رواية أسير العشق الفصل السادس والثلاثون بقلم نور الهادي
وقبل ما يفلِت، آدم اندفع عليه زي الفهد، قفز فوق العربية، وواجهه وجهًا لوجه، نزل بقبضته على الزجاج فتكسر، ضرب ضربة أقوى ومد إيده، سحب السواق من عنقه بقوة لحد ما راسه خرجت لبرا، ووقف مصدوم من الوجه اللي قدامه… والجروح اللي نازلة منه بسبب الشظايا.
كان شخص بملابس ضابط، آدم افتكر إنه متنكر، لكن لقى اسمه مكتوب على القميص:
– نقيب؟!
الراجل بصله بغضب وقال: – غببى!
آدم شد نظره عليه، لقى بيحاول يطلع سلاحه… لكن قبل ما يرفعه، آدم خطفه من عنقه ورماه على الأرض، مبقاش محتمي بالعربية.
الضابط وقع وهو بيتألم من ضهره، رفع عينه لقى آدم واقف فوقه، بيبصله بنظرات نار:
– كان قصدك؟
سكت. آدم قرب أكتر وقال له:– في حد خلاك تعمل كده؟
ضحك التاني وقال:– أنا محدش بيأمرني… عملت إيه يعني؟ كنت هدوس ناس، عادي!
آدم وقف صامت، لكنه شَم ريحة منه… ريحة خمور. مسكه من تاني وقال:
– حياتهم مش فارقة عندك؟
– لا… وبعدين إيه لازمة جو الأكشن ده؟
آدم صوته نزل وهو بيبصله بغضب:
– كانوا هيروحوا ضحية.
الضابط ما ردش، بيبصله بتحدي.آدم شدّه أكتر وقال:
– شايف إيد مين ماسكك؟
– لا تهددني…
آدم بصله بعين حديد وقال– اللي عملته… هيدفعك تمن غالي.
ضحك وقاله- ولا حاجه الى بتعمله ده هو الى غلط يلا وامشي وانا هنسي طل الى حصل
بينزل ببوكس على وشه اتصدم التانى من جرا.ته وقال بغضب- إنت بتمد إيدك عليهاا دنا هبيت امك ف الحجز النهارده
نزل ببوكس أقوى جرح بقه وقال بش.ر - الحجز ده الى هتبيت فى النهارده واوعدك انى ههتم بيك متاخدش اقل من ٢٠سنه س.جن
نزر إليه من كلامه الى بيقوله بكل جديه وعدم جوف منه عكس اى مواطن عادى قال
-متقولش كلام انت مش قده
مسكه آدم من هدومه وقاله- انا افعال بس، وقبل ما تتسلم ف حق منى انا ليك
نظر إليه بيمسح الد.م من على وشه وقال- حق اى
-كنت دايس بنزين فى الشما.ل ولا اليمين
بصله من سؤاله الغريب
في حضور الشرطة، اللي بدأت تاخد الراجل اللي متدمر من الضرب، قال آدم ببرود:
– اطلبوا الإسعاف قبل ما يتنقل القسم.
النقيب الممدد على الأرض بص لهم بضعف وهو بيكح والدم نازل من فمه:
– انتو… اتجننتوا يا كلاب؟! أنا… نقيب…
أسير وزياد كانوا واقفين جنب آدم، عينيهم متعلقة بالمنظر… والشرطة بترفع النقيب اللي رجله الشمال مشوهة، مش قادر يقف عليها.
الظابط اللي ماسك المحضر التفت لآدم وسأله:
– مين اللي عمل فيه كده؟
آدم رد بهدوء تام:
– أنا.
الكل بصله من صراحته اللي مافيهاش أي خوف.
الظابط قال:
– أظن إنك بلّغتنا، وإحنا هنتصرف.
آدم:– بلغتكم بعد ما رفع سلاحه عليّ.
الظابط سكت لحظة وبصله بشك، وقال:
– ممكن بطاقتك.
آدم:
– البطاقة ما جددتهاش للأسف.
– عندك أي حاجة للتعريف؟
آدم تنهد، طلع من محفظته هوية خاصة بيه من روسيا، ومعاها باسبور، ودهاله.
الظابط مسح جبينه وهو بيبص في الهوية، وبعدين رفع عينه وقال باحترام:
– المسلم…
آدم أومأ إيجابًا.
الظابط تنفس بارتياح وقال:
– تمام يا آدم بيه… أنا بعتذر جدًا ليك.
بيرجعله كنيته من تانى ولهجته بقا فيها احترام مبالغ الظابط: "هنشوف الإجراءات اللازمة… وهو هيتحاسب قانونيًا على اللي عملهتهوره."
آدم : "تهوره؟! ده مش تهور… دي جريمة قتل."
الظابط حاول يهدّي الموقف وردد وراه وقال: "تمام… تعتبر محاولة قتل، وأنا بعتذر لحضرتك مرة تانية ولعيلتك."
النقيب، رغم ضعفه وإصابته، كان بيبص لآدم بنظرات كلها كره ووعيد، لكن الظابط شدّه غصب عنه، وركبوا عربيته وخرجوا بيه.
أسير بصت حوالينها وقالت بقلق: "إيه اللي حصل ده؟!"
آدم التفت ليها بسرعة: "انتي كويسة؟ حصلك حاجة؟"
أسير هزّت راسها: "احنا بخير."
زياد أشار بخوف: "د…م."
بصت أسير لابنها، وبعدين لمحت إيد آدم اللي مليانة جروح وبتنزف: "إيه اللي عملته في إيدك؟!"
آدم بابتسامة صغيرة: "حاجة بسيطة."
أسير: "لا… لازم تشوفها يا آدم، في إزاز داخل في جلدك."
آدم: "هوصلكم الأول… وبعدها أدخل أي صيدلية."
بصّت له بعتاب: "ليه رحت معاه؟ كان ممكن يكون خطر."
آدم: "كان هيفيدني إيه الخطر… لو حصلك إنتِ حاجة؟"
سكتت، وضمّت ابنها ليها أكتر.
زياد مسك فيها بقوة كأنه بيطمن نفسه.
أسير رفعت عينيها لآدم، وقالت بصوت مكسور: "بفضلك… من بعد ربنا، احنا كويسين."
زياد-ماما عايز اروح
-حاضر يلا
ركبوا العربيه، وأسير قعدت جنب زياد وكانه ماسك فيها نصر تعقد ورا معاه بعناد طفولي.آدم بص ليهم من المراية، حس بقسو.ة اللحظة، وحرمان سنين كاملة بيقف قدامه متجسد في نظرة طفل صغير. ضغط على دواسة البنزين بهدوء، والسيارة انطلقت.
اسير نظرت الى زياد وكأنها تتأكد انه بخير ومفيش حاجه صابته لولا سرعة آدم وانه كان ريحلها وزقهم جامد كان أصابهم الأ.ذى
بيوصلو على البيت وتبص أسير لآدم الى عينه كانت عليها قالت-شكرا
ادم-معملتش حاجه
بص لزياد الى كان لافف وشه كأنه بيقوله متستناش منى اشكرك، بتاخده أسير ويدخلون البيت وعين آدم لسا عليهم بيجيله اتصال قال-الو... فين.. تمام انا جاي
فى الاوتيل آدم واصل عند اوضه الباب اتفتح وكانت كلارا الى بصيتله
ادم- مش بتردي ع تليفونك لى
-ادخل
دخل وقفلت الباب وراه بص ادم للاوضه شافها مجهزه الشنطه سفرها قال
-راحه فين
-راجع بلدى
-المفروض هترمعى معايا زي ما نزلنا سوا
-اعتقد رحلتك هتطول أكتر يا ادم، ف حاجات لازم تخلصها مع نفسك
-مشيتى لى يكلارا
-حسيت انى غير مرغوب فيا
-غير مرغوب فيكى وانا الى جايبك
-مش دى الرغبه الى انا عايزها يا آدم انت عارف كويس نفسي رغبتك فيا تكون اى
صمت بصيتله كلارا قالت- قولى يا ادم انت عمرك شوفتى كامرأه... انت اى واحده معاك ف الشغل أو غيره مش بتشوفها وانا بتعاملنى كصديقه... لو مكنتش أعرفك كنت هقول عليكى "مثلى"
نظر لها ادم من الى قالته قالت كلارا- هي واحده بس يا آدم واحده صدقت لما قولت إنها وباء فى قلبك.... يمكن غلطت غلط كبير لما اتالمت ان نهاية حبى ليك بالجواز
-انا اسف يكلارا
سطتت بصلها ادم قال- كنت فاكر نسيتها بس كنت بكدب الى نفسي
-بس كنت بتكرهها... اى الى حصل.. نسيت معاناتك فى السبع سنين كانو ازاى بسببها ولا كوابيسك عن ماضيك الى تخليك تروح لدكتور يكتبلك حبوب منومه عشان بس تعرف تنام منغير متحلم بالخيا.نه الى اتعرضتلها
- اسير مش خا.ينه يكلارا
-امال مين الى خاين انا مجبتش حاجه من عندى ده كان كلامك
-------
كانت كلارا واقفه جنب ادم وهو رامى راسه على الطاوله وسكر.ان بيساله النادل
-اجيب كأس كمان
كلارا-لا شكرا
بيمشي وكلارا بتعقد عند آدم وتقوله- مشربتش انا بسببك عشان اعرف اروحك
ادم- لى كد.بتى عليا
ابتسمت من صوته وقربت إيدها منه وهى بتلمس شعره وبتمسح بشرته قالت
-كدبت عليك ف اى
- انى هنسي لما اشرب... مقولتش هنسي إمتى بعد كام سنه
- اعتقد انك ف حاله متسترجعش ذكريات اصلا
مسكت ايده وحطتها على كتفها قالت- يلا عشان نروح
- أسير...
نظرت له ادم فهل هذا وصف ام اسم ليقول- لى طعن.تى قلبى الى حبك كده
ارتمى بجسده ليفتح اعينه قليلا وكأنه يرى طيف أسير أمامه قال- لى خو.نتينى، قصرت ف اى معاكى... كنت قوليلى إنك عايزه أطفال كنتى قولى إنك لسا بتحبيه ونطلق بس لى تيجى عليا انا كده.. ليه
بصيت كلارا لآدم قالت- اسمها أسير
-بكرهك بحجم حبى ليكى..بكرهك وبكره ضعفي
كلارا تنصت إليه وحين صمت وثقل جسده حملته هي بكامل زراعيه لا تعلم لو كانت تحب قربه لكى تعانقه لأنه لا يسمح لها بذلك، لكنها بتسمع أسير كثيرا منه
----------
بترجع كلارا للواقع قالت- نا من اول يوم شفتها وشوفت نظرتكم لبعض اول سؤال سألته ليها اسمها الصدمه لما عرفت إنها أسير... أسير نفسها حبيبتك يا آدم أسير البنت الى معلقه ف قلبك ومش سمحالى أعيش حبى معاك زى اي اتنين.... أنا استنيتك كتير اوى ويوم اما لقيتك قررت تتخطى وهنتجوز لقيتك بتحنلها هي
- مكنتش اعرف ان الموزاين هتتقلب
- السؤال هنا ازاى يا آدم... اى الى حصل لى اتغيرت ناحيتها
-عرفتى من إمتى ياكلارا
- اممم بابن إنك عرفت انى كنت عارفه من قبل محادثتنا
-لى عملتى كده قدامها
- كنت عايزه أضايقك واضايقها كنت عايزاك تعترف بلسانك وهي اعترفت بعيونها... وعرفت انى لما شفتكم مع بعض مكنتش بتوهم
-شوفتينا
-اه يومها كنت طالعه اشوفك لما عرفت إنك ف شقتك لقيتها خارجه من عندك
نظر لها ادم وصمت قالتله كلارا- مش عايز تقولى لى فجأه حنتلها
-مش هعرف اقولك يا كلارا
-لى مش هتعرف، مش من حقى مش من حق حبة وتمن السنين الى كنت معاك فيها ع امل انك بس تحبني ولو ربع حبك ليها
- الى أقدر اقولهولك انى كنت غلط، انى كنت غلطان غلط كبير اوى والرؤيه اتوضحتلى بس بعد فوات الأوان.. أنا الى غلطان مكنتش هي...أنا كنت مذ.نب فيها
سكتت كلارا وهى تنظر إلى اعينه والحزن الى فيهم قالت
-مذ.نب؟! إنت يا آدم.. انى مذ.نب الى يتعذ.ب ده كله
-انا إلى خلقت عذ.ابى ودلوقتى انا بجدده... الذ.نب المره دى كبير أسير مخا.نتنيش بلاش تقولى عليها كده... أسير طول عمرها شر.يفه انا بس الى فهمت غلط
-ودلوقتى بعد اما انت ظلمتها حبك صحى تانى
-حبى مكنش ما.ت يكلارا انا إلى كنت بتجاهله
- يبقى استمر ف تجاهله وخلينا نمشي
-مش هقدر، انتى قولتى بنفسك ان ف حاجات هخلصها
-هترجعلها
- معتقدش إننا هنرجع بس على الاقل أصلح الغلط واحسن أمورهم ولو ف امكانيتى أرجع هرجع، بش كش عارف هسيبهم ولا لا
-تمم يا آدم فهمتك
- انا اسف يكلارا مكنتش اعرف ان ده كله هيحصل
-واضح يا آدم ان كلانا اتصدم من التغيير الى حصل... ممكن أكون اتجر.حت منك ومن كلامك بس وقتها شوفت ان عبثت ف حاجه خاصه جدا ليك، أسير...لسا لحد دلوقتى مش عارفه هي اى بالنسبالك عشان تكون كده معاها بس......
نظرت له قالت- بغير منها على كل حبك الى قلبك ليها...بغير جدا منها
وقفت وقالت- اتمنى تخلص كل حاكه وترجع لان شغلك برا وعلى قالى يومين والكلاينت هيسالو عن تأخير العقود وإن مدتك ف إجازتك خلصت
- هحاول ارجع ف اليومين دول... انتى راحه الشركه
-فكرتنى هسيبها ولا اى، علاقتى بيك أقوى انى ابعد عنك يا آدم... رغم جر.حى الى انى اكتشفت انى كنت بحاول على أمل زايف، أسير ف قلبك عمرك كله مش هقدر امسحها انا
صمت من كلامها الى عارف إن قلبها مكسو.ر منه، قال
-شكرا يا كلارا كنت فاكر انى هخسرك كصديقه
-بما ان علاقتنا بقيت كلها صداقه، ممكن تحضنى
نظر لها آدم مم طلبها قالت كلارا- متكونش قاسي معايا أكتر من كده عناق كاصجاب وانى هسافر منغيرك
قربت منه وحضنته لكنه لم يبادلها قالت كلارا بحزن- هسيبك ليها
قال ادم-كلارا
بعدها عنه ابتسمت بحزن قالت- مش بقولك انت قاسي مع اى واحده الا هي...بتغير عليك اوى كده ولا انت الى عامل حاجز غيرها ميقدرش يتخطاه
- خلينا نقفل الموضوع غشان هيجيب وجع أكبر
-معاك حق، شكرا انك اهتميت وجتلى يا ادم... بس لما ترجع لازم تكون خلصت قلبك وترجعلها لان دواك معاها
-اسير رفضت
قالت بروسي- تلك النساء المدلله.. إنها احر ج.مر من قربك
-قصدك اى
-عينها وانت معاها او اكبر مثال دموعها لما شافتني قريبه منك تقول انها كمان بتحبك... لعل حبها بقا مرض وده سبب رفضها ليك
- طلبت منها أكتر من مره
-امممم هيكون ف فرصه ارجعلك يعنى
إنها كثيرة المزاح عشان تخفى حزنها قال ادم-كلارا
-هستناك انا وعلي... يومين يا آدم عشان شغلك ميتضرش
اومأ لها صافحته وآدم بادلها بصيت لايده بشده والشاش الى عليها
-اى الى عمل فيك كده
قال- حاد.ثه بسيطه
-بس..
-خليى أوصلك
-استاذ شريف طلبلى تاكسي شكرا لقلقك... أتمنى تريح قلبك قبل ما ترجع بلاش تحس انك مذ.نب اكتر من كده انت احسن راجل انا شوفته احسن راحل تتمناه اى ست
نظر إليها بهدوء وامتنان شديد قال- محدش قدر ف يوم يفهمني قدك
ابتسمت قالت-قدرت اتفوق عليها ف حاجه
رن تليفون آدم بصيتله قالت- كل حاجه تمام
-اشوفك بعدين، بلاش تتجاهلي مكالماتى ليكى
- متجهالتش مكالماتك، أنا بس مش عارفه اترجم العربى لأنك طنت بتتصل على تليفون الى اديتهولى لما جينا مصر
أدرك الان إنها لم تتجاهلي عمدا كما ظن هو لو لم تكن كلارا قابلها فى وقت الجرح لو كان قابلها من زمان لكان زواجهم نجح، انها تتفهمه كثيرا وامراه ناجحه برغم كل هذا لكن قلبه لا يريد سوى واحده
كان آدم في حجرته، عيونه معلقة بالسقف، النوم فارقه كعادته.بيبص فى تاريخ اليوم فاضل يومين ويسيبهم، هل يستطيع تركها وهي ف حاجه اليه، افتكر كل كلمة من أسير بتتردد في ذهنه: "الغفران مش رجوع يا آدم." إنها لا تحتاجه بيفتكر كلمتها
"أنا هاخد ابى ونبعد وانت اهتم بوالدتك"
النهارده كل حاجه اتمثلت ايه كواقع اسير الى بقيت زيه خسرت اهم حاجه ف حياتها عشان حبها ليه، بيفتكر كل كلمه قالتها الدكتوره " للأسف مش هتعرفى تخلفى تانى"
كم تحطم قلبه من الى سمعه وقتها مكنتش مبالغه كأنها كانت عارفه بكل التحذيرات الى اتوجهتلها من الادويه دى ومبطلتهاش بسبب أخوه عشان متحملش منه تانى، دمرت نفسها وقت،لت امومتها وبقيت نسخه منه
تنهد بوجع قام من مكانه، خطواته متثاقلة.وفجأة، صوت رقيق وصل لأذنه…
كان صوت تلاوة، نغمة قرآنية بترتيل خاشع. توقف، تتبع الصوت لحد ما وقف أمام باب غرفة أسير.
فتح الباب ببطء، ووقف يتأمل. أسير جالسة على السجادة، والمصحف مفتوح أمامها، عيناها متجهة للآيات، وصوتها يملأ الغرفة بهدوء وسكينة.
بتقفل الكتاب وتلم كل اشيائها وهي بتلف ارتبكت عندما لمحته.
– "آدم؟! بتعمل إيه هنا؟"
خطا نحوها بخطوات واثقة رغم انكساره الداخلي، اقترب أكثر حاولت النهوض لكنها توقفت حين أمسك يدها بخفة وأعادها للجلوس.
– "اهدَي… كمّلي."
– "اطلع بره، يا آدم."
صوتها فيه رجاء وخوف. قال ادم-خايفه منى يا أسير خايفه منى انا
-اخرج يا ادم مينفعش كده
جلس قدامها، نظر إليها بعينين حمراوين من السهر وقال بصوت مبحوح، خافت، كأنه اعتراف:
– كملى تلاوه عليا
-ادم
-أرجوكي… كمّلي. خليني أسمع."
ارتجفت أسير من نبرته، من خضوعه غير المعتاد جلس على الكنبه بجوارها، ثم ببطء، أسند رأسه على ساقيها كطفل تائه يبحث عن صدر أمه.
رفعت أسير يدها بدهشة دون ان تلمسه، قلبها يخبط بقوة، قالت
– "آدم! مينفعش!"
أغمض عينيه، وتمتم بصوت منكسر – "خمس دقايق… بس خمس دقايق… أرجع أفتكر إني لسه عايش."
صمتت أسير، نظرت لوجهه المرهق المستسلم، ولم تعرف أتبعده أم تتركه.، مرتبكه أسير شايفه راس آدم على ركبتيها، قلبها اتلخبط وصوتها متقطع:
– "آدم… اخرج
رفع رأسه شوية، صوته واطي جدًا، فيه رجاء أقوى من أي ضعف:
– "أرجوكى
نظرت له… سكتت.الكلمات دخلت جواها زى السهم قالت
-انت شر.بت
رأته وهو يمدد أكتر، يسند رأسه كأنه بيسلم نفسه، يقول بصوت مبحوح:
– "أنا مش شارب يا أسير…. مشربتش خالص من لما رجعت..أنا صاحي، وكل وجعي صاحي معايا."
مد إيده المرتعشة، مسك كفها، وحطها على شعره.
– "سيبيني… بس خمس دقايق."
غصة خانقة كتمت نفسها… دموعها على وشك الهبوط.حاولت تسحب إيدها… لكن فجأة لقت نفسها بتستسلم.أصابعها انزلقت بين خصلات شعره، ببطء، كأنها بترجع لماضي كانت ناسية إنه لسه موجود.هو تنفس بعمق… تنهيدة طويلة خرجت كأنها راحة بعد عذاب أما هي… فقلبها وجعها أكتر من أي وقت
تلمع أعينهم في اللحظة دي… وكأن الذكرى جرّت أرواحهم غصب.
ظهر قدامهم مشهد من الماضي
-----------
آدم راجع من الشغل، عيونه مرهقة وخطواته تقيلة.
دخل البيت لقى أسير قاعدة مستنياه، ما غمضتش عين من القلق عليه قالت
-احضراك الاكل
قال بصوت واهن – "مش عايز آكل… عايز أرتاح."
ابتسمت له بحنان، وأشارت على الطنبه جنبها – "تعال."
قرب منها، وارتمى برأسه على حجرها كطفل.أصابعها بدأت تمسح على شعره، ببطء، بحب صافي.
ابتسم وهو ينظر لها من مكانه، وقال بخفوت – "بحب أكون طفل معاكي."
ضحكت بخجل وقالت:
– "طفولتى استحملتها عمرك كله… ومن يوم ما بقيت زوجي، بقيت أحبك كطفل ليا أنا بس... أنا بس الى أهتم بيك
ابتسم، ارتسمت ملامح الدفء على وجهه من كلامها قال كمكفأه
– "لسه هتعملي الأكل ولا اعمله انا
ضحكت وهي تداعب خصلاته – "بقيت أحس إنك طباخ ماهر يا آدم… أنا الى زوجتك ياخ، أنا الى مفروض اطبخ
رفع عينيه لها وهو يبتسم– "أنا وانتي واحد يا أسير."
-بس انت راجع تعبان نخلى ماهرتك ده ف لحظه تانيه دلوقتى وخلينى نمشي كزوجين متقلدين
-انا بقول كده بردو عشان الحسد
ضحكوا سوا ضحكة صافية، هادية، مليانة حب، ضحكة فيها كل الأمان وكل الحنين، وهو فضل في حضنها، عيونه تغمض بحب واطمئنان، وحس إن الدنيا كلها خلاص مكانها بعيد، وكل اللي موجود هو اللحظة دي، هو وهي، والحب اللي بينهم.
--------
لكن الذكرى اتكسرت فجأة…رجعوا واقعهم الأليم، على ما أصبحوا عليه الآن قرب ايده منها بصتله اسير لمس اسفل بطنها كانه بيمسد على رحمها الى خسرته قال
-لى عملتى كده فنفسك
-كانت الوسيله الوحيده
-مش هتكونى ام تانى
-نا كرهت اكون ام بسببك
بصلها ادم من الى بتقوله قالتله اسير- زمان قولتلك لو مش هكون ام لولادك مش هكون ام خالص... لو مخلفتش تانى هيفيدنى باي .... يا احمل منك إنت يكون عقيمه عمرى كله
كان كلامه بيمز.ق قلبه، نظر لها بعيون مليانة ألم وقال لها
- "مش عايزنا نكون هنا… مش عايز دي تكون نهايتنا."
أسير رفعت وشها وأخذت نفس عميق، تحاول تمسك دموعها، وتحافظ على هدوئها. قالت له بصوت مهتز
- "بتقول لى كده دلوقتي؟"
-بحاول احرك قلبك المسه لآخر مره قبل اما امشي...هسافر بعد يومين
قلب أسير بدأ ينبض بسرعة وقلق، لكنها حاولت تسيطر على نفسها
آدم تمسك بها وقال لها: "مش هسيبك… هفضل معاكي، وأي حاجة هتعوزيها هتجيلك. بلاش تشتغلي واسمعي كلامي… أنا بخاف عليكي من أي حد برا."
أسير سكتت، بعينين مليانة ألم، وقالت له
- "لو كنت بتخاف عليا، مكنتش سيبتني."
آدم اتنهد، وقال لها بغصة- "غصب عني… معرفش إنّي هاجي ألاقيك كده."
أسير سكتت، تعمق فى حجرها نظر لها بجدية وقال
- "أنا عايز أتغير… عايز أرجع لنفسي… عايز أكون آدم بتاع زمان… عايز المغفرة من ربّي."
لمحت دمعة تنساب من عينه. تعلم صدق دموع آدم، لا تسيل إلا ونار مش قادرة يتحملها داخله.
قال لها آدم بصوت مخنوق ومليان تعب: "عايز أرتاح… عايز أتنفس يا أسير… عايز أرجع آدم نفسه… بس مش عارف."
أسير سكتت، ونظرتها معلقة فيه، تسمع نبرته المليانة ألم. قربت إيدها منه، بلمسة رقيقة مسحت بها شعره ودمعته، اللمسة الثانية اللي هو اشتاق لها من قلبه.
اتعدل وبص في كلتا عينيها، وقال بصوت مرتعش: "أسير… أنا لسه آدم؟!"
لم ترد عليه وهي تتأكد من عيونه احساسها بيه، ثم قالت بهدوء: "ده فعلا أنت… يا آدم."
بصلها من قولها لمسته قالت- ده انت
- "ارجعيلي."
- "بلاش يا آدم… مش أقدر أشيل جر.ح جديد."
قال لها آدم بحزم لكنه مليان شوق: "أنا أجر.حك يا أسير… أكون في قبر.ي قبل ما أعمل كده… أنا عايز ترجعي، مراتّي."
أسير نظرت له بحزن، وقالت له: "أنت مش هتتحمل."
ابتسم لها بهدوء وقال: "انتي كنتي دايمًا مراتّي… مراتّي أنا بس."
أسير سكتت شوية، ثم قالت له بصوت خافت: "زياد… مش هتقدر تتقبله… أنت دايمًا بتشوفه… عاصم."
سكتت شويه ثم قالها: "هقبله… هشوفه… ابنك… أي حاجة منك هقبلها."
- "مش عايزة أجبرك."
آدم اقترب، كأنه فهم كل صمتها، ومسح يدها برفق وقال لها: "هو ده سبب رفضك ليا؟"
أسير سكتت، وقلبها بدأ يدق بسرعة من جملته. آدم قرب منها أكتر، ماسك وشها بكفيه الحنونة وقال لها
- "أنا بحبك يا أسير… اغفريلي المرة دى بس.... اغفريلي."
اسير- انت بتحب كلارا
- انا محبتش غيرك، كلارا صديقتي
-وجوازكم انا إلى خربته
- كان قرار مبظئى واترجعنا فيه، كلارا سافرت دلوقتى
أسير رفعت عينيها ولما تقابلت عيونهم اكم قالها
-خيل ليكى انى أقدر أحب حد غيرك
سحبها آدم إلى حضنه. تبادلوا العناق أخيرًا، واسير لفيت زراعيها حول عنقه وتجتمع نبضات قلوبهم بعد طول انتظار. دموعهم المجروحة بدأت تتساقط، وكان هذا العناق كما لو لم يتخيلوا أبدًا أنهم سيتقابلون هكذا بعد كل هذه المدة… بعد كل الفراق، بعد كل التضحيات، بعد عذاب الدنيا.
في هذه اللحظة، اجتمع كل الحنان والشوق، حنان قاتل وشوق لا يُحتمل، وكأن كل ألمهم السابق تحوّل إلى دفء عميق في حضن بعضهم.
همست له بصوت خافت ومرتجف: "آدم
ادم-وحشتينى اوى
آدم قربها منه، وكأنه يسمع كل ألمها وشوقها، قبض على يدها وضمّها بين أضلاعه، ابتعدت عنه قليلًا، مسح دموعها برفق، وفي تلك اللحظة، كانت عيونهما تلتقي، وهي تمسك يده وهو يلمس بشرتها بحنان وحب، كأنه يريد أن يكون سندها للأبد.
رأسه استند على جبينها، وقال لها بنبرة مليئة بالصدق: "تتجوزيني؟"
أسير "زياد"
ادم- معنديش مشكلة معاه… هو اللي مش متقبلني… بس متقلقش… هتصرف لحد ما العدة تخلص ونتجوز."
آدم نظر لها في كلتا عينيها، وقال لها بحزم وحنان: "كل حاجة هتعدي… طول ما أنتي معايا."
أسير مسكته بقوة، وهمست: "متسبنيش."
آدم "مش هيحصل… مش هسيبك أبدًا."
قبض على ايدها بهدوء حانى
فى اليوم التانى اسير بتحط الفطار على السفره بصيت لآدم الى كان واقف قدامها قالها
-فاضيه النهارده
-فاضيه بس لى
-هنتعشي برا
نظرت إليه بيرن الجرس اتعدلت أسير قالت- زياد
قبل ما تروح كان الباب اتفتح عبير هي الى فتحته دخل زياد نظر إليها وتجاهل آدم وراح على اوضته بصيت اسير لآدم من تعبيراته لكنه كان هادى
زياد لما بيدخل الاوضه اتخبط ف حاجه واتفجأ لما لقا لعب كتير مليا الاوضه اعتارته الدهشة انحنى ومسك علبه فيها نوع لعبته المفضله قال
-ماما
اسير كانت وراه بصيت للاوضه وافتكرت آدم لما طلب منها تقف برا خمس دقايق الصبح بتقوله
-اللعب حلوه مش كده، زى الى بتحبهم
-انتى الى جبتيهم
نظرت له قالت - لا آدم
سكت زياد ربتت عليه اسير قالت- آدم جابهم الصبح عشان يفجأك بيهم لما ترجع واختار اللعب بدقه عشان تعجبك
-انا مش عايز حاجه منه
بصيتله اسير من الى قاله خرج من الأوضة قال"أنا مش عايز لعب منه."
أسير "اللعب معجبتكش يا زياد؟"
"آه… معجبتنيش. أنا مش بحب لعب من الغرباء."
"آدم مش غريب يا زياد."
"أنا معرفهوش… وهو غريب عندي."
"وطّي صوتك… عيب كده، ممكن يسمعك."
زياد ردّ بحدة طفولية "أنا مش بهتم بيه. وبعدين… المفروض النهارده نمشي من البيت، ليه لسه قاعدين؟"
أسير بجديه"لو مشينا، مش هنرجع بيت باباك تاني يا زياد."
وقف زياد في مكانه وقال "ليه؟"
سكتت أسير، قالها زياد" فولتى هنمشي،خلفتي بوعدك ليا تاني؟"
أسير ردت بمرارة "مش هعرف أمشي دلوقتي."
مشي بضيق من قدامها ومابصش حتى على اللعب اللي آدم جابها
مشت أسير شافت آدم واقف بيبصلها سألها بهدوء "كل حاجة كويسة؟"
حاولت تدارى ارتباكها "شكرًا يا آدم… تعبت نفسك."
آدم "إتضايق؟"
سكتت، وكأنها عرف بالنقاش اللي دار بينها وبين زياد قالت "زياد… حاد شوية من ساعة موت عاصم. هو راجع تعبان… بس بيحب المفاجآت، بيفرح بيها جدًا بعدين."
"تمام يا أسير… فهمتك."
"ما تاخدش على خاطره."
آدم قرب منها أكتر "أنا وعدتك… هصلّح كل حاجة، وكل ده هينتهي… وإنتِ هتكوني معايا… مراتي من تاني."
مدّ إيده، مسك يدها برفق وربت عليها، كأنه بيطمنها ويهدي خوفها.
ابتسمت أسير، ابتسامة قالت-شكررًا."
كأنها نسيت ازاى تبتسم، رجعت لها بعد غياب طويل، مشي ادم انامله على بشرتها قال
"مش ناوية تقولي… فين الخاتم؟"
أسير فهمت "بيعته… من زمان."
آدم بصلها بتفجأه بتقوله "غصب عني يا آدم… زياد كان تعبان جدًا ليلتها، عاصم كان بيغيب ايام ومكنش يسيب فلوس عشان مستخظمهاش ضده
------------
زياد على سريره، حرارته عالية، ووشه أحمر. أسير كل شويه تبصله بعد كمادات كتير ومرعوبة، ومش بتستنى اكتر من كده وتخرج بيه فى الليل وهو على دراعها وتلاقى صيدليه مفتوحه تدخل فورا وتطلب منه يفحصه
الصيدلى:
"الولد حالته صعبة… لو اديتك حاجه هتأثر عليه لازم مستشفى حالًا."
اسير - ف مستشفى قريبه
-اه فى الشارع الى ورا ف التقاطع العام
بتمشي فورا وبتكون مستشفى خاصه وهي الأقرب ليها بس الاستقبال بتقولها
-لازم تدفعى عشان يتم فحصه، لو ع الاقل نص المبلغ لكن غير كده مش هيدخل
اسير- دخليه وانا هجبلك الفلوس
-انا اسفه والله بس ده نظام
بتقلب في شنطتها الفاضية مكنش معاها فلوس، عينها تقع على الخاتم في إصبعها بتسكت وتقولها -هجيب الفلوس بعد نص ساعه بس دخليه العنايه
سكتت جه الدكتور وشافها بيشوف زياد وكانه اشفق عليها ويقولها- ازاي ساكته على السخونيه دى
بتاخظه الممرضه واسير بتستريح وتخرج علطول ومع اقرب صايغ تشوفه بتقلع خاتمها وتقوله -عايزه ابيعه
بصلها الراحل قليلا واتاكد منه اسير وهي تنظر اليه كانت بتكتم دموعها كأنها بتودع آخر ذكرى ليها من آدم، بيديها الراجل الفلوس واسير سلمت قلبها مع الخاتم وتعلن انتهاء كل شيء
--------
بترجع للواقع أسير "مكنش هين يا آدم… مكنش هين أبيع الخاتم… بس زياد كان عيان، وعاصم عقبال مكان يجى… مكنتش عارفة ممكن يحصل له إيه."
آدم "متبرريش… أنا عارف. الموقف كان صعب، وانتي عملتي القرار المناسب."
أسير رفعت عينيها ليه، ولقت تفهم نادر في نظرته. نظرة مش بتلومها، بل بتحتويها.
آدم كده طده هيجيلك غيرها باختيارك.. شبكتك هتكون أكبر… أضعاف."
أسير "شبكة؟
"والبيت..هيخليكي تختاريني. هناك… في موسكو. وهتحبيه جدًا."
أسير "… هنسافر؟"
آدم "لحد ما أنقل شغلي هنا… بس مش هروح مكان تاني من غيرك."
أسير "أنا بس… شايلة هم زياد."
آدم: "انا بحاول واتمنا يتفهم ده وتعرفيه بجوازنا...حتى لو علاقتى بيه ما وصلتش للحب… هتكون علاقة تفاهم."
أسير "زياد طيب أوي يا آدم… هو بس نفسيته—"
آدم "مفهوم… مسيره يتقبل إني أكون له أب."
أسير سكتت فجأة، ونظرت له مطولًا. الجملة الأخيرة سكنت قلبها…
أول مرة تحس إنها مش لوحدها في معركة زياد.
كانت عبير واقفة بعيد… ابتسمت وكأن لو العمر انتهى دلوقتي، هتمشي وهي مطمئنة، زياد، عينه راحت مباشرة على أمه… وبعدين تحولت ناحية آدم، بصيتله أمه قالت: "يلا عشان ناكل."
جلسوا على الطاولة. أسير حطت الأكل قدام زياد وجلست بجانبه، بتبص لادم الى كان ينظر اليها، لغة عيون سرقها الحنين. وزياد لاحظ وغضب
آدم: "كنت هبعت السواق يجيبك."
زياد سكت، مش عايز يرد. لقاع بيبصله فقال: "أنا عارف الطريق… مش محتاج سواقك."
آدم: "أمال بتخلي والدتك تجيبك ليه؟"
زياد بص لمامته وبصله قالت"ملكش دعوة."
أسير بصتله بشده كانت هتتكلم، لكن آدم قال آدم: "ليا… اي حاجه عن اسير انا ليا فيها
زياد سكت لحظة، آدم: "بكره أنا اللي هاجي أجيبك من المدرسة."
زياد : "بتحاول تعمل إيه؟! أنت مين أصلاً عشان تيجي مدرستي؟!"
أسير: "زياد..."
رفع عينه ليها وهو بيقول بتذمر "نعم يا ماما؟ خليه بعيد عننا… والألعاب اللي جابها يشيلها، عشان لو فضلوا هنا هرميهم. أنا مش عايزاه يعملى أي حاجة."
زياد شد نفسه من الكرسي: "أنا مش عايز حاجة منه أصلاً."
مشي من غير ما يبص وراه بصيت اسير لادم وقبل ما تتكلم قالها: روحي شوفيه."
قامت ورا ابنها، أسير: "زياد! ينفع اللي عملته ده؟"
بصلها بعناد، وقال زياد: "هتقعدي هنا
- اه هنعقد
- نا هارجع أنا لو إنتي هتقعدي هنا."
مسكت إيده بقوة "مالك يا زياد؟ غريب من ساعة ما آدم رجع."
" عايزنا نرجع لحياتنا القديمة! انتي قولتي إننا هنعيش لوحدنا… وانتي عايزة تدخليه تاني!"
أسير: "عايزنا نكون لوحدنا مش انت مش بتحب الوحده؟"
زياد: "بحبها… أنا وإنتي… كفاية لبعض."
تنهدت أسير: "مش هينفع هنكون هنا لفتره، ممكن بس تكون ألطف معاه شوية؟"
زياد سكت… لكنه كان واضح من ملامحه إنه مش راضي.
أسير: "زياد… عشاني… خليك كويس معاه. هو بيتعامل معاك باحترام."
زياد: "لو بعد عننا… هيكون أفضل.انتى عايزه تخليه واحد من العيله"
مشي وسبها ، خرج زياد من البيت بخطوات غاضبة، لكن فجأة وقف مكانه.
كان في شخص واقف في الجنينة، ظهره ليه، واقفته مألوفة… وسيجارة بتتحرك بين أصابعه.، وقلبه اتقبض. لوهلة، حس كأنه شايف عاصم أبوه، قرب زياد خطوة بخطوة، بس شاف وش آدم
آدم لاحظ وجوده، وطفي السيجارة فى قبضته اتفجا زياد
آدم: "لو عايز تقف… قف. أنا كده كده داخل."
زياد سكت، وشاف الشاش الملفوف حوالين إيد آدم.افتكر على طول لما اتقذهم، قال بفضول
"إزاي… إزاي قبضت على المجرم؟"
آدم افتكر لما مسر ازاز العربيه عشان يخرج الى جوه، قالت "مش مهم إزاي… المهم إنه اتمسك وخلاص."
زياد سكت قليلة قال زياد: "شكراً…"
آدم بصله من الى قاله، زياد "عشان… عشان أنقذت حياة ماما."
آدم: "أنا أنقذت حياتك إنت كمان."
زياد قال بالإنجليزي، بنبرة مليانة عناد- مش هكون مدين ليك على حياتى لكن حياة ماما تخليني مدين ليك "I won’t owe you for my life… but for my mom’s life, I’m indebted to you."
زياد بصله قال- ماما اهم منى
آدم: "العفو… بس حتى من غير دينك… كنت هعمل كده. كنت هأنقذ أسير، لأنها أهم حاجة عندي.وبالمناسبة… لهجتك الإنجليزية ممتازة، واضح إن المدرسة مأثرة. بس لو كلمتني عربي… هيبقى أفضل."
زياد "مش محتاج نصايحك."
آدم: "وأنا مش بنصحك… أنا بعرفك."
مشي ادم أسير واقفه تنظر اليهم مسكها آدم ولفها، بتقوله "حصل حاجة؟"
آدم: "لا… كنا بنتكلم عادي."
بصت وراها، آدم- سيبيه يحسن تفكيره
خدها معاه لجوه قال "جاهزة ولا لسه؟"
أسير:-جاهزة لإيه؟"
آدم: "نسيتي؟ العشا الساعة ٨. هنمشي."
أسير سطتت قالها ادم: "مش عايزة؟"
أسير: "قصدي… عشان مسيبش زياد لوحده."
وقتها صوت عبير جه من وراهم "أنا هنا."
مستندة على عكازها. نظرت لأسير وقالت بابتسامة مطمئنة: "اخرجي إنتِ معاه، وأنا هاقعد مع زياد. ما تقلقيش."
أسير ما ردتش عليها بصت لآدم قالها- فكرة انا مش بجبرك
كان هينشي مسكت إيده قالت "خلينا نخرج."
فى المساء قدام البيت، كان آدم واقف جنب العربية مستنيها، خرجت أسير،المرة دي ما كانتش بالأسود…لابسة جيبة وبليوزة بلون هادي، نظراته ثبتت عليها، يحاول يسترجع صورتها زمان، قبل الحزن والسواد.
وقفت قدامها قالها "شكلك… مختلف."
اسير: "ادخل أغير."
آدم: "لا… مش قصدي كده. قصدي إن الألوان… غيرتي الاسود
أسير: "أنا مكنتش بلبس الأسود عشان عاصم… أنا لبسته عليا
آدم بصلها وقال "الألوان أجمل عليكي."
قلبها دق أسرع… دقة قديمة كانت نسيتها، كأن شبابها بيرجع فجأة، مد آدم إيده، وأمسك يدها وخرجوا
أسير: "آدم… بلاش. عشان محدش يتكلم."
آدم: "اللي يتكلم يتكلم. أنا ماشي مع خطيبتي."
الكلمة دخلت قلبها كأنها نسمة دافية.حاولت تكتم ابتسامة صغيرة
آدم: "دي الحقيقة. اعتبريها فترة خطوبة… لحد ما عدتك تخلص بالظبط… هتكوني مراتي."
ركبوا العربية.أسير قاعدة جنب الشباك، ساكته جو العربية تقيل عليها… بيفكرها بخطوبتها لعاصم..اسبح مل ذكرى ليه كابوس،كل ذكرى بتتحول لعذاب.
لكن وجود آدم جنبها كان مختلف…كأن حضوره بيمحي كل صورة مؤلمة، وبيفرش مكانها راحة غريبة، راحة كانت مفتقداها من سنين.
لاحظ شرودها، فمال ناحيتها وسألها بابتسامة آدم: "بتفكري في إيه؟"
أسير: "لا… مفيش حاجة."
مد إيده ناحية يدها، وأمسكها برفق.قلبها اتخض،آدم: "سيبي خوفك على جنب… طول ما إنتِ معايا."
سكتت وصلوا.العربية نزلت، لقت نفسها قدام محل مجوهرات عملاق، لافتاته مضيئة، بوابه زجاجية أوتوماتيكية.
أسير: "هو ده المطعم يا آدم؟"
مسك إيدها من جديد، وسحبها معاه لجوه.الباب فتح أوتوماتيك
السكرتيرة: "أهلاً بحضرتك… ممكن اسمك؟"
آدم: "آدم المسلم."
بصتله كأن الاسم مش غريب قالت: "ثانية واحدة يا فندم… هبلّغ حالاً."
عملت مكالمة سريعة.اسير مش فاهمه لحد ما جع راجلة أنيق، كبير في السن شويه، ابتسم باحترام: "تشرفت… كنت في انتظارك مستر ادم لتأكيد الحجز."
بصّت أسير لآدم قال: "جبتها عشان تختار بنفسها."
الراجل "تحت أمرها... اتفضلوا معايا."
دخلوا مكتب أنيق، جلسوا على أريكة.،أسير "إحنا كنا متفقين نروح نتعشى."
آدم "وقايلك كمان إني هجيب شبكة… بحكم إنك هتبقي مراتي."
أسير: " مش مهتميه بالحاجات دي."
آدم "مش اهتمام، يا أسير… دي هدية تقدير ليكي، زمان مكنش معايا دلوقتى لما ربنا كرمنى مجبلكيش ابقى ندل اوى."
سكتت وهى تنظر اه جه الراجل راجع بصندوق مجوهرات، كل قطعة يتلألأ فيها بريق يخطف العين وكأنه ماس حقيقي.
أسير: "آدم… بلاش تأفور."
آدم "المجموعة اللي اخترتها… ولو معجبتهاش تبدلها فورًا."
الراجل "حاضر يا فندم."
شاور للبنت جابته علبه مجوهرات فتحها كان فيها حلق انسيال عقد وخاتم، الماس بارز وجميل
ادم- "قولتلك من زمان… الماس بيليق عليكي أكتر."
ماقدرتش أسير ترد، بس نظراتها فضلت معلّقة بيه.آدم "عجبتك؟"
الراجل: "تحبوا نجيب مجموعة تانية؟"
آدم: "تمام… تختار اللي يعجبها."
قبل ما ياخد العلبه بعيد أسير قالت "عجبتني."
فهي تحب ذوقه جدا كفايه انه هو الى اخترلها كل قطعه بنفسه
مد آدم إيده وأخذ الخاتم أولًا. مسك يدها الصغيرة داخل كفه، تركت له العنان يلبسها الخاتم، لحظة بدت كإعلان ارتباط جديد. في خيالهم، عاد الزمن: هي بالفستان الأبيض… وهو بالبدلة.
دمعة لمعت بعين أسير من غير ما تقصد.
الراجل "واضح إن المقاس مظبوط… زي ما حضرتك حددته بالظبط."
رفع آدم عينه لأسير "عجبك؟"
أسير بصوت مهزوز: "ليه؟"
آدم "المرّة دي مش هتضطري تبيعي أي حاجة… انا معاكى لو حصل حاجة، أنا اللي هشيلها"
مد إيده يلمس وجهها "مقولتيش عجبك."
أومأت برأسها، وعيناها معلقة بعينيه، ثم تسللت ابتسامة صغيرة غلبتها.
في مطعم راقٍ، كانوا قاعدين على طاولة هادية.أسير ما كانتش بتبص،حوالينها… عينيها كانت معلّقة بالخاتم في إيدها.
آدم – "الخاتم معاكي من النهارده… بكرة يوصلوا باقي الشبكة لحد البيت."
أسير– "أنا مكنتش بفكر في ده."
– "أمال بتفكري في إيه؟"
– "في اللي جاي."
– "خير إن شاءالله."
أومأت وهي سارحة، لكن فجأة لمحت صلصة على طرف فمه وقبل ما آدم ياخد منديل قربت منه ومسحتها بإيدها. آدم نظر اليها، افتكر وهي معاه في الورشة، بتمسح فمه منالاكل الى بتعملهوله
استوعبت أسير اللي عملته، لقت نظرات الناس عليهم، فخدت منديل من الطاولة وكملت مسحت بيه.
– "أنا آسفة…"
كأنها افتكرت إنه ممكن يكون اتضايق… أو حس بالحرج، لأنه مبقاش آدم زمان، بقى راجل مهم الكل بيبصله.
لكنه مد إيده، مسك إيدها بثبات وقال:
– "أنا لسه آدم… عاملينى كده على طول."
أسير "كسفتك."
– "أبدًا… وحشتني لمستك."
وجنتيها احمرّت بسرعة.نظرت له بحدة مرتبكة، لكن عيناه ثبتت على عينيها بعمق – "ليه بتكبّري نفسك؟"
أسير مش فاهمة قصده.لمس خدها الأحمر– "مهما عملتي… هتفضلي لسه أسير الطفلة اللي خدها بيحمر بسرعة.إنتي لسه صغيرة… ومهما حاولتي تبيني إنك كبرتي، حقيقتك بتظهر في أبسط الأمور… أولهم خجلك."
أسير بصت له وقالت بهدوء– "آدم… الناس."
آدم – "أنا مهتمتش بكلام الحارة، ههتم باللي هنا؟ وبعدين محدش بيبص… متوهميش نفسك، كل واحد في حاله."
سكتت قرب منها قال – "متأكدة إن الأكل حلو؟ لأنك مش بتاكلي… ممكن نطلب غيره."
أسير "لا… حلو."
فجأة رنّ هاتفها. استغربت لما شافت الرقم من البيت. ردّت بسرعة…جالها صوت زياد ابنها – "ماما… إنتي فين؟"
سكتت لحظة، لأنها عارفة إنه مش بيتصل من البيت غير في حالة طوارئ– "أنا برا في حاجة يا زياد…"
– "أنا تعبان… ليه مشيتي وسبتيني؟"
– "مالك يا زياد؟"
– سخن…
قلقت عليه قالت– "أنا جاية
خلصت بصلها وسالها – "في إيه؟"
– "لازم أرجع… زياد تعبان."
نظر لها آدم، إنهم لسه قاعدين أقل من نص ساعة.لكن من غير كلام، خد مفتاح عربيته، حط الفلوس على الطرابيزه وخرجو
أول ما وصلوا البيت، دخلت أسير على أوضتها. لقيت عبير قاعدة جنب ابنها، وزياد أول ما شافها قال– "ماما…"
حطت إيدها على جبينه، لقت حرارته هادية.– "حرارتك كويسة…"
عبير – "كان سخن شوية… عملتله كمادات والحمدلله نزلت."
أسير فضلت ساكتة، زياد حضنها – "ماما… كنتي فين؟"
– في مشوار
– "ما تسيبينيش تاني.
اومات له وحضنها زياد أكتر، وكأنه بيتأكد إنها مش هتمشي وتسيبه تاني.
عبير – "كنت عايزة أقولك مفيش داعي تيجي… أنا كنت مهتمة بيه. بس زياد هو اللي أصر يكلمك بنفسه."
أسير– "خلاص… المهم إني جيت افضل من انى اقلق عليه ونا برا
بصت ناحية آدم اللي كان واقف عند الباب، ماعرفتش تقول له إيه… خصوصًا إن العشا اللي اتفقوا عليه باظ بسببها
آدم قاعد برا، خرجت له أسير بعد ما زياد نام في حضنها وسمحلها تقوم قالت – "معلش… عارفة إني خربت اليوم."
آدم – "اتطمنتي عليه؟"
– "آه… هو كويس الحمدلله."
، ساد بينهم صمت قصير.آدم– "تعملي لنا قهوة؟"
نظرت له من طلبه، لكن حسّت إنه بيشتهي قهوة من إيدها زي زمان.قالت – "حاضر."
دخلت المطبخ، واتبعها آدم.بصت له وهي بتحضر القهوة بتفتكر وقوفه جنبها زمان
ادم– "معلقتين سكر."
– عارفه
-فكرتك نسيتى
-مش لنسي حاجه متعلقه بيك
نظر لها لتكمل عملها أنهت القهوة، قدمتله فنجانه، أخده منها قعدوا سوا، وبعد لحظة قالت أسير بهدوء – "أنا عايزة أخرج من هنا… في أقرب وقت."
آدم – "أنا كلمت شريف… شاف بيت كويس تروحو هناك. لحد ما نتجوز وتتنقلي معايا إنتي وزياد."
صمتت لحظة إنه جمع زياد معاهم.سألها آدم – "ولا إنتي في دماغك حاجة تانية؟"
– "لا كويس"
آدم – "القهوة جميلة يا أسير… أعملك برنامج طبخ بما إنك إعلامية مش هيكون صعب عليكى"
ابتسمت قالت – "برنامج مرة واحدة؟"
– "نخليها قناة إعلامية. بس الفكرة إني بحب مراتي تتفرغلي… لو هتحطيني أولوية مش هيكون عندي مانع لشغلك."
بصتله من نبرته الجديه قالت– "اعتبره وعد."
مد آدم إيده، مسك يدها اللي ما مدتهاش، وكأنه بيأكد لها الوعد بعينه قبل كلماته.نظرت له والابتسامة مرسومة في عينيها قرب منها نظرت إليه دق قلبها لكنها بعدت وقالت
– "ممكن زياد يصحى فهروح ا..
ابتسم ادم – "امشي يا أسير… امشي."
قامت تتحرك وهي مبتسمة، وسابته بنفس الابتسامة على شفايفه لينظر إليها وهي تغادر أمام اعينه
تاني يوم…زياد صحى، خرج من أوضته، ولما دخل الصالة لقى أسير قاعدة مع آدم، بينهم كلام باين عليه إنه مهم، وملامحهم فيها انسجام واضح. زياد وقف متضايق، ونظره راح فورًا على الخاتم الغريب اللي في صوابع أمه.
أسير لمحت نظراته، أشارت له يقرب ويقعد معاهم.آدم رفع عينه عليه، بصله راح زباد ناحية امه
– "ليه ما صحيتى بدري؟"
أسير – "انت الى نمت كتبر... كنت بتكلم مع آدم في موضوع… عن البيت الجديد."
آدم مد التاب ناحية أسير، زباد– "بيت إيه؟"
أسير وريته صور بيت جميل وقالت – "هننقل زي ما إنت عايز."
لكن زياد رد بعناد – "أنا عايز بيت بابا… مش ده."
أسير اتفاجئت من نبرته، آدم قال– "لازم تتأقلم… لأن السفر هياخد وقت
أسير كانت متخيلة إن فكرة السفر هتفرحه ابنها، لكن رد زياد صدمها:
زياد– "إحنا؟ تقصد مين؟"
آدم قال بهدوء – "أنا ووالدتك… وإنت."
زياد – "إنت مش هتاخدنا معاك فـ حتة. إرجع لوحدك."
آدم حاول يتمالك نفسه وقال – "والدتك جاية معايا… هتسيبها انت؟"
زياد بسرعة بص لأمه – "ماما… إحنا مش هنروح معاه. لا أنا ولا إنتي."
أسير حاولت تهديه – "هنكون مع عمك وهناك...
لكن زياد انفجر بغضب: – "قولتلك نمشي! ومش هقبل الشخص ده يدخل بينا. سمعاني؟ مش هروح معاه وهفضل هنا
ادم- زياد أتفهم الوضع
زياد- ابعد عننا عايز اى من ماما، انت شر.ير عايز تاخدها منى
نظر له ادم بيقوله زياد- انا عارف انت مين من زمان، اى الى رجعك هنا تانى..أمشي وسبنا
شكرا لزيارتكم عالم روايات سكيرهوم