رواية زواج بلا قلب الفصل السادس والثلاثون
عند القصر – لحظة وصول آدم وليلى
(السيارة السوداء تدخل من البوابة الكبيرة للقصر، أصوات العصافير متداخلة مع حفيف أوراق الشجر. ليلى تنظر حوالينها بشغف وحنين، أما آدم فوشه هادي لكن عينيه بتلمع من التفكير. السيارة توقف قدام المدخل، وينزلوا سوا.)
(ثلاث خادمات – ندى، رقية، ومروى – يقفوا صف واحد بابتسامة عريضة، يمدوا إيديهم احترامًا.)
ندى (بحماس):
الحمد لله على السلامة يا ست ليلى… نورتِ البيت.
رقية (تبتسم وهي تنحني):
والله القصر ليه روح تانية لما تدخليه.
مروى (تضحك بخفة):
إحنا كنا مستنينكم من بدري.
ليلى (تضحك بخجل، وتشد طرحتها):
الله يسلمكم يا بنات… والله وحشتوني.
آدم (بنبرة رسمية):
جهزوا جناح الضيوف بسرعة، وخلي الأوضة كلها متوضبة.
ندى:
تمام يا باشا… حاضر.
(ليلى تلتفت فجأة وكأنها افتكرت حاجة مهمة.)
ليلى (بحماس):
على فكرة… كلبِي "روكي" عامل إيه؟ كويس؟
رقية (تضحك):
روكي؟! ده مولع الدنيا… كل يوم عايز يلعب، ما بيهدأش غير لما نخرجه الجنينة.
ليلى (تتنفس بارتياح):
الحمد لله… أنا طالعة ألعب معاه دلوقتي.
(تركض ليلى بخفة على الدرج المؤدي للحديقة الداخلية، صوتها يتلاشى وهي تنادي: "روكييي!")
(آدم يبقى واقف، يدخل فادي – المساعد الشخصي – يحمل ملف أسود وأوراق في يده.)
فادي (بجدية):
باشا… لازم أبلغ حضرتك بآخر المستجدات.
آدم (بهدوء قاتل):
قول.
فادي:
الحاجة سمية اجتمعت مع مجلس الإدارة إمبارح، وحاولت تدفعهم لقرار عزلك من منصب المدير التنفيذي. استخدمت حجة إنك بتصرف أموال الشركة في مشاريع "غير مضمونة"، وقالت إن ده خطر على الأرباح.
آدم (بيرفع حاجبه بس، نبرة صوته ما بتتغيرش):
وكمل.
فادي:
اتنين من أعضاء المجلس وقفوا معاها… لكن الباقيين لسه مترددين. حاولوا يستنوا يشوفوا رد فعل حضرتك.
آدم:
وإنت عملت إيه؟
فادي:
أنا وزعت تقارير الأرباح الأخيرة، واللي بتثبت إن قراراتك رفعت قيمة الأسهم بنسبة ١٢٪. ده خلاهم يشكّوا في نواياها.
آدم (ببرود وهو يمسك الملف):
كويس… سيبهم يتسلوا شوية.
فادي (مستغرب):
باشا… حضرتك مش قلقان؟
آدم (بنبرة متجمدة):
أنا ما بخافش من لعبة اتعلمتها من بدري. خليهم يتحركوا زي ما يحبوا… بالنهاية اللي بيوقع غيره هو اللي بيطيح.
(يصمت فادي، يبلع ريقه… ثم يومئ برأسه وينسحب.)
(آدم يظل واقف مكانه، ملامحه جامدة لكن في عينيه نار هادية مخبأة.
🍒🍒🍒🍒🍒🍒🍒🍒
عند أسية – محل الذهب
(أسية تدخل محل ذهب صغير في السوق. الرفوف مليانة عقود وخواتم، واللمعان يضرب عينيها. البائع، رجل في منتصف العمر، يبتسم لها.)
البائع:
أهلاً مدام أسية … تحت أمرك.
أسية (تمد الكيس الأحمر على الطاولة):
عايزة أبيع دول.
(البائع يفتح الكيس، يقلب القطع وحدة وحدة، يحطها على الميزان. يكتب رقم على الآلة الحاسبة.)
البائع:
هيدّولك حوالي 100 ألف كذا.
أسية (تندهش):
إيه؟! ده قليل جدًا! الذهب ده غالي… وأنا متأكدة إنه يساوي أكتر من كده.
البائع (يهز كتفه):
للأسف… القطع دي قديمة، والتصميم بتاعها ما بيتمشناه دلوقتي. غير كده، العيار واطي مش 21كله، في قطع 17. السوق اليومين دول نازل.
أسية (بتغلي من جوة):
يعني بتضحك عليا؟
البائع (ببرود):
أنا ما بضحكش… ده سعر السوق، اسألي أي محل تاني.
(بعد تردد، توافق، تمد يدها تاخد النقود، ووشها فيه مزيج من الغضب والانكسار.)
🍒🍒🍒🍒🍒🍒🍒🍒
(تخرج من المحل، تمسك تليفونها، ).
أسية: يا ربّي أعمل إيه دلوقتي؟ معايا بس مية ألف، وأنا محتاجة متين ألف.
(تفكر وهي ماسكة راسها)
أسية: أيوه… هكلم ماهر، أكيد هيساعدني.
(تتصل على ماهر)
أسية: ألو… إزيك يا أخويا أنا…
ماهر (من الطرف التاني، صوته تعبان): أسية… أنا في نص اجتماع مهم، ينفع نأجل الكلام شوية؟
أسية (بإصرار): بس محتاجاك في موضوع ضروري أوي…
ماهر (يحاول يتهرب): خلاص، هكلمك بالليل. مع السلامة.
(الخط يتقفل. أسية تعض شفايفها وتتنهد بغيظ.)
أسية: بس أنا محتاجاك دلوقتي… إنت خويا، ولازم تساعدني.
(تفكر مرة تانية)
أسية: آدم؟… لأ مستحيل يوافق، أنا وهو مش قريبين كده. بس… لازم أجرب.
(تتصل برقم آدم. آدم يشوف المكالمة باستغراب.)
آدم: خير… إيه اللي حصل؟ هي أسية بتتصل عليا ليه؟
(يرد)
آدم: ألو.
أسية: ألو، آدم.
آدم: إيه يا أسية؟ في إيه؟
أسية: لا لا، كله تمام… بس محتاجاك في موضوع مهم.
آدم: خير، حصل إيه معاكِ؟
أسية: أنا… عايزة أطلب منك حاجة.
آدم: عايزة إيه؟
أسية: عايزة أشتري حاجة… بس ماما رفضت تديني فلوس.
آدم (يتنهد): ده بس؟ خوفتيني على الفاضي… طب إيه الحاجة دي؟
أسية (بتتلخبط): حاجة… نسائية يعني… مش فارقة معاك.
(آدم يسكت لحظات، وبعدين يتنهد.)
آدم: طيب… محتاجة كام؟
أسية (تتنفس بارتياح): مش كتير، بس متين ألف.
آدم (مندهش): إيه! متأكدة إن دي بس "حاجة نسائية"؟
أسية: أيوه يا أخويا… دي غالية وكل البنات بيحبوها.
آدم (يفكر): كل البنات؟
أسية: أيوه.
آدم: تمام… أنا هبعتلك ربعمية ألف.
أسية (مصدومة): بجد! المبلغ ده كله ليا؟
آدم: لأ طبعًا.
أسية (تتنهد): كنت عارفة… طب لمين الميتين ألف التانية؟
آدم: لليلى.
أسية (بتعترض بسرعة): لأ، مش هينفع!
آدم: ليه مش هينفع؟
أسية (تتدارك الموقف): لأ قصدي… آه، هشتري لليلى كمان.
آدم: تمام، كويس. أنا هبعتلك الفلوس، وبعد كده تديني الهدية.
أسية: ماشي
🍒🍒🍒🍒🍒🍒🍒🍒
🎀 مشهد جديد :
(مطعم صغير، ريحة الشاورما والفلافل مالية الجو. صديقة ليلى، سارة، واقفة وراء الكاونتر، شعرها ملموم بتعب، وتحاول ترد على زبون. بعدها تمسك تليفونها وتدوس على رقم ليلى.)
سارة (بتهمس):
يلا يا ليلى… ردي بقى.
(يظهر على الشاشة "لا يوجد رد". سارة تتنهد بقلق، تضغط مرة تانية، لكن نفس النتيجة.)
سارة (تكلم نفسها):
غريبة… ليه ما بتردش؟! يا رب يكون خير.
(تحط التليفون جنبها، لكن ملامحها مليانة خوف، وقلبها قلقان إنها تكون حصلها حاجة مش كويسة.)