رواية منعطف خطر الفصل السابع والخمسون 57 بقلم ملك ابراهيم

        

          

 رواية منعطف خطر الفصل السابع والخمسون

ياسمين بصت لهم بدهشة وهي مش فاهمة:
– هو في إيه؟ مالكم؟

مهاب رمى الكرة لخالد وهو بيشير له:
– اسألي جوزك.

وش ياسمين اتوتر فجأة، قلبها دق أسرع، لأنها متفقة مع خالد إن محدش يعرف إنه فاكرها، فقالت بسرعة وبصوت فيه ارتباك:
– جوزي إيه! هو مش فاكر حاجة!

مهاب رد بسرعة وبثقة:
– ياسمين... ياسمين، متمثليش وتتعبي نفسك، أنا عارف إنك عرفتي كل حاجة.

ياسمين فتحت عينيها بدهشة حقيقية:
– عرفت إزاي؟ هو أنا باين عليا؟

مهاب أشار على خالد وهو بيبص علي شعره:
– لا... باين عليه هو.

خالد بدأ يبص حواليه بيدور على أي حاجة يرميها على مهاب، وقال وهو بيكتم عصبيته:
– قوم يا زفت، امشي من هنا!.

مهاب رفع حاجبه وقال بإصرار:
– أمشي فين؟ أنا مش هتحرك من هنا قبل ما أعرف هعمل إيه مع منة.

ياسمين اتفاجئت وبصت له بدهشة:
– مالها منة؟

مهاب رد وكأنه بيحكي حاجة عادية جدًا، رغم إن كلامه كان قنبلة:
– اتجوزتها النهاردة.

ياسمين شهقت وهي فاتحة عينيها على الآخر، وبعدين فجأة ضحكت من الصدمة:
– بجد؟؟ طب إمتى وإزاي؟ أنا كنت حاسة إن في حاجة بينكم، بس متخيلتش إنكم تتجوزوا بالسرعة دي!

مهاب هز راسه:
– لا… هو الموضوع مش زي ما إنتي فاكرة. بصي، مش مهم أشرحلك دلوقتي، بس أنا عايزك تنصحيني يا ياسمين… رأيك أنا ومنة ممكن نكون مناسبين مع بعض؟

ياسمين قعدت تفكر، لكن قبل ما تقول حاجة، مهاب قرب شوية وقال برجاء واضح:
– ساعديني يا ياسمين… مش أنا ساعدتك ونصحتك لما كنتي بتتجوزي؟

خالد، اللي كان متابع الكلام بنظرة غيظ، قاطعهم بسخرية:
– نصحتها بإيه؟ قولتلها جربي، ولو معجبكيش اتطلقي وعيشي مرتاحة زيي! هي دي النصيحة اللي إنت نصحتها بيها!

مهاب رد باختصار:
– المهم إني نصحتها.

وبص لياسمين برجاء حقيقي:
– ياسمين، قوليلي بجد… أنا ومنة… مناسبين لبعض؟

ياسمين خدت نفس عميق، وعينيها بتلمع بتفكير، وقالت بهدوء:
– من رأيي آه… مناسبين لبعض جدًا. 
بس في النهاية،
إنتوا اللي تقرروا.
منة بنت كويسة جدًا ومؤدبة، وشاطرة في شغلها، وكمان قادرة تشيل مسؤولية كبيرة لوحدها. رأيي الشخصي فيها إنها ممتازة، ومش هتلاقي بنت أفضل منها!

خالد رد بسرعة على كلامها وهو مش مستوعب:
– ولما هي بنت بالمواصفات دي، تبقى مناسبة للكائن ده إزاي؟

وبص لمهاب بغيظ أكتر:
– ده ماينفعش معاه غير واحدة تكهربه وهو نايم!

ياسمين ما قدرتش تمسك ضحكتها، وبصت لمهاب بخفة دم.

فجأة، تليفون خالد اللي كان على الترابيزة رن. خالد مد إيده وخده، وبمجرد ما رد، قام واقف وابتعد عنهم شوية عشان يتكلم بعيد، ووشه بقى جاد.

ياسمين رفعت حاجبها وهي مستغربة تصرفه، وقلبها فيه فضول تعرف مين اللي بيكلمه. بصت لمهاب وسألته بنبرة فضولية:
– هو خالد بيكلم مين؟

مهاب رمق خالد بنظرة خاطفة وبعدين رجع يبص لها:
– ماتقلقيش، هو معندوش وقت يخونك. المهم ركزي دلوقتي في مشكلتي… يعني رأيك أدي لنفسي فرصة مع منة، صح؟

ياسمين ردت وهي بتبتسم بخفة:
– أكيد، هي دلوقتي مراتك، وهتقدر تتعرف عليها من قريب وتفهموا بعض أكتر.

وبصت له بفضول وهي مايلة شوية لقدامه:
– بس إنتوا اتجوزتوا إزاي وامتى؟ أنا ما توقعتش تتجوزوا بالسرعة دي!

قبل ما مهاب يرد، خالد خلص مكالمته وقرب منهم بخطوات سريعة، وصوته حاسم:
– قوم.

مهاب رفع حاجبه بدهشة:
– أقوم فين؟

خالد قال وهو بيبصله بجدية:
– عندك شغل.

مهاب لمحه وهو بيتجنب يبص لياسمين، وفهم على طول إن في حاجة مش هينفع تتقال قدامها. قام من مكانه فورًا، وقال لياسمين وهو بيبتسم ابتسامة هادية:
– معلش يا ياسمين، هنكمل كلامنا بعدين.

خرج مع خالد لحد ما وصلوا عند عربية مهاب، ووقفوا يتكلموا كام دقيقة بصوت واطي مع بعض ، ملامح خالد فيها توتر واضح. بعد شوية، مهاب ركب عربيته ومشي، وخالد رجع عند ياسمين.

ياسمين كانت واقفة، فضولها بيقتلها، وعينيها مليانة قلق. أول ما قرب خالد، بصت له وسألته بنبرة حازمة:
– خالد، هو في إيه؟

خالد كان بيبص على تليفونه، ووشه متوتر، وقال وهو بيحاول يخفي قلقه:
– مفيش يا حبيبتي… اطلعي يلا ارتاحي فوق، أنا لسه قاعد شوية.

ياسمين ضيقت عينيها وهي بتحاول تقرأ وشه:
– في إيه يا خالد؟ مين اللي كلمك ومن بعدها بقيت قلقان كده؟

خالد رفع عينه من على التليفون، وبص لها وهو بيتنهد، صوته حاول يكون هادي:
– أنا مش قلقان ولا حاجة… واللي كلمني ده واحد صاحبنا عنده مشكلة، وطلب مساعدتي، فبعتله مهاب.

ياسمين هزت راسها ببطء، وملامحها بتقول إنها مش مقتنعة:
– ماشي يا خالد، هصدقك… رغم إني مش مقتنعة.

اتحركت من قدامه ودخلت جوه الفيلا، وخالد فضل واقف مكانه يتابعها بنظره لحد ما اختفت.

أول ما اختفت من قدامه، عينه رجعت تاني للتليفون، وبإيده ضغط على رقم، وحط الموبايل على ودنه… كان بيتصل بعمها راشد.
رواية منعطف خطر بقلمي ملك إبراهيم. 
بعد نص ساعة قدام بيت الشرقاوي،
الشارع كان مليان عربيات شرطة صفوف ورا بعض، أنوارهم الزرقا والحمرا مولعة الدنيا. الحركة كانت سريعة ومكثفة، قوات الشرطة داخلين وخارجين من البيت، أصوات اللاسلكي، وخطوات العساكر على الأرض عاملة دوشة تقطع هدوء الليل.

مهاب وصل بعربيته، ركن على جنب ونزل بسرعة، خطواته سريعة وعينه بتمسح المكان. دخل الفيلا بخطوات حاسمة، وعينه وقعت على جلال الشرقاوي وهو خارج، إيديه متكلبشة، ووشه شاحب.

العساكر شغالين يفتشوا البيت كله، الأوض بتتفتح واحدة ورا التانية، وصوت الأوامر بيعلى وسط الجو المكهرب.

راشد كان واقف ثابت مكانه، بيبص على أبوه بنظرة كلها حسرة ووجع، كأن الدنيا تقفلت في وشه. قدامه مراته واقفة محتضنة بنتها بخوف. و أحمد، أخو ياسمين، كان واقف قريب منهم، ملامحه مرعوبه ومش فاهم إيه اللي بيحصل حواليه.

مهاب اتقدم ناحية مجموعة من الظباط اللي كانوا واقفين بيتكلموا، اتبادل معاهم الكلام بسرعة، وبعدين عينه راحت على أحمد، وبعدها اتحرك من مكانه ووقف قدام راشد وقال بجدية:
– لازم تسيبوا البيت ده بسرعة.

راشد هز راسه وقال بصوت فيه تعب وإصرار:
– أنا كلمت أوتيل، هنروح نقعد فيه للصبح، وهحجز لمراتي وبنتي على أول طيارة. بس أنا مش هينفع أسافر وأسيب أبويا وابني هنا!

مهاب بص لراشد، وصوته كان جاد وحاسم:
– يحيى اعترف على جده، والاتنين هيدخلوا حبس مشدد، ومتأمن عشان نحميهم. وجود حضرتك هنا هيكون خطر عليك… الأفضل تسافر مع مراتك وبنتك.

بعدها لف وشه ناحية أحمد وقال بنبرة واضحة:
– وأحمد هيجي معايا.

أحمد، اللي كان واقف متجمد مكانه، بص لمهاب وبعدين لعمه، وعيونه مليانة أسئلة مش فاهم لها جواب. راشد تنهد، وقرب من أحمد وقال بنبرة فيها حنية وإصرار:
– روح مع حضرة الظابط يا أحمد… هو هيوصلك عند أختك ياسمين.

أحمد بص له مرة تانية، وصوته كان فيه قلق:
– هما خدوا جدي فين؟

راشد اتسمر مكانه، معرفش يرد يقوله إيه، وكأنه مش قادر ينطق بالكلام. مهاب تدخل بسرعة، وبص لأحمد بنظرة هادية يحاول يطمنه:
– يلا يا أحمد عشان نمشي… هنروح عند ياسمين أختك.

لكن أحمد رفع عينه له، والخوف باين على ملامحه:
– هو حسن أبو علي فين؟

قبل ما مهاب يرد، سمعوا صوت مألوف جاي من ورا مهاب:
– أنا هنا يا أحمد باشا.

أحمد أول ما شاف خالد، عينيه نورت فجأة، وجري عليه بكل قوته، وخالد فتح دراعاته بسرعة واحتضنه بقوة، كأنه بيحاول يمسح عنه كل الخوف اللي مر بيه.

مهاب وقف لحظة، وبص لخالد بدهشة، وخطى ناحيته بقلق:
– إنت جيت إزاي هنا؟ ناسي إن حياتك في خطر إنت كمان؟

خالد عدل وقفته، وصوته نزل لطبقة هادية ومنخفضة وهو بيكلم مهاب:
– أول لما ياسمين طلعت أوضتها، خرجت على طول. كنت عارف إن أحمد هيكون خايف وسط اللي بيحصل ده… كان لازم أجي عشان أطمنه.

وهو ماسك إيد أحمد، رفع عينه وبص لراشد، وقرب منه بخطوات واثقة، والجو حواليهم لسه مليان أنوار الشرطة وأصواتها.

راشد بصّ لخالد بقلق وهو صوته مخنوق:
ـ يحيى ابني كويس؟

خالد حاول يطمنه، وبصله بثبات:
ـ متقلقش عليه، هو كويس… واعترافه جه في الوقت المناسب. حياته وحياة جده كانت في خطر، ووجودهم في السجن دلوقتي أأمن ليهم من برّه.

راشد نزل عينه للأرض وقال بحزن واضح في نبرته:
ـ وهيتحكم عليهم ؟

خالد أخد نفس عميق وقال:
ـ دي إجراءات محكمة… المهم دلوقتي إنكم تبعدوا عن هنا، وجودكم هنا مبقاش أمان.

راشد هز راسه بتفهم، وبص لمراته وبنته بنظرة جدية:
ـ جهزوا شنطكم بسرعة.

خالد بص ل أحمد، ابتسم وقال له بلطف:
ـ يلا بينا إحنا يا بطل؟

أحمد رد بهزة راس حماسية وابتسامة واسعة. خالد مد إيده، مسكه وخرجوا سوا من بيت الشرقاوي.

مهاب كان ماشي وراهم وهو متوتر، أول ما وقفوا قدام البيت برّه، انفجر فيه:
ـ إنت كده بتعرض حياتك للخطر يا خالد! المفروض متخرجش من بيتك وانت عارف كده كويس.

خالد رد بهدوء لكن فيه قوة:
ـ أنا مش هتحبس في البيت يا مهاب… هما اللي لازم يخافوا مننا مش العكس.

مهاب لف وشه حواليه كأنه بيتأكد إن مفيش حد سامعهم ، وبص لخالد:
ـ وهنعمل إيه دلوقتي؟

خالد قال وهو عينه راكزة عليه:
ـ هتاخد أحمد عندك في شقتك للصبح… كلها كام ساعة ووحيد الاسيوطي هيتقبض عليه هو كمان. 
والبيت هيتقلب عندنا،
امي وخالتي مش هيسكتوا واحمد مينفعش يتعرض لكل التوتر ده. 

مهاب فتح عينه بصدمة:
ـ أخده عندي فين! أنا مش بعرف أتعامل مع أطفال!

خالد اتنرفز:
ـ هو طفل بيرضع يا بني؟! ده كبير ومش هيحتاج منك حاجة!

مهاب هز راسه بعناد:
ـ لا برضه… ده مسئولية وأنا مقدرش عليها.

فكر لحظة وقال:
ـ طب ممكن نوديه ل منّة، أهو يبقى مع آدم ابن أختها ويتسلوا مع بعض.

خالد قال بنبرة زهقانة:
ـ كلمها… اسألها لو ينفع… زهقتني!

مهاب رفع حواجبه:
ـ أكلمها إزاي وأنا مش معايا رقمها؟

خالد انفعل:
ـ مش معاك رقم مراتك إزاي يا بني آدم!

مهاب رفع إيده كأنه بيدافع عن نفسه:
ـ ما أنا اتجوزتها بسرعة ملحقتش آخد رقمها… عموماً، خلينا نروح لها ونقولها وأكيد مش هترفض.
رواية منعطف خطر بقلمي ملك إبراهيم. 
في بيت الدريني.
بعد ساعة. 
ياسمين فتحت باب أوضة خالد بهدوء وهي متوقعة تلاقيه جوه، لكن الأوضة كانت فاضية. قلبها دق بسرعة وهي بتبص حوالين المكان، يمكن يكون في الحمام أو البلكونة، لكن مفيش أي أثر له.
اتسندت على الحيطة وهي بتفكر: "يمكن لسه قاعد في الجنينه."
خطواتها كانت بطيئة وهي رايحة ناحية البلكونة، فتحت الباب وخرجت تبص لتحت… لكن حتى الجنينه كانت فاضية، مفيش أي علامة تدل إنه موجود.
القلق بدأ يزيد في عينيها، مسكت طرف طرحتها بتوتر، وخطت بسرعة ناحية السلم وهي بتحط الطرحة علي شعرها، نازلة تدور عليه في الدور اللي تحت وقلبها بيقولها ان في خطر. 
....... 
في العمارة عند مهاب.
كان واقف مع خالد وأحمد واقف بينهم، عينه رايحة مرة على خالد ومرة على مهاب كأنه بيحاول يفهم إيه اللي بيحصل.
مهاب قال بتوتر:
– بس مش عيب أخبط عليها في وقت متأخر زي ده؟

خالد رفع حواجبه بدهشة وقال:
– عيب ليه؟ مش هي مراتك دلوقتي؟

مهاب رد بتردد:
– أيوه… بس مش لدرجة إني أخبط عليها دلوقتي! حاسس إنها ممكن تفهمني غلط.

خالد مد إيده له:
– هات مفتاح شقتك.

مهاب أداله المفتاح وهو مش فاهم، لكن خالد أخده على طول، ومسك إيد أحمد وقال وهو بيتحرك ناحية شقة مهاب:
– إحنا هندخل شقتك… وإنت بقى اتصرف شوف هتخبط عليها وتقولها إيه.

دخل خالد وأحمد شقة مهاب، ومهاب وقف قدام شقة منة ياخد نفس عميق كأنه بيشجع نفسه قبل المعركة. مد إيده وضغط على الجرس، وبعد ثواني سمع صوتها من جوه، فيه قلق واضح:
– مين؟

حاول يطلع صوته هادي وطبيعي:
– أنا مهاب.

الباب اتفتح على طول من غير تردد، ومنة واقفة قدامه، عينيها فيها قلق وهي بتقول:
– مهاب!!! في حاجة؟

هو أول ما شافها اتجمد في مكانه، عينيه اتحركت عليها من فوق لتحت من غير ما يحس، كانت بشعرها من غير الحجاب لأول مرة يشوفها كده، ولابسة بيجامة ستان لونها فاتح، ملامحها مرهقة بس زي القمر.
لحظة صمت غريبة سيطرت على الموقف قبل ما تنطق هي بقلق:
– في إيه؟

حرك راسه وهو بيقول بصوت مسموع شوية:
– انتي كنتي نايمة؟

ردت بسرعة، صوتها فيه توتر ودهشة:
– كنت لسه هنام… أدم كان صاحي ولسه نايم من شوية.

مهاب حس دماغه اتلخبطت من رقتها وجمالها، وكأنه نسي هو جاي يقول إيه، واقف قدامها ساكت، ومنة بدأت تتوتر أكتر من وقفته قدام الباب كده وسألته:
– كنت عايز تقول حاجة؟

رد وهو بيبصلها بعينين مش قادر يشيلها عنها، صوته طالع بهدوء كأنه بيبوح بسر:
– كنت عايز أقولك… إنك زي القمر.

الكلمة وقعت على منة فجأة، قلبها دق أسرع وخدودها احمرت من الخجل، وبصت للأرض وهي بتحاول تخفي ابتسامتها.

وقبل ما الموقف يطول، سمع صوت خالد بينادي عليه من جوه شقته، فافتكر فجأة هو جاي ليه. مسح على وشه كأنه بيرجع لنفسه وقال:
– هو أنا ممكن أطلب منك طلب؟

بصت له بتوتر، عينيها فيها فضول وقلق:
– اتفضل.

قال بصوت هادي جدًا، فيه رجاء:
– في طفل معايا هنا… ممكن أجيبه عندك للصبح؟

اتسعت عينيها بدهشة:
– طفل مين؟ هو انت عندك أطفال؟

رد بسرعة وهو بيهز راسه:
– لأ… ده أحمد أخو ياسمين، خالد جايبه يبات عندي النهارده، علشان مش هينفع يروح البيت عند ياسمين دلوقتي… وأنا بصراحة مش بعرف أتعامل مع أطفال، ففكرت أجيبه عندك.

ابتسمت منة ابتسامة بسيطة وقالت:
– أخو ياسمين؟… هاته طبعًا.

مهاب هز راسه وهو لسه بيبصلها، النظرة معلقة فيها كأنه مش عايز يسيبها، وقال بهدوء:
– ثواني… هجيبه من شقتي.

اتحرك ناحية شقته، لكن حتى وهو ماشي كان بيبص عليها، وبعد ما دخل وأخد أحمد، رجع عندها وقال وهو بيسلمها الولد:
– هيبات معاكي للصبح بس.

منة هزت راسها بابتسامة وهي بتسلم على أحمد:
– إزيك يا أحمد، أنا منة.

أحمد ابتسم لها بخجل وسلم عليها.

دخلت منة مع أحمد جوه وهي بتقول لمهاب:
– تصبح على خير.

مهاب رد بحنية، صوته دافي وهو بيبصلها، وبعد ما اتأكد إنها قفلت الباب، رجع شقته.
أول ما دخل، حس كأنه شايل في عيونه صورة منة، ملامحها الرقيقة، ابتسامتها الهادية، والخجل اللي كان في عينيها. كان سرحان فيها لدرجة إنه مش واخد باله من اللي حواليه.
قعد جنب خالد، وابتسامة بلاهة باينة على وشه، كأنه في عالم تاني غير اللي قاعد فيه دلوقتي.

خالد بص لمهاب بدهشة، رفع حاجبه وقال:
– في إيه؟

مهاب رد بصوت هادي، فيه نغمة دافية كأنها موسيقى رومانسية ماشية في الخلفية:
– الجواز… شكله حلو أوي.

خالد ما قدرش يمسك ضحكته:
– جواز إيه؟! ده انت لسه ماضي على عقد الجواز بالتهديد من خالها!

مهاب سرح بنظره بعيد، عينيه بتلمع وفيها لمعة خيال:
– ده أحلى عقد أنا مضيت عليه في حياتي.

خالد هز راسه بابتسامة جانبية وقال:
– آه… ده انت وصلت فوق خالص.

وفجأة، رن جرس الباب.
خالد قام وهو بيقول:
– ده معتصم… كلمني دلوقتي وقلتله إني هنا.

فتح الباب، وكان فعلاً معتصم واقف، دخل وسلّم على خالد، وبمجرد ما عينه وقعت على مهاب، شافه قاعد مبتسم ببلاهة، عينيه بتلمع كأنها بترسم قلوب في الهوا.

معتصم بص لخالد باستغراب:
– ماله ده؟

خالد رجع يقعد وقال بنبرة فكاهة:
– بيقولك الجواز شكله حلو.

معتصم رفع حاجبه بدهشة وهو بيقعد:
– جواز إيه؟ هو فاضي يفكر في الجواز دلوقتي؟!

خالد ضحك:
– هو ملحقش يفكر أصلاً… الباشا اتجوز النهارده وكتب كتابه على جارته.

معتصم اتسعت عينيه بصدمة:
– منة!!!

خالد بصله بدهشة ممزوجة بسخرية:
– إيه ده؟ كلكم عارفين حكاية منة إلا أنا!

معتصم هز راسه باستغراب:
– هو كان حكالي عنها… بس ما توقعتش الموضوع يوصل لجواز بالسرعة دي!

بص لمهاب وقاله مباشرة:
– انت يا بني، بص هنا واحكيلي… اتجوزت إزاي فجأة كده؟

لكن مهاب ما ردش، لسه غارق في ابتسامته وسارح في عالمه الخاص مع منة.

خالد ضحك وقال لمعتصم:
– مش بمزاجه… بيقولك خالها كتفه بحبل، وخالها التاني حط الـSـلاح في دماغه، وأخدوه على المأذون وخلّوه يمضي على العقد تحت التهديد.

معتصم انفجر من الضحك وهو متخيل المشهد، بينما مهاب ولا كأنه سامعهم، عايش جوه حلمه، وكل اللي في دماغه صورة منة وابتسامتها.
رواية منعطف خطر بقلمي ملك إبراهيم. 
مع أول خيوط الفجر اللي بدأت تنور السما بلون رمادي فاتح، كانت شقة مهاب هادية إلا من صوت أنفاسه وهو نايم على الكنبة، ملامحه مرتاحة ولسه أثر الابتسامة باين على وشه، كأنه في حلم جميل مش عايز يصحى منه.

على السفرة، قدام بواقي فنجانين قهوة، خالد ومعتصم قاعدين قدام بعض، ملامحهم مرهقة من طول السهرة، وعينيهم فيها مزيج من القلق والتفكير. بيكملوا كلامهم عن القضية وخطواتهم الجاية لتأمين أهل خالد ومراته، خصوصًا بعد ما معتصم اطمن إن مراته دلوقتي في أمان جوه بيت اهله.

معتصم قال وهو ماسك رأسه بإيده، صوته فيه تعب واضح:
– بس هما ليه قبضوا على الشرقاوي فجأة؟ هو يحيى فعلاً اعترف عليه؟

خالد هز راسه بثقة، لكن في عينيه لمعة حزن:
– لا… يحيى لسه ما اعترفش، لسه عنده أمل إن جده يطلعه… بمساعدة سيادة اللواء طبعًا.

كلمة "سيادة اللواء" خرجت من خالد وفيها نبرة ضيق مكتومة، وكأنها بتلسعه.

معتصم سأل بهدوء، لكن السؤال كان تقيل على قلب خالد:
– وهيقبضوا على اللوا وحيد النهاردة برضه؟

خالد بص في ساعته، ملامحه جدية وعينه فيها تركيز:
– زمانهم وصلوا بيته دلوقتي. هما قبضوا على جلال الشرقاوي قبله بكام ساعة، عشان لما يقبضوا عليه، المافيا يفهموا إن جلال الشرقاوي اعترف على وحيد الأسيوطي بعد ما يحيى اعترف على جده. ساعتها توصلهم فكرة إن الخيط بدأ يكر معانا، والخطوة الجاية هتكون القبض على اللي فوق وحيد الأسيوطي. كده التوتر هيزيد بينهم، والكل هيخاف على نفسه، والتواصل بينهم هيبقى أكتر عشان يطلبوا الحماية. وبعد ما أمن الدولة والمخابرات فكوا شفرات التواصل بتاعهم، هيقدروا يحددوا أماكنهم… وهجومنا عليهم هيسبق هجومهم علينا.

معتصم هز راسه بتفهم، صوته واطي لكن فيه يقين:
– عرفت ان في اجتماع في المديرية الساعة 10 الصبح.. واضح ان خطة الهجوم جهزت ولازم نستعد. 

خالد:
– آه، عرفت… وهحضر الاجتماع ده معاك.

شعاع الشمس بدأ يدخل من الشبابيك، لون الدفا لامس وشوشهم بعد ليلة طويلة. خالد بص لمعتصم وقال بنبرة هادية:
– أنا هقوم أرجع البيت… وانت حاول ترتاح شوية.

معتصم تنهد بتعب وارهاق، وقال:
– هنزل معاك أرجع شقتي.

خالد بص له بقلق واضح:
– بلاش تروح شقتك… خليك هنا أحسن. هما ساعتين هترتاحهم، مش مستاهلة تروح.

التعب كان غالب على معتصم، عينه تقيلة وجسمه مكسر، فهز راسه وقال:
– خلاص… هنام هنا ساعتين، وأنزل أروح المديرية.

خالد قام من مكانه وهو بيقول بحزن مكتوم جواه:
– وأنا هروح أشوف الحريقة اللي هتحصل في بيتنا بعد ما أمي تعرف إن جدي اتقبض عليه.

معتصم بص له بجدية، نبرته أهدى:
– المهم خلي بالك من نفسك.

خالد هز راسه وخرج، ونزل من عمارة مهاب، وهواء الصبح البارد بيقابله، قبل ما يركب عربيته ويرجع على بيته.
رواية منعطف خطر بقلمي ملك إبراهيم. 
بعد وقت قصير، خالد رجع البيت.
فتح الباب وهو حاسس بتقل في قلبه،  أول ما دخل، لقى ياسمين قاعدة في الريسبشن لوحدها، ساكتة، حاطة إيديها على خدها، وعينيها حمرا ومنتفخة من كتر البكا، ملامحها تعبانة وواضح ما نامتش طول الليل.

أول ما شافته، قامت بسرعة، قلبها سابق خطواتها، وجريت ناحيته. رمت نفسها في حضنه وهي بتبكي بحرقة:
– كنت فين كل ده يا خالد؟… كنت هموت من الخوف عليك.

خالد حس بدفا حضنها ودموعها على كتفه، ضمها لقلبه بقوة وكأنه بيطمنها من غير ما يتكلم.
لكن قبل ما يرد، قطع اللحظة صوت صراخ عبير وهي داخلة من الباب، صوتها مهزوز من الفزع:
– الحقيني يا بهيرة… بابا اتقبض عليه!

شافت خالد قدامها وجنبه ياسمين. 
قربت من خالد بلهفة: الحق جدك يا خالد.. جم قبضوا عليه من البيت. 
أول ما عين عبير وقعت على ياسمين، وشها قلب وتغير، الغضب مسيطر عليها. قربت منها بخطوات سريعة وهي بتصرخ وصوتها مليان هجوم:
– جدك الشرقاوي المجرم! بيتهم بابا إنه شريكه… عايز يشوه سمعة الراجل المحترم اللي كل الناس بتحلف بأخلاقه!

خطوات بهيرة وسالم كانت نازلة بسرعة على صوت الصريخ، وبهيرة وقفت متسمرة أول ما سمعت كلام عبير، قلبها اتقبض، قربت من ياسمين والذهول باين في عينيها:
– بابا اتقبض عليه إزاي يا عبير؟! إنتي بتقولي إيه؟!

عبير ردت بصوت مبحوح من كتر البكا، ودموعها مغرقة وشها:
– إسألي الهانم مرات ابنك… خليها تقولك جدها عمل إيه!

وفجأة، صوت كارما جه من وراهم، واضح وقوي، كله تحدي:
– إسأليني أنا يا ماما… وأنا هقولك جدي عمل إيه.

دخلت عليهم بخطوات واثقة، كتفها مرفوع، وعينيها ثابتة لقدام، شكلها كان مختلف بعد ما شافت جدها بيتقبض عليه قدام عنيها. كانت حاسة إنها أقوى، وإن اللحظة دي وقتها تقول كل اللي تعرفه.

كل العيون اتثبتت عليها… كارما وقفت قدامهم، بصت في عين أمها مباشرة وقالت بصوت ثابت:
– جدي… اللوا وحيد الأسيوطي… هو اللي قتل بابا.

شهقة قوية خرجت من عبير، إيديها اترعشت وعينيها اتسعت من الصدمة.

كارما حركت عينيها على خالتها بهيرة وقالت بنفس النبرة الثابتة:
– ومكتفاش إنه قتل جوز بنته وأبو حفيدته… ده كان ناوي يقتل حفيده كمان.

وبكل وضوح، بصت على خالد، نظرتها كانت رسالة واضحة انها بتقصده هو... 

تعليقات



×
insticator.com, 6ed3a427-c6ec-49ed-82fe-d1fadce79a7b, DIRECT, b3511ffcafb23a32 sharethrough.com, Q9IzHdvp, DIRECT, d53b998a7bd4ecd2 pubmatic.com, 95054, DIRECT, 5d62403b186f2ace rubiconproject.com, 17062, RESELLER, 0bfd66d529a55807 risecodes.com, 6124caed9c7adb0001c028d8, DIRECT openx.com, 558230700, RESELLER, 6a698e2ec38604c6 pmc.com, 1242710, DIRECT, 8dd52f825890bb44 rubiconproject.com, 10278, RESELLER, 0bfd66d529a55807 video.unrulymedia.com, 136898039, RESELLER lijit.com, 257618, RESELLER, fafdf38b16bf6b2b appnexus.com, 3695, RESELLER, f5ab79cb980f11d1