رواية البوص الفصل التاسع عشر 19 بقلم يمني عبدالمنعم


 رواية البوص الفصل التاسع عشر 

 حفلة زفاف ولكن

وقفت سهر تغمض عيونها ، تستنشق بعض من الهواء الطلق في الشرفة التابعة لغرفتها، في أحد الفنادق الراقية المطلة على البحر.

تستند بذراعيها إلى حافة السور بعد أن وعدها .... فتحي بالخروج.

فقد حجز لها في نفس اليوم أسبوع كامل إقامة في شرم الشيخ... كي تتحسن حالتها الصحية

والنفسية أكثر من ذي قبل مضى عليها يومان منذ أن أنت إلى هنا.

استند فتحى بكتفه إلى حافة الشرفة يتابعها بنظراته... التفتت بغتة إلى الوراء فوجدته على

هذه الحالة.

توترت قليلا بعد أن أدركت أنه يتأملها ... أقترب منها ببطء متردداً في الحديث إليها.

قائلاً بهدوء ظاهري ها ايه رأيك في المكان عجبك.

ابتسمت ابتسامه صغيرة تم تأملت البحر أمامها الذي يبعد عن الفندق عدة أمتار.

قائلة بخفوت بصراحة المكان جميل جدا ومش عارفه اشكرك ازاي يا فتحي

حدق امامه هو الآخر ... ثم تنهد قائلاً: الموضوع كله بسيط مش محتاج شكر.

ابتلعت ريقها بصعوبة تحدق به بارتباك متذكرة أنها أتعبته خلاص الفترة الماضية ورغم ذلك قد تحملها.

ولم يؤذيها كما تخيلت أنه سينتقم منها على الفور طالما تزوجها.

ظهر التوتر بوضوح على كفيها وهي تعقدهما ... اجابته باضطراب فتحي ... أنا أنا أسفه على كل

اللي عملته فيك... أنا ظنيت انك هتنتقم مني.

رفع حاجبه الأيمن مندهشاً من ذلك الأمر الذي جعلها تعتذر ولأول مرة، منذ أن تعرف عليها.

قائلاً بهدوء ظاهري وانتقم ليه ها ابتلعت ريقها بصعوبة أكبر، ضربات قلبها تتزايد بتوتر.

قائلة بنبرة قلقة يعني ممكن... تنتقم علشان اللي عملته فيك قبل كده.

زفر بقوة قائلاً بتأثر من فضلك يا سهر مفيش داعي تذكريه قدامي ... أنا نسيت كل حاجه مريت بيها معاكي قبل كده.

ابتسمت بغتة كانها تنتظر أن تستمع منه إلى هذه الإجابة... قائلة بمرح مزيف: طب طالما كده بقى ممكن تطلب الغدا وبعد كده نخرج نتمشى شوية على البحر.

رفع كتفيه بهدوء قائلاً: ماشي خمس دقايق ويبقى الأكل عندك

اتسعت ابتسامتها، فها هي تحاول أن تسيطر على الوضع الجديد بالنسبة لها، ولا تتشاجر معه مثلما حدث في الايام الماضية.

مر أربعة أيام على البوص وملك وكلاهما في عالمه الخاص به.

فها هو منشغل بتجهيزات كثيرة لليوم المحدد للزفاف، وكان إبراهيم يقوم بمساعدته كالعادة في توزيع البطاقات على من يتم اختياره ضمن المدعوين.
أما ملك شعرت أنها بدوامة ليس لها نهاية، فقد أقترب اليوم التي سترف به إليه.

كان كل شئ يتم باختيارها هي دون التدخل من جانبه.

فقد سارت كالمغيبة لا تستطيع أن تفعل أي شيء سوى الطاعة العمياء الأوامره.

وقفت تتأمل فستان الزفاف المعلق أمامها بالخزانة بحسرة على أيام مضت كانت برفقة شقيقها

الأكبر تشعر بالأمان بجواره

ابتلعت ريقها بضيق تحاول أن لا تذرف الدمع مرة ثانية، كل ذلك من اختبارها وهي الوحيدة

العلامة على ذلك.

انها المخطئة كان عليها أن تحتمل شقيقها أكثر من ذلك.

لكن ما حدث كان العكس، امسكت بطرف الثوب الباهظ الثمن.

تخيلت ارتداؤه تزف به إلى أيمن حبيبها التي أحبته من قلبها لكنه لم يفعل شيئاً من أجل يوم كهذا.

بل تركها تعاني الحرمان وبالأخص بعد هروبها، نقد تأملت أن ينقذها لكن ما حدث كان العكس.

فقد تخلى عنها بإغلاق هاتفه وعدم مبالاته مما تعانيه، كأنه سعد لما تعانيه.

ايقظتها من ذلك الشرود الطويل.. الفتاة الصغيرة نهلة قائلة بتساؤل : طنط ملك هوا الفستان ده بداعات

از دردت لعابها بتوتر قائلة بحفوت أه يا حبيبتي.... ابتسمت الفتاة قائلة: طب هتلبسيه امتي.

ابتعدت عنه قائلة بارتباك يوم الخميس إن شاء الله.

عقدت الغناة حاجبيها بتفكير قائلة: يعني لسه ثلاث أيام كمان.

اومات براسها بالإيجابي، دون أن تجيبها مما جعل الصغيرة تتابع حديثها: طلب ممكن تلبسيه مرة علماني.

ارتبكت ملك على الرغم من التظاهر أمامها بالثبات حتى كادت أن ترفض بطريقة لا تشعر بها الفتاة.

لكن الطفلة الحت بارتداؤه، قائلة: علشان خاطري أنا عمري ما حضرت لا فرح ولا شفت عروسة قبل كده.

وبنت على شعرها بحنان رغم ما تعاليه بداخلها من حزن.

قائلة برفق كلها ثلاث أيام بس وتشوفيني وأنا لابساه.

حزنت الفتاة قائلة بيأس بس أنا ممكن محضرش الفرح.

شردت ملك بحديثها ثم ابتسمت محتضنة إياها يحب هامسة متقلقيش أكيد هن حضريه وانا مش هتمه من غيرك.

صمتت الصغيرة على أمل أن تحقق لها أمنيتها بالحضور إلى حفل الزفاف.

قائلة بتردد بجد يعني ممكن يوافق .... اومات براسها بالإيجاب قائلة بحنان: أكيد مش انا

العروسة واجيب أي حد انا عايزاه يحضره.

انصرفت الطفلة تواصل لعبها بعيدا عن ملك، وعيونها تراقبها غير متأكدة أن ينصت سليم لطلبها.

قبيل اليوم المحدد للزفاف علمت ملك بأنه جالس بمكتبه وسيخرج بعد قليل.

قرعت عليه باب الحجرة، قائلاً يصوت صارم ادخل.

داقت للداخل، دقات قلبها تتزايد مع خطوات اقترابها منه.

رفع بصره إليها قائلاً ببرود خير... أكيد فيه حاجه مش كده طالما جيتي لغاية هنا.

توترت أعصابها أكثر مع نبرات صوته هذه قائلة باضطراب اذا بقول يعني بما إن فرحنا بكرة فأنا عايزة نهلة تحضره.

اتسعت عيونه بقسوة شديدة، ثم نهض من مقعده قائلاً يحدة مين قالك اني ها وافق على حاجه زي كده

تنهدت بقلق من نبرات صوته قائلة: وفيها إيه يعني دي طفلة ولازم تعيش سنها.

اقترب البوص منها بوجه غامض يضم قبضته بقوة قائلاً بخشونة مش معنى اني وافقت أنها

تبقى معاك في اوضتك يبقى تطمعي في اللي ملكيش فيه.

ارتعاشت خوف جعلت جسدها كله يرتجف تصل إلى وجهها الذي يدى باهنا.

قائلة بتلعثم: سليم أنا ... أنا أقصد... قاطعها بغضب: ملك انا قولتها كلمة ومش مرجع فيها. شعرت بالإحراج من قراره النهائي هذا.. نظرت إليه بتوسل، من أجل تلك الصغيرة لكنه عنفها بنظراته
هرولت ملك خارج الغرفة ذاهبة صوب حجرتها بحزن، متذكرة وعدها لذلك الطفلة البريدة بأنها ستأخذها معها.

اقتربت فريدة من عاصي الذي بعد نفسه للخروج، قائلة بهدوء ظاهري انت لسه زعلان مني يا ابيه.

زفر رافعاً أحد حاجبيه قائلاً بجمود: لا مش زعلان.

ابتلعت ريقها بقلق قائلة بتساؤل : بس ليه مبقتش بتكلمني زي الأول.

دقق النظر إلى وجهها الشاحب قائلاً يضيق بعاقبك على تصرفاتك.

هتفت تدافع عن نفسها بس انت عارف اني مليش يد في اللي حصل.

تنفس بعمق وتناول حاسوبه المحمول ووضعه بحقيبته قائلاً بنفاذ صبر عارف و انا مش هسکت

وهتشوفي أنا متصرف ازاي معاهم.

قبل أن تجيبه رن هاتفه المحمول، غادرها وهو يتحدث به.

استمعت إلى صوته يقول بحماس : طب متشكر أوي جميلك ده استحالة أنساه.

ذهلت فريدة مما تسمعه، ظنت أنه شيئاً ما خاص للعمل .... لكن بدى عليه أنه غير ذلك، هناك شيئاً ما أيضاً استوقفها.

لاحظت أن درج المكتب مفتوح الذي دائماً ما يغلقه عاصي باهتمام كبير.

اقتربت منه تحاول أن تبدو طبيعية ولا يكشف ماذا ستفعل.

وضعت يدها داخل الدرج تبحث، لماذا يخفى ما بداخله عنهم طوال هذه السنوات الماضية.

امسکت بها بید ترتجف تطلع إليه ولبضات قلبها تتزايد.

عقدت حاجبيها بقوة عندما سقط بصرها على عنوان عريض بجريدة يومية

اتسعت حدقتيها على آخرهما من صدمتها قائلة لنفسها بصدمة: مش ممكن ... أنا مش مصدقه... معقولة اللي أنا شايفاه

انطلق صوت غاضب في هذه اللحظة قائلاً بلهجة صارمه: فريييييدة

شغلت ملك نفسها مع نهلة حتى نامت الأخيرة، وساعدتها على النوم في الفراش.

تناهى إلى مسامعها صوت صخب ما بالاسفل ... تساءلت في حيرة هل تذهب وتتفقد الأمر...... أم تظل كما هي.

لكن الصوت تزايد مما جعلها تحسم الأمر.. تقدمت بخطوات متسئله هادئة إلى خارج حجرتها.

هبطت بحذر للأسفل من أعلى الدرج تضع يدها على فمها حتى لا تصدر شهيقاً عالياً رغماً عنها .... اتجهت ببطء نحو غرفته وهي تستمع إلى أصوات عالية آتيه من غرفته.... ابتلعت ريقها بصعوبة وقلبها ينبض بقوة.

المحت باب الحجرة يفتح بلادة

ففرت هاربة من جوارها إلى جانب عمود بمنتصف المكان ..... تتوارى خلفه وهي مازالت تضع

يدها على فمها .... وجسدها ينتفض بشدة في خوف.

تصتنت إلى صوت إحدى الفتيات تغادر المكان وتتحدث بتهديد إليه.

بصرت بطرف خفي... فوجدت فتاة تخرج وعلامات الغضب تبدو على وجهها.

فزعت ملك من منظرها.... قائلة لنفسها بهلع ومين دي كمان اللي كانت في أوضته هما كام

واحده.

تذكرت وقتها أيتن الفتاة التي أبلغتها بأنها حبيبته.

تنهدت ملك وشعرت بأنها في دوامة أفكار لا حصر لها... فكيف تنجو بنفسها مما هي فيه الآن...... إنها المخطئة في حق نفسها هي وحدها من أوقعت نفسها في طريقه.... وانتهزها هو فرصة كي يستغلها لنرو ته

قررت العودة إلى حجرتها بالأعلى فسارت حافية القدمين هذه المرة على أطراف أصابعها

ممسكة بحذائها، خائفة من وجوده أو انتصار الخادمة.

صعدت الدرج بمزيج من التردد والقلق قاربت على الدخول إلى غرفتها..... زفرت بارتياح شديد وأطرقت يبصرها أرضا.... فإذا بها تصطدم بأخر شخص خود مقابلته.

فقد وجدت نفسها تصطدم بصدره العريض .... محيطاً إياها من خصرها بذراعيه قبل أن تبتعد عنه.

دفق النظر في عيونها بعينين مبهمتين ثم شفتيها المرتجفة هامساً بغموض: - إيه يا قطة كنت
مستنياني تسهر سوا لوحدنا ولا ايه ..... لم يمهلها الوقت لكي تنصدم بكلماته ولا أن تذهل.

إذ أكمل قوله كالذئب وانا بصراحة مستعد لتقديم خدماتي دلوقتي وفي أي وقت تحبيه مادام خلاص هديقي لوحدنا، من غير نهلة اللي بقت شاغله تفكيرك مكاني أنا ......

ثم تناول كلها الرقيق بقبضته القوية، ساحباً إياها خلفه، غير مبال بأي شيء تشعر.

متابعاً بعبت - تعالي معايا بالا جيتي في وقتك ......!!!!

اتسعت حدقتي ملك بفزع شديد من نواياه الخبيثة لها..... حاولت جذب يدها بقوة من بين راحته.

زاده هذا إصراراً على التمسك بها قائلاً بمكر إيه يا قطتي انا مش عجبك ولا ايه .... ده خلاص كلها بكرة ويس

تأملته بعيونها الواسعة بصدمة كبيرة .... من كلماته الذي بيطانها يكمن الكثير من الاستهزاء......

فهو يعلم جيداً قدر نفسه... لهذا يسخر منها.

إنه شديد الوسامة بعينيه الجذابتين التي تغرقها في بحوره دون أن ترسو سفينتها على شاطيء الأمان.

جف حلقها، شاعرة باختناق تنفسها، تتلاقى عيونهم بتساؤلات كثيرة دون أجوبة .... جاذبا إياها نحو غرفة ما لم تدخلها من قبل...

تجمدت ملك أمام باب الحجرة لا تريد الدخول إليها..... وهي تهز رأسها باعتراض قوي، غير قادرة على النطق .....

عينيها تلمع بالدموع تعبر عن ما بداخلها من خوف وتوتر.

ابتسم البوص بتهكم لاذع من هذه العبرات المحبوسة داخل مقلتيها ... مقترباً منها باستخفاف.

هامساً بغموض: مالك يا حلوة خايفة كده ليه.... هود أنا للدرجادي بخوفك أوي كده.

أغمضت ملك عيونها فقلبها يصرخ بها ويهتف بها أن تقاومه أكثر من ذلك.... لكنها لم تستطع ...... فهي كلما التفت به بالاونة الأخيرة لا تعلم ما الذي يحدث لها .... ولماذا يؤثر عليها كل هذا التأثير القوي.

وقف سليم يراقب انفعالات وجهها البادية بوضوح على محياها الرقيق.

وجدبها بقوة ناحية باب الحجرة... شهقت ملك من الفزع ... وحررت يدها بقوة من كفه.

فرت هارية منه باتجاه حجرتها .... غضب سليم بشدة من تصرفها هذا.

أسرع وراءها لاحقاً بها ... ووضع يده على كتفها بقسوة ..... تأوهت ملك بمزيج من الرعب والصدمة.

قائلاً بنيرة مخيفة : - هوه أنا سمحتلك تمشي من قدامي .... كده من غير استأذان.

ضمت يدها بقوة كي تتماسك أمامه..... أدارها نحوه بسرعة هاتفاً بها بجمود: قدامي بسرعة ومن غير اعتراض.

اتي اليوم المنتظر الذي بالنسبة إليها كالمقدمة على الإعدام.

ارتدت فستان الزفاف تتأمل نفسها به بالمرأه لا تعرف بأي شئ تشعر في هذه اللحظة.

نظرت إليها الفتاة التي قامت بتزيينها في هذا اليوم، قائلة بتساؤل: ها إيه رأيك؟

أخذت نفسا عميقا تريد البكاء تحاول السيطرة على نفسها أمامها.

قائلة بهدوء ظاهري كويس أوي متشكرة ... ابتسمت البنت قائلة: انا ممكن أزود المكياج أو عايزه.

هزت رأسها بالرفض قائلة بخفوت لا لا أنا متقبلة شكلي كده.

اومات الفتاة برأسها بالإيجاب قائلة: خلاص إي اللي يعجبك عن إذلك.

أجابتها باضطراب: اتفضلي، لعلمت الأشياء المتبقية من مستحضرات التجميل ثم الصرفت على الفور.

أنت بعدها نهلة وبصحبتها انتصار ابتسمت ملك لها قائلة : الله يا نهلة الفستان هياكل منك حته. سعدت الصغيرة لذلك ودارت حول نفسها بفرحة .... قائلة: شكرا على الفستان

كادت ترد لكن الخادمة قاطعتها بقلق: انا عملت زي ما طلبت مني يا ست هانم، بس أنا خايفة لا البوص يعرف وساعتها أقل ما فيها هيتقطع عيشي.

هزت رأسها بالرفض قائلة بتردد إن شاء الله مش هيعرف إذا نفذتي كل اللي قلتلك عليه وبدون. ما حد ياخد باله.

بالأسفل كان كل شيء جاهز كما خطط له من قبل.
وقف إبراهيم يقوم بتأمين المكان داخل وخارج الفيلا جيداً كما طلب منه البوص

تفحص بنفسه سيارة البوص وعربات حراسته، الموجود بداخلها رجاله الذين كانوا على أتم الاستعداد.

وصلت سيارة سليم إلى اليخت المقام به حفلة الزفاف التابع لقاعة من قاعات أفراح على النيل.

تابطت ملك ذراعه الأيمن غير مصدقة ما تراه عبداها من رقى وفخامة.

فقد تخيلت أنه زفاف عادي لكن الحقيقة غير ذلك... فبجانبها من الناحيتين فرقة كاملة لبنات ترتدي فساتين بيضاء.

مثل وصيفات العروس تمنت بداخلها أن يكون العريس هو أيمن حبيبها وشقيقها معها في ذلك اليوم التي تتمناه أي بنت.

في عمرها كانت دموعها تهبط ببطء على وجنتيها لولا نظرات البوص كأنه يحذرها.

وقف باستقبالهم العديد من رجال الأعمال المعروفين... وبعض من رجاله.

انحنى ناحيتها يقول بنبرة حادة: ابتسمي ومتخليش أي حد ياخد باله فاهمه.

بلعت ريقها بصعوبة تحدق به بقلق والمدعوين ينظرون إليهم منهم من هو فرح وسعيد ومنهم

من يتساءل من تكون هذه التي فازت بقلبه وثقب زوجة البوص.

هبط كلاهما إلى البخت المزين بالكثير من الإضاءة الملونة والكثير أيضاً من البالونات والزينة.

وفي الوسط يافطة مكتوب عليها اسمهما .... باسم عريض ملون بألوان مختلفة.

ومن بعيد وقفت انتصار ومعها نهئة يراقبون المكان إلى أن يدخلوا إلى البخت، مثل الآخرين. فرحت الطفلة قائلة بإعجاب الله شكلهم جميل أوي هما الأثنين... ابتسمت الأخرى قائلة:

معاكي حق يا نهلة ربنا يحرسهم من العين.

تأملته ملك بطرف عينها، فيدى مثل فارس الاحلام الوردية الوسيم والأنيق كأنها لم تراه من قبل.

في حلته السوداء الباهظة الثمن، كأنه خارج للتو من أحدى الروايات.

لمحها سليم تتفحصه، ابتسم لها ابتسامة تحمل الكثير من الخبث والعبث...

قائلاً بخفوت شكلي عجبتك مش كده، احمد محياها من كلماته ونظراته المدققة.

ولم تقوى على الرد. أخرجها من هذا الخجل، بعض من رجال الأعمال وزوجاتهم، الذين أقبلوا ناحيتهم كي بهندونهم.

انت بتقولي إيه يا أيتن !!! صاح بها شقيقه عثمان بحدة.

أجابته بحدة اللي سمعته يا عثمان كان لازم أعمل كده كل حاجه هتروح للست هاتم اللي اتجوزها ده غير اذا جاب ولد بعد كده.

ضحك يفتة كأنها قالت إحدى النكات، مما جعلها تشعر بالغضب ووجهها يعبر عن ما بداخلها من ثورة.

هتفت به بانفعال: هوا أنا قلت نكته يا استاذ ولا ايه ... هز رأسه لحظة قائلاً بمزاح: بصراحة ابود.

وكرته بكتفه بقوة قائلة بضيق: عثمان أنا مش بهزر ابتسم لها قائلاً بالامبالاة: أكيد بتهزري.. مين ده اللي يخلف ويجيب عيال سليم أخويا وانا فاهمه كويس أوي... مش بتاع الكلام ده.

تنهدت بحدة قائلة: ليه هوا مش زي أي راجل عايز يجيب ولد يورت كل الفلوس دي..

رد شارداً هذه المرة: لا يا أيتن البوص غير أي حد... وانا فاهم كويس هوا ليه اتجوزها.

شعرت الفتاة بالغيرة القاتلة، مما جعلها تتحرك يميناً ويساراً بغيظ وانفعال.

قائلة بحنق مين دي اللي يتجوزها ويعملها فرح الكل يتكلم عنه.

رفع كتفيه باستخفاف: مش عارف بس اللي أقدر أقوله إنها تستاهل يجد ما انت مش شوفتيها... انا لو مكانه أخببها من العين.

نظرات الحقد وضحت بعيونها في الحال، فهمها عثمان قائلاً بسرعة خلينا في اللي عملتيه. واللي أكيد مش هيعدي على خير.

أخذت تفرك بكفيها في غضب قاتلة بحنق: هما الاثنين جابوه لنفسهم مفيش حد يقدر ياخد أي

حاجه مني فاهم.

وقفت شهر بجانب ركن من أركان البخت، تتأمل ذلك الاحتفال التي أنته رغماً عنها، مثلما طلب زوجها.

تأفقت قليلاً فلم تكن ترغب بالمجن، حضرت إلى هنا بعد أن أمضت أوقاتاً جميلة بجواره في عطائهما.

عقدت حاجبيها بحدة وهي ترى فتحي ببتسم اسليم وزوجته العروس.

زفرت بحنق تضم شفتيها بغيظ، قائلة لنفسها: ده اللي ناقص لازم اجي فرح غصب عني وكمان أعمل نفسي فرحانه ومبسوطه، وفوق ده كله فرح مين البوص.

سارت نحو الأكلات المختلفة الموضوعة على طاولات الأعراس.

تريد افراغ حنقها به لاحظ فتحي اختفاءها .. لمحها عند الطعام تأكل بلا هدف.

اقترب منها قائلاً بدهشة غربية يعني معقولة أنت جعانه للدرجادي.

زفرت بضيق، تتجاهله دون أن ترد عليه، دقق النظر بها قائلاً بسخرية غيرانة أكيد مش كده.

التفتت إليه بحدة قائلة بانفعال : ومين دي اللي أغير منها .. انا .. لم تستطع أن تستكمل جملتها من قسوة نظراته إليها.

غادرت المكان نهائياً، ابتعدت إلى ركن ما باليخت تتأمل النهر.

عله بهدئ من العصبية التي تشعر بها، أتى فتحى خلفها ووقف قائلاً بتحذير سهر حاولي

تمسكي أعصابك أكثر من كده احنا قدام الناس... ومش هسكت.

أغمضت عيونها تجبح دموعها التي تريد الهبوط على وجنتيها، فلا أحد منهم يدرك ما بها.

ابتسم البوص ابتسامة جعلتها تفهم أنها مهما فعلت، لن تفهمه أبداً ولا تعرف ما وراء هذه الابتسامة.

قائلاً بهدوه استفذها باتری يا ملوكه بتفكري في إيه..... أقولك أنا ولا تقولي أنت.

احمر ذلك الوجه الرقيق على ما يفعله بها من ضغط على أعصابها، كلما تحدث إليها في الأونة

الأخيرة، تجاهلت كلماته الحرجة.

قائلة بتساؤل حجول احنا مش هتمشي من هنا.

جذيها بغتة بين ذراعيه يراقصها على أنغام الموسيقى التي تصدح بكل أرجاء اليخت.

ظهرت على شفتيه ابتسامة حبيته جعلته أكثر غموضاً، الحنى قليلاً برأسه بجانب أذنها قائلاً بعبث نمشي إيه بس هوا احنا لسه احتفالنا.

بهت محياها بشدة من المفاجأة والرقصة التي لم تكن بالحسبان، فقد شعرت بأن أنظار كل المدعوين عليهم.

لم تستطع اجابته من الصدمة، ضحك وهو يلفها حول نفسها عدة مرات، عائداً مرة أخرى بجذبها سريعاً من يدها إلى صدره.

تأملت تلك العيون الواسعة على حياء التي تراقب رد فعلها على ما يفعله بها.

كأنها دميته الجديدة الذي كان بانتظارها منذ فترة طويلة من الزمن، شيء جديد يلهو به من حين لآخر.
تركها بغتة وهو يلف حولها ببطء يراقصها ليعود يتناول خصرها إليه مرة ثانية.

بوغنت ملك بأنه يدرك كل حركة يفعلها من حركاته الثابتة كانه متدرب على ذلك.

لفها حول نفسها مرة أخرى عدة مرات، جانباً إياها من خصرها رافعاً إياها بخفه إلى الأعلى...

دار بها في المكان، زاد احمرار وجهها بخجل مع التصفيق الحاد ممن هم حولهم.

انستند براحتيها على كتفيه القويين، حتى أصبح كل من يشاهدهم هكذا يظن في نفسه أنهم عاشقين لا محالة.

عيونهم تتحدث بكلمات كثيرة صامته مبعثرة بداخلهم لا يدركها غيرهم.

همست من بین خلیط مشاعرها نزلتي يا سليم.

لم يهبطها إلا عندما أراد هو مجيباً إياها بجوار أذنها بصوت عذب ياريت تفهمي أن كل كلمة منقوليها مش هتنتقد غير لما أنا بس اللي ابقي عايز كده... ماشي يا قطة.

ابتسم البعض علناً منهم أنه يغازلها بكلماته الساحرة، مستكملاً بخبث على فكرة في مفاجأة كبيرة مستنياكي.

ابتعد عنها وعلامات المكر واضحة على محياه الوسيم... تسللت الدماء إلى وجنتيها بشدة.

لا تعرف اتخجل مما يتفوه به أم تحاول الصمود أمام سيطرته الكاملة عليها.

ومع تلك المفاجأة المنتظرة تساءلت بداخلها بدهشة إلى أي مدى سيلقي بها سليم وبخيالها الذي جمع بها رغما عنها.

من بعيد وقفت ترقيهم نهلة مع الخادمة كما اتفقت من قبل مع العروس.

قائلة بخفوت الله شكلهم حلو اوي كان نفسي اكون جنبهم دلوقتي.

رينت انتصار على كتفها قائلة بحنان: معلش انتي عايزه البوص يشوفنا ولا إيه.

لاحت بوادر الخوف على وجهها فتوارت مرة أخرى عن الأعين.

خامسة بحذر: طبعاً لا يس..... قاطعتها الخادمة بقولها الخافت: نهلة احمدي ربنا أنه مشفناش لا

هوا ولا ابراهيم.....

ظهر الحزن واليأس على وجه الصغيرة .... قائلة بحفوت خلاص هسكت ومتفرج من جديد.

مر ساعة أخرى عليهم ما بين النظرات المسروقة والواثقة ووقوفهم مع بعض المدعويين.

بفتة انطلقت أعيرة نارية كالمطر من بخت آخر أصغر حجماً ماراً من أمامهم سريعاً.

يوجه ضرباته اللعينة بأصلحة مختلفة ما بين العشوائية والمنتظمة، صوب البوص والملتفين حوله

انتيه رجال البوص لما يحدث، وصوت الصرخات المفزوعة من قبل المدعوين وزوجاتهم تصبحبالمكان، مع زيادة الهرج فالجميع يحاولن الاختياء.

تحت الطاولات والمقاعد الموضوعة فوق البحت خصيصا لهم.

اسرع البعض منهم إلى الدفاع عن سليم وزوجته.

والبعض الآخر الدفاع عن الجميع، لكن اليوم أمسك يكف ملك واتجه بها إلى الأسفل.

هيط سليم بأسفل اليخت بغرفة منعزلة عن كل ما يحدث بالأعلى لم تستوعب ملك ما يحدث معهم.

الصدمة تجتاح كيانها دون التعبير عنها، لكنها استوقفته بتساؤل عندما وجدته يخرج من خزانة صغيرة سلاحين مختلفين.

قائلة بقلق: ممكن تقولي انت هتعمل إيه وإيه اللي بيحصل فوق ده.

أحيا البوص عدة رصاصات في جيب بنطاله والآخرون قام بتزويدهم بالسلاح على عجلة من أمره.

دون أن يجيب تساؤلها الحائر استعد للخروج عارضته بحدة مستطردة انت مش هتخرج غير لما تقولي إيه بالظبط اللي بيحصل.

أبعدها بغضب عن طريقه قائلاً باختصار: ملك مش وقته هتفهمي بعدين، بس اياك تخرجي من هنا من غير ما أنا أجيلك أو ابراهيم.

تطلعت اليه وهو يغادرها مغلقا الباب خلفه بقوة، وضعت كفيها على وجنتيها غير مصدقة ما تمر به من مشاكل، وأحداث لم تتوقعها أن تحدث يوما ما في حياتها.

ضيقت حاجبيها متذكرة نهلة والخادمة.... الذين اتفقت معهم خلسة على المجيء إلى حفلة الزفاف لكن ما يحدث الآن لم يكن في الحسبان.
قائلة لنفسها بذعر : طلب سليم ميعرفش أي حاجه عن وجود نهلة ولا انتصار، وممكن أوي لا قدر الله يحصلهم أي حاجه بسببي.

ابتلعت ريقها بصعوبة متابعة بندم يارتني ماجيبتهم ولا اتصرفت من وراه بالشكل ده... أنا بس المسئولة عن أي حاجه تحصل.

اغمضت عيونها تفكر ما السبيل إلى الخروج من هذا المادق الذي كان بيدها أيضاً، أخذت تفرك بكفيها بضيق، والذعر يزداد بداخل قلبها، فلم تجد حلاً سوى الخروج من هذه الحجرة وبأقصى سرعة.

لكن كلماته التحذيرية .... عادت تتردد بأذنيها من جديد، لكنها تجاهلتها بالرغم من القلق والخوف الذي يتصاعد بقلبها.

لمح ابراهيم طيف البوص أتياً من الأسفل، شاهرا سلاحه ضد هؤلاء الرجال الذين أطلقوا الرصاص فجأة عليهم.

ركض نحوه قائلاً بصوت لاهت كل اللي على البحث نزلناهم بدون اصابات زي ما أمرت.

لم يجيبه إنما أطلق أعيرته النارية صوب أحد الأشخاص الذي كاد أن يطلق رصاصه على أحد رجاله، من الجانب الأيمن.

صوت زجاج تهشم بلادة خلفه بقوة فانطلقت صرخات طفلة ينتابها الرعب ضيق حاجبية بتفكير عاجل فهذا الصوت يعرفه جيداً.

مما جعله يهرول ناحيتها سريعاً صارخاً باسمها بصدمة فزعة نهلة .....!!!

جلست ابتن واضعة قدم فوق القدم الأخرى تحدق بشقيق البوص

وعلى شفتيها تعلو ابتسامة نصر قائلة باستهزاء: حلوة هدية الجواز اللي وصينا عليها السليم الانصاري.

رد عثمان بحذر قائلاً: بس أكيد مش هيهدى غير لما يعرف مين اللي اتجرأ وعمل كده يوم فرحه.

رفعت أحد حاجبيها باسلوب مستفد، قائلة بحيث بدأت تخاف ولا ايه.

زفر بقوة قائلاً: أنا مش خايف أنا فلقان وخصوصاً إن أدهم الصاوي ... ممكن أوي يبعدنا في أي لحظة.

ضحكت بعبث قائلة بثقة لا متقلقش من الناحية دي.... ده اتفاق مش لعب عيال.

هز رأسه نافياً كل هذه الثقة المطلقة به قائلاً بضيق : أدهم الصاوي يبيع أبوه وقت ما يضطر اکده

تنفست بعمق قائلة: عارفه كل ده ورغم كده انا بقولك مش هيقدر يجيب سيرتنا بأي حاجه وقت اللزوم.

نظر إليها بعيون تشعر بالتوتر دون أن يعلق على جملتها الأخيرة.

استطردت قائلة بسعادة طب يالا بينا بقى أنا عزمان برا على العشا وفي أحسن مكان تختاره.

رفض النهوض من مكانه قائلا: مليش مزاج أخرج.

امسكت بيده تحاول أن تجعله يهب من مقعده رغماً عنه.

قائلة بدلال: ما يبقاش دمك تقبل بقى، وقوم بسرعة يالا بينا مضيعش فرحتي في يوم زي ده.

حقيق طارق بصدمة قوية بأدهم قائلاً برعب أدهم انت كنت في وعيك لما فكرت تعمل اللي عملته ده.

ضم شفتيه باستهزاء مجيباً باللامبالاة: أكيد طبعاً واعي يعني كنت سكران مثلاً.

تنهد طارق بقوة قائلاً: انت عارف إن البوص مش هيسكت ويقلب الترابيزة علينا ومش هيرحم حد فينا.

ضحك بخبث وهو يرتشف قهوته ببطء، منادياً على أحد رجاله قائلاً بلهجة أمره: عصير ليمون هنا بسرعه.

شعر طارق بضيق قائلاً: يا برودك يا اخي مين قال إن عايز أشرب عصير.

اجابه بهدوء وكأنه جالس بحديقة يستمتع بها، وليس بمكتبه:

لازم تشربه علشان تهدى وتفكر كويس قبل ما تهاجمني.

ضرب على مكتبه بقبضة قوية قائلاً بحدة احنا مش متفقين إننا ملناش دخل بيه... انت لسه محروق مخزنك مفيش أسبوعين.

زهر يخنق متذكرا ما خسره بسبب ما حدث رد بصوت حازم كان لازم أرد عليه وانتقم لنفسي. أغمض طارق عيونه بقوة قائلاً يحسم تمام واضح أوي كده ان مهما اتكلمت وقلت مبقاش
ييجي منه، بعد اللي حصل عن إذنك بس ابقى خد بالك من نفسك.

انتفضت فريدة في مكانها وهرب الدم من وجنتيها عندما وجدت عاصي يصرخ ياسمها.

وقعت الجريدة من يدها يفزع فوق مكتبه امتقع وجهها بشدة من اقترابه السريع منها ..

تريد بتحذير: اطلعي على فوق ومتورتيش وشك لمدة أسبوع فاهمة.

أرادت أن ترد عليه لكن نظرات القاضية، أوقفت ذلك السيل العارم من التساؤلات الصادمة التي أرادت أن تلقيها عليه

الذي انطلق بداخلها فور قراءتها للجريدة التي من الواضح عليها بأنها منذ سنوات عديدة.

حدقت به دون أن تتحرك عاد هاتفا بها بالفعالية الفريدة التي سمعتي أنا قلت إيه.

أسرعت تركض إلى الأعلى تحاول إخفاء معالم الحزن عن وجهها

أغلق عاصي درج مكتبه بقوة وقوة بحدة أكيد عرفت كل حاجه وده مش وقته ... الله يسامحك يا فريدة كذا مرة تبهتك قبل كده ومفيش فايدة.

أمسك بالجريدة بضيق ناظرا إلى محتواها متابعاً: ربنا يستر من اللي جاي بعد كده.


تعليقات