رواية البوص الفصل الثلاثون والاخير
المواجهة الأخيرة
اتسعت حدقتيها على آخرهما عند سماعها لهذه الكلمات هامسة بصدمة كبيرة: أبيه عاصي انت
بتقول ايه.
الفجر بوجهها
عجزت فريدة عن النطق عندما تحدث عاصي بهذه الطريقة، وقلبها الصغير لم يعتاد على هذه
النبرة المميزة بصوته رغم أنه غاضباً.
هل أحس بها بعد هذه المعاناة التي لاقتها منه طوال هذه السنوات الماضية.
انتيه عاصي لكلماته التي قالها وهو غاضباً هكذا.
مما جعله يتوقف عن الاسترسال بكلماته متحاشياً نظراتها الحائرة والمتسائلة.
جف حلقها مع خفقات قلبها التي تشعر بأنها توقفت عن النبض.
من حديثه الصادم... از درد عاصي ريقه بصعوبة بالغة مردفاً بعصبية: روحي نامي يا فريدة.
عقدت حاجبيها بدهشة هاتفه بارتباك بس أنا ... قاطعها يضيق مضطرب: قلتلك روحي نامي بالا.
لم تستطع الحراك من مكانها، تريده أن يستكمل ما بدأه معها، لذا تحدثه هذه المرة مردده
بإصرار: لا مش هدام قبل ما أعرف حضرتك تقصد ايه.
تلمست من مظهره أنه سيهاجمها كالنمر الشرس لذلك تراجعت خطوتين إلى الوراء من ردة فعله.
العنيفة التي تتوقعها ضيق عيونه بحدة هاتفاً: أنت بتتحديثي يا فريدة.
هزت رأسها ببطء شديد مرددة غصب على عايزه اعرف السبب إن منطقش ثاني كلمة أبيه.
بوغت بسؤالها هذا مما جعله يشعر بالإنفعال أكثر من ذي قبل.
وظهر هذا بوضوح على شرايين وعروق وجهه كأنها ستنفجر بوجهها.
هاتفا بنبرة صارمة عايزه تعرفي ها.
فأومأت برأسها بالموافقة، ما أن رأى ذلك حتى دفعها إلى الحائط فجأة، إرتطم ظهرها بالحائط الصلب خلفها بقسوة.
من شدة صدمتها التي تلت ذلك لم تنطق بحرف واحد اتسعت مقلتيها على اخرهما من الفرع الذي انقض على دقات قلبها.
زادت حدته فتابع بغضب: لإن خلاص زهقت من الكلمة دي ومبقناش أخوات فوقي بقى لنفسك
من الوهم ده.
راغ بصرها على محياه ودموعها لتجمع سريعاً بداخل عيونها.
هامسة بألم منا فعلاً عمري ما كنت أختك أنا بنت عمك وبس مش ده اللي حضرتك تقصده.
أمسكها من كتفيها بقوة وعيونه تتفحصاتها كأنه يراها لأول مرة قائلاً بانفعال: أنا عمري ما اعتبرتك كده انا ربيتك علشان كنت ملكي أنا وبس من وانت صغيرة.
لخفق قلبها بين ضلوعها غير مصدقة ما تفوه به وارتجفت شفتيها لما تسمعه منه لأول مرة.
فها هي ترى وتسمع ما تود سماعه منذ سنوات مضت
انهمرت عبرات العشق تتحدث عن ما بداخلها من شوق ولهفة لسماع هذه الكلمات.
هامسة بعدم استيعاب هوا اللي أنا يسمعه ده صح مش كده.
ترك ذراعيها شاعراً بأن هما تقيلا سيزول من قلبه، لذا أولاها ظهره من مشاعره التي تحركت وفاضت بأكملها ناحيتها.
بهذه الطريقة الذي لم يحسب حسابها ... ولم يريد أن يستكمل ما بدأه.
اقتربت منه بحذر مردفة بهدوء ظاهري ليه حضرتك مش بترد عليا.
زفر بقوة وضيق أراد أن تنصرف من أمامه لكنها هي الأخرى تريد معرفة كل شيء بداخله.
التفت إليها بحدة هادراً علشان خايف عليكي، تطلعت إليه ودموعها تنهمر على وجنتيها قائلة بخفوت خايف عليا من إيه.
أمسكها من كتفيها بقوة وهو يهزها يضيق مجيباً بعصبية: من نفسي يا فريدة ارتحتي كده
أفاقت من شرودها الطويل وهي تحدق من نافذة حجرتها إلى الشارع
على صوت إطلاق عيار ناري دوى صداه بداخلها قبل أن يأثر بمن خارج المنزل.
خفق قلبها بعنف شديد هامسة برعب: عاصي.
اتسعت العيون الحادة على صاحبة تلك الصرخات التي توالت اثر إطلاق النار والذي تفاجئ بوجودها.
لم يدري ماذا فعل بنفسه فقد وجد جسده كالحائط الصد أمامها.
هاتفاً بأعلى نبرة لديه ملللتك ..... بوغتت بمن يركض صوبها وألقى بنقل جسده على جسدها النحيف وسقطا سوياً على الأرض.
تأوهت بصدمة من رد فعلها على ما حدث، حتى دوى صوت الرصاصة بالهواء ثم استقرت بكنفه الأيسر من الخلف.
لم تصدق ما تراه عيناها إذ رأت تلك العيون مملوءة بالألم والوجع لأول مرة منذ أن تزوجته
هدفت باسمه بعدم استيعاب سليم.... سليم رد عليا ... احمرت حدقتيه من كثرة ما يعانيه هامساً بألم: أنا اسف يا ملك.
هيت من الأرض ممسكة بكتفيه بلوعة وقلب بأن من الحزن وقد رأت بيدها شيء لزج من الخلف.
نظرت بيدها فرأت دما كثيراً نتيجة إطلاق الرصاصة، شعب محياها غير مصدقة ما تشاهده
انحلت صويه وهي تحتضنه بجزع ثم صرخت بأعلى صوتها إطلبوا الإسعاف بسرعة، حد يطلب الإسعاف.
قام إبراهيم بالاتصال كما طلبت منه، ضمته إلى صدرها ودموعها تنهمر على وجنتيها قائلة: ليه کده یا سليم ليه تعمل فينا كده.
حاول فتح عيونه با جهاد شديد قائلاً يضعف علشان جميلة يا ملك روحي تهون علشانها.
لم تكن تصدق ما هتف به امسکت بوجهه بین قبضتيها قائلة ببكاء: لا يا سلیم اوعى تقول كده ..... قطعت كلماتها عندما وجدته سيغة جفنيه.
متابعة بقلب موجوع : اوعى تغمض عينيك أرجوك أرجوك يا سليم اوعى تروح مني أنا محتا جالك.
لم يدرك عاصي ما يحدث إلا عندما صرخت مرة أخرى بزوجها الذي اغشي عليه في الحال.
عندها ركض نحوها هاتفاً بغير تصديق: ملك أختي.
نظرت إليه بعيونها من خلف نقابها غير مصدقة أنه يقف أمامها هو الآخر... سليم معافى لقد وقفت أمامه حتى تحول بينه وبين الرصاصة لكن سليم لم يستطع أن يراها تضحي بحياتها من أجل شقيقها.
بعد تلك الكلمات هتفت بحدة أنا السبب يا أبيه أذا السبب في اللي حصل، أرجوك يا أبيه هات دكتور بسرعة.
زفر بقوة مرددا: متخافيش يا ملك أكيد الدكتور جاي دلوقتي...
بعد مرور أكثر من أسبوعين بدأ سليم يتعافى نوعاً ما عن الأيام الماضية.
عادت ابنته إلى حضن زوجته من جديد والتي لم تتركه أبداً بتلك الفترة جالسه دائماً بجواره.
شعر بها تنمسك بكفه بين راحتيها... فتح جفنيه مترقباً محياها عن قرب.
مرددا بخفوت أنا تعبتك معايا الفترة اللي فانت يا ملوكه.
دققت النظر إلى محياه هامسة بلوم ليه بتقول كده ده واجبي ناحيتك وخصوصاً إنك دافعت عني وكنت هتضحي بنفسك علشاني.
ابتسم بوهن قائلاً بحب مكنش ينفع أعيش من غيرك يا ملك.
اضطرب قلبها يغنة فها هو يضغط على مشاعرها منذ أن حدث ذلك.
تشعر أن مشاعره قد تبدلت إلى العكس تماماً.
فقد أخذ يظهر عواطفه الجياشة ناحيتها منذ أن أصيب.
واعترافه بالحب نحوها قبل أن يغيب عن الوعي.
جعلها كأنها تراه وتسمعه لأول مرة احمرت وجنتيها بشدة.
هامسة بخجل: الحمد لله عدت على خير.
أغمض عيونه بارتياح كبير قائلاً بنبرة منخفضة: أنا عمري فداك يا ملك.
اطرقت ببصرها من شدة حياءها وعدم استيعابها لكلماته المملوءة بالكلمات الرومانسية التي لم تعداد عليها منه.
لم تجد مفر من هروبها منه بتلك اللحظة، تركت كفه اليسرى برفق.
ثم نهضت من جواره سريعاً حتى لا يتمسك بها كعادته معها.
لكن هذه المرة تركها تغادر الحجرة دون أن يناديها حتى.
وقفت بالخارج تستند إلى الحائط تترك قلبها بهدا. من تلك الانفعالات التي يعيشها هذه الفترة.
مع اندهاشها لعدم تمسكه بها، أغمضت عيونها كي تصدق ما يحدث معها.
وضعت كلها على صدرها، متذكرة عندما عبر عن حبه لها قبل أن يغيب عن الوعي.
عندها حدقت به وقد بدأ أن يغمض جفنيه مرة أخرى شعرت وقتها بأنها ستنهار إذا فقدته بهذه
السهولة، أمسكت وجهه.
تتأمل محياه المتعب بحزن عميق هامسة بتأثر: اوعى تسبيني يا سليم.
نظر إليها بحب مصحوباً بألم ثم اغمض جفنيه مردداً يضعف: يحبك يا ملك.
عادت لرشدها تحاول أن تكون هادئة بعض الشيء هامسة لنفسها ليه دايما دي طريقتك معايا من ساعة ما اتجوزنا عايزني في معظم الأوقات اعترفلك بمشاعري اللي ميقتش فاهماها من أول مرة شوفتك فيها.
أخرجتها الخادمة من تفكيرها قائلة بهدوء: جميلة صحيت يا ست هانم.
هزت رأسها باضطراب قائلة بخفوت: حاضر هروحلها.
مر أسبوع آخر على هذا الموقف وقد تحسنت صحته نوعاً ما عن ذي قبل.
دخلت عليه الحجرة ولم تجده، عقدت حاجبيها بقلق ... فهو منذ ذلك اليوم لم يخرج من حجرته قط.
التفتت للوراء كي تخرج لتناديه، إذ أتى هو من الخلف محتضناً إياها بعثة.
تحس بأنفاسه الدافئة بجانب رقبتها شعرت بأن قلبها سيتوقف عن الخفقان، من كثرة نبضاته التي توالت خلف بعضها البعض.
ها مسا باشتياق وحشتيني أوي يا ملوكه.... أغمضت عيونها تحاول استيعاب ما يحدث لها.
مع تلك الرعشة التي انتابتها بجميع أنحاء جسدها، ولم تستطع أن تتفوه بحرف واحد.
أدارها تحوه عندما طال صمتها متمسكاً بخصرها بين ذراعيه
دفق النظر بوجنتيها التي أصبحت مثل حبات الفراولة متابعاً بنيرة جذابة يا ترى بتحبيني كده
زي ما يحبك.
لم تستطع مجابهت فأطرقت ببصرها نحو قميصه، تحاول أن تتظاهر بتماسك أعصابها المتوترة.
مع خفقات قلبها التي تتعالى مع أنفاسه التي القترب من وجهها، ضارباً بآخر أمل لديها في الثبات أمامه عرض الحائط.
ابتلعت ريقها بصعوبة بالغة مرددة باضطراب: سليم .... أنا ... أنا..
لم تستكمل كلماتها من شدة لخجلها، فوجدت نفسها بين ذراعيه شاعرة بالحب ينساب بينهما دون كلمات تقال.
كأنها تعترف له بحبها وعشقها التي حاربته كثيراً منذ بداية نقاءها به.
همس بجانب أذنيها وصلني الرد يا ملوكه.
احمرت وجنتيها أكثر ولم تستطع أن ترد عليه، كأن لسانها أكلته القطة مثلما تقول.
لكن قلبها الذي يصرخ من شدة نبضاته وذراعيها التي أحاطت بعنقه ووضع رأسها على صدره اجابوه بصمت شاعري بما يريد معرفته.
وقفت فريدة تتأمل ذلك الخاتم الذي اهداه إليها حبيبها عاصي تعويضا بعض الشيء عن ما لافته منه في الفترة الأخيرة.
ابتسمت بسعادة لم تكن تتخيلها متذكرة هرولتها إلى الأسفل عند سمعها صوت رصاصة مدوية أمام المنزل.
لم تجرؤ على الخروج من البيت عندما شاهدت ما حدث أمامها ونظرات الغضب على وجه عاصي عند رؤيته لها.
وساعدها هذا أنه بخير ولا يهم سواء، لذا عادت إلى حجرتها مع مرور الوقت.
أيقظها من شرودها صوت طرق على الباب ففوجئت بملك أمامها أخيراً وبعد طول غياب.
ركضت نحوها محتضنة إياها بشوق وحنين كبير.
ابتسمت فريدة قائلة بعدم تصديق أخيراً رجعتي يا ملك بعد كل العذاب اللي كلنا عشناه.
بادلتها الإبتسامة قائلة يحب دي أسعد لحظة في حياتي رغم كل اللي عشته من غير كوا.
تذكرت كل ما لاقته من عاصي في غيابها، وما عانته بسبب مساعدتها لها في الهرب.
تمتمت فريدة بإحراج قائلة بارتباك أنا كل ما افتكر إني ساعدتك من البداية واتعذبتي من ساعتها احتقر نفسي أوي.
اسكنتها في الحال قائلة بصرامة اوعي تلومي نفسك ابدا أنا كنت السبب في كل اللي وصلته. صمنت توان معدودة قائلة: طب وسليم هتعملي ايه معاه دلوقتي متطلقي ولا هتكملي.
شردت ملك كثيراً ولم تجيبها، فأعادت عليها نفس السؤال.
شحب وجهها لهذا التساؤل ولم تدري بأي شيء ترد به عليها، فأولتها ظهرها باضطراب مرددة بتردد مش عارفه يا فريدة فكرت كثير في الموضوع ده بس مش قادرة اسيبه.
عقدت حاجبيها بدهشة هاتفه بها ليه حبتيه بعد كل اللي ضفتيه منه.
صمتت برهة تحدق بها بمشاعر غير مفهومة ثم تنهدت بضيق مضطرب قائلة بتوتر: كلمة حبيته دي بفكر فيها كثير وأن إزاي أحب إنسان متوحش بالطريقة دي.... بس كل اللي أقدر أقوله إن
سليم الغير أوي معايا وبالأخص من ساعة ما جميلة اتولدت.
زفرت بحيرة قائلة: طب واتكلمتي مع عاصي، اومات برأسها بالنفي.
أردفت تقول: طب وإذا رفض انك تبقى معام.... تطلعت إليها قائلة بثبات: مش بسهولة الكلام ده أنا خلاص مبقتش حرة نفسي أنا دلوقتي متجوزة.....
قاطعها صوت بارد رئیس عصابة مش كده هوا ده اللي انتي اتجوزتيه بسبب هروبك من هنا شوفي وصلتي نفسك لفين.
دافعت عن نفسها سريعاً قائلة: أنا فكرت غلط وقتها.... قاطعها مرة أخرى قائلاً بصرامة: الإنك كنتي لاغيه مخك، مفكرتيش غيابك على هيعمل ايه فيه ها.... أنا من ساعتها مبقتش عارف لا أنام ولا اشتغل كويس ربع الأول.
ادمعت عيونها بندم قاتلة برجاء انا آسفه يا أبيه على كل اللي عملته وإني كنت السبب في كل حاجه حصلت بعد كده.
أفرغ كل الغضب الذي يداخله عليها قائلاً: جايه بتأسفي على ايه ولا ايه اللي عملتيه ده مصيبة دمرتني قبل مدمرتك كل ده علشان كنت عايز مصلحتك وفي الآخر واقعني في طريق واحد
رئيس عصابة مبعرفش التفاهم غير بالمسدسات وبس.
انهمرت الدموع الغزيرة من عيونها مرددة بأسي: أرجوك يا أبيه سامحني أنا واثقة ومتأكدة إلي غلطت وأحدث جزائي في الآخر.
حدجها بنظرات حادة قائلاً بصرامة اسمعيني كويس في اللي هقوله.... انتي لازم تطلقي منه مفهوم هواده شرط مسامحتى ليك.
كل هذا يحدث ولم تستطع فريدة التحدث خشية من قسوته معها هي أيضاً.
تاركا وراءه قلقاً كبيراً منهم هما الإثنان، نظرت إليها منساء له بحذر ها هتعملى إيه دلوقتي
بكت هذه المرة مرددة بوجع: مش عارفه يا فريدة أنا تعبت.
دخل ابراهيم مكتب سليم الأنصاري داخل عمله الجديد، ابتسم لدى رؤيته قائلا: مبروك يا بوص على المكان الجديد.
بادله الإبتسامة قائلاً: الله يبارك فيك يا إبراهيم عجبك المكان الجديد.
هز رأسه بسعادة قائلاً: أكيد ربنا يفتحها عليك فيه ويمكن تكون بداية جديدة لحضرتك.
ضم شفتيه مفكراً مجيباً إياه: اتمنى زي ما يتقول وربنا يستر في اللي جاي.
عقد حاجبيه يترقب قائلاً: ليه بتقول كده يا بوص ما كل حاجه ماشيه تمام.
تنهد بهدوء قائلاً بشرود مش عارف يا إبراهيم أنا فلقان يمكن بس علشان شغل جديد وبس.
صمت قليلاً متذكراً وجه زوجته بالأمس وهي تبكي في الخفاء، وهو يعلم جيداً ما سر بكاؤها.
تطلع إليه باستغراب فهو يعلم جيداً من يكون وبأي شيء يفكر، إنه يعمل لديه منذ سنوات وأصبح مرافقاً إياه في كل مكان يذهب إليه.
لذا فهو يدري ما يشرد به الآن رد الآخر عليه يحذر هوا في حاجه حصلت وأنا معرفهاش.
هز رأسه بالنفي مرددا بهدوء: لا مفيش .... تم تذكر شيئاً تابع قوله : قلت لفتحي ييجي النهاردة ولا لا.
تنهد قائلاً: أه بلغته وقويه ويوصل .... جلس البوص خلف مكتبه قائلاً: تمام روح انت يا ابراهیم
ما أن الصرف حتى شرد مرة أخرى بملك وبكاؤها بالأمس، وعلى الرغم من ذلك حاول كثيراً أن يجعلها تبتسم.
تنهد بضيق شديد قائلاً لنفسه: عاصي أكيد السبب لكل ده أنا فاهمه كويس.
قاطع تفكيره دخول فتحي قائلاً: أهلا بالبوص مبروك عليك صافحه مبتسماً مردداً: الله يبارك
فيك اتفضل اقعد.
سأله بهدوء: تحب تشرب إيه، جلس الآخر على مقعداً خلفه قائلاً: مفيش لزوم بالا احكيلي عن
الشغل الجديد.
وجد عاصي غرفة ابنة عمه مفتوحة عندما كان ماراً من أمامها.
المحنه من الداخل فاحمر وجهها وارتدت حجابها على الفور، تمنت أن يتحدث معها لكنه أعدل
عن ذلك وأكمل طريقه إلى غرفته.
شعرت بالحزن يخيم على قلبها وهي تتأمل الخاتم التي ترتديه الذي أهداه لها.
هامسة لنفسها بشاعريه عقبال خاتم جوازنا یا عاصی
تذكرت بهيام عندما نطق بما في داخل قلبه عندما تحدث قائلاً: أنا خايف عليكي من نفسي.
هذا لم تدري بأن عيونها استحنته على استكمال كلماته التي أطربت قلبها كأنها في حديقة غناء.
بمفردها معه يبت لها شوقه إليها ... تنهد مردقاً بصوت مخنوق: أنا مش عارف أنام من كثر
التفكير فيكي يا فريدة.
احست بأنه سيغشى عليها من أثر سحر كلماته التي تسمعها لأول مرة.
لمعت عيونها من السعادة التي لم تشعر بها يوماً منذ وفاة أبوبها.
هامسة بعدم استيعاب أنا مش مصدقه اللي يسمعه منك دلوقتي.
اقترب منها أكثر حتى شعرت بدقات قلبه المتسارعة خامساً: كل السنين اللي عدت عليا معاكي
كنت يصارع نفسي وأقول مش هينفع ارتبط بيكي في يوم من الأيام.
شعرت باختناق قلبها الذي زادت خفقاته قائلة بغصة: ليه بتقول كده.
زفر بقوة وضيق مجيباً بعصبية بعض الشيء علشان فرق السن اللي بينا يا فريدة كنت خايف من رد فعلك.
ابتسمت بحزن قائلة: معقول بتفكر التفكير ده ليه مفهمتش مشاعري اللي كانت باينه من تصرفاتي.
تطلع إليها ببطء قائلاً: أنا كنت باخد بالي بس كنت بحارب نفسي.
ضمت قبضتيها قائلة بهدوء ظاهري أنا عمري ما فكرت في فرق العمر اللي بينا، إنت أكثر حد المفروض تكون فهمني.
وضع كفيه على كتفيها قائلاً بتأثر سامحيني با فريدة أنا كنت غلطان في حاجات كتير عملتها فيكي.
أغمضت أهدابها غير مصدقة أنه يطالبها بالسماح، كيف يفعل ذلك إنه حبيبها وأول من تفتحقلبها على حيه.
ردت يحفوت : أنا عمري ما زعلت منك لإن أكثر واحد فهماك كويس أوي..
ابتسم ابتسامه جذابة جعلت قلبها ينبض بعنف شديد هامسا بحب يعني خلاص مش زعلانه.
هزت راسها ببطء شديد نافية ما يقوله بخفوت استحالة أزعل من أعلى إنسان على قلبي.
تمنى في هذه اللحظة أن يضمها بين ذراعيه بيتها أشواقه إليها لكنه تراجع قائلاً بهدوء ظاهري: تصبحي على خير يا ديدة.
ما أن وصلت على ذكر اسم الدلع هذا حتى رقص قلبها من الفرحة فهذه أول مرة يقول لها ذلك.
وأفاقت على صوت يبحث عنها يخارج غرفتها ويقول بأعلى صوت لديه: إنت فين يا ديدة.
في اليوم التالي تفاجيء عاصي بدخول سليم الأنصاري داخل مكتبة.
قائلاً بهدوء: أسف على الإزعاج فاضي تتكلم شويه.
ضيق عيونه بحدة قائلاً بصرامة: إيه جاي تخالق ثاني يا ترى رجالتك فين دلوقتي، طبعاً تلاقيه تحت محاوطين مكتبي
زهر بنفاذ صبر: اسمعني يا بشمهندس أنا جاي المرادي مش علشان أي حاجه بدماغك أنا سبب
وجودي دلوقتي هوا ملك وبس
تجهم وجه عاصي بشدة عندما رأى سليم أمامه هاتفاً بحدة: حد أذللك تدخل.
ود أن يحدثه باسلوبه المعداد لكنه تذكر عيون زوجته الداعمة.
رد ببرود: بدون كلام كتير علشان عارف إن حضرتك مش فاضي... ليه بتزعل مراتي.
قال عبارته الأخيرة بنبرة صارمة يقصدها ... وبالأخص كلمة مراتي لم يريد نطق اسمها بل رددها هكذا حتى يوصل اليه انها ملك هو فقط.
ضيق الآخر حدقتيه قائلاً بضيق: والله أنا مزعلتش حد.
زفر سليم وهو يجلس أمامه هاتفاً بنبرة جافة يعني لما تنزل دموعها بسببك يبقى مضايقتهاش إزاي.
صمت قليلاً تم حدجه بنظره كره قائلاً بضيق: فعلاً أنا ضايقتها لمصلحتها.
ضم الآخر لتفتيه بسخرية هاتفاً بنبرة صارمة بس ملك بتعرف مصلحتها كويس.
هدر به بعنف: ملك متعرفش ولا هتفهم اللي عايشاه دلوقتي ولا اللي لسه هنعيشه معاك.
أمسك البوص أعصابه بقوة من أجلها قائلاً ببرود بشمهندس عاصي مراتي مبقتش صغيرة
وفاهمه مصلحتها كويس أوي.
شعر بالغيظ من أسلوبه المستفذ مقترباً منه بثورة هاتفاً: ملك قبل ما تكون مراتك هيه أختي اللي ربيتها وكبرتها وعلمتها وبعد كده عايزه تسيبني علشان واحد زيك رئيس عصابة ميعرفش غير القتل وشائل العصابات.
طال صمت سليم هذه المرة متظاهراً بالهدوء الخارجي متذكراً وجه زوجته فقط.
حتى يهدأ من طبعه تجاهل كل هذا قائلاً بلطف بس هيه بتحبني ومش مطلقها يا بشمهندس وحتى لو حيث تطلق مش هطلها ومتنساش كمان أن بينا جميلة بنتي ترضى لتحرم من مامتها وباباها يعيشوا مع بعض.
حدجه بغضب شديد قائلاً بصرامة على الأقل هتتربى بعيد عن شغل العصابات.
هب من المقعد بفتة هاتفاً بنفاذ صبر: والله أنا قلت اللي عندي وعمري ما ختحاى لا عن ملك
مراتي وحبيبتي ولا عن ينتي حبيبتي جميلة متشكر جدا على القهوة.
ما أن الصرف من مكانه حتى تجمدت قدمي عاصي كان الزمن قد توقف به.
أمسكت ملك بابنتها تتأمل محياها الذي على مسمى قائلة لنفسها بقلق: یا تری یا سلیم هتوصل لايه
ما أن توقفت عربته بالخارج حتى هرولت إلى النافذة، اضطريت لدى رؤيته يهبط من السيارة.
أوضعت ابنتها بفراشها قائلة لنهلة خلي بالك من جميلة لغاية ما أرجع.
هزت براسها مبتسمة قائلة ببراءة: هيه صاحبه... ابتسمت بود قائلة: أه يا حبيبتي يالا روحي
العبي جنبها.
تطلعت إليه باضطراب مرددة يتردد عملت ايه يا سليم
زفر بقوة وضيق مجيباً ولا حاجه... ضيقت حاجبيها بدهشة هاتفه بتساؤل: ولا حاجه إزاي
نظر إليها بشرود قائلاً: مقدرتش أقنعه ولا قدر يسيطر على رأيي يبقى النتيجة صفر صفر.
ابتلعت ريقها بصعوبة قائلة : طب والعمل إيه دلوقتي.
حدجها بنظرات طمئنينة محتضناً إياها بحب قائلاً بهدوء: مش عايزك تقلقي خالص أنا محل الموضوع وقبل ما عقلك يروح لبعيد اطمني يا قلبي أنا خلاص مبقتش في الأول وبحلول مع الوقت أتغير.
رفعت بصرها إليه قائلة بعدم تصديق : يعني خلاص يا سليم مش هتشتغل شغل العصابات ده ثاني.
ابتسم بجانب شفتيه قائلاً: انتي شايفه إيه دلوقتي.
امسكت بوجهه بين كفيها قائلة بخفوت شايفه أحسن زوج واقف قدامي... وأحن أب على بنته. سعد البوص بهذه الكلمات البسيطة قائلاً: يبقى طالما كده بقى تعالى بكره معايا أفرجك على شغلي الجديد.
تهلل محياها قائلة بفرحة عارمة يجد يا سليم هتبدأ من الصفر.
ضحك قائلاً: من الصفر بس نصر نصها إيه رأيك بقى بالمفاجاه دي.
احتضنته هاتفه بسعادة قائلة: دي أحلى وأجمل مفاجأة يا حبيبي وأهم حاجه إنا هناكل من مال حلال مش كده.
تنهد قائلاً بثقة أكيد طبعاً انا استحالة أوكل بنتي من مال حرام.
تنهدت بارتياح كبير قائلة: أرجوك يا سليم اوعى ترجع للي كنت فيه الأول.
تأمل عيونها وأهدابها الطويلة قائلاً بهمس: ملوكه حبيبتي طول ما انتي معايا عمري ما هرجع
الشغل العصابات ده ثاني أبداً.
صمتت تتفحصه بنظرات لم يفهمها هذه المرة مرددة بعد برهة: سليم ممكن اسألك سؤال دايماً بيلح عليا.
اوما برأسه باستغراب قائلاً: طبعاً يا عمري إسألي أي سؤال يخطر على بالك.
اغمضت اهدابها تحاول سيطرتها على مشاعر الخوف منه.
قائلة بخفوت حذر هوا جوازنا صحيح ولا مزيف يا سليم.
اتسعت حدقتيه بصدمة كبيرة مجيباً بضيق: انتي سألتيني قبل كده السؤال ده.
تنهدت بعدم ارتباح قائلة: أه بس مجاوبتنيش وقتها وسيبتني اتخبط في أفكاري.
أمسك بكفها بين راحتيه متأملا تلك العيون الواسعة التي خليت ليه من قبل.
وذلك الوجه الذي جعلها أسيرته بتلك الليلة الذي التقى بها بظروف غامضة.
قائلاً بهدوء: بصراحة في الأول فكرت باننا نعيش كده مع بعض من غير جواز وساعتها انتي
مرضتيش وأنا عمري ما فكرت بالجواز.
صمت وهو يراقب محياها الشاحب بتمعن ثم تابع قوله: لكن بعدها فكرت إن ليه متجوز كيش عرفي أو زواج مزيف.
بس أنا اخترت العرفي وجيبت مأذون يمثل قدامك إنه جواز شرعي.
امتعض محياها أكثر قائلة بعدم تصديق يعني ايتن مكنتش بتكدب.
اندهش من كلماتها فإنه لم يكن يعلم بأنها أنت واخبرتها بذلك.
فرفر باستسلام وهز الكون بالايجاب قائلاً: كاديت ومكدبتش.
حدجته بتساؤل قائلة بذهول يعني إيه الكلام ده.
أخذها من يدها وأجلسها بجواره على الفراش متمسكاً بيدها قائلاً يتردد: في الأول بس كان جوازنا عرفي لكن بعدها أنا على طول وتقته علشان يبقى جوازنا رسمي.
اتسعت مقلتيها على آخرهما غير مصدقة ما تفوه به، لذا هيت من مكانها.
قائلة بانزعاج يعنى كنت بتضحك عليا فعلاً.
زقر بقوة قائلاً بهدوء: اسمعيني كويس يا ملك انا الأول مكنتش عايز اتجوز ولا أطفال ولا أشيل مسئولية خالص علشان كده قلت لنفسي اتجوزها كام يوم وأطلقها.
انزعجت من كلماته المهيئة والصراحة للغاية، الهمرت عبراتها تشعر باختناق قلبها المصدوم
وقف أمامها شاعراً بأنه اخطأ بالفعل منذ البداية وعليه أن يصلح كل شيء.
اتي ليتحدث أشارت إليه بالصمت قائلة بياس: انت إزاي هنت عليك تعمل فيه كده ها.
ضم شفتيه مفكراً كيف يقنعها بما يشعر به هو الآخر وما حدث معه حول مشاعره للغاية نحوها..
قائلاً برجاء: أنا عارف إني كنت غلطان يا ملك بس أحلفلك بإيه إن مردتش أقرب منك غير لما وثقته الأول.
لمعت دموعها داخل مقلتيها هاتفه سليم انت عارف أنا كنت في الفترة دي كنت عايشة إزاي......
قاطعها وهو يقوم باحتضانها بين ذراعيه شاعراً بحزنها الداخلي.
قائلاً: بلاش عذاب دلوقتي ارجوكي يا ملك أنا أسف على كل دمعة نزلت من عينيكي وعلى كل ألم حسيتي بيه ...
ودت لو ابتعدت عن ذراعيه لكن هناك شيئاً بقلبها يريد أن يظل هكذا دائماً.
قائلة بحزن أرجوك يا سليم متزعلنيش ثاني أنا اتجرحت منك كثير أوي يكفي حياتي اللي اتحولت الرعب من ساعة ما شفتاك.
تطلع اليها بنظرات حب وامتنان قائلاً بحنان اذا انكتبلي اقابلك في ظروف مش كويسه علشان اتغير من جوايا وابقى إنسان جديد على ايدك يا عمري.
بوغنت فريدة بوجود عبوة كبيرة من الكرتون أنت خصيصاً لأجلها دون سابق إنذار بحجرتها.
اندهشت من شكلها متساءلة لنفسها بذهول مين اللي بعتها وعلية إيه دي.
أقبلت بسعادة نحوها وفتحتها وجدت بداخلها فستان رائع الجمال بمعنى الكلمة.
لونه أسود وكأنه صمم خصيصاً لها، أمسكته بإعجاب شديد قاتلة بفرحة الله فستان روعة ده أكيد عاصي اللي جاييه.
صدر صوتاً من خلفها قائلاً بهدوه ها إيه رأيك.
التفتت خلفها على صوته المميز قائلة بلهفة فستان جميل أوي أوي يا أبيه.
اقترب منها سعيداً من أجلها قائلاً يهدوء ظاهري مش قلنا بلاش كلمة أبيه دي تاني مرة.
توترت قليلاً ثم أطرقت برأسها أرضاً هامسة بأسف أصل لسه ما تعودتش.....
زفر بعمق مقترباً منها أكثر واضعاً أنامله تحت دقتها رفعت بصرها إليه ودقات قلبها تنبض سريعاً فها هي تحقق أحلام عشقها الأبدي.
تأملهما بمزيج من الحنان والحب، وانفاسه تلفح محياها يريد أن يأخذها إلى عالمه، لا يوجد به سوى الخيال والحب الوردي الذي طالما حلم به معها.
قائلاً بخفوت فريدة أنا حاسس إلى يحلم وإن كل حاجه انا تمنتها معاكي بتحصل كنت خايف من رد فعلك لما تعرفي اني بحبك وترفضي حبي ده.
هزت رأسها ببطء نافية كلماته الأخيرة وأنفاسها تتسارع.
قائلة بخجل: أنا مقدرش أعمل كده لأكثر إنسان حبيته في حياتي أنا مكنتش شايفه غيرك
ابتسم ابتسامه جعلتها تشرد به بمشاعر ورديه بين الواقع والخيال.
تمعن بوجهها غير مصدق ما تقوله مردداً بحب يعني خلاص مسامحاني على معاملتي ليكي
طول السنين دي.
احمرت وجنتيها من الحياء ثم اومأت برأسها مبتسمة قائلة بخفوت: أكيد طبعاً أنا عمري ما زعلت منك ... لإن عارفه ومتأكدة إنك عامل على مصلحتي وإن في الآخر مش بهون عليك.
كاد أن يضمها بين ذراعيه شاعراً بكل ما نطقته الآن سعيداً بحبها وعشقها إليه، قائلاً بهمس: تتجوزيني يا ديدة.
رقص قلبها من فرحتها بتلك العبارة التي تمنتها وحلمت بها منذ أن علمت أن مشاعرها نحوه.
أكثر من الحب بل هو العشق وبأن حلمها الوري سوف يتحقق أخيراً أمام أعينها.
حدقت به بعبون فرحه ووجدت نفسها تتعلق برقبته مثلما كانت تفعل وهي صغيره فضمها يحب و بحنان دافق بين ذراعيه
هائماً معها في عالم خاص بهما فقط فعلم إجابتها من أسلوبها الطفولي هذا.
مردفاً بمشاعر مختلفة كنت مستني اللحظة دي من وانتي صغيرة يا أميرة قلبي أنا يالا البسيه بقى خلينا نخرج سواء
أغمضت أهدابها تحاول أن تتظاهر بالتماسك أمام مشاعره الجياشة، ابتعدت عنه بخجل قائلة بتساؤل: هنروح فين
تأملها للحظة مبتسماً مردداً: يالا وانتي هتعرفي بعدين.
مر أسبوعان وتمت خطبة عاصي وفريدة بعد أن أخذها في ذلك اليوم واشترى لها ما أرادته من ذهب
حضرت ملك وزوجها هذه المناسبة على مضض من عاصي بعد أن رجته فريدة من أجل ابنة عمها.
وأن يقتلع عن قرار انفصالها عن سليم والا لن توافق على موعد الخطبة ووضعت جميلة بوسط كلماتها حتى يقتنع بذلك.
فوافق بعد عدة أيام من إتياته بالشبكة
حضر بعض المدعوين القلائل الحفل، وسط فرحة الجميع.
اثناء عودة البوص وملك بالطريق سألته قائلة بهدوء: ممكن اعرف ليه ليستني النقاب فجأة وأصريت عليه.
تنهد وهو يقود عربته قائلاً: ليستهولك لسببين أولاً كنت خايف عليكي من اعدائي اللي من ساعة ما شفوكي مسبونيش في حالي، وثانيا بقى وده الأهم من غيرتي عليكي ازاي أخلي واحده في جمالك أي حد يشوفها وبالذات كنت خايف من عاصي بشوفك صدقة.
ابتسمت له يحب قائلة بخفوت: يعني من البداية كنت بتحبني بادلها ابتسامتها قائلاً بلهفة: في
حد يشوف الجمال ده كله وميقعش في حبك.
حدقت به بذهول فكيف لهذا الرجل رئيس العصابة أن يتحول إلى كل هذا التغيير.
وصلت السيارة أمام الفيلا وعنده وجد آخر شخص ود رؤيته بتلك اللحظات مستنداً بظهره إلى سيارته.
عاقداً ذراعيه أمام صدره كأنه ينتظره منذ وقت طويل.
تحمد سليم بداخل سيارته وأحلامه انهارت أمام عيناه بغتة مع ظهور هذا الشخص الذي لم يتمنى رؤيته يوماً.
وبالأخص بعد أن تغير إلى الأفضل، عقدت حاجبيها بقلق : مالك يا سليم مش هنزل.
هز راسه بالنفي مردداً بجمود لا خليكي هنا وأنا بس اللي هنزل.
قدمت من موقفه وكادت أن تسأله عن السبب، لكنه لم يعطيها فرصة لذلك.
يبدو أن الرجل الآخر تظاهر بالصبر إلى أن ترجل البوص من سيارته مغلقاً الباب خلفه.
هاتفاً بسخرية: أهلاً أهلاً بالبوص ولا تحب أجولك الدكتور سليم الأنصاري.
زفر بقوة وغيظ قائلاً بجفاء تقدر تقولي جاي ليه دلوقتي.
اقترب منه عاقداً حاجبيها بتفكير: أظن اكده انك عارف السبب لكن هجولك عارف جد ايه أنا
صابر عليك.
ضيق عيونه بحدة قائلاً بصرامة: عارف يجالك كتير أوي مستني إن أقع تحت إيدك.
رفع جانب شفتيه مبتسماً بسخرية هاتفاً بنبرة جافة صوح أكده ويجالي أربع سنين مستني
سقوطك بين ايديه وبالدليل ... وادي الدليل أهوه.
صعق البوص من قوله وشاهد ما أشار إليه هذا الشخص.
فوجد ابراهيم واقفاً بجوار سور الفيلا قائلاً بهدوء ظاهری: آسف يا بوص.
انفعل سليم مع صدمته بذراعه الأيمن قائلاً بعصبية بقى انت تبعني يا إبراهيم بالسهولة دي.
لم يتقوه بأي حرف بتلك اللحظات العصيبة، وقاطعه وقوف ملك بالقرب منه.
تستمع لتلك الكلمات الأخيرة غير المفهومة لها.
تحدث هذا الشخص قائلاً: تحب تعرف مرتك على كل حاجه دلوك ولا تعرف بعدين.
هاتف بها بحدة إدخلي جوا يا ملك بسرعة.
كادت أن ترد عليه لكن غضبه أقلقها فسارعت إلى الهروب من أمامه.
وقفت بالنافذة تتابع ما يحدث وقلبها يرفض ما يحدث.
تحدث جلال بصرامة ياريت يجي تمشي معايا من سكات و بدون شوشره.
استسلم لكل ما يحدث أمامه وبالأخص بعد خيانة ابراهيم له.
قائلاً بهدوء ظاهري: هاجي معاك بعد ما أقول لمراتي كلمتين وراجع ثاني.
اوماً برأسه بالإيجاب قائلاً: تمام هستناك هنا بس اوعاك عجلك يوزك وتفكر تهرب هجيبك بردك
وجدته أمامها من جديد قائلة بخفوت: في ايه يا سليم.
تحدث سريعاً قائلاً: اسمعي كل اللي هقوله وتنفذيه بالحرف الواحد بدون مجادلة.
أول حاجة هتعمليها متاخدي جميلة ونهلة وتمشي من هنا بسرعة خلي عاصي ييجي ياخدك عنه لغاية ما أرجع.
سألته بلهفة هترجع منين طمني ... أجابها بحزن: أكيد هتحبس ومش عارف أد إيه.
هتفت بجزع يعني اللي بيكلمك ده تبع، قاطعها بحدة: أيوة حكومة ولازم تعملي اللي قولتلك عليه أشوفك على خير.
انهارت بالبكاء قائلة يحزن متسبنيش يا سليم أرجوك دنا ما صدقت إن هيبقي ليه بيت وعيلة وجميلة لما تكبر هقولها إيه.
أمسك دموعه عن الهبوط هو الآخر قائلاً بصرامة: قوليلها أي حاجه بس اوعي تشوهي صورتي قدامها خليها تفكر أي حلوه في خيالها.
الفت ينفسها على صدره باكية بحرقة قائلة بلوعة: أرجوك يا سليم متسبنيش مش هعرف أعيش من غيرك أنا خلاص اتعودت عليك بكل عيوبك.
ابعدها عنه بقسوة قائلاً بغلظة: اوعي تقولي كده التي مش ضعيفة اللي تهرب من أخوها وتواجه كل حاجه لوحدها متكنش ضعيفة أبداً سامعاني بالا زي ما قلتلك اعملي ، أنا لازم أمشي دلوقتي لان ده مصير أي حد يمشي في نفس الطريق اللي مشيت فيه.
هرب من أمامها وسقطت أرضاً وقلبها يصرخ بلوعة من أجله قائلة بنيرة عالية: سليم متمشيش وتسييني ارجوك
بتلك الليلة عادت إلى حجرتها القديمة واستقبلتها فريدة يحزن عميق.
واستها قائلة: إن شاء الله هتعدي كل حاجه على خير بكت بحرقة قائلة: مش قادرة يا فريدة أنا تعبانة اوى حاسه اني في كابوس ومش راضي يخلص.
احتضنتها قائلة: متقلقيش أنا معاكي وكمان عاصي وهتعيشوا معانا ومش هينقصكم أي حاجه.
هتفت من وسط دموعها هينقصني سليم يا فريدة هينقصني حته من قلبي ضاعت مني.
أحزنتها كلماتها قائلة: حاولي تهدي على أن ما تقدري إذا مكنش علشانك يبقى علشان جميلة وسهلة ميحسوس بأي حاجه.
وقف عاصي يراقب ما يحدث أمامه بجوار حافة الباب قائلاً لنفسه بإصرار: متخافيش يا ملك أنا معاكي ومش متخلى عنك ابداً.
تقرر حبس سليم ومعه إبراهيم خمس سنوات بعد أن تم خفض العقوبة.
بعد أن قام بالإرشاد اثناء التحقيق عن بعض المتورطين معه بتلك الجرائم فقررت المحكمة تخفيف العقوبة عنه.
داومت ملك على زيارته خلال تلك الفترة وكل مرة تستقبله بدموعها قائلة: هستناك يا سليم ومش هنخلى عنك أبداً.
أمسك بيدها قائلاً بهدوء مفتعل خلي بالك من نفسك وابقي بوسيلي جميلة وسلميلي على نهلة.
لم يستطع الجلوس معها أكثر من ذلك إذ شعر بان صورته أمامها اهتزت لذا قال لها يحمود: ملك
دي اخر زيارة تاجيها هيه كام سنة ومطلع متقلقيش عليا.
بهت وجهها قائلة بصدمة سليم انت بتقول إيه أنا مش هقدر ما أشوفكش كل السنين دي.
هب من مكانه قائلاً بصرامة: الزيارة انتهت.
قاطعته قائلة بحزن : سليم.... أولاها ظهره قائلاً بقسوة: قلتلك الزيارة انتهت.
اضطرت أن تهرب من أمامه بعد أن تركها مغادراً المكان.
وقف عاصي بالتظارها بالخارج وأخذها بين ذراعيه بيتها طمأنته وحنانه عليها قائلاً بود. امسحي دموعك كل به هيعدي باذن الله وهتفتكريه وهيصبح ذكرى مع الوقت.
مرت الأيام والسنين على ملك كأنها لم تنتهي أبدأ اليوم نفسه كانه بسته.
وتزوج عاصي من فريدة منذ سنة واحدة، كان زفافاً لم يحضره إلا المقربين فقط.
اثناء ذلك كبرت ابنتها وأصبحت تسألها بين كل فترة وأخرى عن والدها أين هو لم تراه إلى الآن.
مرة تخبرها بأنه مشغول وتارة أخرى تبلغها بأنه سافر خارج البلاد.
وكلما يحدث ذلك يخترق الحزن قلبها اكثر واكثر إلى أن أبلغها شقيقها بأنه سيخرج من الحبس
تهلل محياها من الفرحة قائلة بعدم تصديق يجد يا أبيه.
احتضنها قائلاً: طبعاً أنا عمري كديت عليكي قبل كده..
وقفت بانتظار زوجها أمام القسم بالخارج، رفعت بصرها بغتة وجدته مقبلاً صوبها وهو يركض.
لم تصدق عيونها وهي تراه أمامها بعد طول انتظار هرولت نحوه ملقبه بنفسها بين ذراعيه شاعرة بالأمان من جديد.
قائلة بسعادة سليم أخيرا رجعتلي يا حبيبي ضمها بين ذراعيه القويين رافعاً إياها بشوق وحلين من على الأرض.
قائلاً باشتياق: ملوكه حبيبتي وحشتيني أوي أوي يا عمري.
ضمته إليها قائلة بحب وانت كمان با سلیم متعرفش السنين دي مرت عليا إزاي.
تنهد بارتياح لأول مرة منذ خمس سنوات مردداً بخفوت أنا مش مصدق إنك قدامي أخيراً بعد الحياة السودة اللي كنت عايشها.
ابتسمت له قائلة بسعادة غامرة بالا بينا بسرعة جميلة مستنياك.
ركب بجوارها داخل سيارة شقيقها التي قادتها هي مردفة: أنا عارفة انك أكيد تعبان عشان كده أنا اللي مسوق.
وضع كفه على وجهها قائلاً: طب يالا بينا علشان تحكيلي عنك وعن جميلة وعن نهلة.
وصلت إلى الفيلا الخاصة به بعد أن حافظت عليها طوال الوقت.
وجدت الجميع بانتظارها حتى فتحي وزوجته وأولاده وعاصي وزوجته بانتظارها وكانت مفاجأة كبيرة له.
سعد وبالأخص رؤيته لابنته وتهله ابنة شقيقه التي كبرت وأصبحت ناضجة عن ذي قبل.
بعدها بأسبوع أخذها مكان هادئ واعترف لها بأشياء لم تكن تعلم عنها أي شيء منذ البداية.
قائلاً بهدوء ظاهري ملك أنا عايز اعترف لك بحاجات متعرفهاش عني والسبب اللي وصلني
تمعنت بوجهه باهتمام بالغ دون أن ترد عليه تاركة له الحديث التي تمنت أن تسمعه منه.
امسك يكفيها بين قبضتيه قائلاً بهدوء ظاهري: أنا اتولدت في بيت كان كويس وظروفه كويسه لكن كان ليه أخ وأخت وأنا كنت أصغرهم.
وكان أخويا دايماً يعملي مشاكل في كل مكان في البيت والمدرسة وكنت دائما من الأوائل حتى إني دخلت كلية الطب بجامعة القاهرة.
وبعد كده اتخرجت واتخصصت بالجراحة، صمت برهة يراقب محياها الذي بهت من أثر حديثه عليها.
تابع كلماته قائلاً بهدوء مفتعل في الوقت ده اخويا عثمان كان عايزني أفضل بأي طريقة لإنه اتخرجت من كلية عادية وأنا لا، بس أنا نجحت خلال فترة بسيطة بعدها بسنة بالظبط عملت
عملية لواحد نزف ومعرفتش أوقف النزيف وكان محتاج نقل دم.
في اليوم ده عرف أخويا بكده دخل وسرق كل الدم اللي كان موجود بالمستشفى بحيلة منه مع ممرضه من عينته.
فا طبعاً المريض توفى وهنا العقدت وأهل المريض شايلوني الذنب كله.
وشكوني لكذا حد فا توقفت واتحقق معايا فالممرضة وقتها اتهمتني بإن أنا بسرقة الدم اللي موجود ويبيعه أحد من خارج المستشفى.
توقفت الكلمات بداخل حلقه بسبب انهيار ملك أمامه قائلة بعدم استيعاب: يعني انت دكتور يا سليم ومعرفش كل الوقت ده.
زفر بقوة وضيق قائلاً: آسف يا حبيبتي مقدرتش أبلغك طول الفترة دي وانتظرت لغاية ما أخرج من تالي.
أغتضت عيونها مرددة بأسي: معقول فيه كده، تنهد يضيق شديد قائلاً: أكيد وبعدها سمعتي الدمرت على الآخر وبقى المرضى بقى بيخافوا مني.
ورقدوني من شغلي ظلم ففتحت عيادة بقى بردو يشوه في صورتي قدام الناس.
اتخنقت وقفلتها من تالي وبعدها حياتي كلها الدمرت على الآخر وخصوصاً إن أختي الوحيدة اتوفت بسبب نزاعي وخلفاتي مع عثمان.
كل ده أثر عليه واتجهت للي كنتي بتشوفيه ده وقيت زعيم عصابة.
ودخلت وسيطرت على عثمان ووقفت حاله في نفس الطريق الغلط اللي مشيت فيه.
وبقيت أشهر منه ووصل به الحال أنه اتسجن قبلي وأنا اللي كنت السبب... علشان كده أخدت نهلة منه علشان تتربى بعيد عنه ومتعش الحياة السودة اللي كان هيعيتها فيه.
امسکت بیده بتأثر صدمتها اعترافاته الكثيرة فكيف هان عليه قائلة يحزن انت اتظلمت كثير يا سليم وأنا مش هسيبك وهتبدأ من جديد وأنا معاك.
ابتسم ابتسامه جذابة جعلت قلبها يرفرف من السعادة قائلاً بحب ده وعد يا ملوکه مش هتتخلي عني ابدا.
اومات برأسها مبتسمة قائلة بخفوت استحالة اتخلى عنك ولا اقدر اسيبك ايدي في ايديك. هنبني حياتنا من جديد.
احتضنها بحب وعشق هامساً بهيام بحبك يا ملوكه وعمري ما هيعدك على ثاني أبدأ
ابتسمت بسعادة كبيرة أخيراً تحقق حلمها برجوعه إليها من جديد وسوف تعاهده بأن تعيش معه وتبدأ حياة وصفحة جديدة معه ومع ابنتهما الوحيدة جميلة.
تمت بحمد الله