رواية مع وقف التنفيذ الفصل الثالث والثلاثون 33 والاخير بقلم دعاء عبدالرحمن


 رواية مع وقف التنفيذ الفصل الثالث والثلاثون والاخير


أغلق الباب خلفها على الفور واستندت بظهرها إلى الباب المغلق وحدقت به لبرهة وهو يقف امامها مباشرة محيطاً خصرها بذراعيه وهو يكاد يلتهمها بعينيه والصمت محيط بهما لا يجرؤ أحدهما على شقه ... تمالك فارس قواد وقال هامساً وهو ينظر في عينيها متعمقاً بها سابحاً بداخلها بل غارقاً فيها حتى أذنيه

مجنون

حدقت به في ذهول غير مدركة لما حدث فجأة .. فاقترب منها وطبع قبلة على جبينها قائلاً :

لسه مفوقتيش من المفاجأة

زاغت نظراتها وهي تحاول التقاط أنفاسها بصعوبة وهي تراه ينزع الديوس المثبت للخمار

ونزعه عنها برفق وهو يبتسم لها بشوق وقال :

- يقولك وحشتيني

وأخيراً تكلمت بصوت مبحوح وقالت :

أنت عرفت منين أني نازلة دلوقتي لوحدي

أخذ شهيقاً قوياً وهو يحاول أن يبدو هادئاً وقال :

أصل شقة مرات ابوكي متسرقتش ولا حاجة ... دى لعبة اخترعتها انا ويحيى علشان هي نتايج وتنزل وتسيبك واعرف اشوفك ... بس بصراحة مكنتش اعرف انك هتنزلي وراها .. أنا افتكرت انها هننزل وتسيبك لوحدك بس اتفاجأت بيكى نازلة وراها فقلت الخطفك

حاولت أن تنظر الداخل ولكن كتفيه منعاها وعيناها لا تصل لما بعدهما فقال سريعاً :

- ماما مش هنا .. عند والدة عزة بتزورها

ثم قال بعتاب خافت وهو يرفع رأسها اليه بأنامله :

طلب مفيش وانت كمان وحشتنی

مسحت وجهها براحتها بالكاد فهو لا يعطيها مساحة للحركة كافية وقالت يخجل :

مخيف

ضمها إلى صدره وهو يغمض عينيه بقوة مبتسما يحب وقال :

أنا خلاص مش هسيبك تاني .. أنت هتفضلي معايا هنا

ابتعدت برفق ونظرت إليه بحيرة ودهشة قالت :

يعنى أيه مفضل هذا

مسح على وجنتها ثم خلل أصابعه بين خصلات شعرها يداعبه وهو يقول :

يعني انت مراتى ومش هسمح لحد انه يفرق بينا.. ومش هسيب ابوكي يبعدك على ثاني ومش هتخرجي من بيتي بعد كده

بللت شفاهها بلسانها بتوتر غير مستوعية لما يقول وقالت بتلعتم :

ازای یعنی مينفعش يا فارس تقعد مع بعض واحنا مكتوب كتابنا بس ... طب هنقول للناس ايه

هزت رأسها لعلها تستفيق من وقع كلماته وهي تردد :

مش فاهمة حاجة

امسكها من كتفيها ونظر إلى عينيها بقوة وقال يحسم :

خلاص احدا مش هتفضل مكتوب كتابنا طول عمرنا .. أنت هتعيشي هنا معايا وهنعلن كده قدام كل الناس - أنت كده كده مراتي وابوكي عاوز يبعدك على وبيضغط عليكي علشان تطلبی الطلاق.. وأنا مش ها سمحله .. لازم احطه قدام الأمر الواقع ....

نظر إلى عينيها بقوة أكبر وقال بهدوء :

انا هدخل بيكي يا مهرة ... وهنا .. زينا زي أي اثنين متجوزين .. ويبقى ابوكي بقى يوريني هياخدك مني ازاى تانی

شعرت أنها تختنق واحمر وجهها من فرط حرارة جسدها المتصاعدة وقالت باضطراب :

أنت اتجننت يا فارس بتقول أيه .. سيبتي امشي

احكم يديه حولها وهو ينظر إليها بتصميم قائلاً :

أيوا اتجننت ... ولو مش بمزاجك هيبقى غصب عنك ... أنت مراتي فاهمة يعنى أيه مراتي

حاولت أن تتحرر من يده وهي تقول بخوف:

سیبنی با فارس بقولك سيبني

حملها رغماً عنها ليبعدها عن باب الشقة وأدخلها غرفته وهي تهتف به :

لا يا فارس لاا

أغلق باب غرفته وهو يتوقع أن تصرخ أو تحاول الهرب أو تستغيث أو حتى تستسلم، ولكنها لم تفعل ذلك, نظرت إليه بهدوء وهو يغلق باب الغرفة وبمجرد أن عاد إليها عازماً على فعل ما قرره ... اقتربت هي منه بسرعة ولقت يدها حول خصره ودفنت وجهها في صدره وهي تبكي قائلة : -

أحميني منك يا فارس.. أحميني منك

بدء صدره يعلو ويهبط بقوة ويديه متجمدة بجواره وهو ينظر إليها وهي في هذا الوضع وتقول بيكاء ولوعة :

فاكر لما قلتلي لو أي حد في الدنيا ضايقك ولا قرب منك تعالى قوليلي وانا ها حميكي ... فاكر لما كنت بتقولي أوعى تخافي من حد وانا موجود ... أنا ضهرك وانا حماكي ... فاكر لما قلتلي بعد كتب الكتاب حتى لو انا زعلتك يا مهرة تعالى اشتكيلى مني وانا هخدلك حقك مني ... أنا دلوقتي عاوزاك تحميني منك يا فارس.. وانت عمرك ما خلفت وعدك معايا .. حميني منك يا فارس

.. أحميني منك

أغمض عينيه بقوة وهو يشعر أن كلماتها خناجر موجهة إلى قلبه بقوة وحسم ، لم تخطأ هدفها أبدا، أصابته في مقتل، تعرفه جيداً، وتعرف نبله و شهامته وقيامه تجاهها بدور الأب والأخ قبل أن يكون الزوج والحبيب هو من رباها وكان يحملها فوق كتفه ولم يجرؤ أحدا على مسها خوفا منه, فكيف الآن هو من يؤذيها, كيف تلتجأ إليه ويخذلها .

ظلت تدفن رأسها بقوة في صدره وكأنها تريد أن تختلط بعظامه وتتسلل داخل قلبه ليحيطها ويضمها ويشعرها بالأمان .... وأخيراً وبعد طول انتظار منها وجدته يلف يديه حول رأسها ويضمها أكثر في صدره ويمسح على شعرها ويقبله قائلا بحنان :

متخافيش ... متخافيش

أغمضت عينيها وانسابت عبراتها لتغرق قميصه وتبلل صدره ... شعر بسخونة تلك العبرات فعض

شفتيه بألم وقال :

أنا مش ممكن أذيكي وانت عارفة كده كويس

تم رفع وجهها بأنامله ونظر إلى عينيها وهو يقول بابتسامة حزينة

أهو ده عيب اللي يتجوز واحدة فاهماه كويس

خالطت الدموع ابتسامتها وهي تنظر إليه بلهفة فمد يده ومسح عنها العبرات قائلا:

كفاية بقى عياط.. مش عارف اشوف عليكي من كثر الدموع

اومات برأسها وهي تبتسم وتمسح عبراتها براحتيها وهي تقول بحب :

خلاص مش محیط تانی

طبع قبلة على جبينها وقال بهدوء :

أنت بتعملي فيا كده ازاي ... أنا بحس انى يبقى واحد ثاني خالص وانا معاكي

وضعت يديها على صدره وقالت بصوت مرتجف من فرط الثائر :

أنا بحبك يا فارس وعمري ما هطلب منك الطلاق أبدا إلا اذا حسيت ان انت اللى مش عاوزني... اصبر يس شوية مش عاوزينه يعند معانا .. نفسي العلاقة بينكوا تبقى كويسة في الأول .. وانا أوعدك أني مصبر على أي حاجة تحصلي في سبيل اننا نبقى مع بعض في الآخر وأهالينا راضيين عننا مش غصب عنهم .

أمسك وجهها بيديه ونظر في عينيها بقوة وهو يقول بحب :

أنت بتجيبي الكلام الكبير ده منين

لاحظت بأصبعها إلى صدره وهي تقول :

منك انت .. ولا ناسي الى كنت ماشية وراك ولازقة فيك يسمع كل الكلام اللى بتقوله وبخزنه

في مخي ومش بقدر انسى منه ولا حرف

ابتسم وقال مداعيا :

طب ما تجيبي أنه كده على الماشي

ضحكت وهي تبتعد عنه

لا يا سيدي أحسن بعدين تنهور ولا حاجة

ارتدت خمارها ثانية واتجهت باتجاه باب الشقة فلحق بها وضعت يده على الباب قائلًا:

طلب یعنی هشوفك ازاى تانی؟

راعت نظراتها يمينا ويسارا وهي تفكر ثم قالت :

قولى معاد رجوعك بالليل أمتى بالظبط ... وأنا هيصلك من الشباك واهي تصبيرة كده لحد ما ربنا يفرجها

ربنا يجمعني بيكى يا حبيبتي في أقرب وقت

ضمها إليه مرة أخرى مودعا وهو يقول :

المعت الدموع في عينيها وهي تودعه وتذهب وتغلق باب شقته خلفها برفق ... ظلت عينيه متعلقة بباب الشقة وهو يشعر بوهن شديد في جسده وكانه قد تسلق جبلا دفعة واحدة دون توقف هوى إلى أقرب مقعد بجوار الباب وأغمض عينيه وهو يدعو الله أن يقرب بينهما ويجمعه بها في القريب العاجل

في اليوم التالى مباشرة كان بلال يجلس في بيت فارس ويقول بعتاب موجه حديثه إلى فارس

مقولتليش ليه يا فارس على اللى حصل ده كله .. هو انا مش صاحبك ولا أيه

تنهد فارس بعمة وقال بحزن :

مرضتش اضايقك يا بلال ... وبعدين انا عارف انك مش فاضي

شد بلال على يد فارس وهو يقول بلوم :

كده برضه ده انا افضيلك نفس مخصوص یا اخی ده أحنا اخوه في الله مش صاحبين بعض الدنيا ولا لمصلحة

قاطعته والدة فارس

ربنا يكرمك يابني بس ابوها مش عاوز يسمع لحد خالص ومش مدى فرصه لحد انه يتكلم ولا

يشرح حاجة

أردف فارس قائلا:

وبعدين إذا قلت اسببه لما يهدى من ناحيتي يمكن يرضى يسمعنى واقدر اشرحه

وضع بلال يده على كتف فارس وقال بثقة :

سيب الموضوع ده عليا أنا ربنا يقدرني وأقدر أحله

نظر له فارس بلهفة فقال :

توكل على الله يا فارس وادعى وإن شاء الله ربنا هيلين قلبه من ناحيتك وانا هحاول معاه

على قد ما اقدر .... يالا هات رقمه

نظر فارس إلى والدته وقال يحرج

معلش يا ماما ممكن تعمللنا دور شای تالی

أغلق والدته أنه يريد أن يتحدث مع بلال على انفراد فنهضت على الفور وهي تقول مبتسمة :

- حاضر من عليا

توجهت والدته إلى المطيخ وتركتهم وحدهما فالتفت فارس إلى بلال واقترب منه وقال هامساً :

بلال انا عاوز اسألك في حاجة مش متأكد منها

اشار له بلال بأن يتحدث فقال :

هو انا لو دخلت بيها من غير أذن ابوها ينفع ؟

اطرق بلال مبتسماً ثم رفع راسه ونظر إلى فارس قائلاً :

لاء طبعاً مينفعش

عقد فارس حاجبيه وقال حائقاً :

ليه يا بلال دى مراتى أومال عقد الجواز اللي بينا ده ايه

رفع بلال حاجبيه وقال :

على اساس انك مدرستهاش في الكليه مثلا

زفر فارس بضيق قائلا:

نسبتها يا عم ... هو انا في أيه ولا في أيه

ابتم بلال وهو ينظر إليه وشد على يده قائلاً :

أنت عقدت عليها والاشهار كان للعقد بس يعني هي لسه في بيت ابوها حقوقها وواجباتها دلوقتي غير المدخول بيها وانت كده هتلقبط الدنيا في بعض ... ده غیر آن ده مش هيحل حاجة غير أنك متزود عناد ابوها

هتف فارس حائقا :

أنت هتعملى زيها وتقولى ده مش هيجل حاجة وكده ابويا هيعند أكثر ... وبعدين ده لو حصل مش هوديها عند ابوها ثاني وهتقعد معايا هنا ويبقى ده اعلان الدخول اللى بتقول عليه

عقد بلال حاجبيه وقال باستنكار :

هي كمان قالتلك كده ... معناه ايه الكلام ده هو أنت حاولت يا فارس

أشاح بوجهه قائلا:

أعمل ايه.. هتجنن عقلى طار مني مش لاقي حل

لانت ملامح بلال وهو يريت على كتفه قائلا:

- ياسيدي قلت سيبتها على الله وبعدين مش قادر تصبر شویه ولا عنی خلاص ... ما انت كده كده ممكنتش ه تدخل دلوقتي ثم هنستنى سنة كمان

مسح فارس على شعره وهو يقول بحنق :

معرفش بقى يا بلال انا كنت بدور على أي حل وخلاص الموضوع بالنسبالي مش زي ما انت فاكر .. أنا كنت هعمل كده علشان أحط ابوها قدام الأمر الواقع ويبطل يقولي طلقها وكل اللي كنت عاوزه الى أجيبها تعيش هنا وابقى مطمن عليها بدل ماهي قاعدة لوحدها مع مرات ابوها

الله أعلم بتعاملها ازاى .

أخرج بلال هاتفه وقال على الفور :

طب هات رقم أبوها

لقوهم مقتولين في شقة باسم .... أظاهر أن علاقتهم ببعض قديمة ومن زمان أوى

حدق فارس وعمرو في الضابط وهو يتحدث إليهم من خلف مكتبه وهتف فارس

على الفور :

- أمتى حصل الكلام ده

مطت الضابط شفتيه وقال :

الشغالة معاها مفتاح وكانت بتروح كل يوم الصبح بدري تنضف الشقة .. واضح انهم كانوا بيسهروا كل ليلة ... دخلت النهاردة الصبح لقيتهم مرمين على الأرض ومقتولين .. صرخت طبعا والعمارة كلها اتلمت واتصلوا بالبوليس

نظر عمرو إلى فارس بخوف وقال :

يعنى ايه الكلام ده طب مين اللي عمل كده

قال الضابط بتركيز :

البحث الجنائي شغال بس لحد دلوقتي ملقبوش حاجة بصماتهم وبصمات الشغالة بس ...

واضح كمان من المعاينة ان الباب متكسرش يعنى القاتل عارفهم وعارف طريقهم ومعاه مفتاح

أو هما فتحولوا الباب بأرادتهم... مفيش دليل على أي حاجة خالص وشكلها كده هتتأيد ضد مجهول .

تقطعت انفاس فارس وهو يشعر انه يختنق و ينظر إلى عمرو الذي كان ينظر إليه هو الآخر بذهول وهتف عمرو بلوعة :

يعنى القضية كده باظت ولا أيه ... أنا مش فاهم حاجة

شعر فارس بالأسى تجاه الدكتور حمدي بينما سمع الضابط يقول لـ عمرو:

انت كده قضيتك خلصت خلاص... التقرير هيتقدم انها مزيفة وانت متطلع براءة والقضية تتقفل .... قضية الرشوة هي اللي باظت بموت باسم ونادر و متعرفش مين اللي وراهم ولا مين اللى كان بيحركهم ... وده اللي مخاليني متأكد أن اللي قتلهم هو اللى وراهم ومش عاوز يتكشف

يس هنچنن واعرف .. عرف منين انهم هيلغوا خلاص ... واننا هتقبض عليهم ثاني يوم .

تبادل النظرات مع فارس الذي قال باصرار :

أنا بقى مش هسكت والموضوع متقفلش على كده.. المكان اللي الفندق بيتبنى فيه ده مكان أترى وانا مقدم بلاغ للنائب العام بالكلام ده وهطلب انهم يكشفوا بأجهزة الدولة اذا كان فيه أثار تحت الحفر ده ولا لاء ... ولازم اجيب اللى ورا نادر وباسم بأي شكل .

مال عمرو للأمام وهو يقول :

متكبرش الموضوع يا فارس الناس دي ايديها طايل

استدرك الضابط قائلا:

پلاش یا دکتور فارس .. أنا عارف حاجات كثير عن الشغل ده انت متعرفوش ... وينصحك بلاش

نهض فارس وهو يقول بإصرار :

انا رايح اقدم البلاغ حالاً

هاتف بلال والد مهرة واتفق معه على موعد في المركز الخاص بالدكتور بلال وبالفعل ذهب إليه والدها في الميعاد المتفق عليه نهض بلال من خلف مكتبة مصافحاً أياه بحرارة وجلس

قبالته فقال والد مهرة على الفور :

انا عارف انت كنت عاوز تقابلني ليه يا دكتور ووالله لو مكنتش غالى عليا مكنتش وافقت اجي القابلك

أخرج بلال زجاجة مسك وأعاطها له قائلاً بابتسامة :

طب مش هتقبل هديتي كمان ولا ايه

أخذها والدها على استحياء قائلا:

هديتك مقبولة يا دكتور

قال بلال مبتسماً :

أوعدني بقى انك هتسمعنى من غير ما تقاطعني ولا تتعصب

أوما والدها برأسه موافقاً بغير ترحيب ... فقال بلال :

أنا عارف انك بتحب النبي عليه الصلاة والسلام وبتحب تسمع كلامه مش كده ؟

قال والدها على الفور :

عليه الصلاة والسلام

تمتم بلال :

عليه الصلاة والسلام ....

ثم قال بهدوء :

بص بقى يا راجل يا طيب النبي عليه الصلاة والسلام قال :

درهم ربا بأكله الرجل وهو يعلم أشد من ستة وثلاثين زلية"

وقال كمان عليه الصلاة والسلام

لعن الله آكل الربا وموكله، وكاتبه، وشاهديه، وقال: هم سواء "

وأنا بحبك يا عم أبو يحيى ومرضا لكش أبدا أنك تاكل ربا.. وعلشان كده فارس قال ان عم عامر

على حق... علشان هو كمان بيحبك وخايف عليك

قال أبو مهرة حاتقاً :

يا دكتور بلال ده مش زيا.. ده زي قرض البنك كده وليه قوايد وبعدين هما اتفقوا من الاول

والعقد شريعة المتعاقدين

قال بلال على الفور :

بس اللي تعرفة أن ما بنى على باطل فهو باطل... ولو العقد ده عقد ربا يبقى باطل ويبقى الاتفاق بينهم باطل برضه.. الكلام ده لو العقد ده بيوافق شرع ربنا لكن لو يخالفه ميبقاش شريعة المتعاقدين ولا حاجة ... أما بقى بالنسبة لحكاية أن البنك بيسلف بالقوايد .. بغض النظر

عن حكمها انت جار بیسلف جاره يا ابو يحيى مش بنك

طرق الباب فقال بلال :

اتفضل

دخل عامر ومعه ولده مينا ومد يده يصافح أبو يحيى الذي صافحه ببرود و جلسا بجواره

فقال ابو يحيى متبرما وهو يوجه حديثه لـ بلال:

بس برضة مكنش يصح ينصفه على حسابي.. ده انا حماه وهو حتى مش من دينه

نظر له عامر ومينا بضيق فقال بلال على الفور :

يس فارس معملش حاجة غريبة.. فارس عمل زي ما الرسول عليه الصلاة والسلام عمل بالظبط

عقد أبو يحيى جبينه بينما انتبهت حواس عامر وولده مينا وبلال يقول :

في واحد راح للرسول عليه الصلاة والسلام وقاله أن في دقيق السرق منه وأنه تتبع اثره فوجد الآثار موديه على بيت يهودي ... ولما شافوا بيت اليهودي فعلا تقوا اثار الدقيق من بيت الراجل صاحب الدقيق لحد بيت اليهودي.. وكان ده دلیل قوى ضد اليهودي.. لكن الحقيقة أن اليهودي مكنش هو اللى سرق ... وان واحد تانى مسلم هو السارق الحقيقي.. وانه حبي الدقيق عند اليهودي لما حس انه هيتكشف ... ساعتها تنزل الوحي على النبي عليه الصلاة والسلام بالآية الكريمة اللي بتقول :

(إنا أنزلنا إليك الكتاب بالحق لتحكم بين الناس بما أراك الله ولا تكن الخالدين خصيمًا (105) واستغفر الله إن الله كان غفورا رحيما (106) ولا تجادل عن الذين يختالون الفسهم إن الله لا يحب من كان خوانا اتيما) إلى قوله تعالى: أو من يكسب إنما فإنها تكسبة على نفسه وكان الله عليها حكيما (111) ومن يكسب الخطيئة أو إلها ثم يرم به برينا فقد احتمل بهتانا وإلها مبيدا)

الآية دى يا عم ابو يحيى كانت أيه تبرئة اليهودي .... كان ممكن الرسول عليه الصلاة والسلام يسكت ويقول خلاص بقى ما هو يهودی یعنی معقوله أطلع اليهودي شريف والمسلم حرامي .... لكن لاء.. الرسول عليه الصلاة والسلام انتصر لليهودي وبرأه وأدان المسلم اللي سرق فعلا.. هو الده الإسلام وهو ده شرع ربنا ...

لم يصدق فارس نفسه وهو يدخل المدرج في الكلية ليجد فهرة جالسة أمامه وسط زميلااتها تنظر له وتبتسم ابتسامة واسعة ... تعلق بصره بها في دهشة وألقى محاضرته بسرعة وبمجرد أن انتهى أشار لها بعينيه أن تلحقه .. جمعت مهرة أشيائها وخرجت مسرعة في فرحة غامرة .... أخذها للخارج وهو يقول بلهفة :

أحكيلي اللي حصل بقى وبالراحة كده

قالت بسعادة :

بابا رجع امبارح من عند الدكتور بلال وقال امرأته تمشى وترجع بينها وراح جاب ماما ويحيى رجع البيت .. وقعد اتكلم معايا وهو مسكوف من اللي عمله وكان عاوز يتاسفلك بس محرج ...

تنهد بقوة وهو يقول بفرحة :

بركاتك يا دكتور بلال

ضحكت قهرة وشرعت في التوجه إلى المدرج مرة أخرى وهي تقول :

سبیلی بقى كفاية عليك كده

جديها من يدها قائلا بابتسامة سعيدة :

لاء أحنا هنتغدى مع بعض بالمناسبة الحلوة دي

رفعت حاجبيها وقالت معترضة :

لاء طبعا مش موافقه أنت مبذر أوي على فكره

قال بحنان وهو ينظر في عينيها محاولا التاثير عليها قائلا:

طلب لو قلتلك علشان خاطري ... نفسى اقعد معاكي شوية

نجحت خطته فقالت على الفور وقد احمرت وجنتيها :

موافقة.. بس تقعد في حته فيها بحر

عقد حاجبيه وهو يقول مداعباً :

دلوقتى بتتشرطي.. مش ​​لساه كتب يتقول لاء من شوية

عقدت ذراعيها أمام صدرها متبرمة وهي تقول بمرح طفولي :

خلاص مش عاوزه منك حاجة

ضحك وهو يجذبها من يدها ليخرج بها خارج الجامعة ليجلسا وحدهما مرة أخرى لتعود المهرة الأصيلة إلى حضن فارسها المغوار.

عادا من نزهتهما بعد صلاة العصر ليجدا حالة من الهرج والمرج داخل شارعهم ودخان كثيف يخرج من أحد المحلات الجانبية الصغيرة في الشارع ... نظرت إليه فهرة وهي تقول بقلق :

- باتری حصل ايه

أخذها إلى بدايتهم ودفع بها برفق داخلها وهو يقول :

أطلعى انت لما اشوف ايه اللي بيحصل

توجه فارس إلى الحاج عبد الله صاحب محال البقالة ليسأله عن الأمر فقال له :

مل عارفين حصل ازای ده یا دکتور فارس ... أتمنا جميعاً لقينا الدار طالعة من المحل المقفول ده ... قعدنا تطفى فيه والناس كلها أتلمت لمساعدةنا في هوجة في الشارع بس الحمد

الله لحقناها قبل ما تكبر

عقد فارس حاجبيه بدهشة وعاد أدراجه إلى بنايته، وما إن دخلها حتى وجد مهرة تتصل به

وهي تهاتف :

- الحقني يا فارس ....

لا يعلم كيف صعد تلك الدرجات إليها ... في لمح البصر كان واقفا أمام شقتها المفتوحة ووجد والدته خارجة منها وعلى وجهها علامات الفزع وقالت له :

تعالی یا فارس شوف أوضة مهرة

توجه فارس على الفور إلى غرفة مهرة فوجدها تقف في منتصفها تنظر إلى ملابسها المبعثرة في كل مكان وعلى وجهها قد رسم الخوف لوحة ظاهرة للعيان بمجرد النظر إليها ... نظرت إليه وهي تقول بفزع :

- الحقني يا فارس

تقدم إليها فوجد في يدها ورقة مدت يدها بها إليه وهي تقول :

لقيت الورقة دى على سريري محطوطة هنا

وأشارت إلى كومة ملابس موضوعة بشكل معين .. ليست مبعثرة مثل بقية الملابس ولكن موضوعة في مكان ظاهر على فراشها بعناية .... كانت كومة من ملابسها الداخلية ... اتسعت

عينيي فارس وأعاد النظر للورقة سريعا فوجد بها كلمات قليلة :

المرة دي أوضتها وهدومها.. المرة الجاية هي نفسها .. ومتلومش غير نفسك

رفع رأسه يقرء إلى كومة ملابسها الداخلية ... نعم لقد وصلت الرسالة .. طرقت عقله يجنون ... تهديد بالاغتصاب .... ولكن من .... من يجرؤ على هذا ... أستدار إلى والدتها صالحاً :

ازی حصل و امتي

قالت والدتها وهي تضع يدها على صدرها مكان قلبها وهي تلهث من شدة الخوف :

انا كنت تحت عند الست ام فارس وفجأة لقينا ناس بتزعق في الشارع وبيقولوا حريقة . طلعنا انا وهي ووقفنا في البلكونة ... ولما لقيناك انت ومهرة راجعين من برد سیبت الست ام فارس وطلعت شقتي ولقيت شهرة طالعة ورايا ولقينا باب الشقة مكسور وأول ما دخلت أوضتها

لقيناها كده على حالتها دي واتصلت بيك.....

أخرج فارس هاتفه وأتصل على الضابط صديقه وقص عليه ما حدث فصمت الضابط لحظة بعد

ما سمع ما سرده عليه فارس وقرأ عليه الرسالة فقال :

- نصيحة منى أبعد عن حكاية الآثار دى خالص با دکتور فارس

صاح فارس بالفعال :

يعني انت شايف أن قضية الآثار دى ليها علاقة باللي حصل ؟

قال الضابط بثقة :

انا مش شايف ... انا متاكد .... شوف يا فارس قضية صاحبك خلصت وطلع براءة والحكاية خلصت والبلاغ اللى انت قدمته الحفظ حتى من غير ما يحققوا فيه .. وقضية القتل كمان اتحفظت برضه من غير ما توصل لحاجة فيها ... وكل الأدلة اطمست ... مبقاش فيه دلوقتي غير عنادك.. واعتقد اللي حصل ده والتهديد ده خطوة.. ونصيحة مني تبعد وتقفل موضوع الآثار ده خالص

مسح فارس على رأسه يعنف وهو يهتف :

بمعنى أيه .. يمكن فعلا بقاء عصابة ومش عاوزين أي شوشرة تغطيهم و دلوقتي بيهددوني بمرانی

اجابة الضابط بهدوء :

بالظبط كده واديك شفت نادر وباسم اتقتلوا لمجرد أنهم لفتوا الأنظار ليهم.. شوف انت بقى ممكن يحصلك أيه لو مشيت في الموضوع ده أكثر من كده .... خدها نصيحه من واحد شغال في مکان مالیان فساد بالشكل ده.. أقف لحد كده يا فارس ... لو حصلك حاجة انت ولا مراتك محدش

هيسأل فيكوا وبرضه القضية هتتحفظ ....

جمع فارس بلال وعمري والضابط وقص عليهم ما حدث وما قاله الضابط صديقه فأعاد الضابط كلماته مرة أخرى أمامهم فأطرق بلال في سكون ثم قال دون أن ينظر إليهم :

- حضرة الظابط معاه حق يا فارس ... اديك شفت لما اتشدينا كلنا على المعتقل محدش حس بينا ولا حد سال علينا واللي خرجنا من هناك هما هما نفس الناس اللى احنا شاكين فيهم دلوقتي.. والخوف دلوقتى مش علينا احنا.. الخوف دلوقتي على الحريم اللي ممكن يتبهدلوا معانا لو كملنا

ضغط فارس قبضته في راحته وهو يقول بغضب :

عارف لو هددوني بالقتل مكنش همنى حاجة .... المشكلة بيهددونی بمرانی ... مراتی أو بلال

وضع عمرو وجهه بين راحتيه وهو يقول موبخاً نفسه :

ياريتنى ما كنت رحت اشتغلت في الشركة دي .. يا ريتني لما قدمت استقالتي صممت عليها ومشيت ولا كنت سافرت ولا انهبت

هتف فارس بحنق :

لازم تلاقي حل مش معقول نسيبهم ينهبوا البلد كده واحنا خايفين على نفسنا لازم توصل الأكبر مسؤل في البلد.

نهض الضابط صديقه من مكانه واقفا وهو يقول في شرود :

أكبر مسول اللى انت عاوز توصله ده هو اللى حد أوامر من اللي أكبر منه أن محضر القتل يتقفل والحفر يفضل شغال في وادي الريان مكان الفندق واهو نفذ الأوامر وقفل المحاضر واتحفظ عليها من غير تحقيق .. عارف لما جارك يتعدى عليك وتروح لابوه تشتکیله تلافی ابوه هو اللي مسلطه.. اهو هو ده بالظبط .

وضع يده على كتفه وقال يأسي :

شيل أيدك من الموضوع يا فارس ... الفساد في البلد دي من سنين كثير.. فوق الستين سنة ويمكن أكثر.. لدرجة أن الناس تعايشت معاه واتعودت عليه ... مينفعش تواجهه لوحدك أستنى شوية ... محدش عارف بكرة هيحصل أيه !

جلست بجواره حول المائدة وهي تقول بنعومة :

معلش يا فارس آشر على الجنة دى تانى مش فاهماها كويس .. يصدق ده صعباوي

مال عليها وهمس في أذنها :

طب خشتى صوتك شوية انا كده مش هعرف اشرح حاجة خالص

ضحكت بصوت خفيض ثم قالت :

معلش استحملني خلاص الامتحانات قربت تخلص

ما انت لو حنيتي عليا بأطه هستحمل

تاقف وهو يغلق الكتاب بيده وقال :

ضحكت ثانية وامتزجت ضحكاتها بصوت والدته وهي تعود من المطبخ حاملة اكواب الشاي بیدها ووضعتها أمامهم وهي تنظر إليهما بمكر قائلة :

أيه الدرس اللي كله ضحك ده

أمسك يد والدته وأجلسها أمامهما وقال منير ما :

يصى بقى يا ست الكل .. أنا عاوز اتجوز ماليش دعوة الصرفي .. مش انت امي ومسؤلة على... انا كده منحرف

تبادلت النظرات مع قهرة وقالت بلامبالاة :

استنى بقى لما تخلص الكلية بتاعتها

هتف فارس على الفور :

نعم 15 .. لالالا .. أنا يدووب مستحمل لحد امتحانات السنة دي ما تخلص

تم نظر إلى مهرة نظرة ذات معنى وقال :

وبعدها بقى محدش يلومني

قالت أمي على الفور :

طب اصبر لما تجيب لقهرة عفش جديد ولا هتدخل على القديم

ظهرت سحابة حزن في عينيي مشهور وأمطرت حروف غيرتها الواضحة وهي تقول :

الحكاية من حكاية عفش قديم .. الموضوع ده ميفرقش معايا .. أنا بس مش عاوزه أوضة

النوم دى ... مش ​​بتاعتي .. في واحدة غيري نامت عليها

ثم نظرت إليه نظرات عتاب ولوم فقال :

تاني با مهرة .... مش ​​انا فهمتك الحكاية كلها قبل كده .. وبعدين يا ستي انا نفسي مش موافق تدخلي على عفش قديم وهغير هولك بالقسط

قالت أمي متسائلة :

انت ليه يا فارس مرجعتلهاش عفتها .. مش ​​ده في القائمة بتاعتها

أخرج فارس ميدالية المفاتيح وقال :

كويس إلى لسه معايا نسخة من مفاتيح شفتها .. هروح بكره انقلها حاجتها فيها .. ده حقتها

هنفت مهرة على الفور بضيق :

وانت بقى هتروح شقتها لوحدك لاء انا هاجي معاك

رفع كتفيه مقلداً لها وهو يقول مداعياً :

هو أنا مش قلتلك أنها محكوم عليها بسبع سنين ... خايفة من أيه بقى .. هنطل على من الصورة

تاكلني یعنی

استندت برأسها على راحتها وقالت بعداد

برضة هاجي معاك

أنه أشهر اختباراتها وبدأت في أتمام أمر الآتات الجديد أخذته إلى معرض الآلات الخاص

بوالد صديقتها والتقيا غرفة نوم جديدة وغرفة أخرى للاستقبال ولقد كانت فرحة في غاية

السعادة والفرحة وهي تتعلق بيده وهما ينتقلان بين الغرف المتميزة ... لاحظت له على غرفة

صغيرة الفراش

مت ملاحظ ان الأوضة دي الكوميدينو فيها أكبر من السرير

مال على أذنها وقال :

هو فين السرير اصلا

کنمت ضحكتها وأكملا رحلتهما في البحث عن أسعار مناسبة وقسط مناسب لحالتهما الجسدية في ذلك الوقت وتم تحديد ميعاد الزواج بعد أيام من أتمام تجهيز شقة الزوجية .

حرمت عزة حقيبتها وهي تقول :

خلاص يا عمري كل حاجة جاهزة

دلف إلى الغرفة وقال وهو ينظر للحقائب :

ده أحنا هنشوف بهدلة يابنتي

قالت باعتراض :

ليه بس ده انا بحب اسكندرية أوى وكان نفسى أعيش فيها من زمان .. كويس انك لقيت شغل هناك

بدل ملابسه وهو يقول :

اه طبعا مصائب قوم عند قوم فوائد

لغت ذراعيها حول ساعده وهي تقول بابتسامة واسعة :

على الأقل منقضى شهر عسل جديد مع فهرة وفارس وكمان يلال وعبير هيسافروا معانا أسبوع

وضع يده على بطنها وهو يقول بمرح :

شهر عسل أيه بقى ما خلاص أدبست واللي كان كان

دفعته وهي تقول بتيزم

أمشي كده هو انت كنت تطول ابقى ام عيالك

دفعها من كتفها برفق وهو يقول :

أمشي كده وانا متجوزك شفقة ورحمة اصلا

كالعادة كانت زفة بسيطة جميلة, أحاطت النساء مهرة وهن يحملن الدفوف والشعلات وأطواق الزهور وهي تمر بينهن زهرة يافعة في مقتبل العمر في عينيها ترى الأمل والسعادة والتفاول والحب ... تصفق وتنشد معهم كالأطفال ... أما فارس في قاعة الرجال فكان يشعر المرة الأولى أنه في حفل زفافه كانت السعادة بادية على وجهه وبين الحين والآخر يقترب من عمرو قائلا :

ما تنهى بقى يا عم انت مسافر الفجر ولا ايه

أقترب بلال منهما وسمع عمرو وهو يقول لـ فارس مداعباً :

آيه ده هو مش الفرح عندكوا بيبقى اسبوع متواصل ولا ايه

ضحك بلال ضحكات رنانة بينما دفعه فارس من كتفه وهو يقول :

أسبوع مين يا عم... أنا هروح أخد مراتي وامشى ... اقعد انت يقى الأسبوع ده براحتك

وضع بلال ذراعيه على كتفيهما وهو يقول مشاكساً :

لا يا عمرو حرام أسبوع كثير مشيها ثلاث تمام بس

نظر له فارس بحنق بينما صفق عمرو وهو يقول بمرح :

العريس هيقتلنا يا شيخ بلال ... وبعدين كلنا مسافرين مع بعض فمفيش داعي نقطع على بعض یعنی

دفع بعضهم البعض وهم يضحكون بشدة في نشوة ومرح كبير والناس ينظرون اليهم ما بين سعيد ومندهش .. هل الملتحون يضحكون مثلنا ... هل هم من كوكبنا أم هجموا علينا من كوكب آخرا

سافروا جميعاً إلى عروس البحر المتوسط ... فارس وفهرة ... بلال وعبير ... عزة وعمرو

كل ثنائي في شقته الخاصة المؤجرة خصيصا لهذه الأجازة باستثناء شقة عمرو التي كانت مؤجرة بشكل دائم نظراً لعمله الذي جعله ينتقل للأسكندرية للأقامة الكاملة فيها ... وضع فارس

الطعام على المائدة ثم توجه إلى غرفة نومها وطرق الباب يخفة وقال :

قهرة العنا جاهز يا حبيبتي

هتفت من الداخل:

أوعى تدخل لسه مخلصتش

تنهد بسعادة وهو يتجول في أركان الشقة ينتظرها .. خرجت بعد قليل بعد أن بدلت ملابسها

تنهد بعمق ثم توجه إليها وجلس بجوارها وبدأ يطعمها في فمها بعض اللقيمات الصغيرة وبعد أن انتهى أخذت يده في يدها ولعقت أصابعه بمرح وهي مبتسمة له فنظر لها بحب وشوق

كبيرين وقال بخفوت :

أوعى تقولى عبير علمتك دي كمان

أومات برأسها وهي تقول :

اه غيير هي علمته الى.

امسك يدها وقبلها بحنان قائلا :

خلصتي أكل ولا لسه ؟

شعر بها ارتجفت فجأة وانتفض جسدها وتقلصت عضلات وجهها خوفاً ووجلاً فعقد جبينه وقال بقلق :

مالك خايفة كده ليه

تلعثمت وهي تقول :

لا ابدا مفيش

شعر يخوفها وسمع طرقات قلبها وكأنه رأى خفقانه وقفزاته بجنون ... شعر بالشفقة تجاهها

ومسح على شعرها وهو يجذبها إلى صدره قائلا :

من امتى وانت بتخافي مني ؟ فاكره اليوم اللي قلتيني فيه أحميني منك يا فارس ؟

رفع رأسها إليه قائلا :

محدش في الدنيا دي يخاف عليكي أدى ... صح ولا لاء؟

س البحث

أومات برأسها وقد شعرت ببعض الهدوء النفسي يغلفها على أثر كلماته الرقيقة ووضعت رأسها

على صدره بهدوء فمسح على ذراعها وهو يقول :

لازم تتأكدي من كده كويس أوي ... أنا هفضل طول عمري حمايتك وأمانك حتى من نفسي أنت. يا مهرة مش حبيبتي وبس ومش مراتي وبس ... أنت بنتى واختى قبل أي حاجة ثانية وزى ما كنت بخاف علیکی وانت لسه بیبی بین أيديا... هفضل برضة اخاف عليكي وانت مراتي وحبيبتي وبين أيديا

اتسعت ابتسامتها ورفعت رأسها إليه وطبعت قبلة صغير ممتنة على وجنته .. فنظر إليها بشغف قائلا :

انت صدقتي ولا ايه ده انت عبيطة أوى !

لم تكن تلك الليلة هي ليلة عادية في عمرهما، كانت بداية جديدة لعمر آخر .... فارس آخر ومهرة أخرى، يطوفان حدائق حبهما في سكون وصمت يهدى كل منهما رحيقه طواعية وحب أصبحالأخذ هو العطاء والعطاء هو الأخذ أختلفت المقاييس توحدت الأنفس أصبحت كياناً واحداً يتنفس برنة واحدة، يبتسم بنفر واحد روحاً واحدة وجسداً واحداً .... وقلبان ينتقضان عشقا

لامست مياه البحر أقدامهما وهما يجلسان على شاطئه ويتأملان شروق الشمس فاستدت رأسها

على صدره وقالت :

أنا جسمى قشعر من جمال وروعة المنظر الخلاب ده ... شفت عظمة ربنا في أبداعه ....

أجابها فارس بعد أن قبل كفها بحنان :

أومال لو شفتي الأجمل والأروع من المنظر ده هتقولي ايه

رفعت رأسها تنظر إليه في فضول كبير قائلة :

فين ده

قال وهو ينظر إلى عينيها الواسعتين :

علاوة على ذلك

أحمرت وجنتيها خجلاً وقالت بخجل :

- بتهزر ؟

قال يحب :

انا يتكلم جد .. أنا لما يشوف عليكي ينسى الدنيا كلها ويحس أني في الجنة .... أنا معرفتش. طعم الحب الا وانا معاكي .. عشت حياتي قبلك في وهم وانا فاكر أني بحب غيرك ... عشت أكبر كدبة في حياتي .. لكن لما عرفت أني يحبك دوقت ساعتها طعم الحب الحقيقي .....

أنت عارفه يا ظهرة .. أنا عشت حياتي كلها كل ما أدخل محكمة واسمع حكم وراه جملة مع وقف التنفيذ ... كنت بفتكر حياتي اللي عشتها .. الجملة دي هي تلخيص حياتي كلها .. من ساعة ما اتخرجت من الجامعة وانا بحلم ابقى وكيل نيابة .. وكنت يذاكر واطلع الأول وكنت عايش دور وكيل النيابة بس مع وقف التنفيذ ... لحد ما اتجوزت وكنت فاكر اني يحيها وهي بتحبني وبعد ما عرفتها على حقيقتها والناس فاكرانا متجوزين ومتفاهمين وينحب بعض ميعرفوش اننا متجوزين بس مع وقف التنفيذ .... حتى لما دخلت المعتقل كنت فاكر الى هموت ومحضر نفسي للموت لكن كنت بموت كل يوم من الانتظار.. لكن يرضه مع وقف التنفيذ .. ولما اتجوزتك. وابوكي كان هيفرق بينا ومكنتش عارف اشوفك .. كنت مراتي مع وقف التنفيذ ... و لما فكرت واتحمست الى أظهر البلد دي من الفساد والسرقة واللى بيحصل فيها عرفت ساعتها اننا كلنا شايفين السرقة والفساد لكن مش قادرين تعمل حاجة وفاكرين نفسنا أبطال .. بس كلنا أبطال مع

وقف التنفيذ .

كانت تنظر إليه تسمعه بتركيز و اهتمام فقالت :

تفتكر يا فارس في أمل بلدنا تتغير ؟

قال بشرود :

أنا متاكد ان ده هيحصل .... بس عشان ده يحصل لازم تكون كلنا أيد واحدة لازم الشعب ده يفوق من الغفلة اللي عايش فيها من سنين طويلة ... إن الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بانفسهم.... ده مهما كان حجم الظلم والطغيان اللي موجود في البلد مش ها يقدر يقف أدام ثورة الناس كلها ... بس الخوف كله ان لو الشعب عمل ثورة فعلا وما غيرش نفسه وفضل عايش في الضلمة ... ها تبقى ثورة .. بس مع وقف التنفيذ

تمت بحمد الله
تعليقات