رواية بين الخيانة والحب الفصل الثالث 3 بقلم ساره علام

 

رواية بين الخيانة والحب الفصل الثالث بقلم ساره علام


ـ عارفة وجع الخيانة صعب قد إيه.. بس اللي أصعب إنك تفضل مصدّق حد ما يستاهلش.

محمد رفع عينه لمنار ببطء بعد صمت طويل بينهم، استغرب كلامها، سأل بنبرة مبحوحة:
ـ كنتي عارفة؟.

سكتت لحظة، وبصت له بابتسامة حزينة:

ـ كنت شايفة حاجات.. بس معرفتش أقولك، ماكنتش عايزة أجرحك
ويمكن كمان ماكنتش قادرة أواجه إني طول الوقت بتمنى أكون مكانها.

الكلام وقع على محمد زي المفاجأة، قلبه اتقبض أكتر، لكن لأول مرة حس إن في حد فاهمه بجد.

ـ منار.. إنتي قصدك إيه؟.

اتنهدت وقالت بصوت واطي:
ـ قصدي إني بحبك من زمان، بس كنت ساكتة علشان إنت عمرك ما شوفتني غير أخت صغيرة، أو صاحبة في الشغل.. ولأنك كنت شايفها هي وبس.

محمد معرفش يرد، قعد ساكت بس عنيه بتلمع بدموع مختلفة.. دموع صدمة ممزوجة براحة إن في حد شايفه.

---
في المكتب بعد ما محمد خرج، أنا كانت لسه واقفة متوترة، بحاول أستوعب اللي حصل.
فارس قرب مني أكتر، صوته بقى أهدى وأقرب:

ـ أنا عارف قد إيه إنتي اتظلمتي.. ومش عايزك تفضلي لوحدك في النص تاني.

بصيت له بخوف ممزوج بارتباك:
ـ مش فاهمة قصدك.

ابتسم بخفة وقال:
ـ قصدي إنك تستاهلي حد يحميكي مش يستغلك وأنا.. عايز أكون الحد دا.

اتسمرت، قلبي بيدق بسرعة.. مش متعودة أشوف فارس بالشكل دا.
ـ يا فارس.. الكلام دا مش سهل.

ـ عارف.. ومش مستعجل 
خدي وقتك.. بس متبعديش عني.

سكت وعلى وشي ابتسامة مرتبكة صغيرة، كأني مش عارفة أهرب من المشاعر اللي بدأت تظهر.
......

بعد كام يوم في كافيتريا الشركة..

محمد قاعد لوحده على ترابيزة في الركن، باين عليه الشرود، مش بيأكل.
منار شافته من بعيد، خدت نفس وجمعت شجاعتها، وراحت له ومعاها صينية فيها أكل.

ـ ينفع أقعد؟ ولا محتاج وقت لوحدك؟.

محمد رفع عينه، اتفاجئ شوية بس هز راسه بالموافقة.
منار قعدت قدامه، وقدمت له طبق صغير:

ـ جبتلك أكل.. عارفاك ما بتحبش تاكل لو محدش جمبك.

محمد ابتسم ابتسامة صغيرة.

ـ لسه فاكرة التفاصيل دي؟.

منار بخجل بسيط:

ـ "أنا فاكرة كل حاجة تخصك يا محمد.. حتى الحاجات اللي إنت ناسيها."

حصل بينهم صمت، بس كان صمت دافي
محمد لأول مرة حس إن وجودها جمبه مريح مش خانق.
مد إيده للطبق وقال:
ـ شكرًا يا منار.

---
أنا وفارس العلاقة بينا كانت لطيفة، رغم إني بحبه لكني كنت عايزه أشوفه بيحاول يظهر حبه ليا وأحس بيه.. كنت محتاجة اتأكد انه بيحبني زي ما بحبه وأكتر 
وهو كان بيعمل كل حاجة علشان يثبت ليا دا.

في يوم كنت قاعدة قدام الكمبيوتر، وزميل ليل في الشغل اسمه حسام بيتريق عليا قدام الناس بسبب غلطة بسيطة في التقرير.

ـ هو إنتي لسه مش عارفة تكتبي الأرقام صح؟ بجد حاجة تضحك.

وشي إحمر، حاولت أرد بس صوتي اتلخبط.
فجأة ظهر فارس من وراهم، صوته جه حازم وواضح:
ـ كفاية يا حسام.

الكل سكت. فارس وقف جمبي وبص حوالين المكتب:
ـ اللي يضحك إنكم مش شايفين تعبها
ليلى من أكتر الناس اللي بتشيل الشغل هنا، واللي يغلط يتصلح مش يتريقوا عليه.

رفعت عيوني له، ملامحي متلخبطة بين ارتباك وتأثر.

فارس بصوت أهدى وهو موجه كلامه ليا:
ـ أي مشكلة عندك.. قوليلي وأنا أساندك
متخافيش من حد.

ابتسامة صغيرة ارتسمت على وشي، دمعة خفيفة كانت هتنزل بس خبيتها
ولأول مرة حسّيت إني مش واقفة لوحدي.
.....

آخراليوم بعد الشغل، الناس بتخرج من الشركة متفرقة.
محمد واقف عند الباب بيدور على تاكسي، باين عليه مرهق.
منار خارجة وراه، شايلة شنطتها، مترددة إذا تكلمه ولا لأ.

ـ مستني تاكسي؟.

محمد يبص لها، يهز راسه بابتسامة صغيرة مرهقة.
محمد:
ـ أيوه.. عربيتي بتتصلح وفارس بيوصل ليلى محبتش أبقى عزول بينهم.

ـ لو تحب نرجع سوا أنا ساكنة قريب من منطقتك.

محمد يتفاجئ، وبعدين يضحك ضحكة خفيفة لأول مرة من مدة طويلة:

ـ منار.. إنتي عايزة تعملي دور المنقذ الرسمي بتاعي ولا إيه؟.

منار بخجل وهي بتبعد وشها:
ـ يمكن.. أو يمكن عايزة أبقى بس جنبك.

الكلمة خلته يسكت لحظة، عينه تتغيّر، يظهر فيها دفى جديد.
تاكسي بيقف قدامهم
محمد يفتح الباب، وبعد تردد بسيط يقول:

ـ اطلعي معايا.. خلينا نرجع سوا.

منار بتبتسم ابتسامة مليانة فرحة، وتدخل العربية.
كانوا ساكتين طول الطريق، محمد بيسرق نظرات لها وهي بتبص من الشباك وعلى وشها إبتسامة جميلة 
بيضحك على شكلها وفي دماغه قد ايه هي جميلة كلها على بعضها، اتنهد تنهيده طويلة وبص على الطريق. 

أول ما نزلوا من التاكسي كانت منار واقفة متوترة مش عارفة تقول إيه، لحد ما قرب هو منها بيحاول يتغلب على اللخبطة اللي جواه وياخد قرار متأكد انه هيكون القرار الصح لحياتة..

ـ منار.. عايز أطلب منك طلب وليكي حرية الإختيار، أنا مش هجبرك على حاجة أبدًا.

بصت له بقلق وهي بتفرك إيديها: 
ـ طلب ايه قول.

ـ أنا متأكد إنك هتكوني شريكة حياة مناسبة وأم صالحة، هكدب لو قولتلك اني بحبك دلوقتي..
بس اللي متأكد منه إني مع الوقت أكيد هحبك
لإنك تتحبي يا منار.. تتحبي وتستاهلي الحب دا
موافقة نكمل سوا؟ وأنا أوعدك إني هحطك في عنيا وعمري ما هزعلك مهما حصل!.

منار كانت بتبص له وعيونها فيها دموع
هي مبسوطة إنه شايفها بالطريقة دي وحابب تكون زوجة له، 
كان نفسها تسمع إنه بيحبها.. بس زي ما قال هي كمان متأكدة إنه مع الوقت هيحبها.

ـ موافقة، كانت كل أحلامي نبقى سوا وتشوف حبي ليك.. واوعدك أنا كمان إني هخليك تحبني أكتر ما أنا بحبك.

بص لها بعيون بتلمع بشغف جديد، بداية جديدة، أمل وحب جديد!
إبتسم، ومد إيده لها يحضن إيديها بين ايديه وهما بيكملوا طريقهم وجوا كل واحد منهم سعادة وراحة بعد أيام كتير من الحزن والتوتر والقلق.

أما أنا كنت قاعدة على ترابيزة في كافيه، شكلي مرهق من الشغل.
قدامي لابتوب وأوراق، بحاول أخلّص تقرير متأخر
فجأة مسكت راسي من التعب.

فجأة صوت ظهر من ورايا بنبرة خفيفة:

ـ هو الشغل هيفضل يلاحقك حتى بعد مواعيد المكتب؟.

رفعت عيوني واتفاجأت إنه فارس وواقف قدامي ماسك كوبايتين قهوة.

ـ إنت بتعمل إيه هنا؟.

قعد قدامي، حط الكوباية قدامي وهو بيقول:

ـ شوفتك من بعيد وقلقت عليكي 
شكلك مش قادرة تركّزي. قلت أهو القهوة تساعد شوية.

ضحكت بخجل وأنا بحاول أخفي توتري:

ـ إنت بقيت خبير في تحليل مودي ولا إيه؟.

ـ أنا بس بقيت شايفك أكتر يا ليلى.
كمل كلام لما شافني ساكتة ومتلخبطة:
ـ إنتي طول الوقت شايلة نفسك لوحدك.. بس مش لازم لو تعبتي قوليلي.. أنا موجود.


تعليقات