رواية غزال الفصل التاسع عشر
_ليث، بتعمل ايه؟ نزلني...
_مش انتِ سألتيني هعمل ايه؟ أنا هوريكِ المجر.م دا هيعمل ايه.
___________________
بعد نصف ساعة:
كنا خارجين أنا و هو من عند المأذون، خلى اتنين من أصحابه شهدوا علينا و في أقل من ساعة أنا.....بقيت متجوزة..متجوزة من ليث!
رجعنا البيت و مكنتش لسه قادرة أستوعب اللي حصل، مش عارفة حتى ازاي وافقت ولا امتى نطقت!
كنت سرحا.نة لما قرب مني فجأة و اتكلم:
_ايه شعورك و انتِ دلوقتي بقيتي رسمياً مدام ليث؟!
بلعت ريقي و رفعت وشي براحة عشان أبص في عيونه، شعوري؟! ايه هو شعوري؟! كانت في مشاعر كتير مختلطة بين الخو.ف و القـ.لق و الحـ.يرة، مكنتش عارفة أوصف شعوري في اللحظة دي بالظبط بس الحاجة الوحيدة اللي كنت متأكدة منها إني...مكنتش متضا.يقة على عكس ما توقعت، سحبت نفس عميق قبل ما أرد عليه:
_ليث..انت أخد.تني على غفـ.لة حرفياً، أنا مقولتش إني مو.افقة أتجو.زك!
ابتسم بجا.نبية و قر.ب مني أكتر لغاية ما بقى لاز.ق فيا، مسك إيدي الشمال و اتكلم و هو بيرفعها قدام عيني:
_شايفة الخاتم دا؟ انتِ وا.فقتي و بكا.مل إراد.تك يا رو.حي.
_بس...بس أنا مكنتش مستو.عبة أي حاجة، صد.متي المبدأية خلتني...
_ششش، حبيبتي....انتِ وافقتي و خلصنا خلاص مش لازم نقعد نقاو.ح مع بعض كتير...المهم بقى...مش ناو.ية تدي جو.زك حبيـ.بك بو.سة ؟!
بصيتله بصد.مة و مقد.رتش أرد، ميل راسه و بدأ يقر.ب مني أكتر، أنفاسه الدافية بتضر.ب في بشر.تي مخلية جسـ.مي كله يقـ.شعر ، غمضت عيوني جا.مد و قلبي بدأ يد.ق أسر.ع لما فجأة حسيت بشفا.يفه على.....خد.ي؟!!
فتحت عيوني بد.هشة، كل اللي عمله إنه ط.بع بو.سة رقيقة على خد.ي و بعد عني قبل ما يتكلم بتفسير:
_صحيح انتِ دلوقتي بقيتي مراتي بس مش هجبر.ك على حاجة، أنا اتجوزتك عشان أقدر آخد بالي منك...
خلص كلامه بغمزة فبلعت بار.تباك قبل ما أتكلم:
_ق..قصدك ايه؟!
اختفت ابتسا.مته فجأة و رد بتعابير جا.دة على وشه:
_انتِ تعبا.نة يا غزال، جسمك في تلات أماكن فيه مفتو.حين و مخ.يطين غير باقي الجر.وح، فاكرة إني هسيب حد غيري يغير.لك عليهم و يشوف جـ.سمك؟!
_بس..بس كان ممكن تجيب ممر.ضة تعمل كدا...
_لا، أنا السبب في اللي حصل من البداية و أنا هستحمل المسئولية عنك بالكامل.
بلعت غصة اتكونت في زوري فجأة، يعني..هو دا السبب الوحيد اللي خلاه يتجوزني؟ عشان حاسس بالذنب؟!
_اخـ.لعي هدو.مك و استنيني هناك!
اتكلم فجأة فا.تجمدت مكاني بصد.مة.
كتف دراعاته و اتكلم بحاجب مرفوع:
_متبصليش كدا مش هعمل حاجة، هغيرلك على الجروح و هدهنلك المرهم زي ما قلتلك قبل كدا بس مش أكتر...
_ل..لا مش عايزة، هدهنه أنا لنفسي.
_يا حبيبة قلبي انتِ بتحركي دراعك بالعافية، مرهم ايه اللي هتدهنيه لنفسك؟
وسعت عيوني بصدمة من اللقب اللي ناداني بيه، ازاي بينطقها كدا و كأنها أكتر حاجة عادية في الكون؟!
_م..ملكش دعوة أنا هتصرف.
قرب مني فجأة و شالني قبل ما يتكلم:
_غزال أنا صحيح قلت مش هجبر.ك على حاجة بس صحتك عندي مفهاش هزار، هعمل اللي شايفه صح حتى لو كان غـ.صب عنك.
________________________
بعد عشر دقائق:
انتهى من التغيير على جرو.حها و كان جالساً بجانبها يساعدها على ارتداء ملابسها عندما تحدثت فجأة:
_هنعمل ايه بعد كدا؟ هنفضل هر.بانين طول عمرنا؟!
تنهد قبل أن يجيبها:
_بصيلي يا غزال، انتِ من هنا و رايح بقيتي مراتي و مسئوليتي، بوعدك إن كل حاجة هتبقى بخير...اصبري عليا كام يوم بس.
مال ليطبع قـ.بلة على جبينها و كان على وشك النهوض لكنها تمسكت بقميصه:
_ليث، أنا لسه مش فاهمة انت بتعمل كدا ليه بس...أرجوك متـ.قتلش حد تاني!
كان على وشك الإعتر.اض لكنها أكملت سريعاً:
_عشان خاطري، بص...أنا قتـ.لت مرة واحدة في لحظة غـ.ضب و شوف وصلت لفين دلوقتي...ضـ.يعت كل حاجة من يدي بسبب تهو.ري و غبا.ئي.
ابتسم و أمسك بيدها ليضغط عليها متحدثاً:
_كل حقك و حاجتك هترجعلك يا غزال، كل اللي عايزه منك إنك تثقي فيا.
همهمت بتفهم:
_لسه برضو موعدتنيش...
_آسف بس...مش هوعدك بحاجة مقدرش عملها.
تساقطت دموعها:
_طيب ليه؟ حتى لو كنت عايزة أحبك قلبي و عقلي مش هيسمحولي أحب قاتل! أنا معرفش أي حاجة عنك!
جلس إلى جوارها ليمسح دموعها متحدثاً:
_ما قلتلك...لسه معانا كل الوقت عشان نعرف بعضنا كويس، و لما يجي الوقت المناسب...هحكيلك كل حاجة، ماشي؟!
أومأت فاقترب منها قبل أن يتحمخم متحدثاً:
_غزال...ممكن أحضنك؟!
رفعت وجهها لتطالعه لثوانٍ قبل أن ترتمي بين ذراعيه فخمن أنها موافقة لذا لف ذراعيه حولها بإحكام و شد على حضنها إليه أكثر يستمع إلى ضربات قلبها المضطربة.
_كل حاجة هتبقى تمام..بوعدك.
____________________
اليوم التالي الساعة العاشرة صباحاً:
صرخ لؤي بغضب بينما يعيد مراجعة الأوراق:
_ايه القرف دا؟ مين المسئول عن الشغل دا؟!
اقترب منه أحد الموظفين معدلاً نظارته قبل أن يجيب بارتباك:
_أ..أنا.
_انت؟! مش انت اللي لسه موظفينك جديد؟ أحمد باين و لا ايه اسمك فكرني كدا تاني...
_أ..أيمن.
_بص يا أيمن، بما إنك جديد أنا هعديهالك المرة دي بس، لكن بعد كدا هشوف الشغل مش منظم و متبهدل بالطريقة دي تاني هنسلمك أوراقك و نقولك مع السلامة...حلو؟!
أومأ الموظف بارتباك قبل أن يعود لمباشرة عمله مجدداً.
_بس شغله شكله كويس أهو، أنا مش شايف داعي لكل الهليلة اللي عملتها دي.
التفت له بأعين يتطاير منها الشرار بعد أن تعرف عليه من صوته.
_أستاذ ليث، ممكن أعرف البيه كان غايب بقاله أسبوع كامل ليه؟!
ابتسم ليث متحدثاً:
_أنا كويس الحمد لله.
بادله لؤي الابتسامة بغيظ.
_ما باين و انت واقف قدامي زي البومة أهو، أنا مسألتكش عن صحتك، سألتك...كنت...غايب..ليه!
تحدث بينما يضغط على كل كلمة.
_بجد؟ بس السؤال دا متسألهوش ليا أنا...اسأله للمدير، اشتكيله مني إذا كان عندك مانع.
أجاب ليث بينما لا يزال محافظاً على ابتسامته المستفزة.
أطلق لؤي تنهيدة ساخرة قبل أن يتحدث:
_انت عارف إن المدير يبقى أبويا، و مهما عاملك كويس أو فضلك على الباقيين في الآخر أنا ابنه...أنا اللي هورث الشركة دي و هرميك برا.
اقترب منه ليث متحدثاً بنبرة منخفضة واثقة و ابتسامة:
_متحمس أشوفك بتعمل كدا.
تركه ليسير باتجاه مكتبه دون إضافة أي كلمة أخرى.
راقبه لؤي بينما يبتعد عنه بينما يجز على أسنانه بغيظ لكنه في النعاية تنفس بعمق محاولاً تهدئة أعصابه.
سلك الطريق المؤدي إلى الطابق العلوي قبل أن يدخل إلى إحدى الغرف دون استئذان متحدثاً بغضب:
_لقيت حاجة؟!
نفى الجالس أمام شاشات المراقبة، كان يبدو مجرد حارس لكنه في الواقع كان يخفي مهارات لا يُستهان بها في مجال البرمجة.
_لسه ملقيتش حاجة.
تأوه لؤي بيأس و شد شعره للخلف بغضب.
_اسمع...مهما حصل لازم نلاقيها قبل الشرطة ما يلاقوها و يقبضوا عليها، مش هنبه عليك تاني!
أومأ بإيجاب ليضرب لؤي المكتب بيديه بغضب قبل أن يغادر الغرفة متوعداً لغزال.
______________________
_عرفتي يا قمورة ازاي الفرخة بتتنضف و بتتعمل؟!
همهمت بإيجاب.
_تؤتؤ، دا اللي أنا علمتهولك؟ فين صوتك؟!
تأفافت رؤى و جزت على أسنانها بغيظ بينما تسترجع ما حدث بالأمس عندما حاولت أن تبيت بالشارع لكن صوت الكلاب المسعورة في ذلك الوقت المتأخر من الليل جعلها تتراجع عن قرارها فوراً لتعود أدراجها إلى منزله مجدداً مقررة التخلي عن كرامتها مؤقتاً حتى لا ينتهي بها المطاف ممزقة بين أنياب الكلاب الضالة.
ضغطت على قبضتها قبل أن تجيب بنفاذ صبر:
_أيوا..عرفت.
_شطورة رؤروئة...أرجع ألاقي الغدا جاهز و البيت متنضف.
وسعت عينيها بذهول:
_ب..بس البيت نضيف.
_لا لا..مش عاجبني، هاتيلك قماشة كدا و بليها و ابدأي لمعيلي التحف و النجفات.
_بس....
_و بعدين بقى؟ هنفضلك نبسبس كدا كتير؟ ورايا شغل مش فاضي...يلا سلام.
ودعها و من ثم سحب حقيبته قبل أن يخرج و ما إن تأكدت من مغادرته حتى بدأت برمي الأواني و الأطباق على الأرض بعصبية، لا تصدق أنهم قضوا الليل بطوله يعلمها أساسيات الطبخ حتى تتمكن من صنع الطعام له بدلاً من أن يحضر خادمة.
بعد مدة تنهدت بيأس و توقفت عن رمي الأغراض بعد أن تذكرت أن لا أحد غيرها سيتعين عليه تنظيف تلك الفوضى في النهاية، شمرت أكمام ثوبها الطويل الذي منحهه لها بالأمس عوضاً عن ثيابها الفاضخة و من ثم بدأت بتجهيز الأدوات.
____________________
في نفس الوقت في شقة صغيرة على أطراف القرية:
وقف مؤيد أمام الباب ليسحب نفساً عميقاً قبل أن يتحدث موجهاً حديثه لرقية:
_طيب...مهما كان اللي هتشوفيه هنا، إياكِ ثم إياكِ تجيبي سيرة لأي حد عنه، لما نطلع من هنا...انتِ هتنسي كل حاجة كأن مفيش حاجة حصلت، تمام؟!
_ت..تمام.
أجابته و قد ازدادت ضربات قلبها داخل صدرها بعنف، يا ترى ما الذي يخفيه مؤيد عن الجميع؟
