![]() |
رواية حب مسحور الفصل الاول بقلم رباب حسين
يقال إن السحر لا يُجدي إلا حين تُفتح له أبواب القلب...لكن ماذا لو فُتح الباب خطأ ودخلت الروح في عالم لا تشبهه....لقلبٍ رفض الحب.... وعقل لا يؤمن إلا بالمنطق والمال؟
هو رجل اعتاد السيطرة.... لا يخضع لمشاعر ولا يؤمن بخرافات..... اتهموه بما لم يرتكبه واهتزت صورته أمام الجميع فلم تجد والدته سبيلاً إلا اللجوء إلى السحر
وهي امرأة هجرت الحب وأغلقت على قلبها بالأقفال.... فلا حب في دنيا يحكمها المال...
لكن السحر لا يُجيد الإصلاح... إنه فقط يُخلط الأرواح ويبعثر الحقائق ويصنع حبًا لا يُشبه شئ مألوف
وهكذا بدأت الحكاية... حكاية جسد ليس لها وروح لا تعرف لمن تنتمي..... وحب ولد من خطأ... لكنه ضل طريق الرجوع....
في ذلك المنزل الكبير ينام كاره النساء أو عدو المرأة كما يقال عنه.... هو سليم هنداوي يبلغ من العمر خمسة وثلاثون عامًا رجل أعمال لا يوظف لديه سوى الرجال حتى والدته تركها تعيش وحدها في قصر العائلة هروبًا من عروض الزواج التي لا تنفك عن تقديمها له.... معروف برفضه للزواج ويرى أنه فقط وسيلة بيد المرأة كي تتحكم بالرجل وتتدخل فيما يعنيه وتسمع ما يرضيها فقط وترى أن الزوج ما هو إلا أداة لتنفيذ رغباتها
دخلت منيرة الغرفة في غضب ونظرت إليه وهو نائم في هدوء فرفعت عن عينيه غطاء النوم فنظر لها في ذعر فقالت غاضبة : طبعًا نايم ولا كأن في مصيبة بتحصل
نهض سليم وقال : فيه إيه بس يا ماما؟
منيرة : ولا حاجة يا حبيبي..... أنا بس نفسي أعرف إنت جايب البرود ده منين؟.... سمعتك وسمعة العيلة بقت زي الزفت والشركة أسهمها في النازل من بعد الصورة الهباب اللي نزلت ديه وأنت نايم ولا كأن فيه حاجة بتحصل
أغلق سليم عينيه يتذكر هذا الحادث الذي قلب الموازين
فلاش باك
كان سليم يجلس في أحد النوادي الليلية ويقف بجواره طارق مساعده الشخصي وفجأة تعثرت النادلة وهي تحمل بيدها المشروبات وكادت أن تسقط على سليم فوقف طارق بينهما حتى يمنعها ولكن اختل توازنه وسقط بظهره على ساقي سليم ورفعه سليم بذراعه ونظر له في دهشة وتم أخذ صور لهما بهذا الوضع واستغلت بعض الصحف الصورة في نشر الأخبار عن علاقة مشبوهة بينهما مستغلين علاقته المعدومة بالنساء
عودة من الفلاش باك
سليم في ملل : طيب فين طارق؟
منيرة في غضب : تاني طارق؟!.... بقولك إيه متخلنيش أشك فيك أنا كمان.... أنا طردته
سليم في صدمة : طردتي طارق؟
منيرة : لا أسيبه جنبك لحد ما أقرا خبر عن جوازكم
سليم : جواز إيه يا ماما بس؟.... إيه الكلام اللي بتقوليه ده؟.... وبعدين هو طرد طارق هيوقف كلام الصحف ما أنا هجيب مساعد تاني غيره
منيرة : لا ما أنت هتعين مساعدة مش مساعد
وقف أمامها في صدمة وقال : نعم؟!.... مين قالك الكلام ده؟.... ريحي نفسك يا ماما أنا مش بشغل عندي ستات
منيرة : يبقى تتجوز.... ده الحل الوحيد عشان تنهي المهزلة ديه
سليم في ملل : رجعنا لنفس الموال تاني..... ماما حبيبتي ريحي نفسك..... أنا مش هتجوز
منيرة : طيب هتحل المشكلة اللي إنت فيها ديه إزاى؟
جلس سليم في هدوء وقال : مش هحل حاجة.... الناس بتنسى وكمان شوية هتلاقي حاجة تانية تتكلم فيها ولا ترند يطلع جديد وخلاص
منيرة : يا إبني سمعة العيلة راحت والشركة هتروح كل ده عشان الأفكار اللي في دماغك..... هتعقل إمتى وتريحني؟..... نفسي أشيل عيالك قبل ما أموت
سليم : بعد الشر عليكي يا حبيبتي..... هبقى أتبنى طفل وأجيبهولك تشيلية
نظرت له في غضب وقالت : ااااه لو أقدر أكسر دماغك وأرجع أركبها من جديد هعمل كده..... إن شالله حتى أعملك عمل عشان تتجوز
سليم : حتى لو عملتي عمل مش هتجوز
منيرة : أقولك على حاجة.... إعمل اللي إنت عايزه..... أنا غلطانة إني بفكر فيك وإنت أصلًا بارد..... يلا خلي الشركة تضيع وساعتها هتنزل تشتغل في أي حتة وأبقى وريني بقى هتلاقي شركة للرجال فقط تشتغل فيها ولا لا
ذهبت من أمامه فصاح يقول : طيب مين هيفطرني دلوقتي..... كنتي خلي طارق يعمل الفطار وبعدين أطرديه طيب
عادت منيرة ونظرت له من الباب وقالت في سخرية : أبقى روح أفطر في أم حسن
ثم ذهبت مرة أخرى فقال سليم : لا عشان ست
عادت مرة أخرى وقذفته بالمزهرية فأمسكها سليم وذهبت من أمامه فأمسك هاتفه واتصل بأحد موظفي شئون العاملين بالشركة وطلب منه الأعلان عن طلب تعيين مساعد شخصي له جديد ومن الشروط أنه يجيد صنع الطعام وأنه سيقيم معه داخل منزله وتم الأعلان وذهب سليم إلى الشركة
تركض متأخرة عن وقت عملها حتى دخلت الجريدة وسجلت الحضور في أخر لحظة وخلفها صديقتها ميرنا التي سجلت بعدها ونظرا إلى بعضهما ثم ضحكتا وقالت سيلا : كل ده عشان حبيب القلب بتاعك..... مش لازم يعني كلام لحد الفجر
ميرنا : قولتلك محستش بالوقت الله
سيلا وهي تجذبها لتذهبا إلى المكتب : خلاص يعني الحب مسيطر أوي كده
ميرنا : ما أنتي لو جربتيه هتعرفي
سيلا : لا يا أختي شكرًا سيبتلك إنتي الكلام ده
ميرنا : يا بنتي اسمعي مني وروحي شوفي العريس اللي جايبه خطيبي ده..... بيقولي إن مرتبه عالي وعنده شقة تمليك كبيرة في الهرم ومعجب بيكي وشكله مش وحش خالص... فكري بقى يمكن نتجوز سوا في يوم واحد
سيلا : هشش..... إيه السيرة ديه علي الصبح..... جواز إيه بس وهبل إيه؟.... يجي واحد أمه عمالة تدلع فيه من ساعة ما أتولد تأكله وتشربه وبعدين يتجوزني عشان أكمل خدمة فيه..... لا وكمان ميعجبوش ويروح يبص برا ولا يتجوز تاني..... يا بنتي الرجالة دول ملهمش لازمة في الحياة.... هيصرف عليا يعني..... الحمد لله بصرف على نفسي ومرتاحة وزي الفل..... سيبتلك إنتي موضوع الجواز ده
ميرنا : يا حبيبتي أنا خايفة عليكي..... أنا مش هاين عليا اتجوز وأسيبك تعيشي لوحدك في البيت..... إنتي مش صاحبتي بس إنتي أختي ومن ساعة ما خرجنا من الملجأ وإحنا مع بعض ومش هاين عليا أسيبك.... فكري بس في موضوع الجواز تاني
سيلا : لا مش عايزة.... أنا كده زي الفل ومتقلقيش عليا
وصلتا إلى المكتب وجلست تتابع عملها ثم قالت ميرنا : هو إحنا مش هنخلص من موضوع كاره النساء ده..... المدير عمال يطلب نكتب مقالات كل شوية
سيلا : ترند بقى وكده.... بس هو الصراحة يستاهل..... ده بيقولك بيكره الستات كره..... ليه حق الناس يقولو عنه كده
ميرنا : متتريقيش عشان إنتي زيه
سيلا : اه على رأيك
ميرنا : هو إنتي بتعملي إيه؟
سيلا : فيه ملجأ بعتلي قايمة الأطفال اللي كانت عنده يوم ما بابا وماما ماتو بدور يمكن ألاقي سيف
ميرنا : ربنا يجمع شملكم يارب
سيلا : نفسي أشوفه يا ميرنا..... ليا أخ في الدنيا ومعرفش عنه حاجة لا وعيلتي الوحيدة كمان
ميرنا : أصلًا حاجة غريبة جدًا إن كل واحد فيكو يروح دار شكل
سيلا : أنا قلبت الدنيا عليه وإحساسي بيقول أن فيه حد اتبناه
أما سليم فوصل إلى شركته وطلب من العاملين إحضار مساعد له بأقصى سرعة وبعد وقت وصل بعض المتقدمين وتم عمل مقابلات معهم واختارو شخصًا منهم ودخل إلى مكتب سليم وبعد أن فحص ملفه نظر إليه وقال : مبدئيًا كده عندك مشكلة تعيش معايا في البيت ومتقلقش لو عايز تاخد أجازة تزور أهلك في الويك إند مفيش مشكلة
سيف : لا أنا مليش حد..... والدتي يعني ماتت من فترة وأنا عايش لوحدي
سليم : طيب لو تقدر تبدأ شغل من دلوقتي تمام
سيف : اه طبعًا ياريت
سليم : خلاص روح استلم المكتب برا وده جدول أعمالي ظبطه إنت بمعرفتك بقى ولو احتاجت تسأل على حاجة قولي متقلقش هساعدك
سيف : شكرًا يا مستر سليم
ذهب سيف إلى مكتبه أما منيرة فكانت تتحدث مع أحد صديقاتها بأمر سليم فقالت : أنا تعبت من موضوع سليم ده أوي يا ليلى..... أعمل إيه بس؟
ليلى : ما أنا قولتلك روحي للساحر شمعان لو فيه عمل يفكه ولو مفيش هيديكي تعويذة تقلب حياته تخليه يبعد عن الأفكار المتخلفة ديه
منيرة : ما أنا مش بصدق في الكلام ده
ليلى : يا بنتي أنا شفت الموضوع بعيني وبعدين مش هياخد منك فلوس غير لما تاخدي مرادك
منيرة : طيب تعالي عدي عليا نروح سوا
ليلى : خلاص نص ساعة وهبقى عندك وهتصل أحجز عنده معاد
أما ميرنا فكانت تقرأ بعض الأخبار التي يتحدث عنها الكثير مؤخرًا ووجدت خبر عن الساحر شمعان ففكرت أن تذهب إليه وتطلب منه أن يجعل سيلا تعدل عن قرار عدم الزواج بعد أنا علمت أنه لا يأخذ أموال مقدمة حيث أنها لا تقوى على تركها وحيدة وبعد أن انتهى وقت الدوام أخبرت سيلا بأنها ستذهب لشراء بعض الأغراض وذهبت إلى شمعان.... كانت منيرة تجلس هناك ودخلت بالأول وأخبرت شمعان بما ترغب فقال شمعان : مفيش عمل ولا حاجة هو اللي راسه ناشفة
ليلى : وديه حلها إيه؟
شمعان : الحل موجود بس الصبر لازم ميبقاش ليه حدود
منيرة : يعني إيه؟
شمعان : يعني حلك هياخد وقت
منيرة : بس هو عنده مشاكل في الشركة
شمعان : متحيريش شمعان واختاري الأهم من المهم
ليلى : خلينا بس يا منيرة في المشكلة الأساسية
منيرة : خلاص.... أنا لو سليم اتجوز مش عايزة حاجة تاني
شمعان : انتظرو شوية برا ولما يخلص المطلوب على طول هنقول
ذهبتا معًا وانتظرا بالخارج ثم دخلت ميرنا وقصت له ما تريد فقال شمعان : الصدفة عجيبة لكنها مفيدة
ميرنا : قصدك إيه؟
شمعان : قصدي الحل لشخصين وفيه خير ضعفين
ميرنا : يعني فيه شخص تاني هيقرب منها؟
شمعان : اسمه ليه نصيب من اسمها والعقل ليه نصيب من العناد والقلب ليه طلب في حبيب
ميرنا : تفتكر هيحبها فعلًا ويقدر يسعدها..... أنا نفسي اطمن عليها
شمعان : ربك رب قلوب وإحنا سبب توليف الدروب..... الحل صعب بس مطلوب و النتيجة خير بس الصبر
ميرنا : ماشي هصبر بس هنعمل إيه؟
شمعان : انتظري شمعان مع اللي برا
قام شمعان بعمل تعويذة سحرية من كتاب قديم جدًا من العصر الروماني ثم وضعها بإناء وأضاف إليها بعض الأشياء وقسمها في زجاجتان ثم طلب منيرة وبعدها ميرنا وطلب منهم وضع هذا السائل لهما في العصير قبل النوم ثم قال لهما ذات الجملة : السر لازم يبقى في بير لو خرج برا القلوب ضاع المفعول واتحبس المعلول.... الدوا في القلوب والحل بقبلة المحبوب ترجع الحياة تاني ويبعد كل الحزن..... الليلة ملزوم والعصير قبل النوم
خرجت كل من منيرة وميرنا وهي تحمل الزجاجة وذهبت منيرة إلى منزل سليم ووجدت سيف يفتح الباب فقالت : إنت مين؟
سيف : حضرتك مين الاول وعايزة مين؟
منيرة : أنا أم سليم
سيف : أهلًا وسهلًا يا مدام تفضلي..... أنا المساعد الجديد
منيرة : هو لحق عين واحد تاني المهم..... سليم فوق
سيف : اه
منيرة : طيب هاتلنا عصير وبعدين بلغه إني هنا
سيف : حاضر
أحضر سيف كوباين من العصير ثم صعد ليخبر سليم فوضعت منيرة الزجاجة بالكوب سريعًا وعندما نزل سليم شرب العصير وجلست معه منيرة قليلًا ثم أخبرته بأن ينام.... أما ميرنا فقد دخلت غرفة سيلا وجدتها تستعد للنوم فأعطتها كوب العصير المفضل لها وشربته ونامت..... في الصباح استيقظت سيلا وفتحت عينيها لتنظر حولها في ذعر فهي ليست بمنزلها وهذه ليست غرفتها ثم فتح سليم الباب فجأة فنظرت لها في صدمة وصرخت بوجهه فقال سليم في فزع : إيه يا سيف في إيه خضتني..... قوم يلا عشان عايز أفطر
ذهب من أمامه فقالت سيلا : سيف مين؟..... مين ده وجي هنا ليه..... أنا فين أصلًا؟
لاحظت سيلا إختلاف صوتها فوضعت يدها على رأسها فلم تجد شعرها فرفعت الغطاء فوجدت نفسها بجسد رجل نهضت مسرعة ونظرت إلى المرآة وفتحت عينيها في صدمة وسقطت مغشيًا عليها