![]() |
رواية حكاية عمر الفصل التاسع والعشرون بقلم رونا فؤاد
التفتت منيرة الي ابنتها شهد التي دخلت خلفها الي المطبخ بوجهه متهلل هاتفه بسعاده : عمر بيه رجع
نظرت نعمات الي ابنتها بدهشه : وهو عمر بيه بس اللي رجع ما كلهم رجعوا ....ضيقت عيناها واحتدت نبرتها : مالك وماله فرحانه اوي كده ؟!
زفرت شهد بملل : يووه يا ماما ...تاني الكلام ده ....انا فرحانه عشان هو بيعمل حس للبيت وطبعا لما رجع مدام زينه هتبقي مبسوطه وعاصم بيه والبيت يرجع حلو زي زمان
أومات منيرة علي مضض وهي مازالت لا تبتلع تعلق ابنتها بعمر ....رفعت منيرة عيناها حينما دخل عمر لتقول : حمد الله علي السلامه ياعمر. بيه
: الله يسلمك يا منيرة ...عامله ايه ؟
: كويسه الحمد لله
هز رأسه قائلا : يارب دايما
التفت الي شهد قائلا : ايه اخبار الفطار ..انا جوعت
قالت شهد بحماس : جاهز .... ثواني
أشارت منيرة الي ابنتها قائله : يلا روحي جهزي السفره وانا هطلع اشوف مدام زينه
انتبهت الي صوت زينه التي دخلت بملامح هادئه مرتاحه بعد أن انقشعت غمه مرض زوجها وعاد عمر الي المنزل :؛ وانا جيت اهو
ابتسمت لها منيرة قائله : حمد الله علي السلامه
أومات زينه بابتسامه : الله يسلمك يا منيرة عامله ايه
: الحمد لله
خرج عمر ليتجه الي طاوله الطعام يسحب احد المقاعد ويجلس بينما وقفت شهد تجهزها
ليشاكسها عمر بخبث قائلا وهو يعبث بهاتفه : ها يا واد ياشهد ايه الاخبار ؟!
قالت شهد بخبث هي الأخري بينما تفهم مقصد سؤاله عن ماهر : الحمد لله
رفع عمر حاجبه قائلا : ما انا عارف أنه الحمد لله و انتي زي القرده قدامي ....انا بسألك علي الاخبار التانيه
احمر وجهها لتقول متصنعه الغباء : اي اخبار
زجرها عمر وهو يكشر ملامحه : بت ...اتعدلي
عضت علي شفتيها قائله : كويس
زفر عمر بملل : كويس طيب الحمد لله ..انا بسأل مجاش يخطبك ليه زي ما قولتي
وضعت اخر طبق فوق الطاوله وتنهدت قائله : ماهو لسه قدامه شويه وقت علي ما يعرف يفتح بيت
رفا عمر حاجبه بعدم اقتناع لتقول شهد بعفويه بينما تلوي شفتيها : وهو يعني زيك لو حب يتجوز هيلاقي اللي يجيب له كل حاجه ....ده بالعافيه لسه بيسدد اقساط الشقه اللي أبوه جابها ليه قبل ما يموت وهو شغله بملاليم اصلا وبيمسك أيده علي قد ما يقدر حتي مش عاوز يشتري لنفسه طقم جديد وأمه الله يكرمها واقفه معاه وعملت له جمعيه كبيرة يقبضها اخر السنه و......ابتلعت ما بقي من كلامها حينما قام عمر من مكانه وأطبق علي فمها بيده : هشششش كفايه ...ايه يابت مش بتفصلي ...جبتي تاريخ حياته
عقدت حاجبيها ونظرت له شزرا بطفوليه : الله بقي مش بقولك ظروفه
عقد عمر حاجبيه وقلد نبرتها : خلاص عرفت ظروفه وظروف أمه وأهله
زمجرت شهد به بغيظ : انت بتتريق عليا
هز رأسه وضربها بخفه علي مؤخره راسها : لا يا رويترز وهتريق ليه ....تنهد ونظر لها بطرف عيناه : قوليلي يا بت
نظرت له : نعم
: الواد ده جدع وابن ناس طيبين زي ما بتقولي
أومات شهد قائله بحماس : اوي اوي
حك ذقنه بتفكير قبل أن يقول : طيب قولي له اني عاوز أقابله
نظرت له بفضول : ليه ؟!
رفع عمر حاجبه : هيكون ليه ....انتي مش عاوزة تتنيلي تتجوزيه ...انا هجوزهولك
رفعت عيناها إليه وزمجرت : تجوزهولي ازاي ....هتديله فلوس ...قبل أن ينطق عمر بشيء كانت تتابع كمدفع الي : لا ماهر عنده عزه نفس ولا يمكن يقبل كده ابدا ....لا ...لا
قاطعها عمر حينما رفع يده مهددا : اكتمي بدل ما اكتمك
اومات له لينظر لها بغيظ : اعوذ بالله من لسانك ...مدفع !
عقدت حاجبيها وزفرت ليقول عمر : مش هتنيل يااختي أتصدق عليه بس هشوف له شغل احسن
اتسعت ابتسامه شهد ونظرت له : انت بتتكلم جد
اوما لها متابعا بمرح : اهو يدخل جمعيه كبيرة تانيه من بتوع الست حماتك
ضحكت شهد وقالت وهي تقفز بحماس : ربنا يخليك ليا .....مكدبتش لما قولت عليك انك احسن واحد في البيت ده
ابتسم لها عمر بحنان : وانتي غاليه عندي يا شهد
نظر لها وتابع بجديه بينما يشير بطرف عيناه تجاه المطبخ بنهايه باحه الاستقبال : بطلي تنطيط بقي احسن امك تطلع وتسألك بتنطي ليه ووقتها انا هفتن عليكي
ضحكت شهد قائله : انت مش فتان ...انا الفتانه بتاعه البيت
ابتسم عمر لها قائلا : طيب يلا بقي روحي هاتي الفطار احسن موتت من الجوع
أومات وأسرعت الي المطبخ ليلتفت عمر تجاه تلك الخطوات التي تنزل الدرج ليجد أخيه ينزل مسرعا وقبل أن يسأله الي اين كانت زينه من تخرج من المطبخ تسأله : ايه يا حبيبي انت خارج
اوما سيف لتقول له : طيب استني هطلع اجيب تينا وبابا ونفطر كلما سوا
هز سيف رأسه بلياقه قائلا : لا يا زوزو معلش عندي ميعاد في وزاره الاستثمار ولازم أخرج دلوقتي وكمان تينا لسه نايمه
قالت زينه وهي تربت علي كتفه : ربنا معاك يا حبيبي ...خد بالك من نفسك
غادر سيف دون أن ينظر إلي عمر الذي حك ذقنه وعاد الضيق يسري بداخله بينما تذكر فعلته !
بعد لحظات كانت تينا تنزل بخطوات بطيئه وعيناها متعلقه بالباب الذي خرج منه سيف للتو لتلتفت إليها زينه بابتسامه واسعه وتحتضنها : حبيتي يا تينا وحشتيني اوي
احتضنتها تينا وهي تزيل ملامح الحزن الباديه علي وجهها : وحضرتك اكتر ...حمد الله علي السلامه
صافحت عمر بابتسامه : حمد الله على السلامه ياعمر
ابتسم عمر لها : الله يسلمك ....عامله ايه انتي وابن اخويا
ضحكت تينا ووضعت يدها علي بطنها التي بدأت بالانتفاخ : الحمد لله ...رفعت حاجبها وتابعت : بس انا نفسي في بنوته
: وانا كمان ....التفت الجميع تجاه صوت عاصم الذي اتجه ناحيتهم بوجهه مشرق ليميل علي رأس تينا يقبلها : عامله ايه يا حبيتي
ابتسمت له وقامت لتحتضنه : الحمد لله يا اونكل ....حمد الله على السلامه
ابتسم عاصم لها قائلا : الله يسلمك
قالت تينا وهي تفتح له المقعد ليجلس بجوارها : نورت البيت يا اونكل
تنهد ونظر حوله قائلا بارتياح : نورك ياحبيتي ...
قالت تينا وهي تربت علي يده : البيت كان وحش اوي من غيركم يا اونكل
قال عاصم بحماس : اهو الحمد لله رجعنا وقريب حفيدتي الحلوة هتشرف
قالت زينه بابتسامه : عاوز بنوته بجد يا عاصم
اوما لها : طبعا ....انا مش عاوز ولاد تاني ....اشار الي عمر وتابع بمرح : عمر كرهني في الصنف كله ...انا عاوز بنات حلوة زي تينا وجوري
طالت جلستهم يتحدثون ويضحكون إلي أن انتهي الافطار لتلاحظ زينه صمت وحزن تينا .... وضعت يدها علي كتفها قائله بحنان : ايه رايك نطلع نقعد في الجنينه نشرب الشاي ونرغي مع بعض عشان تقوليلي ايه اللي مزعلك
قال عمر مشاكسا بفطنه : ولا محتاجه جنينه ولا شاي ...اهي بصي ليها وهي دقيقه كمان وهتعيط وتقولك أنه مشغول طول الوقت
بالفعل مجرد لحظه وكانت عيون تينا تلمع بالدموع قبل أن تقول بصوت خفيض لزينه : مش مهتم بيا خالص يا طنط ...انا بقول أنه مشغول وبحاول مضغطش عليه بس غصب عني الوضع بقي صعب ...طول الوقت مشغول ...عقدت زينه حاجبيها بتأثر لتتابع تينا : تخيلي أنه نسي عيد جوازنا امبارح
خبط عمر علي رأسه بطريقه مسرحيه : اوبا ....ازاي ينسي ...نظر إلي تينا وهز كتفه وتابع بجديه : ما ينسي عادي مش بني ادم هو !
نظرت له زينه تزجره بنظراتها وهو يسخر من شكوي زوجه اخيه لتقول له : عمر قوم انت وسيبني مع تينا
هز رأسه قائلا : هقوم حاضر .....نظر إلي تينا وتابع بجديه : عادي يا تينا كنتي تفكريه انتي بدل ما تعملي بينكم مشكله ...غمز لها وتابع : مكانتش طالبه نكد
زجرته زينه من بين اسنانها : قوم
التفتت زينه إلي تينا بعد ذهاب عمر لغرفته لتقول لها برفق : معلش يا حبيتي متزعليش ...هو مش قصده ينسي بس غصب عنه مشغول بدل عاصم
ابتسمت وداعبت وجنتيها : بلاش تزعلي نفسك عشان البيبي وهو اكيد هيفتكر ويصالحك ...
....
صعد عمر الي غرفته لتتمهل خطواته وهو يفتح الباب ببطء يتطلع الي غرفته التي افتقدها كثيرا ...دارت عيناه في ارجاء الغرفه التي دخل إليها وتمدد علي فراشه وهو يري أن كل شيء كما هو في موضعه وكأنه لم يترك الغرفه تلك الفتره ...كل شيء كما هو لم يتغير ولكن ما تغير هو نفسه ...!
رفع عيناه يحدق في السقف بلا توقف وكل ما حدث يجول بخاطره ....أنه في مكانه بغرفته وسط عائلته ولمن يشعر بأن هناك شيء مفقود ...شيء كلما فكر به شعر بقطعه من قلبه تنغزه بقوة ويتدفق حنين واشتياق بالغ بعروقه ليجد نفسه سريعا يهرب من هذا الشعور الذي لا يريد تسميته أو تعريفه ويستمر بتجاهله والتظاهر بأن كل شيء علي ما يرام بل أكثر من ذلك فكل شيء ممتاز كما لم يشعر من قبل فهاهي علاقته بأبيه جيده كما لم تكن من قبل وهاهو بداخله حماس ليكون انسان افضل ....!
حقا ..!!
توقف للحظه واحده أمام تلك الجمله ....انسان افضل؟!
لم يتوقف ليسأل لماذا يريد أن يكون افضل أو ماذا جعله يريد أن يكون افضل بل توقف بينما يسأل نفسه أن كانت تلك الجمله تتضمن اخفاء شيء عن أهله وعن وسيله نفسها ...ذلك السر الذي يؤرق مضجعه كلما فكر به ....يجب أن يتخلص من هذا العبء بأي طريقة !
رفع جسده واعتدل جالسا حينما دخل عاصم اليه ليقول سريعا : بابا حضرتك كويس
اوما عاصم بابتسامه هادئه ليسأله : عمر انت بتعمل حاجه ؟!
هز عمر رأسه : لا ابدا ...حضرتك عاوز حاجه ؟
اوما عاصم قائلا بلا تردد بينما يرحب بأن يطلب من ابنه شيء : اه كنت عاوزك تيجي معايا الشركه ....عاوز اشوف الشغل ولو نزلت لوحدي امك هتعمل فيلم
تعالي سوق انت وخليك معايا عشان لو تعبت
اوما عمر سريعا وقام من فراشه ليوقفه عاصم : عمور التفت عمر الي ابيه قائلا بتهذيب : نعم
اشار عاصم الي ملابس ابنه المكونه من تيشرت وبنطال من الجينز : انت نازل كده
اوما عمر ونظر الي ملابسه : اه في حاجه في هدومي ؟!
هز عاصم رأسه : لا بس ما تلبس قميص أو بدله
استغرب عمر : بدله ؟!
اوما عاصم : اه ...يعني احنا رايحين الشركه البس حاجه فورمال
اوما عمر بلا جدال لتلمع نظرات الرضي في عيون عاصم الذي اتسعت ابتسامه بينما وقف أمام خزانه ابنه يختار معه ملابسه ليركض به الزمن للخلف سنوات ويتذكر ذلك المشاكس الصغير الذي كان يرتدي سترته دوما ويقول بنبره طفوليه : انا عاثم الثيوفي ....يضحكون علي لكنته ونبرته وتلك الستره التي تتجاوز طوله وكم كان عاصم يشعر بالسعاده وينحني ليحمله ويقبله قائلا : انت احلي من عاصم السيوفي يا عمور
لمعت عيون عاصم بالسعاده لتلك الذكريات ليجده عمر يقف أمامه يهندم له من ملابسه ثم يربت علي وجنته قائلا : طلعت احلي من عاصم السيوفي فعلا
اجتاحت الابتسامه ملامح عمر الذي تذكر نفس الذكريات ليبتسم الي ابيه قائلا : انت الأساس يا سيوفي ..!
.............
....
صرخه قويه انبجست من صدر غرام حينما هوت عزه علي صدغها بصفعه قويه مزمجره بها : بقي بعد كل اللي عملته معاكي تخوني ثقتي فيكي يا كلبه
فقط كان كل ما حصلت عليه عزه هو المزيد من الدموع باستسلام تام منذ أن تفاجئت بها امامها لتجذبها بقوة من خصلات شعرها فتجد دموع صامته تنساب من عيونها ونظرات استسلام في عيونها ....لماذا تقاوم ..؟! لماذا تنتقم ...؟! لماذا تدافع عن نفسها ؟!
كلها اسئله بلا اجابه ...عادت بقدمها الي عزه بقرار من نفسها أن تذهب الي مصيرها ..!
تعرف أن عزه تضمر لها الشر لذا ألقت نفسها بهذا الجحيم لتتطهر من ذنوبها ..فلتفعل بها ما تريد ...لتقتلها وترتاح فهي لا تستطيع قتل نفسها ..!
: انطقي فين البت مياده .... انطقي بدل ما اخنقك ...!
صمتت غرام فأطبقت عزه بغل علي عنق غرام التي استسلمت لها في البدايه حتي بدأ الهواء ينسحب من رئتيها شيئا فشيئا فخانتها يديها بغريزة فطريه لترتفع الي يد عزه تحاول أبعادها عنها بمقاومه ضعيفه...تحاول أن تبعد يدها عن عنقها بينما بدأت ملامحها تمتقع وتهرب منها الدماء ...أسرعت فيفي تدخل الي الغرفه التي تحتجز عزه بها غرام لتبعد والدتها عنها وتصيح بها بتوبيخ : ماما ...انتي اتجننتي ..هتقتليها
هتفت عزه بغل وهي تنفض يدها عن عنق غرام : بنت ال ** خلت البت تهرب...الواطيه بعد ما شافت العز علي ايدي تعمل فيا كده
نظرت لها غرام باستنكار مرير بينما تري نفسها صاحبه فضل عليها ...!
............
....
أوقف ايهم سيارته اسفل المنزل ولكنه ما أن مد يداه ليفتح الباب حتي تراجع وعاد ليبقي بالسيارة دون سبب بينما رأسه يضج بالافكار التي شابهت كره متشابكه من الخيوط عجز عن فك اي طرف منها ....مسح علي وجهه بضع مرات يحاول أن يعيد تنظيم تفكيره ..لقد ذهبت الفتاه وعادت الي حياتها وحياته ستعود كما كانت قبل ظهور تلك الفتاه ..!
تمهل قليلا وهو يسأل نفسه للحظه أن كانت فعلا ستعود حياته الي ماكانت عليها ....وما كانت عليها حياته بالأساس .... اب مثالي يرعي ابنتاه بعد موت والدتهم في العلن وفي الخفاء ....! صمت ولم يضع تعريف لهذا الوصف ولأول مره يراوده الشعور بالخجل من توصيف نفسه في الخفاء ربما لأنه لأول مره يخرج خارج نفسه ويحاول رؤيه ما يفعله من الخارج ...!
طالما كان يبرر لنفسه زيجاته المخفيه بأنه يعف نفسه عن الحرام بالرغم من أنه يعلم بشبهه الحرام فيما يفعله ولكنه انسان وله طاقه ووقف بالوسط بين الزواج في العلن والرهان علي نفسيه ومستقبل بناته وبين الزنا
فاختار لنفسه الزواج بالخفاء ووضع الشروط التي لا تجعل ضميره يحمله شيء إلا ذنبه هو ...!
لا يتزوج فتاه ولا امرأه تريد اطفال ولا زواج في العلن يتزوج بأمراه لها نفس ظروفه وكلاهما يتبادل المنفعة من الاخر ....تنهد بضيق وهو يتوقف عن التبرير لنفسه أكثر فهو اشجع من ان يتواري عن الاعتراف بخطأه لذا فهو يعترف بأنه مخطيء ...مخطئ وكفي ولكنه يطمع بسماح ليس من الإنسان بل من رب العالمين !
هز رأسه بضيق اكبر وهو يتذكر تجريمه لتلك الفتاه ويسأل ان كان يطمع لنفسه بالسماح فلماذا يجرمها ويحرمها من السماح هي الأخري ليجيب صوت عالي برأسه بأنها من اجرمت بحق نفسها ....أنه حتي وان اخطأ فخطأه يستطيع تحمل نتيجته حتي وان كانت في انهيار صورته أمام ابنتاه بأسوء الظروف ولكن هي بخطأها دمرت مستقبلها وانهارت حياتها التي لم تبدأ بعد
ضرب المقود بقبضته بضع مرات بقوة وهو يهتف بحنق بصوت مرتفع نسبيا : لييييه ....ليييه تعملي كده في نفسك يا غبيه ....ليييه تمشي في طريق عزه واللي زيها ....غببييه ضيعتي نفسك !
كور قبضته ورفع رأسه لترتطم نظراته بالمرأه أمامه ويري انعكاس صورته وهو يفكر باخر ما نطق به : ضيعتي نفسك !
ابتلع ببطء وهو يفكر أن كان له يد ولو بنسبه واحده بالمائه لدفعها بأن تكمل مابقي من حياتها بنفس الطريق حينما اغلق ابواب الرحمه في وجهها والتي طالبته بها ...!
هز رأسه يبرر أنه فعل الصواب فهو لن يتزوج بها مهما حدث وهي من أخطأت وعليها أن تتحمل نتيجه خطأها ليتشابك خيط بالآخر وكل خيط يجذبه من جهه ....احتمال أن تكون مخادعه واحتمال أن تكون صادقه وبالفعل كان لديها من السذاجه ما يكفي لأن تفعل بنفسها هول كهذا ...!
لم يفكر مرتين بينما هذا الاحتمال الذي قد يجعله يتحمل وزها هو ما حركه ليجد نفسه يمسك بهاتفه ....تعالي الرنين مره اثنان ثلاثه ومع كل رنين تتهدج أنفاسه التي حاول ضبطها بقوة ما أن أتاه الرد : ايهم باشا ....انا مش مصدقه نفسي ....والله هيجرالي حاجه من الفرحه انك كلمتني ...حقك عليا يا غالي والله غلطه وعمرها ما هتتكرر
كالعاده غناء عزه الزائف لا يتوقف ليتركها تفرغ ما في جعبتها من اعتذار واخيرا يخرسها بسؤاله المقتضب : فين البنت ؟!
تعلثمت عزه وهي تسأله متظاهره بالغباء : اي بنت ياباشا ...قصدك ...قصدك غرام
تمتم ايهم دون قول شيء ليأتيه صوت عزه : منها لله بنت ال ** دي طلعت بنت مش سهله ومش ضحكت علي سيادتك وبس لا دي عصابه هي وامها تخيل ياباشا تسرقني أنا ...انا اللي فتحت ليها بيتي وصدقتها ووقفت جنبها تسرقني هي وامها وتهرب ....!
ضيق ايهم عيناه وحك ذقنه بينما تراخت أعصابه بهدوء وهو يسألها : هربت!
أومات عزه بعنفوان : اه ...سرقت مني ميه الف جنيه وهربت
تمتم ايهم مجددا بهدوء خدع عزه : مم ...خساره
قالت عزه باندفاع وفضول : ليه ياباشا ؟!
قال ايهم بمكر : ابدا بس لما فكرت شويه قولت وماله اهو نجرب تاني ....ضيق عيناه وتابع : أصلها عجبتني !
فغر فاه عزه وهي تردد : عجبتك
اوما ايهم قائلا بمكر : اه وكنت ناوي اتفق معاكي اتفاق جديد بفلوس جديده
قبل أن تقول عزه شيء كان ايهم بمنتهي الخبث ينهي المكالمه : يلا مفيش نصيب ...سلام يا عزه
استمع الي لهفتها : استني يا باشا
اغلق بابتسامه خبيثه فهو متأكد أن لعابها قد سال علي الأموال ليدير سيارته ويتحرك بها وبنفس الوقت كانت فيفي تتحرك أمام والدتها : ما تديهاله يا ماما واهو خدي الفلوس وعوضي خسارتك
هزت عزه راسها بتفكير عقلاني حاولت أن تتمسك به بدلا من الانسياق خلف قطعه اللحم الشهيه لتجدها في النهايه بداخل مصيده : لا ...لا
نظرت لها فيفي بعدم فهم : لا ليه ؟!
قالت عزه بتفكير : ايهم مش بالسهوله دي يطلب حاجه كده ....اكيد شك فيا
نظرت لها فيفي : ما يشك ...انتي اديله البت وخلاص ولا هتفضلي حبساها
قالت عزه بغل : اه هفضل حبساها
رفضت فيفي قائله : لا ياماما ...تموت وتجيب لينا مصيبه ...اسمعي كلامي واتصلي بيه وخليه يجي ياخدها ونخلص منها
هزت عزه راسها وهتفت بحنق بابنتها : قولت لا وخليكي في حالك ومتتدخليش
التفتت لها وتابعت بغضب : ماهو لولا لسانك مكانتش عرفت حاجه وكانت فضلت طول عمرها ماشيه بدماغي ...
قامت من مكانها وهي تدفع فيفي من امامها وتتجه الي غرفتها
...اوعي من وشي !
...
........
مررت ثراء منديل ورقي علي شفتيها تخفف من حده لون احمر الشفاه لتجعله وردي هاديء ثم تتطلع في المرأه تعدل من وضع حجابها بابتسامه هادئه ثم تخرج وتتجه الي مكتبها ليلفت نظرها ذلك التأهب الواضح بالممر
....أدارت راسها لتلمح بنهايه الرواق مرور حشد كبير واول ما لفت نظرها بهذا الحشد هو ذلك الوسيم ...!
او بمعني اصح الوسيم ذو الهاله الواضحه من الهيبه وابنه الأصغر الذي يماثله وسامه ولكن حوله هاله واضحه من الحيويه والمرح عكس تماما أخيه الأكبر سيف الذي يماثل جديه وهيبه أبيه بصورة واضحه !
أسرعت بخطواتها حتي كادت تتعثر وهي تحاول اللحاق بالحشد قبل عبوره وتلك الصدفه التي تجمعهم مجددا تلوح بخيالها وقد انتظرتها منذ أول يوم وطأت قدمها بتلك الشركه واحلام المدير الوسيم تداعب خيالها الذي كان واسع ويتسع للمزيد من الاحلام مع القليل من ذكاءها الذي تحسن توظيفه كثيرا كما فعلت وهي تصطنع اول فرصه للقاء الذي نتج عنه وجودها بعمل كهذا طالما حلمت به ولم تترك اللحاق بحلمها أو تستسلم فلماذا لا تفعلها الان ....!
تمهلت خطواتها حينما أدركت أن فرصه لحاقها بهم تكاد تكون منعدمه فقد مر الحشد سريعا ولكن مع ذلك لم يتمهل عقلها في العمل وهي تدفعه للبحث عن خطه بديله ...!
اصطناع فرصه لا يتطلب الا القليل من الذكاء والترتيب ....وهاهو عمر متواجد في الشركه وهي ايضا إذا ما يمنع اللقاء .....!
لوت شفتيها وهي تعدد الأسباب ...ذلك المكتب الذي لا تطل اي نافذه منه علي باحه الشركه الخارجيه ...إذن لن تعرف متي ربنا يغادر ولم يوقفها هذا السبب بينما تخبر نفسها بأن التطلع من النافذه لن يفيدها كثيرا فهو سيكون قد غادر قبل أن تقفز هي من النافذه 🤣🤣
إذن فلتبقي قريبه من المصعد او مكتب عاصم ولكن هناك
سبب اخر وقوي سيوقفها وهو تلك الفتاه التي تلقبها بالبومه ( ريهام ) رئيسه قسمها والتي تتحرك بأعين ثاقبه حولهم تلمح اي تقصير أو تهاون .... زفرت وهي تستبعد أن تترك مكتبها وتبقي بالرواق ...وهنا اتسعت عيناها ونظرت في ساعتها ..لقد تأخرت ربع ساعه كامله وتلك البومه لن تمررها لها لذا أسرعت تعود الي مكتبها وعيناها تتحرك هنا وهناك لتقرء ما يحدث حولها .... حاله من التأهب القصوي في ظل عدم وجود سيف مما يدل أن عاصم اشد رهبه من ابنه !
جلس عاصم في مكتبه يتلقي الترحيب بعودته من الموظفين بمختلف الأقسام والتي نظمها قسم الموارد البشريه كدلاله منهم علي ترحيبهم بعودته ولم يمانع عاصم فقد افتقد كل ركن من أركان شركته وكل جزء أو فرد فيها ليعطي تعليمات لنهال مديره مكتبه بأنه سيستقبل الجميع بلا استثناء وكل ما عليها هو ترتيب دخولهم وليس منعهم
أغلقت ريهام رئيسه قسم الديكور الهاتف ثم دخلت تطرق بكعب حذاءها العالي وهي تتطلع الي الموظفين الشباب الموجودين بالقسم قائله : شويه والقسم بتاعنا هيطلع يسلم علي عاصم بيه
التفتت تجاه ثراء التي عادت من الحمام بنظره ثاقبه ولكنها تابعت حديثها : مجرد دقايق ومش هنطول عشان منضيعش وقته ....مسز نهال هتتصل بيا لما الموجودين عنده يخرجوا
همست ثراء الي زميلتها تسألها : في ايه ؟!
همست زميلتها نورا : هنطلع نسلم علي عاصم بيه
عضت ثراء علي شفتيها تكتم حماسها بينما جاءت الفرصه التي ضاعت منها قبل دقائق علي طبق من الماس وليس من ذهب فقط ....!
عمل عقلها سريعا ترتب خطواتها ....عليها أن تظهر وتلفت الإنتباه إليها ولن يكون هذا بالطبع وسط الحشد
ثانيا كيف تلفت الإنتباه وتضع بصمه في عقل من امامها ... حسنا انها جميله ولكنها بالنسبه لأمثال عمر فتاه عاديه فلا هي ترتدي مثلهم ولا هي من مستواهم لذا عليها أن تستبعد أمر الجمال وتكتفي بكونها فتاه مختلفه بملابسها المحتشمه وحجابها ...إذن عملها وذكاءها
ليست بارعه ولا فائقه الذكاء في العمل وهي بالطبع لا تعترف بهذا ولكن لديها من الدهاء ما يجعلها دوما تدخر هكذا ...فتاه نشيطه مجتهده ذكيه !
إذن هاهي ...فتحت أحد إدراجها وأخرجت فلاشه لتضعها بجيبها وهي تفكر بأن عليها أن تقوم بلفته لطيفه أخري لذا أخرجت هاتفها وسرعان ما طلبت أحدي باقات الورود دون أن تهتم لثمنها فلكل شيء ثمن ...!
لتقوم من مكانها سريعا ما أن خرجت ريهام
سألتها نورا بجبين مقطب : رايحه فين ؟!
قالت ثراء وهي تلتقط حافظتها الجلديه من حقيبتها : رايحه التواليت
هزت نورا كتفها وعادت الي شاشه الحاسوب امامها بينما تقول : انتي مش لسه جايه من هناك
تجاهلتها ثراء بينما تعبث بهاتفها وتجري مكالمه ....
عقدت ريهام حاجبيها وهي تتحرك بقسمها تجاه غرفه عاصم : امال فين ثراء
قالت نورا : في التواليت
أومات ريهام ثم عادت لتسير بمقدمه قسمها متجاهله عدم وجود ثراء لأنها ليست بتلك الاهميه فهي مجرد متدربه جاءت منذ اسابيع قليله
لتدخل الي مكتب عاصم وبالفعل بضع دقائق قدموا بضع كلمات للترحيب بعودته وخرجوا ....!
تلتفتت ثراء حولها وهي تعود الي الشركه بعد أن تسلمت باقه الزهور التي طلبتها لتسرع الي المصعد وتضغط زر طابق مكتب عاصم وهي تبتسم لحارس الأمن : عامل ايه ياعم مجدي ...
ابتسم الرجل لها : الحمد لله ...صالح عامل ايه ؟
أومات له وهي تختطف نظره الي هيئتها في مرأه المصعد لتتأكد من هندامها : الحمد لله
خرجت من المصعد ولكنها بخطوات سريعه كانت
تتواري بأحد الممرات حتي غادرت ريهام ومن معها قبل أن تهندم من وضع حجابها باحدي يديها بينما بيدها الأخري حملت باقه الورد التي وصلت لها بناء علي طلبها قبل بضع دقائق بعد أن قررت ألا تكون وسط الحشد وتكون بالصورة وحدها !
نظرت لها نهال مديرة مكتب عاصم رافعه حاجبيها : افندم
قالت ثراء بثقه اقرب الي الغرور : بلغي استاذ عمر اني برا
عقدت نهال حاجبيها ولم تنكر نظره الاستنكار في عيناها وهي تردد : استاذ عمر
أومات ثراء بثقه أنه لن يرفض لقاءها : اه لو سمحتي
علي مضض قامت نهال من مكانها بخطوات رتيبه بينما تعليمات عاصم تمنعها من رفض دخولها
لذا دخلت لحظات الي مكتب عاصم قبل أن تخرج وتشير إليها بالدخول ....اتسعت ابتسامه ثراء حد البلاهه بينما دخولها بتلك السرعه كانت إشارة لها !
سحبت نفس عميق مع خطواتها تجاه الباب الخشبي الكبير الذي طرقت عليه قبل أن تدير قبضته وتفتحه وتدخل
حينما دخلت ثراء رفع عمر عيناه من هاتفه بينما اصابه الملل وهو جالس علي المقعد المقابل لمكتب أبيه يشاركه الابتسام لكل من يدخل ....التقت عيناه بوجه ثراء للحظه أو ثانيه قبل أن يهز رأسه بلياقه ثم تعود عيناه للنظر الي هاتفه دون أن يقول شيء
لتتولي هي دفه الحديث والمبارده وهي تدخل بخطوات سريعه وتقترب تجاه مكتب عاصم تضع علي طرفه باقه الورد وتقول بصوت رقيق : حمد الله علي السلامه يا باشمهندس
اوما عاصم بابتسامه : الله يسلمك
نظر لها وهو يحاول تذكرها ولكنها لم تمر عليه من قبل ليقول باستفهام لطيف : اتعينتي جديد في الشركه
أومات وهي تخفي ارتباكها بينما عمر لم يرفع عيناه إليها وقد ظنت أنه سيكون باستقبالها حينما تبلغه نهال ولكن إن كانت ماكره فنهال امكر منها وقد مر عليها الكثير من أمثال ثراء وتستطيع قراءتهم بسهوله ممن يتملقون الجميع ظنا أن لا أحد يستطيع تبينهم لذا اكتفت بأن تبلغ عاصم بوجود أحد من الموظفين يريد الترحيب بعودته وعاصم لم يمانع فهو بالفعل يريد لقاء الجميع
حمحمت ثراء وهي تقول بينما تشير بطرف عيناها تجاه عمر : اه اتعينت من حوالي شهر ...استاذ عمر كان له الفضل في تعييني
رفع عمر عيناه من هاتفه ونظر الي أبيه الذي استغرب أن يكون لابنه يد في شركته فهو لم يفعلها سابقا لينظر عمر الي الفتاه ويأخذ بضع لحظات قبل أن يقول بتذكر : ااه... التفت الي أبيه مجددا وقال بتوضيح : دي بنت عم صالح ....سلوي !
ابتلعت ثراء بوجل حينما أخطأ بنطق اسمها بينما أنكرت بداخلها تجاهله لها ثم أنكرت عدم التفاته لها واخيرا عدم تذكره لها من الاساس فهي لا تخبر نفسها ابدا بأنها تركض خلف اوهام لتتابع الركض !
قالت ثراء بتصحيح وهي ترسم ابتسامه هادئه علي شفتيها : قصدك ثراء !
زم عمر شفتيه بحرج ليقول سريعا : sorry قصدي ثراء
استدرك عاصم الوضع ليقول بلطف : اسمك جميل ....واقفه ليه اتفضلي اقعدي
جلست ثراء وهي تمد يدها الي طرف تنورتها الحريريه الواسعه لتغطي طرف ساقها قبل أن ترفع عيناها تجاه عاصم وتجتذب معه بدايه الحديث : اتعرفت علي استاذ عمر بالصدفه ....حمحمت وتابعت : بصراحه وقف جنب بابا في المحنه اللي اتعرض ليها وكان له الفضل أن برائته تظهر ..!
عقد عاصم حاجبيه للحظه ونظر الي ابنه باستفهام بينما لاول مره يسمع ما تتحدث عنه تلك الفتاه ولكنه اندمج معها في الحديث الذي كان به اشاده كبيرة بابنه
ابتسم عاصم لها قائلا : اول مره اعرف الموضوع ده
قالت ثراء وهي تنظر إلي عمر الذي خجلت نظراته بينما لم يعتاد أن يكون موضع فخر ؛ واضح أن استاذ عمر مش بس ظابط شاطر جدا لا كمان انسان مهذب ومرضيش يقول لحضرتك حاجه عن بابا تغير نظرتك له
ابتسم عاصم وهو يتطلع الي ابنه بنظرات فخوره قبل أن يلتفت الي ثراء قائلا : انا عارف صالح ومش ممكن اسم في نزاهته يا بنتي
ابتسمت ثراء له وقالت برقه : مرسي
نفذ الحديث ولكن لياقه عاصم لم تنفذ ليسالها وهو يضغط الزر بجواره : تشربي ايه ؟!
هزت راسها وهي تتظاهر بأنها تقوم من مقعدها : لا مفيش داعي اعطل حضرتك اكتر من كده ....نظرت له وتابعت ببراءه تخفي مكرها : مع اني كان نفسي اقابل حضرتك من زمان ...سيادتك مش متخيل اد ايه انا معجبه بكل مشروعاتك وخصوصا التفاصيل اللي فيها
وده خلي عندي حماس احاول ابقي زي حضرتك
هزت كتفها وتابعت بابتسامه هادئه خجوله : طبعا مستحيل ابقي زي حضرتك بس ممكن امشي علي خطواتك !
اعجب عاصم بحماسها ليقول بابتسامه مشجعه : هتبقي احسن مني كمان
اشار لها أن تعود لتجلس وتابع باهتمام : انتي دفعه هندسه ايه ؟!
احمر وجه ثراء لتقول بتعلثم : بصراحه انا مش هندسه .... انا فنون جميله
قبل أن تغرق بتلك العقبه كانت تندفع سريعا : كان نفسي ادخل هندسه طبعا بس سيادتك عارف ازمه الثانويه العامه...في الاول جالي احباط بس ده مأثرش عليا واجتهدت في دراستي ووسعت افاقي ...بحماس وضعت يدها بجيب سترتها تخرج منها تلك الفلاشه : انا كنت بشتغل علي كام فكرة وكان نفسي اعرضهم علي سيادتك...ايه رايك لو نستغل ال marketing بصورة مختلفه .... يعني بدل اعلانات بصورة تقليديه ناخد من هيئه الطرق تصريح بأننا نجمل بتصميمات مختلفه الشوراع المحيطه بالمشروع ونحط بصمه لينا في كل شارع ودي دعايه عمليه لشغلنا وفي نفس الوقت اهداء من المؤسسه للبلد وطبعا اكيد هتكون ضمن إعفاءات ضريبية معينه
تطلعت ثراء بترقب الي وجه عاصم الذي لم ينكر أنها جذبت اهتمامه حتي أنه مد يداه ليأخذ منها الفلاشه ووضعها بالحاسوب لتميل برأسها بحماس وهي تتابع شرح فكرتها التي اجتذبت اهتمامه ...!
بينما نجحت في اجتذاب اهتمام عاصم كانت تلك المكالمه التي وردت الي هاتف عمر تنجح في جذب اهتمامه ليستأذن ويتجه الي أقصي الغرفه باتجاه الشرفه الواسعه ويخرج إليها يجيب علي هاتفه ...!
لم تجعل ثراء هذا يفقدها حماسها بل تابعت اجتذاب اهتمام عاصم
ما أن خرج عمر الي الشرفه حتي أجاب سريعا بينما رؤيته لرقم طلعت يتصل به لم تكن بشيء يتجاهله
فلابد أن هناك شيء يخص وسيله !
: الو
بنفس اللحظه أتاه صوت طلعت الذي امتليء حماس : الو ...عمر عامل ايه يا ابني
قال عمر سريعا وهو يريد أن يتجاوز الترحيب والسلامات والدخول الي الموضوع مباشره : بخير ....
: السيد الوالد أخباره ايه ....وسيله بلغتني أنه كان تعبان وانك سافرت تزوره
: الحمد لله بخير
بالطبع استغرق طلعت بضع ثواني أخري يسأله عن أحواله وعمر يجيب باقتضاب إلي أن قال طلعت بعتاب وهو يضحك : انا زعلان من وسيله بقي اوصيها أنها تبلغني اول ما ترجع من السفر وادي انت رجعت ومبلغتنيش !
ابتلع عمر ببطء بينما شعر بوخزه في قلبه توبخه بأنه اصلا لم يخبرها بعودته !
انتبه علي صوت طلعت الذي تابع : يلا ماعلينا لما اشوفها انا هبقي اعتب عليها
عقد عمر حاجبيه باستفهام بينما لاول مره يسأل سؤال ظن أن إجابته منطقيه ولا يوجد سبب ليطمئن بأنها بمنزل والدتها حتي عوده جدتها
: هي وسيله مش قاعده معاكم لغايه ما الحاجه امتثال ترجع من العمره ؟!
انصدمت ملامح طلعت وحاول بتعلثم أن يصيغ الرد بأنه لا يعلم شيء عن سفر امتثال ولا وجود وسيله وحدها
ليحمحم بحرج وهو يزجر سندس الجالسه أمامه بنظراتها فكيف تغفل عن شيء كهذا : والله ياابني للاسف انا اول مره اعرف ان الحاجه مسافرة
ضحك بسماجه ليمرر. الموقف وهو يتابع : واهو عتاب تاني علي وسيله .....يعني اكلمها اطمن عليها ومتقوليش أن جدتها مسافره
بخبث فطري كان يتابع وهو يذكر عمر بوقوفه بجواره : وهو كان ايه اللي حصل ....كل ده عشان وقفت جنبك يوم الفرح ...تنهد وتابع بأسي مزيف ؛ يلا تلاقي جدتها خلتها تاخد موقف مني انا كمان مع واني وآلله زي ما شوفتني كده بحبها زي بناتي ولا بفرقها عنهم ابدا
بالطبع إذن عمر لم تلتقط شيء من حديث طلعت الكثير الذي لم يستنتج منه إلا شيء واحد قاده الي مزيد من التوبيخ لنفسه ....أنه بالفعل طوال تلك الفتره لم يهتم أن يعرف عنها شيء !
: عموما بقي لينا قعده طويله مع بعض ....انت في اقرب وقت تيجي تتغدي معانا انت ووسيله ونتعاتب ....المهم بقي ياعمر يااابني انا كنت بكلمك عشان حاجه كده
اخفي عمر ضيقه وهو يقول : اتفضل
احاديث طويله بدء بها طلعت : طبعا نيفين بنتي دي مش زي بنات اليومين دول ...دي بنت صوتها مش بيطلع ولا تعرف ترد انت شوفتها في الفرح
تنهد عمر بضيق بينما يريد أن يصل ذلك الرجل الي ما يريد دون أن يطيل أكثر ليصمت ويدعه يكمل بعد أن اكتفي بهمهمه : ممم
تابع طلعت : اهو بقي المشرف بتاعها كل يوم يضايقها ...مره تأخير ومره إجازة ومره شغل وانت عارف البنت طيبه ولا تعرف ترد وهو مستقصدها
قبل أن يتابع حديثه فهم عمر مايريده ليقول سريعا : تمام فهمت ....هكلم هشام يشوف الموضوع ده
ضحك طلعت بسماجه : انا كنت هروح معاها واكلمه بنفسى واهو فرصه اتعرف عليه بس قولت بلاش اكون سبب في قطع عيش المشرف الرخم ده واسيبك انت تتصرف
تنهد عمر قائلا : تمام ...كده أحسن
قبل أن يتطرق طلعت الي شيء آخر كان عمر يقول : هشوف حاضر الموضوع ده ....سلام ...أوقفه طلعت : سلام من غير ما تسلم علي حماتك
قال عمر بتهذيب سريعا : لا طبعا مقصدش ....انا بس مكنتش عاوز اعطلك
ضحك طلعت بسماجه : تعطلني !! وانا ورايا ايه ....خد سندس معاك
اخذت سندس الهاتف وهي تحاول ان تخفي موقفها المحرج بأنها لاتعرف شيء عن ابنتها طوال تلك الفتره : ازيك ياعمر ...حمد الله علي السلامه
: الله يسلمك
فقط بضع كلمات وأغلقت المكالمه لتنظر الي طلعت بضيق : يقول علينا ايه يا طلعت ..كل شويه طلبات
نظر لها طلعت باستهجان : وهو انا كنت طلبت ايه ....مش نيفين دي زي بنتك وتحبي ليها الخير
اومات سندس : أيوة طبعا بس برضه لازم شكلنا سكون كويس قدام جوز وسيله
نظر لها طلعت باستنكار : وهو انا عملت ايه يخلي شكلنا وحش ....
تراجعت سندس عن الدخول معه في جدال : خلاص ياطلعت مش قصدي ..انا بس اتلخبطت لما عرفت أن وسيله كل ده لوحدها
اشار لها طلعت وهو يمسك بهاتفه : اه صحيح فكرتيني بوسيله ....انا هكلمها .....بالطبع كانت تكمله الجمله الطبيعيه أنه سيطمئن عليها ولكنها تفاجئت به يتابع : لازم اعتابها أنها مقالتش ليا أن عمر رجع مع اني موصيها
زفرت سندس وقامت من مكانها بغيظ من هذا الرجل ذو الدماء البارده لتلعن بسرها زوجها السابق الذي كان سبب في زواجها منه .. !
أجابت وسيله علي هاتفها لتعقد حاجبيها كما انعقد لسانها وهي تردد،: رجع !
: وهو انتي يعني مش عارفه أنه رجع ...ماشي يا وسيله عموما اونكل طلعت مش هيزعل منك عشان انتي عارفه غلاوتك !
غصه قويه انتابت حلقها وهي تردد بداخلها : رجع!
عاد ولم يخبرها ....سافر ولم يخبرها ....ايام ولا يسأل عنها ...!
ماذا ولماذا .... الكثير والكثير من الاسئله التي دارت بعقلها ولكن قلبها لم تتحرك دقاته من فرط ثقل الحزن الذي حل به ....ماذا حدث ولماذا تغير ؟!
ليست تلك الاسئله التي يبحث قلبها عن اجابتها بل سؤال واحد ....كيف استطاع الابتعاد عنها ...؟
هل يشعر بهذا الفقد الضاري الذي ينهش بقلبها مثله ؟!
هل بتلك البساطه محاها من حياته !
ومن قال إن كل تلك الاسئله لم تطرق قلبه أو عقله .....تطرق بقوة وهو يتجاهلها بقوة اكبر !
كلما نظر إلي أبيه لا يدرك الا شيء واحد وهو رغبته بأن يمحو خطأه ...!
لأول مره يهرب من شيء فعله ولا يستطيع أن يواجه أبيه به ...!
لأول مره يشعر بالجبن ولأول مره يشعر بضأله نفسه أمام تلك الفتاه التي يخشي أن يستحضر صورتها فيري كم هو صغير امامها ...يتهرب من كل ماحدث !
بقي عمر شارد بعد مغادره ثراء
انتبه عمر الي ابيه : ها
نظر عاصم له قائلا : بقولك شكلها بنت شاطره
اوما عمر بعدم اكتراث ليتطلع اليه عاصم بقليل من المكر بينما يسأله : ياتري لفتت نظرك زي ما لفتت نظري !!
نظر عاصم الي عمر الذي هز كتفه بعدم اكتراث : تلفت نظري في ايه ؟!
تراجع عاصم بظهره الي مقعده الجلدي الوثير قائلا : يعني بنت مجتهده وواضح انها ذكيه وشاطرة ...كمان لبقه وعندها طموح
ضحك عمر قائلا : الحاجات دي تلفت نظرك انت ياباشا عشان شغلك وانت فاهم مين شاطر فيه ولا لا إنما أنا ولا أفهم حاجه
هز عاصم رأسه ونظر مجددا الي ابنه بينما ظن للحظه أن خلف موقف ابنه مع ابيها وتوسطه لعملها شيء آخر وربما بوادر اعجاب كان بالطبع سيرحب به أو بأي شيء يفعله ليثبت له أن هذا التغيير من جانبه يقابله دعم من جهته
تنهد عاصم وقال بجديه : طيب سيبك من شغلي وقولي ايه اخبار شغلك
هز عمر كتفه بعدم اكتراث : عادي
: عادي ازاي .... انت عندك مشكله
هز عمر رأسه ليساله عاصم : امال ليه واخد إجازة طويله كده
هز عمر كتفه بنفس عدم الاكتراث ولكن قبل أن ينطق بكلمه عادي كان عاصم يقول بتشجيع : اللي سمعته من البنت قبل شويه بيثبت ليا أن شاطر وذكي ليه مش عاوز تستغل ده في انك تثبت وجودك في شغلك
نظر عمر الي ابيه الذي قام من مقعده وجلس في المقعد المقابل له واضعا يداه علي ساقه وهو يتابع : عمر ...انا اسف اني ظلمتك بأسمي
عقد عمر حاجبيه باستفهام ليوضح له عاصم بجديه : انا ذرعت جواك انك مجرد ابن عاصم السيوفي بس انت مش كده ....انت عمر ...عمر عاصم السيوفي اه ....بس في الأساس انت عمر وعشان كده عاوز اسم عمر دايما يسبق اسم عاصم فاهمني ....!
فهم عمر ما يريد أبيه قوله ليهز رأسه بابتسامه هادئه
ويتطلع الي ابيه بصمت طال ولكن بداخله الكثير والكثير من الكلمات التي لايعرف لماذا تهرب منه ....بادر ابيه بالاقرار باخطائه وبتقديم الاعتذار والتبرير فلماذا لا يفعل مثله ويقر بخطأه ويقدم الاعتذار والتبرير ....هل لأن خطأه كبير قد لا يمحيه اعتذار ولا يكفيه تبرير !
ام لانه يستصعب كثيرا أن يعود لتصغير صورته بعيون ابيه ؟!
ام لانه لايعرف حقا ماذا يقول أو كيف يشرح ويبرر
مضت الليله عليه طويله كما لم تمضي أحدي لياليه من قبل .....دفاتر كثيرة بحياته انفتحت بنفس الوقت وبداخل كل دفتر الف سؤال والف كلمه وكل اسئلته وكلماته تخرجه من حيرة وتضعه في أخري...!
سأل نفسه لاول مره لماذا اقدم علي الزواج بها ليلتاع لعدم وجود اجابه لسؤاله وهو يتهرب من تذكرها ويتعامل بعقله معها أنها كانت مجرد خطوة للعناد بأبيه ....رفض أن يدع قلبه هو من ينطق بالإجابة واكتفي بإجابة عقله العمياء والتي كانت في قمه الاجحاف بحقها !
ومهما كانت الاجابه مجحفه لم تكن مجحفه بقدر إجحاف قراره الذي اتخذه بعد أن اضنته الحيرة التي يتعرض لها لاول مره في حياته حد الاختناق لذا دون أن يدرك اتبع غريزته الفطريه بالهروب من التفكير والحيرة وأخذ قراره بتسرع واندفاع واضعا راحته المنشوده فقط صوب عيناه .... وكأنه سيخرج ممحاه سحريه يمسح بها كل تلك الأسطر ليعود كل شيء كما كان في ظنه !
وليتها تملك نفس الممحاه السحريه لتمحيه من قلبها وعقلها وحياتها التي وكأنها توقفت مكانها تأبي أن تتحرك دون أن يكون بها اسمه او ذكري منه أو صورته ....كل شيء بحياتها أصبح يتمحور حوله لتكاد تصاب بالجنون من نفسها وهي تتساءل اين ذهبت حياتها قبله ولماذا لا تستطيع أن تعود كما كانت ....لقد عاشت سنوات طويله بحياه سعيده قبل أن تلقاه وستعيش بدونه سنوات قادمه فالحياه لاتقف لدي أحد ...هذا هو المنطق والصواب وما تؤمن به ....جذبت وسيله خصلات شعرها بعنف بينما تحدث نفسها بجنون ( نساكي ليييه بقي مش عارفه تنسيه ....ليييه بتفكري فيه ....؟! )
لماذا توقف حياتها بينما هو تابع حياته التي لاتعرف عنها شيء ....باستحياء يحاول قلبها إلقاء الأعذار لها ولكن ولا عذر استطاعت نطقه بصوت عالي ....فلا يوجد عذر أو تبرير لابتعاده بتلك الطريقه وجعل جهلها بأي شيء يحدث معه وربما كان سبب بعده غير منطقي .....!
الا يجد دقيقه واحده لها .....؟!
عاد ولا تعرف ...لم يسأل عنها أو يطمئن عليها
..إذن لماذا تفكر به ؟!
ذلك الحب الذي تغني به وجعل قلبها يغرق به اختفي فجاه ..!
بالفعل كل ما يحدث لها درب من دروب الجنون... لقد اختفي من حياتها فجاه كما ظهر بها فجاه فهل هذا منطقي ...!
بالفعل سؤال وجيه ...هل هذا شيء منطقي ؟!
طالت نظرات سيف الي عمر طوال جلستهم الي مائده الغداء التي جمعت العائله بينما يسأل نفسه عن منطق تفكير أخيه الذي يتحدث ويأكل ويضحك باريحيه لا يوجد بها أي منطق لرجل في حالته ...رجل وعد فتاه بل ونفذ وعده وتزوجها متحدي الجميع والان فجاه لم يعد لتلك الفتاه وجود ...!
تنهد سيف وهو يحرك شوكته في طبقه وعيناه لا تحيد عن النظر لأخيه يتساءل عن خطوته القادمه ....هل ينتظر الوقت المناسب ويستجمع شجاعته ليخبر أباه ..نعم هذا هو الحل كما أخبره مسبقا فلايوجد حل اخر ....ربما يغضب عاصم ويثور وتحزن والدته ولكن في النهايه الأمر معتاد بالنسبه لعمر في مواجهه غضب أبيه وبضعه ايام وستهدأ الأمور ويتولي عاصم اعاده كل شيء الي نصابه الطبيعي ويصلح خطأ عمر الذي يتمني أن يكون تلك المره تعلم من خطأه ....تنهد سيف مجددا وهو يرتاح لتلك الفكره التي مؤكد أخيه فكر بها وانتواها لذلك هو جالس بتلك الاريحيه !
......
.........
تحركت تلك العضله بجوار فك ايهم دلاله علي توتره بينما بقي في سيارته قليلا اسفل منزل عزه ....لا يدرك لماذا هو اسفل منزل تلك المرأه ولا ماذا يريد إثباته ولكنه يتبع حدثه ....يريد أن يغسل يداه تماما من ذنب تلك الفتاه ...يريد أن يعرف علي الاقل مصيرها ليرتاح
إن صعد ووجدها بمنزل تلك المراه يعني أنها تخدعه وان لم يجدها ...توقف عن التفكير فكيف لا يجدها وهي صعدت أمامه ...تنهد وزفر بضيق وهو يهز رأسه متذكر حديث عزه بأنها لا تعرف عنها شيء .. كذبت ولم تخبره أن الفتاه أتت إليها ...وضع يده علي مقبض باب السياره يفتحه وينزل منها بعد أن أخذ قراره ....تكذب إذن هناك شيء غامض عليه معرفته !
تحرك بخطواته الي مدخل تلك العماره التي لأول مره يرفع عيناه ويتطلع اليها ويسأل نفسه ماذا يفعل رجل مثله في مكان كهذا ..!
عقد حاجبيه بشده وهو يسأل نفسه السؤال مجددا ...ماذا يفعل رجل مثله مع امرأه مثل عزه !
عبست ملامحه بشده من الاجابه التي يعرفها ولكنه كان يتجاهلها ويبررها لنفسه دوما !
توقف عن التفكير واستعاد ثباته وهو يخرج من المصعد ويتجه بخطوات ثابته متأهبه الي الباب ..!
.....
........
اتسعت ابتسامه نديم الخبيثه وهو يتلقي ذلك الخبر بعوده عمر ليسأله الرجل : تحب اعمل ايه يا باشا
قال نديم بتوعد : هقولك بس مش دلوقتي ....انت بس عليك تجيب ليا كل اخبار اي قضيه شغال عليها
اوما الرجل ليغلق نديم الهاتف ويتنهد بسعاده لمحتها ريم وهي تتجه ناحيته لتسأله بفضول : كنت بتكلم مين ؟
قال نديم بابتسامه : مكالمه شغل
رفعت حاجبها بعدم اقتناع : مكالمه شغل خلتك مبسوط اوي كده
اوما لها قائلا : اه ...قضيه مفتوحه بقالها كتير و قريب اوي خلاص هقفلها
أومات له : طيب كويس ...ربنا يقويك وتخلصها
نظرت له ليبتسم لها قائلا بتطلع : هخلصها بس مش دلوقتي ...امسك بيدها وتابع وهو يلثمها برقه : حاليا معنديش اهم من جوزانا ...ها بقي يا حبيتي استقريتي علي شكل دعوات الفرح
أومات له وأشارت الي ما اختارته : ايه رايك في دي ؟
لم ينظر لشيء بل ظل ينظر إليها بنظرات ملئها الحب وهو يقول : اختاري اللي يعجبك انا عاوزك تكوني مبسوطه
تنهدت ريم وهزت راسها وبالفعل لا تنكر إن السعاده بدأت تتسلل الي قلبها رويدا رويدا حينما تبعت نصيحه لميا وأخرجت عمر من حياتها ...مازالت احيانا تفكر به ولكنها أدركت أن تفكيرها به يؤذيها ويأخذها لتلك الذكريات السيئه التي تجعلها تكن الضغينه لنديم الذي يفعل ما بوسعه لاسعادها لذا جاهدت الا تفكر بشيء يؤذيها وركزت كل تفكيرها علي ما يسعدها !
.....
...........
اتسعت عيون عزه بصدمه وهي تفتح الباب لتردد بلسان ثقيل : ايهم باشا
نظر لها ايهم بثبات وهو يدخل خطوتين ويدفع الباب بظهر قدمه يغلقه هاتفا : فين البنت ؟!
تعلقت عيون عزه بالباب الذي اغلقه ايهم ليبدو التوتر جليا علي وجهها وهي تقول : قولتلك معرفش عنها حاجه ياباشا
حاولت أن تتنفس حينما استدار ايهم تجاه الباب ظنا منها أنه سيغادر لتتفاجيء به يدير المفتاح في الباب يوصده ويسحب المفتاح ويضعه بجيبه ويظل مبقي أحدي يداه بجيبه وهو يلتفت إليها ببطء قبل أن يقول بنبره ثابته : مش هسأل تاني... فين البنت ؟!
رمشت عزه باهدابها بضع مرات بينما تحاول بصعوبه التفكير في أي شيء قبل أن تشهق بمفاجأه حينما انقض ايهم علي ذراعها يجذبها الي الداخل وهو يصيح بها بصوت جهوري ....انطقي فين البنت ؟!
قالت غرام بتعلثم بينما يسحبها ليهم من ذراعها الي حيث أشارت بنهايه الرواق : جوه ...جت من شويه و...وو
و مصممه تعرف طريقك ...وانا ...انا خوفت تعملك فضيحه روحت حبستها
ترك ايهم ذراع عزه ما أن وصل الي الغرفه المغلقه من الخارج لتترنح للخلف بينما مد ايهم يداه الي المفتاح وفتح الباب ..... وقف بطوله الفارع لدي باب الغرفه لترفع غرام عيناها تجاهه ببطء بينما جلست علي الأرض باحدي اركان الغرفه تضم ركبتيها الي صدرها بدموع لا تجف ....لا تنكر أنها تفاجأت برؤيته كما تفاجيء هو نفسه بالغضب الذي شعر به حينما رأها بتلك الحاله ...!
اشار لها : قومي !
ابتلعت عزه ببطء واندفعت ناحيتها توكزها وهي تصيح بصوت عالي : قومي يا بت واسمعي كلام الباشا ...انا قولتله علي كل حاجه
نظرت غرام الي عزه التي وكزت كتفها بيدها تتساءل ماذا أخبرته ...هل أخبرته أنها خدعتها ؟!
: عزززه ! كانت تلك نبره ايهم القويه يوقفها حينما امتدت يدها علي ذراع غرام تسحبها منه : سيبيها !
أومات عزه سريعا : حاضر
قامت غرام بثقل ليلمح ايهم تلك الكدمه الزرقاء بجانب فمها فليتلفت الي عزه بملامح غاضبه وكانت عزه سريعا ما تقول بتبرير : غصب عني ياباشا ضربتها .... كنت اعمل ايه ...اسيبها تخرج وتنفذ اللي كانت عاوزاه ...دي بنت شيطانه وطماعه يا ايهم باشا ...
سرقتني وكانت عاوزه تبتزك وتاخد منك فلوس تاني ...اتهجمت عليا عشان اديها عنوانك وانا مرضتش وغصب عني ضربتها عشان ادافع عن نفسي ..!
عقدت غرام حاجبيها وتسارعت أنفاسها وهي تستمع الي الاتهامات التي أخذت عزه تكيلها لها أمام ايهم الذي كان واقف بصمت لتندفع غرام بصوت متحشرج من البكاء ولكن قوي تدافع عن نفسها : كدابه ....كدابه ...انا مسرقتهاش ....هي ضحكت عليا
نظرت إليه بينما صمته ووقوفه ينقل عيناه بين كلاهما جعل دموع القهر تندفع من عيونها وتهتف به برجاء : متصدقهاش دي كدابه ... انا قولتلك اللي حصل ...ضحكت عليا والله
اندفعت تجاه عزه تحاول أن تتهجم عليها بغل وهي تصيح بها : قوليله اللي حصل ....قولي الحقيقه حرام عليكي كفايه اللي عملتيه فيا
ابعدتها عزه عنها هاتفه بثبات مزيف : وانا عملت فيكي ايه يابت انتي ...!
عقدت فيفي حاجبيها حينما فتحت عيونها من نومها واستمعت الي تلك الأصوات لتقوم من فراشها سريعا وتتجه الي تلك الغرفه حيث وقفت غرام أمام عزه وأيهم في الوسط لتتسع عيناها بهلع ما أن التفت ايهم إليها
لتتراجع بخوف وتكاد تصرخ باستنجاد ولكن بخفه فهد كان ايهم يمسك بذراعها ويكمم فمها
شهقت عزه بفزع : لا ياايهم باشا بلاش بنتي
سيبها وهي مش هتفتح بوقها
دفعها ايهم بقليل من القوة وأشار إلي عزه وغرام بنبره أمره تحمل الكثير من السخط : انتوا الاتنين واحده فيكم بتكذب وحالا هتنطقوا بالحقيقه والا قسما بالله ما هتشوفوا الاسفلت طول ما انا عايش ...!
.........
....
انتهي الغداء العائلي الذي حضرته جوري ومراد برفقه عائلتهم ليقوموا ويتجهوا الي الصالون ...أشارت زينه بسريه الي سيف ليتبعها دون أن يلحظ أحد
لتهمس له وهي تضع في يده علبه صغيرة من القطيفه السوداء : خد يا حبيبي دي هديه لتينا
عقد سيف حاجبيه باستفهام : هديه !
أومات له وقالت بخفوت : انت نسيت عيد جوازكم امبارح وهي زعلت منك وانا رتبت حفله صغيره وجبت ليك هديه تقدمها ليها عشان تصالحها
نظر سيف الي والدته بابتسامه ليميل عليها يحتضنها : حبيتي يا زوزو
ربتت زينه علي كتفه قائله : متزعلهاش تاني يا حبيبي وحاول تهتم بيها شويه ....الحاجات دي بتفرق اوي مع الست
تنهد سيف بارهاق : غصب عني يا ماما مشغول جدا الفتره دي
ربتت علي يده بحنان : عارفه يا حبيبي ...بس معلش تعالي علي نفسك عشان خاطرها
أشارت له : يلا حط العلبه في جيبك وبعد شويه قدمها ليها
اوما سيف ليسير بضع خطوات ولكن زينه أوقفته باستدراك : سيف
التفت إلي والدته لتقول : ده حلق يا حبيبي وانت اللي جبته من ** اوعي تتلخبط
ضحك سيف وغمز لها : شكرا يا زوزو
ابتسمت زينه بسعاده واتجهت الي الداخل لتلحق بها جوري : ماله سيف يامامي
هزت زينه راسها : ابدا يا حبيتي ...اخبرتها بما حدث لتبتسم جوري إلي والدتها : انتي جميله اوي يا مامي ...احلي ام في الدنيا
ربتت زينه علي كتفها : انتوا اللي احلي ولاد في الدنيا ....سيبك من سيف وتينا و تعالي قوليلي اخبارك ايه مع مراد ؟
تنهدت جوري بابتسامه قائله : الحمد لله كويسين
ربتت زينه علي كتفها : يارب دايما
ترددت جوري بخجل وهي تعض علي شفتيها قبل أن تتجه لتقف بجوار والدتها التي كانت تشرف علي تلك الكعكه التي طلبتها خصيصا بصورة سيف وتينا : مامي كنت عاوزة اسأل حضرتك علي حاجه
أومات زينه سريعا : طبعا يا حبيتي
قالت منيره باعتذار : اسفه يا مدام اني قطعت كلامك ....بس كنت عاوزة أسألك نبدا دلوقتي
نظرت زينه إلي جوري قائله : ثواني بس يا منيرة
أومات منيرة لتقول جوري سريعا : لا يا مامي خلاص خلينا نبدا وانا هبقي اتكلم معاكي بعدين
......
.........
بكت عزه برعب وهي تركض خلف خطوات ايهم الذي جذب يد غرام بقوة واتجه بها الي الباب : سامحني يا ايهم باشا ابوس ايدك
انحنت أمامه تحاول الامساك بيده ولكن ايهم دفعها بعيدا عنه هاتفا بغضب شديد متوعدا : بقي انتي تضحكي عليا انا ....ده انتي هتشوفي ايام سوده ياعزه
هزت عزه راسها ببكاء شديد وحاولت مره اخري أن تقبل يداه : ابوس ايدك يا باشا ده انا خدامتك طول عمري ....غلطه ومش هتتكرر
نظر لها ايهم بغضب حارق بينما تلك الغلطه التي تتحدث عنها دمرت الكثير ليدفعها بعيدا عنه باشمئزاز ثم يفتح الباب ويدفع غرام للخارج أمامه ويصفق الباب خلفه ....بكلتا يديها اخذت غرام تمسح وجهها من تلك الدموع الغزيرة التي انهمرت من عيونها وتحاول أن توقف شهقاتها بينما تسير بخطوات متعثره خلفه دون أن تسأل أو تقول شيء فصمته مخيف ....استمع لكل ما حدث منها ومن فيفي التي خشيت علي والدتها أن استمرت علي كذبها أن تثير استفزازه لذا أقرت بالحقيقه التي لم تغير من شيء ....فهي مازالت من ألقت بنفسها بطريق امرأه كعزه وسمحت لها بالتلاعب بها !
......
.........
اتسعت ابتسامه تينا المتفاجأه حينما دخلت منيره تحمل تلك الكعكه وتضعها امامها لتلتفت الي سيف الجالس بجوارها ليحيط كتفها بذراعه ويقول بحب : كل سنه واحنا مع بعض يا حبيبه قلبي ....أخرج من جيبه الهديه وقدمها لها لتزداد ابتسامتها بينما يقبل وجنتيها
اتسعت ابتسامه الجميع ليطلق عمر صفيرا شقيا : اهو الراجل طلع فاكر يا ظالمه
ضحك الجميع ليقول عاصم : كل سنه وانتوا طيبين يا حبيتي
: وحضرتك طيب يا اونكل
أحاط مراد كتف جوري بذراعه وقال هو الآخر : كل سنه وانتوا طيبين ودايما مع بعض
: وانت طيب يا مراد
عم جو السعاده البيت وخاصه مع مشاكسه عمر لشهد بينما يقول لها بتنمر : ما انتي عارفه مش بحب الشيكولاته غيري الطبق
لوت شهد شفتيها قائله : مفيش غيرها
رفع حاجبه لتتابع شهد وهي تشير للكعكه : ايه مش شايف انها كلها شيكولاته ...كنت بخترع انا عشان اغيرهالك
زمجر عمر بغيظ : يابت هقوم اخنقك بلسانك الطويل ده ....شوفي ليا حاجه حلوة تانيه أكلها
هتفت شهد به بتوبيخ : ما تاكل زي الباقي ما بياكلوا شيكولاته وخلاص ولا لازم تتأمر ....غيرك مش لاقي الشيكولاته اللي بتتبطر عليها
لم تكتفي لتلتفت الي عاصم الذي كان يتابع ما يحدث ضاحكا : الحق عليك انك دلعته
كادت زينه تختنق بلقمتها من ما نطقت به شهد التي قالت كلمتها وركضت سريعا من أمام عمر الذي كاد يخنقها بينما نظرت زينه إلي رد فعل عاصم علي ما نطقت به الفتاه ليهز راسه ببساطه وينظر الي عمر : البت عندها حق والله
زمجر عمر بغيظ : ده انا هخنقها بس الناس تمشي
حذره عاصم بمرح : لو جيت جنبها انا اللي هخنقك
عادت شهد بعد لحظات تتطلع الي عمر بتوجس قبل أن تشير له بأحد الاطباق : خد جبتلك تشيز كيك لقيته في التلاجه
رفع عمر حاجبه : اسمها خد برضه
لوت شهد شفتيها وقالت من بين أسنانها : اتفضل
أخذ عمر الطبق من يدها وهتف هو الآخر من بين أسنانه : متشكر
ضحك الجميع ليلاحظ مراد بعد قليل ذلك الحديث الطويل الذي أخذ جوري وتينا وحدهم بينما جلسوا بأحد الأركان ....تجاذب قليلا أطراف الحديث مع سيف بينما عيناه كل بضع لحظات تتطلع الي جوري وتينا وهو يسأل نفسه عما يتحدثون طوال هذا الوقت ...!
فضول ولكن فضول له مغزي زاد بداخله من آثاره حينما وجد جوري تتبع تينا ويصعدون للاعلي ...!
.....
.......
لم تجروء غرام علي نطق كلمه طوال الطريق بينما كانت قبضه ايهم علي مقود السيارة تخبرها بمقدار الغضب الذي يشعر به ....لقد عرف الحقيقه الان إذن ماذا ينتوي ؟!
تنهدت بارتياح بينما ظنت أن معرفته الحقيقه بيض صفحتها ولكنها لم تدرك أن معرفه تلك الحقيقه من عدمها لا تغير شيء من خطأها .... !
......
.........
سحبت جوري نفس عميق تحاول أن تهديء من حماسها وهي تسير في الرواق وبيدها تلك العلبه التي اعطتها لها تينا ....ضيق مراد عيناه وهو يصعد الدرج فيراها تمسك بشيء بيدها ..!
كيف سيكون رد فعله ....مؤكد سعادته ستكون غير عاديه ...قلبها يقفز من موضعه منذ الآن وهي تتخيل معرفته بهذا الخبر .....تريد أن تغادر الان الي منزلهم وتجري الاختبار لتتأكد صحه ظنونها وتخبر مراد .....مراد ! شهقت بفزع حينما ظهر مراد امامها فجاه
وكادت تصطدم به لتخفي يدها خلف ظهرها سريعا بحركه طفوليه بينما لا تريده أن يعرف الآن ....تريد أن
تفاجأه
عقد مراد حاجبيه وعصفت الظنون برأسه حينما وجدها تخفي يدها خلف ظهرها ليقول بتأهب : مخبيه ايه ؟!
هزت كتفها وقالت بتعلثم : ولا حاجه
أشارت له وقالت بنبره هادئه تخفي بها حماسها : يلا ننزل عشان نروح ايه رايك
هز مراد رأسه وقال باصرار حاد : مخبيه ايه عني ؟
قالت جوري بابتسامه لطيفه : هقولك بعدين !
تفاجات بنظراته تحتد بقوة بينما يعقد حاجبيه وهو يهتف بها : قولي دلوقتي
بقليل من القوة جذب مراد يد جوري من خلف ظهرها يضغط علي قبضتها ليري ما تخفيه بها ودون أن يفكر كان يندفع باتهامه: طبعا رجعتي تاخدي الحبوب من ورايا ...!
سرعان ما كانت تنصدم نظراته وهو يري اختبار الحمل في يدها !
وبنفس صدمته كانت تنصدم ملامح جوري مما نطق به !
.........
...........
لا تدرك جوري كيف استطاعت أن تتحكم في نفسها وتبقي واقفه أمامه تلك اللحظه بينما كل ما إرادته أن تصرخ به تخرج كل الغضب الذي تولد بداخلها من اتهامه وطباعه التي لم تتغير ولو انش .... سرعان ما حكم عليها دون تفكير !
ابتلع مراد ببطء ونقل نظراته بين يديها التي مازالت تقبض علي علبه اختبار الحمل وبين ملامح وجهها التي نفرت بكل هذا الغضب ليحاول أن يتحدث باستدراك
: جوري ...انا ..انا !
زمت جوري شفتيها بقوة تحاول السيطرة علي نفسها بينما رؤيه عائلتها بتلك السعاده اليوم صعبت عليها أن تكون سبب في تعكير صفوهم لتتخذ قرارها سريعا بالصمت ولكن صمتها تلك المره ليس حتما ككل مره ...!
اسرع مراد يحاول اللحاق بها حينما استدارت تجاه الدرج : جوري !
ما أن لمست يداه ذراعها حتي دفعت يداه بعيدا عنها وزمجرت بغضب شديد من بين اسنانها حتي لا يسمعها أحد : اياك تقرب مني !
ابعد مراد يداه وحاول أن يتحدث بهدوء معترفا سريعا بخطأه : جوري انا اسف انا فكرت .... قاطعته جوري بعصبية شديده بينما مازالت متمسكه بخفوت نبرتها : انت تسكت خالص .!
خطأ كبير واندفاع اكبر لايعرف ماذا ستكون عواقبه التي ظل يفكر بها طوال طريق عودتهم بعد أن أتقنت جوري اخفاء كل ما حدث وهي تودع عائلتها ...نظر إليها بطرف عيناه بينما بقيت صامته طوال طريق عودتهم الي منزلهم ..أنها غاضبه منه بالتأكيد ولكنها عادت معه الي المنزل إذن هناك فرصه لأن يعتذر عن خطأه الغير مقصود ...!
............
....
بعد انصراف الجميع اتجه سيف بخطوات غاضبه تجاه عمر ليسحبه من ذراعه وياخذه للخارج ..سألهم عمر بدهشه : في ايه ياسيف ؟!
دفعه سيف ليجلس في أحد المقاعد بالحديقه قبل أن يلتفت حوله ويتاكد من عدم وجود أحد ثم بحنق شديد كان يوبخه : ماشاء الله قاعد تطفح وتضحك ولا كأنك عامل مصيبه ...!
ها فكرت هتعمل ايه ؟!
نظر عمر الي سيف الذي انفلت لسانه بالغضب : عمررر
رد عليا قررت هتعمل ايه ولا عاوز ابوك يروح فيها فعلا بعد ما يعرف وانت كل ده راسم عليه انك اتغيرت
حاول أن يسيطر علي غضبه بينما رؤيه سعاده عائلتهم اليوم جعلت الخوف بداخله يزداد من عواقب فعله أخيه حينما يعرف أبيه الذي وكأنه الان يحلق بعنان السماء وستكون وقع سقطته علي الأرض ضاريه !
لينظر الي أخيه بترقب للحظات قبل أن يومئ عمر قائلا بهدوء : اه قررت
نظر سيف بترقب الي قرار أخيه الذي نطق به بهدوء شديد اقرب الي البرود : هصلح كل اللي عملته
اكتفي سيف بهز رأسه بينما هاهو سيعترف لابيه ليتفاجيء به يختم جملته بتلك الكلمات : انا هطلق وسيله !
ضيق سيف عيناه يحاول استيعاب ما نطق به عمر ليهز رأسه فهو لا يريد استيعاب الكلمات قدر استيعاب ذلك البرود الذي يتحدث به ليميل برأسه تجاه أخيه يتطلع الي وجهه مطولا وهو يتساءل عن ماهيه هذا الكائن الحي الذي لا يجد له حقا وصف .... شاب مستهتر بارد المشاعر مندفع بلا تفكير مغرور يضاهي الطاووس الذي ينخدع بجمال الوان ريشه...!
نظر عمر الي نظرات أخيه إليه : سيف ...انت سمعت انا قولت ايه !
لايعرف سيف كيف تحولت كل البراكين التي تغلي بعروقه بلحظه الي جليد وهو يهز رأسه قائلا ببرود وهدوء مريب : سمعت
اوما عمر له وبمنتهي الهدوء كان يسأله : طيب ايه رايك ؟!
نظر له سيف مجددا للحظات قبل أن يهز رأسه وتتهادي نظرات الاستهجان والاستنكار الي عيناه وهو يقول : عاوز رأيي !!
اوما عمر : طبعا امال بسألك ليه ؟!
مجددا عاد سيف يتطلع الي أخيه بهذا الهدوء المريب قبل أن ينتفض عمر من مكانه حينما تحولت نظرات سيف الي بركان انفجر واطاح بالطاوله الموضوعه أمامهم بركله قويه من قدمه صارخا بأخيه : امشي من قدامي بدل ما اصور قتيل .....نظر له عمر بدهشه وهو يتفادي الطاوله ليقوم سيل من مكانه ويدفعه بصدره : بقولك امشي من قدامي ...غووور من وشي يا بجح .....امشي يا حيوان ...غووور
ظل عمر واقف مكانه يتطلع الي غضب أخيه بتلك الطريقه بدهشه زادت من غليان الدماء بعروق سيف الذي اندفع إليه يهاجمه بتوبيخ : انت بارد يا اخي ..... انت مش بتحس ولا عندك دم .....انت مفيش مره تفكر فيها في غيرك
قال عمر بدفاع عن نفسه : وقراري ده مش معناه اني بفكر في ابوك
زجره سيف بغضب بالغ : معناه أنك بتفكر في صورتك قدام ابوك مش في ابوك نفسه .....نظر له بغضب قبل أن يدفعه من أمامه : امشي من وشي ...روح طلق ...ولا اتجوز ولا اعمل اللي انت عاوزه انا ماليش دعوة بيك تاني ....!
.......
..........
بكلمات مقتصبه كان ايهم يقول وهو يوقف سيارته اسفل منزله ويلتفت مشيرا إليها : اوعي تفكري أن في حاجه اتغيرت .... في الاول والاخر انتي اللي فرطتي في نفسك واي حاجه عملتها اوعي تفسريها تفسير غير الكلام اللي قولته !
........
فتح ايهم باب المنزل الذي يعمه الهدوء بينما ابنتاه بالخارج ليشير الي غرام باقتضاب : روحي اغسلي وشك
أومات دون جدال ليتجه ايهم الي غرفه ابنته الكبري ويلتقط بعض ملابسها ثم يخرج الي غرام التي بقيت واقفه مكانها ....لاتعرف ما القادم ولا تجروء علي السؤال
اعطاها الملابس وأشار لها بحزم : ادخلي الاوضه دي ومتخرجيش منها
......
..........
تمهل مراد وهو يوقف سيارته بمكانها ليعطي لجوري بضع دقائق لتسبقه الي الأعلي لعلها تهديء قليلا وتسمح له أن يتحدث معها ...انتوي أن يتقبل غضبها فهو جرحها باتهامه لذا سحب نفس عميق وهو يدخل الي المنزل ويغلق الباب خلفه .....اتجه الي الغرفه ليعقد حاجبيه ما أن دخل ورأي جوري تسحب ملابسه من الخزانه وتلقيها أرضا ....التفتت له ما أن دخل بعيون متسائله ولم تدعه يسأل لتصيح به بعصبيه شديده لأول مره يراها بها : ااامشييي ....امشي مش عاوزة اشوفك ....اطلع برااا...خد هدومك وامشي من البيت
وقف للحظه غير مستوعب انفعالها بتلك الطريقه ليجدها تندفع إليه وتدفعه بصدره : بقولك امشي واقف ليه ....امشييي وأخرج من حياتي
عكس ما توقع من نفسه لم يغضب أو يثور بل امسك بيدها برفق يوقفها عن دفعه : اهدي يا جوري
هزت راسها وسحبت يدها بحنق من يداه : مش ههدي ..انت بني آدم متتعاشرش وانا مش هعيش معاك تاني .....نظرت له بغضب شديد وهتفت به بحزم : اطلع برا بيتي !
.....
.........
جلس ايهم في غرفته يكور قبضته والتفكير بما سيفعله واضح علي كل ملامحه المقتضبه حتي أنه لم يسمع رنين جرس الباب لتندفع حلا سريعا من غرفتها بعد أن عادت قبل لحظات هي واختها لتفتح
: ازيك يا سعيد
قال سعيد : الحمد لله يا انسه حلا ....ايهم باشا موجود
أومات له ليقول : طيب بلغيه أن ام حسن الشغاله وصلت وعندي تحت ...اخليها تطلع
أومات حلا وعقدت حاجبيها بعدم فهم لتشير له طيب ثواني
اتجهت الي ابيها الذي قام الي سعيد قائلا : شويه وخليها تطلع
اغلق الباب والتفت الي ابنته التي كان السؤال واضح بعيونها : حضرتك هتمشي غرام ؟!.
سحب ايهم نفس عميق قبل أن يقول : غرام مش شغاله
عقدت حلا حاجبيها بعدم فهم : امال دي مين ؟!
........
...
بخطوات بطيئه اتجهت وسيله لتفتح الباب ... ضغط عمر علي الجرس مره اخري وهو يتمسك بقناعه الجليدي ...جاء في مهمه محدده سينهيها في اسرع وقت ويغادر بعد أن يغلق تلك الصفحه للابد
وقفت وسيله مكانها للحظه بعد أن فتحت الباب بينما لم تتوقع رؤيته ...خانتها شفتيها لتنطق باسمه: عمر
التقت عيناه بعيونها التي خانتها هي الأخري وافاضت له باشتياقها البالغ له ليشعر للحظه بشعور مقيت تجاه نفسه بينما تقابله بمثل تلك النظرات دون أن تدرك ما يخفيه لها ....!
اناني ذو مشاعر بارده حد الصقيع الذي عليها أن تجرب لسعته ...انفرجت شفتاه ببطء ليشعر ليس وكأنه سينطق بكلمه بل وكأنه يخرج خنجر ببطء وبمنتهي الخسه والغدر سيغرسه بقلبها !
تعلقت عيناه بعيونها التي توطن بداخلها الحزن للحظه قبل أن ينفلت لسانه بسؤال تأخر كثيرا : عامله ايه ؟!
نظرت وسيله له مطولا قبل أن ترتسم ابتسامه ساخره علي طرف شفتيها وهي تردد سؤاله : عامله ايه ؟!
نظر لها والي سخريتها التي تحولت إلي
غضب شديد توهج بعيونها وهي تقول بانفعال : عامله ايه ....جاي دلوقتي تسألني انا عامله ايه ..قبل أن يستوعب ارتباكه أمام غضبها كانت تدفعه خارج الباب وتصفقه بوجهه !