رواية استثنائية في دائرة الرفض الفصل الأربعون 40 بقلم بتول عبدالرحمن

 

 

رواية استثنائية في دائرة الرفض الفصل الأربعون بقلم بتول عبدالرحمن

يونس كان واقف على بُعد خطوتين منها، عينيه مركزه عليها وهيا ماسكه الموبايل، رنت على حد ووقفت تتكلم، كلامها واطي ومش واضح، كل اللي وصله همهمات متقطعه، قفلت المكالمه وكانت واقفه مكانها فتره طويله، يونس قلبه دق بسرعه من الفضول، خطى خطوه كمان لحد ما لمس طرف الشجرة بعينه، وهناك لمحها بوضوح.
رفعت عينها فجأه، لمحت يونس واقف، اتفاجئت وسكتت ثواني وبعد كده قالت بخوف واضح
"إيه اللي جابك هنا؟"
يونس رفع حواجبه وقال بهدوء بس فيه حده
"لاء إنتي اللي بتعملي إيه هنا؟"
قالت بصرامه وهيا بتضغط على الموبايل في ايديها
"بتكلم في الفون عادي."
بصلها باستغراب وقال
"هنا؟ في آخر الجنينه؟"
شدت ضهرها وقالت بثبات
"أنا حره... حبيت أتكلم هنا."
سكت لحظه، وبعدين سألته
"إيه اللي جابك ورايا؟"
يونس اتنهد وقال بصراحه
"شوفتك ماشيه براحه... فجيت أشوفك."
عينيها ضاقت وهيا بتسأله بترقب
"وسمعت حاجه؟"
هز راسه بسرعه وقال
"لاء مسمعتش حاجه."
صابرين فضلت بصاله بعين ضيقه كأنها بتحاول تتأكد من صدقه، يونس حافظ على هدوئه، قالت بحده أخف شويه
"طيب خلاص... امشي يلا"
يونس متحركش، عينيه ثابته عليها وقال بنبره فيها شك واضح
"إنتي متأكده إن مفيش حاجه؟"
ردت بحده
" يونس انت هتحاسبني؟ في ايه؟!"
يونس قرب خطوتين منها، صوته بقا أهدى
"طريقة كلامك... المكان اللي واقفه فيه... أي حد يشوفك كان هيشك أن في حاجه."
زفرت وقالت بصرامه
"يونس، أنا مش محتاجه أبررلك... الموضوع منتهى."
فضل ساكت ثواني، وبعدين هز راسه وقال
"ماشي... انتي حره"
ومشي وسابها وهو عارف انها كدابه بس طنش...

تاني يوم
حسام وصل الشركه، نزل من عربيته ودخل الشركه بثقه، وصل لمكتب تيم، خبط ودخل لقا تيم قاعد على مكتبه وشغال على اللابتوب، تيم رفع عينيه وشافه، حسام قرب منه وسلموا على بعض، وبعدها حسام قعد قدامه وقال بنبره فيها عتاب واضح
"علفكره أنا زعلان منك."
تيم رفع عينيه ليه بهدوء وقال
"ليه؟"
حسام اتنهد وقال
"علشان يوم فرحي مشيت بدري."
تيم رد ببرود معتاد
"أنت عارف إني مليش في الجو ده."
هز حسام راسه وقال بنبره فيها ضيق
"بس أنت صاحبي... كنت تعالى على نفسك شويه، مش كفايه إنك مكنتش موجود من الصبح."
تيم قال باقتضاب
"حصل خير."
حسام حاول يغير الموضوع وسأله
"عامل إيه في الشغل من غيري؟"
تيم رد وهو مركز قدامه
"شغال."
ابتسم حسام وقال
"طب كويس."
بعد لحظه، تيم بصله وقال بجديه
"إنت جاي متأخر 14 دقيقه."
ضحك حسام وقال
"يا عم أنا اتجوزت خلاص، يعني لو جيت متأخر شويه ليا عذر."
تيم رد بصرامه
"بس الشغل حاجه والبيت حاجه."
حسام هز راسه وقال بابتسامه صغيره
"عارف... بس بقولك السبب يعني."
تيم اكتفى بنظره صامته رجعت حسام للواقع، فابتسم وقال
"خلاص يا سيدي، اعتبرها مش هتتكرر."
تيم رجع يركز في شغله من غير ما يرد.

عند فريده
وصلت المستشفى، دخلت بهدوء وفتحت باب الأوضه اللي بتجمعهم علطول، وأول ما فتحت الباب اتخضت جامد من صوت الفرقعه اللي سمعته، المكان كله كان متغير، بالونات متعلقه وورود مزينه المكان، قبل ما تستوعب، لقت زمايلها كلهم واقفين بيصقفوا بصوت عالي ويضحكوا
"مبرووووك يا عروسه!"
فريده اتصدمت، وقفت مكانها مزبهله وهيا مش عارفه ترد تقول ايه، كلهم هنوها وباركولها في جو كله ضحك، فريده قالت بابتسامه واسعه
"يا جماعه أنا لسه زي ما أنا، الشغل شغل والجواز جواز، مش بيأثروا على بعض"
عينيها لمعت واتأثرت بجد، وقالت بصوت متقطع
" بس مش عارفه أقولكم إيه... بجد شكراً إنكم جمّلتوا يومي كده."
الجو فضل مليان ضحك، والدفا اللي حسته فريده معاهم خلى قلبها يهدى شويه من التوتر اللي عايشاه.

في نص اليوم، فريده كانت قاعده ويسر قاعده جنبها، بصتلها بتركيز وهيا شايفه شرودها كل ما تكون قاعده لوحدها، يسر قربت بكرسيها وقالت بصوت واطي
"عامله إيه يا فريده؟"
فريده بصتلها بسرعه، ابتسامه متكلفه اترسمت على وشها وقالت
"تمام."
يسر سألتها بنبره فيها فضول ممزوج بقلق
"عارفه تتأقلمي يعني؟"
فريده اتنهدت وهيا بتحاول تبين قوه ملهاش وجود
"آه يا يسر... هعمل إيه يعني؟"
يسر رفعت حواجبها وقالت بشك
"ومرتاحه؟"
كلمه مرتاحه عملت زي سهم اتغرز في قلب فريده، نظرتها اتغيرت فجأه، صوتها طلع بنبره فيها حده خفيفه
"إنتي كده بتصغطي عليا... قولتلك إني كويسه وخلاص، بطلي تسألي"
يسر حطت إيديها على إيد فريده وقالت بهدوء
"أنا عايزاكي تطلعي اللي جواكي."
فريده سكتت، عينيها نزلت في الأرض، حركت صوابعها بتوتر، بعد لحظه طويله من الصمت، صوتها خرج مهزوز، شبه مكسور
"كالعاده يا يسر... بحاول بس مش عارفه، دي مش حياتي اللي كنت بتمناها، ومش قادره أحب حسام... غصب عني حاولت... بس مش عارفه، قلبي مش بإيدي، حاولت كتير خلال الأيام اللي فاتت، بس صعب، صعب اوي اني أحاول احب واحد محبتهوش من الأول، واني معاه علشان اللي عايزه أكون معاه عمره ما كان هياخد خطوه، بسأل نفسي ليه وافقت؟ كنت صبرت؟ يمكن...."
سكتت لحظه وكملت بحزن
" أنا كارهه نفسي اوي، حسام كويس اوي، بس مش بحبه الحب اللي هو عايزه، والفكره دي خنقاني، مخلياني مستحقره نفسي، كأني خاينه بالظبط"
يسر كانت بتسمعها ومستنياها تتكلم من غير ما تضغط عليها، فريده دموعها نزلت وقالت
" لما برضو مشاعري فضلت ثابته في فتره الخطوبه قولت أكيد لما نتجوز هتتغير، بس أنا مرتاحتش يوم واحد من قلبي، مع إنه بيتمنالي الراحه، بس للاسف مش هو الشخص اللي مريحني"
يسر فضلت ساكته، عينيها على فريده اللي كملت بصوت متقطع
"كل شويه تيم ييجي في بالي... حاسه بندم، بدعي وأقول ياريت كل ده يكون حلم وأفوق... حياتي صعبه أوي كده، جسمي مع واحد... وروحي وقلبي مع واحد... وكل ده مش بإيدي، صعب أوي عليا."
الكلمات الأخيره خرجت منها كأنها اعتراف لأول مره،
يسر شدّت إيد فريده بين إيديها وقالت بنبره فيها مزيج من حنان وحزم
"فريده... إنتي مش لوحدك، أنا حاسه بيكي، وبجد مقدره كل اللي إنتي فيه، بس اللي بتقوليه خطير، مينفعش تفضلي عايشه متقسّمه نصين كده، ده هيهلكك."
فريده هزت راسها، الدموع غرقت عينيها، بس حاولت تمسحها بسرعه وقالت
"عارفه يا يسر... بس أعمل إيه؟ هو نصيبي بقا، خلاص، اللي اتكتبلي لازم أعيشه، ربنا كاتبلي أعيش مش مرتاحه، مع إني فكرت إني لو اتجوزت حسام هرتاح، بس صراع القلب والعقل ده أسوأ صراع ممكن أي بني آدم ضعيف يدخل فيه، لأن إنتي نفسك تمشي ورا قلبك بس الصح هو عقلك، حرب بين اللي إنتي عايزاه وبين الصح اللي لازم تعمليه، يمكن أفضل عايشه تعيسه كده طول عمري"
يسر ضمت إيديها أكتر وقالت بهدوء
"محدش قال تعيشي تعيسه يا فريده... مش لازم تتعاقبي عشان مشاعرك، بس لازم تفكري... إنتي هتفضلي تلعبي دور المتحمله لحد إمتى؟ حياتك أهم من أي حاجه، لو كملتي كده برضو هتستنزفي روحك وصحتك وكل حاجه حلوه، هتدبلي كل يوم لحد ما مش هتلاقي نفسك، عادي نغلط، بس مش صعب نصلح غلطاتنا"
فريده اتنهدت، نظرتها ضايعه كأنها غرقانه في بحر من أفكار متشابكه، قالت بصوت مخنوق
"ياريت الموضوع بالساهل كده... ياريت."
يسر بصتلها بثبات وقالت
"لازم تحددي إنتي عايزه إيه فعلًا... لأن السكوت مش هيحل، بالعكس، هيعقد كل حاجه."
فريده قالت بيقين
" أنا مش هعمل أي حاجه، أنا بس هسيبها على ربنا، وأنا راضيه بأي حاجه ربنا يجيبها، لعله خير"
يسر أخدت نفس وقالت
" ربنا يريح قلبك يارب"
فريده مردتش، بصت قدامها، عينيها معلقه في الفراغ، كأن في صراع قوي بين عقلها وقلبها، في اللحظه دي حست إن اللي جاي كله صعب....

آخر الليل
عند يونس
كان واقف قدام بيت يسر، الجو هادي والشارع فاضي خالص، فتح فونه ورن على يسر، الرنه طولت لحد ما أخيرًا ردت
"ألو؟"
صوته جه واطي بس ثابت
"يسر."
اتفاجئت وقالت باستغراب
"مين؟"
ضحك بخفه وقال
"لحقتي تنسيني؟"
قالت بتردد
"يونس؟"
رد بسخريه
"الله وأكبر عليكي."
اتنفست بسرعه وقالت بنبره متوتره
"بترن ليه؟ مش اتفقنا محدش ليه علاقه بالتاني؟"
يونس اتنهد وقال بهدوء
"الكلام ده كان من أكتر من شهرين... وبعدت عنك فعلًا."
قالت بجفاء وهيا بتحاول تقفل الحوار
"أممم... وبعدين؟"
رد بسرعه
"عايز أتكلم معاكي... ممكن؟"
قالت بحده وهيا بتحاول تسيطر على ارتباكها
"مفيش بينا كلام أصلًا."
قال بإصرار
"بس لازم أتكلم معاكي."
وقفت لحظه، سكتت وبعدين اتنهدت وقالت باستسلام
"طيب... سامعاك، اتفضل."
رد بجديه واضحه
"مش في الفون طبعًا."
رفعت حواجبها وقالت بدهشه
"نعم؟! وسيادتك عايز تتكلم فين بقا؟"
ابتسم ابتسامه صغيره وقال بثبات
"أنا تحت البيت."
يسر أول ما سمعت كلمته الأخيره حست إن قلبها وقع في رجلها، وقفت مكانها للحظه مش مستوعبه، بعدها جريت ناحيه الشباك بخطوات متردده، فتحت الستاره بخفه وبصت لتحت.
عينيها وسعت لما شافته واقف فعلًا قدام البيت، واقف، إيده في جيبه، ساند على الموتوسيكل وباصص ناحيتها كأنه متأكد إنها هتطلع.
شهقت بخفه وهيا بتحاول تهدي نفسها، رجعت ورا خطوتين بسرعه من الصدمه وقالت بصوت مهزوز
"إنت... إنت مجنون! إيه اللي جابك هنا؟!"
صوته جه ثابت
"قولتلك... عايز أكلمك."
يسر حطت إيديها على وشها من التوتر، لفت تاني تبص من الشباك كأنها مش مصدقه، أول ما عينها اتأكدت إنه واقف لسه مكانه، قلبها بدأ يدق أسرع.
قالت بسرعه وبصوت عالي شويه من الارتباك
"امشي يا يونس! امشي فورًا قبل ما حد يشوفك! إنت سامعني؟!"
فضل واقف مكانه بهدوء، عينه ثابته على الشباك وصوته هادي جدًا
"مش همشي غير لما أقولك اللي عندي."
يسر عضت شفايفها بعصبيه، قعدت على طرف السرير تحاول تستوعب وجوده تحت بيتها دلوقتي.
قالت ارتباك
"انزل إزاي يا يونس؟! إنت عبيط؟!"
ضحك بخفه وقال بعند
"آه... عبيط ومش همشي قبل ما أشوفك."
قالت بصوت واطي متلغبط
"يونس! بالله عليك متعملش كده! مش هعرف انزل"
رد ببرود وهدوء غريب
"طب خلاص متنزليش، هطلعلك أنا، هروح أخبط على الباب دلوقتي واقول لباباكي إني عايز أشوفك."
يسر اتجمدت في مكانها، قلبها وقع، وقالت بسرعه بصوت عالي ومرتجف
"يونس لاء! متهزرش بالله عليك!"
قال بثبات وهو بيرفع عينيه للشباك كأنه بيتحداها
"أنا مش بهزر يا يسر... أنا بتكلم بجد، لو منزلتيش هدخلك أنا، وهتعرفي وقتها إني مش بقول كلام وخلاص."
يسر حطت إيديها على بوقها بتررد، بس في الآخر... نزلت بخطوات متردده ووشها كله ارتباك، لقت يونس واقف جنب الموتوسيكل بتاعه، عينيه كلها تحدي وهو بيبصلها، مدلها الخوذه وقال بهدوء حازم
"اركبي."
يسر فتحت عينيها بدهشه وقالت بسرعه
"إيه؟! لاء طبعًا... قول اللي عندك عشان لازم أدخل."
يونس ابتسم ابتسامه جانبيه وقال بثقه
"متقلقيش مش هأخرك، بس تعالي، هنتكلم ونرجع."
يسر بصت حواليها بارتباك وقالت
"اخلص يا يونس مش هينفع أفضل واقفه كتير كده"
قال بإصرار
"اخلصي يلا ومش هأخرك، زي ما قولتي مش هينفع نتكلم هنا، علشان محدش من الجيران يشوفك"
اتنهدت بغيظ وقالت
"لاء وإنت مهتم أوي... إيه اللي في دماغك يا يونس؟"
مدلها الخوذه بإصرار وقال
"اركبي، مش هنقف نرغي هنا."
يسر أخدت الخوذه منه ببطء ولبستها، قلبها دق بسرعه، ركبت وراه بس سابت مسافه صغيره تحافظ على الحدود.
يونس شغّل الموتوسيكل والتفت نص التفاته وقال
"امسكي فيا."
قالت بارتباك
"كده كويس."
ضغط على البنزين فجأه، الموتوسيكل اندفع لقدام بقوه، يسر شهقت بخضه ومسكت فيه جامد بخوف، ضحك بسخريه وطار، قالت بصوت عالي وهيا مغمضه عينيها من الرعب وصوتها بيترعش
"ييييونس! إنت مجنون؟! هدي شويه"
ضحك بخفه وقال
"أنا هادي أهو عشانك"
قالت برعب وهيا حضناه جامد
"كده هادي، أنا بطير"
كان مستمتع بخضتها وخوفها، ساب نفسه يضحك بخفه ومخففش السرعه، فضل سايق بنفس القوه، الهوا بيضرب فيهم، شعرها بيطير وهيا مغمضه عينيها ومتوقعه إن حياتها ممكن تنتهي في اللحظه دي عادي.
بعد دقايق طويله بالنسبالها، وقف فجأه عند مكان هادي جدًا، بعيد عن العيون والشارع، نزل من الموتوسيكل ولف ناحيتها وقال بهدوء
"انزلي."
يسر نزلت ببطء، لسه رجليها بترتعش من السرعه اللي كانت فيها، بصتله بخوف وغضب
"إنت مجنون بجد، أنا كنت هموت!"
اكتفى بابتسامه خفيفه، كأن اللي حصل كله كان لعبه صغيره بالنسباله.
يسر وقفت قدامه، لسه مش قادره تسيطر على أنفاسها المتلاحقه، وشها باين عليه الرعب اللي عاشته في الطريق، بصتله بحده وقالت
"عايز إيه بقا؟ جبتني هنا ليه؟"
بصلها وقال بصوت واطي مليان إصرار
"فكرت كتير قبل ما أكلمك."
سكت لحظه، كأنه بيلم كلامه، وهيا رفعت حواجبها وقالت ببرود مصطنع
"وبعدين؟"
اتنهد وقال
"لقيت نفسي جايلِك... وبكلمك."
ردت بسرعه
"وبعدين برضو؟"
بصلها بتركيز وسأل
"مش هتسأليني أنا ليه فكرت كتير؟"
قالت بجفاف
"ميهمنيش."
ابتسم ابتسامه صغيره فيها عند وقال
"لاء... هو يهمك بصراحه"
زفرت وقالت وهيا بتحاول تخلص
"طب ادخل في الموضوع علطول، لازم أروح."
نقل نظره بعيد شويه كأنه بيجمع شجاعته وقال
"ممكن أعرف ليه قولتيلي أبعد عنك ومكلمكيش تاني أبدًا؟"
ردت بسرعه
"وعلشان إيه تكلمني أصلًا؟ بإماره إيه؟"
صوته جه أهدى وقال
"يسر... بحسك بتصعّبي عليا اللي عايز أقوله."
رفعت إيديها بتوتر وقالت
"أنا متكلمتش، أنا سايباك تتكلم."
بص في عينيها وقال بوضوح
"من الآخر... عايز أكون معاكي على طول."
اتجمدت مكانها، سكتت لحظه طويله كأن الكلام تقيل عليها، وبعدها قالت بهدوء فيه ارتباك
"ليه؟"
ابتسم ابتسامه صغيره وقال
"هو لما حد بيكون عايز يكون مع حد علطول... بيكون ليه؟"
اتنرفزت وقالت
"إنت بتسألني أنا؟ أنا اللي بسأل علفكره."
قال وهو بيحاول يلاقي الكلام
"مش عندي جواب... أو مش عارف أجاوب، أول مره أتحط في موقف زي ده."
بصتله بتركيز وسألت
"عمرك ما كلمت بنت قبل كده يعني؟ ده اللي عايز توصلهولي؟"
هز راسه بسرعه
"لاء طبعًا، بس... مش بكون عايز أكون معاهم على طول، يعني بصاحبهم بس."
ردت بدهشه وعصبيه خفيفه
"وبتقولها في وشي؟"
بص في الأرض وقال
"منا مش قاصد... ومش عارف أقول إيه، بس برضو مش هكدب عليكي، أنا بعمل حاجات كتير وحشه."
سكتت لحظه، وبعدين قالت
"عايزه أروح."
بصلها بترجي وقال
"طب قولتي إيه؟"
قالت بجدية
"روحني يا يونس."
قرب منها وقال
"طب إيه طيب؟"
ردت بسرعه
"هنبقى نشوف الموضوع ده بعدين، روحني علشان بابا ويوسف ميعرفوش إني خرجت وماما ممكن تعترف من أول قلم عادي."
فضل يبصلها شويه وقال
"طب حتى ريحيني."
قالت بحده هاديه
"المواضيع دي مش بتتقال بالعشوائيه دي... ممكن أروح؟"
اتنهد وقال
"هكلمك، بس عشان عارف إن الوقت مش مناسب بس."
ابتسمت بمجامله وقالت
"إن شاء الله."

وصّلها قدام البيت، نزلت وادتله الخوذه، بصلها وقال بهدوء
"يسر... فكري في اللي قولتهولك."
ردت بسرعه وهي بتحاول تنهي الحوار
"ربنا يسهل."
دخلت بسرعه، قفلت الباب وراها وهيا بتبصله، فضّل واقف لحظه مكانه، وبعدين شغّل الموتوسيكل ومشي، كان هيروح يسهر مع أصحابه زي العاده بس غير طريقه للبيت، وصل البيت ودخلت خطوتين وبعدين رجع تاني الخطوات اللي مشيها، لف بعزم كأنه قرر حاجه، مشي لحد ما وصل للشجره الكبيره اللي في آخر الجنينه، ابتدى يتسحب بخطوات بطيئه وهاديه، والصوت الوحيد المسموع كان خشخشة ورق الشجر تحت رجليه.

وقف عند الشجره، عينه على البيت من بعيد، ووشه كله تفكير وحيره... كان جواه فضول غريب من أول ما عرف إن المنطقه دي ليها وضع خاص عند صابرين، وحاسس أنه ممكن يفهم كل اللي بيحصل حواليه ومحدش راضي يتكلم، بص حواليه، فتح الفلاش وبعدين بدأ يدور في الأرض بعينيه وإيديه، رجع خطوتين ولف حواليها، بيمشي ببطء، انحنى ولمس الجذع، دق عليه بخفه، وبعدين حرك التراب برجله ناحيه الجذور، بس كل حاجه كانت باينه طبيعيه جدًا، وقف، أخد نفس عميق، فضل يلف حوالين الشجره، يتسحب ويجرّب يزق في الخشب أو يحرك أي حجر حواليها لكن مفيش فايده، بس هو شاف صابرين امبارح كانت موطيه تحت وكان هيشوفها بتعمل ايه بس هيا قفشته.

وبعد محاولات كتير فاشله، وقف بغيظ، مسك راسه بإيديه، الغضب سيطر عليه، فجأه رفع رجله وخبط في الشجره بكل قوته، وفجأه سمع صوت ولقا الشجره فتحت من تحت كأن في تجويف جوا، انحنى على الأرض بسرعه، مسح التراب بإيده ولقا حاجه معدنيه صغيره بتلمع باينه من بين التراب، مد إيده، حفر حواليها شويه، لحد ما شاف قفل صغير، فتح عينيه بدهشه، قلبه دق أسرع، لمسه بإيده وهو مش مصدق، فضل يحاول يحركه أو يفتحه، بس طبعا معرفش.

بسرعه رجع البيت، دخل بسرعه وخطواته متلغبطه، صابرين كانت قاعده في الصالون، رفعت عينيها من على التابلت اللي في إيدها وقالت باستغراب
"راجع بدري؟ غريبه."
وقف وهو بيحاول يخبّي توتره وقال بجفاء
"وقعت من على سميره... هغير هدومي وخارج تاني."
صابرين سكتت ثواني، وبعدها قالت ببرود ساخر
"أنا قولت برضو ان في إنّه في الموضوع."
مردش عليها، سابها وطلع السلم بسرعه، دخل اوضته بسرعه وغير هدومه وبعدين خرج بسرعه، راح ناحيه اوضه المكتب، فتح الباب بحذر، دخل المكتب وفتح الدرج وجاب مسدس أسود صغير ركبه بالكاتم وحطه في جيبه وقفل الدرج وخرج بسرعه.

خرج من البيت بخطوات سريعه، وصل عند الشجره تاني، مد إيده في جيبه، طلع المسدس وبصله بثبات، قلبه كان بيدق بسرعه، بس مسكه كويس، صوبه ناحيه القفل وضغط على الزناد.
صوت الطلقه كان مكتوم، بس الشراره الصغيره اللي خرجت مع الرصاصه خلت القفل يتهز، وبعد ثواني القفل اتكسر.


شكرا لزيارتكم عالم روايات سكيرهوم
تعليقات