رواية استثنائية في دائرة الرفض الفصل الثامن والثلاثون 38 بقلم بتول عبدالرحمن

 

 


رواية استثنائية في دائرة الرفض الفصل الثامن والثلاثون بقلم بتول عبدالرحمن

يسر وقفت متجمده مكانها بعد ما ضربته، ولما شافت الدم بينزل من بقه، شهقت شهقه عاليه وهيا بتقول بصدمه
"يونس!!!"
إيديها ارتجفت، جريت ناحيته وهيا بتقول بخوف هستيري 
"الحقووو! حد يلحقه بسرعه!"
ركعت جنبه على الأرض، إيديها كانت بتترعش وهي بتحاول تسنده
"يونس...يونس رد عليا! بالله عليك!"
كان بيكح بقوه، الدم بينزل على هدومه وهي بتحاول تمسح بوقه بإيديها بس مش قادره توقفه، قلبها كان هيطلع من مكانه، الدموع غرقت وشها في ثواني، وصوتها خرج مخنوق
"لا لا لا، مش كده...مش قصدي والله!"
الممرضين جريوا فورًا، شالوه على ترولي بسرعه، وهيا جريت وراهم، دموعها نازله ووشها شاحب.
دخلوا بيه الطوارئ، والدكتور وصل بسرعه، بص عليه وقال بحده
"إيه اللي حصل؟!"
يسر ردت بتوتر
"كان...كان بيكح دم!"
الدكتور كشف بسرعه على صدره، ولما لمس الضلوع قال بنبره حاده
"واضح إنه عامل حادثة قريب... الضلوع اتحركت وضغطت على الرئه...لازم تدخل فورًا قبل ما النزيف يزيد!"
يسر اتجمدت، عينيها رمشت بخوف
"حادثه؟ إمتى؟!"
الدكتور رد وهو بيجهز
"شكله النهارده أو من ساعات... واضح إنه استهان جدًا، وأي حركه عنيفه سببت النزيف."
بص عليها بجديه وقال
" يلا ساعدي معانا"
يسر وقفت متسمره، صوتها طلع متقطع 
"مش هقدر... مش هقدر خالص."
الدكتور بصلها وقال
" احنا دلوقتي محتاجيينك، اركني مشاعرك على جنب!"
يسر هزت راسها بقوه، رجعت لورا كأن رجليها مش شايله جسمها
"مش قادره... سامحني يا دكتور."
الدكتور شاور للممرضين
" طب يلا بينا بسرعه! هو مش مستحمل دقيقه"
بص ليسر وقال
" استني بره بقا بما انك مش ناويه تشتغلي"
دخلوا بيونس غرفة العمليات، الباب اتقفل وراهم بعنف، وهيا قعدت بره على الأرض قدام باب العمليات، ضهرها لورا وهي حاضنة ركبها، نفسها بيطلع متقطع وكأنها بتتخنق، كل شويه تبص للباب وتقوم وتقعد تاني، إيديها مش ثابته، ومخها بيرجع يكرر منظره قدامها
ثواني وظهر صوت خطوات جايه بسرعه... فريده جت، وشها قلقان جدًا وقالت بخوف
"يسر!! إيه اللي حصل؟! "
يسـر رفعت عينيها ليها، عينيها كلها دموع، صوتها خرج متقطع
"فريده... يونس... يونس وقع قدامي... وكان بيكح دم... أخدوه العمليات..."
فريده شهقت، حطت ايديها على بوقها وقالت بصدمه
"إيه؟! ازاي؟!!!.... كان... كان كويس"
يسر حطت إيديها على وشها وفضلت تعيط
"أنا السبب... أنا اللي عملت فيه كده! زقيته جامد... بس مش قصدي والله يا فريده، مش قصدي!"
فريده قربت منها بسرعه وقعدت جنبها، حضنتنها بقوه وقالت بصوت مليان خوف
"هششش... اهدي... مش ذنبك، هو واضح إنه كان تعبان من الأول... كويس انك عملتي كده عشان مكانش يكابر اكتر"
يسر هزت راسها وهي بتعيط زي طفله
" الدكتور قال إنه عامل حادثه ومخبي... وضلوعه اتحركت، ضغطت على الرئه وسببت نزيف، يارب يكون كويس"
فريده بصت للباب المقفول بقلق، قلبها مش متطمن وقالت بخفوت
" خير إن شاء الله"
فريده قلبها اتقبض أكتر وقالت بصوت واطي
"مش هقدر أفضل هنا، لازم أشوفه."
يسـر هزت راسها بخوف
"ادخلي شوفيه، وبالله عليكي طمنيني."
فريده قامت ودخلت بهدوء، قلبها بيدق بخوف، لبست ماسك وجوانتي بسرعه ودخلت اوضة العمليات، أو ما دخلت عينيها وقعت على يونس، كان ممدد على السرير ووشه باهت جدًا، نفسه بيطلع بالعافيه، كل الأجهزه حواليه بتدي أصوات مزعجه، والدكاتره شغالين بسرعه.
قربت خطوتين وهي مش قادره تاخد نفسها، وقفت عند آخر السرير تبص عليه وبالرغم من أنها دايما بتشوف عمليات ومناظر كتير فيها دم بس حست انها مش قادره تشوف يونس
الدكتور لمحها وقال بسرعه
"انتي هنا بتعملي إيه؟ لو هتفضلي واقفه كده مش شغاله يبقى فضي الاوضه مش عايزين زحمه"
فريده هزت راسها ببطء ورجعت لورا وهي مش قادره تشيل عينها من عليه، وقفت ثواني وسألت بصوت مبحوح
"هو... هو هيبقى كويس؟"
الدكتور قال وهو مركز مع يونس
"مش عارف طبعا دي حاجه في علم الغيب"
هزت راسها وخرجت والقلق والخوف مالي وشها، يسر أول ما شافتها قامت بسرعه وسألتها بصوت مرتعش
"فريده... عامل إيه؟"
فريدة اترددت ثواني، بس بصتلها بثبات وقالت بهدوء
"إن شاء الله كويس."
يسر أخدت نفس عميق كأنها بتحاول تصدق الكلمه وتتمسك بيها.

بعد لحظات، الباب اتفتح وخرج ممرض ماسك حاجات يونس، ادى لفريده الفون وقال
"ده كان بيرن كتير، شوفي لو أهله وقوليلهم"
خدت الفون ولقته بيرن ولقت صابرين هيا اللي بترن، بصت ليسر بتوتر وقالت بهمس
"أعمل إيه؟!"
يسر قالت بتردد
" مش عارفه"
فريده اترددت شويه بس في الآخر ردت، جالها صوت صابرين قلقان 
"يونس! إنت فين؟ مش بترد ليه؟"
سكتت فريده ثواني، بلعت ريقها بصعوبه قالت بصوت مبحوح
" أنا فريده."
صابرين اتجمدت لحظه وبعدين قالت باستغراب
"فريده؟! ويونس فين؟!"
فريده قالت بحذر 
" يونس في المستشفى هنا، عمل حادثه بس هو هيكون بخير إن شاء الله"
صابرين شهقت بصدمه وفريده كملت
"متقلقيش بالله عليكي، هو كويس"
صابرين قالت بهدوء
" طمنيني لما الدكتور يطمنك"
وقبل ما فريده ترد، كانت قافله الفون
يسـر بصتلها وقالت
"قالتلك إيه؟"
فريده قالت
" هتيجي اكيد"

عند تيم 
كان قاعد مع حسام بيشتغلوا، حسام بيشرح بحماس وصوته مليان أمل
" المشروع ده مش عادي، إحنا لو كملنا بالسرعه دي، أنا متأكد إنه هينجح نجاح كبير!"
تيم قاعد قدامه، ماسك القلم وبيلعب بيه، ملامحه متوتره ومش مركز خالص.
تيم قطع كلام حسام فجأه وقال بنبره هاديه بس فيها ضيق
"حسام... أنا هسافر الأسبوع الجاي."
حسام بصله باستغراب 
"إيه؟! تسافر؟ فين؟"
تيم رد ببرود وهو بيبعد نظره عنه
"شغل مهم... لازم أخلصه هناك، وأكيد إنت مش هتقدر تسافر، فهسافر أنا."
حسام حط القلم اللي ماسكه على الترابيزه وبصله بحده
"شغل إيه ده اللي جه فجأه؟"
تيم قال باختصار وهو بيتنهد
"العرض لسه جاي والمفروض أسافر."
حسام حس بالتوتر في كلامه، سأله بقلق
"يعني مش هتحضر خطوبتي؟!"
تيم هز راسه بنفي
"لاء... مش هقدر، زي ما إنت شايف، الشغل مستني."
حسام رفع صوته بغيظ
"طب ما كنت تأجل السفر! إيه اللي هيحصل يعني؟"
تيم رفع عينه فيه وقال بجمود
"ده اللي حصل... وأنا بلغتك خلاص."
في اللحظه دي، موبايل تيم رن... رد بسرعه على صابرين، صوتها جاله جامد، مخنوق، بس بتحاول تبقى متماسكه
"تيم… يونس عمل حادثه… هو في المستشفى دلوقتي اللي فريده شغاله فيها"
تيم اتجمد مكانه، وبعد ثواني قصيره قام وقف فجأه وقال بصدمه
"إيه؟!"
صابرين كررت الجمله بصرامه، وقفلت قبل ما يرد.
تيم فضل ماسك الموبايل في إيده متصلب لحظه، حسام شاف وشه اتغير وسأله بقلق
"في إيه يا تيم؟ حصل إيه؟"
تيم قال بسرعه وجمود وهو بيتحرك لبره
"يونس عمل حادثه."
مشي ناحية الباب بسرعه وحسام قام وراه فورًا وقال بلهفه
"استنى، أنا جاي معاك!"

بعد لحظات، دخل تيم وحسام المستشفى بخطوات سريعه، تيم طلع بسرعه بعد ما سأل عن مكانه وحسام وراه، أول ما وصلوا، شافوا يسر واقفه، تيم قرب منها بسرعه وسأل
" يونس كويس؟ عامل ايه؟!"
يسـر اتنهدت، صوتها كان متردد
"هو... كان عامل حادثه من بدري... وكابر، الضلوع اتحركت وضغطت على رئته سببتله نزيف"
تيم كان بيسمعها بتركيز شديد، ملامحه مشدوده، يسر كملت وهي بتبلع ريقها بالعافيه
"الدكتور دخله العمليات فورًا... لسه جوه لحد دلوقتي."
تيم عض شفايفه بقوه، بيحاول يسيطر على غضبه وخوفه في نفس الوقت، حسام وقف جنبهم متوتر، يسـر بصت لتيم تاني وقالت بصوت واطي
"إن شاء الله هيكون كويس"
في اللحظه دي، الباب بتاع العمليات اتفتح بهدوء وظهرت فريده، تيم أول ما شافها اتصلب في مكانه، عينه اتشبكت في عينيها باهتمام واضح، واقف مستني أي كلمه منها، حسام بصلها هو كمان باهتمام، يسر اتقدمت خطوتين بسرعه، قلبها مقبوض وقالت بصوت متلهف
"إيه يا فريده؟!"
فريده أخدت نفس عميق، بصّت الأول لتيم اللي كان واقف ثابت، عينيه متعلقه بيها كأنه مش سامع غير صوتها، بعدين حولت عينيها على حسام اللي كان بيبصلها، ورجعت تبص ليسر اللي مستنياها تتكلم.
فريده أخيرًا قالت بصوت هادي
"الحمد لله... الدكتور قدر يرد أضلاعه مكانها، العمليه تعتبر خلصت، والدكتور هيخرج يطمنكم أكتر كمان شويه."
يسر اتنفست براحه وكأنها اول مره تتنفس، تيم نفس التعبير على وشه، بس عينه ارتخت سنه صغيره.
فريده بلعت ريقها وقالت 
"عن إذنكوا..."
حسام وقفها بسرعه
"فريده!"
وقفت ثواني، لفّت وشها ناحيته وقالت باقتضاب
"معلش يا حسام ثواني... مشغوله جدًا."
ومشيت بسرعه...

بعد لحظات قليله، صابرين ظهرت وملامحها باين عليها الذعر، قربت بسرعه من تيم اللي طمنها وفهمها الوضع وهيا ارتاحت شويه، في اللحظه دي، باب العمليات اتفتح والدكتور خرج وكلهم اتجمعوا حواليه في نفس اللحظه.
صابرين سألت بلهفه
"هو بخير يا دكتور؟ كويس؟! طمني"
الدكتور ابتسم ابتسامه مطمئنه وقال بنبرة عمليه
"الحمد لله، بس هو محتاج يفضل كام يوم تحت الملاحظه، عشان نتأكد إن مفيش ضلع ارتد تاني عن مكانه."
يسـر سألت بسرعه
"يعني... هيفضل هنا قد إيه؟"
الدكتور رد بهدوء
"٣ أيام على الأقل... وبعدها إن شاء الله يخرج وهو أفضل بكتير."
الكل ظهر عليهم الارتياح من كلام الدكتور، مش أول مره بس كل مره بتعدي بستر ربنا...

يسر انسحبت بهدوء بعد ما اتطمنت اخيرا، دخلت الاوضه اللي دايما بيتجمعوا فيها ولقت فريده، قربت منها وسألت
"قاعده كده ليه؟"
فريده بصتلها وقالت بهدوء
"لسه داخله اهو... الدكتور خلص؟!"
يسر اتنهدت بارتياح، وهزت راسها وقالت 
"الحمد لله، بقا بخير... شويه وهيفوق... هيقعد هنا ٣ أيام تحت الملاحظه وبعدها يكون أحسن كتير."
فريده ابتسمت ابتسامه صغيره وقالت
"الحمد لله."
يسر فضلت تبصلها ثواني، وبعدين سألتها باستغراب
"مش هتروحي تشوفي حسام؟"
فريده هزت راسها بسرعه وقالت بجديه
"لسه عندي شغل"
يسـر شبكت إيديها وقالت بنبره متفهمه
"عارفه إن عندك ضغط، بس بردو هو مستنيكي... إنتي عارفه هو بيقدرك قد إيه."
فريده اتنهدت، بصت بعيد وقالت بهمس
"عارفه... بس مش مستعده أتكلم مع حد دلوقتي"

عند حسام
كان واضح الضيق على وشه من تجاهل فريده، فضل يبص حواليه، مستني يلمحها جايه من بعيد، لكن الوقت عدى وهي مظهرتش، لا سألت عليه ولا حتى جت تشوفه، زفر بقوه، قبض إيديه وحاول يسيطر على نفسه، ساعه كامله عدت وهو مستني، قلبه بيتقبض أكتر مع كل دقيقه، ولما أخيرًا اتطمن على يونس قرر يمشي، بس قبل ما يخرج سمع صوتها بينادي
"حسام!"
وقف مكانه، لفلها لاقاها بتقرب منه، قالت بسرعه
"رايح فين؟"
رد ببرود، صوته هادي بس فيه مراره
"ماشي."
رفعت حواجبها باستغراب
"من غير ما تشوفني؟"
قال بضيق
"قولتلك استني، قولتيلي مشغوله... وبعدها اختفيتي، بما إن شغلك أهم ومش فاضيه، مفيش داعي أفضل موجود أكتر."
ملامحها اتلغبطت وقالت بتوتر
"بس أنا فعلاً كنت مشغوله."
نبرته عليت شويه من كتر الضيق
"وأنا مشغول أكتر منك، وبرغم كده استنيتك أكتر من ساعه... وإنتي مجيتيش."
صوتها كان واطي وهي بتحاول تبرر
"كنت هاجي علفكره."
سألها بسخريه
"وإيه اللي منعك؟ مش قادرة تفضي خمس دقايق يعني؟"
قالت بسرعه 
"غصب عني والله."
سكت لحظه، بعدين ابتسم ابتسامه مريره
"تمام... اتفضلي كملي شغلك... وأنا همشي."
مدت إيدها بخوف تحاول تمنعه يمشي وهيا بتقول
"خليك معايا شويه طيب."
بصلها، قلبه بيتألم بس كبرياءه منعه، قال بهدوء حاد
"آسف، مش هينفع أسيب الشغل أكتر من كده... كملي شغلك يا فريده، عن إذنك."
سابها وخرج، وهيا وقفت مكانها متجمده، صدرها بيطلع وينزل بسرعه من الضيق.

حسام مشي بخطوات سريعه، كأنه بيهرب من كلامها ومن الضيق اللي مالي قلبه، فريده ملحقتش تفكر، جريت وراه لحد ما وصلت عنده، نادت بصوت ملهوف
"حسام... استنى!"
وقف لحظه، لفلها من غير ما يتكلم، ملامحه جامده.
قربت منه بسرعه وقالت بتوتر
"متسيبنيش كده... أنا آسفه، والله غصب عني."
رد بجمود
"قولتلك خلصنا."
حاولت تمسك إيده وقالت برجاء
"طب اسمعني بس... أنا مقدرش أزعلـ..."
شد إيده من إيديها وبص بعيد كأنه بيحاول يسيطر على نفسه وقال بصرامه
"مش دلوقتي يا فريده."
دموعها لمعت وهي بتحاول تمسك أعصابها، كمل بنفس النبره البارده
"بكره هعدي عليكي... علشان نروح نختار الشبكه."
قالها كأنها واجب مش بحب زي ما دايما بيكلمها، وبعد كده مشي وسابها واقفه....

تاني يوم عند يونس
الاوضه كانت هاديه إلا من صوت جهاز التنفس اللي بيقيس دقات قلبه، يونس نايم على السرير، شكله منهك، الباب اتفتح بهدوء، دخلت يسر بخطوات محسوبه، ملامحها جامده، ماسكه نفسها بكل قوتها، ملامحها جامده كأنها لابسة قناع مهنيه، قربت من السرير من غير ما تبص في عينيه، بدأت تفحص الأجهزه، تكتب ملاحظات سريعه، تظبط المحلول.
صوتها طلع عادي جدًا، بارد وعملي
"إزيك دلوقتي؟ في دوخه أو صعوبه في التنفس؟"
يونس كان بيتابع كل حركة منها، عينيه ثابته عليها، مستغرب برودها بس رد بهدوء
"تمام... الحمد لله."
يسـر اكتفت بهزة راس صغيره وقالت باقتضاب
"كويس... استمر على نفس الوضع، أي ألم لازم تبلغنا فورًا."
اتنهدت وقالت أخيرًا بنبره جاده جدًا
"وحمد الله على سلامتك... ياريت الفاضل بينا يكون احترام وبس."
يونس وشه اتغير، الضيق بان على ملامحه، عينيه نزلت لحظه وبعدين رفعها تاني وقال بصوت متعب
"وأنا قولتلك إني آسف... آسف على كل حاجه... ووعدتك مش هتعرضلك تاني."
يسـر نبرتها فضلت رسميه وقالت
"ده الأفضل... لأني كنت فعلاً مش مرتاحه... كل مرة بتظهرلي فجأه كنت بحس برعب"
يونس اتنهد ببطء، صوته خرج بغصه 
"تمام، مش هتشوفيني تاني، هخرج من هنا ومش هضايقك تاني، صدقيني."
بعدها سكت، بص بعيد عنها، يسر اكتفت بهزة راس بسيطه، لفت وخرجت من غير ما تعلق أكتر.

عند فريده
فونها رن، شافت اسم حسام فردت بسرعه، صوته جه هادي لكنه جدي 
"أنا مستنيكي."
قفلت وهيا بتخرج بسرعه، خرجت لقته واقف عند عربيته، باصصلها ببرود خفيف، ابتسمتله ابتسامه دافيه وهي بتقرب، مدت إيدها تسلم عليه، بس هو سبقها وفتحلها باب العربيه من غير ما يقول كلمه.
ابتسامتها اختفت تدريجيًا، ركبت بهدوء وهو قفل الباب ورجع مكانه تاني، فريده بصتله وقالت بنبره متردده
"شكلك لسه متضايق."
مردش... اتنهدت بضيق وقالت
"مش شايف إنك أوڤر شويه؟"
حسام اتنهد بعمق، بص قدامه كأنه بيرتب كلامه، وبعدين صوته خرج صريح
"في الأول... أول ما شوفتك خطفتيني، كنت بعمل المستحيل علشان بس أشوفك، ومع ذلك مكنتش بشوف منك أي مشاعر أو أي فرحه، كنتي لذيذه في التعامل... بس مش قادر أفهمك أو افهم مشاعرك"
بصلها وبعدين رجع عينه للطريق وقال بصدق أكبر
"قولت لازم أواجهك بمشاعري... وطلبت أتجوزك، وبالرغم من إنك اتأخرتي في الرد وأنا سيبتك براحتك خالص علشان مكونش بضغط عليكي من أي اتجاه، بس في الآخر وافقتي... وده خلاني أسعد إنسان."
كمل بصوت مكسور
"بس بعدها إنتي اتغيرتي، كذا موقف بحس نفسي آخر أولوياتك، مع إنك يا فريده أول أولوياتي، تقدري تقوليلي إيه السبب؟! هل إنتي مش مبسوطه معايا؟"
سكت لحظه وبعدين بص في عينيها وقال بحده أهدى من غضبه
"أنا ممكن أدوس على مشاعري عادي ومع الوقت هنسى، بس لو إنتي معايا يبقى لازم تديني اهتمام، إحنا خلاص مش مجرد صحاب، إحنا هنتجوز قريب، هنكون أقرب اتنين لبعض، لو أنا الشخص الغلط عرفيني دلوقتي قبل ما دماغي تفضل توديني وتجيبني."
فريده سكتت لحظات، بصت قدامها كأنها بتجمع كلامها وقالت بهدوء
"أنا بحب شغلي... ومش متعوده أهتم بحد، يمكن لسه محتاجه أستوعب وجودك في حياتي."
حسام شد نفسه وقال بجديه
"تمام... يبقى نأجل علاقتنا... نأجل جوازنا شويه"
بصتله بسرعه وقالت بقلق
"ده اللي إنت عايزه يعني؟"
هز راسه وقال بهدوء عميق
"أنا مش بتكلم عني... أنا بتكلم عنك إنتي... إنتي اللي عايزه إيه؟ أنا عكسك يا فريده... أنا راحتك بتهمني لأني بحبك بجد، مش مجرد واحد سطحي عاجباه واحده، فعرفيني عشان أبقى فاهم ومفضلش في دوامة الشك دي."
فريده اتنهدت وبصتله، ابتسمت بخفه تحاول تكسر الجليد اللي بينهم
"اللي عايزاك تعرفه إني عايزاك، وعايزة أكون معاك بسرعه."
حسام بصلها، عينيه مليانه شك وتردد، صوته طلع هادي بس فيه غُصه
"كلام حلو، بس مش حاسس بيه، إنتي عارفه إحساسي إيه دلوقتي؟ إن أنا اللي متمسك وإنتي بتمشي ورا التيار بس، خايف أكون مجرد محطه بالنسبالك."
فريده اتوترت من كلماته، قالت وهيا بتحاول تشرحله موقفها
"حسام، أنا يمكن مش بعرف أعبّر زيك، ومش بعرف أدي الاهتمام اللي بتدور عليه بسهوله، بس ده مش معناه إني مش عايزاك، بالعكس... إنت فارق معايا أكتر من أي حاجه."
فريده كملت بإصرار، صوتها بدأ يلين
"أنا يمكن ببان بارده... بس جوايا مش كده، يمكن عشان متعوده أعتمد على نفسي طول الوقت، صعب أدي لحد مساحه يدخل حياتي بالشكل ده، بس إنت... إنت أول واحد يخليني أفكر إني مش لوحدي، إنت مهم عندي يا حسام... أهم من أي حاجة تانيه"
حسام فضل ساكت ثواني، وبعدها اتنهد بهدوء وكأن الكلام بدأ يوصل قلبه
"أنا بس عايز أحس إنك معايا مش ضدي، مش عايزك تبعدي عني بالشغل أو بأي سبب تاني، يعني كل حاجه وليها وقت، مينفعش تيجي على حاجه علشان حاجه"
فريده مدت إيدها ومسكت ايديه وهي مبتسمه ابتسامه صافيه
"مش هسمح لشغلي ياخدني منك تاني، إنت الأول عندي دلوقتي."
حسام أخيرًا ابتسم ابتسامة صغيرة وقال بصدق
"هو ده اللي كنت مستني أسمعه منك طول الوقت."
ابتسمت براحه وبصت قدامها واتنهدت بارتياح

AFTER ABOUT 2 MONTHS 
فريده كانت واقفه قدام المرايه في بيوتي سنتر كبير اختارته بعنايه من أسابيع، باصه لنفسها برضا، كانت لابسه تحفه فنيه من الدانتيل الأبيض الخالص، الفستان كله مشغول بنقشات ورديه دقيقه وناعمه بتغطي القماش من أوله لآخره، مدياله مظهر رومانسي وفخم جدًا، التصميم كان أوف شولدر (كتاف مكشوفه) بيبرز جمال رقبتها وعضم أكتافها مع أكمام طويله ضيقه كلها دانتيل شفاف مخرم كأنها طبقه رقيقه من الورود ملفوفع حوالين إيديها.
الصدر مصمم بقصه أنثويه أنيقه، مبرزه تفاصيل الفستان بشكل راقي، والوسط ماسكها بخفه مديها قوام مرسوم ومتوازن، ومن عند الوسط نازل الفستان واسع بانسيابيه فخمه.
كانت لابسه عقد لؤلؤ قصير ثلاثي الطبقات ملفوف حوالين رقبتها، ضاف لمسه كلاسيكية راقية جدًا، اكسسوراتها بسيطه جدا، شعرها منسدل بسيط على ضهرها من غير أي تكلف، وده خلّى جمال الفستان وملاحها يبان أكتر.
الميكب طبيعي جدا، عينيها مرسومه بخط أسود رفيع ورموش طويله بارزه، وشفايفها لونهم وردي فاتح، كان بسيط جدا ويادوب برز ملامحها.

أما عند حسام
حسام كان واقف قدام المرايه في أوضه واسعه وفخمه، الإضاءه ناعمه بس متركزه عليه، لابس بدله سودة كلاسيك قصتها مظبوطه جدا على جسمه، مبرزه عرض كتافه وطوله، القماش لامع لمعه خفيفه بتدي فخامه للبدله من غير ما يبقى مبالغ فيها، تحتها قميص أبيض ناصع، مكوي بعنايه، جيب الجاكيت محطوط فيه منديل حرير أبيض صغير مرتب بعنايه، ومكتوب اسم فريده على البدله جنب صدره.
جزمته كانت سوده، جلدها بيلمع كويس جدا، شعره متظبط باستايل بسيط وراقي، ملامحه باينه إنها مشدوده من التوتر، بس عيونه فيها لمعة فرحه واضحه، لحيته كانت خفيفه ومهذبه جدًا، مدياله شكل راجل وسيم وراقي.
كان لابس ساعه معدن فضيه أنيقه، كل شويه يبص فيها بقلق كأنه مستعجل يشوف فريده، ابتسامته مش بتفارق وشه رغم التوتر، وكان حوالين عينه خطوط صغيره من كتر الضحك مع أصحابه اللي بيهزروا معاه.

A FEW MINUTES LATER 
حسام كان واقف قدام المرايا اللي في الـ بيوتي سنتر، بيعدل نفسه للمره العاشره من غير داعي، إيديه كانت بتترعش بشكل بسيط، قلبه بيدق بسرعه أكتر من الطبيعي، وكل ما يسمع صوت حركه ورا الباب يحس إن نفسه اتحبس، كان بيحاول يبان هادي قدام أصحابه بس الحقيقه إنه كان متوتر زي طفل صغير.
بعد لحظات، الباب اتفتح ببطء وفريده ظهرت، بصلها وأول ما شافها حس إنه اتخطف من الدنيا، عينيه اتسمرت عليها، وسعت بشكل ملحوظ، وابتسامه لا إراديه كسرت كل توتره، خد نفسه بعمق، بس صدره كان بيطلع وينزل بسرعه وكأنه مش قادر يسيطر على نفسه.
اتقدم خطوه صغيره لقدام، بعد كده رجع خطوه لورا وهو بيحاول يستوعب اللي بيحصل، إيديه راحت لشعره يعدله من غير سبب، وصوته اتخنق وهو بيضحك بخفه متوتره.

فريده أول ما شافته واقف مستنيها كتمت نفسها، ابتسامتها كانت مرتعشه، وإيديها اللي ماسكه الفستان كانوا مشدودين جامد، حسّت إن كل العيون عليها بس في اللحظه دي، وتوترها باين بشكل ملحوظ.

حسام فجأه مسك صدره وعمل نفسه بيتمايل كأنه هيقع... أصحابه اتخضوا ومدّوا إيديهم بسرعه يسندوه، بس هو ضحك بخفه وقال وهو باصص لفريده
"مش أنا اللي وقعت، ده قلبي وقع من ساعة ما شوفتك!"
أصحابه وضحكوا وهيصوا على كلامه، وفريده اتوترت اكتر بس ابتسامه صافيه ظهرت على وشها.
قرب منها وهمس جنب ودنها 
" فريده؟ مش مجرد اسم... ده وصف فعلا"
الكلمه وقعت على قلبها زي سحر، خلتها تنسى ارتباكها كله، رفعت عينيها ليه أخيرًا، ولأول مره من بداية اليوم بانت الطمأنينه في ملامحها.

عند تيم 
كان واقف قدام المرايه في اوضته، واقف ثابت، بيعدل الكم بدقه مبالغ فيها وبعدين يوقف، يلبس الساعه ويشيلها تاني، رش برفانه بهدوء، في حاجه جواه مش قادر يسيطر عليها، ملامحه مش واضحه، مزيج غريب من الجمود اللي متعود يحطه قدام الكل ومن لين خفيف مش باين غير في عينيه، وضيق جوه صدره من غير ما يطلع، مكانش قادر يفهم نفسه، ولا قادر يحدد إيه الإحساس اللي مسيطر عليه.
الباب اتفتح، صابرين دخلت بهدوء، عينيها عليه من غير ما تقطع تركيزه اللي ظاهر في المرايه
قالت بصوت هادي
"هتيجي؟"
تيم هز راسه بالإيجاب من غير ما يبصلها، قال ببرود
"أنا ويونس جايين وراكي."
صابرين وقفت ثواني تبصله وبعدين قالت
"لو مش عايز تروح... خليك، وأنا هقول لحسام أي سبب."
تيم بصلها بحده بسيطه وقال بجمود
"أنا ويونس جايين وراكي."
الكلمات خرجت منه حاسمه غير قابله للنقاش، صابرين بصتله لحظات وبعدين خرجت بهدوء.

بعد ساعه
تيم وصل القاعه مع يونس، خطواته كانت تقيله وكأنه شايل جبل على كتافه، شكله من بره متماسك جدًا، لكن عينيه وهي بتلف في القاعه فضحته.
وقف عند المدخل لحظه بيحاول يجمع نفسه وبعدين دخل وهو بيبص حواليه، شافها... وقلبه ضرب أقوى لما شافها.
كانت قاعده جنب حسام، ضحكتها خفيفه، حسام كان جنبها، مبطلش يبصلها بحب وانبهار.
تيم اتسمر مكانه، للحظة اتخيل المشهد من زاويه تانيه... كأنه هو اللي واقف هناك مكان حسام، بنفس كل حاجه... بس هو اللي معاها، الفكره دي خنقته، حس بيها كطعنه في صدره.
شد نفسه بسرعه، رفع راسه وقرب اكتر وكل ما يقرب أكتر، كل ما قلبه يتقطع أكتر، عينيه اتسحبت من غير ما يقصد ناحيتها.

فريدة كانت مبتسمه ابتسامه رقيقه، لكن جواها توتر خفي مش عارفه سببه، إحساس غريب خلاها ترفع عينيها من غير وعي ولقته... تيم.
كان بيقرب منهم بخطوات ثابته، عينيه ثابته عليها وسط الزحمه....

تعليقات