رواية همس بلا صوت الفصل الثالث عشر 13 بقلم نور محمد

 

رواية همس بلا صوت الفصل الثالث عشر بقلم نور محمد


سيلا فضلت عينها معلقه علي الشاشة ايدها بترتعش وهي تعيد قراءة الرساله مره ورا التانيه 

"عايزه تعرفي مين السبب الحقيقي في خطفك؟
بصي كويس حواليكي ...
واسئلي جوزك:"

سيلا قفلت اللاب بعصبية، قلبها لسه بيدق من أثر الرسالة اللي شافتها. الكلمات فضلت تتردد في ودانها:

"اسألي جوزك."

قعدت على الكنبة، ماسكة طرف المخدة بإيدها كأنها بتدور على أمان فيها. 
قطع شرودها صوت زينب من المطبخ وهي بتنادي علي زياد
"يا زياد تعال ساعدني وحط الاكل

ضحكت سيلا بخفة وهي سامعة زياد بيتذمر، لكنها ضحكة متوترة، مش طالعة من قلبها. حاولت ترجع تركّز في الطبيعي: البيت، ريحة الأكل، صوت الحركة العادية… لكن عقلها مش عايز يسيب الكلمة اللي لزقت فيه.

قبل ما تسترسل في التفكير، الباب اتفتح بهدوء. دخل غيث، تعبان ووشه باين عليه الإرهاق، لكن عينيه بيدوروا عليها أول ما خطا خطوة في الصالة.

ابتسم ابتسامة صغيرة وقال: "وحشتيني يا سيلا

سيلا رفعت عينيها له، ابتسمت ابتسامة باهتة:
"وحشتك إيه… ده انت لسه خارج من ساعات."

قرب منها وهو بيرمي جاكيتُه على الكنبة وقعد جنبها. لمحة سريعة لمح اللاب المقفول على الترابيزة: "كنتي قاعدة عليه؟"

شدت إيديها وقالت بسرعة:."أه… بس زهقت وقفلت

غيث مد إيده ولعب في خصلة من شعرها، صوته هادي لكنه بيراقب ملامحها: "عايزاك ترتاحي متشغليش بالك بحاجةأنا موجود

هزت راسها من غير ما تعلق. جواها رغبة قوية تسأله: إنت ليه اتذكرت في الرسالة؟ إيه اللي مخبيه عني؟ لكنها كتمت السؤال.

من المطبخ صوت زينب بيعلو: "العشا جهز… تعالوا يلا

غيث قام وهو بيضحك:
"والله أمي دي لو ماكنتش ست بيت، كانت هتبقى ظابط أشطر مننا. أوامرها سريعة التنفيذ 

مد إيده لسيلا يساعدها تقوم، وهي قامت بخطوات بطيئة. دماغها لسه مشغولة بالرسالة، لكن قدام غيث بتحاول تبين إنها طبيعية.

-----------

دخلت دانا البيت وهي مرهقة، شنطتها متعلقة على كتفها ونفسها تتسحب على السلم وتطلع أوضتها من غير ما تشوف حد. بس قبل ما تحط رجلها على أول درجة، صوت أبوها جه قوي وواضح:
"دانا، انزلي هنا دقيقة."

اتجمدت في مكانها، اتنهدت بضيق، وبعدين لفت ودخلت الصالة. عينها أول ما وقعت على الكنبة اتسعت غصب عنها. فيه شاب قاعد بلبس رسمي أنيق، جنبه ست كبيرة شكلها وقور وابتسامتها مليانة ترحيب. الجو ماكنش عادي.

أبوها قال وهو واقف بفخر:
"دي دانا بنتي… رائد في الداخلية."

الست قامت تسلم بحرارة: "تشرفنا يا حبيبتي
مشاء الله قمر

دانا ردت بابتسامة باهتة وهي بتقعد على طرف الكرسي: " ده من زوقك 

أبوها أشار للشاب:
"ده أحمد… بيشتغل معايا في الشركة. من الشباب المجتهدين اللي باعتمد عليهم."

أحمد ابتسم وقال باحترام: "عمي حكالي عنك كتير وبصراحه كان نفسي اشوفك واتعرف عليكي 

دانا اكتفت بهزة راس، وحافظت على برودها. الحوار اتسحب للمواضيع العادية، أخبار الشغل، أحوال البلد. دانا كانت بترد باقتضاب، عينها كل شوية على الساعة، مستنية اللحظة اللي يقوموا فيها

وأخيرًا، قاموا. الأم ودّعتهم بود، وأحمد قال: "سعيد جدًا اني اتعرف عليكي 

دانا ردت بجملة قصيرة: "ليك الشرف

بصلها برفع حاجب وخرج هو وامه 

أول ما الباب اتقفل أبوها بص لها بنظرة متفحصة وقال: "ها إيه رأيك

رفعت حواجبها باستغراب مصطنع:"في إيه يعني؟!

أبوها قال بهدوء لكنه حاسم: "الولد ده متقدملك وأنا شايفه مناسب

قلبها وقع في رجلها للحظة، بس سرعان ما رفعت صوتها بعصبية: "مناسب إزاي يعني؟!
إنت جبتني من شغلي عشان تقعدني قدام واحد غريب من غير ما تقولي
أنا مش طفلة عشان أسمع الكلام وخلاص

أمها حاولت تهدي الموقف: "يا بنتي هو كويس… وإنت كبرت كفاية لازم تفكري

دانا قطعت كلامها: "أنا مش بفكر في الموضوع ده أصلا. مش عايزة، ولا دلوقتي ولا بعدين."

لمّت شنطتها من على الكرسي وطلعت السلم بخطوات سريعة وغاضبة أول ما دخلت أوضتها قفلت الباب ووقفت وراه قلبها بيدق بعنف. هي عارفة إنهم مش هيسيبوا الموضوع يعدي بالساهل… بس هي برضه مش هتسيب حياتها تبقى ورقة في إيد حد

---------

بعد ما خلصوا العشا الجو في السفرة كان فيه ضحك خفيف من زياد وتعليقات زينب لكن سيلا طول الوقت كانت بتحاول تخفي ارتباكها كل ما غيث يبصلها بابتسامة، هي ترد بابتسامة أهدى، لكن قلبها بيخبط أسرع

بعد ما ساعدت زينب في لم السفره غيث مسك إيدها بهدوء وهو بيهمس: " تعالي نطلع فوق شويه عايز أكلمك

سيلا اتفاجئت بنبرة صوته اللي فيها جدية مش معتادة بصت لزينب بسرعة لقتها مشغولة مع زياد فوافقت وسابت نفسها تمشي وراه

طلعوا على أوضتهم غيث قفل الباب ووقف قدامها عينيه مثبتة عليها: "إيه اللي مضايقك يا سيلا؟

اتجمدت مكانها بلعت ريقها وقالت بسرعة: "مفيش  أنا تعبانة شوية بس

غيث قرب خطوة صوته بقى أخفض لكنه أقوى: "أنا حافظ نظراتك… إنتي مش تمام... في إيه حصل

قلبها وقع عينيها راحت غصب عنها على اللاب المقفول اللي كانت سايباه على الترابيزة غيث لاحظ وده خلى شكوكه تزيد مسك كفها بحنان وقال:  "سيلا… لو في حاجة قوليلي... ماينفعش تخبي عني

عينيها اتمليت دموع من غير ما تقصد. ارتجف صوتها وهي بتقول: "غيث… لو سألتك سؤال… هتجاوبني بصراحة

شدها ناحيته وحط إيده على خدها: "إنتي عندي أهم من أي حاجة جربي واسألي

اترددت لحظة قلبها بيندهلها تسئله لكن عقلها خايف من الإجابة خدت نفس عميق وقالت: "في حاجة… في حاجة بينك وبين اللي خطفوني

الكلمة طلعت وهي نفسها مش مصدقة إنها قالتها غيث اتجمد للحظة عينيه اتسعت وبعدين اتقلصت في صدمة سيلا حسّت قلبها بينهار وهي شايفة وشه مش عارفة هل صمته معناه آه ولا إزاي تفكري كده

غيث ساب إيدها فجأة خطا خطوة لورا كأنه محتاج يتنفس. ملامحه اتشدّت عينيه بتلمع بخليط من وجع وغضب: "إنتي إزاي تسأليني السؤال ده يا سيلا

سيلا اتراجعت خطوة للوراء هي كمان، صوتها متهدج: "أنا… أنا مش قصدت أجرحك بس

غيث قطع كلامها: "بس إيه؟ 
شايفاني واحد منهم شايفاني ممكن أسلّمك لناس عايزين يدمروا حياتي وحياتك

دموعها نزلت رغماً عنها حطت إيدها على صدرها:
"أنا مش عارفة أصدق أي حاجة… عقلي فاضي وذكرياتي مش موجودة… وفجأة ألاقي رسالة بتقوللي اسألي جوزك أعمل إيه

غيث قرب منها تاني بسرعة مسك كتفيها بقوة وهو بيبص في عينيها: "تصدقي قلبك أنا يمكن مخبي عنك حاجات… بس عمري ما هكون ضدك عمري ما هضرك أنا بحارب علشانك يا سيلا انتي حياتي

سيلا ارتعشت عينيها معلقة بعينيه بتحاول تلاقي الإجابة اللي تهديها همست بصوت ضعيف: "طب إنت مخبي إيه عني؟

غيث ساب كتفيها ببطء لف وشه الناحية التانية وكأنه بيصارع نفسه لحظة صمت طويلة عدّت قبل ما يقول بصوت مبحوح: "في حاجات… لو عرفتيها دلوقتي هتكسرك وأنا مش هسمح ده يحصل مش هسمح إن أي حاجة ترجعلك خوفك تاني

سيلا حسّت قلبها بينقبض أكتر خطوة لقدام وهي بتقوله: "أنا مش عايزة حمايتك بس… أنا عايزة الحقيقة

غيث رفع عينيه ليها نظرته غامقة مليانة صراع:
"هتعرفيها بس في وقتها... لسه مش دلوقتي

سيلا وقفت قدامه دموعها بتنزل  والرسالة في دماغها بتزن زي خنجر: "اسألي جوزك
وهي لأول مرة لقت نفسها مش متأكدة هل تقدر تستنى الوقت اللي بيتكلم عنه… ولا الحقيقة ممكن تكون أقرب وأخطر مما تتخيل

--------

تاني يوم في قاعه الاجتماعات الكبيرة في الدور الأعلى من مبنى الداخلية كانت مضاءة بإضاءة قوية والجدران محاطة بشاشات تعرض خرائط وصور مشوشة. الجو كله كان يوحي إن الليلة مختلفة كأن كل نفس محسوب وكل كلمة هتكتب هتبقي محسوبه 

دخل غيث اوضه الاجتماعات جلس بجوار حازم وعينيه ما بتفارقش الملفات اللي قدامه دانا دخلت متأخرة دقيقة واحدة لكن دقة كعبها على الأرضية الرخامية أعلنت حضورها بوضوح

اللواء بدأ الاجتماع بنبرة صوته الجدية اللي بتسكت أي همسة: "في أخبار جتلنا عن عذت الشرقاوي… اللي سافر بره بعد ما أبوه اتقتل في القضية الشهيرة بتاعة التجارب الغير شرعية على البشر. الحكومة وقتها صفّت والده بعد ما اتأكد تورطه في خطف مدنيين واستخدامهم كفئران تجارب ومن اليوم ده عذت اختفى ومحدش قدر يوصله. دلوقتي ظهرت معلومات بتأكد إن احتمال كبير يكون موجود في أوكرانيا ودي أول خيط حقيقي يوصلنا ليه من سنين

سكت لحظة وهو بيراقب ردود أفعالهم.
 غيث قبض على قلمه بقوة وحاول يسيطر على نفسه

حازم بص له بعينين متحفزة

اللواء: " وده كمان يوضح سبب خطف سيلا 
ويعملوا تجارب عليه لينتقموا من غيث وده واضح جداً من الرساله الي اتبعتت لي غيث وقت اختطافها 

دانا رفعت راسها بدهشة: "يعني اللي حصل مع سيلا مش بس عملية تجارب لا وكمان انتقام 

اللواء هز رأسه ببطء: "بالضبط. وغيث… الرسالة جاتلك إنت. (تصفيه حساب قديم) مش جملة عابرة هو عايزك إنت قبل أي حد

غيث بصلوا بجمود ومتكلمش

اللواء أكمل بنبرة حاسمة: علشان كده كان لازم نستعين بجهاز المخابرات القضية دي أكبر من إنها تفضل في حدودنا بس ووجود المخابرات ضروري علشان نقدر نوصل لعذت ونقفله الملف ده للأبد

هما خلاص علي وصول انا بالفعل استدعتهم 

ماعدتش خمس دقايق غير لما الباب اتفتح ودخل مراد بخطوات محسوبة وراه ريان اللي دايمًا ابتسامته الماكرة تسبق كلامه وأخيرًا فهد بعينيه الثاقبتين اللي بترصد كل نفس في القاعة

الجو اتغير تمامًا حتى غيث نفسه حس إن في ثقل جديد وقع على الطاولة

بدأ تبادل الكلام… خطط احتمالات تحركات برا مصر وأهداف لازم تتحدد بدقة الكل كان بيتكلم بوزن كأن أي كلمة زيادة ممكن تدمر الدنيا

وبعد نقاش طويل اللواء قطع الكلام بصرامه:
"قبل ما نتحرك لأي خطوة… في نقطة لازم تتحسم سيلا

التلاتة  غيث و حازم ودانا اتشدوا للأمام في نفس اللحظة

اللواء تابع: "الحالة اللي بتسيطر عليها خطر علينا كلنا لو فقدت تحكمها في أي لحظة مفيش ضمان هنخرج منها إزاي. عشان كده محتاجين نعمل اختبار لازم حد يواجهها… ويضغط عليها لحد ما الحالة تيجي ونشوف هتقدر تتحكم ولا لا 
لانها هتقدر تسعدنا في المهمه دي بس تعرف تتحكم في نفسها 

دانا بجديه:"يعني… عايزين حد يدربها 

اللواء نظر لها مباشرة: "أيوه سيلا لازم تواجه نقطة ضعفها وده مش هيحصل بالكلام 

الصمت سيطر التوتر بقى زي دخان تقيل في القاعة غيث عينيه مليانة اعتراض لكنه مش لاقي رد حازم عض شفايفه بتوتر ودانا حسّت قلبها بيدق أسرع من اللازم 

دانا: " ومين الي هيدربها 

مراد مال ناحية ريان بابتسامة كلها خبث 
وريان اكتفى يبادله بنظرة باردة مراد بصوت عالي لكنه مليان ثقة: "انا عارف مين اللي هتقدر تسعادها 

تعليقات