رواية ذكرى ويوسف الفصل الثالث والاخير
الهواء كان شديد وصريخي عالي وصوته أعلى وهو بيزعق حتى بعد ما كسر الشباك، دخل إيده منه وشدني من شعري، عضيت إيده بعزم ما فيا، فتأوّه وهو بيشد إيده، رجع كام خطوة لورا وهو بيشتمني بعصبية، حاولت أدور العربية تاني بسرعة وأنا بترعش وصوت يوسف معايا
_ذكرى، ذكرى أنا في الطريق.
رديت عليه وأنا بتنفس بالعافية
_تعالى بسرعة ..أنا مش كويسة، مش كويسة.
سمعت أيمن فجأة بيصرخ بصوت عالي وقع على الأرض بيتأوه وهو ماسك راسه ودينا قدامه في إيديها عصاية كبيرة عليها د مه، بتصرخ وتعيط في نفس الوقت:
_عملت فيها كدا إزاي!
عملت فيا كدا إزاي.
إنهارت من العياط بعدها وهي بتبصلي.
خرجت من العربية وأنا بدوس على الإزاز المكسور برجلي، بجري بعيد عنهم وأنا بيعيط وبتنفس بسرعة، خبط في حد فرجعت كام خطوة لورا برعب، كان يوسف جاي بيجري، خدت نفسي وأنا بشاورله عليهم، شاورلي على عربيته
_خليكِ في العربية وأوعي تخرجي.
مكنتش مصدقة إلي بيحصل، مكنتش فاهمة فيه أيه! مرعوبة ومنهارة وبعيط، بدأت أحس بوجع رجلي، قعدت على الأرض وسندت على عربيته مش قادرة أقوم.
شايفة يوسف بيجري ناحية أيمن، شده من هدومه قومه بالعافيه ورزعه على عربية إسراء وفضل يضرب فيه، دينا بعدت ورجعت لورا ومفتحتش بقها، حطت إيديها على وشها وهي لسه بتعيط، أيمن وقع على الأرض ويوسف بيضربه وبيصرخ فيه:
_قلتلك أبعد عنها يا ***، قلتلك سيبها في حالها ومتجيش جنبها.
شده قومه وضربه فوقع على الأرض تاني فزعق فيه بغضب
_كنت فاكرني بتكلم وخلاص، ماشي! أنا هوريك!
شده تاني وضربه، وكل ما يقع يقومه تاني ويضربه، أيمن مقاومته كانت بسيطة، ألمه كبير، كان بيصرخ من الألم بسبب سرعة يوسف وغضبه، والضربة إلي دينا ضربتهاله،
فجأة لقيت شوية من زمايلنا موجودين!
مصطفى وأتنين رجالة كمان.
قربوا وحاولوا يبعدوا يوسف عن أيمن، ويفضوا الموضوع، قمت على حيلي بالراحة، بمشي على أطراف صوابعي لحد ما قربت منهم لما سمعت صوت يوسف بيصرخ وهو بيبعدهم كلهم عنه وهو بيقول بصوت مليان غضب
_محدش يقرب مني! إلي هيفتح بقه هيجي مكانه!
الكل بعد عنه وقفوا مش عارفين يتصرفوا، نظرات دينا ليهم بتقولهم أن أيمن عامل مصيبة، بس محدش فاهم حاجة، يوسف موقفش يضربه والكل بيحاول يوقف يوسف بالكلام لحد ما أيمن سكن تمامًا، وحركته وقفت ومقاومته أنعدمت، يوسف كمان وقف وقربت دينا بتجري على جوزها تطمن عليه فزعق يوسف فيها
_لسه عايش متقلقيش، الدنيا لسه مخلصتش من و***** .
وطى على الأرض وشاله سنده على العربية تاني وخبطه في وشه عشان يفوق فصرخت فيه دينا
_عشان خاطري خلاص، عشان خاطر ولاده، أبوس إيدك.
فضل يخبطه في وشه لحد ما فاق وفتح عينه بيتنفس بالعافية، وشه كله كدمات ود م
مسكه من فكه وقاله
_ورحمه أبويا لو شفت وشك الو** دا في حته تاني مش هتطلع من تحت إيدي سليم، أوعى أشوف ضلك جنبها، احذرني.
سابه من إيده فإتكوم على الأرض ورد هو على دينا وهو بيشاور عليه وبينهج
_أهو، فكريه لو صحي ناسي، لو شفت وشه تاني مش هيتبقالك منه حاجة، ولا أنتِ ولا ولادك.
بعد عنهم وقرب وأخدني في حضنه وأنا بعيط
_أنتِ كويسة! عملك حاجة!
أخدت نفسي بالراحة
_أنا كويسة، الحمدلله كويسة.
بعدت وشاورتله على رجلي
_رجلي ..في إزاز في رجلي.
وطى ومسكها بصلها بألم.
_لازم نروح المستشفى.
قام وشالني فتخضيت، وصلني لحد عربيته فتح الباب وقعدني وقفله ولف قعد جنبي، سندت على الكرسي بستوعب إلي حصل، دموعي بتنزل من غير ما أحس.
مسك إيدي طمني وهو بيقول
_كل حاجة خلصت، مفيش حد هيقدر يجي جنبك تاني، ولا هو ولا غيره، أنا مش هسيبك.
.
.
_بسيطة إن الله يا أستاذ يوسف، إحنا شلنا الاإزاز كله من رجل المدام، هكتبلها على كام مرهم تستمر عليهم الأسبوع دا وكام يوم وهتبقى كويسة.
حرك راسه وشكر الدكتور، خرج معاه برا الأوضة وغاب دقايق ورجع تاني.
_ها أحسن؟
_الحمدلله.
شاورتله يقعد قدامي وسألته
_أنت إلي كويس؟ كان فاضلك تكه وعضلاتك تتضخم وتقلب الرجل الأخضر.
ضحك وبصلي، هدي وأخد نفسه وقال بجدية
_كنت هتجنن لما سمعت صوتك بتصرخي في التليفون، دماغي رسمت 100 سيناريو كلهم أصعب من بعض، كنت خايف تضيعي مني.
مسح على وشه بخوف
غمضت عيني وأنا ببتسم:
_أنا كويسة، أنا بس مكنتش متخيلة الأمور توصل لكدا، حسيت للحظة أني همـ.وت.
نزلت من عيني دمعه فمسحها بأيده
_أوعدك طول ما أنا هنا محدش هيقرب منك، ولا يلمس منك شعرة واحدة.
_وأنا واثقة فيك.
باس باطن إيدي وقال
_يلا نرجع الفندق؟
_على طول كدا؟ مش فاكر كل مرة وإحنا راجعين من المستشفي كنا بنعمل أيه؟
_لا مش فاكر الحقيقة.
كشرت بزعل
_أنت نسيت بجد!!
ابتسم وهو باصصلي
_أجيبلك الأيس كريم بالشوكولاته زي العادي ولا أغير.
منساش!
ضحكت وأنا بقوله:
_زي العادي متغيرش.
كانت عادة عندنا من زمان، وإحنا خارجين من مستشفى أو من عند الدكتور ناكل أيس كريم، بحجة إن المستشفى والمرض حاجات مُرة، محتاجة الحلو بعدها عشان يوازن حلاوة الدنيا.
نزل وجابلنا آيس كريم ورجع خبط على الأوضة ودخل، ودخل معاه صوت أغنية لوردة، كانت شغالة برا الأوضة، ناولني الكوباية بتاعتي وأنا بصاله بنسمع أنه وهو الأغنية
"وعملت إيه فينا السنين عملت إيه
فرقتنا لا، غيرتنا لا
ولا ذوبت فينا الحنين السنين
لا الزمان، ولا المكان
قدروا يخلوا حبنا
ده يبقى كان، يبقى كان الزمان
وبحبك والله بحبك والله، والله، والله بحبك
قد العيون السود أحبك
وأنت عارف ما أنت عارف
قد إيه كثيرة وجميلة
العيون السود في بلدنا يا حبيبي"
ضحكنا إحنا الأتنين مرة واحدة، على صدفة الأغنية، اليوم صالحني بذكرى جميلة، وبالعيون السود، ووجود يوسف وذكرياتنا هدت أعصابي بعد كل إلي حصل.
لما رجعنا الفندق قابلت إسراء في الريسبشن، كانت نازلة تجري أول ما شافتني حضنتني وهي مخنوقة بالدموع:
_أنتِ كويسة! أنا سمعت إلي حصل! أنتِ سليمة.
بعدت فابتسمت وطمنتها:
_أنا كويسة متقلقيش، عدت على خير، كفاية عياط.
حضنتني تاني
_كنت قلقانة عليكِ أوي.
_أنا زي الفل والله رجلي بس إلي تعبانة شوية.
_طب تعالي نطلع الأوضة وترتاحي يلا.
_يلا.
_هو فين؟
كان يقصد أيمن فردت إسراء بقرف
_غار في ستين داهية، مراته أخدته ورجعوا القاهرة بعد الفجر على طول، ربنا ياخده.
_طب يلا عشان ترتاحي
مد إيده كان هيشيلني تاني فخبطه في إيده
_إسراء هتسندني.
حرك راسه بيجاريني
وبدأت أتحرك مع أسراء بس مكنتش عارفة، كل حتة في رجلي وجعاني.
قرب وشالني فجأة فتخضيت عيني وسعت وأنا بقوله:
_نزلني يا يوسف!
_بس بقىٰ، لما أقول كلمة تسمعيها من سكات.
لفيت وشي لورا، إسراء كانت وقفة بتضحك وفرحانة، حسبي الله يا شيخة على الكسفة إلي أنا فيها دي.
طلعني لحد أوضتي ونزل عشان يجيب الدواء
فدخلت إسراء وهي بتسقف:
_الله يا عبدلله، مكنتش أعرف أن الحيوان أيمن ممكن يجي من وراه خير أبدًا.
_اسكتي دا أنا كنت همـ.وت في جلدي.
_يا حبيبة قلبي.
قربت جنبي وأخدتني في حضنها وحسست على شعري، فضلنا نرغي كتير عن إلي حصل، حكت لي إن مصطفى أتصل عليها عشان تكون معايا، عرفها إنهم كانوا سهرانين سوا في مطعم جنب الشط إلي كنت فيه، وأيمن شرب وأڤور.
_عشان كدا كلهم كانوا موجودين حتى دينا !
_هي فعلا إلي ضربته!
_أيوا، أنا كمان مصدقتش للحظة.
_عملتها إزاي، دا كان مربيلها الرعب.
_شكلها شافت منه كتير، كانت واقفة بتتفرج على يوسف وهو بيضربه من غير ما تنطق، متهزتش غير لما أغم عليه.
_البني آدم طاقة، وهي طاقتها خلصت.
الباب خبط وكان يوسف فقامت إسراء تفتحله، شوية ودخلت
_جاب دوا وجاب فطار، كلي يلا عشان تاخديه وترتاحي.
ابتسمت وفرحت لاهتمامه وبدأت آكل، إسراء كانت واقفة في البلكونة صرخت فجأة فزعتني.
_يا نهار أسود!
_في أي يا إسراء.
_كارثة، في كارثة.
زعقت فيها
_قولي يا زفتة في أيه!
قالت وهي بتعيط وتزعق في نفس الوقت
_نوسة يا ذكرىٰ.
_نوسة مين؟
_العربية بتاعتي، نوسه أتبهدلت خالص.
_أنتِ ليه محسساني إن نوسة دي فيراري، دي عطلت مننا خمس مرات على الطريق وإحنا جايين، دا لولا ستر ربنا كنا أتخطفنا.
_متتكلميش على نوسة كدا، دي أصيلة وشيلاني من أيام الجامعة.
_متزعليش نفسك طيب، في ورشة قريبة من هنا يوسف عارف مكانها خليه يوديكِ عشان تصلحيها.
_منا هعمل كدا، نوسة متباتش بايظة كدا أبدًا.
رفعت إيديها للسماء
_منك لله يا أيمن، منك لله يا أيمن، منك لله يا أيمن.
كانت طالعة برا فقولتلها بصوت عالي
_أيوا كملي على كدا بقىٰ.
قعدت يومين في السرير، البنات بيطلعوا يقعدوا معايا عشان مملش، وبشتغل من الأوضة على قد ما بقدر، ويوسف مبطلش يسأل عليا أو يهتم.
في اليوم التالت رجلي أتحسنت بشكل كبير كنت زهقت من قعدة الأوضة، نزلت الشط وخدت شال على ضهري عشان أشوف الشروق.
أخدت نفس طويل من هوا الصبح النضيف وأنا بشوف الشمس بتاخد حقها ووقتها في السطوع.
_أنتِ أي إلي نزلك!
_خضتني يا يوسف.
_رجلك يا ذكرىٰ.
_رجلي بتتحسن، أنا إلي هنفجر لو فضلت في الأوضة أكتر من كدا.
_طب فطرتي؟
_لا مش جعانة، هفطر معاهم بقىٰ، نزلت أشوف الشروق.
بصيت على الشمس
_مش عارفة إزاي فوتت الحلاوة دي اليومين إلي فاتوا.
_وأنا مش عارف إزاي فوتت الحلاوة دي سنين.
لفيت ليه وابتسمت كان باصصلي فقال:
_مش هنخطف من الزمن لحظة تفاهم بقى ولا أيه؟
ضميت الشال عليا وأنا بقول بضحكة لذيذة
_نخطف وماله.
_حياتك كان فيها أيه قبلي؟ كنتِ ناوية على أيه يعني.
_الكارير والشغل.
_وبعدي؟
حركت كتافي:
_مش عارفة، أنت جيت كركبت كل حاجة، لسه مفيش خطة.
_تتجوزيني تاني؟
إرتبكت فجأة وضحكت
_أيه دا !!
_الخطة الجاية إن شاء الله.
_بتهزر!
_لا طبعًا، أنا عمري ما كنت جد قد حالًا.
_بس أنا ..
سكت فسألني
_قولي، أنتِ خايفة وقلقانة كدا من أيه؟
خدت نفس طويل وقلت والخوف واضح في صوتي
_خايفة كل حاجة تقف بيننا تاني، خايفة المشاكل تزيد ومنعرفش نحل حاجة
خايفة نفس السيناريو يتعاد، قلبي مش هيستحمل دا مرة كمان.
عيوني دمعت من غير ما أحس فمسحتها بسرعة وأخدت نفس طويل.
_مش هيتعاد يا ذكرى عشان إحنا معدناش عيال صغيرة، زمان مكناش عارفين نتعامل مع المشاكل، الناس كانت بتدخل بينا بدون وجه حق، كل حاجة وقتها كانت ملغبطة ومش مفهومة بسبب كدا، إحنا كبرنا كفاية عشان نلزم الكل حدودهم، وحتى لو المشاكل زادت ومتحلتش، مش هتدخل بيننا، مفيش حياة من غير مشاكل، بس في زوجين عايزين يكملوا مع بعض، رغم أي مشاكل، مسؤلين كفاية عشان يبنوا بيت، متفاهمين كفاية عشان يكبر ويستمر، وبيحبوا بعض كفاية عشان يحافظوا عليه.
كلامه فكرني بكلامي مع زمايلي أول يوم هنا على العشاء، أتأكدت إننا متفقين، ومتفاهمين، مش ناقصنا حاجة غير إننا نكون سوا !
ابتسمت وبصيتله بحب فكمل كلام
_ذكرىٰ، أنا بحبك، عايزك جنبي، عايز نكبر مع بعض، مش شايف حياتي الجاية من غيرك، عايز الليالي تتقضي وأنتِ راسك على كتفي زي زمان، لسه حكايتنا مخلصتش، لسه في حاجات كتير معشناهاش سوا، وأنا عقلي وقلبي مستنين الأيام دي، ومش قابلين إنك تكوني مجرد ذكرىٰ.
عنيا دمعت وأنا بسمعه، خرج من جيبه علبة قطيفة، فضحكت، وضحك هو كمان فتحها قدامي كانت الخواتم القديمة بتاعتنا بصيتله بعدم تصديق
_هم لسه معاك.
حرك راسه بآه وقال بصوت مليان حُب:
_تتجوزيني تاني يا ذكرىٰ؟ تقبلي تكملي معايا أيامي إلي باقيه.
حركت راسي بآه بسرعه ودموعي بتهرب مني فضحك وخرج الخاتم من العلبة ولبسهولي تاني، خرجت الخاتم بتاعه ولبستهوله، الفرحة مكانتش سيعاني وأنا كل شوية أرفع إيدي وأبص للخاتم إلي رجع مكانه، حطيت إيدي على قلبي وأنا بصاله فرفع إيده هو كمان وقال بهدوء وعينه بتلمع بحب:
_كدا كل واحد لقى إلي كان ضايع منه، وكل حاجة رجعت مكانها.
حركت راسي وأنا بكرر وراه مبتسمة بفرحة:
_كل حاجة رجعت مكانها.
فضلنا نتكلم لحد ميعاد الفطار ولما قربنا وإسراء شافت الخواتم صرخت ونطت في حضني بفرحة، فرحتني زيادة، الكل باركلنا ودعالنا بالتمام، وأحتفلوا بينا بليل في سهرة حوالين النـ.ار بعد ما إسراء فضحتنا وحكت للكل قصتنا وحكاية الحب القديمة، كان أسعد يوم في حياتي، وكأن الدنيا صالحتني، بطلت أهرب، بطلت أخاف من مشاعري، وبطلت أخاف من بكرا.
وبعد أيام وأيام، يوم كتب كتابنا
في وسط صحابنا إلي بيحبونا
وبعض أهلنا إلي بيحبونا
لما سألت يوسف على الباقيين غمز وقالي:
_هنعملهالهم مفاجأة.
ضحكت على كلامه
وعلى يومي الهادي
إلي كان هادي لدرجة إن نزلاء الأوتيل
نزلوا يرقصوا معانا من كتر ما كنا مبسوطين وصوتنا عالي، ومهيبرين
كانت ليلة متتنسيش
ليلة شالت ليا وعد من الدنيا،
أقضي باقي الليالي إلي جاية
وراسي على كتفه.
تمت بحمد الله