رواية امنية مؤجلة الفصل الثالث بقلم يارا ابراهيم
_ ألْحقِي يحيى يا لارين.
الدموع جمدت في عُرُوقِي، كنت حاسة ، قلبي كان حاسس بحبيبه بس أنا كدبته قُمت بسرعة وأنا بلبِس أي حاجة قدّامي ونزّلت أجري وأسألها فين هو ولا حصل له إيه بس مافيش رد.
نزلت لقيت دوشة وكل الناس موجودة، ومرات عمي والدة يحيى بتعيط بصوت عالي جريت عليها وأنا بدعّي:
_ يحيى ماله يا أمي؟ طمني قلبي، الله يخليكِ.
_ كان جاي من المسجد يا بنتي، وفي واحد ربنا يسامحه كان سايق بسرعة قوي وخبطه وسابه ومشي.
قلبي هنا خلاص، قولت بسرعة ومن غير وعي مني:
_ طب يلا يا أمي مستنيّة إيه؟ يلا نروّحه علشان خاطري.
حضَنَتني وهي بتطبطب عليّا كل اللي بيحصل ده كتير على قلب واحد والله، يا رب ارحمني برحمتك وأنت خير الراحمين نزلنا وروّحنا المستشفى، قعدنا حوالي ساعة وبعدين طلع الدكتور وقال:
_ قولي يا دكتور ابني حصله إيه؟
قالها عمي والد يحيى، وكلنا باصين على الدكتور بتركيز مستنيين رده.
_ الحمدُ لله الحالة مستقرة، فيه شوية كدمات وكسر في القدم اليُسرى.
نزلت دموعي وأنا بقول الحمد لله دخلوا ليه على دفعات علشان ما ينفعش ندخل كلنا مرة واحدة جه الدور عليّا أنا ومرات عمي:
_ يلا يا لارين تعالي.
_ معلش يا أمي، خلّيني أنا هنا وادخلي إنتِ اطمني عليه.
_ بس يا بنتي...
_ معلش يا أمي، سبِّيني على راحتي.
البعض من الأهل اللي روّح و اللي الشغل، وماتبقّاش غير أنا وأمي ومرات عمي ومرات عمي التانية والدة يحيى كانوا عنده، وأنا كنت في حضن مرات عمي برّه.
فجأة سمعت النعنوشة على رأي مرات عمي، وقالت أول ما شافتها:
_ أصبحنا وأصبح الملك لله، خير يا منى؟
_ جري إيه يا مرات عمي؟ دي مقابلة تقابليها للي هتبقى مرات ابنكم ومنكم.
_ لما تبقى مراته يا روحي ابقي قولي، ما تسبقيش الأحداث... وأحب أطمنك يا قلبي، حبيبنا لحبيبتنا.
منى اتغاظت قوي ودخلت وسابتنا كل ده وأنا في حضن مرات عمي وساكتة لِقِيتْها بتشدّني وهي بتقول:
_ ليه الضعف اللي شايفاه في عيونك ده يا لارين؟ من إمتى وإنتِ كده؟
_ عايزاني أعمل إيه يعني؟ هو اللي اختار.
_ هو غبي؟ هتبقي إنتِ كمان غبية؟
_ قصدك إيه؟
_ قصدي تقومي تشوفي النعنوشة اللي هتاخد حبيبك منك وتعرفيها إن الله حق.
_ بصفتي مين علشان أدخل؟ طب هي دلوقتي خطيبته وهتبقى مرات.
سَكِتِت مش قادرة أقول "مراته"؛ الكلمة دي تقيلة قوي على قلبي لما بتخيل بس إنه خلاص هيتجوز واحدة غيري بحسّ بنار، نار قايدة في قلبي ، قلبي اللي غلط وحب حد مش المفروض يحبه... آه يا قلبي، حقك عليا أنا، كل الوجع ده بسببي ياريتني ما حبيت. مش قادرة أقول كده ناس منكم هتشوف إني مكبرة الموضوع، بس صدّقوني لو جرّبتوا هتفهموا قصدي؛ علشان كده الله عزَّ وجل أمرنا بضبط النفس وغض النظر، مش علشان يعقدنا بل بالعكس يحمينا.
_ هتفضلي كده كتير؟ قومي يلا.
قومْت وأنا متردِّدة وخايفة أشوفه بعد الغيبة دي وأرجع لنقطة الصفر. لحظة إدراك: هو أنا أصلاً كنت اتحرّكت من نقطة الصفر؟
خبطة... اتنين.
_ ادخل.
دخلت وأنا منزلة عيوني في الأرض، وقلت:
_ السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، ألف سلامة على حضرتك يا يحيى.
كنت عارفة إنه أكيد دلوقتي باصص ليّ، وأول ما قلت "حضرتك" سمعته بيقول بسخرية:
_ حضرتك!!
وبعدين كمل باستفزاز:
_ الله يسلم حضرتك.
كنت لسه هخرج، لقيت منى بتتكلم بمياعة:
_ ألف سلامة عليك يا يويو.
سمعت "يويو" من هنا، وكنت هموت وأرجع من هنا الله يكرمكم يعني، لقيت مرات عمي جات وزقّتني ودخلتني وسوء حظ من منى ، أو لحسن حظي مرات عمي سمعتها فـ قالت:
_ "يويو" دي تقوليها لبنت أختك يا عنيا، مش لحد من رجالة الأسيوطي.
كانت منى هترد فـ قال يحيى بحدة:
_ خلاص، مش عايز أسمع صوت حد وإنتِ يا منى يا تقعدي بإحترامك يا تمشي أحسن.
الملزوقة لازقة فيه كده ليه؟ ده لسه خطيبها ماينفعش كده لحظة بقى ركّزوا معايا يا بنات أو يا شباب: الخطوبة دي ما هي إلا وعد بالزواج، يعني ممكن في أي وقت ما تكملّوش سوا، فـ ماينفعش بقى شغل نتكلم كلام حب في الموبايل أو وإحنا خارجين يمسك إيدك والكلام ده الإسلام رفع من مكانة المرأة وحط قواعد للخطوبة علشان تصون نفسها إنتِ غالية، فـ ماتخديش إلا الغالي ويكون حلال، مش العلاقات المحرمة ويضحك عليكِ ويقولك "إنتِ زي أختي". أو " مانتِ هتبقي مراتي ".خدوا بالكم وحافظوا على ثقة أهلكم.
نرجع بقى للملزوقة؛ لقِيتها بتقرب وبتكلمه، الدموع لمعت في عينيّ، وكنت خارجة يحيى بيقول:
_ يا جماعة ممكن، معلش، أتكلم مع لارين؟
كنت لسه هاعترض لإنه ماينفعش نفضل لوحدنا، بس سبقني وقال:
_ مش لوحدنا، أمي هتفضل معانا.
بصّيت ناحيتهم وكانوا بيشاورا علشان أوافق وبعد إصرار وافقت الكل خرج وفضلت منى بصّ لها باستغراب وقال:
_ منى، برّه يلا علشان عايز أكلم لارين.
_ ما إحنا واحد يا يويو، عادي كلمها قدامي.
كنت بستغفر في سري، بس رده ريّح قلبي شوية صغنين:
_ أنا مابعيدش كلامي مرتين وتوضيح بسيط: أنا وإنتِ مش واحدة ولا عمرنا هنكون واحدة وسيبي الدبلة ولا أقولك خديها مش عايزها، يلا كله لله.
_ كل ده علشان العفريته دي؟ عجبك إيه فيها وهي بالسواد ده؟
كان ممكن أردّ أنتم عارفين إني مش بسيب حقي لكن بما إننا خلاص حبايب، فصراحة كنت عايزة أعرف هيجيب حقي ولا لأ.
اتعدل من السرير وزعق بصوت جهوري فيها وقال:
_ هي مين دي اللي عفريته يا بت؟ قسماً بالله لو فكرتي بس تبصي ليها بصة ماتعجبهاش اعميكِ، وإنتِ عارفة إني أعملها ومايتهزش فيا رمش.
وبعدين كمل بسخرية:
_ وبعدين ماهو الكيكة المتغلفة والحلاوة المعفنة عمرهم ما يكونوا زي بعض يلا بقى علشان أنا قرفان.
طلعت منى وهي رأسها بتطلع نار من اللي سمعته، كل ده وأنا ومرات عمي قاعدين ساكتين بنتفرج وبنبص ليها ، لقِيتها بتغمز لي، اتكسّفت وبصيت الناحية التانية لكن اتصدمت لما يحيى قال:
_ لارين هاتِ الكرسي ده وأقعدي قدامي.
اتصدمت أوي؛ بصراحة كان من شوية بيطلع نار، و دلوقتي هادي وبِيتكلم بحنية عملت زي ما قال وقعدت هو كان باصصلي بتركيز وأنا كنت باصة في الأرض من الكسوف يحيى سكت شوية، ثم قال:
_ وحشتيني.
يا دي النيلة! هو الأستاذ ده مش هيسكت غير لما قلبي يحصل له حاجة وأروح فيها رديت بجمود، وأنا والله بطفح فراشات:
_ مايصحش كده، قول عايز إيه علشان أروح.
كان هيقول حاجة ولكن تقريبًا افتكر حاجة، ولقيته اتعصب وقال:
_ يا نهارك مش معدّي النهاردة، إنتِ جيتي المستشفى بالمنظر ده!
هنا رفعت راسي أبص أشوف لابسة إيه، وياريتني ما بصيت: كنت لابسة إسدال الصلاة لونه أبيض منقوش، وعليه النقاب، ولسه لابسة شبشب البيت ماكنتش عارفة أرد، بس مرات عمي ربنا يخليها ليا ردّت مكاني وتنقذني:
_ معلش يا بني، هي أول ما عرفت إنهارت ولبست اللي في وشها وجت وراحت، غمّزة ليه.
بعد كلامها ابتسم وهو بيبصلي وقال:
_ كنتِ خايفة عليا؟ أمال؟
_ طبعًا، مش ابن عمي وأخويا.
كنت بـ "بطء قوي" في ردّي، ولقيته اتعصب تاني! لا بقى، ده عاشر هو عصبي ليه كده؟!
_ لسه زعلانة مني؟
_ وده يهمك؟
_ كل حاجة فيكِ تهمني.
مش بقولكم مش هيسكت غير لو حصلي حاجة رجعت رديت بجمود وأنا أصلًا قلبي بقي بيطلع فراشات:
_ يحيى بعد إذنك، ما ينفعش الكلام ده، أنت مش من محارمي.
_ ما تقلقيش من الحتة دي، أقوم بالسلامة بس وابقي محرمك الوحيد.
_ ولا أتلم أنا سكتالك من الصبح.
ده كان صوت مرات عمي، فرد يحيى بضحك:
_ إيه ده، منوّرة يا ست الكل.
قومت وقفت وقلت:
_ أظن أنا قلت رأي في الموضوع ده قبل كده يا يحيى.
المرة دي مش يحيى اللي رد، دي مرات عمي وهي بتقول:
_ جري إيه يا يا بت إنتِ وه ؟ كفاية دلع بقى، مرارتنا اتفقعت منكم، قسماً بالله العلي العظيم لو ما اتعدلتوش وسِبتوا الفيلم الهندي ده، لنكون هادين الدنيا فوق رأسكم.
بصّيت أنا ويحيى لبعض وبعدين قال وهو بيضحك:
_ موافقة ولا نترحم على نفسنا؟
_ هفكّر.
_ جري إيه احنا دافنينه سوا، ده إنتِ واقعة؟
_ خلاص يا مرات عمي، من غير تسييح، موافقة.
_ المأذون يماااا.
_ أحب أفكرك يا قلب أمك إنك متشلفط.
_ مشاعري يا حجة مش كده طيب.
مرّ شهرين، يحيى تعافى بالكامل وفكّ الجبس، وفي اليوم المُنتظر اللي هو كتب كتاب يحيى ولارين:
_ بارك الله لكما وبارك عليكما وجمع بينكما في خير.
كنت واقفة في الأُوضة بالطلة البيضة، بس المرة دي من غير نقاب ماهو بقى قرة عيني خلاص دخل الأوضة وقفل الباب، وكنت باصة في الأرض من كسوفي وتوتّري؛ لأول مرة من سنين هيشوفني رفع وشي له، و وقف يتأمّلني شوية، وبعدين دموعه نزلت أنا تقريبًا ما صدقت، ودموعي نزلت وحضني وهو يقول:
_ كنت خايف يجي اليوم ده وأكون بسلمك لحد تاني بدل ما تكوني ليا، بس كرم ربنا ولطفه بينا فاق أي حاجة.
بعد عني وهو بيمسح دموعي وقال بعيون لامعة بالعشق:
_ أكثر منكِ لم يُحب قلبي، وأجمل منكِ قلبًا وقالبًا لم تَرَي عيني 🫶🏻🤎.
بصّيت له بحب وقلت:
_ أنت الطريق، أنت الصديق، وأنت كل الجهات؛ سخي المودةِ، حُلو الطباع، حبيبُ الفؤادِ، صديق العمر 🫂🤎
_ بحبك يا لولتي.
_ وأنا بعشقك يا قلب لولتك.
انتهت احداث الرواية نتمني أن تكون نالت اعجابكم وبانتظار آراءكم في التعليقات شكرا لزيارتكم عالم روايات سكير هوم
شكرا لزيارتكم عالم روايات سكيرهوم