رواية احببت من أذى قلبي الفصل الخاتمة
مسك يدها بحنان محدقا بعينها السوداوتين بحدة قائلاً : لعل الماضي سيرافقنا دائما ،
لعل غضبك لن يزول بسهولة ،
لعل الألم الذي سببته لكِ سيطاردني طوال حياتي ،
لعل طرقنا افترقت لسنتين ،
لعل فكرة مسامحتك لي مستحيلة ،
لعلك تفكرين في الإرتباط برجل آخر ،
تنهد بضيق مضيفاً : لعلك تفكرين في ذلك و لكنه مستحيل ،
من المستحيل أن أسمح لأحد مهما كان ذلك الشخص حتى لو كان أقوى إنسان على وجه الأرض حتى لو ملك العالم لن أسمح له بامتلاكك ،
لا يمكن لأحد غيري أن يكون زوجك ،
اعتبريه جنون أو تملك اعتبريه ما شئتي
و لكني هيثم الفهد ،
دائما ما كنت زوجك و سابقى ،
لن أمنحك الطلاق لن أفعل ،
ستكرهينني!!؟ افعلي ،
ستضربيني !؟ تفضلي ،
سترحلين بعيدة عني !؟ سأعثر عليك ،
مادمت على قيد الحياة و ما دمت اتنفس سأبقى زوجك و ستبقين زوجتي .
لهذا لن أتوسل إليك بعد اليوم لن أطلب المغفرة من بعد اليوم
مضى سنتين من حياتنا و لم يحن قلبك علي ،
كل دقيقة مرت علي كانت كالجحيم
أن تكوني بعيدة عني يعني الموت ،
لن أعتذر مجددا ،
لن أفعل فقط سأنتظر إشارة منك ،
إشارة بأنه هناك أمل ...
ضحكت بسخرية قائلة : أمل !؟؟ بيني و بينك !؟؟؟ أمل في ماذا ؟؟؟ لا تضحك على نفسك ، أعلم أنك متأكد من حبي لك و حنين إليك و لكن المغفرة !!؟؟؟
إنك تعلم أنه شيء صعب بل مستحيل أن أتخلى عن مبادئي ، فكرة أن أمضي في حياتي برفقتك تعني أنني أدعم هذه الفكرة و أنا لا أريد هذا .
أقترب منها أكثر لامس وجنتيها بحنان
تنهدت بعدم الراحة لقربه منها أغمض عينيها قائلة : لا تقترب مني
وضع جبينه على جبينها كان ينظر إليها بأعين ذابلة
لاحظ توترها و نبضات قلبها المسموعة
حدق بعينيها بحدة قائلاً : انظري الي
فتحت عينيها لتشعر بلمساته و أنفاسه الساخنة تضرب وجهها
أخذت نفس عميق ثم قالت : ماذا !؟؟؟
أردف بتوتر : أمل أن تعود حياتنا إلى سابق عهدها !؟؟؟
أن تغفري لي
متأكد من أن مبادئك مختلفة و متأكد من أن الناس لن ينظروا إليك بنظرة سيئة
أنا ضد هذا الفعل
و لو تطلب الأمر لكنت مستعد لأخذ جزائي
لا يحق لأي رجل أن يعتدي على امرأة
حتى لو كان يحبها لا يحق له أن يأخذ منها أغلى ما تملك بالقوة
مهما كانت قوته لا يحق له فعل ذلك
حدق بعينيها بدفى مضيفا : أنا فخور بك و بكلامك عني في الكتاب
قرأته بالكامل قبل النهاية ، أجل لا تنصدمي والدتك ارسلته لي كنت أرغب في رؤية النهاية و لكنها لم تكن موجودة
سعيد لأنك أغرمت بي لتلك الدرجة
كلامك عن المرأة جميل و لكن مجتمعنا لن يتغير مهما قلتي
وأشكرك أنك لم تتكلمي عن نفسك في الكتاب شكرا لانك تكلمتي عن شخصية عامة
دمعت عينيها قائلة : من أجل أطفالنا لم أرغب في معرفتهم بالحقيقة و منعت قدوم الصحافة لا أحد منهما سيعرف الحقيقية ليس لأنني أخجل بما حدث و لكني أريدهم أن لا يكرهون والدهم
أحنى رأسه ناظرا إليها بضعف شديد ليردف بضعف : حتى في هذا الوضع لا تزالين تفكرين بي !؟؟؟
سيلا : أفكر في أبنتي عندما تعرف الحقيقة ماذا ستقول!!؟ أبي شخص سيء !؟ لن يتفهم أحد أسبابك لن يتفهمه أنك كنت مدمن أو أنك تعشقني بجنون
ستكره الرجال و لكنهم ليسوا جميعهم سيئين
لا أريد من أبنتي أن تعادي العالم ، بل أريدها أن تُحب و تعشق إنسان صالح أن يبقى والدها مميز في نظرها ، لا أريد من إبني أن يكره من طرف الناس
أن ينظروا إليه أنه نتيجة إعتداء ، أعلم أنني لست خجلة من ما حدث و لكن مجتمعنا لن يتغير
لن يفهمه الذي أردت إيصاله و لكن لن أضع مستقبل أطفالي في المقدمة
تكلمت عن معاناتي معك و تكلمت عن حبي أيضا
تكلمت عن فتاة بين نارين نار العشق و نار العتاب
و لم أتكلم عن اطفالنا لا أريدهم أن يعرفوا أبدا
دمع عينه مقبلا جبينها بحنان قائلا : آسف ...
أغمضت عينيها لتردف بنبرة ترتجف : دعني أذهب يا هيثم أتوسل اليك
نظر إلى شفائها الوردية بارهاق قائلا : إنك تقطعين أنفاسي و كان موشك على تقبيلها
تسارعت دقات قلبها لتوقفه عن إرتكاب خطأ قائلة : لا تفعل .....
قربها من جسده بقوة مما جعلها تشهق قائلة : أرجوك لا تفعل
أغمض عينيه و طبع بقبلة خفيفة على شفتيها
كانت القبلة بعد سنتين فراق .. لم تتجاوب معه ليس لأنها لا تشتاق له و لكنها في صدمة
و كأن هذه القبلة جعلت ذكرياتها السعيدة تحيا من جديد
أغمضت عينيها مستمتعة بتلك القبلة
لم تبعده و لم ترفض
بينما هيثم كانت قبلته مليئة بالحب و الاحترام
لم يرغب في التوقف إلا أن شعر بدموعها تلامس شفتيه
توقف ثم مسح دموعها الدافئة براحة يده قائلا : إشتقت لك كثيرا وضع يدها على قلبه مضيفاً : هل تشعرين بنبضات قلبي ؟؟؟؟؟ أعشقك يا سيلا ...
سامحيني أتوسل اليك لا تتخلي عني ليس لأنني سانتحر و لكن من أجل حبي لك
ألا يوجد شيء يجعلني أمحي تلك الليلة ؟؟؟
ألم يكن حبي لك كافي ؟؟؟
حسنا أحببتني قبل معرفتك بمن أكون و لكن الحب الحقيقي من الصعب نسيانه
لا أريد أن أضعك في موقف صعب أمام الناس ولا أمام عائلتك
و لكن لا أحد يعلم أن ما فعلته كان رغماً عني
مسك يدها وضعها على خده بحنان مضيفاً : فرصة واحدة وأخيرة !؟؟؟
مستعد أن اواجه العالم و أعتذر من الجميع من والدتك شقيقك حتى عمك و أحمد حتى أخي بإمكاني فعلها
فقط أخبريني أنه هناك أمل لعلاقتنا مهما طال الزمن مهما كان الثمن سابقى هنا في انتظارك
لا تقولي لا يمكنه ذلك أو أن طبعي كرجل سيجعلني أركض إلى حضن امرأة أخرى
غريزتي لا تعمل إلا معك أنتي
لطالما كنتي أول امرأة في حياتي و دائما ما ستبقين
و كلامي موجه لك أنتي أيضاً
دعينا نربي نور و ملاك معا كعائلة واحدة
لا أريد أن نتشتت لا أريد أن يفكروا في أننا لا نحبهم
قرأت أنه اذا تطلق الآباء والأمهات ، الأبناء هم من يدفعون الثمن
و أنا لا أريد من أبنائي أن يعانوا مثلما عانيت ، أنا أكثر من يعرف شعور الوحدة ، لا أريدهم أن يشعروا بالنقص
أردفت سيلا بحزن شديد قائلة : حاولت كثيراً
حاولت أن أنسى و لكنه صعب
وقوفي هنا أمامك يؤلمني
هيثم : مستعد لفعل أي شيء أتوسل اليك
هزت راسها بالرفض قائلة : لا يمكنني
تقدمت متقدمة نحو سيارة ذلك الرجل الذي أصبح يرغب فيها و يحوم حولها دائما
أردف هيثم بقلق : سيلا ..... إذا كان هناك أمل ولو صغير لا تصعدي إلى تلك السيارة
لا أطلب منك العودة الآن و لكن إذا ذهبتي برفقته فهذا يعني أن علاقتنا ستصبح مستحيلة
سأتدمر ، سأصبح وحيداً
ليس هذا الذي تريدينه أليس كذلك ، بل تريدين أن نكون بخير
أنا لن ارتبط مجدداً مهما فعلتي لن ارتبط
أخبرتك أنني لن أسمح لك بالارتباط و لكن إذا كان هذا قرارك فساحترمه
نظرت إليه باستغراب كيف له أن يوافق !!!
أومأ برأسه قائلا :
أجل لن أعارضك و لكن لست مرغما على رؤية ذلك أليس كذلك ؟؟؟
نظرت إليه باستغراب قائلة : تهددني بقتل نفسك !؟ ستترك اطفالك مجددا !؟؟ أو أنك ستحاسبه كما فعلت مع مراد ؟؟؟
هز كتفيه قائلا : أخبرتك أنكي الاولى في عالمي
إذا ارتأيتي أن ذلك الرجل جيد و مناسب لك ، فمن المؤكد أنه سيكون مناسباً لأطفالي
هنيئا لكم ، و لكن قدرتي على رؤيتك في حضن رجل آخر معدومة
لامس أصابع يديها قائلا : أمل صغير ، في إمكانية العودة ، و محي الماضي ،
أملك القدرة على جعلك تغفرين و لكني أنتظر الوقت المناسب أنتظر زوال الغضب و القسوة و لكن اذا صعدتي هذا معناه أن كل شيء انتهى....
القرار لك إذا صعدتي إلى هناك فكل شيء انتهى ....
ابتعدت عنه بينما كان عثمان ينادي عليها
نظرت الى هيثم بدهشة لتقول بينها وبين نفسها : إذا صعدت ستنتهي علاقتنا بل سأخسر والد أطفالي للأبد
و إذا سلكت طريق آخر سيعتقد أنني غفرت له و أنا لا أزال غاضبة منه
ماذا سأفعل ساعدني يا الله ...
أغمضت سيلا عينيها لتأخذ نفسا عميقا ثم سلكت إتجاه معاكس و لم تصعد إلى السيارة
أنصدم هيثم لقرارها هل هذا يدل على أنها موافقة !؟؟ هل هي تريد العودة إليه !؟؟ أو أنها خائفة من فكرة انتحاره !؟؟؟؟
بقي يحدق بها بسعادة غامرة لم يكن هناك دليل على أنها موافقة و لكنه يشعر بذلك إنه أمل صغير ...
أبتسم بسعادة قائلا : أقسم أنني سأفعل المستحيل لجعلها تسامحني......
بينما كانت سيلا تتمشى على شاطئ البحر ، أوقفها جمال تلك الأمواج التي تضرب الصخور و الرمال لتمحي كل ما هو مكتوب على الرمال بجمال غير معتاد
كم أن كل شيء يمكن محوه بلمح البصر يا ليتها تتمكن من محو تلك الليلة من عقلها
جلست على الرمال أخذت قلمها و دفترها لتكتب : الأمل .. الأمل دائماً موجود ، تشعر به في أوقاتك الحزينة
الأمل هو من يرفعك إلى الأعلى ، هو من يقوي من عزيمتك
الأمل دائما موجود لن ينطفئ إلا في حالة موت الإنسان
لن أفقد هذا الأمل .....
الأمل لا يمكن تقييده ...
بينما ذهب ثم هيثم إلى عيد ميلاد نور
كانت سيلا مرتدية فستان أسود ، كانت جد جميلة
أقترب منها هامسا في أذنيها بنبرة مغرية : شكراً لهذه الفرصة
رفعت حاجبيها قائلة : أتيت لعيد ميلاد إبنك أليس كذلك!؟
ضحك بخبث قائلا : و أنا أحبك أيضاً . يا أجمل نساء العالم ..
نور : بابا ماذا أحضرت لي كهدية !؟؟
هيثم : سيارة ستنال إعجابك
سيلا : سيارة !؟؟
رد نور عليها بغرور : واضح أنها لعبة يا ماما اهدئي أخبرني بابا أنه سيشتري لي واحدة كبيرة عندما أبلغ الثامن عشر من عمري
ضحك هيثم بسخرية قائلا : إنها تكبر المواضيع دائما لا تهتم
نور : بابا أنظر إلى تلك الفتاة إنها تحبني و أنا أيضاً معجب بها
هيثم : واو جميلة أنا فخور بك
ابتسمت سيلا قائلة : هيا انفخ على الكيكة و تمنى أمنية
أغمض نور عينيه قائلا : أتمنى أن نعود إلى منزل بابا و أن نكون عائلة واحدة إشتقت إلى النوم معه و اريد ان نبقى معا للابد كما يفعل اصدقائي أنا اشتاق له كثيراً و ماما أيضاً تشتاق له فحقق لي أمنيتي يا الله
أريد أن أتعلم ركوب الدراجة مع بابا لقد وعدني بذلك
ولكن أريد البقاء معه و اريد ماما أيضا
أخبر أمي أن بابا يحبها و أخبر بابا أن لا يعمل كثيراً لكي نبقى مع بعض
دمعت سيلا عينيها بينما نظر هيثم إليها بحزن عميق ، شدة على يده بقسوة و الدموع تملأ عينيه بعد كلام ابنه لم يعد يتحمل البقاء أكثر
نفخ نور على الشموع قائلا : أنهيت و لا تسألوني عن أمنيتي أخبرني خالي بلال أن لا ابوح بها
ضحك الجميع لبراءته و قبلته سيلا قائلة : أتمنى لك عمر طويل و أن تكون بصحة جيدة يا صغيري .....
همس لها هيثم بدفء : هل رأيتي حتى ابننا يريد عائلة لا تحرمينا منها أتوسل إليك لقد نلت عقابي
أغمضت عينيها بألم قائلة : سنتكلم لاحقا......
بعد مرور أسبوع
كان هيثم في غرفته يقوم بأداء صلاة الفجر
رفع يديه إلى السماء داعياً الله طالب المغفرة : أغفر لي خطيئتي ، أقدمت على الانتحار رغم معرفتي أنه حرام رغم معرفتي أن اطفالي سيبقون من دون أب ، نسيت أن إبني يحبني و أبنتي بحاجة إلى أب
كنت ضعيفا ، فكرت أنني تأخرت في طلب المغفرة ، تأخرت في التوسل إليك ، أنت هو الغفور الرحيم ، أغفر لي ذنوبي ، لن أفكر في الانتحار مجدداً ، أنا أؤمن بالقضاء والقدر و سأتقبل أي عقاب
المهم بالنسبة لي سعادة عائلتي ، حتى لو كنت بعيدا عنهم ، وجودهم في حياتي أكبر نعمة
أغمض عينيه مضيفاً : أرشدني إلى الطريق الصحيح يا الله .......
جلس يقرأ القرآن الكريم حتى شروق الشمس
أجل لقد تغير ، لم يعد ذلك هيثم القديم
لقد تغير و أصبح قريباً من الله
غير أعماله تخلى عن الكازينوهات
فتح شركة جديدة بعيدة عن الأعمال المشبوهة
لا يزال متأملا عودة سيلا إلى القصر
أن يدخل من الباب ليجد نور يلعب في الحديقة برفقة ملاك
أن تقترب منه سيلا و تخبره أنها قررت منحه فرصة ثانية
لم يفقد الأمل و لكنه أصبح أقوى ، لم يعد ضعيفا كما كان
لعل الله منحه السلام الداخلي ، إن الله غفور رحيم ، مهما كان ذنب الإنسان كبيرا ، وحده الله أعلم بمصيره
...........
عاد هيثم من الشركة إذ به يجد حذاء طفل صغير على عتبة الباب و دراجة هوائية
تسائل ما إذا كانت سعاد قد أحضرت نور إلى المنزل
أتجه إلى الغرفة أين كان صوت ضحك و لعب و صراخ
أوقفه وجود حقائب أمام غرفة نور
توتر و جمد مكانه كانت دقات قلبه تنبض بخوف شديد
أقترب من الباب اذ به ينصدم من وجود نور و ملاك فوق السرير يلعبان
سقط على الأرض بمجرد رؤيتهم انهمرت الدموع من عينيه ، لم يتمكن من التفوه بأي كلمة
بينما أسرع نور إلى حضنه قائلا : بابا بابا أين كنت !؟؟؟ لقد تأخرت كثيرا
بقي هيثم مصدوما من وجودهم في المنزل ، بينما كانت ملاك متجهة نحوه ضاحكة
أبتسم لرؤيتها تمشي بغرور و كأنها نسخة مصغرة عن والدتها
شعرها الأسود المموج و عينيها السوداوتين و وجنتيها الورديتين أسرعت إلى حضنه قائلة : بابا بابا
أغمض عينيه بسعادة إبنه البكر في حضنه يقبل خده الأيمن و أبنته الجميلة في حضنه تقبل خده الأيسر
يتمنى لو يتوقف الزمان و يبقى برفقتهم للأبد
قاطع نور تفكيره قائلا : بابا هل تعلم ؟؟ لقد جاءت سحر إلى منزلنا و قالت لي أحبك ، و لكن لم أرد عليها أريد أن أكون مثلك مغرور
ضحك بسعادة ملامسا وجنتيه قائلا : لقد كبرت بسرعة يا بني
نور : أجل و سأتزوج بها حين أكبر
عقد حاجبيه قائلا : و لكن اذا كانت رافضة ستتفهم موقفها هل هذا مفهوم !؟؟ اذا كانت ستحب رجلا آخر لن تعترض طريقها
نور : ماذا يعني تعترض ؟؟
هيثم : لن تأذيها ستتركها لأن الحب لا يجب أن يكون بالقوة
نور : حسنا و لكنها تحبني لا تقلق
و أيضا أخبر ماما أن لا تترك ملاك في الحضانة ، هناك طفل يقبل وجنتيها دائما ،
ضحك هيثم بسخرية قائلا : و أنت مادخلك !؟
نور : إنها أختي و أنا من يجب أن يحميها
فرح هيثم لكلام نور و لتفكيره ليردف بفخر واعتزاز : أجل أنت من سيحميها و هي محظوظة لأنك شقيقها
نور : أمي أخبرتني أنني اشبهك و أن شخصيتي مثلك أنت
دائما ما تخبرني أنني أذكرها بك أنت ،
هيثم : و أنا أيضا عندما أنظر الى اختك أتذكرها
نور : عندما أكبر أريد أن أصبح مثلك يا بابا
هز رأسه بالرفض قائلا : ستكون أفضل مني لأنك إبن سيلا البارودي ، هي من قامت بتربيتك هي من زرعت في قلبك الحب و العطاء ، سأكون فخورا بكما
فجأة شعر و كأن هناك شخص وراءه يذرف الدموع
أغمض عينيه بألم خائفاً من مواجهتها ، أصبح متأكدا من فكرة وجودها في القصر
و لكنه يجهل قرارها ، هل تريد المغفرة ، أو تشعر بتأنيب الضمير لأنها أبعدت أطفالها عن والدهم !!!!
وقف بصعوبة بينما بدأ يستدير بتمهل و أخيرا تمكن من رؤيتها بوضوح ، إنها سيلا ، و هي موجودة في القصر ، الآن سيعرف قرارها هل ستبقى أو ستذهب ؟؟؟؟؟
أبتسم بحزن قائلا : سيلا ؟؟ مرحبا ، لو أخبرتني أنك ستأتين كنت لابقى هنا انتظركم
أردفت بنبرة هادئة : أنا فخورة بك ، و كيف تغيرت ، و كيف أصبح تفكيرك أفضل من قبل ، أنا متأكدة من أن إبننا سيكون إبن صالح وزوج صالح ، متأكدة من أنه لن يأذي من يحب و لن يسمح بأذية شقيقته
لست أنا فقط من زرع هذه القيم في قلبه بل أنا أعلمه الاشياء التي أنت أصبحت عليها
كان قراري هو الرفض و الانصياع لأوامر عقلي
ولكني دعوت الله بأن يرشدني إلى الطريق الصحيح
أن ينير قلبي و طريقي ، حلمت البارحة أنني هنا في هذا القصر مجددا
حلمت ان ابنتي خرجت عروسا من هذا المنزل
حلمت أننا ذهبنا برفقة بعضنا البعض لطلب يد الفتاة التي كان ابننا مغرما بها
حلمت أننا امضيا ما تبقى من عمرنا في هذا القصر
حلمت أنك بقيت وسيما بشعرك الأبيض
أنك لم تتغير بقيت مغرورا و خبيثا ، لم تقلل من أدبك حتى و أنت عجوز
إبتسمت بخجل قائلة : حلمت أننا انجبنا توأم بنات و أنك قررت التقاعد في وقت مكبر تاركاً مسؤولية الشركة لنور
كنت الأب الحنون مثلك مثل والدي لم تختلف عنه ابدا
حلمت أنك سعيت جاهدا لتحقيق أحلام أطفالنا
حلمت أنك كنت الأب و الصديق و الحبيب لبناتك
استيقظت و كنت سعيدة للغاية
لم أشعر بنفسي إلا وأنا أدخل إلى هذا القصر
شعرت و كأنني غير مستعدة للعيش من دونك
و كأنها رؤية واضحة أنك تغيرت
ذلك الحلم كان رؤية أنه يجب منحك فرصة ثانية
أؤمن بأنك تغيرت و أنك نادم ، و لكني وجدت صعوبة في تقبلها ، أعلم أن ظروفك كانت صعبة ، و متأكدة من نقاء قلبك و روحك ، و لكن فكرة الاعتداء مرفوضة و غير قابلة للغفران
و لكنك مختلف ، لم تتخلى عني ، لم تفعل هذا لأنك تريد بل لأنك مريض ، كنت مريضاً و قد نلت عقابك ، آسفة لأني أبعدتك عن اطفالك لأكثر من سنتين ، كنت بحاجة إلى وقت كافي ، و لا أزال مترددة و لكن الدنيا قصيرة و لا أريد أن يتربى اطفالي في مكان آخر ، يجب أن يعرفوا والدهم جيداً ، يوم في الاسبوع ليس كافياً لتمضية الوقت معهم
سنبقى هنا يا هيثم ، سنبقى معك ، لن أقول أنني سامحتك و لكني أحبك ، سابقى معك هنا لن يحدث شيء بيننا إلا أن ننسى ....
أغمض عينيه مصدوم من كلامها ، هل هو في حلم أو حقيقة !؟؟ هل سيلا هنا !؟ و ترغب في منحه فرصة ثانية !؟؟؟؟
أحنى رأسه بعدم التصديق ثم تركها واقفة و هم بالدخول إلى غرفته مسرعاً ، بقي أمام النافذة ينظر إلى السماء بشرود ، بينما بقيت سيلا في غرفة نور جالسة على السرير تفكر في قرارها هل كان صائبا أو لا
و اخيرا فاق هيثم من صدمته ، أصبح متيقنا أنها منحته الفرصة التي لطالما كان يحلم بها
رفع يديه إلى السماء شاكرا الله على تحقيق حلمه
بقي يبكي بحرقة متذكرا حلمها و كم كان جميلاً
ركع إلى الله سبحانه وتعالى شاكرا الله على تحقيق أمنيته و توعد بأنه لن يتغير بل سيصبح إنسان أفضل بكثير .
أسرع إلى غرفة نور إذ به يصطدم بجمال
ضحك جمال بسعادة قائلا : و أخيرا يا أخي ؟؟؟؟
أومأ هيثم رأسه قائلا : لن أفسد حياتي مجددا
جمال : أجل لا يجب أسرع و احضن عائلتك
دخل هيثم إلى الغرفة حدق بسيلا بحنان قائلا : سيلا .....
دمعت عينيها و أشاحت نظراتها عنه بينما وقفت أمام النافذة كانت تفكر في قرارها
حضنها بقوة من الخلف واضعاً رأسه على عنقها
بقي مغمض العينين لبعض الوقت ثم أخذ نفس قائلا : أعدك أنني سأحقق جميع أحلامك ، سأجعلك تنسين تلك الليلة ، سأعمل على سعادتك و سعادة أطفالي ،
سنبدأ من جديد ، حياة جديدة بعيدة عن الماضي
سنبدأ من الآن نرحل من هنا من هذا البلد الذي يذكرنا بالماضي نبدأ حياة جديدة بالكامل ، حياة خالية من الألم و الحقد
سنكون عائلة واحدة كبيرة للغاية و سعيدة
لن نترك أحد يزعزع إستقرار عائلتنا
ولن أسمح لأحد أن يفرقنا
اشكرك على هذه الفرصة و أعدك أني لن أفعل أي شيء يجعلك تقولين يا ليتني لم أعد .
لطالما كنتي أنتي سبب وجودي ، و منحتني اطفال أصبحوا سبب صمودي
أعشقك بجنون ، و سأعشقك إلى آخر نفس لي
سأموت و أنا بين ذراعيك إنه حلمي الأخير ..
قبل عنقها مما جعلها تغمض عينيها بحزن و الدموع تسيل على وجنتيها الورديتين
أردف بسعادة قائلا : لن أسمح لعينيك باذراف الدموع مجدداً ، سأعمل على سعادتك أقسم لك أنني ولا شيء من دونك
أومأت برأسها بمعنى أعلم
ليرد بخبث قائلا : سننجب ذلك التوأم أليس كذلك!!؟
بينما كانت سيلا على وشك الرد جاء نور قائلا : كيف ينجب الأطفال !!؟؟!
ضحك هيثم بينما أخذت سيلا ملاك في حضنها قائلة : أجب إبنك تفضل
حك شعره بخجل قائلا : مممم لا تزال صغيرا يا صغيري
نور : و لكن أريد أن أعرف و أريد أخ ، ملاك لا تلعب معي أريد أخ يلعب معي كره القدم
نظر هيثم إلى سيلا بخبث قائلا : أنا موافق يا صغيري أطلب هذا الطلب من والدتك
تقدم نور إلى والدته قائلا : ماما أريد طفلاً هيا وافقي أتوسل إليك
خجلت سيلا قائلة : توقف
نور : لماذا أنتي حمراء اللون !؟؟ قلت لكي أريد أخ صغير ، كما أتيت بملاك أريد ولد هيا بابا وافق رغم أنه يعمل و مشغول و لكنه يريد أخبريني ماذا أفعل لكي احصل على أخ ؟؟؟
ضحك هيثم بسعادة قائلا : ليس أنت بل نحن أنا و والدتك يجب أن نفعل ذلك
نظرت إليه باستغراب كيف يتكلم مع طفل صغير
بينما نور بقي يسد لباسها قائلا : هيا افعلي ذلك مع بابا
ضحكت بخجل مداعبة شعره قائلة : لا يجب أن تتكلم في أشياء أكبر منك اتفقنا ؟؟؟
نور : حبيبتي سحر امها ستأتي لها بأخ و أخبرتني أنها أيضا عندما نكبر سنأتي بأطفال فيجب أن أعرف أليس كذلك؟؟
ضحك هيثم بسخرية قائلا : إنك إبني بكل ما تحمله الكلمة من معنى
ابتسمت سيلا بخجل قائلة : عندما تكبر ستعرف لوحدك و لكن الآن لا تتدخل
هز نور كتفيه قائلا : بابا أفضل منك أنتي دائما هكذا ، بابا كان يخبرني باشياء جميلة عندما آتي إلى هنا
سيلا : مثل ماذا !
نور : أن الفتاة كوردة أليس كذلك يا بابا !! نسيت التكملة
أومأ هيثم رأسه قائلا : أجل المرأة كالوردة لا يجب قطفها من البستان إلى في حالة تأكدنا من أننا ستعتني بها كما تعتني بها التربة و الشمس و الهواء ، الرجل هو من بيده القدرة على سعادة المرأة أي سعادة تلك الوردة ، بينما الوردة هي من تسعد المرء برائحتها العطرة التي تجعل حياته أجمل و تجمل حياته ، المرأة أيضا تعطي لحياة الرجل لون و رائحة عطرية مميزة ، يجب أن نعتني بها لكي نحصل على النتيجة
يجب معاملة المرأة بإحسان و رقي لكي نحصل على الحب و العطاء
اذا اخذناها من تربتها أي من عائلتها فينبغي أن نكون عائلتها الوحيدة و أن نعوضها عن ما فقدته
دمعت سيلا عينيها محدقة بهيثم باندهاش و من كلامه الجميل ، و كأن هيثم مختلف يجلس أمامها
إنها محقة في مغفرته ؟؟؟ ذلك السؤال هل سيبقى يطاردها دائما أو أنها تأكدت أنه مختلف عن باقي الرجال ؟؟؟؟؟
بينما بقي هيثم يحدق بسيلا و كيف تضحك برفقة نور الذي كان يطلب منها كيفية إنجاب الأطفال و يتوسل إليها أن تنجب طفلا آخر
بقي ينظر إليهم بسعادة غامرة و شكر الله لمنحه هذه الفرصة رغم أنه لا يستحقها و وعد نفسه أن لن يفقد هذه الفرصة و أن يحولها إلى بداية أجمل بكثير ، رغم تأكده من حبها له و لكنه يعلم أنها لا تزال مجروحة توعد أنه سيجعل حياتها أسعد بكثير
و سيكون الأب و الصديق و الرفيق الدائم لها قبل أن يكون الزواج.....
مد نور يده لهيثم و طلب منه الإقتراب
أقترب منهم و قام نور معانقتهم بقوة ، كان هيثم قريباً من شفائها أبتسم بسعادة قائلا : لن اخسر هذه الفرصة من أجل أطفالي....
تمت بحمد الله