رواية القلب الملعون الفصل الخامس عشر 15 والاخير بقلم ديدي


 رواية القلب الملعون الفصل الخامس عشر والاخير

عادت من تلك الذكرى التي انتهت بموتها أمام عينيه، ينظر إليها بكره شديد.

يده لا تزال تسكن صدرها يعتصر قلبها عصرا

يقول من بين أستاله بحقد " ها قد عدت كما أخبرتك، لن تفلت مني هذه المرة."

حاولت الحديث, لكنها لا تستطيع تغفر شفتيها تتنفس بصعوبة شديدة.

لا تستطيع التنفس تجاهد باستماتة للنطق.

ليخرج صوتها متقطع : " ل... ليو."

صرخ بجنون: " لا تنطقي اسمي.. خائنة."

هل عليها أن تستسلم للموت لتريحه من معاناته المرسومة على وجهه.

عيناه الذبيحتين بألم لا يوصف .... لكن هذا لن يريحه لن يريحها هي أيضا...

بعد ما عانته بموتها. لقد خدعوها....

خدعتها العجوز فقدت طفلها, حبها حياتها التي وفرها لها ليوناردي. كل ذلك لتنقد عالم باتس لم يقدر تضحيتها، بل لم يتذكروها.

عاشت وحيدة وماتت وحيدة ملقاه بتابوت متهالك بمنزلها القديم ليحولوه بعدها المقبرة محرمة ...

اشتعلت عيناها بالغضب ترفع يدها بصعوبة تبعده عنها، فتراجع مرغفار التشهق بحدة للتنفس بعنف بصوت مسموع ...

تحرك إتجاهها مرة أخرى يحاول أن ينقض عليها لتهدف رافعة يدها مهدئة : " توقف ليو قليلا."

انفاسه تخرج مشتعلة يود أو ينقض عليها، فتعود لتقول:

" انتظر ... ع ما كسر بيننا

فلن تجني سوى شظاياه التي ستصيبك بالجروح."

انحنت زاويتي عينيها بألم تنظر إليه لكنها لا تستطيع أن تعاتبه بعد ما فعلته به. نکست رأسها بأسى تهمس: " محق... لقد تسببت بذلك الألم تكلينا ."

ملامح وجهه القاسية تزداد مع كل كلمة تنطقها لترفع رأسها تنظر إليه بعينين دامعتين بتوسل, تقول : " كنت أعاني من الألم... تلك العجوز .....

قطعت حديثها، وهي ترى عينيه تتحولان الجمرتين حمراوين على إضطراب حركة صدره يجد على أسنانه بقوة يكاد يحطمهم.

يقول من بين أسنانه بحقد لو كنت قتلتها بذلك اليوم ما كانت تسببت بذلك...

هذه المرة وافقته تقول يحقد مشابه " كنت حمقاء حين صدقتها بل حين منعتك من العودة لقتلها ...

عقد حاجبيه من حديثها لتضيف بصوت متحشرج بقهر يقطر من كلماتها: " لقد خدعتني.. قالت أن ذلك هو الخلاص... أنني سأجتمع مع صغيري ."

شهقت باكية ملامح وجهها تنضح بالألم " تلك العجوز لم تكتفي بنزع قلبي بل نزعت صغيري من أحشائي لتقتله بدم بارد.. لم تتركه يبقى معي بل حرمتني منه ...

اتسعت عيناه بذهول لحظي متأثرا بحديثها، يتخيل المشهد بكل تفاصيله... فيرق قلبه رغم ذلك الجمود الذي يكتسي ملامحه...

بلات شفتيها بطرف لسانها تقول من بين دموعها بعذاب عانيت بموتي وبعده... جثة ملقاه بكوخي, ليحولوه المقبرة محرمة... وحيدة بائسة.. لم أجد الخلاص...

انت تغذيت لكنك كنت تعود لتنتقم منى كل مائة عام... وأنا هائمة لا استطيع العبور العالم الأموات "

رفع وجهه الجامد يقول بقسوة: " هذا ما تستحقينه, لقد اخترت هذا الطريق ....
ضحكة ساخرة خرجت من بين شفتيها جعلته ينظر إليها بدهشة لتقول بمرارة" أنا لم أختر أي طريق.. لم أختر أن أكون نارية.... لم أختر أن يتركني والدي... أن تأتي إلي... تم أختر أن أحبك بل أهيم عشقا بك.... وأيضا لم أختر أن أعاني بعد ذلك."

لم تتغير ملامحه رغم أن قلبه الخائن بإن ألما لرؤيتها بهذا الشكل. لا يزال ينبض لأجلها بعد ما فعلته اليس هذا ما يوقظه كل مائة عام .... ينادي على نسلها ليحاول أن يشفي جرح قلبه منها لكنه لا يجد الراحة...

زفر بحنق، يقول بغضب من نفسه قبلها: " ولن تختاري الآن.. ستموتين."

هذه المرة نظرت إليه بقوة رغم دموعها تقول بصلابة " لا هذه المرة سأختار ليو.... سانال سعادتي التي تقلبت مني.. وأنت معي."

نظر إليها بصمت يحاول أن يفهم ما تعنيه ليجدها اندفعت نحوه تنشبت به. تلف ذراعيها حول عنقه، ليميل إليها تقبله بقوة، إشتياق عنيف

لم يستطع أن يقاومها رغم غضبه بادلها قبلتها بغضب يعتصر خصرها بين ذراعيه لا يعرف كم مضى عليهما في خضم مشاعرهما العنيفة,

حتى ابتعدت عنه يعينين قائمتين بعاطفة ملتاعة تبتلع ريقها بصعوبة. تقول لاهتة " ذلك.. ذلك الكتاب "
كان لا يزال مشوقا من هجومها العاطفي عليه، بإن ألفا من اشتياقه إليها.

ليردد بعدم استيعاب: " أي كتاب؟"

تلفتت حولها تبحث بعينيها عنه تذكر أنها بعد أن كتبت تلك التعويذة التي وضعتها مع قارورة دماء الفولاذي أخفت الكتاب بعناية.

بغرفة تجاربها الملحقة بغرفة النوم, قبل أن تأتي العجوز بل أخفته حتى لا يجده أحد...

تركته لتفتح ذلك الباب لتجد الغرفة محطمة حرفيا مقلوبة رأسا على عقب...

النقد أفسدوها، وسرقوا كل الكتب الخاصة بها، لكنهم لم يجدوا ذلك الكتاب.

تحرك خلفها يدفعه فضوله, فوجدها تتجه لأحد الزوايا بالغرفة.

النزع لوح خشبي مثبت بالحائط, التخرج الكتاب...

التفتت اليه ترفعه بيدها مع ابتسامة ظاهرة تتلون على ثغرها.

هاتفة:" ها هو ... لقد ساعدني من قبل ..

عقد حاجبيه يدقق النظر به ذلك الكتاب الذي أرسله لها قبل عودته ترى ماذا تقصدا...

رأت الحيرة بعينيه، فاقتربت منه تقول بامتنان: " لقد أخبرتك من قبل أنني شاكرة لإرسالك هذا الكتاب إلي."

ضحك بسخرية، يقول متهكما: " وقد أوضحت لي شكرك حين عودتي بخيانتي .... نظرت إليه بعينين معذبتين، تقول بخفوت " وسأصلح الأمر."

حركت إصبعها لتبعد تلك الطاولة المحطمة من الطريق.

تزيح تلك الأشياء المحطمة لتجلس على الأرض، تفتح الكتاب تقلب صفحاته بلهفة. وهو يقف يراقبها بصمت عاقدا ذراعيه أمام صدره...

لمعت عيناها ببريق وقد وجدت ضالتها لتدور بعينيها

حتى وجدت شمعة حمراء ضخمة مستديرة ملقاه بإهمال بأحد الزوايا.

نهضت سريعا لتأخذها, ثم اتجهت ناحية ليوناردو المتجهم.

تقول وهي تمر بجواره: " اتبعني ."

تحرك خلفها ليجدها تجلس مرة أخرى لكن بجوار تلك القيود الحديدية، وسيف من سيوفه... نظر إليها بتحفز متوعد التقول مسرعة " أنا لن أخدعك مرة أخرى."

أصدر صوتا ساخرا، يقول بتهكم: " كأنني سأصدقك. "

ابتلعت غصة مسننة استحكمت بحلقها لديه كل الحق فيما يقوله لكنها رفعت الكتاب تقول برقة,

مشيرة إلى أحد الصفحات:" أتتذكر تلك الكلمات ليو ؟."

اقترب يحذر حتى وقف أمامها ينحني بجسده ينظر لما تشير إليه.

ليبتسم بسخرية مريرة كلماته.

خطها لها بيديه يخبرها بمدى حبه .. كأنه يبرر ما كان يفعله....

عاد يقول الكلمات بشجن مس كل خلية من جسدها المتألم...

ماذا تعرفين عن العشق المحموم ... "

هو ذلك الحب المشتغل الذي فقد صبره من طول الإنتظار...

ظل صامل يكتم عشقه مدعيا الصبر واللامبالاه.

وحين قاض به الكيل لم يعد يستطيع السيطرة.

فهو بكل بساطة الفجر وانحرف في فيضان عاطفته المشتعلة.

يبدو كطوفان جارف يجرف كل شيء أمامه، بل يقتلعه اقتلاعات

يتدفق بالدفاع عنيف لا يستطيع أحد النجاة منه.

حتى هو لا يستطيع إنقاذ نفسه من الدمار..

ربما من يرى المشهد يشهق مرعوبا, وينتفض ذعرا من هول ما يراه..
اما هو ورغم أنه دمار مخيف إلا أنه لذيذ كخدر إنتشاء بعد تناول مخدر:

رغم خطورته وذلك السم يجري في عروقه؛ لكن ذلك ما يسمى بالقتل اللذيذ... رغم ما يعانيه من تبعاته إلا إنه لا يعادل تلك السعادة والإسترخاء حين يتعاطاه ويطفو بعالم اخر بعيدا عن كل ما حوله.... ذلك هو العشق المحموم...

الصبر ربما كان مفتاح الفرج لكن حين يطول الصبر أكثر من حده التفلت المشاعر وتنفجر دون أي روابط أو قيود....

فلا يعرف العاشق المحموم أي فعل يفعله أو يقوله كل ما يحدث له كالمغيب فلا يحمل وزر أو يهتم بلوم..."

مع كل كلمة كانت عيناها تدمعان يقهر تصال حادة تخترقها صوته الحزين يذبحها....

ابتلعت ريقها بصعوبة تجذب يده بقوة تجلسه بجوارها تقول بقوة رغم تحشرج صوتها : " ذلك هو العشق المحموم... لن أهتم بلوم أحد بعد الآن.. بل أن أهتم بأحد سنكون أنا وأنت بعالم تختارة بانفسنا، لقد عانينا ومن حقنا أن نرتاح . "

تركت الكتاب من يدها تمسك تلك القيود لتضع إحداها بمعصمها, والأخرى بمعصم ليوناردو.... ينظران لبعضهما البعض دون أن يحيدا بنظراتهما، كانهما يخترقان أحدهما الآخر...

وبفرقعة من بين إصبعيها الوسطى والإبهام أشعلت تلك الشمعة الحمراء. وذلك الكتاب أيضا...

لا تريد أن يعثر عليه أحد بعد رحيلهما. رغم أنها تشك أن أحدا سيستطيع أن يفتح باب الغرفة مرة أخرى....

اقتربت منه أكثر تهمس أمام شفتيه برقة ناعمة " أحبك, وسأفعلها لأجلك... تحملت أن ينتزع قلبي ظنا مني أنه الخلاص... وكم عانيت.. والآن سأتحمل هذا الألم لأجلك.. لنعود مغا."

لم يفهم حديثها، ليجدها تدفع بسيفه إليه، تضيف:" هيا ليو... سدده إلى قلبي ."

ارتد رأسه للخلف بعيدين متسعتين باستنكار مذهول، لتيتسم بوجهه قائلة بقوة:" هذا هو قدرنا, سدد السيف لقلبي.."

هز رأسه رافضا لترفع يدها تتلمس وجنته بنعومة, هامسة: " لتكن سويا عليك يفعلها لا أستطيع فعلها .. لكن عليك تحمل الألم... سيخترق السيف قلبي ليخترق قلبك أيضا."

عقله يشتعل يشعر بأنها تخدعه كالسابق، لكن قلبه يخبره أنها لن تفعل. نظرتها العاشقة تعده بالكثير.. تلك النارية لا تزال تتحكم به رغم كل ما حدث...

زفر بقوة، ودون تفكير قربها إليه حتى التصق صدره بصدرها، تختلط أنفاسهما سويا. وبيده الأخرى استل سيفه يرفعه مسددا اياه لقلبها من الخلف. ليخترق ظهرها مروزا لقلبها، يرى إتساع عيناها بالم، مع شهقتها.

يضغطه بقوة أكبر ليخترق نصل السيف صدره مرورا القليه. فيشهق بقوة، دون أن يحيد بعينيه عن عينيها الدامعتين. رغم تلك الابتسامة المرتسمة على شفتيها تهمس بوهن " أحبك.."

لیرد همستها بأخرى أعشقك بالنارية، رغم ما حدث.."

يضمها إليه بقوة, رغم شعوره بالوهن الشديد مع بدء ظهور الشمس بالأفق. تخللت أشعتها الغرفة، ليبدأ جسدهما بالتلاشي شيئا فشيلا...

حتى لم يبقى سوى ذلك السيف الذي سقط ليحدث دونا مزعجا على الأرضية الصلبة ...
بعد مرور سنوات وسنوات جلست بمتجرها بالحي القديم الخاص بالتحف والوصفات الطبية، وأمامها حفيدتها ميريديت البالغة من العمر عشر سنوات...

تقص عليها القصة القلب الملعون...

لولا الجد وإعادته للنارية لم تكن على قيد الحياة الآن...

تساءلت الصغيرة بفضول: " وماذا حدث بعد أن أغلق الباب جدتي ؟ "

ابتسمت ستيلا لحفيدتها التي تشبهها كثيرا, تقول بهدوء: " لم يعرف أحد ما حدث داخل تلك الغرفة, فقد أغلقت للأبد. لم يستطع أحد أن يدخلها، حتى أنا بعد أن استلقت من صدمتي عدت إلى القصر لكني لم أستطع فتحه."

مخفية عن الصغيرة أن حقا لا أحد عرف بما حدث بداخل القصر سواها هي...

لا يعرفون أن ستيلا وجدها لم يخرجا من القصر ابداء بل تم التضحية بهما ليعود الفولاذي والدارية ليعيشا حياتهما مرة أخرى.

بنفس هيئتهما بهذا المنزل ويعملان بالمتجر ليحاولا التاقلم مع تلك الحياة الجديدة, غير ابهين لغيرهما, فما عالياه يجعل من الأنانية شيء بسيط لا يلتفتا إليه...

يعيشا بهذا العالم ليعوضا ما فاتهما، حبهما طفلهما.. بل ينجبا أطفالاً....

زفرت الصغيرة بإحباط مع تهدل كنفاها، تقول بحنق: " لكن ترى كيف انتهت حكايتهما، این ذهباء"

لم تتخلى عن إبتسامتها تقول بشرود: " لقد وجدا الخلاص. فبعد قرون من الظلام الملعون استطاعا العودة والعيش بسعادة."

تم تداركت الأمر تقول بتلاعب: " لقد وجدنا ورقة ملقاه بداخل بهو القصر. " نظرت إليها الصغيرة بلهفة تتساءل بفضول: " أي ورقة ... وماذا كتب بها ؟ "

اتسعت ابتسامتها مع لمعة عينيها تنظر لزوجها الواقف هناك بهيئته الضخمة يناظرها بعينين لامعتين بابتسامة لا تزال عاينة رغم كبر سنه تنهض من مكانها لنتجه إليه، الحتضنه

فيلف ذراعيه حول خصرها هامشا :" أحبك يا نارية ..". فتعود ببصرها لحفيدتها، مرددة

" سيبقى قلبي ملعونا بعشقك, موسوفا بك.... فيظل مهما تحول الرماد يعود كالعتقاء ينبض من جديد معلنا حبه... فعدى قلبي القلب الملعون...

تمت بحمد الله 
تعليقات