قصة مغسلة الموتى كاملة بقلم كريم محمد
عمري ما حكيت لحد عن اللي حصل ده
لا مراتي، ولا زمايلي في المغسلة، ولا حتى مع نفسي
بس في حاجات لو فضلت جواك، بتتعبك من جوا زي الجثة اللي مدفنتش لحد دلوقت.
أنا شغال مغُسل موتى بقالى أكتر من ١٢ سنة
اتعلمت الشغلانة دي على إيد راجل كبير كان صاحب أبويا، والمغسلة كانت في مستشفى قديمة في قلب البلد
كنت دايمًا بحس إن شغلي ده له كرامة وحاجه كبيرة بساعد الميت يطلع من الدنيا بنضافة وستر، وأهله يشوفوا وشه مرتاح
بس مش دايمًا الموضوع بيبقى بسيط.
في شتاء من سنتين، جالنا جثمان راجل اسمه عم عادل إبراهيم، في أواخر الخمسينات كده
مات لوحده في شقته، قالوا سكتة قلبية، بس محدش حس بيه غير بعد ٣ أيام، لما الجيران شكوا في الريحة.
أول ما فتحت الكيس اللي جايين بيه، قلبي اتقبض..!!
الوش كان ناشف، بس مش تيبس موت كان فيه تعبير غريب مش خوف، مش ألم
لا
كأنه شاف حاجة مينفعش تتشاف
عنيه نص مفتوحة، وبوقه ملوى، كأنه كان بيتشنج قبل الموت أو حد حاول يكتم صرخته قبل الموت.
أنا شوفت جثث كتير، ووشوش صعبة، بس اللي مريحنيش المرة دي كانت الريحة
مش ريحة تحلل عادية كانت زي صدأ، ريحة تقيلة بتخنق، كأن اللحم كان بيتعفن من جوا قبل ما يموت.
بدأت أغسله
الماية، والتطهير، وكله كان ماشي عادي
بس أول ما بدأت أحط مسك، جسمه اتنفض..!
دي مكنتش رعشة ميت
دي كانت حاجة تانية
كأن الجسم خد صاعق كهربا، أو كأن روحه رجعتله للحظة.
وقفت مكاني، إيدي بتترعش، بس حاولت أكمل، بس وأنا شغال حسيت إن في حد بيراقبني
بصيت حواليا المغسلة فاضية، كل الناس مشيت، ومفيش صوت غير صوت الماية.
والنور
نور المغسلة الفلوريسنت بدأ يترعش، زي ما بيحصل أوقات
بس المرادي كان فيه حاجة غريبة
كأن النور بيقولي امشي.
بصيت علي ترابيزة الغسيل اللي من ستانلس ستيل
شوفت في انعكاسها، عم عادل واقف ورايا بيبتسم.
لفيت بسرعة، مفيش حاجة الجثة مكانها
بس بدون يمين شوفتها
الإبتسامة دي فضلت محفورة في عقلي لحد النهارده.
طلعت جري من المغسلة، روحت
بس وأنا في البيت، لقيت ريحة المسك لسه في إيديا وعلي هدومي، مع إني غيرت وغسلت ايدي مليون مرة.
مراتي قالتلي:
- إيه الريحة الغريبة دي..؟
دخلت الحمام، لقيت مشبك معدني صغير على الرخامة، من اللي بنستخدمه في المغسلة
بس أنا مكنتش أخدته معايا..!
الليالي بعدها كانت كابوس
بحلم بيه واقف في المغسلة، عريان جلده رمادي، بيبصلي وبيتحرك نحيتي، وأصحى ألاقي مرتبة السرير من جمبي مكبوسة كأن حد كان نايم جنبي.
رجعت الشغل وسألت الشيخ عبدالسلام، مدير المغسلة، عن الراجل ده
قالي
- ده مالوش غير أخ واحد، في مصحة نفسية بقاله سنين وكانوا هما الاتنين شغالين في الدجل والسحر والأعمال وجلسات تحضير، كانوا بيعملوا للناس حجاب مكتوب فيه رموز وكلام غريب.
وقاللي جملة مرعبة
- الراجل ده مكنش ميت بسكتة قلبية ده كان بيكتب في كتاب عنده في البيت عن حاجة اسمها جامع الأخطاء.
روحت أدور في الورق بتاع التقارير، لقيت نسخة من الورق اللي كان معاه
وعلى ترابيزة الأوضة اللي كان ساكن فيها كان فيه ورقة مكتوب فيها
"فتحت باب ومش عارف أقفله، المحصل جاي ياخد اللي سيبته، لو بتقرا الكلام ده يبقى احتمال كبير يكون شافك"
في الليلة دي، وأنا في البيت، سمعت خبط على شباك الحمام
روحت أبص مفيش حد
بس على المرايا في الشبورة اللي عاملها دخان الماية، كانت مكتوب كلمة
"إنت المقصود"
الأسبوع اللي بعده كان أسوأ أسبوع في حياتي، مبنامش ولا باكل، ودوخة مستمرة
قررت أرجع المغسلة للمرة الأخيرة.
نزلت التلاجة وكشفت الجثة.
بس المرة دي حسيت بوقه كبير حاولت ابص فيه لقيت تحت لسانه ورقة ملفوفة صغيرة
فتحتها
كانت مليانة رموز، وكلمة مكتوبة بخط كبير
"مصيرك زيه"
سيبت الشغل بعدها بأيام، وعمري ما رجعت للمغسلة تاني
بس كل ما أغمض عيني
بشوف ترابيزة الغُسل موجودة في أوضتي، وهو نايم عليها بيبتسم
---النهاية
انتهت احداث الرواية نتمني أن تكون نالت اعجابكم وبانتظار آراءكم في التعليقات شكرا لزيارتكم عالم روايات سكير هوم