رواية مع وقف التنفيذ الفصل الواحد والثلاثون
عانق فارس عمرو وريت على ظهره مطمئنًا وأجلسه وجلس بجانبه ممسكاً بذراعه وهو يقول :
متخافش يا عمرو إن شاء الله متطلع منها .. أحكيلي كل حاجة حصلت معالم وازاى حتة الآثار دي دخلت شنطتك ؟!
استند عمرو براسه بين كفيه وهو يهزها نفيا
مش عارف با فارس مش عارف
تم رفع رأسه إليه وقد بدا في عينيه الرجاء وهو يقول :
أنت مصدقنى يا فارس مش كده .. أنت مصدق ان ماليش دعوه بالحاجات دى ولا اعرفها
أمسك فارس ذراعه وهو يشد عليه مطمئناً ويقول :
صدقك طبعاً يا عمرو ... أنت صاحبي واخويا وأنا عارفك كويس ... بس براحة كده علشان تقیم ازاي ده حصل ... أحكيلي كل حاجة ... في حد في شغلك مضايق منك ولا بيكرهك ؟
ضرب عمرو كفيه في بعضهما البعض وهو يقول :
انا دماغي متشتته يا فارس مش عارف أجمع أي حاجة ... أنا علاقتي بزمايلي في الشغل علاقة
كويسة أوي ...
تم تنبه فجأة وهو يقول بإضطراب :
- يمكن بس واحد هو اللى كان بيكرهني في الأول بس من فترة كده بقى كويس معايا خالص وبقينا اصحاب
عقد فارس بين حاجبيه وقال مكررا :
مين ده وكان بيكرهك ليه وبقى كويس معاك من أمنى بالظبط ؟
مسح عمرو وجهه بيديه بقوة ناقضاً عن نفسه التشتت الذي يشعر به وقال :
بص يا فارس أنا هحكيلك كل حاجة بس الكلام ده يبقى بينا وبين بعض علشان الكلام
ما يوصلش نمراتي باي حال من الاحوال ...
أوما فارس برأسه وهو يشعر أن المشكلة أكبر مما كان يظن ... مال عمرو للأمام مستندأ على قدميه وبدأ يقص على فارس ما حدث له في هذه الشركة منذ أول لحظة وطأت قدمه فيها وحتى هذه اللحظة كان فارس يستمع إليه مشدوها مما يقول ... كيف تكون المهندسة إلهام بهذه الأخلاق وهي أخت الدكتور حمدى !!.. الرجل الذي لا يقبل قضية مشبوهة أبدًا ومبادئه غير قابلة للمساومة أو التجزئة ... ما هذه العائلة الغربية التي المرفق بالدكتور حمدى الايكفي في عائلته شخص مثل باسم ابن خالته ليصبح إلهام أخته أيضًا بهذا الانحدار الأخلاقي الذميم ...
أنتهى عمرو من سرد قصته على فارس الذي تمتم بحيرة :
سبحان الملك .. سيدنا نوح كان نبي وابنه كان كافر وسيدنا ابراهيم كان نبي وابوه كان مشرك بالله يبقى مقررًا مستغريش من اللي يسمعه ده ....
ثم نظر إلى عمرو بريبة وهو يقول :
علشان كده اهتمت أنها تطلعك بسرعة انت لوحدك وقالتلك أن دنيا هي اللي قدمت البلاغ
ضدنا مش كده ؟
قرأ عمرو الشك في عيني فارس فقال مدافعاً عن نفسه:
متفهمنيش غلط یا فارس ... أنا متجاوبتش معاها أبداً في أي حاجة أنت عارف أنا بحب مراتي قد أيه ومن ممكن اخونها
فارس
ولما هي الحكاية كده يا عمرو ليه وافقت أنك تكمل شغل معاها وتسافر تشتغل مشروع كبير زی ده لشركتها .. وكمان مع نادر اللى انت عارف كويس انه بيكرهك وعاوز بأذيك
قال عمرو مطرقا براسه :
دی غلطتي الوحيدة يا فارس ... واللى انا معترف بيها ... بصراحة أنا كنت مصمم على الاستقالة علشان أبعد عن أي مصدر الفتن لكن لما لقيت نفسى هشتغل بعيد عنها وكمان الشغل هيجيب مبلغ كويس اقدر ابدا بیه حیاتی طاوعت نفسي وقلت وماله وياريتني ما كنت وافقت
وضع فارس يده على قدمه مشجعاً وقال :
أحكيلي بقى بالراحة كده ايه اللى حصل من امبارح النهاردة
مسح عمرو على شعره ثم قال بتركيز يحاول أن يتذكر كل شيء وقال :
أنا المفروض كنت هاجي يوم الخميس بالليل ... بس طبعا زي ما قلتلك نادر كان صلح علاقته بيا من أسبوع تقريبا وبقينا اصحاب ... قابلني يوم الخميس وقالي انه مضطر يرجع القاهرة علشان ظروف في البيت عنده وهيجيلي الجمعة على بعد الظهر كده ويستلم هو الشغل مكاني واسافر أنا الجمعة بعد الظهر .. أنا طبعا كنت عارف أن كتب كتابك هيبقى بعد العشا فقلت ملحق مفيش مشكلة .. وفعلا نادر سافر يوم الخميس بالليل ... جهزت انا شنطتي بالليل والصبح خدتها معايا الموقع وحطيتها في كشك الراحة بتاع المهندسين اللي ينتغدى فيه في مكان الموقع .... وقلت علشان أول ما نادر يرجع أخد الشنطة وامشى على طول من بره بره .. وفعلا جالي في معادة بعد الظهر على طول وحدت الشنطة وركبت السوبر جيت ... وانا جاي في الطريق طلعت حملة تفتيش عادية بس حسيت انهم بيدوروا عليا انا بالذات لأنهم اهتموا أوى يشتطني ولقيتهم مطلعين منها تمثال صغير شكله كده فرعونی مش عارف دخل شنطتی ازای یا فارس .. ومن ساعتها وانا هنا ..
عاد فارس إلى بيته قبيل الفجر بوقت قليل وهو يحمل هم الدنيا فوق رأسه حزناً على صديق عمره ورفيق دربه .. كيف سيخرجه من هذه الورطة فهو لم يعمل في مثل هذه القضايا من قبل ولكن كلام عمرو وحديثه أشعراه بأن نادر هو الفاعل هو من وضع قطعة الآثار في حقيبة عمرو الخاصة عندما تركها عمرو في مكان استراحة المهندسين أثناء العمل فالقاعدة تقول إذا أردت أن تؤذي أحدا فاقترب منه واكتسب ثقته التعلم عنه ما يستحيل عليك أن تعلمه وأنت عدوه ....
من الواضح أن نادر هو من قام بترتيب كل شيء ليوقع عمرو فيما وقع فيه ... استلقى فارس على فراشه بعد أن أبدل ملابسه ... نظر إلى ساعة الحائط أمامه وزفر يضيق وهو يقول يحقق :
طبعا زمانها نامت مش معقول تفضل صاحبة لحد دلوقتي
سمع طرقاً خفيفاً على باب غرفتة فالتفت تجاه الباب وقال :
- أتفضلي يا أمي
فتحت والدته الباب ودلفت وقد بلغ القلق منها مبلغه .. أعتدل على فراشه فاقتربت منه وجلست بجواره قائلة :
عمرو عامل ايه يا بني طمني عليه
قال وهو يومي - برأسه مطمئناً :
- متقلقيش عليه يا ماما عمرو كويس و موضوعه ده إن شاء الله يخلص على خير .. زمان والده وأخوه روحوا البيت وطمنوا مراته وامه عليه
قالت والدته بأسي :
دی مرانه یا عینی قطعت نفسها من العياط عليه وفين وفين لحد ما أمها هدتها وعرفت تاخدها معاها البيت ... وكلنا روحنا معاها حتى مهرة ..
التفت فارس إلى والدته وقال متسائلاً بالفعال :
ومهرة نزلت بقى بفستان الفرح كده في الشارع
هزت رأسها نفياً وأردفت قائلة:
مهرة برضة هنعمل كده يا فارس ... بی غیرت هدومها يا عيني وفضلت مع عزة لحد ما هديت
ورجعنا كلنا من عندها من ساعة كده .. وفضلت واقفه جانبي لحد ما اتصلت بيك وانت قلتلي
انك جاي في السكة .
وجدت الابتسامة طريقها أخيراً إلى شفتيه وهو يتسائل:
تفتکری زمانها نامت ؟
قالت بحيرة :
ملی عارفه يابني
ثم ربنت على قدمه قائلة:
عموما انت كمان شكلك تعبان أوى ... نام دلوقتي والصباح رباح
أوما برأسه موافقاً لها فتركته و نهضت و فتحت باب غرفته و خرجت وهو يتتبعها بعينيه الحائرتين .. يريد أن يتحدث معها على الأقل في الهاتف ولكن يخشى أن تكون قد نامت فيوقظها ويقلقها بعد كل هذا العناء الذي عايشوه في يومهم هذا .
لم يستطع النوم الململ في الفراش كثيراً دون جدوى، نهض منه وجلس على طرفه وهو يفكر في يوم عقد قرانه الذي انتهى بهذا الشكل المأساوي ... تركها وذهب دون أن ينظر لها نظرة واحدة .
نهض من فراشه ووقف أمام الفراش وهو يمسح على شعره متردداً .. هل يجازف أم ينتظر للغد ولكن في الصباح سينطلق إلى عمرو مرة أخرى وبالتالي فلن يراها أيضا إلا إذا سمحت له الظروف في المساء .. زفر بقوة واتجه إلى النافذة يفتحها ويستنشق الهواء بقوة لعله يتخلص من التردد الذي اعتمل بصدره .. كان الشارع مظلماً إلا من بقعة صغيرة أمامه تعكس ضوء الغرفة علوية ... نظر للأعلى وقلبه قد استعاد الأمل من جديد فتأكد أن غرفتها هي مصدر الضوء .. تيقن من كونها مازالت مستيقظة... أتجه فوراً باتجاه مكتبه وأخذ هاتفه النقال من فوقه وطلب رقمها الخاص بشوق كبير .
أغلقت الكتاب التي كانت تقرأ فيه والتفتت إلى الهاتف الذي تضيء شاشته باسمه و يهتز مع انتفاضة قلبها ، لا تعلم أيهما أسرع وأقوى ... تناولت الهاتف بابتسامة كبيرة فهذه هي المرة الأولى التي سيتحدث معها بعد أن أصبحت زوجته ... ظلت تنظر للهاتف بتوتر شديد والعرق يتصبب من جبهتها على استحياء وقليها يقفر بجنون يكاد يخرج من حلقها، وفجأة توقف الرنين وأظلمت الشاشة مرة أخرى كما أظلمت الابتسامة التي كانت تثير تغرها منذ قليل ...
حاولت أن تهاتفه هي ولكنها شعرت بخجل شديد وامتنعت عن ذلك واكتفت أن ترسل له رسالة صغيرة تقول فيها :
- أنا صاحية
بعد ثوان وجدت الهاتف يعلن أسمه بأصرار من جديد ... تنفست بعمق وابتلعت ريقها وضغطت زر موافق, وضعت الهاتف على أذنها باضطراب شديد فسمعت صوت أنفاسه المشتاقة، وتسلل صوته الحالي بهدوء وخفوت إلى أذنها ومنه إلى قلبها وهو يقول :
- صحيتك ؟؟
هزت رأسها نفياً كانه يراها وحاولت أن تخرج صوتها بصعوبة فقالت بصوت مبحوحاً :
لا تمانش
أبتسم وهو يستمع لصوتها الذي غلقه الخجل فخرج مضطرباً وقال :
كنت بتعملي ايه
مضت تبحث عن حروفها فلم تجدها تبعثرت وتاهت في سماء صوته الرحيم .. أعاد سؤاله مرة أخرى على مسامعها ... فتماسكت قليلاً وقالت بارتباك :
گنت مستنياك
تنهد بقوة وهو يتكأ على فراشه وقال بهمس:
أنت كده على طول... مبتعرفيش تنامى وانت قلقانة عليا ؟
مرت بها سحابة الخجل وأخذت بيدها إلى سماء الحياء فأمطرت صمتاً له صوت كصوت الندى يقطر على قلبه فينبت فيه الشوق الهائل والحنان البالة وجد لذته على لسانه كما وجدها في قلبه
وكياته وهو يقول أسمها بحب كبير :
- مهرة
اختلج قلبها وهي تستمع إلى اسمها يخرج منه بهذا الدفء واجابته : نعم
أغمض عينيه يضم صوتها الخجل إليه وقال ببطء :
وحشتيني
لم تجبه على الفور فقال دون تردد :
- بحبك
تدرجت وجنتيها بحمرة الخجل وهي تبتسم بحب وقد خفق قلبها تكلمته والطريقة التي نطقها بها تشعر أنها تراه الآن وتشعر بدفء كلماته التي اختلفت عن كل الكلمات ... أما هو فلا يعلم كيف
استمع إلى دقات قلبها وهو يطرق باب قلبه منادياً :
مهلا حبيبي مهلا .. قد انتظرتك دهراً
ذاب قلبي في شفاهك في يه اليوم رفقاً
في الصباح الباكر كان فارس يقف بجوار عمرو أمام النيابة ويتابع معه سير التحقيق .... طلب فارس من النيابة تقريراً لمفتش آثار متخصص من هيئة الآثار للوقوف على صحة هذه القطعة. الأثرية من زيفها.. وهل هي أصلية أم لا، وطالب بالأفراج عن عمرو بضمان محل اقامته لحين ورود التقرير المطلوب ... وبالفعل تمت الاستجابة لطلباته وتم تحويل القطعة الأثرية الهيئة
كشف الآثار عنها وتم الافراج عن عمرو بضمان محل اقامته.
بعد خروجهما من النيابة وقف عمرو ينتظر فارس الذي كان يتحدث في الهاتف مع الدكتور
حمدى ويخبره بآخر التطوارات ويقول:
پس انا مش مطمن يا دكتور ممكن التقرير يجي بأن الحنة الفرعوني دي سليمة وكده عمرو
ميروح في داهية
قال الدكتور حمدي مطمئناً :
أنت مش بتقول زميله في الشغل هو اللي انت شاك فيه وان فيهم ضغائن خلاص سيبلي
الحكاية دي هتكلم مع الهاد واشوف ممكن تساعدنا اراى
قال فارس بتوتر
لا بلاش يا دكتور
قال الدكتور حمدي متسائلاً :
ليه يا فارس
حاول فارس البحث عن شيء آخر يقول غير الذي بداخله فقال:
يعنى انا لسه مش متأكد مش عاوز تتهم حد ظلم
ملكش دعوة انت .. أنا مش هاتهمه ... أنا هحاول اعرف بس أي حاجة عن شغله منها يمكن يكون بيشتغل في حكاية الآثار دي من وراها ويوديها في داهية هي وشركتها ... ماهي الآثار دي
محدش بيلاقيها في الشارع كده .. الموضوع شكله كبير يا فارس
أنهى فارس مكالمته مع الدكتور حمدى ونظر إلى عمرو الذي كان يقف بجواره ويتحرك بشكل عشوانی باضطراب فقال فارس :
ما تهدى شوية يا عم انت خيالتني
مسح عمرو على شعره بتوثر البالغ وهو يقول :
أنا مش مطمن يا فارس القضية ممكن تلبستي كده
حاول فارس تهدئته وقال :
طب ايه رأيك نعملهم مفاجأة وتروح دلوقتي .. أنا كنت كلمتهم من ساعة وقلتلهم هتاخر لو روحنا دلوقتي هتبقى مفاجأة حلوه ... دي مراتك هتموت من القلق عليك
قال عمرو في شرود :
لاء انا عندي مشوار ضروري لازم اروحه حالا قبل ما اروح
أمسكة فارس من ساعده وقال متسائلا :
- رايح فين يا عمرو
ريت عمرو على كتفه وقال مسرعاً :
وهاجي وراك على طول
هقولك بعدين متقلقش عليا روح دلوقتي ومتخاليش حد يشوفك من عندى .. وأنا ساعة
قال عمرو كلمته ولم يعطى فرصة الفارس للمناقشة والسؤال وأنما أنطلق على الفور في طريقه
تناولت أم فارس قطعة قماش كانت بجوارها وقالت لام يحيى وهي تشاهدها بدقة :
القماشة دى حلوة أوى يا ام يحيى تصدقي أنا عندى عباية من نفس نوع القماش ده وكنت بدور على واحدة زيها لأنها مريحاني أوى ... أنا هاشتريها منك وابقى هاتي غيرها
نظرت لها أم يحيى بعتاب وقالت :
ده كلام برضة يا ست ام فارس دى هدية مني ليكى .. وبقولك ايه هاتيلي العباية اللى بتقولى عليها وانا أفضلك اختها بالظبط ... ده أنا بقيت لهلوبة في التفصيل
هزت ام فارس رأسها نفياً وهي تقول بتصميم :
انا ماليش دعوة بالكلام ده ها دفع ثمنها يعني ها دفع تمنها
ثم التفتت إلى مهرة وقالت وهي تمد يدها إليها بمفتاح الشقة :
خدى با مهرة مفتاح الشقة وانزلى هاتيلي العباية الكحلى بتاعتى علشان أمك تشوفها
وققت شهرة تنظر إلى يدها الممدودة بارتباك فقالت أم فارس ضاحكة :
- متخافيش فارس مش جای دلوقتي.. أتصل وقال هيتأخر
ضحكت أم يحيى وقالت :
- فاكرة يا ام فارس لما قلتلك على فهرة وهى صغيرة .. الله يكون في عون جوزها من اللي هتعمل فيه
تبادلت معها أم فارس الضحكات وهى تحرك رأسها موافقة لها وقالت وهي تنظر إلى شهرة :
هو حريقى مش هو اللي مستعجل على الجواز
أحمرت وجنتها والتقطت المفتاح سريعاً من يد أم فارس وقالت وهي تهرب من أمامهما :
أنا هنزل بدل ما تتسلوا عليا
فتحت مهرة باب الشقة ودلفت للداخل وعلى وجهها ابتسامة كبيرة .. انطلقت على الفور تجاه غرفته ودخلتها وأغلقت الباب خلفها ووقفت في المنتصف تنظر لها بشوق كبير وكأنها تبتها حيها
الساكنها وترجوها أن تنقل مشاعرها له عنده حضوره ...
جلست على فراشه ومسحت عليه برفقة تنلمسه لمسا وتستشعر دفاه بعينين ها تمتين ... أخذت وسادته وضمتها إلى صدرها برقة ونعومة وقبلتها بحب كبير ... حانت منها الثقافة إلى خزانة الملابس الخاصة بدنيا .. روادها شعور بالغيرة واتجهت إليها وهي تدعو من قلبها أن تجدها خالية حاولت أن تفتحها ولكنها وجدتها مغلقة بالمفتاح فعلمت أنها مازالت محتفظة بملابس صاحبتها بداخلها ... أشتعلت نار الغيرة بقلبها لمجرد وجود ملابسها معه بنفس الغرفة, شعرت بالدماء تتصاعد إلى رأسها بقوة وشعرت بحرارة جسدها التي ارتفعت بشدة وفي تلك اللحظة فتح باب الغرفة فجأة، فصرخت و سقطت مغشياً عليها على الفور ... أنتابه الهلع الشديد عليها وهرول نحوها وهي ملقاة أمام الخزانة وحملها ووضعها على فراشه برفق وأخذ يبحث في الغرفة عن زجاجة عطره فوجدها أخيرا وأخذها وحاول أن يجعلها تسمها حتى تستفيق من غيبوبتها وأخيراً استجابت للرائحة النفاذة التي تسللت إلى عقلها، فتحت عيونها ببطء واصطدمت بوجهه وهو جالس بقربها على الفراش بمسح على وجنتها برفق وينادي عليها بقلق شدید جلست على الفراش فجأة وهى تنظر إليه بخجل واضطراب وقالت :
انا اسفة
ابتسم وهو يتأمل وجهها وشعرها وبمسح عليه برفق وقال مداعباً بخفوت :
يعنى أول مرة اشوفك فيها يغمى عليكي كده
شعرت بارتفاع آخر في درجات حرارتها ولكن هذه المرة من الخجل مسحت على وجهها وهي مطرقة بوجهها وقالت يخفوت :
- اسفة أني خضيتك
رفع وجهها إليه ونظر إليها متأملاً :
دى تاني أسفة على فكرة .. طب أسفة الدانية وعرفناها .. أسفة الأولى ليه بقى
أشاحت بوجهها بعيداً تخفى احمرار وجهها عن عينيه وقالت وهي تضع خصلة من شعرها خلف أذنها :
آسفة الى دخلت اوضتك كده
أعاد وجهها إليه مرة أخرى بأنامله وقال هامسا :
أنت مراتي ... يعنى تدخلى أوضتي براحتك .. وبعدين انت يتدخليها من زمان أوي.. ولا نسيتي
هريت الابتسامة من شفتيها عندما تذكرت خزانة الملابس فأشاحت بوجهها مرة أخرى ونهضت من فراشه مسرعة وقالت بحنق :
لازم أنسى طبعاً ... لأنها في وقت من الأوقات كانت متحرمة عليا .. واظاهر أن الأوقات دي
غالية عندك أوى
عقد حاجبيه وهو ينظر إليها بتسائل وقال :
أيه اللي خلاكي تقولي كده
أشارت للخزانة وقالت بضيق :
علشان لسه محتفظ بهدومها في الدولاب ... شكلها كانت هدوم عالية عليك أوى .....
تم عقدت ذراعيها أمام صدرها وقالت بغيرة واضحة :
شكلها ليها معاك ذكريات كثير علشان كده مقدرتش تفرط فيها
رفع حاجبيه ووضع يديه في جيبيي بنطاله واقترب منها حتى وقف أمامها مباشرة وقال وهو ينظر في عينيها:
بس الدولاب مقفول بالمفتاح عرفتي منين أن هدومها لسه فيه
استدارت وهي ترفع كتفيها وقالت متيرمة :
باينة أوى ... مش محتاجة فقاقة يعنى
ابتسم وهو يكرر ورائها :
فقافة 15... وحشتني اللغة بتاعتك أوي
اتجه نحو مكتبه وأخرج منها مفتاح صغير وعاد إلى الخزانة وفتحها بالمفتاح وقال وهو يشير إليها :
اتفضلي شوفي الذكريات اللي بتقولي عليها
التفتت مهرة إلى الخزانة فوجدتها خاوية، فنظرت إليه بدهشة متسائلة فأوماً براسه وهو يقول :
- أيوة فاضية .. علشان أمي كانت عاوزة تعلق البدل وزيادة اللي زحمة دولابي فيها وانا قفلتها بالمفتاح علشان أمي متعملش كده عارفة ليه ؟ ... علشان مش عاوز هدومي تتحط مكان
هدومها من كثر منا يقزف كل ما افتكرها
وضعت راحتها على جانب رقبتها وهي مطرقة برأسها الأسفل في خجل فقال بحنان وهو يداعب وجنتها قائلا:
أنا ماليش ذكريات مع حد غيرك يا عبيطة ... ولا تسيتي أجمل الذكريات اللي قولتيلي عليها في
رسالتك وانا في السجن
رفعت نظرها إليه بتأثر وقد لمعت عينيها وهي تستمع إليه وهو يقول :
الحب الحقيقي هو الذي يرسم لك طريقاً تتلمس فيه ...... أجمل الذكريات
فرت دمعة من عينيها وهي تتذكر تلك اللحظات المريرة عندما ابتعد عنها غدرا وظالماً .. شعرت بيده و أنامله تمسح دمعتها فأغمضت عينيها واستمعت لصوته وهو يقول لها همسا وبشوق كبير
من ساعتها وانت وحشاني أوى.. ومن ساعتها وانت بتهربي مني.. ومش عارف اشوفك شعرت بقربه ودفئ يديه المحيطة بوجهها وانفاسه القريبة ... رحلت في عالم آخر لم ترد العودة منه ... بل قررت فيه الرحيل والعودة منه بغير دليل... تنسج بيديها دروبا يحفها أربع الأزهار...
بلا شاطي... بلا عنوان ... ولا رغبة سوى التعمق أكثر والأبحار.
أنتقض جسدهما على صوت والدته وهي تنادى عليها بعد أن أغلقت باب الشقة خلفها .. أيتعدت . عنه سريعاً وهي تمسح وجهها بيدها بارتباك وهو ينظر إليها نظرة جديدة عليها لم ترها في
عينيه من قبل، ولكنها فهمتها فاخفضت نظرها خجلاً، واتجهت صوب باب الغرفة مهرولة
وفتحته فوجدت والدته تبحث عنها في الشقة عندما رأتها نظرت إليها بقلق وهي تقول :
خضتيني عليكي يا شهرة كنت ....
بترت كلمتها عندما رات فارس يظهر خلفها ... نظرت إليه من خلف كتفها وابتسمت وهي تقول له يمكر :
هو انت هنا .. يبقى انت بقى اللى آخرتها
اتجهت مباشرة إلى باب الشقة وهي تحاول تحاشى النظر في عيني والدته وهي تقول بخجل :
أصل لما شفت فارس فجأة الخصيت وأغمى عليا ...
ثم قالت بارتباك :
انا طالعة بقى
فتحت باب الشقة ولكنه عقد بين حاجبيه وهو يناديها فتوقفت ولم تلتف فتوجه إليها ووضع
بده على الباب وهو يقول بجدية وهو يشير إلى ملابسها وشعرها :
هو انت نازلة كده أصلا
نظرت إلى ملابسها وقالت بتلقائية :
اد وفيها ايه
قال بضيق:
يعنى أيه وفيها أيه ... خارجة من شقتك ونازله لحد هنا يهدوم البيت دي وشعرك كده يا قهرة
تنحنحت مضطربة وقالت على الفور:
منا قلت هنزل بسرعة واطلع بسرعة مفيهاش حاجة
أشار إليها وهو يقول حائقاً :
- أنت محجبة ولا لاء ؟
نظرت إليه بتسائل وحيرة فقال :
محجبة تكنولوجيا دهني وهدوم البيت حدودهم باب الشقة وبس ... لا سلم ولا تتكون ولا نتيجة
فهماني
ابتلعت ريقها وبللت شفاها بلسانها وهي تقول بخفوت :
وضع يده على كتفها وقال بجدية :
حاضر بس انا متاكدة أن محدش هيشوفني
تجرى بقى هيكون شاف جسمك وشعرك يا هانم
متأكدة منين.. متى يمكن تخيطي في حد طالع ولا نازل صدقة ... ساعتها هتعملى أيه .. على ما
الدخلت والدته وقالت على الفور:
في أصلا مينتزلش كده دي أول مره تعملها
تم نظرت إلى قهرة وقالت :
أدخلي يا مهرة حدى العباية بتاعتى وطرحة.. البسيهم قبل ما تطلعي
دخلت على الفور لترتدى العباية وتضع على رأسها الطرحة بينما قالت له والدته بخفوت :
براحة عليها شوية يا فارس ... لما تخرج بقى ابقى صالحها .. أنا داخله اشوفها لتكون بتعيط ولا حاجة
دخلت والدته فوجدتها تلف الطرحة وتكاد أن تنتهى، فربتت على كتفها وقالت مبتسمة :
متزعليش ده بيحبك وبيغير عليكي
ابتسمت وهي تقول بعينين لامعتين :
منا عارفة
ضحكت ام فارس وهي تضرب يدها في بعضهما وهي تقول لها :
وانا اللي كنت فاكراكي بتعيطي !
خرج فارس من بيته في المساء متوجهاً إلى مكتب الدكتور حمدى وفي الطريق صادف عمرو
متوجها إليه, تفاجأ عمرو به في الطريق وقال :
كويس أني قابلتك يا فارس أنا كنت جايلك دلوقتي
وضع فارس يده على كيف عمرو وسار به في طريقه وهو يقول :
تعالى تتمشى سوا وتتكلم واحنا ماشين
قال عمرو على الفور وهو يمنى بجوار فارس:
الدكتور حمدي أتصل بيك النهاردة ؟
مز فارس رأسه نفياً وهو يقول :
لاء مكلمنيش بتسأل ليه ؟
ظهر التوتر على ملامح عمرو وهو يقول :
أصلى قابلته النهاردة في مكتب إلهام في الشركة
التفت إليه فارس وتوقف عن السير وقال :
في ايه يا عمرو أتكلم على طول قلقتني
قال عمرو على الفور :
لما سيبتك قدام النيابة ومشيت روحت الشركة وانا مخنوق من الهام ونادر وحاسس أن نادر عامل فيا كده علشان خايف أحسن أخدها منه ... دخلت عليها وانا تاير جدا وقعدت از عق وجينتها القديم والجديد كله وقلتلها أن نادر عمل فيا كده علشان خايف أخذها منه واتكلمت كلام كثير أوى وهي واقفة مش عارفة ترد عليا وواقفة تبصلى بذهول وكل اللي طالع عليها ... زای نادر يعمل كده ......
خلصت کلامي من هنا ولقيت الدكتور حمدى دخل علينا وبصلها باحتقار بعد ما سمع كل حاجة
وعرف اللي اخته بتعمله وقالها أنسى أن ليكي اخ اسمه حمدي ....
سيبتهم ومشيت على طول لما شفت الألم في عينه وحسيت أنه محرج منى ومش عارف يبص
في وفى علشان كده افتكرت أنه كلمك وقالك حاجة ...
استمه فارس إليه بدهشة كبيرة وهو عاقداً لحاجبية وقال ببطء تقبل :
وطبعا تلاقيه توقع انى انا كمان عارف عن أخته الكلام ده ...
نظر إلى عمرو وقال بالم :
وانت بقى متوقع أنه يكلمني ... طب هيكلمني يقولي ايه
صمت فارس يفكر في الحال الذي وصل إليه الدكتور حمدى وكيف ستعامل مع هذا الموقف.
المحرج فقال عمرو على الفور :
في حاجة كمان حصلت يا فارس
ألفت إليه فارس فقال عمرو :
طلعت بعدها على هيئة الآثار من كثر منا كنت قلقان وعاوز أطمن .. قلت اسأل وأشمشم كده حوالين الحنة اللي راحتلهم من النيابة ... وقبل ما أدخل شفت نادر خارج منها ومعاه واحد كده معرفوش
أثارت كلماته حفيظة فارس وحواسه فقال بسرعة :
تفتكر كان رايح ليه ومين اللى كان معاه ده
رفع عمرو كتفية بحيرة وهو يقول :
معرفش یا فارس مش عارف انا هتجنن خلاص
وضع فارس يده على كتف عمرو قائلا
طب أنا دلوقتي هروح المكتب يا عمرو وهحاول أتكلم مع الدكتور حمدي وهشوف الحكاية وصلت لأية .. ولما أرجع بالليل هيقى أكلمك ثاني بالا روح أنت دلوقتي
دخل فارس حجرة مكتب الدكتور حمدى بشيء من الخجل وقال:
حضرتك طلبتني يا دكتور
أشار له الدكتور حمدى بالجلوس أمامه وقد بدا عليه الالم والاستياء ثم قال:
أنا كنت متوقع برضه أنك هتتكسف تدخلى أول ما توصل علشان كده نبهت عليهم أول ما
توصل تدخلي على طول
حاول فارس أن يحتفظ له بماء وجهه وقال:
مش فاهم حضرتك تقصد أيه
ابتسم الدكتور حمدي باسي وهو يقول :
لاء أنت فاهم بس مش عاوز تحرجني
صمت فارس ولم يجيبه فقال حمدي :
لو سمحت يا فارس أنا مش عاوز أي كلام عن القضية دي في مكتبي ثاني ... أنا خلاص أتبريت
من أختى ومش عاوز أي حاجة من ناحيتها تاني
رفع فارس رأسه إليه وقد فهم ما يرمى إليه فأوما برأسه وحاول أن تخرج الكلمات منه بشكل
تلقائي وقد حضرته فكرة وليدة اللحظة حتى يرفع عنه الحرج وقال :
بعد اذن حضرتك يا دكتور أن كنت بفكر أفيد أهل الشارع بتاعي .. والناس الغلابة اللي فيه وافتح مكتب خاص بيا هناك وتبقى الأتعاب على قد مصاريف القضية بس ..... لأن في ناس كثير هناك أحوالهم المادية ضعيفة جدا وأصلا المرتب يدوب بيكفى اكل وشرب بالعافية.....
اعتصر الألم قلب الدكتور حمدى وهو يستمع إلى فارس واقتراحه وهو يعلم جيدا أن هذا الاقتراح ما هو إلا محاولة منه لرفع الحرج الذي استشعره فارس بعد أن علم عن أخته الذي تفعله
وهي متزوجة .... ولم يكن فارس مخطىء في ظنه لذلك قال حمدي وهو يوميء برأسه متفهماً :
ربنا يوفقك في حياتك يا فارس.. أنا مش هقدر امنعك انك تحقق ذاتك بعيد علي رغم أني مش هقدر استغنى عنك ولا عن مجهودك في الشغل أبداً
قال فارس مبتسماً وقد أيقن أنه كان محقا :
أنا تلميذ حضرتك يا دكتور أتعلمت منك أخلاق المهنة قبل ما أتعلم الشغل فيها ومن غير ما أكون يشتغل في المكتب هذا أنا تحت أمرك في أي حاجة سواء كان شغل أو غيره أنا مش هنسي
فضلك عليا بعد ربنا
نهض حمدى وعالق فارس بمشاعر الأبوة التي يشعرها تجاهه دائماً وريت على كتفه قائلا بمرح :
هدنا فستي في المحاكم يعنى وهتاخد منى الزباين
ضحك فارس وهو يشد على يده قائلا بتواضع :
ده انا يدوب تلميذك يا دكتور
هتف عمرو في الهاتف وهو يتحدث إلى فارس قائلا :
يعنى ايه سبت المكتب يعنى انا السبب
ضحك فارس وهو يقول :
أنت السبب فعلا بس مش سبب حاجة وحشة... أنت السبب في أني أبدأ أحقق ذاتي وأعملى
اسم كويس
هاتف عمرو بانفعال مرة أخرى :
يعنى انت هتشتغل القضية لوحدك ولا ايه
قال فارس مداعباً :
ومالك مرعوب كده متخافش هجيبلك تأبيدة بس
صاح عمرو بضيق :
یا فارس مهارش دلوقتي .. وقولي ناوي على ايه
قال فارس بجدية :
أنا الاول كنت مستنى تقرير هيئة الآثار لكن بعد ما قلتلي أنك شفت نادر وواحد ثاني خارج من هناك قلقت
- قلقت آزای فهمنی
- مفيش حاجة تخلى نادر يروح هناك غير سبب واحد بس ... أنه يكون عاوز التقرير يطلع .
بطريقة معينة
عاقد عمرو بين حاجبيه وقال قلقاً :
يعنى هيدفع فلوس علشان يثبت أنها سليمة يعنى ولا ايه معنى كده ........
قاطعه فارس قائلاً بثقة :
بالظبط كده معنى كده أنها مش حقيقية ومزيفة لأنها لو كانت حقيقية مكنش راح هناك
قال عمرو بشرود وكانه يحادث نفسه :
حتى لو كده طب ما هو لو تحليلك ده صح يبقى برضه هروح في داهية لأن التقرير هيطلع في
ما هو عاوز
قال فارس مطمئناً :
متقلقش أنا واثق من تحليلي ولو التقرير طلع زي ما هو عاوز هشكك فيه وهطلب أن الجنة دي تتحال للجنة ثانية
قال عمرو ساخطاً :
طب ما هو ممكن يرشى اللجنة الثانية برضه.
قال فارس وهو يضيق عينيه بثقة :
متقلقش ساعتها مسبقه بخطوة
تأفف عمرو يضيق وزفر ثم قال :
طلب وهو هيعمل كل ده ليه... ما كان يحطها سليمة وخلاص
قال فارس متهكماً :
انت عبيط يابني عاوزه يضحى بحتة سليمة ويخسر فيها ملايين .. لا طبعاً هو أحسنله يدفع رشوة كام ألف لكن يحطلك حدة يملايين لمجرد انه يوديك في داهية لاء .....
ثم رفع فارس حاجبيه وقال بتفكير عميق :
وده يقى اللى بيأكدلي أن الواد نادر ده بيشتغل في حكاية تهريب الآثار دي
استند عمرو إلى سور الشرفة وقال بتركيز :
وانت جالك الاحساس ده أزاى ؟
جلس فارس خلف مكتبه واستند إليه وهو يعبث بصور مهرة الخاصة بعقد القرآن والتي وضعتها والدته على مكتبه فقال عمرو بقلق :
- فارس انت معايا
انتيه فارس وقد شرد قليلا في صور شهرة وقال بسرعة :
ها معلش يا عمرو انا معاك اهو
أعاد عمر و سؤاله من جديد وهو يقول :
كنت بسألك احساسك ده ايه آرای
قال فارس على الفور :
بص يا عمرو الانسان لما بيحب يادى حد أول حاجة بتيجى فى تفكيره الحاجات اللي هو بيتعامل معاها دايما - اللي بيشتغل في المخدرات أو بيتعاطاها لما بيحب بأذى واحد ثاني بيعمل ايه ... بيحطله مخدرات ويبلغ عنه ... واحد بياخد رشوة لما يحب يادي يعمل للى عاوز يانيه قضية رشوة ويلبسهالوا ... واللى حصلك مع نادر بيقول أن نادر ليه في حكاية الاثار دي علشان كده لما فكر باذيك فكر ياديك بنفس الحاجة اللى هو دايس فيها .. فهمت
اعتدل عمرو وقال على الفور وكأنه قد تذكر شيئاً هاماً وقال :
الله يفتح عليك .. أنت فكرتني بحاجة مهمة مكنتش واخد بالى منها
انتبهت حواس فارس وهو يقول :
افتكرت ايه
قال عمرو بتركيز :
في مرة أخدت أجازة يومين ونادر هو اللى كان ماسك النبطشية بدالى ولما رجعت وبصيت بالنهار على الموقع لقيت اثار حفر على عمق أكثر من العمق المسموح بيه ولما سألته قالي انها غلطت العمال بس هو لحقها
مسح فارس على شعره وقال بقلق :
ظاهر کده يا عمرو ان الموضوع كبير وأنر وأن نادر مش لوحده فيه .. المكان اللي بتيلوا فيه الفندق معروف ده مكان اثرى واصلا مش عارف التصريح بالحفر والبني خارج ازاى
للمكان ده ......
زفر عمرو وهو يقول بضيق :
الموضوع شكله كبير علينا أوى يا فارس .... أنت لو بصيت على الآثار اللي خرجت بره مصر وشفت حجمها وعرضها هتعرف ان الاثار دى مش ممكن تكون الهربت ... الاثار دی خارجه تحت
عين أكبر راس في البلد وباتفاق كمان
نظر فارس امامه بعیتین حازمتين وقال باصرار :
أنا بقى مش هسيب الموضوع ده يا انا يا هما .....
وفي الصباح وقف فارس ينتظر قهرة أمام باب شقته وابتسم عندما وجدها تهبط إليه في الملابس الجديدة التي أهداها اياها .. نظرت إليه وابتسمت بخجل تأملها بإعجاب تم عقد جبينه وقال بضيق مصطنع :
لاء مينفعش اطلعي غيريها
رفعت حاجبيها وقالت باعتراض :
ليه دى جميلة أوى وواسعة أهي
صعد درجة من السلم ليقف أمامها مباشرة وقال وهو يداعب وجنتها : ما هو علشان كده عاوزك تغيريها... حلوه اوى عليكي وخايف حد يبصلك
أبتسمت وهي ممسكة بيده التي تداعبها وقالت بخجل :
يالا بقى متأخر كده على المحاضرة
رفع يديها الشفاه وقبل أناملها وقال يحب :
أتأخرى براحتك .. أنا اللي هديكي أول محاضرة .... يعنى هتروحي مع الدكتور
عقدت ذراعيها وهي تقول بعداد :
أنا بقى ميحيش الكوسة .. واصلا محدش هيعرف علاقتنا
ضحك ضحكات رنانة اهتزلها قلبها عشقاً ثم قال :
علاقتنا | هو انت مش مراتي لا سمح الله.
وضعت يدها على لحيته تمسح عليها وتخلل أصابعها يرفق داخلها وهي تقول بشغف :
أنا يحب أوى كلمة مراتي دي منك
تلاشت البسمة من وجهه وزاغت أنظاره وهو ينظر إليها شاعراً بأحاسيس قوية تجتاحه تجاهها
قائلا بصوت رخيم :
أنت العلمتي الحركة دى من مين
قالت يحياء :
عبير هي اللي علمته الي وقالتلي انها هتعجبك
ابتلع ريقه وهو يقول بتماسك :
كل اللي تقولك عليه ابقى اسمعي كلامها فيه ماشي
ضحكت وهي تقول :
ليه بالي
أوما برأسه وهو يغمض عينيه قائلاً بمرح :
علشان عارف انها متعلمك بضمير
بحث فارس عن مكان يصلح ليستأجرة ويبدأ فيه تأسيس مكتبه الخاص ويكون قريباً من شارعهم وأخيرا وجده على مسافة قريبة جدا منهم وبدأ في تأسيسه وحاول البحث عن بعض الأتات زهيد الثمن ولكنه في يوم من الأيام تفاجا بدخول مهرة عليه المكتب وهي تقول بسعادة
بالا بسرعة يا فارس العربية واقفة تحت
نهض وهو ينظر إليها بدهشة وقال :
عربية ايه يا شهرة اللى واقفة تحت
قالت على الفور وهي تجذبه من يده :
- يالا بس الناس هتطلع الحاجة تعالى علشان تقف معاهم
وفجأة وجد بعض الرجال يدخلون عليه المكتب كل منهم يحمل قطة أنات خاصة بالمكتب
وقال بجدية :
وبدأوا في وضعها في الداخل وهو واقف ينظر إليهم بدهشة ... جذبها من يدها إلى أحد الأركان
فهميني ايه ده وجبتي الحاجات دي منين وزای متقولیليش
قالت بمرح وحماس:
انا عندي واحدة صاحبتي في الجامعة باباها عنده محل آتات صغير كده على قدهم ... قولتلها مرة تجيبلي معاها كتالوج من المعرض ولما شفت الحاجات اللي فيه للفيتها حلوه ورخيصة ....
فنقيت واحد للمكتب هنا وأدتها العنوان وبس ....
قال بحدة :
أنت بتنتصر فى تصرفات عيال ... والفلوس ؟ هدفع فلوس الحاجات دى منين يا شهرة
تالمت من قبضته قليلاً حول ذراعها وقالت بخفوت وهي مطرقة للأسفل :
الفلوس أدفعت خلاص متخافش
أرخى قبضته عنها وعقد حاجبيه قائلا:
جبتي الفلوس منين ؟
قالت ببراءة :
- بعت الشبكة بتاعتي اللي جبتهالي
نظر إليها لا يعلم ماذا يقول هل يحتد عليها وعلى تصرفها التي قامت بها دون الرجوع إليه أم باخذها بين ذراعيه وضمها على تضحيتها بالذهب الوحيد الذي كانت تملكه والذي كان عزيزا عليها فقال بنبرة معتذرة :
بس الشبكة دى كانت غالية عندك أوى ليه عملتي كده
ظلت مطرقة برأسها وهي تقول بصدق :
هي كانت غالية عندى علشان منك انت ... بس انت عارف اني أصلا مش يحب الذهب ولما لقيتك مزنوق في فلوس العفش اللى هيتحط في المكتب ملقتش قدامی حل ثانی غیر ده
ومرضتش اقولك علشان عارفة انك هترفض
اكتنسى صوته عذوبة ورقة وهو يقول بامتنان :
بس انت مكنش عندك غيره يا حبيبتي
نظرت له بعتاب وقال بخفوت دون أن تنظر إليه :
انا معنديش غيرك انت يا فارس
بدأ العمل في المكتب على قدم وساق وأخيرا تم وضع اللافتة التي تحمل أسمه ... دكتور فارس سيف الدين المحامي، ولكن أين يذهب فارس من أقداره هو مهرة .. بعد أسبوع واحد من بداية العمل في المكتب الجديد وذات مساء زاره أبو يحيى والد مهرة ومعه العم عامر بصحبة ولده مينا وقد كان فارس مشغولا بالتحدث في الهاتف مع عمرو الذي كان يخبره أن التقرير قد أعد
أخيرا وذهب إلى النيابة وأنهما لا بد ان يذهبا في الغد على الفور.
أنهى فارس المكالمة سريعاً ورحب بأبو يحيى والعم عامر ترحيب شديد ولكن وجههما كان يعلوه العبوس وخصيصا وهما ينظران إلى بعضهما البعض شذراً ... فقال فارس على الفور :
خیر با جماعة ايه الحكاية
نظر أبو يحيى إلى عامر ومينا بثقة وكأنه يعرف إلى أي جهة سينضم فارس وبدء في سرد ما حدث بينهما من شقاق ونزاع