلا، أو ربما هذه مخاوفها ، أو ربما لأنها انشغلت عنه في الأونة الأخيرة بعد تلك الأحداث .

زفرت واتجهت تجلس بجانبه ورفعت يدها تمسح على رأسه وتتساءل :

وصلت لفين ؟

أغلق كتابه ونظر لها بتمعن ، يحب اهتمامها به ، يشعر أنه تسبب لها بحزن منذ أن علم بخير حملها ، خاصة بعد كلمات جدته الحنونة والمعالية في أن ، هو فقط يحبها ، وكثيرا لذا أسرع يلقي بنفسه في حضنها فاستقبلته بعناق مشدد ومالت تقبل رأسه وتحتويه ، كانت بحاجة ماسة إلى هذا العناق ، هذا الصغير هو مأمنها الأول .

ظلت تقبل رأسه وتشدد عليه تم نطقت بنبرة متحشرجة على وشك البكاء :

انا يحبك أوي يا مالك ، يحبك ويزعل أوي لما يتزعل مني .

تأثر الصبي وقرر أن يخبرها مخاوفه المختلطة بالقدم فأردف :

وأنا كمان يحبك يا ماما ، بس انت ما يقتيش قريبة مني زي الأول ، معاد حكالي عن مامته اللي مالت ، وقال هي وأونكل ثائر لما اطلقوا ما بقتش تهتم بيه أبدا، كانت دائما مشغولة عنه ، أونكل تاثر بس هو اللي كان بيهتم بيه وبيحبه وبيخرجه ، بس برغم كدة هو بيحبها وزعل أوي لما ماتت

ابتعد قليلا عنها يحدق بها ويسترسل مخاوفه :

أنا كنت خايف اونكل تاثر يبعدك عني ، بس بدأت اطمن لما جينا هنا وقربت منه ، هو طيب وبيحبك ، بيخاف عليكي ومش في بابا خالص، وبيحبنا احنا كمان علشان كدة أنا حبيته ، بس أنا خوفت لما عرفت أنك حامل ، يعني أنا معاكي أهو ورؤية ومعاذ كمان ، حسيت إن ممكن

البيبي الجديد ده هو اللي هيبعدك عني بجد ، لإنه هيبقى ابنك مش زي أونكل ثائر .

تعمقت في عينيه بسعادة وحزن في أن ، سعيدة من بوحه بم يعتليه، وباعترافه بحب تاثر وحناله على الجميع، وحزينة من المشاعر التي راودته ومخاوفه وقلقه حيالها ، كادت أن تطمئنه ولكنه تابع :

انت زعلتي مني يومها علشان أنا مشيت أيوة أنا كمان كنت زعلان منك ، وبعدين لقيت رؤية ومعاذ فرحانين وأنا مش فرحان فزعلت أكثر علشان كنت عايز افرح زيهم بس مش عارف . حتى معاذ قال إنه هيلعب معاد هو، حتى لما تينا اتكلمت معايا بردو كنت زعلان ، بس دلوقتي الزعل راح شوية علشان أنا فكرت كويس واتكلمت مع معاذ كمان ، بس اوعي يا ماما تطلقي من أونكل ثائر ثاني، إحنا مبسوطين كدة ، وأنا ومعاذ بقينا اخوات ومش عايز ابعد عن هذا خلاص .
عانقته ثبت فيه الاطمئنان ثم عادت تنامله وتبتسم وشردت قليلا في أمر ذلك الطفل ، ربما سيتفق مالك مع تاثر في هذه النقطة ، لذا تتمنى أن تجد حلا ما ، ولكنها سعيدة يحب ابنها لتاثر و نفته به .

تنهدت بحرارة وأردفت بترو :

ماتقلقش يا حبيبي ، هذا بيتنا الحقيقي ومش هتبعد عن بعض خالص ، واوعدك ان البيبي الجديد مش هياخد من حبك في قلبي سنتوقة حتى ، وهتفضل انت ابني وحبيبي ونور عيني واول فرحتي ، وزي ما أنا مقسمة قلبي علي حبك وحب رؤبة وحب معاذ ، هو بردو هيكون ليه الجزء بتاعه ، ما تخافش ابدا

ابتسم مالك وشعر بارتياح كبير وتساءل بخيت طفولي :

طب واونكل تاثر ؟

ضحكت وعادت تشدد من عناقها له وتهمس في أذنه :

- بحبه جدا .

بعد ساعة

استعد أحمد ليذهب إلى مقابلته، ارتدى حلة أنيقة وتهيأ كما قال الكتاب وتحرك يغادر وهو

يحمد ربه أنها منشغلة مع ابنتها .

ولكنها كانت تنتظر خروجه لتتبعه ، ستراقيه وترى إلى أين هو ذاهب وبمن سيلتقي وإن تأكدت من شكوكها ستقلب موازينه رأسا على عقب، خاصة وأنها الآن تمتلك قوة متمثلة في ابنتها التي الشجعها على الانتقام ...

خرجت من غرفتها واتجهت نحو الباب فأوقفتها شمس تتساءل :

هنروحي فين دلوقتي يا مامی ؟

أجابتها بغل وتوعد :

لازم أعرف هو رايح فين وهيقابل مين خليني الحقه ولما اجي هحكيلك .

تحركت تغادر وتركت ابنتها تقف حزينة وغاضبة في أن لا تتقبل فكرة خيانة والدها لوالدتها واتهامها بتهمة بشعة كهذه ليفعل ما يريده، وذلك العم الحقير الذي تسبب بهذا الشرح الكبير

بينها وبين العائلة، والآن هو من يشجع اخيه على الخيانة .

تحركت نحو النافذة لتراها وتتمنى ألا يحدث ما لا يحمد عقباه.

وصلت منها إلى الشارع ونظرت حولها لترى أحمد يغادر للتو بسيارته ويبتعد عن عينيها لذا أسرعت نحو سيارتها لتستقلها ولكنها وجدت سيارة ما تتوقف أمامها فالتفتت متعجبة فلم تر من بها إلا بعدما فتحت النافذة وأردف بنيرة جليدية متوعدة :

اركبي .

تصنعت لتوان تطالعه بعدم تصديق وحينما طالعها بنظرة حادة مهيبة أسرعت تفتح باب سيارته وتستقلها وتغادر تحت أنظار ابنتها التي وثقت ما رأته بكاميرا هاتفها وهي تشعر بالغليان يتفاهم داخلها من شدة الغضب لذا أسرعت تهاتف والدتها التي أجابت عليها فأردفت شمس يتهكم :

هو ده عمي مش كدة ؟

أدركت سها أن ابنتها رأتها لذا تنفست وأجابتها دون توضيح :

أيوة يا شمس ، هنتكلم لما ارجع .

أغلقت الهاتف بشكل نام والتفتت تنظر إلى ثائر وهو يقود بملامح بادرة جعلتها تخشى حتى أن اتسأل أين وجهتهما .

ولم تكن بحاجة أن تعرف لأنه توقف بعد وقت قصير والنقط نفسا مطولا يحمد به ثورته ثم نطق دون أن ينظر نحوها :

هتبعدي عن ديما ، مش هتحاولي تتواصلي معاها بأي شكل من الأشكال مرة ثانية ، ولو مفكرة إن الاعيبك دي ممكن تخيل عليها تبقي غبية ، وانت اصلا طول عمرك كدة ، مش بتعرفي تفرقي

بين الخبث والذكاء .

صمت لبرهة فشعر بها تبتسم وتجيبه بنبرة منتصرة :

أومال ليه جيت تهددني دلوقتي لو هي ما صدقتش كلامي ؟ أنا ما كذبتش عليها في حرف

واحد وانت عارف كدة كويس يا ثائر .

كانت تنظر له وتتمنى لو يلتفت ويناظرها بالمثل ولكنه ظل ينظر أمامه واستطرد ببرود متجاهلا

حديثها كانها لم تنطق :
أنا لحد دلوقتي ما حطتكيش في دماغي، وبعدت وسكت بس علشان أخويا كان بيحبك واختارك علي ، انما لو حطيتك في دماغي فعلا هتكرهي اليوم التي اتهمتيني فيه .

نجح في إشعال فتيل غضبها فتجهمت ملامحها ونطقت بغيظ تبوح بم لديها :

أنا ما تهمتكش ، إنت فعلا كنت يتحبني وأنا بحبك لولا إن أحمد دخل بينا وطلبني ومن وقتها وانت بتتعامل معايا على اني نكرة ..

لم تتحرك به شعرة وظل جليديا فقربت نفسها منه إنشات وخلعت غضبها تتساءل بنبرة

استعطافية وتستعيد الماضي أمامها :

نسبت با تاثر ؟ نسبت لما كنا بنضحك ونهزر وتخرج سوا ؟ نسبت إننا كنا دايما بتفكر زي بعض ؟ نسيت لما كنت تفضل نايم وأنا اللي ادخل اصحيك واعملك القهوة والفطار وكنت أخبي منك السجاير علشان خايفة عليك ، نسيت دفاعي عنك وعن معارضتك قدام العيلة كلها ؟ محيت كل ده بأستيكة بمجرد ما أحمد طلب إيدي ، أنا كنت مستنياك ترفض وتعرفهم إن إنت اللي بتحبني . انت اللي خذلتني يا تاثر مش أنا .

نطقت جملتها الأخيرة بجنون جعله يبتسم ثم التفت يطالعها بتشفى ويردف :

برافو عليكي، طول عمرك ممثلة شاطرة ، زمان اقنعتيني إنك أخت وصديقة، بس خلاص دورك في حياتنا بقى منتهي ، وهقولك ثاني ، ابعدي تماما عن ديما وعيشي تربي عبالك وتتوبي عن اللي عملتيه ، يا إما تاثر ذو الفقار اللي قدامك ده هيكون هو كابوسك الحقيقي ، فهمتي ولا اقول تالی ؟

كادت أن تسحق أسنانها من كثرة الضغط عليها ، ينتابها غضب أعمى ولكنها تدرك أن تحريره سيكلفها الكثير لذا تقسم داخلها الا تتوقف عن هدفها وستسعى لتوقع بينه وبين تلك الدخيلة . خاصة بعد رؤيته الآن وحديثه معها وقربه منها إلى هذا الحد. إن لم يكن لها فلن تجعله يعيش في راحة مع غيرها.

لم يكن يتوقع منها القبول مطلقا ولم يأت لتقبل بل لهدف آخر لذا أدار محرك سيارته مجددا وبدأ ينعطف ليعيدها إلى منزلها بعدما التزم كل منهما الصمت .

في مطعم قريب من مكان عمل أسما .

جلست أمام أحمد الذي تملكه التوتر حينما رأها على الطبيعة ، جميلة, نقاء روحها ينعكس على ملامحها ، ومتحفظة تعامله برسمية مطلقة .

از درد ريقه وأردف بعدما سألته عما يريده منها :

أنا عندي بيزنس في الإمارات ، شركة دعاية وتسويق ، بس مؤخرًا قررت أرجع بلدي واستقر هنا وافتح الفرع الأساسي وأديره من هنا وهناك هيبقى فيه وكيل عني ، وأنا بصراحة متابعك من فترة كبيرة وبحب أسلوبك جدا واستفدت منه في حياتي الشخصية، وبصراحة أنا شايف انك هتكوني وجهة إعلامية ممتازة للشركة لإن شركتنا بتعتمد على المؤثرين بشكل كبير، وطبعا لو حابة تعرفي أي تفاصيل انا تحت أمرك ....

أمعنت النظر إليه وشعرت بأنه يخفي شيئا ما، فأحمد لا يجيد المراوغة أو الكذب ، هناك القليل من عدم المنطقية في كلامه وعرضه لذا تساءلت بشكل مباشر :

ممكن لو سمحت توضح لي السبب الحقيقي و را عرضك ده ؟ أنا أسفة بس مش مقتنعة إن اعلامية زبي ليها برنامج في مجال التنمية البشرية هتقدر تفيدك في شغل الدعاية والتسويق اللي قلت عليه ، وبعدين حضرتك يعتلي رسالة قبل كدة وتواصلت معايا وانا اعتذرت لاني مش حابة اشتغل برا مصر ، فبصراحة وجودك قدامي دلوقتي مفاجأة محتاجة تفسير منطقي ليها مع اصرارك ده .

جردته من أكذوبته ، ظن أنه سيقنعها وستقبل بالعمل معه إلى أن يتقربا من بعضهما رويدا رويدا ولكنه لم يفتح لذا تحمحم وقرر مصارحتها فأردف مباشرة وهو يتعدل في جلسته :

طيب يا أستاذة أسما يمكن معاكي حق ، بس أنا ليتي خير صدقيني ، وتقدري تسألي عني وعن عياني وتطمني بنفسك ، وانا بصراحة حابب اتعرف عليكي ويكون فيه بينا تعامل أكبر.

وصلت إلى نواة الحكاية، إذا توقعاتها صحيحة ، هو معجب بها ويريد التقرب منها بحجة العمل ، ولكن لماذا لم يأت بشكل مباشر ؟ سألته بنبرة متوجسة تخفي تحتها ماض مؤلم :

حضرتك متجوز يا أستاذ أحمد ؟!

لم يكن يريدها أن تسأل هذا السؤال الآن ولكن لا مفر أمامه لذا أوماً يجيبها :

أيوة ، متجوز وعندي بنت وولد .

ابتسم بسخرية وهي تومي مرارا بنظرة لامعة تخفي ألفا متعاد ثم نهضت تردف بجدية صارمة

طلبك مرفوض بشكل نهائي، وياريت ما تحاولش تقابلني أو تتواصل معايا مرة ثانية، عن اذنك
نزعت نفسها الغادر وتتركه ينحسر على حاله وعلى ما وصل إليه من خيبات وحزن، وعن جديتها المبالغ بها معه بعدما تأمل أن تستمع إليه وهذا بناءا على نصائحها التي تقدمها دوما .

مساءا

اعتادت أن تجلس مع والدتها يوميا ، واليوم كانت مثال تريد العودة للمنزل ولكنها ترجتها أن تظل معها هذه الفترة ووافقت مثال على مضض حيث تشعر بالحرج برغم معاملة ثائر الكريمة معها .

دلفت غرفتها تبحث عنه بعينيها فلم تجده ولكنها سمعت صوته في الحمام ، فركت عينيها وتنفست بعمق فشعرت أنها تشم رائحة جوز الهند.

تعجبت من نفسها والتفتت حولها تشم رائحته ثم وقفت تفكر هل تتوحم على جوز الهند ؟ قطت شفتيها ونفضت أفكارها تتجه نحو المرأة ، حتى وإن اشتهته كيف ستحضره الآن ؟ ومن المؤكد من تطلبه منه فيظنها تبادر بمصالحته .

حاولت أن تشغل عقلها ولكن الرائحة قوية ، كأنها تسكن في أنفها .

فتح الباب وخرج ثائر يرتدي منزره، رأها ولكنه حاول تجنبها فهو منزعج منها كثيرا ولكنها فجأة التفتت تطالعه بقرابة جعلته يحدق بها باستفهام .

تحركت بخطوات مدروسة لحود فتصنم لا يفهم ما بها ، ترفع أنفها تشتمه فقطب جبينه يطالعها وتساءل مستنكرا :

- مالك يا ديما في إيه ؟

كيف تجيبه وهي نفسها لا تعلم ما بها ، تشبه مدمنا يلح لارتشاف مخدره ...

وصلت إليه وأغمضت عينيها ليتسنى لها الشم بأريحية وحينما أدركت أن رائحة جوز الهند تصدر منه لم تتمالك رغبتها والتصقت به ثم وضعت كفيها على كتفيه وارتفعت قليلا تميل نحو رقبته وتدفن شفتيها بها مستمتعة بتلك الرائحة ولم تكتف بل باتت تقضم عنقه كأنها تشيع رغبتها في تناول ما تشتهيه متجاهلة صدمته وردة فعله الهائمة والمشتعلة في آن .

حاول أن يتمالك نفسه ولكنه لم يستطع خاصة وأنها بالفعل تلتهم عنقه بطريقة تذيب حصون ثباته فحاوط خصرها بيديه يقربها منه أكثر، يغمض عينيه مستمتعا بم تفعله وظنها تصالحه بتلك الطريقة الجديدة كليا عليها .

حينما شعرت بيديه تطوف على منحنياتها أفلتت نفسها وأبعدت وجهها عنه تطالعه بتورد بعدما تملكها الحرج ، بينما هو ابتسم وأردف بمشاعر مشتعلة جعلته متعطشا لتكرار قضماتها :

خلاص يا ديما خلينا ننسى اللي حصل وما نفكرش فيه ثاني ، انت عارفة إني ما يقدرش على زعلك ، بس هو عادي يعني لو قربنا من بعض ؟ لان الدكتورة حذرت من ده بس بعد عملتك دي بصراحة مش هقدر .

قالها وهو يرنو منها ليريها كيف تكون القضمات، ويقتنص شفتيها في قبلة هجومية إلى أن أدماهما فتركهما رحمة وانهال على رقبتها وهي مخدرة بفعل مشاعرها التي يتلاعب بها وبفعل رائحة جوز الهند القوية لذا نادته بهمس :

الدولة

لم يسمعها بل بات منغصنا فيما يفعله لذا حاولت دفعه بخفة وعادت تناديه فابتعد قليلا يطالعها برغبة متشعلة فأردفت بتوتر :

مش هينفع دلوقتي ، أنا بس تقريبا بتوحم على جوز الهند وانت ريحتك كلها منه ، علشان كدة ماحستش بنفسي وعملت كدة .

حدق بها مستنكرا لثوان ثم تجهمت ملامحه بالتدريج وابتعد عنها بتمهل بعدما أحبطته كلماتها أوما لها دون أن ينيس ببنت شفة وتحرك نحو غرفة الملابس ليرتدي ثيابه بعدما كسرت ماديف

العشق عنده، وتركها تقف تطالع أثره بقلة حيلة

أعلن هاتفها عن وصول رسالة فاتجهت تلتقطه من فوق الكومود وفتحته لترى محتوياتها فإذا بها تتفاجاً من مقطع فيديو تم إرساله عبر تطبيق واتساب من رقم غير مسجل وتبعه تعليقا دون فيه ( قولي لجوزك عيب أوي لما يراقب مامي ويستنى أخوه يمشي علشان يتكلم معاها ، لو

ما بعدش عن مامي أنا هفضحه )

وقفت تشاهد الفيديو الذي يظهر سيارة زوجها وسها التي استقلتها وغادرت معه ، خرج من غرفة الملابس بعدما انتهى واتجه يتمدد على الفراش وينام بضيق وتجهم بينما هي باتت تتطلع عليه وتفكر .

تنق به كثيرا ولكن لماذا قابلها ؟ وكيف يفعل ذلك وهو يدرك حبتها ؟ ولم لم يخبرها بهذا اللقاء ؟ وهل تخبره بهذه الرسالة قبل أن يعفو أم تلتزم الصمت ؟
صباحا في المجلة

جاءت لتراه حيث استيقظت ولم تجده، ولكنه ليس هنا، حاولت الاتصال عليه قلم يجبها .

جلست تنتظره لتتحدث معه هذا لا تحب هذه الحالة التي يعيشانها لذا ستسعى لإيجاد حلا وسطيا .

تفاجأت من خلال شاشة المراقبة بشقيق رحمة بذلك من باب المجلة ويحمل طفلا صغيرا نائما بين يديه .

تعجبت وتصنمت مكانها وظلت تتابع وهو يسأل عنها ويطلب رؤيتها ، وباتت تدقق في المحررة التي نهضت لتخبرها بمجيئه .

طرقت الباب فسمحت لها ديما بالدخول فدلفت تخبرها بمجيء ذلك الأخ فسمحت له بمقابلتها وهي تشعر بالضيق وهيلا ما يهجم على حلقها يختلها لذا حملت هاتفها تهاتفه مجددا ولكنه . أيضا لم يجب عليها .

زفرت واعتدلت في جلستها تستقبله فدلف الرجل يلقي السلام ثم وقف أمام ديما وأردف بنبرة مباشرة واسفة :

أنا آسف يا مدام ديما ، أنا عارف إن كان مفروض استنى لما تتصلي عليا بس أنا مش قادر اتحمل وجود الطفل ده عندي وأنا شايف إن كل يوم مراتي بتتعلق فيه أكثر وبيعمل مشاكل بيني وبينها أكثر، أنا جبتهولك إنت تتصرفي فيه ، ودي الأوراق بتاعته ودي حاجته .

اتجه يضع الطفل على الأريكة المجاورة تم تحرك يناولها الأوراق فلم تلتقطهم لذا وضعهما على الطاولة ونطق متحفزا :

عن اذنك ..

غادر بعجالة قبل أن يتلقى منها كلمة ، ولم تكن لتتحدث بل جالسة تطالع الصغير بعجز وحيرة .

نهضت نحوه واتكات على ركبتيها تحدق في ملامحه البريئة وهو نائم ثم مدت يدها تملس على وجنته لتتفاجأ به يفتح مقلتيه ويتماطاً مبتسقا أمامها ...

نظر حوله وحينما وجد نفسه في مكان غير مألوف شعر بالخوف وبدا يحاول النهوض و البكاء فأسرعت تحمله وتهدهده بحنان وعاطفة تابعة من قلبها وهي تربت على ظهره قائلة :

لا يا روحي ماتخافش خالص أنا معاك

***

وقف في المطبخ بعد الطعام لهما .

يرتدي مريلة المطبخ ويشرح لها كيفية طبخ المعكرونة الاسباغيتي والباليه ، وهي تجاوره وتبتسم وتستمع إلى تعليماته كأنها لا تعلم .

بدأ يحضر الصلصة وأردف وهو يشير لها برأسه :

اغسلي انت المكرونة يا بسوم علشان النشا يطلع منها .

ابتسمت وأزاحت خصلاتها للوراء وحملت مصفاة المعكرونة وتوجهت بها نحو الحوض لتغسلها يتهمل تحت انظاره لذا أردف وهو يترك الموقد ويتجه إليها :

مش كدة يا بسوم ، بصيلي أنا بغسلها إزاي .

انتقل المصفاة منها وادعى الاحتراف كشيف ماهر لذا نفضها عدة مرات أسفل المياة قاصدا تقليبها بطريقة احترافية ولكنها السكيت جميعها في الحوض فوقف مصدوما لبرهة ثم التفت يحدق بها فوجدها تتكتف وتطالعه بتشفى وسخرية فأردف مستنكرا :

- مبسوطة كدة ؟ دي أول مرة تنداق مني

رفعت حاجبيها مشككة وتساءل :

هو أنت عملت مكرونة كان مرة قبل كدة ؟

تحمحم ونطق وهو يمد يده يغلق الصنبور :

- أحم ، دي أول مرة .

ضحكت عليه ولكنها ركضت حينما لمحت البصل يحترق فأسرعت تغلق الموقد وتطلعت عليه تونيه فتحرك نحوها يضع يده حول كتفها ويسحبها معه نحو الخارج مردها بنبرة يواري بها سوء الفعاله :

إحنا نطلب ديلفري أحسن ، وأنا يا ستي اللي هغسل المواعين كمان ولا تزعلي نفسك ، أصلا أنا ما بحيش المكرونة أوي .

ابتسمت عليه تهز راسها واتجها ما يجلسان على الأربكة فمد يده يلتقط هاتفه وسألها وهو يحاول الاتصال بأحد المطاعم القريبة :
ها يا ستي تحبي تاكلي ايه ؟

ابتسمت بتعلق تجيبه :

ممكن بيتزا، أو تجريسكو ...

ابتسم وأوما وبالفعل أعطى طلبه للنادل ثم أغلق ونظر لها حيث تتدلل في حركاتها ، مغرية وشهية ناعمة ، التعمد إثارته بتلك الملابس القصيرة التي ترتديها أمامه لذا قرب نفسه منها حتى التصق بها وحاوط رأسها يقرب شفتيه من أذنها ويهمس مستمرا في إخفاء ما فعله بالمطبخ :

هتفضلي تحلي كدة ، ما براحة عليا يا بطة .

ابتسمت تتدلل وتميل عليه مستمتعة باعترافاته لتجيبه وهي ترفع أصابعها وتملس على شفتيه وعينيها عليهم :

هسمع كلامك بس بشرط .

قبل أصابعها وبات مسحورا بها يتساءل ويده تتلاعب بترقوتها والأخرى تتلاعب ببصرها

الظاهر غاضب :

ايه هو ؟ شبيك لبيك داغر الصابر بين اديك

ابتسمت ومالت تكافته بقبلة وابتعدت تردف بنعومة وهم :

في المطبخ تسمع كلامي أنا ، وما تحاولش تطبخ مرة ثانية تساعدني اوكي ، تقف وتطبخ لا .

أوماً هاتفا ونهض يغطيها بنفسه ومال يقبلها باشتياق كأنه ابتعد عنها مئة عام وعاد لتوه إلى حبيبته المغرية

عادت إلى منزلها بعدما فشل في الوصول إليه ، لا يجيب على اتصالاتها ولا تعلم أين هو وهذا الصغير يبدو جائعا ويحتاج إلى رعاية لذا فقد أنت به إلى المنزل لتطعمه وتراعيه إلى أن

تحدث مع نائر

بالفعل أطعمته وساعدتها مثال في ذلك وأبداننا له ثيابه وحفاضه وخرجت به إلى الحديقة بعدما بذل مثال والصغار بهويته وضعوه الباتس وراقوا جميعهم به.

حملته وبات تهدهده لينام، تخطو بيه بين الأزهار وعقلها منشغل بدوار وأين هو ولماذا يتعامل معها هكذا ؟

زفرت بقوة وشعرت بالتعب فتوقفت عن التحرك لتتفاجأ بمجيئه، وقفت تنتظر دخول سيارته بعدما فتح له الحارس البوابة.

برغم أن زجاج سيارته أسود لا يعكس ملامح من في الداخل إلا أنها تكاد تجزم أنها رأت عيناه تحدجها بغضب سافر.

صف سيارته وترجل يندفع نحوها ويتساءل

يعني عملي اللي في دماغك بردو ؟ وجيباه هنا عندي ؟ مافيش أي حساب ليا ولا لمشاعري

حتى ، مش كدة ؟

هزت رأسها بلا ووقفت تجيبه بنيات وضيق بالتناسب من طريقته ولبرته وتجاهل لاتصالاتها :

لاء مش ده اللي حصل ، خاله جابه عندي وحطني قدام الأمر الواقع وما عرفتش اعمل ايه. حاولت أوصلك من الصبح من يترد، اهدى وتعالى نقعد وتتكلم

لن يهدأ وهذا الصغير أمامه ينظر له ويحمل نفس نظرات والده كانه يتحداه لذا صح بعصبية تمنع :

لا هدى ولا هنتكلم ، هاتي الولد ده و مالكيش دعوة بيه نهائي، وحسابنا بعدين مش دلوقتي .. وقفت تحمل الصغير بينقيا وتناظره بثبات برغم خوفها الداخلي مما هو قادم ولكنها تنقهم ما يمر به الان لذا أردفت بتريت :

انا مش هينفع اتخلى عنه با تاثر ده طفل مالوش أي ذنب مين أبوه ولا اختار أهله ، فكر تاني لو سمحت .

لا يستوعب أن من أمامه هي ديما نفسها ، يحدجها بنظرة تفسر ما يدور في خلده ، عن أي تخلي ؟ هل تعي ما تقوله ؟

ارتدى قناعا نادرا ما ارتداه ونطق بصرامة حادة لا نقاش ولا حديث يتبعها :

ولا ثاني ولا ثالث ، الطفل ده لو خاله رفض يستلمه هيتسلم لدار أيتام حالا ، وده آخر كلام عندي ، هاتي الولد يا ديما .

قالها وهو يقف أمامها ويشير بيده لعرضه إياه، وقفت وهي على وشك البكاء وباتت في وضع
بانس بين حبيب قلبها وضميرها فأغمضت عينيها أمامه وسقطت منها دمعة عنوة وكانت أن

تجيبه ولكنهما سمعا صوتا ينادي بالفرنسية :

تاثر .

نظرا سويا نحو البوابة ليتفاجا بمجيء ارتوا أمامهما ، لم تكن مفاجأة كلية بالنسبة لهما ، خاصة تائر الذي علم صباحًا أنه قد وصل إلى القاهرة اليوم لذا كان عليه تأمين عائلته جيدا بالاشتراك مع صفر و خالد وتزويد بعض الحراسة .

ولكن ديما ارتعبت حينما رأته ، وظنت أنه يخدعها وسيعطيه الطفل كما رأت في منامها لذا عانقته بقوة ونظرت إلى ثائر بخيبة وهزت رأسها ترقص ما تفكر به وتحركت مسرعة نحو الداخل تختفي من أمامهما بينما تنفس تائر بعمق وتحرك نحو البوابة يستقبل إرتوا


تعليقات