رواية حكاية عمر الفصل الثالث والاربعون 43 بقلم رونا فؤاد

 

 رواية حكاية عمر الفصل الثالث والاربعون


عقد عمر حاجبيه بشده وهو يخرج من غرفه الي أخري يفتش عنها ويسبقه نداءه عليها : وسيله !
توقف مكانه وفجاه داهمه ذلك الشعور بالاختناق وضيق النفس بينما لا يجدها في أي مكان بالمنزل ومئات الاحتمالات تندفع الي عقله وكل واحد منهم يرسم أمامه صوره فقدها وابتعادها عنه الذي أصبح يشكل عقده بداخله ليسرع مجددا للخارج ويندفع الي سيارته يديرها سريعا ويتحرك بها وعيناه تلتفت يمنيا ويسارا بحثا عنها ....رفعت وسيله عيناها للاعلي لتضع يدها سريعا بحمايه فوق عيناها بينما داهمتها اشعه الشمس التي اشتدت لتعتدل واقفه من فوق هذا الممشي الخشبي الذي اصطدمت أسفله امواج البحر ....شعرت بالاختناق والضيق لوجودها يومان بالمنزل لاتعرف عنه شيء ولا تستطيع الوصول إليه فلم تجد أمامها إلا أن تتمشي في تلك الإرجاء الهادئه حولها بتلك القريه ذات الأجواء شديده الخصوصيه بينما كل منزل تحيط به حديقه خاصه ويطوق تلك المنازل شاطيء البحر ....سارت بطريق عودتها من خلف المنازل الي حيث المنزل الذي حفظت رقمه حتي لا تضيع الطريق ....!

فرك عمر عنقه بضيق داهم كل عروقه وهو يعود الي المنزل مره اخري يفكر اين قد تكون قد ذهبت بينما سأل عنها أفراد الأمن وكانت اجابتهم أن أحدا لم يغادر المحيط السكني .....التفت تجاه الباب حينما استمع لصوت المفتاح يدور به لتتنفس الدماء بعروقه لرؤيتها تدخل وبنفس الوقت يتحول كل غضبه الي انفعال وهو 

يتجه إليها بخطوات غاضبه ودون أي مقدمات كان يمسك ذراع وسيله التي تفاجأت بعودته ليهدر بها بعصبية كانت هي طريقته في التعبير عن القلق البالغ الذي عاش به النصف ساعه الفائته : انتي كنتي فين ؟!.

لم تستوعب وسيله للحظه سؤاله بينما من النفترض أن هي من عليها السؤال لتنفرج شفتيها لتنطق ولكن عصبيته وانفعاله لم تمهلها الفرصه ليهدر مجددا ويداه تطبق علي ذراعها : بسألك انتي كنتي فين وازاي تخرجي من غير ما انا اعرف ؟!

نظرت له وسيله باستنكار وهي تقول : وهو انا اعرف عنك حاجه طول اليومين اللي فاتوا !

لم يقبل ابدا أن تنقلب عليه الأمور بينما مازالت عصبيته تريد قربان لهذا القلق الذي عاش بها ليزمجر بعصبيه : انتي هتحاسبيني ؟!

انصدمت وسيله بتلك الكلمات ليزداد الاستنكار بعيناها 

هاتفه : انت اللي جاي تحاسبني من غير ما تسأل نفسك مين فينا المفروض يحاسب التاني !

دخلت بحائط سد دون أن تدري بينما غاب عنها أن البديهيه والمنطقيه في كلماتها لا تعرف طريق لعقل عمر الذي بالتأكيد رفض أن يكون موضع اتهام فلم يكن منه إلا أنه استشاط غضبا وصاح بها : انا بس اللي اسأل وانا بس اللي احاسبك وطبعا هحاسبك ولا نسيتي اني جوزك يا مدام !

وقفت وسيله مكانها تنظر إليه بعيون امتزج بها الغضب مع الاستنكار الذي عقد لسانها ولكن ساقيها كانت الاسرع وهي تتحرك من أمامه ليتوقف عمر مكانه لحظه صدره يعلو ويهبط ...أنه شعر بالقلق البالغ عليها وعاش لاول مره مثل هذا الشعور وافرغه بعصبيته عليها ومن المفترض أن تترجم هي كل هذا دون أن يقول لذا كان كالعاده لا يخطيء بل المخطيء هو هي التي لم تفهمه كحال كل من حوله 

: استني عندك !

توقفت خطوات وسيله حينما هتف عمر بنبره أمره لتدير راسها تجاهه ويكيل عقلها الكلمات الي شفتيها والتي لم تكد تنطق بها حتي كانت تنخرس تماما اثر سؤاله الذي قاله بنفس العصبيه والثبات علي الموقف أنها المخطئه : مردتيش علي سؤالي !

نظرت له وسيله باستهجان : سؤال ايه ؟!

قال من بين أسنانه : كنتي فين ؟!

حقا لا تصدقه فهو مازال في موضع التساؤل لتتراجع خطوه للخلف بخوف اندفع بعروقها حينما فاجأها عمر بتكرار سؤاله بصوت منفعل مخيف : ردي كنتي فين ؟!

ابتلعت وسيله واهتزت نظراتها دون إرادتها بينما وجهه الجديد هذا لم تعتاد عليه ودون إرادتها اخافتها ملامح غضبه الذي انفجر بوجهها : بسألك كنتي فيييين ؟!.

ازدادت دقات قلبها واتسعت عيناها برهبه حينما أخذ ذراعها أسيرة لقبضته القويه يهزها بقوة مزمجرا بغضب عارم كان وسيلته في التعبير عن القلق الذي عاشه : ردي عليا كنتي فين وانا هنا بموت من القلق عليكي وبسأل نفسي حصلك ايييه ....ردي وقولي كنتي فين وانا اللي جاي جري عليكي و سبت ابويا وقت موت أمه !

انصدمت ملامح وسيله ولاحت المشاعر المتضاربه علي وجهها وبجداره نجح في تشتيت ذهنها وصرفه عن سؤالها من المخطيء ليتحول الي : ايه اللي حصل ؟!

وصل لما يريده بأن تعترف بأنها من اخطئت في فهمه ولم تقرء ما يعيشه ليترك ذراعها ويوليها ظهره هاتفا بخزلان ظن أن له الحق فيه : لو يهمك اوي ....فأنا مبعدتش عشان بتفسح ....عرفت أن جدتي ماتت وكان لازم اكون جنبهم في ظرف زي ده واول ما عرفت اجي جيت علي طول

تلاعب بعقلها لدرجه انها بالفعل باتت تبحث عن دفاع عن نفسها : انت مقولتليش ...اعرف منين ؟

بريئه للغايه لتفهم ألاعيب العقل التي كان هو خبير بها بينما يستطيع أن يتلاعب بعقل ومشاعر من حوله ببساطه 

لتحصل علي تنهيده قويه منه تبعها خطواته تجاه الداخل ليتركها واقفه مكانها تسأل نفسها في ماذا اخطأت لتفشل كل حساب العقل في فهم منطقه ...كان لديه ظرف خاص يعاتبها أنها لم تكن بجواره به بينما لو تتوسع الصورة قليلا لادرك أنه من تركها وحدها بهذا المكان !

.......

...........

تابعت عيون تينا انصراف سيف بحزن لمحته ثراء التي قالت بود مصطنع : متأسفه اني جيت من غير ميعاد بس كان لازم اطمن عليكي ...عامله ايه دلوقتي 

ابتسمت تينا لها بشرود بينما مازالت عيناها تتطلع في أثر سيف بانتظار أن يتذكر ويعود ولكنها استمعت الي صوت سيارته تتحرك لتلتفت الي ثراء التي قرأت تلك النظرات في عيونها ولكنها لم تفهم سببها: شكرا ..تعبتي نفسك 

ابتسمت ثراء وهزت كتفها : مفيش اي تعب ....غلفت صوتها بالمرح وهي تتابع : طبعا مستر سيف هيخصم ليا بس ولا يهمك 

انتبهت لها تينا لتقول وهي تهز راسها : لا انا هكلمه 

قالت ثراء بمرح : لا لا بلاش انا مش بحب الواسطه ...انا اصلا اجازه النهارده وعشان كده قولت اجي اطمن عليكي 

اومات لها تينا ليسود الصمت ولم يعد هناك مايقال 

لتتنهد ثراء وتحاول فتح الحديث مجددا : معلش واضح انك كنتي بتحبي المرحومه 

اومات تينا بقليل من الشجن: تيته شهيرة كانت طيبه ...الله يرحمها 

اومات ثراء ورسمت الحزن فوق ملامحها : الله يرحمها 

مجددا صمت وثراء تريد أن تتقرب منها بأي طريقه لتندفع بلاتفكير تسأل تينا : تحبي نخرج شويه نغير جو ؟!

شعرت تينا بالاحراج لردها طلبها بينما لم يكن من المفترض أن تسألها بالأساس شيء كهذا لتقول بحرج : معلش خليها مره تانيه ...اصل عندي ميعاد مع الدكتور 

اومات ثراء وهي تخفي احراجها قائله : ولايهمك انا بس حبيت اغيرلك جو لأن واضح أنك زعلانه واسمع أن الزعل مش كويس عشان الحمل 

جذبت حقيبتها وهمت بالمغادره لتشعر تينا بالضيق لأنها احرجتها لتقول بلا ترتيب : متزعليش انا بس متضايقه شويه أن سيف نسي ميعاد الدكتور وراح الشغل 

لمعت عيون ثراء بينما انفتح لها الباب علي مصراعيه للتقرب من تينا والدخول الي حياتها لتقول بتأثر زائف ممزوج بالعقلانيه : متزعليش هو اكيد مش قصده بس انتي اكيد اكتر واحده عارفه أنه هيبقي مضغوط في الشغل بدل مستر عاصم الفتره دي 

عضت تينا علي شفتيها بينما قالت ما لم يكن عليها قوله وهاهي الفتاه تدافع عن زوجها لتحاول التهرب من المضي بهذا الحديث عن حياتها فتقول بلياقه واقتضاب : عارفه ...انا بس كنت بقولك مش هقدر أخرج 

فهمت ثراء فلم تتدخل أكثر واعتدلت واقفه لتمد يدها الي تينا : عموما خلي بالك من نفسك 

اومات تينا لها لتخطو ثراء خطوة أخري في طريق التقرب إليها وهي تطلب رقم هاتفها : ممكن اخد تليفونك عشان ابقي اطمن عليكي بدل ما اجي تاني من غير ميعاد !

لم تستطيع تينا الرفض لذا أعطته لها .

......

...

نظر الشاب الي امتثال بترقب بينما طال تفكيرها فيما عرضه عليها فما كان منه الا يزيد لمعه عرضه أكثر : يا حاجه هو انتي مش تتمني ليا الخير 

اومات امتثال بلا تردد ليتابع : وانا كمان بتمني الخير لاهل منطقتي وعشان كده اول ما بقي معايا قرشين فكرت في موضوع البيت ده ....اقترب منها وتابع : شهرين بس يا حاجه وهتكون العماره اتبنت وشقتك الجديده خالصه ترجعي ليها 

هزت امتثال راسها برفض لمجرد فكره التخلي عن منزلها الذي عاشت به خمسون عاما لتقول بتمهل : وماله البيت بس يا حسونه 

قالت الرجل برفق : ماله ايه يا حاجه ....قدم اوي وان الاوان يبقي عمارة كبيرة ....عشان خاطري وافقي يا حاجه وزي ما وعدتك شهرين وهترجعي علي شقه احلي 

تنهدت امتثال قائله أمام الحاحه: طيب سيبني يومين افكر وهرد عليك 

اوما لها الشاب قائلا : براحتك يا حاجه بس انا زي ابنك ومتأكد انك هتحبي ليا الخير .

...

......



نوم عميق لوقت طويل غط به عمر بينما وسيله بقيت جالسه مكانها حيث الفت أرجاء المنزل واعتادت هدوءه طوال هذان اليومان ...الساعه الان السابعه هكذا حدثت نفسها بينما بكل يوم بنفس الموعد تمر تلك السيارة التي تنثر المبيد الحشري حولهم بالحدائق للتغلب علي الباعوض ....بأليه اتجهت لتغلق النوافذ لتنجنب الصوت العالي للشاحنه وتعود الي جلستها علي تلك الاريكه التي عدلت مكانها لتواجهه النافذه الزجاجيه الكبيرة المطله علي الحديقه بالداخل. ....

رفعت راسها حيال تلك الأصوات الاتيه من جهه المطبخ لتقوم من مكانها وتتجه إليها فتجد عمر يحاول أن يعد لنفسه القهوة ليفيق بعد كل هذا النوم 

اتجهت إليه قائله دون أن تنظر إليه : سيب وانا هعملك القهوة 

اوما عن قائلا : شكرا 

تراجع خطوة ليلمح عدم نظرها إليه وعلي الفور يتذكر خلافهم بينما استيقظ وهو كالعاده قد تجاوزه 

جلس علي أحد المقاعد أمام الطاوله الرخاميه الكبيرة بوسط المطبخ يفرك خصلات شعره المبعثرة وهو يتطلع الي حركتها التي تنم عن التوتر والعصبية وبالفعل كانت وسيله تغلي بداخلها من عدم فهمها لشيء ... تريد أن تتابع الحديث معه يعرف أنه اخطيء حينما تركها بلا تبرير ويخبرها بما حدث فتستطيع أن تقف بجواره ولكنه لا يفتح حديث وهي لا تعرف متي الوقت يكون مناسب للتحدث معه وهو في هذا الظرف لذا صمتت مجبره 

وضعت فنجان القهوة أمامه بصمت واستدارت لتعيد الاشياء مكانها فلم تنتبه الي علبه القهوة التي صدمتها بيدها دون أن تقصد فوقع منها البعض علي ملابسها 

زفرت بضيق لينظر عمر إليها قائلا ببساطه : محصلش حاجه يا وسيله عشان تتنرفزي 

فقط نظره غير راضيه ألقتها إليه بينما لم تعد حقا تفهمه 

فاندفعت خارج المطبخ تجاه غرفتها ...جذبت بيجامه أخري وسرعان ما مدت يدها لتفك ازرار قميصها البيتي التي امتدت علي طول ظهرها ....زفرت بضيق وهي تمد يدها أكثر تحاول الوصول لآخر زر بيأس لتتعالي أنفاسها حينما شعرت بتلك اليد الخشنه تمسك بالزر وتفكه ببطء تزامن مع شعورها بانفاسه الساخنه تضرب جانب عنقها 

بوجل خطت خطوة للأمام مبتعده عن مرمي أنفاسه بعد أن حل الزر الاخير والذي كشف عن ظهرها ليعقد عمر حاجباه وهو يخطو تجاهها ويمد أنامله يتلمس ذلك الخط الاحمر المرتسم علي طول ظهرها قائلا بنبره لاتعرف أن كانت ناقده ام مهتمه : انتي مش بتاخدي الدوا بتاعك ؟!.

المزيد والمزيد من التشتت بينما كل لحظه عنده تكون منفصله عما قبلها وكأنه انسان آخر ....لتستدير إليه وهي ترفع يدها تضم فستانها المنزلي علي ظهرها قائله بلا مبالاه : نسيت !

استنكار شديد غلف ملامحه لتجده وسيله يمسك بذراعها ويسحبها تجاه الفراش يجلسها عليه ويمد يداه الي علب الادويه الموضوعه بجوارهم علي الكمود ..قائلا وهو يتطلع الي العلب: اي واحد منهم بتاع ضهرك

حاولت أن تقوم  من جواره بممانعه :  هبقي احط بعدين 

لم يقبل بأي رفض فثبتها باحدي ذراعيه وقام ليجلس خلفها مستندا بركبته الي الفراش وهو يفتح أحدي الكريمات ثم يمد يداه لينزل ثوبها من حول كتفها يعري ظهرها وتبدأ يداه بوضع الكريم بحركات دائريه جعلت تلك الذبذبات تمتد الي كل انش بجسدها لتمرر يدها علي وجهها وهي تحرك ظهرها تحاول أن تبعد ظهرها عن لمسته ولكن من قال أنه يقبل بأي بعد فكلما تحركت كانت يداه تجذبها تجاهه ...لحظات مرت ويداه تتحرك علي ظهرها بنعومه جعلت الدماء تهدر بعروقه ويهب الاشتياق إليها بكيانه فتزداد سخونه لمساته علي كل انش بظهرها .....أغمضت وسيله عيناها واعصرتها تستجمع إرادتها بينما لا تزيدها لمسته الا تشتت .....!

بتمهل مال عمر تجاه عنقها بعد أن ابعد خصلات شعرها الي الجانب الآخر ليطبع عليه قبله أثارت عاصفه بداخلها وسرعان ما استدارات إليه باعتراض لاح في عيونها فكيف ينهي كل خلاف بتلك الطريقه ومجددا من قال أنه يقبل بأي اعتراض يخالف ما يرغبه فكان مصير اعتراضها شفتيه التي ابتلعت شفتيها التي انقض عليها يقبلها بنهم 

ويداه تطوق خصرها يقربه إليه أكثر ...حاولت وسيله أن تمانع اقترابه ولكنه ردع اي ممانعه لها بالمزيد من ضراوة قبلاته ليميل بها الي الخلف وتزداد شفتاه نهما لقبلاتها باصرار أن يجعلها تنفصل عن كل شيء إلا وجودها معه فتفنن في اذاقتها فنون عشقه الضاري الذي يكنه إليها فلم يترك بها انش لم يتغزل به ويتذوقه باشتياق جارف غلبها في النهايه بينما هي الأخري اشتاقت إليه لتخونها كل إرادتها وتغرق معه في بحر عشقه الذي لم يعلمها كيف تسبح به !

.......

..

يعشقها ويتنفس حبها هكذا اعترف عمر لنفسه وهو يستوحش الابتعاد عنها في اليوم التالي ولكنه مضطر 

أن يذهب للاطمئنان علي والده 

وهاهي تستمع للمزيد من الوعود : كل حاجه هتتصلح ...انا هصلح كل حاجه بس انتي متبعديش عني يا سيلا ...انا مقدرش اعيش من غيرك 

مش عاوز منك الا انك تحبيني وتفضلي جنبي وكل ده هيتحل ...اديني بس شويه وقت بابا يبقي احسن وانا هقوله 

هزت سيلا راسها إليه تعده بالانتظار بينما عيناها لم توافق علي وعدها وقرء هو هذا ليمسك بوجهها بين يداه ويجبر عيناها علي النظر إليه وهو يسألها : مش هتسبيني ياسيلا ابدا مش كده 

حصل علي مايريد لتؤكد له نظراتها انها بالفعل لن تتركه ابدا ..ابتسم لها واتجه الي الأريكة يجلس عليها ويجذبها لتجلس فوق ساقه محيط جسدها بذراعيه

ليهمس لها بتدليل : هتوحشيني ومش هقدر ابعد عنك اكتر من كام ساعه ...بليل هرجع 

ابتسمت له ليهز رأسه ويميل تجاه شفتيها يقبل طرفها قائلا بمرح : ايوة كده اضحكي وبلاش البوز ده 

ازدادت ابتسامتها لترفع حاجبها : انا ببوز 

اوما لها وأشار إلي شفتيها : احلي بوز 

يلا بقي يا قلبي هقوم انا وانتي خدي بالك من نفسك 

اومات له ليبعدها عن حضنه ويعدل من ملابسه ثم يتجه الي الباب الذي ما أن وصل إليه حتي استدار قائلا باستدراك : سيلا 

نظرت إليه ليقول : لما ارجع هجيب ليكي تليفون ... عاوزة نوع معين 

هزت راسها ليغمز لها : اطلبي 

هزت راسها مجددا ليبتسم لها ويلقي لها قبله في الهواء كما تركها معلقه بالهواء لاتجد ارض صلبه تقف عليها ومع ذلك ظلت متمسكه به ! 

.......



.....



انحبست الانفاس بصدر غرام وتمسكت بيد والدتها أكثر وهي تنظر حولها بخوف لهذا المكان المريب 

ابتسمت تلك الفتاه لزينب وربتت علي يدها قائله : 

اقعدي شويه هبلغ الدكتوره 

نظرت غرام لعيون زينب باستفهام 

لتكتفي زينب بايماءه من راسها لابنتها أن تطمئن 

ولكن تلك النظرات زرعت القلق والتوجس بداخل غرام أكثر لتهمس لوالدتها وهي تتمسك بيدها :  ماما احنا جايين هنا ليه ؟!

ابتلعت زينب وقالت باقتضاب :  هتعرفي 

نظرات الطبيبه لها أكدت ظنونها كما أكدت هي لزينب باقتضاب : كل حاجه هتبقي تمام متقلقيش يا مدام 

قالت زينب وهي تنكس راسها بخزي : شكرا يادكتوره 

أشارت لها قائله : اتفضلي استني برا 

ثم أشارت لغرام :  وانتي اطلعي علي سرير الكشف 

نظرت غرام بتوجس الي والدتها وهمست بخوف وهي تنظر إلي تلك الادوات المخيفه  : ماما 

ربتت زينب علي يدها وقالت لها بنبره مطمئنه :  متخافيش 

أشارت الطبيبه الي زينب بحزم : يلا يا مدام متعطلنيش 

اومات زينب بانكسار ومالت تربت علي كتفه ابنتها هامسه بحنان : متخافيش يا حبيتي و اسمعي كلام الدكتوره

نظرت لها الطبيبه والي خوفها باستهزاء ابتلعته زينب وهي تطمن ابنتها بهمس :  خلينا نخلص وترجعي زي ما كنتي ...أمسكت يدها وهي تأخذها لفراش الكشف قائله برفق : يلا يا حبيتي 

لمعت الدموع بعيون غرام وتحشرج صوتها بينما تهمس لها : طيب خليكي معايا 

نظرت لها زينب بعيون دامعه : مينفعش 

انسابت دمعه من عيون غرام وهي تتمسك بيد والدتها أكثر : ماما ....انا خايفه 

تبرطمت الطبيبه دون إرادتها : وبعدين بقي يا انسه ....انا معنديش وقت للدلع ده 

قالت زينب برجاء : معلش يا دكتورة حقك عليا .....هي بس خايفه 

قالت الطبيبه بتلميح : كلهم بيبقوا خايفين هنا إنما ...بترت جملتها ولم تتابعها بينما فهمت زينب معناها وكذلك غرام التي نكست رأسها بخزي ..اتجهت الطبيبه الي جوار زينب قائله : متخافيش ....انتي لولا من طرف الهام انا مكنتش عملت ليها العمليه دي 

اومات لها زينب بامتنان وقالت بانكسار : كتر خيرك يا دكتوره 

أشارت لها الطبيبه : يلا اتفضلي 

نظرت غرام الي يد والدتها التي سلختها من يدها تناجيها برجاء هامس : بلاش يا ماما عشان خاطري ...انا خايفه 

هزت زينب راسها وقالت لها بعيون دامعه : ده اللي لازم يحصل والا هنعيش كلنا في العار ده طول عمرنا 

غص حلق غرام بقوة لتعاتب والدتها : كان هيتجوزني 

هزت زينب راسها برفض : مينفعكيش ....كده احسن !

هزت غرام راسها وانسابت الدموع من عيناها : لا مش احسن 

سحبت زينب نفس عميق وهي تزيل دموعها وتعيد الثبات الي ملامحها هاتفه بحزم اضطرت له : احسن يا غرام ....اسمعي الكلام !

نظرت غرام في أثر والدتها بعتاب شديد بينما بدأت الممرضه في إعدادها لتجلسها علي هذا الفراش وتبدأ بأبعاد ملابسها لتنساب الدموع بغزاره من عيون غرام التي شعرت بذل شديد لتتحول دموعها الي شهقات عاليه تجاهلتها الطبيبه وهي تجهز معداتها وتشير الي الممرضه أن تكبل ساق غرام التي أغمضت عيناها وحاولت أن تضغط علي نفسها وتخبرها أنها ستنتهي من هذا العذاب بعد قليل وستعود الي احضان والدتها ولكن سعور الذي والاهانه ازداد بداخلها وفجاه قفزت صورته امامها ليتغلغل الحقد بداخلها تجاهه فبينما هي تتجرع الذل والهوان هو يعيش حياته بصورته المثاليه ...!

عقدت الطبيله حاجبيها وهتفت بعصبيه بغرام التي أبعدت يد الممرضه عنها واعتدلت جالسه : بتعملي ايه ...بطلي دلع وارجعي مكانك 

هزت غرام راسها ونظرت باشمئزاز الي الطبيبه التي تعتقد نفسها افضل منها بينما هي مجرمه بالواقع لتبعد عنها الممرضه التي حاولت إعادتها الي مكانها هاتفا بصراخ ذة ابعدي عني 

زفرت الطبيبه بغضب : بنت انتي ...انا مش فاضيه ليكي 

يلا خلينا نخلص ...امسكيها يا عفت 

أسرعت الممرضه تجاه غرام تحاول أن تعيدها الي مكانها لتمسك غرام باول ما وقعت يدها عليه من تلك المعدات الحاده التي كانت ستستخدمها الطبيبه 

لترفعها أمام وجه الممرضه بتهديد : ابعدي عني 

اتسعت عيون الممرضه وهدرت بالشر لتصرخ غرام : بقولك ابعدي احسنلك

اقتحمت زينب الغرفه علي صراخ ابنتها لتتسع عيناها بصدمه وهي تري ابنتها ترفع ذلك المشرط الجراحي امامهم ....مالت غرام بجسدها ومازالت عيناها مثبته علي الممرضه ويدها ممسكه بالسلاح الجراحي لتجذب تنورتها تضع ساقيها بها وترفعها الي خصرها وتتراجع الي الخلف حيث باب الغرفه قائله بوعيد : محدش يقرب مني 

نظرت لها زينب باستنكار : غرام ....ارجعي 

هزت غرام راسها بقوة بينما دموع القهر والذي تنهمر من عيونها وتزيدها إصرارا : لا ! 

: مستر سيف !

اوما سيف دون أن يرفع عيناه عن الاوراق المفتوحه أمامه 

لتتمهل ثراء وهي تحاول اختيار الكلمات فما كان من سيف إلا أن تعجل ما تريد قوله : ها يا ثراء في ايه ذ؟!

حمحمت لتوضح له ترددها قبل أن تغلف نبرتها بالاهتمام وهي تقول بحرج مزيف : سوري طبعا اني هتكلم في حاجه زي دي ...بس ..بس انا فكرت وقولت الفت نظر حضرتك عشان متحصلش مشكله بينك وبين تينا !

تهادت نظرات الفضول الي عين سيف التي رفعها تجاه ثراء وهو لا يسأل بالكلمات بل بعيناه لتحمحم ثراء مره اخري قبل أن تقول بتعلثم أصابها من نظراته التي تحمل ثبات لا يجعلها تدرك اي شيء مما يدور بعقله

: حضرتك نسيت ميعاد الدكتور وطبعا دي حاجه تزعل اي ست واكيد حضرتك متقصدش وسط انشغالك وانا قولت ليها كده  وعشان كده انا فكرت الفت نظر حضرتك عشان متحصلش مشكله بينك وبين تينا ! 

تركها سيف تفرغ كل ما في جعبتها وهو يستمع إليها بملامح خاليه جعلت الارتباك يضرب كل انش بها 

بينما استصعبت كثيرا قراءه رد فعله علي ما قالته 

ووصلت صعوبته حد المستحيل بينما كل ما علق عليه من كلماتها هو تلك الكلمه التي رددها باستنكار خفي : تينا !

فهمت المغزي من كلمته وهو أنها أزالت المسافه بينها وبين زوجته بل وبينه هو أيضا لتتجرء وتقف أمامه تلفت نظره لما عليه فعله مع زوجته !

صفعه قويه كادت تشعر بها حينما عاد سيف يتطلع الي الاوراق التي أمامه متجاهل تماما التعليق علي اي شيء مما قالت بينما يقول بهدوء وثبات : روحي وابعتي ليا مسز ريهام بالبروجيت اللي طلبته الصبح !

احمر وجهها بقوة وبقيت مكانها تحاول استجماع خطواتها بينما شعرت بغباء فعلتها ! 

...............

.....

بعد انصرافها تخلي سيف عن جمود ملامحه وزفر بضيق وسرعان ما كان يقوم من مقعده ينتوي الذهاب إلي زوجته وسؤالها بكل الغضب الذي بداخله عما جعلها تدخل تلك الفتاه في حياتهم ليتراجع قبل أن يصل الي الباب ويحاول أن يتمسك باعصابه وهو يزفر مجددا 

بضيق شديد من تجرء تلك الفتاه علي الحديث معه بشيء يخص حياته وهنا فكر أن  اللوم يقع علي زوجته وحدها ...!

..........

...

تلفتت جوري حولها لتتأكد أنها سارت مسافه معقوله مبتعده عن المنزل بالحديقة لتتوقف خطواتها وتقف مكانها ....لاحظ مراد توقفها ليستدير إليها باستفهام 

لم تجيب عليه بينما لم يكن عليه أن يتساءل من الأساس 

: وقفتي ليه ؟!

نظرت له جوري باستفهام هي الأخري ليزم مراد شفتيه بحنق : مش بتردي عليا ليه ...وقفتي ليه ؟!

عقدت جوري يديها حول صدرها ونظرت إليه قائله  : عشان أنا مشيت الخطوات اللي كان لازم امشيها وخلاص مش همشي اكتر من كده 

داخل كلماتها كنايه عن شيء يغضبه ويشعره بالعجز عن مجاراتها لذا أخذ قشرة حديثها فقط ووجه إليها السؤال : يعني ايه ....؟!

نظرت جوري إليه بثبات : يعني كنت محتاجه شويه الخطوات دي عشان ابعد عن البيت ومحدش يسمع كلامنا في الظروف اللي هما فيها ...امشي تاني ليه ...عندك حاجه عاوز تقولها اتفضل !

بدا الانزعاج واضح علي ملامح مراد الذي بسرعه كان يتخذ موضع الهجوم هاتفا : ولا تانيه ولا تالته ...نظر إليها وتابع بثبات علي موقفه المزعوم : جيت اخدك عشان نرجع البيت واظن اني سيبتك مش يوم ولا اتنين لا تلاته والعزا خلص يبقي كلام ايه اللي مستنيه تسمعيه مني غير ده !

مررت جوري يدها علي عنقها تخفي تلك الغصه التي مرت خلاله بينما تعنف نفسها للمره المائه بسؤالها عما تنتظر منه ليتلاشي العتاب من داخلها ويحل محله الغضب الشديد الذي توهج في نظراتها وهي تتطلع إليه بهجوم : انا مش مستنيه منك اي كلام من الأساس 

ضيق عيناه يتطلع الي الالغاز بكلماتها ليزداد عنفوان الغضب بداخلها فتدفع بالاستخفاف في نبرتها وهي تتابع : ومفتكرش انك مستني مني رد علي الكلام اللي قولته دلوقتي !

رفع حاجبه باستنكار : يعني ايه ؟!

واجهته بنظراتها الشرسه بينما واهم أن ظن مجرد ظن واحد في المائه أن ما حدث سيمر كما مر ما قبله 

: كلامي واضح ... مش راجعه معاك ولو فاكر انك بتحرجني قدام مامي عشان ارجع معاك وواخد ضدي اني سكتت ومقولتش حاجه عن المشكله اللي بينا يبقي فكر تاني عشان اللي عملته معداش ولا هيعدي يامراد وسكوتي المره دي بس احترام للظرف اللي بابي بيمر بيه !

استشاطت نظراته غضبا بينما تابعت جوري بانفعال دون أن تعي كلماتها 

: كلامك الاهبل ده مش هيمشي عليا ...!

غضب شديد توهج بنظراته من اهانتها الغير مقصوده له ليقذف اللهب من كلماته وهو يقول بتحذير : انتي بتقولي الكلام ده لمين ....خدي بالك من كلامك احسنلك 

رفعت حاجبها باستنكار لاستخدامه اسلوب الترهيب ذاته معها : احسنلي !

اوما لها مراد بغضب شديد وهو يحاول التمسك ببقايا أعصابه : اه ...ولو فاكره اني ناسي قله ادبك وتطاولك عليا تبقي غلطانه انتي كمان !

بدء التحدي والفوز من نصيب القادر علي الجرح أكثر ولم يعد للتراجع اي مجال لتنظر له جوري بغضب مردده باستنكار  : قله ادبي ! 

اوما مراد بعنفوان وهو ينظر إلي شراسه عيونها الجديده عليه : اه عشان اللي تقول لجوزها مش راجل وكلامه  اهبل تبقي قليله الادب وعاوزة تتربي !

اتسعت عيون جوري من إهانته لتبعد اي كلمه عتاب يوجهها قلبها له وتنظر له بغضب : انا عاوزة اتربي !

اوما لها بغضب : اه وحالا لو ملمتيش الدور معايا يا جوري ...لم تنتظر لسماع باقي تهديده لتقاطعه بتحدي : هتعمل ايه !

ضيق عاصم حاجبيه وهو يتجه بخطواته الي جانب الشرفه التي خرج إليها يستنشق الهواء وبعد لحظات جذب نظره تلك الإشارات المتبادله بين جوري ومراد ...ليعقد حاجبيه ويتابع حديثهم الذي لا يصل إليه ولكنه يري حركه يداه وتأهب وقفه ابنته لتتسع عيناه وتتوهج بالغضب ما أن لمح يد مراد تتجرء علي ذراع ابنته فسرعان ما كان يستدير ويدخل الي الداخل ومنه إلي الأسفل !

باندفاع انقضت قبضته علي ذراعها يزمجر بها : هربيكي ! 

غزت الدموع مقلتيها ولكنها أبت الاستسلام والصمت  لتدافع عن نفسها وتحاول نزع ذراعها من يده ودفعه بعيدا عنها صارخه : انت هتمد ايدك عليا !

لاتعرف ماذا حدث ولا كيف تراخت قبضه مراد عن ذراعها بينما بلحظه كان عمر الذي دخل من البوابه للتو يلمح ما يحدث وينطلق كالسهم تجاه مراد يجذبه بعيدا عن أخته التي بحركه واحده كان يوقفها خلف ظهره  ويسدد لكمه قويه لوجه مراد هاتفا بعنفوان : ده انا هقطع ايدك اللي مديتها عليها ! 

أخذ مراد لحظه يستجمع ماحدث وسرعان ما كان يرد اللكمه لعمر ...!

كالعاده كانت شهد تركض للاعلي لتبلغ زينه ما رأته من نافذه المطبخ لتصطدم بعاصم الذي كان يقطع الدرج ركضا ....أمسكت شهد بالدرابزون حتي لا تقع حينما أبعدها عاصم من أمامه بينما لا يري شيء بالأساس الا ابنته التي تجرء عليها ذلك الرجل !

لكمات وصراخ تعالي في الإرجاء بينما مراد وعمر يشتبكون بقوة وكل منهم لا يتراجع !



......

......



صرخ عمر بابيه الذي ظنه يبعده عن مراد تضامنا معه : سيبني يابابا انت مش عارف هو عمل ايه ..؟

دفع عاصم عمر بعيدا عن مراد ووقف بينهما ليسدد نظرات قويه الي مراد تنذر بعاصفه حارقه من الغضب للحظه قبل أن يشير لعمر قائلا بحزم : خد اختك في حضنك ياعمر !

توقف عمر لحظه يستوعب ليكرر عاصم كلماته بحزم أكثر بينما ينظر إلي جوري التي كانت تبكي بقهر لا يسمح أن يراه  : خد اختك في حضنك ياعمر وامسح دموعها اللي مش هتنزل ابدا طول ما ابوها واخواتها عايشين 

تبينت الرؤيه وفهم عمر أن أبيه أدرك ما فعله مراد بأخته والذي لا يعرفون سببه ولا يهتمون لشيء حاليا الا رؤيتهم تطاوله علي ابنتهم 

ليتجه عمر الي أخته يأخذها بحضنه بحنان منفذ كلمات أبيه الذي نظر إلي مراد مطولا وهو لا يعرف حقا كيف استطاع أن يتمسك باعصابه حتي تلك اللحظه ولا يحطم وجهه 

....نعم لم يحطم وجهه بلكمه ولكنه حطمه بكلمه واحده نطق بها بنبره لا تقبل الجدل : طلقها !

شهقت زينه التي أسرعت تركض إليهم بعدما أخبرتها شهد برؤيتها لعمر ومراد يضربون بعضهم لتصل وعاصم ينطق بتلك الكلمه وسرعان ما كانت تصرخ هي توقف عاصم 

: عاصم 

أبعدها عاصم عن ذراعه التي حاولت الامساك به هاتفا بحزم : مكانك 

التفت الي مراد مجددا مكررا بسخط  : سمعت انا قولت ايه ولا اسمعهالك تاني 

واجهه مراد بثبات هاتفا : سمعت بس مش هنفذ !

زمجر عاصم به بغضب ومازال يكور قبضته : هتطلقها !

هتف مراد بتحدي بينما خرجت الامور عن السيطرة : مستحيل !

اغمض عاصم عيناه لحظه يحاول التمسك باعصابه حتي لا يتطاول عليه فقط إكراما لأبيه ليزم عمر شفتيه بغضب شديد هدر داخل عروقه ويتأهب هو بينما يسدد نظراته الغاضبه تجاه مراد الذي نظر إلي جوري التي مازالت تبكي بحضن أخيها 

اسرع سيف يقف بين أبيه ومراد هاتفا برجاء : 

بابا اهدي 

هتف عاصم به وهو يبعده من أمامه : ابعد ياسيف 

هز سيف راسه وبقي واقفا في المنتصف بينما غلف التوتر الأجواء وانذر بعاصفه ستقضي علي كل شيء في طريقها ليقول لمراد برجاء : مراد امشي دلوقتي ارجوك 

هتف عاصم بسخط ::مش هيمشي الا لما يطلقها 

قال سيف برجاء : بابا الأمور متتاخدش كده !

تدخل عمر بغضب مزمجرا : سيف سيب بابا يتصرف انت متعرفش هو عمل ايه 

كان سيف وزينه يتشاركون نفس الرأي العقلاني : ايا أن يكون اللي حصل نتكلم فيه ونفهم سببه الاول وحاليا الجو ميسمحش بكده 

نظر إلي مراد وكرر رجاءه : امشي دلوقتي يا مراد 

...

.......

دخل عاصم الي المنزل بخطوات غاضبه يركل الأرض ركلا وهو يزمجر بغضب شديد : ازاي يتجرء ويمد أيده عليها ....قسما بالله ما هتعدي بالساهل كده وهيطلقها غضب عنه 

شارك عمر ابيه بالغضب : كنت سبتني يا بابا اربيه

نظرت زينه لعمر بتوبيخ وهي تشير بعيناها الي جوري التي تنقل عيناها التي امتلئت بالدموع بينهم بصمت 

: عمر مش وقته !

أشار سيف الي تينا قائلا : تينا خدي جوري ترتاح 

اومات تينا وامسكت بيد جوري التي توقفت مكانها ما أن هتف عاصم بها بنبره لا تسمح بالجدل : جوري المره دي كلامي اللي هيستمع .... قراري نهائي وانتي هتنفذيه ....هيطلقك ! 

نظرت زينه الي عاصم بعتاب وهتفت به برجاء خافت : عاصم مش وقته 

زمجر عاصم بها بغضب : لا وقته وانا كلامي واضح ومش هعيده ...دلوقتي هيجيب أبوة ويجي وجوري مش هتنطق كلمه قدام قراري ...!

............

....

نظر سيف الي أخته بتأثر ليقوم من مكانه قائلا بحنان : تعالي معايا جوري 

اخذها هو وتينا للاعلي ليتبعهم عمر وعلي الفور كانت زينه تلتفت الي عاصم قائله برجاء : 

عاصم لو سمحت الأمور متتاخدش كده 

رفع حاجبه باستنكار : امال تتاخد ازاي ...ايه اسكت  علي اللي عمله ؟! 

هزت زينه راسها وقالت بعقلانيه : لا طبعا بس نتدخل بحدود مينفعش تجبرها انها تتطلق وتقول قرارك نهائي دي حياتها 

قاطعها عاصم بحنق : ودي بنتي ! 

قالت زينه بعقلانيه : وبنتي انا كمان وانا اكتر واحده خايفه عليها والطلاق مش هيحل حاجه 

نظر لها عاصم باستهجان : امال ايه الحل 

قالت زينه بمنطقيه : تسمع منها ومنه لو عاوزين يشاركوا معاك مشكلتهم ولو مش عاوزين يبقي نسيبهم هما يحلو خلافهم 

استنكرت كل ملامح عاصم حديث زينه التي تابعت : 

دايما في فرصه ومش معني خلافهم أنهم يتطلقوا بعد السنين دي ....خليهم ياخدوا فرصتهم مش بقول النهارده ولا بكره بس سيبهم هما يقرروا ..الطلاق مش حل ياعاصم وافتكر انك قولت ليا الكلام ده من سنين ورفضت تتطلقني بعد اللي حصل بينا !

تغيرت ملامح عاصم وازداد لهيب الغضب الاهوج بعيناه ليزمجر بعصبيه : يوووه هو احنا مش هنخلص من الموضوع بتاع زمان ده 

تفاجئت زينه به يمسك ذراعها بقليل من القوة ويتابع مزمجرا : مش كل حاجه تدخلي اللي حصل بينا زمان يا زينه ....اللي حصل حصل وانتي رضيتي وخلصنا انا مش مضطر اقبل ده علي بنتي 

ابتلعت إهانته المبطنه والتمست له العذر في عصبيته لتنظر في عيناه  : ادي انت قولت ان انا رضيت ...مش جايز هي كمان ترضي 

هز راسه بقطعيه : لا مش هسمح لها تقبل بأي حاجه الا الطلاق 

نظرت له بانفعال بينما اغلق كل حواسه وتمسك بقراره الذي اتخذه بانانيه : ده الحل من وجهه نظرك ....تتطلق وهي صغيرة 

اوما لها بعنفوان رافضا سماع اي عقلانية تدعوه لها : بكره تتجوز اللي احسن منه 

ازدادت نظرات الاستنكار بعيونها : وابنها يتربي من غير اب ومع جوز ام ....ايييه يا عاصم حصل ايه لكل ده !

استشاط عاصم غضبا وهتف باندفاع : الحيوان مد أيده عليها عاوزة ايه تاني يحصل اكتر من كده 

باندفاع مماثل هتفت به زينه بينما تجاهلت حديثه بعدم إقحام الماضي : ما انت عملت اللي اكتر من كده ومتطلقتش منك !

تجمع الغضب بعيون عاصم الذي هتف بها بعصبية : انتي حره وقبلتي تكملي معايا انا بقي مش مجبر اخليها تقبل تكمل معاه !

نظرت زينه إليه وملئت المراره حلقها وتجمعت الدموع بعيونها وهي تتذكر كيف أنها ارتضت كما يقول ....! 

قبلت كل سوء أفعاله ورضيت أن تتابع حياتها معه لحبها له ولكن بمرور السنوات أصبح الرضي من أجل أطفالها لتتذكر تلك المره التي يتحدث عنها ....! 

مره واحده تطاول عليها بعد سنوات من هدنه طويله مرت عليهم ولا تنكر أنه حاول أن يتغير وفعلها ولكن يظل الطبع له الغلبه عن التطبع لتسبقه يداه وتخونه وتمتد عليها بصفعه كانت قد نسيت كم أن وقعها النفسي مؤلم أكثر من الجسدي ....!

تلك المره لم يكن هناك حب يقف أمام إهانته التي وعدها الا يكررها وخانه طبعه وفعلها ....تلك المره برر فعلته ولكنه لم يتوسل لطلب السماح بل فقط اعتذر بتبرير أنها من استفزته ...تلك المره كان يدرك أنها ستقبل اعتذاره حينما وقفت تنظر إلي أطفالها ولاول مره تتساءل ماذا ستفعل بثلاثه اطفال يحتاجون أبيهم 

لتقبل وترتضي الاعتذار بعقلها ويظل قلبها علي موقفه منه لوقت طويل جريح مكسور وفي النهايه تداوي الايام تلك الجراح وترمم الكسور واحيانا ننظر إلي اثار الندبه وأحيان أخري تأخذنا دوامه الحياه فننسي الجروح ونغرق وسطها ...!

لم يكن هناك كلام تقوله بينما ملئت المراره حلقها ليري عاصم بعيناها عتاب قاسي تبعه صمتها الذي أخذته مع خطواتها وهي تغادر من جواره ! 



..........

....

نظر ايهم الي عمر الذي خرج حتي لا يبقي موجود أمام مراد مره اخري فيفقد أعصابه 

لينظر ايهم إليها مطولا قبل أن يسأله : وبعدين ياعمر اخرتها ايه 

تنهد عمر بثقل ضاق به صدره وقد كان بحاجه للحديث ليقول :  مش عارف ياايهم ملهاش اخر ولا أنا أقدر اصدمه دلوقتي ولا اقدر ابعد عنها بعد اللي حصل 

رفع ايهم حاجبه باستنكار : امال هتعيش كده متجوز في السر ؟! 

نظر له عمر قائلا : عندك حل تاني ؟! 

قال ايهم بهدوء وتشجيع : مفيش حل الا انك تقول لابوك وتشيل الحمل ده من فوق ضهرك ....هيكون رد فعله شديد بس انت كتير وقفت قدامه ...مفيش الا الحل ده قدامك !

اوما عمر بتسويف : شويه بس حالته تتحسن 

وهقوله 

نظر ايهم إليه بنظره ثاقبه بينما يقول بتحذير : 

بس خد بالك يا عمر التأجيل بيخليك تبقي جبان ويوم ورا يوم الموضوع هيصعب اكتر 

زفر عمر ونظر الي ايهم بأنفعال بينما زجره في خانه اليأس : ايهم بطل مثاليه انت عارف أنه صعب والنصيحه مفيش اسهل منها 

قال ايهم بعقلانيه : انا مش بنصحك من فراغ ...انا بنصحك عشان أنا اكبر منك وشوفت اكتر منك 

مفيش سر بيفضل سر علي طول 

ووسيله مش هترضي بالوضع ده كتير 

افلتت الكلمه من لسان عمر بثقه : راضيه 

تابعه ايهم في الحديث الذي يتهرب منه قائلا : راضيه عشان بتحبك وده سبب قوي يخليك تشوف أنها متستاهلش تكون زوجه في الضلمه 

ضاق عمر بالحديث ليقول بتسويف يتهرب به من المواجهه التي يدرك أن عاجلا ام اجلا عليه خوضها : مؤقتا بس يا ايهم وهحل كل حاجه 

نظر في ساعته وقال مغايرا الموضوع : المهم البنات اتاخرت ليه كده 

أشار ايهم تجاه باب النادي حيث وقف بانتظار بناته : اهم جايين  

أسرعت الفتيات تجاه سياره أبيهم الذي جلس عمر بالامام برفقته بها : بابي 

ابتسم ايهم لهم بحنان قائلا : حبايب بابي ...عملتوا ايه ؟

قالت هنا بحماس : كان التمرين جامد وحلا كالعاده قعدت تعزف لصاحبها 

اوما ايهم لتلتفت هنا الي عمر قائله بمرح : ازيك يا عمر 

رفع عمر حاجبه وقال بمشاكسه : عمر حاف كده . .. التفت الي ايهم الذي قاد السيارة : بناتك اخدت عليا اوي يا ايهم

ضحك وتابع وهو يلتفت الي هنا : المفروض تقوليلي اونكل عمر 

ضحكت هنا وحلا ليمضي الطريق بينهم بضحكات إلي أن أوقف ايهم السيارة اسفل منزله ....استدار الي الفتيات قائلا : يلا يا حبايبي اطلعوا انتوا وانا هروح مع عمر مشوار وساعتين وارجع 

اومات الفتيات لتنزل هنا وبعدها حلا التي اتجهت الي صندوق السياره تأخذ منه حقيبه الغيتار الخاص بها ....قال ايهم لعمر : هدخل العربيه الجراج وهركب معاك وتبقي توصلني 

اوما عمر لينزل من السيارة ويتوقف جانبا بينما يشير كلاهما للفتيات وهما يدخلون من باب العماره ...!

بحقد شديد تغلغل في عروقها تابعت عيون غرام الباكيه الابتسامه التي تزين وجه ابنتاه ووجهه وهو يعاملهم بتلك الحنيه والاهتمام لتزداد قبضتها عنفا علي ذلك السلاح الجراحي الذي مازالت ممسكه به بيدها بعد هروبها دون النظر خلفها من تلك العياده بينما مازالت تشعر بنفسها عاريه مهانه والذل الذي عاشته يولد بداخلها شعور ضاري بالحقد فهو يعيش حياته وكأنها لم تكن بينما هي تتجرع هذا الذل والهوان ..! 

..........

...

اشاح عاصم بوجهه وهتف بانفعال : سيف انا كلامي خلص 

تحامل سيف البحيري علي نفسه بينما من أجل تلك الفتاه فقط اتي وهو نفسه يعرف أن ابنه تجاوز الحدود ولا يستحق أن يقف معه ولكنه بالنهاية اب ليقول بصبر وهدوء : احنا لسه متكلمناش اصلا يا عاصم والأمور متتاخدش كده !

هتف عاصم بعنفوان : امال تتاخد ازاي يا سيف ....ابنك في بيت ابوها اتجرء ومد أيده عليها بالطريقه دي امال بينه وبينها بيعمل ايه 

تحامل سيف علي نفسه وقال بمنطقيه: غلطان طبعا بس اكيد فيه سبب 

هتف عاصم بغضب : انت بتبرر له يا سيف

هز سيف رأسه قائلا : لا طبعا .... احنا بنتكلم وبنفهم وانا لسه مسمعتش منه التفاصيل مجرد أنه قالي انك مصمم تخليه يطلقها انا جيت علي طول وقولت اسمع من جوري ومستعد أراضيها بأي طريقه 

قام عاصم من مقعده وهتف بحزم : طالما جيت تسمع منها يبقي هتسمع منها قرارها !

نظر سيف الي عاصم بترقب بينما تأمل في عقل وحكمه وصبر زوجه ابنه التي عهدها 

لتتسع عيناه وتنصدم ملامحه ما أن اتت جوري خلف ابيها الذي صعد ليحضرها لتقف أمام حماها وتنطق بلا مقدمات : انا عاوزة اتطلق من مراد يا اونكل !

........

...........



نظر ايهم في مرأه السيارة الجانبيه بينما يصفها بمكانها بالجراج اسفل المنزل لينزل منها ويضغط علي زر إغلاقها الذي أصدر صوتا قبل أن يجذب عيناه ذلك الشيء وسرعان ما كان يميل ليراه وبنفس اللحظه كانت كل ملامح غرام تهدر بالكراهية وهي تندفع ناحيته وبيدها اليمني تقبض علي هذا السلاح الجراحي تشهره للاعلي تأهبا لغرسه بقلبه ما أن يستدير .....عقد ايهم حاجبيه وهو يمد يداه تجاه ذلك الخدش الذي لمحه بجانب السيارة ومال ليراه بنفس لحظه اندفاع غرام ناحيته فلم يراها وهو يعتدل واقفا مجددا لتندفع يدها ناحيته لنيل انتقامها .....صرخه عاليه بأسمه ترددت في أرجاء المكان الذي تتابع به صدي الصوت ...اييييهم !.

لامست يد غرام الممسكه بالسلاح ذلك السائل الساخن الذي اندفع بغزاره من صدر عمر الذي بلا تفكير تزامنت صرخته المحذره مع خطواته تجاه ايهم يضع جسده أمامه ليفاديه ....! 

..............

...

نظرت زينه الي ابنتها بتأثر قائله بعتاب لطيف : ليه ياجوري عملتي كده 

قالت جوري بانكسار ويأس: عشان ده اللي المفروض يحصل 

هزت زينه راسها برفض : لا ومش معني أن بابا اخد قرار تنفذيه دي حياتك وانتي الوحيده اللي من حقك تقرري 

وانا جنبك وهقف معاكي في قرارك حتي لو ضد قرار بابا 

تنهدت جوري وهزت راسها قائله بيأس : لا ...قرار بابا صح ...انا اتنازلت كتير وخوفت علي حياتنا كتير 

وان الاوان مراد يعرف أن لكل حاجه نتيجه ويتحمل نتيجه تصرفاته ...!

.......

....

نظر سيف بطرف عيناه تجاه تينا التي تحدثت في الهاتف بصوت خافت تعتذر عن موعد الطبيب وتؤجله للغد في خضم تلك الظروف ليتعمد أن يبدو باردا وهو يسألها : اجلتي ميعاد الدكتور ليه ؟

نظرت تينا إليه باستفهام فهل يتذكر موعد الطبيب ومع ذلك لم يلمح أنه سيذهب معها لتقول بصوت شارد : يعني مفيش مجال أخرج واسيب جوري في الحاله دي 

تفاجأت بسيف يهز رأسه قائلا باقتضاب : اللي يريحك ....

اهتزت نظرات تينا ورمشت بعيونها بضع مرات تراجع ما نطق به ليزيد الأمر سوء وهو يعتدل واقفا ويسحب هاتفه من جواره : انا عندي اجتماع وهرجع متأخر ...لو عاوزة تروحي ميعاد الدكتور هخلي شافعي يوصلك !

وقفت تينا مكانها تتطلع إليه بعدم تصديق بينما سيف تراجع عن الشجار معها واكتفي بأن يخبرها بمغزي مبطن أن مافعلته بحديثها عن أسرارهم خطأ ولن يجعله يهرع للذهاب معها لتنجح ثراء بخلق سوء تفاهم بينهم ولو كان كل ما قصدته هو التقرب منهم !

تعليقات