رواية لغة بلا حروف الفصل العاشر 10 بقلم روزان مصطفي

 

 


 

رواية لغة بلا حروف الفصل العاشر بقلم روزان مصطفي



المنظر كان مُقزِز جِدًا وانا شايفة رجالة اهل البلد بيخرجوا مِن الشوال اللي كان شايلُه الراجل على ظهرُه وفي جُثة الطِفل وجُثة القُطة ومكونتش فاهمة إيه وجه الترابُط بين الإثنين! حيوان وطِفل صغير محطوطين مقتولين في الشوال وكان واخدهم على الأراضي رايح بيهم فين؟؟
 طبعًا انا كُنت في حالة شِبه فاقدة الوعي انا خلاص على تكه وهقع مِن طولي لكن تمالكت نفسي بالعافية ومنصور لاحِظ كِدا ولاحِظ رُعبي مِن اللي شوفته في الشوال فـ طلب مني إني أطلع على الشقة وأنا رفضت أطلع مِن غيرُه، أهل البلد إستدعوا البوليس وجِه وسأل إيه اللي حصل وإيه اللي ضرب الراجِل كِده 
منصور قال للظابط إن هو اللي ضربُه لإنُه شاكِك في أمرُه كُل شوية رايح جاي بـِ شوال شكلُه غريب ولما طلب مِنُه يعرِض عليه إيه اللي موجود في الشِوال الراجل رفض وده اللي أثار غضب منصور. 
الظابط قال بتنهيدة وهو شايف الجُثة: طيب إتفضل معانا عشان هنفتح تحقيق للواقعة، وهسيب بقيه الظُباط هِنا علشان تيجي عربية الإسعاف تاخُد الجُثة بِتاعة الطِفل ونعرف دي جُثة مين.
 قولت للظابط بتدخُل وتوتُر: تسمح لي اجي معاكُم لإن أنا اللي شاهدة على اللي حصل مِن البداية وأنا اللي قولت لجوزي عن شكوكي دي وهو كان السبب في إن الجريمة دي تتعرِف. منصور بص ليا في ساعتها بصة وحشة وهو شايفني إني بتحامى في الحكومة لكِن الصراحة دي كانت فُرصتي الوحيدة عشان أتخلص مِنُه لو ليه يد في جريمة الشاب اللي مات مِن كام يوم.
 الظابط قال: طب تعالوا إنتوا الإثنين معايا.
 لكِن منصور قال بهدوء: أنا هاجي ورا حضرِتك بعربيتي. 
ركِبت جنب منصور في العربيةوأنا بربُط الحِزام.
 قالي وهو باصِص قِدامُه وبيشغل العربية: برضو بتشغلي مُخِك.
قولتلُه وأنا بصالُه بثِقة: دا مش تشغيل مُخ، دي شهادة حق كان لازم أعملها من بدري، عشان أرتاح. 
ضحك وهو مبين سِنانُه وقال وهو بيشغل العربية: وإنتِ فاكرة إنك لما تقولي عن اللي شوفتيه هترتاحي؟ دي هتبقى بداية النهاية. 
مفهمتش كلامُه، وشي إصفر وروحي حسيتها بتنسحب مني، إتحرك بالعربية وأنا ببُص مِن الشباك بتاعي على الناس ملمومين حوالين الشوال، والراجِل ممسوك مِن ثلاث ظُباط محاوطينه ومحاوطين الشوال، الجو كان برد وأنا مش قادرة أركِز في الطريق حتى عشان أشتِت تفكيري، بلعت ريقي ومش عارفة ليه عملت كدا لكِن لقيت نفسي بسأل منصور وبقوله: طب أقول للظابِط أنا شوفت إيه؟ 
لف بالعربية حوالين ملف وهو بيقول ببرود: إعملي اللي تعمليه، أنا حاولت أحميكِ وأحمي نفسي لكِن غبائِك كالعادة سيد الموقِف، والسيناريوهات الخيبانة اللي عقلِك بناها عني بكرة تعرفي قد إيه إنتِ ساذجة وتندمي ندم شديد على تسرُعِك. 
الخوف دب جوايا، أنا عارفة منصور كويس كان بيتكلم بجدية مش بيتكلم عشان يهوشني أو يخوفني أتراجع، فـ قولتلُه بهدوء: حتى لو كلامك صح فـ الحكومة هتحمينا.. 
بصلي وسكِت مردش، وكمل الطريق وهو ساكِت، لغاية ما وصِلنا لقِسم الشُرطة. 
نزل منصور من العربية ونزلت وأنا بترعِش جامِد، خلع منصور جاكيت الترينج بتاعُه وحطُه على كتفي وهو بيضمني من جنبي ليه وبيقول: متخافيش أنا معاكِ، عايزة تحكي إحكي وأنا هتحمل مسؤولية كُل شيء وهحميكِ. 
خوفت عليه، خوفت بجد، شكل الموضوع كبير وهو كان بيجاريهُم إني مش هحكي عشان يحميني منهُم، وقررت إني مش هتكلم غير عن الشوال والراجِل بس، مع إن في تساؤل لعِب في دماغي. 
لما الموضوع كبير وفي أطراف مجهولة مؤذية، إيه اللي خلى منصور يضرب الراجِل ويعمل القلق دا؟ مفوتهاش زي الشاب ليه! 
دخلنا مكتب الظابِط وسمحلنا نقعُد، بعدها بصلنا وقال بهدوء: إحكولي بالظبط من الأول، بيتهيألي حضرتك يا مدام قولتي إن بداية الكلام عندِك. 
هزيت راسي بمعنى أه وبدأت أحكي، حكيت بس عن إني شوفت الراجِل دا بالشوال كذا مرة كل ما أطلع البلكونة، منصور إستغربني بس حسيتُه إتطمِن.. والظابِط بيسمعني بإهتمام. 
لما خلصت كلامي سألني الظابِط بـِ شك وقال: اللي بيطلعك كل يوم في نفس الوقت تقريبًا للبلكونة؟ مع إنك ربة منزل والمفروض تنامي بدري عشان روتينك اليومي؟ 
هنا منصور جاوب بدالي وقال: يا باشا إحنا أرياف بننام بدري عشان نصحى الفجر للصلاة بعدين اللي ليه أرض يروح يشوفها واللي هتطبخ لجوزها عشان توديله الأكل الأرض فـ الدنيا بتبقى سكوت خالِص، المدام مِن القاهِرة وأهل القاهِرة والمُدن بتبقى الشوارع فيها حركة وناس لغاية الفجر فـ عادي هي إتعودت. 
بصيت للظابط وكانت حالتي وحشة وأنا بقول: طب هو كدا هنرجع المنطقة إزاي، أنا مرعوبة. 
منصور بصلي بمعنى إسكُتي بعدين بص للظابط وقال: إحنا موجودين في البلد ياباشا عشان أي وقت حضرتك تحب تستدعينا نحضر، وكاميرات المراقبة اللي قصاد بيتي تحت أمرك. 
الظابِط شكرنا وخرجنا سوا مِن القِسم، كُنت دايخة وأنا حاطة دراعي في دراع منصور وبقول بتعب: مش قادرة رجليا مش شيلاني.. 
بدأت أعيط بشحتفة زي العيال وإحنا واقفين قُدام عربيتنا، منصور حط وشي بين إيديه وهو بيقول: ششششش مالِك في إيه، أنا جنبك متقلقيش من حاجة. 
قولتله بحساسية وعياط: منظر الطفل كان صعب، ليه يعنلوا فيه كدا، وإنت.. إنت مش صريح معايا ليه.. إنت.. 
بدأت الرؤية تغلوش في عينيا ومنصور بيقول: مريم.. مريم! 
وقعت بين إيديه وأنا فاقدة الوعي تمامًا! 


شكرا لزيارتكم عالم روايات سكيرهوم
تعليقات