رواية علي ناصيه الحب الفصل الثاني عشر 12 بقلم حبيبه محمد



رواية علي ناصيه الحب الفصل الثاني عشر  بقلم حبيبه محمد 


-قرض بتلاته مّليون جِنيه ليه ؟ هيشتري العاصمه الإداريه ذات نفسها !.


تعرف إن الإنسان أحياناً بيكون عارف إنه بيغرق لكِنه بيختار يِغرق بإرداته ويرفض يتعلق حَتى بقّشايه ؟.


ده اللي كان بيحصل ليا مِن وقّت ما رِجعت مِن الرحله ، حسيت نفّسي فجأه بقيت شّخص مُنطفي ، باهت ، تحت عيني هالات سوده معرفش إمته وفين ظَهرت !.


أنا اللي طول عمري مهتم بشكلي ، بعالج بشرتي وبهتم بِيها أكتر مِن آي سِتّ فِي الدُنيا فجأه لقيتني شّخص غِير اللي اعرفه ، أنا مُش عمر !.


صداع دائم بدون سبب ، أنا اللي عمري ما اشتكيت من عيني بقيت بشتكي من ضعف فيها لو جربت امسك التلفون لفتره طويله ، فجأه كل حاجه اتغيرت بدون سبب واضح ! 

بدون آي تمهيد لقيتني بختفي !.


وفوق ده كله ؛ ادمرت حالتي النفسيه عشان عمران ، خسرت صاحب عمري ! صاحب عمري الي وقف خد معايا عّزا بابا وفضل معايا اكتر من اسبوع يستقبل هو الناس مكاني ويضايفهم لما مقدرتش أكمل أنا .


صاحب عمري اللي اول ما ماما تعبت وانا كنت في سفريه من سفرياتي كالعاده هو اول واحده جرى عليها ، دفع مصاريف المستشفى ليها رغم إنه كان بيحوشهم لقسط شقه جديد ، مهتمهش بكل ده على قّد ما فكر .

ماما شخص يهمني ازاي !.


معقوله الغيره توصلني إني اخسر صاحبي وأخونه واكون في نظره شخص خان العيش والملح وخساره فيه السنين والشهور والأيام !.


إتضح ؛إن كل حاجه لما تبوظ في حياتك ، بتيجي تبوظ مره واحده .


نِزلت الكافيه أقابل ياقوت اللي كانت مّصره تقابلني بشكل غريب رغم إني عرفتها إني تعبان ومش قادر لكنها كانت مصممه بشكل خلانّي أشك إنّ فِيه مشكله !.

في مصيبه حصلت .


قعدت إستنيتها ، إستنيتها كتير لحد ما وصلت ، دخلت بأبهى طله ليها وكإنها دايماً بتكون متعمده تجذب الأنظار ليها ، فستان ازرق طويل وواسع لكن بحملات رفيعه شعرها الطويل مقصوص .

مقصوص لحد رقبتها بالظبط .


قعدت قدامي وابتسمت ليا ، التغيير اللي فيها شدّني ليها أكتر ، كانت مبهره بكل طله ليها عن التانيه ، مديت كف ايدي ومسكت ايديها ، رفعتها وبوستها بحب ، حب كنت عارف إن ممكن يكون السبب في دماري بس غصب عن الواحد لما يحب مستحيل يعرف يبعد !.


-قصيتي شعرك.

-شكلي حلو ؟.

-إنيت دايما شكلك حلو في عيني يا ياقوت مش محتاجه تغيري من نفسك حاجه عشان أشوفك حلوه .

-مالك ! حاسه شكلك تعبان ؟ .

-مش عارف من ساعة ما رجعت من السفر وانا الدُنيا مش احسن حاجه معايا بس يمكن دور برد من اللي ماشي اليومين دول .

-استنى معايا حباية مسكن هايله هتريحك خالص .


تِفتكر فِيه إنسان في الدُنيا دي ممكن يأذي إنسان تاني بدون سبب واضح لرغبه في إثبات غروره لنفسه مش إكتر ؟.


فتحت الشنطه وطلعت حبايه بيضه من قرص ازرق غريب واديتها ليا ، كنت واثق فيها ، مسلم ليها ، كنت عارف إن لو ياقوت قالت ليا إن ورا الجبل ده دهب وهو وراه علقم .

كنت هاكل العلقم واعتبره شّهد عشانها .


هل ده حبّ ؟.

يمكن ؛ يمكن كّان حّب بس الأكيد كان تعلق وتملك .


خدت الحبايه وشربت بعدها مايه حسيت بحاجه غريبه بتتغير جوايا زي…زي ما بيتر في اسبيدر مان حس بتغير غريب اول ما العنكبوت لدغه .


-كنت عاوزه اكلمك في موضوع يا حبيبي.

-قولي على طول بدون مقدمات .

-جّو صاحبي اللي انت اتعرفت عليه في الرحله حابب يعني ياخد قرض من البنك ومحتاجك تساعده .

-امممم رغم إني مش مرتاح ليه بس مش مشكله هو عاوز قرض قد إيه .

-مبلغ صغير بسيط يعني تلاته مليون جنيه .

-نعم ! ده اللي هو ازاي ؟ شخص زي الواد المنسون ده محتاج تلاته مليون جنيه يعمل بيهم إيه !.

-يفتح مشروع يا عمر في إيه !.

-هو مش شغال أصلا ؟.

-لا هو إندبيندنت بزنس مان بيعمل مشاريع حره لحسابه .

-يا روح ماما ! لا يا حبيبتي الكلام ده ميمشيش معانا في البنك هو مش بنك اهلي!.


-يعني إيه يا عمر دي اول مره اطلب منك طلب !.

-تطلبي مني طلب معقول يا ياقوت مش قرض بتلاته مليون جنيه ! بالكلام اللي بتقوليه ده أصلا مستحيل البنك يطلع ليه مبلغ أقصى من مليون او اتنين مليون جنيه لإن شرط سحب القرض إن البنك بيشوف دخلك الشهري أو السنوي وهل يقدر يغطي قيمة القسط الفوايد ولا لأ!.

-عمر إنت مدير الفرع اللي إنت فيه متقدرش تمشي حاجه زي دي اومال مدير بنك بتعمل إيه ! بجد يا عمر هزعل منك !.

-يرضيكِ يعني أني أضّر في شغلي عشان إنتي متزعليش ؟.

-وفين الضرر ده مبلغ هياخده ويسدده على طول فين الضرر ! مشي الدنيا يا عمر دي اول مره جّو يطلب مني طلب ودي اول مره أنا اطلب منك طلب ! عشان خاطري بقى !.


مكنتش مرتاح ، قلبي كان مقبوض من فكرة القرض دي ، واحد زي جّو شوفت شكله واستيل لبسه وطريقة كلامه هياخد قرض يعمل بيه إيه ؟

هيفتح محل حريمي ؟ اعتقد دي الشغلانه الوحيده اللي ممكن تنفعه !.

او يمكن يكون…


-جّو قالك المشروع ده هيكون إيه ؟.

-لا أنا مسألتش.

-ياقوت ! أنا من ساعة ما شوفت الواد ده وانا مش مرتاح ليه ومن ساعة قعدتي معاه وانا حالي مقلوب بسبب الزفت اللي خدته منه ده !.

-عمر بطل دلع بقى ! ما أنا خدته معاك اهو ومحصلش حاجه مكبر الموضوع ليه ؟ ده ذنبي يعني اني قولت انزل عشان نخرج ونتفسح شويه ولا انت عاوزنا نتخانق وخلاص ده !.

-نتخانق إيه بس ربنا ما يجيب خناق يا ستي قوليلي عاوزه تعملي إيه بس وانا اعمله ليكي .

-عاوزه اروح السينما عاوزه اسمع فيلم المشروع X اللي نازل جديد .

-مشروع X ؟ بدل ما تقولي فيلم رومانسي إيه يا ياقوت طالعين حرب تونس!.


ضحكت .

كانت ضحكتها أرق مِن آي ضحكه في الدّنيا دي كلها ، يمكن الإنسان مننا بيكون ليه نقط ضعف في حياته كتير لكن أنا عمري ما كان ليا نقطت ضعف .

لكن دلوقت ؛ ياقوت وضحكتها وعيونها هّما نقطة ضعفي .


-مقدرش أنا ارفض حاجه بعد الضحكه دي الصراحه .

-وهتعزمني؟ 

-أعزمك يا سلام من العين دي قبل العين دي .

-تعرف إني بدأت احبك .

-وده من قلبك ولا عقلك المره دي ؟.

-من قلبي يا عمر ، إنت راجل مستحيل الست تضيعه من بين إيديها ، مكسب لآي ست في الدنيا دي كلها .

-وانا عشان الكلمتين الحلوين دول مستعد اعمل آي حاجه عشانك .

-آي حاجه ؟ .

-آي حاجه .


زمان في العّصر اليوناني وتحديداً في الحقبه الكلاسيكيه .

كان في بطل معروف جداً لحد زمنا ده إسمه هرقل ، اعظم ابطال الأغريق اللي انجز مهمات لا حّصر لها .


ورغم قوته التي لا تُقهر، وقع في حب امرأة اسمها ديانيرا. الحب هنا كان نقطة ضعفه الوحيدة وفي يوم، وحش اسمه نيسوس حاول يخطف ديانيرا لكن هرقل قتله بسهم مسموم بدم الهيدرا.


نيسوس وهو بيموت خدع ديانيرا وقال لها: “خدي دمي، ولو خفتي يوم إن هرقل يخونك، حطي نقط من دمي على آي قميص هو بيلبسه وهو يفضل يحبك للأبد.”


ديانيرا صدقت الكلام وخدت من الدم ، ولما شكت إن هرقل بيخونها، دهنت له ثوبه بدم نيسوس ،لكن الدم كان مسموم، ولما هرقل لبس الثوب اتحرق جسده بالنار، وبدأ يموت موت ببطء مؤلم .


فساعات الحب والـثقة الزيادة بيبقوا السهم اللي بيخلص على صاحبه، مش العدو اللي واقف قدامه.


•••••••••••••••••••••••••••••••••••••


-مسك فيه عريس جاي بعد المغرب إجهزي عشان هتقعدي معاه .


|| ادارى وانت مش دارى

وصابر ليلى ونهارى

يا خوفى عليك لتظلمنى

يخلصلى الزمن تارى||.


ساعات وإحنا بنحلم ، مش لازم نتعشم في الحلم أوي ، أصل في النهايه هنفوق من الحلم ده على أرض الواقع .


مكنش العريس الاول ولا الأخير اللي يجي ليا لكن المره دي كان مختلف ، كان مختلف لإني بدأت إني فعلا اخيراً ممكن أكون لعمران حاجه !.

حاجه مهمه موجوده في حياته .


سهرنا في البلكونه كُل يوم لحد وش الفجر ، ساعات ينام وهو بيكلمني لإنه بيكون صاحي بدري للشغل ، الورده اللي كل يوم بيهربها مِن بابا اللي بيكون مستينه على القهوه ويجيبها ليا .


حتى نجاه ؛ حتى نجاه بقينا بنسمعها سّوا !.


مبقتش عارفه أعمل إيه ! 

رغم أن بابا شايف وعارف اللي بيحصل قدامه ومن وراه إلا إنه دايما لازم يحطني قدام الأمر الواقع ويوقع سقف احلامي .


بابا كان دايما معترف إن طالما عمران محدش خطوه جديه يبقى الموضوع مفهوش حاجه رسميه أوقف حياتي عليها .

وهو كان عنده حق عشان كده كان لازم اعرف عمران عاوزني ولا لا ! 


بيتسغل وجودي لأجل بس إنه يتخطى وجود ياقوت في حياته ولا هو فعلا حاسس بمشاعر ناحيتي ؟ 

أنا مكاني فين في حياته ! عروسه لعبه هيلعب بيها شويه ويركنها فوق الرف ؟

ولا بذره عاوز يزرعها في قلبه اتشبت بيه بجذور حبي ليه !.


خطفت رجلي وخرجت من الشقه ، إنهارده كان الجمعه الأجازه لعمران ، وقفت قدام الباب ، ولاول مره لا اكون متوتره ولا خايفه ولا محرجه !.

كان حقي .


كان حقي أعرف موقع إعرابي في حياته إيه ؟.


-مسك ! الف مره يا بنت الناس قولتلك متخبطيش بالشكل ده بتخضيني .

-عمران لازم اتكلم معاك ضروري .

-في إيه ؟ عم نعيم حصل ليه حاجه ؟ طنط ناني كويسه !.

-سألت على كله ما عدا أنا ! نسيت تسألني أنا كويسه ولا لا ؟.

-مسك فيه إيه ؟ أنا مش فاهم من كلامك حاجه !.

-أنا موقعي في حياتك إيه يا عمران ! عاوزه اعرف أنا في حياتك أكون إيه ؟.

-انتي جايه مخصوص عشان تسأليني سؤال غريب زي ده !.

-غريب بالنسبالك إنت، لكن عندي أنا ده أهم سؤال في حياتي كلها !


-طب إهدي خليكي عاقلة شويه، ماينفعش نسأل الأسئلة دي كده!.

-ليه ماينفعش يا عمران ؟ إنت ليك حق تسألني إنتي بتحسّي بإيه، وأنا ماعنديش الحق أعرف إنت شايفني إزاي في حياتك ؟.

-مسك إنتي عارفه أنا لسه خارج من قصة مش سهله ولسه قلبي مش واقف على رجليه!.

-عارفه، بس أنا مش مسكن ولا مُسكن للألم اللي إنت فيه! مش هقبل أبقى بديل لحد، ولا مجرد فراغ بتحاول تسده بيا.

-أنا مش قصدي كده…

-يبقى قصدك إيه؟! إنتَ عارف إن كل يوم بيعدي من غير ما أعرف إنتَ شايفني فين بيكسرني أكتر أنا عاوزه كلمة واضحه إما إنك شايفني جزء منك أو تسيبني أواجه جرحي وأمشي.


-مسك إنتي غالية عليا يمكن أكتر من أي حد دلوقتي في حياتي.

-غالية يعني إيه؟! كلمة مطاطة، ينفع تتحط في أي جملة والسلام أنا مش عاوزه أبقى عندك “غالية” وخلاص، أنا عاوزه أبقى “حاجة”.

-وانا مقدرش أقولك إني بحبك لأني لو قولتها دلوقتي أبقى بضحك عليكي وعليا.

-يعني أنا طول الوقت ده كنت إيه بالنسبة لك؟

-إنتي… كنتي طوق نجاة كنتي اللي مدتلي إيدها وأنا غرقان ساعدتيني أتخطى حاجات عمري ما كنت أتخيل إني أقدر أعديها بعد ما ياقوت مشيت.

-يعني أنا كنت مجرد مرحلة تعديها وترجع تمشي؟

-أنا مش قادر أظلمك يا مسك مش عاوز أديكي لقب ماستحقهوش ولا أديكي وعود هتتحول لسكين في قلبك بعدين أنا بنقذك مني !.


ساعتها فهمت.

فهمت النظرة اللي في عينه كانت أصدق من أي كلمة ممكن يقولها. 

عيون مترددة، شايلة خوف أكتر ما هي شايلة حب. 


شوفت رجله وهيا بترجع خطوه لورا مكانتش مجرد حركة عابرة، لأ دي كانت زي إعلان صريح، إعلان إنه لسه جواه حدود وحواجز ماقدرش يتخطاها عشاني.


اللحظة دي حسستني كأني واقفة على باب قلبه، بدق بكل قوتي، وهو سامعني بس مش قادر يفتح. 


مش عشان مش عايز لأ، بس عشان لسه في قيود ماسكة إيده من جواه يمكن يكون جرحه لسه طري، ويمكن ياقوت لسه ليها ظل جوه قلبه مهما أنكر، ويمكن أنا فعلاً بالنسباله مجرد طوق نجاة مش حب. 


بس المؤكد إن التراجع ده كان جواب، حتى لو ما اتقالش بكلام.


قلبي اتقبض.

مش عشان رفضني، لكن عشان حسيت إني كنت على بُعد كلمة واحدة تغيّر مصيري كلمة ماقدرتش تطلع منه ،كلمة فضلت محبوسة في صمته، وحبستني أنا كمان معاها.


\\ اصون الورد من نارى

وادارى وانت مش دارى

اسهر شوقى فى قلبى

واسامر ناره فى ضلوعى علشان احيا فى عذاب حبى||.


نجاه كانت أخر الناس اللي كنت ممكن أكره إني اسمع صوتها في اللحظه دي .


وبدون ولا كلمه زياده لفيت ورجعت شقتنا اللي كانت مقابل شقته بالظبط ، قفلت الباب بقوه وكإني كده بعلم لنفسي خلاص .

كفايه محاوله .


-روحتي ليه برضو صح !.

-ماما لو سمحت مش عاوزه اسمع حاجه.

-لازم تسمعي يا مسك ، لازم ، منكرش إني بحب عمران كإنه إبن ليا ويمكن أكتر ،بس من الاول ابوكي كلامه كان صح ، عمران ليه تايهه ومش عارف يروح فين ولا يتمسك في مين وانا مقدرش أرمي بنتي لواحد اعمى القلب يا مسك !.

-اعمى القلب ؟.

-ايوا ؛ قلبه عامي عن حبك ، عن عيونك اللي بتلمع اول ما تشوفه ، عن ضحكتك اول ما بيرن الجرس ، عن طعم الاكل اللي بدأ يتغير من ساعة ما قررتي تعمليه إنتي ، عمران قلبه معمي عن حبك وعمره ما هيشوفه غير لما يفوق لنفسه .


-ولو ؟.

-يبقى مش من نصيبك ، عارفه يا مسك عمران حب ياقوت ليه ؟ عشان كانت بالنسبه ليه حاجه صعبه ، حاجه نادره ، حاجه غريبه ومنفرده بنوعنا لكن طول ما انتي فارده ليه الارض ورد وعامله ليه ممر شرف بالشمع عّمره ، عّمره ما هيشوفك يا مسك غير صاحبه واخت وبس .

-أنا تعبت يا ماما تبعت ليه كل حاجه لازم تكون صعبه بالشكل ده !.

-لازم تكون صعبه عشان نعرف قيمتها يا مسك ، لو عمران في جواه مشاعر ناحيتك بجد وبيحبك صدقيني لما يشوفك بضيعي منه هيعمل كل اللي في وسعه عشان يمنعك وتكوني ليه ، لازم عمران يتحط تحت إختبار .

-زي ؟.

-اقعدي مع العريس ، اتكلمي معاه ، حسيتي إنه كويس وافقي عليه ونشوف هو هيتحرك ولا لا !.

-ولو ؟.

-يبقى مش من نصيبك .


الكلام قعد يدور في دماغي زي صداع مزمن وأنا لأول مرة حسيت إني محتاجة أعمل الخطوة دي مش بس علشانه، لأ علشاني أنا.


أنا تعبت من الانتظار، من إن حياتي كلها مربوطة بابتسامة منه أو كلمة منه أو حتى سكوت منه تعبت من إني أحط نفسي على الرف وأفضل أستناه يمكن يمد إيده ياخدني.


لأ، المرة دي الموضوع مختلف. 

يمكن أوافق أشوف العريس وأتكلم معاه مش عشان أستفز عمران أو أستنى رد فعله، لكن عشان أشوف أنا… أنا مسك، من غيره، عايزة إيه؟ قادرة ألاقي حياتي برا صورته ولا لأ؟.


يمكن لما أقعد وأتكلم ألاقي نفسي فعلاً مستاهلة حد يشوفني أنا وبس، من غير أشباح قديمة تحاوطنا. 


ويمكن ساعتها لو عمران حبني بجد هيبان ولو ما حبنيش أبقى أنا اللي كسبت نفسي ورجعت كرامتي قبل ما يضيع العمر.


|| وانور عيني بدموعي 

شاغلني بك بكل افكاري 

إداري وانت مش داري 

يا سايق في دلال صِدك ||.


••••••••••••••••••••••••••••••••


-غبي غبي مكنش ينفع تقول كده يا غبي !. 


ضربت راسي بإيدي نظرتها وهيا بتبص ليا لجمتني .

حسيت لأول مره إني مهزوم قدام عيونها ! لكن كان غصب عني ! كان غصب عِني إني مش قادر افهم حقيقة مشاعري ناحيتها إيه بجد !.


بحبها ؟ 

طب ليه لسه بقارن بينها وبين ياقوت طول الوقت ! ليه لسه بفتح بروفايل ياقوت طول الوقت ؟ ليه لسه متابع الشات اللي بينها وبين عمر ! 

ليه لسه مهتم هما في بينهم إيه بيتبنى !.


حسيت قد إيه أنا أناني إني استغليتها في حياتي .

استغليت إنسانه بريئه زيها في إني انقص نفسي من الحيره والتوهان وأغرقها هّيا معايا !.


معقوله هّي كانت تستاهل وانا طلعت وحش بالشكل ده ؟.


قعدت على اقرب كرسي ليا ضربت برجلي صندوق قديم كان جنب رجلي فأتقلب كله ووقع على الارض ، حسيت بالعجز قدام مشاعري ، متكتف قدام أختياري!.


لمحت بطرف عيني شريط فيديو من الفيديوهات القديمه ، كانت امي بتحب توثق كل حاجه من وانا صغير لحد ما ماتت ، كان دايما في ايديها كاميرا جميله تسجل بيها وتوثق الذكريات .


مديت إيدي ومسكت شريط من اللي وقعوا كان جوايا فصول شديد اعرف يا ترا سجلت إيه ؟ 


بصيت حواليا ، دورت على الجهاز اللي كانت بتشغل فيه الشرايط دي وتعرضهم على الحيطه كإنه نور أو ظل ، لحد ما لقيته في ركن معزول ،طلعته ، نفضت عنه التراب ، وصلته بالكهرباء ، حطيت فيه الشريط ، طفيت النور شغلته وقعدت استنى .


-يا عمران اقف بقى إنت ومسك خليني أصوركم !.

-يا ماما عمو غزل البنات هيمشي هجيب بسرعه واجي !.

-لا اقف أصورك يلا ده اخر يوم ليك وانت طالب في سته إبتدائي يعني اول شهاده ليك وده آخر يوم لمسك وهيا في سنه تالته قولوا لبعض حاجه يلا .

-عاوز غزل بنات !.

-يا واد متبقاش بارد بقى يلا قولي إنتي يا مسك الاول نفسك لما تكبري تكوني إيه ؟.

-نفسي يكون عندي حديقه مليانه ورد وانا اخد بالي منهم واسقيهم كل يوم .

-وانت يا لمض؟.

-اتجوز مسك .

-واد إنت جبت الكلمه دي منين !. 

-يا ستي ما كل ما اجي امسك ايديها عشان نروح نلعب عمو نعيم يزعقلي ويقول واد يا ابن ناصر متمسكش ايد بنتي غير لما تتجوزها .

-يعني انتي عاوز تتجوزها بس عشان خاطر تمسك إيديها ؟.

-وعشان اضايق عمي نعيم واطلع ليه لساني واقوله بص مسكت إيدها أهو .


لغوشه حصلت فجأه وكإنها سالت الكاميرا من إيديها ، وفجأه ظهرت هيا قدام الصوره بتضحك ، ابتسمت ، لمعت عيني بالدموع ، قّد إيه الراجل ومهما كِبر بيكون مفتقد أمه دايماً .


-يا نعيم بقولك أهو أنا بطلب إيدي بنتك لإبني بالمعنى الحرفي اوعى ترفض !.

-طب هو يرفض كده وانا هروح افرغ كاوتش عربية سونه واخليه يزعل عليهم .

-هقول لبابا على فكره .

-يا فتانه الفتان بيروح النار .

-واللي بيزعل الناس برضو بيروح النار يعني هنروح سوا .

-هتحرقك جامد !.

-مش انت معايا ؟ 

-اه .

-يبقى مفيش مشكله أنا معاك على طول صح يا طنط ساره مش أنا وعمران هنفضل مع بعض على طول !.

-على طول يا حبيبتي خلي بالك مِنه يا مسك عمران طيب اوي !.

-وبحب غزل البنات .

-وانا بحبك انت.


رفعت عيونها وضحك للكاميرا وكإنها كانت شيفاني ، عيطت ، كانت دي اول مره من بعد موتها أعيط ، بابا ، ماما ، عمران !.

كلكم وحشتوني ؛ وانا وحشتني نفسي !.


خلص الشريط وأيقنت وقتها إن في وعود كتير ممكن نوعدها لشخص وننساها.

لكن الشخص ده بيفضل فاكرها على طول .


قومت بسرعه وانا مقرر أروح ليها لكن تلفوني رن برن غريب وقفني ، فكرت اطنش بس مكانتش عادتي ان مردتش على حد عشان كده فتحت واتكلمت بصوت مبحوح باين عليه العياط والتعب .


-ايوا .

-عمران ناصر معايا ؟.

-ايوا مين حضرتك ؟.

-أنا نصرت والد ياقوت عاوز اقابلك .


المفاجأة ساعات ما بتيجيش كصوت عالي ولا كصفعة مدوية، لكنها بتيجي كرجفة صامتة تهز أعماق الروح هي اللحظة اللي بيتوقف فيها العقل عن التفكير.


وكأن الكون بيحبس أنفاسه منتظر رد فعل واحد. الصدمة مش في الاسم ولا في الشخص اللي نطق بيه.


لكنها في إدراك إن الحياة دايمًا مخبية ورا الستار أوراق ما كناش مستعدين نقراها، وإن لحظة صغيرة ممكن تعيد رسم مصير كامل.

الفصل الثالث عشر من هنا


stories
stories
تعليقات