رواية البوص الفصل الثامن والعشرون 28 بقلم يمني عبدالمنعم


 رواية البوص الفصل الثامن والعشرون 

 سجن الحب

وقف سليم أمام الطبيبة المعالجة لزوجته والتي تتابعها طوال فترة الحمل، قائلاً بحدة: يعني إيه مدخلش معاها في اوضة العمليات.

تنهدت بضيق قائلة: إنت ما تعرفش إنه ممنوع دخول أي حد في اوضة العمليات ما عدا ....

قاطعها بغلظة قائلاً: بس أنا مش أي حد أنا جوزها،

اتنهدت الطبيبة بليط هاتفة باستسلام تمام يا سليم بيه حضرتك اتفضل مع الممرضة وهيه هتعمل اللي فيه اللازم قبل ما تدخل معاها.

تأقف مما يحدث معه فهو طيلة هذه السنوات الماضية لم يعتاد على هذا التعامل معه بل إعداد على الإحترام من الجميع والخشية منه في معظم الأوقات.

ما أن رأته ملك بالقرب منه أمسكت بيده بتلقائية هامسة بألم: سليم أن جرالي أي حاجه اوعي ......

قاطعها يوضع أنامله على شفتيها هاتفاً بتوتر أوعى تقولي كده إنت هتقومي وهتبقى كويسه.

ابتسمت بألم قائلة: أرجوك اسمعني يا سليم أنا عارفه إنك مش بتحب البنات.

عند هذه النقطة صمت قليلاً، تنهد بضيق قائلاً يخفوت: اوعي تفكري بأي حاجة ثانية وفكري

بنفسك ويس.

لم تستطع التحدث فقد اشتد الألم بها وأخذت تتعالى صرخاتها.

عندها هتاف بعصبية بالممرضة والطبيبة كي يتعجلوا بالأمر.

مر اسبوع بعد ولادة ملك وقد بدأ سليم ببعض التحسن معها عن ذي قبل ورغم ذلك لم ينهاها عن تنوي فعله وتخطط له منذ البداية.

دخل سليم إلى الحجرة ولمح ابنته بجوار زوجته.

توقف للحظات ينظر إليها دون أن يقترب من طفلته كعادة أي أب.

بل اكتفى بالنظر إليها من بعيد لاحظت ملك ذلك ولم تعلق.

وانصب حديثه إليها قائلاً باهتمام: عاملة إيه النهاردة.

اعتدلت بالفراش ببطء فجلس بالقرب منها، متمسكا بيدها.

تنهدت بألم بعض الشيء، هامسة: أنا كويسه أحسن من امبارح الحمد لله..

تطلع اليها بصمت ثم تحدث باهتمام احدا لازم تطمن عليك وأويكي للدكتورة.

تأملته بتعجب فهي لم تعتاد على تلك التعامل الهاديء من جانبه..

لذا رددت بهدوء يومين كمان وابقى وديني ليها.

هب من مكانه عند صدور صوت ابنته بالبكاء، لاحظته ملك.

تمنى أن يحملها بين ذراعيه لكنه خرج من الغرفة قائلاً: طب أنا ماشي دلوقتي.

شعرت بالحزن من أجل طفلتها تمنت أن يبتسم حتى لها لكنه لم يفعل.
ولم يحملها قط غير أنه اختار لها إسماً فقط.

جميلة هكذا تم تسميتها لهذا شعرت بغصة بقلبها من عدم حنانه عليها.

زفر البوص بضيق من عدم سيطرته على نفسه، في تقبل ابنته..

قائلاً: إبراهيم جهزلي العربية بسرعة.

أنت العربية إلى فريدة بالغداء قائلة: يالا جبتلكم الأكل.

هزت رأسها بالنقي مرددة بخفوت: مليش نفس.

تنهدت بحزن قائلة: يا بنتي ما ينفعش كده.

وقبل أن تجيبها قاطعها صوت الهاتف، فردت بعدم اهتمام: ألو مين حضرتك.

أجابها الطرف الآخر من فضلك ممكن أكلم فريدة قوليلها انتصار.

عقدت حاجبيها بتساؤل وغم ذلك قالت: فريدة يا بنتي في واحده عايزاكي بتقول إسمها انتصار

تذكرت ذلك الاسم فأجابتها بسرعة طب هاتيها واتفضلي أنت يا دادة وأنا هاكل.

انصرفت ولم تتحدث إلا عندما أغلقت وراءها الباب قائلة بلهفة ألو ... قاطعها الطرف الآخر.

على عجل قائلة: فريدة أنا ملك ..... لازم تقابليني بكرة ضروري.

ابتسمت بفرح قائلة بسعادة يا حبيبتي يا ملك وحشتيني أوي أوي.

اجابتها سريعاً، وأنت كمان يا فريدة إنت لازم تقابليني ضروري واوعي تبلغي عاصي أرجوك.

تنهدت بألم قائلة بديرة مرتعشة بس يا ملك... قاطعتها قائلة: أرجوك يا فريدة وافقي أنا خايفه اوي على بنتي.

بعد قرار خاطئ متسرع في وقت عصيب، يأخذنا الحنين إلى الماضي حتى تعود وكان كل شيء حدث لم يكن.

لكن لا أحد يستطيع الرجوع بالزمن إلى الوراء هكذا شعرت ملك وفريدة بالندم على ما فعلوا

عندما تم اللقاء بينهم في مكان حددته ملك.

في حق عاصي الذي فنى عمره كله من أجلهم وكان هذا هو مصيره معهم.... الحزن والألم الذي لم بعد يفارقه منذ أن غادرته شقيقته.

تركتها فريدة على وعد بلقاء آخر ..... عادت إلى المنزل حاملة بين ذراعيها طفلة رقيقة تشبه

كثيراً والدتها.

وقعت بها أمام الباب تستجمع شجعاتها التي تهاوت بمجرد أن تخيلت رد فعله عندما يراها.

أخذت نفساً عميقاً كي تحاول مجابهته دون خوف طرقت الباب ببطء... لم تكن تتوقع أنه من

سيقوم يفتحه في ذلك التوقيت بالذات.

وقع بصره عليها ثم على الطفلة الدائمة ببراءة .... صدمة شديدة تركت أثرها الكبير على محياه.

لم يقوى عاصي على التحدث حينما شاهدها هكذا الذهول في عيونه الواسعة لنيب عنه بالتكلم.

تفوه أخيراً مشيراً بيده نحو الصغيرة هاتفاً بوجه ممتقع مين دي با فريدة... أدركت أنها سننهار أمامه مع الوجع الذي يحمله بداخله..

از درت لعابها حتى تستطيع الإجابة على سؤاله مجيبة بخفوت متلعثم دي.... دي .... نكون....

تكون قاطعها بعصية هذه المرة مين دي ردي عليا بسرعة.

جف حلقها بصعوبة بالغة قائلة بنبرة مهزوزة طب ممكن... أدخل الأول وأنا هقولك على حاجه.

هز رأسه بقوة صاحباً إياها من ذراعها بقوة، وهو يزيد من ضغطه عليها.... ادخلها إلى الداخل.

ملصقاً ظهرها إلى الباب الذي أغلقه خلفها.

تألمت كثيرا لكنها كظمته بداخل صدرها، قائلاً بصوت خشن انطقي وقولي مين دي يا اما هموتك بايدي دلوقتي من غير ما الدم واروح أسلم نفسي الشرطة.

الحمضت عيونها سريعاً من شدة لذعرها منه قائلة في الحال: دي جميلة بنت ملك.

أخذ صدره يعلو وينخفض بسرعة غير مصدق ما سمعه الآن احتل الدهول محياه الوسيم.

اتسعت عيناه على آخرهما قائلاً بصدمة بنت ملك إنت يتقولي ايه.

تنهدت بضيق تنفس مجيبة إياه والله يا أبيه بنتها، جذبها إليه بوجه غاضب هذه المرة.

هامساً بقسوة يعني كتني على اتصال بيها طول الوقت ده وأنا المغفل الوحيد اللي مش عارف هيه فين
هزت رأسها بالنفي سريعاً قائلة بتوتر : لا طبعاً مكنتش اعرف مكانها... دنا لسه شايفها النهاردة بس.

ضيق عيونه بحدة ثم ابتعد عنها قليلاً بسخرية وهو يوماً برأسه بقوة قائلاً بلهجة غاضيه: أ..... يعني رحتي وقابلتيها من ورايا بردو..... لا ومش بس كده وكمان بتستغفليني ويتنتصر في بمزاجك من غير ما ترجعيلي ... زي موضوع الدكتور مش كده.

زاد توتر أعصابها بإجابته المتوقعة، حاولت الرد عليه بنبرة هادئة: يا أبيه أرجوك صدقتي انا اتصرفت من وراك المرادي كمان علشان كنت ممكن تعمل أي حاجه تندم عليها بعدين.

هتف بها بصوت قاس والله بقى انت اللي هتعلميني اتصرف ازاي ده بدل ما تيجي تخبريني وبدل ما أنا محتار وبادور عليها كل يوم من ساعة ما اختفت.

ابتلعت ريقها بصعوبة بالغة هامة بصوت مرتجف معاك حق بس انا كنت خايفة من ردة فعلك وده اللي خلاني أعمل كده.

زفر بحدة واضعاً كفه على شعره بعصبية غير قادر على التفكير... ثم نظر إلى الفتاة القائمة بسلام قائلاً بلهجة غاضيه والست هانم ملك جابت بنتها منين بقى وانهى مجرم اتلمت عليه

هنا ابتعدت عنه إلى الوراء غير قادرة على إجابة تساؤله، خشية من غضبه الجامح.

زاغ بصرها بين الطفلة وبينه..... يدور بعقلها شيئاً واحداً وهو كيف ستفتعه بما انفقت عليه مع ابنة عمها.

لما طال انتظاره لصمتها صرخ بها جعل قلبها يدق ناقوس الخطر نهرها بدورة: ما تنطقى ساكته ليه جاوبيتي بسرعة.

امتقع وجهها بشدة ثم ابتعدت مرة أخرى إلى الخلف بتلقائية قائلة بصوت مرتعش: اتات..... اتجوزت البوص.

عقد حاجبيه بصدمة كبيرة، غير مصدق ما تسمعه أذناه قائلاً بنفاذ صير ويطلع مين البوص ده.

از دردت لعابها بصعوبة قائلة بخفوت مضطرب بباقي... يبقى ... رئيس عصابة ...!!!

عادت ملك من الخارج بعدما قابلت فريدة وهي تدعى ربها أن يكون زوجها غير موجود لكن جاءت أمنيتها عكس ما تمنت..

فقد وجدته أمامها بانتظارها والخادمة تبكي وراءه فمن الواضح أنها أبلغته بكل شيء.

بهت وجهها واندلع بقلبها نيران القلق التي بدأت تزيد بالإنشغال بداخلها.

ابتلعت ريقها بصعوبة بالغة وهو يقترب منها كالذئب الخبيث الذي يتحين الفرصة المتاحة حتى ينقض بالوقت المناسب.

وقف أمامها يكاد يكون ملتصقاً بها قائلاً بحدة: ممكن أعرف كنتي فين كل ده.

جف حلقها من كثرة الغضب الكامن بعيونه الحادة ... لم تستطع أن تحملق به فنزلت ببصرها إلى صدره الذي يعلو ويهبط من كثرة الإنفعال.

لم تجيبه إنما لمعت دموعها رغما عنها كان الخوف سيطر على عقلها هذه اللحظة.

عندما طال صمتها جذبها بقسوة ناحية صدره هاتفاً بغضب: مش بتردي ليه ها من امتى وانت بتخرجي من ورايا ولا تكوني فاكرة علشان اتغيرت شويه معاكي ده هيديكي الحق إنك تتصرفي على هواك.

انهمرت دموع اليأس من عيونها وهي تردد ببطء سليم أرجوك سيبني أنا قاطعها بانفعال: مش هسيبك يا ملك إلا لما تقوليلي الحقيقة كلها.

حدقت به والدموع تكاد تحب عنها رؤية وجهه هاتفه بحدة البنت اللي كنت مش عايزها ماتت زی ما كنت عايز.

اتسعت عيونه بصدمة كبيرة مردداً بعدم تصديق : انت بتقولي ايه ... انت أكيد بتكدبي عليا. وأخذ يهزها يعنف من ذراعيها وانتفض قلبها برهبة من نظراته وقسوة أنامله القوية عليها.

هامسة بيأس من وسط نحيبها: أنا تعبانة يا سليم سيبني أرجوك.

هي بالفعل لم تكن تكذب هذه فهي بالفعل قد حاربت ضعفها إلى الآن.

تركها بغتة فتر تحت إلى الوراء وكاد أن يغشى عليها لولا أنها أصندت بيدها على صدره هامسة بضعف انت اقسى بني آدم شفته بحياتي.

انزعج البوص من كلماتها التي نطقتها بوهن عاقداً حاجبيه يحدة ورغم ذلك حملها بين ذراعيه عندما بدأت تغمض جفنيها وتغيب عن الوعي.

وقف عاصي بغرفته بالطابق الثاني، أعصابه غير هادئة منذ أن وقعت عيناه على إبنة شقيقته و معرفته بزواجها من شخص مجرد من الإنسانية هكذا.
تنهد بضيق متذكرا محياها الصغير متسائلاً، ماذنيها أن تأتي لأم هاربه وأب يعمل في مجال

العصابات والإجرام.

زفر بيأس شاعراً بالغضب البالغ نحو شقيقته واتجاه فريدة أيضاً.

فتح نافذة غرفته متأملاً المارة الذين يعبرون الطريق من أمام منزله، يحاول أن يشغل تفكيره بعيداً عن ما وجد نفسه ولا مفر منه.

أخرجه صوت طرقات مترددة على باب حجرته، لم يجيبها إنما تركها تطرقه مرة أخرى.

هتف بحدة عايزة إيه يا فريدة... جف حلقها من لهجته القاسية.

مردده يقلق عايزه... عايزه اتكلم مع حضرتك صدمت عندما وجدته يفتح الباب يفتة.

تلاقت نظراته الغاضية بنظراتها الخائفة، هاتفاً بغضب: ما تنطقي وتخلصيني وتقولي عايزه إيه ثاني.

أطرقت ببصرها قائلة بنيرة مرتعشة أبيه عاصي أنا بعتذر واسفه على اللي حصل.

تركها ودخل إلى حجرته كانه لا يريد سماعها ولا ينصت لأي تبرير سنقوم به.

اقتربت منه لا تريده أن يغضب هامسة بخفوت أبيه أرجوك سامحني أنا عارفه اني غلطت وغلطي ما يقلش عن اللي عملته ملك بس بنتها ملهاش ذنب.

التفت إليها بغيظ هدر بها قائلا بغضب : تقومي تساعديها على الهرب وأنا اللي كنت مغفل من البداية.

أخذت تفرك بيديها وعبراتها تنهمر دون سابق إنذار، فقد جعلها تعترف بكل شيء وأنها ساندتها

منذ البداية.

وباعترافها هذا أصبح بتلك اللحظة كأنه إنسان آخر منفعلاً عليها أكثر من ذي قبل.

لذا تركها بصحبة الطفلة مغادراً المنزل كأنه يهرب من كثرة المشاكل التي تلاحقه في الفترة الأخيرة.

قائلة برجاء: أنا أسفه خذلتك للمرة الثانية من غير قصد.

صمت كلاهما برهة مولياً ظهره لها فهمت أنه يقوم بإنهاء الحديث بينهما.

علن أنها تركت الغرفة لكنها لم تتركها بل اقتربت منه ووقفت أمامه مباشرة.

التقت أبصارهم يعتاب شدید فهمت ببطء سامحني يا أبيه... أرجوك

تأملها للحظات ثم تنهد بضيق شديد هاتفاً بعصبية اطلعي برا بدل ما انفعل عليكي أكثر من كده. ترددت في تستمع إليه أم لا لكنها قررت بداخلها أن لا تتركه هكذا.

اقتربت أكثر منه حتى أنه تأمل تلك العيون الواسعة التي امتلأت بالحزن العميق متابعاً بجمود: على اوضتك يا فريدة دلوقتي

تعلق بصرها به مرددة بخجل: بس انا مش هقدر أنام وحضرتك زعلان مني

طالت نظراته لها هذه المرة ولم يعرف بأي شيء يجيبها فالحيرة تملأ كياته كله هذه اللحظة.

الخاصة مع ترجيها له ومع تلك البريئة الذي لابد من احتواءها رغما عنه.

النهد بضيق قائلاً بجفاء فريدة تتكلم الصبح ... قاطعته ببراءة هامسة طب انت مش زعلان مني.

تأملها للحظات لم يدري كليهما ما هي عددها، قائلاً باقتضاب مختصر: لا يا فريدة وبالا على اوضنك.

تهلل وجهها بغتة ووجدت نفسها رغماً عنها بين ذراعيه هامسة بتلقائية: متشكرة أوي أوي يا أبيه.

بعد قليل أفاقت من إغماءتها ووجدته يتأملها بقلق وكفها الرقيق بين راحتيه.

قائلاً بلهفة: الحمد لله إنك بخير... سحبت يدها بضيق مشيحة بوجهها بعيداً عنه.

تنهد سليم قائلاً بهدوء: ملك أنا عارف إلي عمر طبعي ما هيتغير... بس بأكذلك إن عمري ما كنت هادي بنتنا جميلة ابداً.

المعت عيونها بالدموع هامسة بعد إيه جاي تقول الكلام ده.

شعر بداخله يوجع غريب وإحساس بالعجز النفسي فكيف سيراضيها هذه الفترة الحرجة التي تمر بها.

زفر بحرارة مردداً باقتضاب: أنا مقدر شعورك كويس أوي... بس أنا جوايا إحساس مش هقدر أقوله لك دلوقتي إلا لما اتأكد منه الأول.
لم تجيب عليه خشية من معرفته للحقيقة وردت الفعل التي ستجدها منه.

نهض من جوارها بصمت حتى لا يزعجها أكثر من ذلك.

التفتت إلى الباب المغلق بعد الصرافة قائلة برهبة مش عارفه ليه جملته الأخيرة دي شككتني إنه مش هيسكت وهيبحث عن الحقيقة.

تحدث البوص إلى إبراهيم قائلاً بحيرة ليه جوايا شك بكلامها ده.

اقترب من مجلسه قائلاً بهدوء حذر طب ما يمكن بتقول الحقيقة.

هز رأسه بالنفي قائلاً بغموض: بس أنا حاسس إن البنت عايشه أنا صحيح بكره البنات بس دي في الآخر بنتي وعمري ما كنت هاذيها أبدا.

من الآخر رأسه بتفهم مردداً بهدوء ظاهري والله يا بوص هيه بردو معذورة هيه أم وخايفه على بنتها.

تنهد بضيق قائلاً بجمود بس أنا مش هسكت وهشوف إذا كان الكلام ده صح ولا لا.

صمت الرجل برهة من الوقت ثم تحدث باهتمام على فكرة يا بوص الشرطة قبضت النهاردة على أخوك وعلى أيتن وكمان أدهم چه يهرب لبلد اجنبي اتمسك.

ضحك بسخرية شديدة قائلاً بحيث هيه دي الأخبار اللي تفرح بجد مش تقولي كده من بدري.

ابتسم مجيباً إياه بتلقائية: أعمل إيه بس لقيتك مشغول في موضوع بنتك.

تكاليف كبيرة بالايجاب قائلا بتشفي ده . ده أحلى سمعته سمعته النهارده.... بالاشان لا تعرفوا ده جزاه اللي اتصلت ضدي.

الإحساس بسعادتها بمجرد أن حدثها بهدوه.

شعر عاصي بمشاعر يخفيها بين طيات قلبه عندما احتضنته بغتة هكذا، يريد أن يبادلها

لكن ما حدث العكس إذ تذكر عقاب لها منذ أيام معدودة.

قاتلاً بجفاء: طب يالا على اوضتك زي ما قلتلك.

ابتعدت عنه بحياء إذ انتبهت لما فعلته على نبرات صوته المميزة، تخضب وجنتيها بالاحمرار هامسة بحياء: أنا أسفه أنا ... ولم تستطع استكمال كلماتها إذ هرولت من غرفته تاركة خلفها قلباً يخفق بسرعة كبيرة.

في قسم الشرطة اليوم التالي وقف كل من أيتن و عثمان أمام وكيل النيابة.

في حالة يرثى لهم وبالأخص الأولى فغابت عنها تماماً أناقتها المعتادة.

فوجهها خالي تماماً من مساحيق التجميل وشعرها مشعث بعض الشيء.

حتى عيونها حمراء من كثرة البكاء، شعر عثمان أن نظراتها له تعبر عن العناب.

خفض بصره حتى لا يرى ذلك... وقبل أن يتحدث إليهم وكيل النيابة.

دخل عليهم أدهم الذي ما أن راهم حتى تحدث بعصبية متوترة التوا قبضتوا عليه ليه أنا عملت

أجابه بسخرية هدي اعصابك يا أدهم انت مشرف معاهم وعارفينك كويس أوي انت مين وعارفين أعمالك اللي أخيراً مسكناك متلبس بيها ...

انزعج من حديثه فهتف بحدة بس أنا معرفهمش ولا ليه أي صله بيهم.

صدم كليهما مما جعل عثمان يهتف به يضيق بقى انت متعرفناش ده انت شريكنا في كل حاجه... قاطعته أيتن بحدة وكل حاجه كنا يتعملها كانت من تدبيرك

غضب بشدة من عباراتها فأجابها يضيق كدابة أنا معرفكيش ولا أعرفه وأول مرة أشوفكم هنا.

ضحك وكيل النيابة بتهكم هادرا به أدهم كفاية كده علشان الإنكار مش هينفعك بأي حاجة ....

وخصوصاً إن الفيديوهات والأدلة معانا.

اتسعت عيونهم بدهشة وصدمة فهدف أدهم بداخله بشراسة عملها البوص آه منك يا سليم يا

أنصاري لو كنت قدامي دلوقتي كنت خنقتك بإيدي.

استيقظت ملك تحاول ضبط مشاعرها تجاه ابنتها التي أعطتها الفريدة.

بذلك اليوم تنهدت بيأس عندما تذكرت ما حدث بذلك اليوم.

إذ قامت بالإتصال على مربيتها عندما لم تصل بعد إلى فريدة.

التي عرفت منها بعد ذلك أن هاتفها قد تم كسره من قبل شقيقها، لذا حاولت تذكر رقمها

ومحادثتها.

بعد أسبوع من ولادة طفلتها والاتفاق معها أن من سيقوم برعاية الصغيرة وتربيتها هو عاصي خشية عليها من بغض والدها لها.
لهذا قابلتها بمساعدة الخادمة وتم الإتفاق بينهما على ذلك بالرغم من معارضة فريدة في البداية.

لكن مع إصرار ملك وافقت على فكرتها، مع الرهبة من عاصي التي تعرف جيداً ماذا ستكون ردة فعله.

هتفت لنفسها بأمل يارب يا ابيه تحبها زي انا ما يحبها واتعلقت بيها.

قطع حبل افكارها الحزينة دخول الخادمة التي أنت بقطارها.

قائلة بأسف: أنا يعتذر عن اللي حصل امبارح أنت عارفه سعات البيه كان ممكن يعمل إيه معايا إذا كنت كدبت عليه ومقولتش على الحقيقة.

زفرت ملك مقاطعة لها بهدوء: أهم حاجه إنك مجبتيش سيرة جميلة.

هزت رأسها بالنفي مرددة بقلق : لا والله مردتش اتكلم عنها ولا أجيب سيرتها غير بس قولتك إنك بتانايلي بنت عمك ..

أشارت إليها بهدوء ظاهري: خلاص مفيش مشاكل أنا عارفة وفاهمه إيه اللي حصل.

جاءت كي تتركها تتناول طعامها على حريتها ... نادتها هاتفه إعمليلي كوباية عصير وهاتهالي يا انتصار

هزت رأسها بالإيجاب ثم انصرفت دون أن تبادلها الكلمات.

فتحت الباب وجدت سليم بوجهها وعلامات الغموض تملأ محياه.

لم تنتبه لوجوده ملك إذ أشار للخادمة بالصمت.

فهو يعلم جيداً إذا علمت بوجوده فإنها ستترك الطعام مكانه ولن تتناول أي شيء..

بدأت زوجته بالطعام ببطء تتذكر صوت ابنتها تبكي وهي تحرمها من حضنها دون ذنب اقترفته. لمعت عيونها بالدموع فحانت التفاتة إتجاه الباب إذ وجدته أمامها يتلصص عليها بهدوء غامض.

امتقع وجهها عند رؤيته هاتفه لنفسها معقولة يكون سمع كلامي مع التصار.

اقترب منها بخطوات ثابتة عاقداً حاجبيه بتساؤل والحيرة التي تملأ وجهها جعلته يتقوه بضيق : هتفضلي الإمتى كل لما تشوفيني كانك شفتي عفريت رغم إن سايبلك الأوضة كلها من كذا يوم.

أشاحت بعيونها بعيداً عنه ولم تجيبه على تساؤله.

جلس بجوارها على الفراش ممسكاً بيدها بين قبضتيه مردقاً بهدوء: ملك ردي عليا وجاوبيني بصراحة، أنت يتكرهيني للدرجادي.

انتقض قلبها برعب من ذلك السؤال الذي طرحه عليها، ولا تدري بأي شيء تجيبه.

ان كذبت فهو على دراية تامة أنها ستتفوه عكس ما تشعر به.

زفرت ملك بضيق شديد قائلة المفروض تعرف إجابته بنفسك.

تأمل تلك العيون التي لم ينساهما أبداً هامساً برفق بس أنا كنت حابب أسمعها منك إنت.

تأملته بتعجب هل هذا هو سليم الانصاري التي تعرفه جيداً.

من أين أتى بهذا الهدوء والسكينة في التحدث إليها ... قامن شدة صدمتها اتسعت مقلتيها

بذهول تام.

لاحظ استغرابها لحديثه، فابتسم بعيث متابعاً: إيه مستغربه من إسلوبي ولا إيه.

جدیت كلها قائلة ببرود بصراحة أن أول مرة تتكلم معايا بدون تعصيب.

اتمعن بوجهها للحظات مقترباً منها وعقلها وقلبها يدقان ناقوس الخطر.

فقربه منها هكذا يعني أنه سيصل إلى مبتغاه بهذا اللطف التي لم تعداد عليه.

أمسكها من دقتها متحدثاً بنبرة خفيضه طب بذمتك المرة دى بس ولا معظم الأيام اللي عدت. اهتز قلبها من الداخل فهي بالفعل قد بدأ يلاطفها في أحياناً كثيرة منذ أن تمت ولادة ابنتهما.

وقد بدأ يتغير بمعاملته نوعاً ما عن ما سبق، لذا هريت من إجابته تحاول الإبتعاد عنه.

لكنه أوقفها قائلاً بجدية: مفيش هروب من سجن مشاعرك من ناحيتي.

بوغنت بكلماته التي أدركتها أنها حقيقة فهي بالفعل توجد بداخل سجن لمشاعر كثيراً ما تنكرها نتيجة تصرفاته معها.

همست بتلقائية خافتة: إنت السبب يا سليم لكل ده.

تمعن بمحياها بدقة كأنه يراها لأول مرة هامساً: يمكن زي ما بتقولى كده بس كل أنا أعرفه دلوقتي وحاسس بيه إن عمري ما هسيبك تبعدي عني ولازم تتقبليني زي ما أنا يا ملوكه.

تطلعت إليه بدهشة وصدمة مما تسمعه، وشعرت بالنجام لسانها ... وقلبها فقط من يصرح بها
مطالباً إياها أن تبادلها مشاعره.

لكنها اكتفت بالصمت وعيونها تلمع بالدموع، حدق بها للحظات وقد مسح دمعة هاريه من على وجنتها.

مردداً بنيرة حانية إنت في سجني أنا ومهما تعملي بردو مش هتخلى عنك ولا هتقدري تهربي من انجذابك ناحيتي واللي يتلاحقك مع كل نفس ببتنفسيه وانت معايا.

أغمضت أهدابها تذرف دموع العذاب تريد الفرار من هذا الحصار.

التي تحاط به من كل مكان فهي شاعرة بأنفاسه بكل مكان حولها كأنها تحاصرها حتى وهو غير موجود

هامسة بياس: أعمل إيه ما هو قلبي السبب لكل اللي أنا فيه.

بعد أن استمع لكلماتها وجد نفسه يضمها بين ذراعيه بلهفة لا يريد تركها أبداً.

هاما بجوار أذنها بغموض وأنا دلوقتي مش عايز غير كده لكن بعدين مش هستكفى بكلامك

بعد يومين نزل البوص بمفرده من عربته الفارهة أمام منزل مكون من طابقين دون اللجوء إلى رجاله.

هامساً لنفسه يحمود: أخيراً هنتواجه.

طرق الباب بثبات، فتح الباب بغتة فابتسم بعيث وهو يدقق النظر بمن قام يفعل ذلك.

متابعاً كلماته بنهكم اخيراً اتقابلنا با بشمهندس عاصي.


تعليقات