رواية علي ناصيه الحب الفصل الخامس عشر 15 بقلم حبيبه محمد


رواية علي ناصيه الحب الفصل الخامس عشر 15 بقلم حبيبه محمد


15


-لِيـه يا ياقوتّ ! لِيه عّملتي فِينا كِده ؟ لِيه وصّلتينا للمرحله دي!.


تِعتقد فِي شّعور أصعب مِن الحّب ؟ 

الإجابه أيوا ؛ إنك متعرفش تبطل تِحبْ حتى لو اللي قدامك وجعك أو آذاك .


مكنتش عارف المفروض فِي الموقف ده أتّصرف أو أعمل إيه ؟ أسيبها وأبعد عنها لإنها هيا كانت السبب الأساسي في التعب اللي أنا وصلت ليه ولا أكمل معاها ! 

اكمل مع إنسانه أختارت تّخليني مُدمن معاها بطريقتها !.


كنت موجوع .

مكسور .

مخذول .

ولسه بحبها !.


لأول مره أحس إني ضعيف بالشكل ده ، لأول مره أحس قّد إيه الإنسان بيكون ضعيف وهو بيحبّ ، ضَعيف لدرجة إنه لا قادر يبعد ولا يقرب !.

واقف تعبان مِش عارف يروح فّين .


الحب ده بقى زي سجن مفتوح بابُه قدامي بس رجلي مش قادرة تخرج منه .


كنت ببص في عينيها، وأشوف فيها نفس اللي جوايا من وجع وندم وحب شوفته اخيراً في الوقت البدل الضايع .


كنت حاسس إني مكسور نصين نص عايز يجري ويهرب من كل ده، ونص تاني متعلق بيها، مش قادر يتخيل لحظة واحده من غيرها!.


-مِن إمته يا ياقوت ؟ مِن إمته وإنتي بتاخدي القرف ده !.

-مِنّ تلات شهور ، صحابي في النادي شجعوني أخده ، إتشجعت اول مره وجربته لقيته ..لقيته بياخدني لدنيا تانيه ، بيساعدني أهرب مِن الواقع ، بيساعدني أهرب مِنّ البيت والخِناق ، خّلاني أحس إني عايشه !.

-ليه يا ياقوت؟ ليه وصلتي نفسك لكده؟ ليه اخترتي طريق يدمرك ويجرني معاكي؟ أنا مش فاهم إزاي بنت زيك، كنت بشوف فيها النور، تبقى سبب في عتمتي!.


كنا لسه زّي ما إحنا قاعدين على الأرض ، وكأن ده كان مكانَ المتوقع بّعد اللي عملناه فِي نّفسنا بإختيارنا وبإرادتنا ، غمضت عِينيها وعيطت في صّمت وكأن الأنسان بطبعه بيجي يفوق بّعد فّوات الآوان !. 


صّعبت عليا وصعبّ عليا نّفسي قبلها !.

تخيلت رد فعل ماما لما تعرف إن إبنها اللي تعبت على تربيته بقى مدمن والأدهى بيحب وعاوز واحده مّدمنه زيه ! 

هل هفضل إبنها حبيبها ولا هّنزل من نظرها وهتتبرى مِني !.


مقدرتش أقعد معاها أكتر مِن كِده ، قلبي كان مخنوق من حبها ، وعقلي كان مقفول مِن قربي منها قومت وقفت وانا مستعد إني اخرج لكنها وقفت بسرعه ، مسكت إيدي وكأنها خايفه احسن اهرب مِنها .

تفتكرو الهروب دلوقت ممكن يكون هو الحل الصح ؟.


-انت رايح فين هَتّسبني لوحدي !.

-للأسف يا ياقوت مِش هقدر أسيبك مضطر أنزل عشان أشوف حل للمشكله اللي احنا وقعنا فيها دي ، لازم اعرف اهلك ناويين على إيه .

-انت زعلان مني ؟.

-أنا ؟ وازعل ليه إنتي يادوب بس خليتيني مجرد واحد مُدّمن معاكي هضيع صحته في العلاج ، وممكن عمره كمان ، تفتكري دي حاجه ممكن تزعلني منك ؟. 

-أنا..أنا أسفه يا عمر أنا مكنش قصدي أأذيك ! مكنتش اعرف إن كل ده ممكن يحصل .

-كنتي فاكره النهايه هتكون إيه يا ياقوت ؟ هنقعد نِشم أنا وانتي تحت كوبري شبرا ونضيع فلوسنا في القرف ده ! كنتي فاكره إيه إننا كده هنعيش !.

-انت كنت مبسوط !. 

-للأسف أنا اتخدعت إني كنت مبسوط الحقيقه إني كنت مغفل .


ولأول مره سحبت إيدي مِن إيديها .

مضعفتش قدام عيونها اللي كانت مليانه رجاء وندم ، دموعها موجعتنيش على قّد وجعي من نفسي واللي عملته فيها ، خرجت مِن الاوضه لقيت والدتها لسه واقفه مِستنيه خروجي واول ما خرجت قفلت الباب ورايا بالمفتاح ومن غير ولا كلمه زياده نزلت ورايا .


يا ترا الغلط كان مين ؟ عليا إني جاريتها في الموضوع وكنت فاكر إنه عادي ؟ ولا الغلط إني من الاول إستسلمت إني أحب واحده زيها !.

الغلط على مين ؟ عليا ولا على قلبي !.


والدها أول ما شافني وقف ، بص ليا وكإني أنا المنقذ الوحيد ليه والحقيقه إني كنت محتاج منقذ ليا !.

حد يمسك بإيدي ويساعدني من إني ابطل اغرق ، أنا عمري ما كنت سباح شاطر إيه اللي نزلني البحر وانا مبعرفش اعوم !.


-عملت إيه يا ابني طمني ؟.

-حضرتك ناوي تعمل إيه ؟ .

-طبعا هدخلها مصحه تتعالج فيها قبل ما الزفت ده يدمرها أكتر ، عمري ما كنت أتخيل إن ياقوت تعمل كِده ! معقوله ؟ معقوله تهورها وصلها للمرحله دي ؟.

-وليه متقولش إنها عملت ده عشان تهتموا بيها وتشوفوها ؟ ياقوت دايما لوحدها ، محدش بيقرب منها غير عشان مصلحته وعشان فلوسها ، حتى صاحبها اللي هيا اختارتهم قدرو يضحكوا عليها ويجروها للطريق ده عشان يستغلوها ويطلبوا منها اللي هما عاوزينه ، حضرتك انت ووالدتها كنتوا فين من كل ده ؟ كنتوا فين من خروجاتها وسهرها ! مش تهور ياقوت اللي وصلها للمرحله دي ، إهمالكم اللي عمل فيها كده للأسف .


-إنت بتلومني أنا ! .

-والمفروض ألوم مين ؟ أنا مش مدافع عن اللي ياقوت عملته لانها مش صغيره عشان حد يضحك عليها بالشكل ده لكن فين دوركم في حياتها ؟ حضرتك أثبت ليها إنك أب ازاي ؟ وحضرتك يا طنط اثبتي ليها إنك أم ازاي ؟ الدليل إن حضرتك حبساها وقافله عليها بالمفتاح بدل ما تطلعي وتاخديها في حضنك وتطمنيها ! ياقوت غلطانه لكن الغلط الأكبر عليكم انتوا اللي معرفتوش تربوها صح .


-قصدك إن بنتي قليلة الادب يا عمر!.

-بنتك قليلة حب ، قليلة مشاعر ، قليلة إهتمام ، كانت بتحاول تثبت لنفسها طول الوقت إن مفيش حاجه ناقصاها ، ياقوت فتحت ليا قلبها مِن اول حضن حضنته ليها ، من اول طبطبه قابلتها مني ، اعتقد لو كانت مليانه حب وحنان مكانتش دورت على السعاده والحياه في بودره ومخدرات !.

-أنا هدخلها احسن مصحه في مصر ، هصرف عليها كل اللي هتحتاجه ، مش هخلي حد يعرف حاجه عنها ولا سيرتها تيجي على لسان بس إنت تكون معاها !.

-وحضرتك هتروح فين ؟ هترجع تهتم بشغلك وصفقاتك وهتسيب بنتك مرميه بين جدران المصحه ! هو حضرتك لسه مخدتش بالك من حاجه !.

-حاجه ! حاجة إيه ؟.

-ياقوت محتاجه ليك أكتر مني . 


وقبل ما يرد عليا سمعنا صوت تكسير ، صوت حاجات بتتكركب فوق ، طلعت جري بسرعه وانا مرعوب إنها تكون عِملت في نفسها حاجه ، طلع ورايا نصرت وناهد جري وكإننا كلنا كنا مستنين إن ياقوت تعمل حاجه في نفسها عشان نكون قريبين منها !.


خطفت المفتاح بسرعه من ايديها وفتحت الباب ، وقفت على عتبته وانا مصدوم من شكل الاوضه اللي كل حاجه فيها بقيت متكسره ومرميه على الارض ، لفيت بعيوني بسرعه في الاوضه ادور عليها وهنا لمحتها .

واقفه على سور البلكونه .


-بــنــتــي !.


صرخت بِيها ناهد برعب وهيا شايفه ياقوت واقفه على سور البلكونه وفارده دراعتها في الهواء وضهرها للأرض ووشها لينا ، فتحت عينيها وبصت لينا قربت بسرعه وانا بصرخ فيها تنزل لكنها رفعت رجليها وصرخت في وشي .


-محدش يقرب ! اللي هيقرب هرمي نفسي من هنا .

-ياقوت إنزلي بلاش تعملي فينا كده يا بنتي ! عشان خاطري انزلي وانا عامل ليكي كل اللي انتي عاوزاه !.

-إشمعنا دلوقت ؟ إشمعنا دلوقت هتعمل ليا كل اللي أنا عاوزاه ؟ خايف على شكلك قدام صحابك لما يعرفوا إن بنتك مدمنه ؟ خايف تخسر ! إنت مش خايف عليا ولا هتعمل حاجه عشاني انت خايف على نفسك وبس !.

-محصلش ، محصلش ولا عمره هيحصل ، إنتي بنتي ، حبيبتي ، واول فرحتي ، اللي عملت كل حاجه عشانها في الدنيا دي ، اشتغلت ونجحت وعافرت عشان تكوني احسن حد في الدنيا دي انزلي واحنا هنقعد نتكلم وهعمل ليكي كل اللي انتي عاوزاه !.

-هتعوضني ؟ هتعوضني عن كل مره مكنتش موجود فيها لا أنت ولا هيا ! كام مره عملت مشكله في المدرسه عشان تيجي وتسأل عني زي صحابي ولا مره جيت ! كام مره حاولت الفت إنتباهك اني محتاجه ليك وانت مخدتش بالك ! أنا عشت لوحدي في البيت ، كبرت لوحدي ، محدش كان يعرف عني حاجه ، انت تعرف أنا بحب إيه ولا بكره إيه ؟ انت أب بالأسم وبس .


-طب انزلي ..انزلي ووالله العظيم ما هبعد عنك تاني ، انزلي واعملي اللي انتي عاوزاه فيا ، صدعيني بمشاكلك تاني ، اعملي كل حاجه بس اوعي تعملي فيا كده وتختبريني فيكي انزلي يا ياقوت !.

-عارف.. عارف أنا خدت المخدرات دي ليه ؟ عشان كانت بتحقق ليا أحلامي وبتعيشني فيها ، كنت بحضنك في احلامي على طول ، وانتي يا ماما ، كنت بتخيل وانا قاعده معاكي بحكي ليكي عن يومي ، عن الشخص اللي بحبه ، عن احلامي وطموحاتي ، كنت عايشه معاكم في حلمي رغم إنك موجودين في الحقيقه ! أنا حبيت الحلم ، حبيت التوهه ، حبيت الصداع عشان بس كنت بشوفكم فيه قريبين مني ! كنتوا بتحبوني ! بتحبوني بجد !.


طول عمري كنت بسمع عِبارة المخذول مِن عائلته لا يشفى أبداً ؛ بس أول مره كنت أشوفها متجسده قدامي صوت وصوره !.


كنت دايما بستغرب لما شخص يكتئب او يتعب لو يكون منطوي على نفسه لمجرد إن اهله قاسين عليه او بعيد عنه ! 

لكن دلوقت عرفت ؛ اللي اهله عمرهم ما عرفوا يبينوا ليه إنهم بيحبوه ، عمره ما هيعرف يحب نفسه ولا اللي حواليه في يوم من الأيام .


ياقوت كانت مجروحه ، طفله مظلومه بين أب وأم غير مسؤولين ! مقدروش حجم المسؤوليه بجد غير بعد ما فات الأوان !.

انهارت ناهد على الارض وهيا بتعيط بكل صوتها ؛ غريب الإنسان لما يحس بالندم في الوقت الغير مناسب !.


-طب وانا ..أنا مستاهلش تنزلي عشاني يا ياقوت ؟.

-إنت ..إنت خسرت بسببي يا عمر ، خسرت بسببي صاحبك ، ونفسك ، وهتخسر كل حاجه بتحبها طول ما انت معايا ، أنا وحشه ، وحشه وخليتك وحش زيي .

-مين قالك كده ! انتي اجمل واحده أنا عرفتها في حياتي كلها ، أنا بحبك يا ياقوت وهفضل احبك طول عمري ، انتي الشخص الوحيد اللي مستعد اعمل عشانه كل حاجه بلاش تعملي فيا كده انزلي ..انزلي وهنحل كل حاجه سوا مش انتي واثقه فيا ؟.

-واثقه فيك ، بس مش واثقه من نفسي !.

-أنا واثق فيكي ، واثق في البنت الشاطره والناجحه والجميله اللي الكل كامن بيحسدها ، واثق في ياقوت البريئه والجميله وحبيبتي اللي حبتني بجد ! مش كفايه ثقتي فيكي !.


تاهت عينيها في كلامي وهنا قربت بسرعه وخطفتها من فوق السور نزلتها على الارض جرى نصرت بسرعه وخطفها من حضني في حضنه ولأول مره اشوف انهيار ال بالشكل ده !.


باسها من راسها الف مره ، رفع كف إيديها وباسه وكإنه بيعتذر ليها عن كل مره كان بعيد عنها ، وهيا إستسلمت في حضنه اللي كانت محتاجاه اكتر من آي وكل حاجه !.


قربت ناهد منهم وحضنتها ، عيطت ، اعتذرت ، اتأسفت الف مره ، لكن تفتكر الأسف بعد ما السكينه تعورك بينفع ؟


راقبتها وهِيا متحاوطه بيهم ؛ يمكن ياقوت مكانتش محتاجه حاجه في حياتها اكتر من الحضن ده ! 

حضن محدش يقدر يشتريه بالفلوس ، ومشاعر لاي مكن تتعوض بالهدايا ، وحب عمره ما كان صفقه او بيزنس !


قررت أنسحب مِن بينهم واسيب ليهم فرصه يتعاتبوا براحتهم ، يرتبوا حياتهم الجديده سوا ، وقبل ما أمشي رن تلفوني وكان رقم مِن الشغل إتنهدت ورديت وأنا فاكر الموضوع عادي !.


-استاذ عمر إنت فين ؟.

-خير يا امير فيه إيه ؟.

-ألحق يا استاذ عمر في مصيبه بتحصل حساب البنك حصل ليه إختراق وفي مبالغ وفلوس بكميه لا حصر لها بتتسحب وبتتحول لرصيد بنكي غير معروف ومحدش قادر يوقفه ! 

-انت بتقول إيه ؟ ازاي ! الاختراق ده منين ؟ .

-مفيش بيانات او موقوع او اي حاجه محدده ! السيستم اشتغل فجأه لوحده واتفجأنا بالمبالغ اللي بتخرج البنك مقلوب إنت لازم تيجي حالا !. 


تفتكرو اللي بيحصل ليا ده كان ذنب عمران ؟ 

كان ذنب خيانتي ليه واختياري لياقوت عليه ! 

تفتكرو في مصايب اكتر ممكن تحصل أكتر من المصايب اللي أنا فيها دي !.


••••••••••••••••••••••••••••••••••••


-عمّ نعيم عاوز أتكلم معاك ضروري .


تفتكر الإنسان لازم يعدي بكام مرحله في حياته عشان يعرف إنه بيحب بجد ؟ 

خمسه ولا اربعه ؟ ولا هِيا مرحله واحده بس ؛ مرحلة الإعتراف لنفسك ! .


مقدرتش اني أنام ولا أكل ولا أشرب ولا حتى إني اتحرك مِن مكاني في البلكونه مِن بعد ما هيا دخلت وسابتني ، مسك كان عندها حق إنها تختار واحد غيري .


واحد شجاع ، جريئ ، صريح ، قدر ياخد خطوه أنا عمري ما عرفت اعملها لا مع ياقوت ولا حتى معاها وكإن كان بيني وبين الخطوه دي دايما تار !.


كان حقها تختار واحد يطلبها ، يعلن صراحه إنه عاوزها ، مش واحد جبان زيي ! متعلق بقشاية مشاعر بتحركه يمين وشمال ومسيطره عليه ! 

واحد عارف إنه بيحبها بس خايف يكون يحبها ومتوتر يكون مبيحبهاش وبين كل ده واقف محلك سر وعاوز كل حاجه حواليه تقف .


كنت جبان .

خواف .

غبي .

وبعترف لنفسي اني بحبها .


مسك حبها كان مستخبي في قلبي ورا قشرة الذكريات ، ورا قشرة عمران اللي مش محتاج يغير من نفسه حاجه عشان اللي قدامه يحبه ، حبها كان مستخبي بكلمتين بضحك بيهم على نفسي .


دي متربيه معايا واختي مينفعش .

ده صحبتي وعيله كنت بلعب معاها في الشارع مينفعش .

كانت كل حاجه بالنسبه ليا لكني لما جيت اكتشف أن بحبها بعدت !.


الحقيقه اللي عرفتها إني لما حطيت حدود وفواصل بيني وبين مسك من خمس سنين كنت مقتنع إني بحب مسك ، لكني كنت مقتنع إني مينفعش أحبها !

مين بيحب أخته ؟ مين بيحب صاحبته ؟ 

الدنيا كلها صح !

واضح اني كنت عبيط اوي .


عبيط لما حبيت ياقوت واتعلقت بيها وفي المقابل كان قدامي شخص بيحبني وعاوزني ، بابه في بالي ، حافظني اكتر من نفسي ، عارف عني كل حاجه ! 

ليه تبقى على الشط وتختار تغرق في البحر ؟.

ليه يكون معاك اتنين برطمان واحد فيه سكر والتاني فيه ملح ومكتوب اسم كل واحد على علبه وتختار تاكل الملح وتبرر إنهم شبه بعض !.


ياااه يا عمران…

إيه اللي كنت مستنيه؟

إشاره؟ معجزه؟ ولا حد ييجي يفك لساني؟

كنت واقف على الباب ومش قادر أفتحه.

وسبت غيري يدخل جواها.


مقدرتش أستحمل اكتر من كده ، قومت بسرعه غيرت هدومي لترينج بيتي لونه اسود ونزلت بسرعه من الشقه وانا عارف إني هلاقي عم نعيم قاعد على القهوه كالعاده .


|| إبعت لي سلام قول أي كلام

مــن قلبك أو مـن ورا قلبك

مش يبقى حرام أسهر وتنام

وتفوتني أقاســي نار حبك ||.


ليه عبدالحليم محبش نجاه وكان رحمنا مِن أغانيها القاسيه ؟ 

وليه هِيا محبتش عبدالحليم ورحمته من مشاعره المرهفه اللي قادره تصيب قلوب العاشقين بأروع قناصه !.


-والله وهل هلالك يا ابن ناصر انت فين من الصبح يا واد ؟.

-موجود عم نعيم أنا عاوزك في موضوع .

-قول يا ابني محتاج فلوس ؟.

-لا محتاج مسك .

-مسك ؟ محل المنظفات على اول الشارع يا ابني مسك اين اللي عاوزه من القهوه !.

-يا عم نعيم فوق معايا الله يكرمك عاوز اطلب ايد مسك بنتك منك فهمتني .

-يا سلام ؟ دلوقت عاوز تطلبها ! لا يا حبيبي مفيش الكلام ده البنت بقيت مخطوبه وفي عصمة راجل تاني خلاص .

-عصمت مين يا عم نعيم متعصبنيش ! ده انتوا لسه مقرأتوش الفاتحه حتى ولا رديت على الراجل ولا هو عِند معايا وخلاص !.


-ايوا عِند ما هو مش بمزاجك تيجي تتقدم وبمزاجك تقول للبت وتنيمها معيطه وتقولها اصل مش عارفه أنا حاسس ناحيتك بإيه انت فاكر بنتي إيه ! بايره !.

-يا عم نعيم افهمني ، والله ما كان قصدي أزعلها أنا بس كنت عاوز افهم نفسي ، يعني كان يرضيك اقولها بحبك وانا عندي شك ولو خمسه بالميه إني لسه بحب ياقوت ؟.

-لا طبعا ده أنا كنت قطعتك حتت ورميتك في النيل قّصر الكلام عاوز إيه برضو ؟ .

-ترفض العريس وانا هتقدم لمسك بس مش دلوقت هعمل ليها مفاجأه الاول أعوضها فيها عن زعلها مني إيه رأيك ؟.

-والله البنت مسك بنتي دي عبيطه معرفش بتحب فيك إيه بس نقول إيه مراية الحب عاميه !.

-ده أنا لسه جايب ليك حتى علبة هريسه يا عم ! بقيت بتاكل وتنكر زي القطط ! اهم حاجه متعرفش مسك حاجه ماشي ؟ .

-لما نشوف اخرتها معاكم يا عصافير الحب انتوا .


الغريب إني كنت طول عمري بخاف من الخساره أو إني اخسر ، والنهارده لما اتأكدت إن مفيش حد غيري في حياتها حاسس براحة.


هو الحب كده؟ يرتبط دايمًا بالخوف؟ ولا إحنا اللي بنربط نفسنا بسلاسل وهمية؟


أنا كنت فاكر إني لما أحب لازم أبقى كامل، لازم أبقى فاهم نفسي للآخر لكن هو في حد بيفهم نفسه؟ هو في إنسان بيقف قدام المراية ويقول: أنا دلوقتي جاهز للحب؟


اللي بيحب مابيستناش الجاهزية الحب هو اللي بيخلق الجاهزية.

يمكن أنا غلطت لما فضلت ألف حوالين نفسي وأقول: “لسه مش متأكد… لسه محتاج وقت”


يمكن البني آدم مابيهدّيش غير لما يحس إن الأرض تحته مش هتتهز.


لكن اللي بقيت متأكد منه دلوقتي إن الحب مش معركه مع التردد الحب معركه مع الجُبن.

وأنا لازم أختار: يإمّا أعيش جبان مطمئن يإمّا أكون راجل بيستغل الطمأنينة دي عشان يثبت إن قلب مسك كان في مكانه الصح.


رن تلفوني فجأه أنقذني من دماغي لقيت رقم غريب بيرن عليا ، مكنش عندي التردد اللي يخليني ارفض إني ارد وبالفعل رديت .


-عمران أنا عمر أنا محتاجك بسرعه ارجوك تعالى !.

-عمر ! فيه إيه ؟ صوتك ماله حصل إيه ؟.

-أنا بوظت كل حاجه ، ضيعت كل حاجه مني بإيدي وبغبائي عشان خاطري تعالى بسرعه أنا بضيع وكل حاجه بضيع مني !.

-اهدى طيب اهدى وقولي إنت فين وانا مسافة الطريق وهكون عندك .

-أنا في البنك ارجوك متتأخرش !.


كنت عارف إني لو قدرت أتخطى كل حاجه في حياتي عمري ما كنت هعرف أتخطى عمر !.

صاحبي الوحيد اللي كنت فاكر إني طلعت بيه من الدنيا ، تفتكر ممكن يحصل اللي يخلينا نرجع تاني اقوى من الاول ؟ 

ولا الصحوبيه ممكن تتقفل على غلطه واحده ؟.


-انت رايح فين ! والواد ده لسه بتتكلم معاه ليه ؟.

-رايح ليه شكله واقع في مصيبه .

-ما يقع انت مالك ! انت ناسي اللي عمله فيك !.

-مكنش نصيبها معايا يا عم نعيم وهو بيحبها بجد وهيا كمان ، وانا مكنتش هعرف اكمل معاها .

-بيحبها ؟ عرفت منين !.

-شوفت كل حاجه ، كلامهم ، طريقتها ، ياقوت عمرها ما كانت معايا بالشكل ده ، عمر قدر يحبها ويفهمها اكتر مني !

-وده يبرر خيانته ليك ؟ 

-سيب الزمن يا عم نعيم هو اللي يصلح اللي اتكسر لكن دلوقت لازم اقف جنبه حتى لو كان غريب عني .


سيبته ومشيت ركبت العربيه بسرعه ومشيت بسرعه ، مكنتش عارف هل دي طيبة قلب مني هتوديني في داهيه زي ما عم نعيم بيقول ؟.

ولا خوف حقيقي على صاحبي اللي رغم كل حاجه لسه مش قادر أقول عنه غير إنه صاحبي !.


•••••••••••••••••••••••••••••••••


-للأسف الكاميرات في مكتب حضرتك متعطله ومفيش أي أثر لدخول حد بعد حضرتك أخر حد كان في المكتب هو إنت وده معناه إن حضرتك المسؤول الوحيد في المشكله دي !.


كنت شايف كل حاجه حواليا اربعه ، ناس بتجري وناس بتخرج ، صوت زعيق ، توتر ، غضب !

كل حاجه حواليا كانت بتحصل وكإنها سلوموشن وانا واقف لوحدي على ارض بتتهز بيا .


مكنتش عارف أعمل إيه ؟ المصيبه دي حصلت إزاي ؟ مين ممكن يكون عمل كده ! محدش بيقدر يوصل للآب توب اللي عليه سيستم البنك غيري ! 

لحق يعمل ده امته ؟ يخترق الكاميرات ويوقفها امته ؟ مين الشيطان اللي عاوز يدمر حياتي اكتر ما هيا مدمره كده !.


غمضت عيني وانا حاسس إن خلاص الدنيا بتلف بيا ، حاولت أمسك في آي حاجه حواليا تساعدني اني مقعد لكني مقدرتش ! 

كنت لوحدي من غير يسندني ، كنت خلاص هستسلم للدوامه السوده واقع لكن فجأه حد لحقني ، فجأه حد سندني ولحق يوقفني على رجلي مِن غير ما انهار .


فتحت عيني لقيته عمران ، محاوطني بدراعه وبيقعدني على اقرب كرسي ليا ، الدموع لمعت في عيني حسيت كأني طفل صغير أخيراً والده جَاله عشان يشتكي ليه من كل الي مزعله!.

وانا الدنيا كلها كانت مزعلاني .


-عمر مالك ؟ في إيه ؟ الدنيا مقلوبه كده ليه !.

-معرفش ، حد اخترق السيستم بتاع البنك من الاب توب بتاعي وسحب مبلغ خمسه مليون جنيه وحولهم لموقع وهمي مش عارفين نوصل ليه ولا نوقف الأختراق ده أنا مش عارف أعمل إيه !.

-فين الاب توب بتاعك ؟ .

-في المكتب .

-خليك هنا هطلع اجيب الاب توب بتاعي وهاجي بسرعه اوعى تتحرك .


غمضت عيني وسندت راسي على الحيطه من ورايا وانا حاسس إني اخيرا بقيت في أمان !.


ثواني ولقيت عمران وصل ، دخل المكتب بتاعي وانا قدرت اخيرا اقف واروح وراه ، قرب من الاب توب بتاعي ، فصله مِن آي أسلاك كانت متوصله بيه وبعد كده وصل الاب توب بتاعه بوصله بالآب توب بتاعي أنا .


مكنتش عارف عمران بيعمل إيه بس كنت واثق إنه هيقدر ينقذني !.


-قول للموظفين يوقفوا اي تحويلات بنكيه دلوقت يا عمر عشان هفصل النظام عن البنك خالص ماشي .

-امير اعمل اللي مهندس عمران يقولك عليه .

-أنا دلوقت هعمل صوره لـ forensic وهحفظ الwebserver لكن لازم أعيد ظبط نظام backup عشان اللي شغال في سحب الفلوس يحصل عنده ايرور وميقدرش يسحب حاجه تاني .

-طب ..طب والفلوس اللي اتسحبت هتعرف ترجعها ؟.

-هحاول قول يارب .


بصيت لعمران وهو مشغول إنه ينقذني من المصيبه اللي معرفش حصلت إمته كل حاجه كانت كويسه لحد ما خرجت من المكتب ! 

مين كان في المكتب غيري ؟ مين دخل المكتب ! مين كان معايا في..


-عمران لو قولتلك على شخص شاكك فيه تقدر توصل للبيانات بتاعته وتحدد إذا كان ده الموضوع والعنوان اللي بيحصل منه التحويل ولا لا ؟.

-طبعا بسيطه .


قربت بسرعه من المكتب ، فتحت الدرج الاخير ، طلعت ورقه كان مكتوب فيها الطلب اللي المفروض أوافق عليه عشان القرض كانت البيانات كلها مكتوبه .

عنوانه ، رقم البطاقه البنكيه بتاعته ، الإيميل ، الفيزا ، رصيده البنكي .


-شوف كده .

-جميل عبدالسلام جميل مين ده ؟. 

-ده وش الخراب عليا وربي لو طلع هو اللي ورا المصيبه دي ما هحله !.

-تعرفه منين ؟ 

-صاحب ياقوت جالي الصبح كان مقدم طلب على قرض وانا رفضت مفيش غيره دخل المكتب عندي انهارده .

-محلوله متخافش .


متخافش .

كانت دي جملة عمران ليا في كل مره بغلط او اقع في مصيبه ، كان بيطمني دايما حتى لو المشكله اللي معايا ممكن متتحلش، كان اخويا الكبير ، نصحني كتير اني ابطل تهور ، اني اعقل ، اني اكبر ، اني اخرج عن دور الطفل المدلل اللي اتعودت عليه !.


بصيتله وحسيت بإستحقار من نفسي .

ليه ؟ 

ليه وصلت نفسي لكده ؟ ليه خذلته ووجعته مني وبنيت بيني وبينه الف حيطه والف فاصل والف سد ! 

صاحبي كان يستاهل مني كل ده !. 


حسيت إني خلاص مبقتش قادر اقف على رجلي .

أنا خسرت .

خسرت قلبي وخسرت الحب .

خسرت صاحبي وخسرت الامان .

خسرت شغلي وخسرت نفسي .


غمضت عيني والمره دي إستسلمت للسواد اللي سيطر عليا واخر حاجه سمعتها كان صوت عمران وهو بيصرخ بإسمي .


-عـــمــــر!.


الخسارة مش دايمًا بتتجسد في إنك تفقد حبيب.

ساعات الخسارة أعمق من كده بكتير ممكن تخسر شُغل كنت فاكره أمانك، أو تخسر صاحب كان ضهرك وسندك، أو الأشد قسوة… إنك تخسر نفسك.


إنك تبص في المرايا وما تتعرفش على الوش اللي قدامك، تحس إنك اتغربت عن روحك، وإن المبادئ اللي كنت بتحارب عشانها انهارت قدام أول اختبار حقيقي. 


ده النوع اللي بيكسر الإنسان من جوّه، واللي بيخليه يسأل نفسه: “أنا مين دلوقتي؟ وإزاي وصلت للي أنا فيه؟”


الحب بيجرح… آه. 

لكن الصداقة لما تقع، الظهر لما يتكسر، أو كرامتك لما تتبخر الجرح بيبقى أعمق. لأنك بتبقى مش خسران حد تاني، لأ إنت خسران جزء منك.


الفصل السادس عشر من هنا

تعليقات