رواية زوجه علي الهامش الفصل التاسع والعشرون 29 والاخير بقلم نداء علي


 رواية زوجه علي الهامش الفصل التاسع والعشرون والاخير

وكيف لنا أن نجمل الواقع وقد بات مشوهاً، دميم الهيئة لا تفلح معه

ريشة فنانة ولا كلمات شاعر.

من يمتلك بين يدي تلك الألوان الزاهية التي

تهزم سواد الكون.

انتهى من حزم حقائبه والتي ظلت تفوح من داخلها أحضان الغربة التي تمكنت من نفسه

ابتسم بحزن إلى أبنائه الخمس وتمنى أن يحيطهم بفؤاده إلى الأبد فيمنع عنهم كل أذى.

تحدث إلى ابنه الأكبر

انت راجل البيت مكاني، إخوتك وأمك يسبب عنك في غيابي اللي أمك تقوله بنيه من غير ما تسأله ليه، هي عارفه مصلحتكم أكثر منكم

مفهوم؟

اجابه ابنه بطاعة وتحدث بجدية لا تتناسب مع سنه لكننا مجبرون أن تتخطى سنوات العمر

فنغدو شباباً قبل أن ننعم بطفولتنا وينتهي شبابنا ونحن نركض خلف المجهول، اقترب قليلاً من والده وقال حاضر يا بابا اطمن ومتشيلش هم.

تحدث ياسين إلى ابنائه الذكور قائلاً بخوف متزعلوش اخواتكم البنات ابدا، خلوا بالكم من بعض، خلوكم اصحاب واخوات وسند.

اقتربت والدته تخطو على مهل بعدما من الله عليها بالقليل من العافية وقطع هو المسافة بينهما كي لا تبذل مزيداً من الجهد ضمته اليها بحنو واحتواء قائلة ربنا يحفظك في غربتك، اطمن ياقلب أمك احنا هنبقي كويسين، المهم انت تبقى بخير يابني تنهد ياسين بقوة وشدد من احتضان أمه يستمد من قربها سبيلا للحياة واستكان لكنه حائر ولا يعلم أين المفر.

وكلنا كذلك كلنا نخدع أنفسنا بقرب النهاية، من منا يدرك يقيناً ما يريد جميعنا تائه يتخبط بين أيامه فتارة يسعد وتارة يشقى ولا أحد منا يدرك حقيقة الأمر، ربما لم يكن الألم راجع إلى امرأة

دون سواها فما استقر عليه القلب أن لزوجته الغلبة في ذاك الصراع الذي استمر لسنوات لكنه مازال متعب، غريب بين أحبته ووحيد بينهم.

امتدت أيادي الألم وعانقت روحي وشددت من ضمها إلى أن تلاشت أنفاسي ومع ذلك لم ابتعد

وما كان لي أن أعلن العصيان فأنا استحق.

تلاشت البسمة من فوق الشفاه وغابت الضحكات ولم يبق سوى همس الأنين وصوت الندم.

تناول فيصل بعض اللقيمات دون اكتراث لمذاقها

وعاد الفراشه من جديد، لقد قرر الإبتعاد وربما

كان الفراق مقدر له، يعلم يقيناً أن هروبه ليس حلاً لكنه عاجز عن الاستمرار، نظر إلى صورة

زوجته وطفليه والتي لا تغيب عن ناظريه

باشتياق، لقد مضى ثلاثة أشهر لم ير فيهم أحد ولم يدر أحد أين هو.

تنهد بتعب وحاول أن يغفو ولو قليلاً لكنه

تذكرها، اشتاق إليها لكنه يخشى المواجهة، ترى هل افتقدت وجوده أم أن غيابه قد منحها سلاماً كانت تصبو إليه.

علا رنين الهاتف الأرضي فتجاهله فيصل، تسطحمن جديد واغمض عينيه لكنه لم ينعم بالهدوء الذي يرجوه فقد توالت الطرقات فوق الباب إلى أن تحدث هو بحدة قائلاً في ايه، مين بيخبط

لم يستمع إلى صوت الطارق فاضطر إلى القيام ورؤية الواقف بالباب

تسمرت مشاعره وعجز عن الحديث عندما وجدها أمامه تنظر إليه بلوم وعتب عجز عن تحملهما فأشاح بوجهه عنها قائلة بصوت كسير

عرفتي مكاني ازاي يا همس مصطفى اللي قالك ازاحته من أمامها ودلفت إلى الداخل في

جلست همس فوق إحدى المقاعد وجلس هو بمحاذاتها وكم ود احتضانها الآن لكنه يخشى ثورتها.

كرر فيصل سؤاله للمره الثانية

عرفتي مكاني ازاي، أنا بقاللي ٣ شهور في الفندق مفيش حد يعرف مكاني غير مصطفى.

نظرت إليه سردت حربها الشرسة قائلة

من أول يوم جيت هنا وانا عارفه مكانك

متنساش ان الفيزا بتاعتك مشتركة بينا يا دكتور.

ابتلع ريقه بدهشة وتوتر قائلاً ولما انتي عارفه مكاني ما.....

قاطعته قائلة : ايه مفروض كنت اجيلك واقولك ازاي تبعد وتسيبنا لوحدنا، وايه الجديد أنا

اتعودت منك الهروب، أخوك لما جالي وعرفت منه اللي حصل جريت ادور عليك، كنت متوقعة انك هتدور عليا، هترجعلي لأن مفيش حد اقرب ليك

مني.

فيصل : أنا خفت عليكم.

همس : انت أناني، بتفكر في نفسك وبس، تعرف ولادك سألوا عنك كام مرة في اليوم الواحد، ٣

شهور كل ساعة بتعدي فيهم بيسألوا عنك عينهم متعلقه بالباب منتظرين ترجع.

تعرف كام مرة منعت نفسي اني اصرخ فيهم

واقولهم انسوه، أبوكم ميستحقش تفكروا فيه

بس صعبوا عليا مقدرتش اخذلهم واكسرهم

حرام عليك كفاية بقى.

فيصل بتعب : أنا تعبان يا همس مش عارف

اعمل ايه

همس : وأنا تعبت منك، بدل ما تهرب مني

مفروض تهرب ليا ترمي همومك في حضني.

فيصل : وحضنك مبقاش قابلني.

اقتربت منه قائلة بصدق

ليه مصمم تقطع اللي باقي ليه متحاولش توصل اللي انقطع يا فيصل.

فيصل : لأني مستحقش تسامحيني

همس بحب : خلينا نبدأ من جديد، خليني احبك من

تاني اعتبر اني ست مطلقة وعندها ولدين وشفتها صدفه وحبتها، عاملني كأنك لسه متعرفنيش.

فيصل بصدق

ولو فشل، هتبعدي عني

همس : لو فشل هتأكد وقتها انك مبقتش

فيصل حبيبي اللي نساني كل حاجة عشتها من قبله، هتأكد وقتها انك عمرك ما حبتني.

فيصل : والماضي يا همس، ​​وأمي وابويا

همس : الله يرحمهم يا فيصل، ماتوا، لكن أنا

وانتي عايشين، بلاش نضيع الباقي من حياتنا وحياة ولادنا في أوجاع وألم، حاول مش هنخسر اكثر من اللي خسرناه

صدقني يا فيصل لازم تخرج نفسك من الديرة دي

قبل ما يفوت الأول.

نظرت إليه بقوة وثقة

لو بعدك عني هيقويك خليك بعيد بس بلاش

تظلم ولادنا، اتجوز غيري، ضعف صوتها للغاية وترددت قليلاً لكنها استكملت بجدية لو فعلا حبيت كاميليا حاول ترجعلها، يمكن

العيب فيا أنا المهم عندي تبقى كويس انحنى فيصل أمامها دون تردد، وبقى جاثياً بمواجهتها فتلاقت نظراتهما للحظات إلى ان

همس بصدق

لو حبيت غيرك مكنش ده بقى حالي، كنت بعدت ومرجعتش عارف انك ملكيش ذنب يمكن ذنبك الوحيد اني حبيتك.

وهيمنة الاحتياج تجتاح ما سواها من مشاعر

فهي خليط بين ضعف ورغبة ورجاء يمنعك دون أن تشعر عن دفعها لكنك تستلم فمن يعلن احتياجه إليك يرى بين يديك طوق نجاته.

ضمها بين يديه باشتياق يصعب على المرء أن يصفه بكلمات واغمضا عيناهما معاً وكأنهما يغلقان بوجه الماضي كافة الأبواب.

ادعت الصلابة رغم انهيار عالمها بأكمله واجابته بغرور

اعتقد ان جوازنا كان غلطة، انت زي ما انت وأنا زي ما أنا يمكن بنحب بعض لكن لا أنا هبقى البنت المطيعة الهادية اللي هتقولك حاضر وتوطي

راسها علشان غلطة، ولا انت هتتخلي عن حياتك علشاني

فارس بذهول : بسهولة كده عادي عندك تطلقي مني

كاميليا : زي ما انت قدرت تنطقها وتخيرني بمنتهي البساطة بين شغلي وبينك أنا كمان

مستحيل اتذل واسمح لقلبي يلغي شخصيتي وكرامتي.

فارس : تمام، أنا وعدت خالي اني هفضل جنبك مهما حصل، وأنا عند وعدي ، لو احتجتي أي حاجة هتلاقيني جنبك

ابتعدت عن دربه فصار طريقهما معاكس وتحدثت بثقة قائلة

وأنا لو احتجت أي حاجة مستحيل ألجأ ليك يا فارس.

تهادت في مشيتها بزهو، تلتقط بعض النظرات من زملائه فتزداد ثقة بنفسها، لقد اصرت على

الخروج إلى عالم جديد لن تبقى مهمشة ستبدأ من جديد هكذا كانت تظن، لكننا لا نبدأ من

جديد إلا بعدما نتصالح مع ما مضى، نتحدث إليه ويمنحنا صك غفرانه فتهدأ صراعاتنا ونبتعد عن تلك الحفر المليئة بسوء افعالنا

لقد ملت سوزي سريعاً من استياقظها المبكر

واجتهادها في العمل، ليس لديها تلك الارادة ولا ذاك الشغف لذا عادت سريعاً إلى حل بديل وكان كعادتها رجل يمنحها حياة ترجوها.

وضعت ما بيدها من أوراق وابتسمت بميوعة

مدروسة إلى صاحب الشركة الوسيم، يكبرها بما يزيد عن العشرين عاماً لكنه جذاب للغاية ولديه

من الأموال ما يزيد جاذبيته، ربما كان متزوجاً

ولديه ابناء وربما لا لن يشكل ذلك فارق معها. تحدث هو إليها برغبة قائلاً

كنتي فين انبارح ازاي تغيبي من غير ما تقوليلي اسبلت عينيها بحزن مصطنع واستدعت القليل

من الدموع الزائفة ونظرت إليه باعجاب حقيقي قائلة

ماما عوزاني اسيب الشغل اجابها هو بلهفة قائلاً

انتي بتقولي ايه مستحيل اسمحلك تبعدي عني ابتسمت هي بدلال قائلة

مش فاهمه قصدك، وحضرتك عاوز مني ايه بالظبط اجابها بجدية

عاوز اتجوزك، وقبل ما تقولي اه أو لأ صدقيني محققلك كل اللي بتتمنيه ومش هتحسي بفرق السن ابداً.

صاحت والدته بوجهه بحدة وقسوة لم يعهدها لكنه يعلم يقيناً انها محقة فيما تقول، حاول

فارس توضيح موقفه لكن والدته تحدثت إليه بخيبة أمل قائلة

خسارة يا فارس، خالك افتكرك راجل وهتصون بنته.

فارس بغضب : لو سمحتي يا أمي، حضرتك عارفه كويس ان كاميليا......

قاطعته بغضب قائلة : مالها كاميليا، عنيدة

مبتسمعش الكلام، ملهاش كبير، مالها كاميليا ايه اللي جد

فارس بحزن : اللي جد اني مش قادر، مش عارف انسى انها سمحت لنفسها تخرب بيت وتدمر عيلة وتاخد راجل من بيته ومراته مش قادر اثق

فيها.

والدته بصوت شجي مشفق على ابنها وابنة

شقيقها

يبقى انت خدعت نفسك وخدعت خالك لما وعدته تحافظ على بنته

فارس : حاولت بس هي مصرة تبعدني عنها.

والدته بجدية

براحتك انت مش عيل صغير واكيد عارف مصلحتك، عاوز تسافر مع السلامة.

فارس : وحضرتك

اجابته بثقة : أنا مش هسيب بنت اخويا مهما

حصل اخويا وحبيبي وكل اللي كان ليا في

الدنيا، مش هنسي وصيته ابدا، وحتى لو انت

طلقت كاميليا وسافرت هفضل معاها لحد اخر

يوم في عمري، او لحد ما تقابل راجل يعرف مواعيد ويصونها

تأوه مصطفى في خفوت محاولاً ألا يبدي ضعفه

أمامها لكنه لم يفلح في كبح تألمه، توقف منه

بلهفة

مالك يا مصطفى رجلك وجعك امتعض وجهه قليلاً فقد قصه الحزن بعدما

عادت إلى المراحل وصار يومها مشحوناً بين

أطفالهم، ويمكن كان النصيب الأكبر لذاك الصغير

الذي يهتم على اهتمامها بل واهتمام كافة

نساء البيت بداية من والدته وانتهاء ببناته الثلاث.

كررت سؤالها فاجابها باختصار مفيش حاجة، أنا كويس

توقف منه وطوقته بيديه فنظر إليها قائلاً بصوت لائم

يا سلام هو لازم تشوفيني بتألم علشان تقربي مني

ابتسمت بنعومة قائلة

كل سنه وانت طيب

نظر إليها متعجباً فاجابته بحب قائلة

النهاردة عيد ميلادك، وعيد ميلاد مرام، معقول تنسى

مصطفى باشتياق : وياترى بقى افتكرتي علشان مرام ولا علشاني

رضوى بمشاكسة : وانت ايه وبنتك ايه؟ قبلها بشغف قائلاً

أنا من غيرك ولا حاجة يا رضوى تعرفي كده ابتسمت بسعادة قائلة

لا والله محصليش الشرف ولا حد قالي

اعتذر بنظراته عن ايام وسنوات ارتوت فيها

زوجته بغدره واهماله تركها مهمشة فتهشمت

روحها واظلمت، لكنه عاد نادماً فهل يجدي ندمه أم أن النسيان رزق لا يناله إلا من كان ذو حظ وفير

وتمضي سنوات يعقبها الكثير وفي كل عام يمر

تبتعد المسافة بيننا وبين آلام الماضي فتغدو

صورتها مشوشة، لا تختفي تماما لكن تبهت ألوانها الموجعة.

استعد اياد للخروج فنادته همس قائلة

متتأخرش تخرج من المدرسة على هنا علطول.

اياد بتأفف : حاضر يا ماما حضرتك قولتيلي الكلام ده أربع مرات

همس بحدة طفيفة : وبعدين احنا اتفقنا نقول ايه.

اياد بطاعة : حاضر، بعد اذن حضرتك.
نقل فيصل بصره بينها وبين اياد الذي غادر

المنزل وتحدث بتعقل وهدوء حاضر يا ماما، اطمني.

أسرع اياد إلى حافلة المدرسة كي يلحق بها

ونظرت همس عبر نافذة المنزل تتابع سير

الحافلة وكأنها عربة الحياة تهرول بنا من مكان

إلى اخر حتى يحين موعد الوصول.

وتساءلت :

هل ترحل تلك الأرواح النقية بعدما تعجز عن

المضي قدماً بين ضباع الحياة، هل تلجأ إلى

الهرب بعدما تدهسها قسوة العيش أم أنها تتبدل وتختبيء خلف ستار التعايش.

انتشلها من افكارها صوت رضيعها الصغير والذي كان بداية حقيقية لرجوعها إلى فيصل

اسرعت إليه تحمله بين يديه بلهفة وسعادة

يحدثها بين كفيه الصغيرين عصا سحرية تمحو آثار الأم

تحدثت إليه بلهجة طفولية

حبيبة ماما، صباح الفل يا مهند باشا انت صحيت قبل بابا

اجابها فيصل مبتسماً لأ يا ستي صحاني الأول وبعدين نزل وسابني قالي

مامااا


تمت بحمد الله 




تعليقات