رواية حوار مع زعفرانة الفصل الثانى بقلم محمد عبد الرحمن شحاتة
_ازيك يا زعفرانة.
=كويسة.. إيه اللي جايبه في إيدك ده؟
_دي أوراق.. على شان ورانا شغل كتير نكتبه.
=يعني كنت مسافر في شغل وراجع شايل في إيدك رُزمة ورق على شان الكتابة، مفكرتش تجيب شوية بخور من اللي بحبه؛ لبان دكر ولا جاوي أو مستكة، صحيح؛ يا ما جاب الغراب لأمه.
_جاب لها التِّعبان بِـ سُمُّه؛ قالبة وشك ليه يا زعفرانة، ده بدل ما تقولي حمد الله على سلامتك.
=وهو أنت شوفتني نطقت، ما أنا لساني في بوقي أهو، ده مجرد مثل بيتقال في العالم بتاعكم.
_ أنتي حفظتي الأمثال بتاعتنا كمان، مش عارف أنتي جاية هنا تشتغلي؛ ولا تحفظي الأمثال اللي بتتقال عندنا.
=من عاشر القوم؛ وأنت ساكن في منطقة ما يعلم بيها إلا ربنا، وطول ما أنت غايب وأنا بسمع الناس بتتكلم في الشارع وبتقول أمثال على كيف كيفك.
_حلوة اللهجة دي؛ وكمان اتعلمتي لهجة الناس في المنطقة.
=ما قولت لك؛ من عاشر القوم؛ والكلام اللي بيتقال في الشارع بيرن في ودني ليل نهار.
_وأنتي ودانك جايبة كلام الناس اللي في الشارع وإحنا في الدور السابع؟
=خمسة وخميسة أنت هتقُر ولا إيه؟
_أقُر إيه بس يا زعفرانة وأنتي بيأثر فيكي حاجة.
=هتفضل غلباوي؛ من وقت ما ظهرت في حياتك وأنت كده، لو بس تسيبك من الأشباح الفالصو اللي بتكتب عنها وتسمع كلامي.
_أسمع كلامك في إيه؟
=تكتب حكاياتي؛ أنا لفّيت المنطقة وأنت غايب وعرفت حكايات ياما.
_برضه خرجتي من ورايا وأنا غايب يا زعفرانة ومسمعتيش الكلام؛ صدق اللي قال جنس نمرود.
=الحق عليا إن قلبي على مصلحتك، خرجت ولفيت ورجعت لك بشوية قصص إنما إيه؛ يستاهلوا يتكتبوا في الورق اللي أنت جايبه معاك ده.
_يعني على آخر الزمن هتخلّى عن مشروعي الأدبي وأكتب حكاياتك يا زعفرانة.
=وليه تتخلّى يا خويا؛ ما تمسك العصاية من النُص؛ خليني جزء من مشروعك الأدبي اللي بتقول عليه ده، ولا أنا مشبِهش يعني.
_تصدقي فكرة يا زعفرانة، أنا ممكن أعمل من حكاياتك شوية قصص على كيفك، والمتابعين عندي هيحبوها، أصل مش عارف بيحبوكي على إيه.
=ما أنا أتحب برضه ولا أنت إيه رأيك.
_اقفي على بعضك يا زعفرانة، وبعدين مين اللي هيحبك بديلك ده.
=ماله ديلي؛ معروفة إن العفاريت عندها ديل، وأنا عفريتة.
_صح أنتي عفريتة، يعني أنثى، والأنثى في عالمنا عورة ما عدا الوجه والكفين، يعني تلمّي ديلك ده ومش عايز أشوفه تاني، وأمشي انجرّي يلا على المطبخ اعملي شاي لأني مصدّع جدًا؛ وبقول لِك إيه، بلاش تنفخي في الشاي لأني شوفتك المرة اللي فاتت وأنت بتعملي كده بس مرضتش أتكلم، هو أنتي بتسحريلي في الشاي يا زعفرانة؟
=وأنت تظن فيا كده برضه؟
_أومال كنتي بتنفخي في الشاي ليه؟
=على شان يبرد طبعًا.
_هتشتغليني يا زعفرانة؟ يعني بوقّك اللي بيطلع نار ده هيبرّد الشاي؟ عمومًا حسابي معاكي بعدين لما أفضى، بالحق؛ لسه عايزة أجازة؟
=أجازة إيه برُزمة الورق اللي أنت جايبها للقصص دي، ده أنت هتهِد حيلي.
_وهقطع لِك ديلك كمان لو مشتغلتيش مظبوط على شان ننجز الشغل اللي ورانا.
=يعني خلاص نويت تكتب حكاياتي؟
_نويت يا زعفرانة، بس عايز قصص من اللي قلبك يحبهم، وإلا أنتي عارفة هعمل فيكي إيه، هخليكي ترجعي البِركة المعفنة تاني.
=وعلى إيه يا خويا قلبك أبيض.
_اتفقنا يا زعفرانة، بالحق مش عايزة بخور زي ما كنتي بتقولي وأنا راجع؟
=بخور إيه ده كفاية رجوعك بالسلامة.
_عفريتة تخاف متختشيش صحيح.
***