رواية ماافسدته الانثي الاولي تعوضه الثانيه الفصل الثامن 8 والاخير بقلم دينا النجاشي


رواية ماافسدته الانثي الاولي تعوضه الثانيه الفصل الثامن بقلم دينا النجاشي

رغد بعفوية وإصرار: مش هكرر غلطتي تاني يا ماما، أنا لازم أتجوزه… ضروري!


الأم بضحكه اردفت بنبرة حانيه: الواد شكله دوخ عقلك يا بنتي… ماشي، اهدي دلوقتي وأنا هكلم عمك، وأخليه يحدد معاد معاه عشان الخطوبة.


انتفضت رغد من مكانها بفرحة طفولية، وارتمت في حضن والدتها، تحتضنها بسعادة غامرة.


... 

وبينما كان إسلام يمشي مثقلاً بالضيق والتعب، شعر بانكسارٍ لم يعهده من قبل؛ لم يفهم لماذا تفعل رغد معه ذلك، ولماذا تُحمله ذنبًا لم يرتكبه. وصل إلى البيت والهم يكسو ملامحه، فلاحظت والدته انزعاجه واقتربت منه بكل حب:


: مالك يا حبيبي؟


إسلام بإرهاق: مش عارف يا أمي... شكل الدنيا مستكترة عليا الفرحة.


الأم بزعل: متقولش كده يا يبني. رغد بتحبك، بس واخدة على خاطرها شوية.


إسلام بضيق: يا ماما، أنا مش قادر أفهم دماغها. عارف إنها بتحبني ومتأكد من ده، بس مش فاهم هي عاوزة إيه...

(اتنهد بعمق محاولًا تهدئة نفسه وادف بهدوء

قلت أروح لها تاني وأفهم منها ليه زعلانة مني. نظراتها كلها كانت اشتياق، بس برضه ساكتة ومش بترد.


الأم بحب: متنساش يا إسلام إن رغد صغيرة. وإنت كنت حب طفولتها اللي كبر معاها لشبابها. طول عمرها ما شافتش راجل غيرك. ومع ذلك اضطرت تتحمل فكرة إنك حبيت غيرها، واتجوزت واحدة تانية شاركتك أول حضن وأول لمسة. صدقني يا بني، الشعور اللي جواها غصب عنها. الست مننا كده... الموْ"ت أهون من إن واحدة تانية تشاركها في حبيبها.


إسلام بتعب: يا ماما، رغد كانت بتتهرب مني... ده أنا اتصدمت لما شوفتها ومعرفتهاش.


الأم بتفهم: معلش يا حبيبي، اصبر عليها.


إسلام بموأمة: ماشي يا ست الكل... أنا داخل أنام لأني مصدع.


الأم بحنان: ماشي يا حبيبي.


غادر من أمامها متجهًا لغرفته، يحاول الهروب من التفكير ومشاعر الحزن التي سيطرت عليه، لكن قلبه ظل مثقلًا بالأسئلة والوجع.


...... 


في الشركة التي يعمل بها معتصم كان يجلس على مكتبه ويركز في عمله، وبعد وقت طويل انتهى وتنهد بتعب، ثم اتصل بمجنونته.


معتصم بحب: السلام عليكم.


آية بحزن حاولت إخفاءه: وعليكم السلام.


معتصم باستغراب: مالك يا آية، في حاجة؟


آية بتهرّب: مفيش، أنا تمام… إنت أخبارك إيه؟


معتصم بشك: متأكدة إن مفيش حاجة؟


ا تنهدت وردّت بهدوء: أيوه مفيش… هيكون في إيه يعني؟


معتصم: تمام… هعمل نفسي مصدقك.

آية بحزن بان في نبرة صوتها: إنت عارف إن لو في حاجة بقولك.


معتصم بعدم اقتناع: تمام.

… اتغديتِ ولا لسه؟


حاول معتصم أن تهدئة نفسه وأردف بهدوء:

: لسه مخلص شغل.


آيه بابتسامة متفهمة: ربنا يعينك، شكلك مضغوط الأيام دي.


معتصم بنبرة محبة: أيوه يا قلبي، في ضغط كبير... الشركة داخلة على صفقة مهمة جدًا، هتنقلها نقلة تانية.


آيه بجدية: ربنا يقويكم، إن شاء الله تعدي على خير.


معتصم بلطف: تسلميلي... يلا هقفل دلوقتي، أول ما أرجع الشقة هكلمك.


آيه بموامه: ماشي، هستناك.


أغلق معتصم الخط، ثم غاص مجددًا في أوراقه وعمله لساعات طويلة حتى أنهى كل المطلوب منه. وعندما عاد أخيرًا إلى شقته، كان الإرهاق قد غلبه لدرجة أنه لم يتمكن حتى من الاتصال بآيه، واستسلم للنوم مباشرة.


---أما آية فجلست تنتظر مكالمته بلهفة، وكلما مر الوقت دون أن يرن هاتفها ازداد شعورها بالاستياء، لكنها كانت متأكدة أن شيئًا ما يمنعه. غاصت في دوامة من الأفكار بينما انهمرت دموعها بصمت، تتمنى لو تستطيع أن تبوح لأحد بما يثقل قلبها، لكنها لم تجد الكلمات المناسبة.

بكت طويلاً، وتمنت في تلك اللحظة أن يكون بجوارها، فهي رغم قلة لقاءاتهما بسبب انشغاله في عمله، أحبته بصدق، وكان حضوره وحده كافيًا ليمنحها الأمان، فهو الشخص الوحيد الذي يفهمها دون أن تضطر للشرح.

تنهدت بإنهاك، ومع طول الساعات واستنزاف دموعها، غلبها النوم بعد معركة مريرة مع الحزن.

..... 


كان إسلام نائمًا حين أيقظه صوت رنين هاتفه. مدّ يده وأجاب بنبرة هادئة:

– السلام عليكم.


جاءه صوت مفعم بالود:

– وعليكم السلام يا إسلام يا بني، أنا عمك محسن.


انتفض من مكانه بسرعة ورد باحترام:

– أخبارك يا حج محسن؟


– الحمد لله يا بني، في نعمة. المهم… أنا كلمتك عشان نتقابل. مصطفى بلغني إنك طلبت إيد رغد.


ابتسم إسلام بفرحة واضحة واردف بحماس:

– أيوه يا حج، شوف حضرتك عاوزني أقابلك إمتى وأنا أكون موجود.


– خلاص يا بني، بكره إن شاء الله الساعة سبعة، نتقابل ونتفق على كل حاجة.


رد إسلام وهو يكاد يطير من السعادة:

– على بركة الله يا حج، سبعة بالضبط وهكون عند حضرتك.


انتهت المكالمة، فشعر إسلام بفرحة لم يعرف مثلها من قبل. توضأ وصلى ركعتين شكرًا لله، ثم أسرع إلى والدته ليخبرها بالاتصال، فتهلل وجهها فرحًا.


....... 


في اليوم التالي، استيقظ معتصم مبكراً وغادر إلى عمله دون أن يتحدث مع آية.


أما آية، فظلت طوال الوقت قلقة عليه، حتى اضطرت أن تمسك هاتفها وتتصل به. فشرح لها انشغاله وضغط العمل، ثم اعتذر وأغلق الخط. عندها تنهدت آية بارتياح، فقد اطمأنت عليه، واحترمت انشغاله، وبعدها توجهت لتصلي بقلبٍ أكثر هدوءاً.


وبعد ساعاتٍ طويلة، أنهى معتصم عمله، وجلس خلف مقود سيارته متثاقلاً، لكنه لم يتجه مباشرة إلى منزله، بل قرر العودة إلى البلد. كان شعور غامض يلاحقه وكأنه خطأ ما يوشك أن يحدث وصوت ايه لم يطمئنه. وإسلام وصوته الذي يحاول دائماً أن يبدو بخير رغم أنه يخفي شيئاً. تملكه الاستغراب أكثر وهو يتساءل: لماذا لم يتفقا بعد على موعد الخطوبة؟


غرق في أفكاره طويلاً، حتى أمسك بهاتفه في منتصف الطريق، وقرر أن يتصل بآية…


آيه بحب: إي الأخبار؟


معتصم بابتسامة: تمام يا قلبي، قوليلي إنتي فين دلوقتي؟


آيه باستغراب: هكون فين يعني! في البيت طبعًا.


معتصم: طيب اسمعي... نص ساعة وهكون عندك.


آيه بفرحة طفولية: بجد يا معتصم! إنت جاي؟


معتصم بحب: أه يا قلب معتصم، أنا خلاص داخل البلد.


آيه بسعادة: طب، هلحق ألبس على ما توصل.


معتصم بضحكه: ماشي، مستني أشوفك.


أغلق معها الهاتف وتنهد بحب، وبعدها توقّف عند محل للشوكولاتة فاشترى لها كل الأنواع التي تحبها، ومرّ بمحل للزهور فاقتنى باقة من الورود الحمراء، ثم ركب سيارته وغادر.


أما عند آية ارتدت ملابسها بفرح، فكانت تشتاق إليه كثيرًا، وقد علمت والدتها أن معتصم في طريقه للوصول. وما إن سمعت رنين جرس الباب حتى أسرعت وفتحته، لتتفاجأ بالورد والشوكولاتة بين يديه، فنظرت إليه بحب، وكاد قلبها يدفعها لأن تضمه.


كان يرى في عينيها شوقها إليه، وهو الآخر كان يشتاقها كثيرًا. صافح والدتها واطمأنت عليه، ثم تركتهما وغادرت. التفت نحوها بحب، مدّ يده برفق، فوضعت يدها في يده، وسحبها إلى حضنه هامسًا بشوق:

– وحشتيني.


اغرورقت عيناها بالدموع وضمتّه أكثر، فشعر بحزنها، وطبع قبلة دافئة على رأسها واردف بهدوء:

– مش هتقولي إيه اللي مضايقك؟


رفعت عينيها إليه بتوتر وهمست:

– مفيش... أنا بس كنت وحشاني.


ابتسم بجدية وهو يحدّق في ملامحها:

– آية، أنا بفهمك من غير ما تتكلمي. ولو شايفة إني مش أهل ثقة أو ماليش لازمة أعرف سبب زعلك، يبقى قوليها بصراحة.


كان معتصم يلمح ارتجافها، والدموع لا تفارق وجنتيها، فأدرك أن الأمر أعمق مما تُظهر. 


اردفت بصوت متحشرج بالدموع والعتاب:

– إنت بتقول إيه؟! عمري ما فكرت فيك كده، ده إنت الوحيد اللي لما بزعل أو بتضايق، بجري غير عليه.


تشابكت أنفاسه معها، وردّ وهو يضغط على كفها بحب:

– أمال في إيه؟ وليه مخبّياه عني؟


تنفست آية بعمق، ودموعها تنساب أكثر واردفت بقلق:

– لأني خايفة... وكمان مش ضامنة رد فعلك.


رفع معتصم يديه برفق ليحيط وجهها،وتابع بهدوءٍ عقلاني:

– متخافيش مني... أنا بحبك، وبعتبرك بنتي قبل ما تكوني مراتي. ولو في حاجة، أوعدك هنحلها بهدوء.


ارتجفت أناملها، ثم حرّكت رأسها ببطء، وأخرجت هاتفها فتحته بأصابع مرتعشة، وأعطته له دون كلمة.


أخذ معتصم الهاتف، وبدأ يقرأ ما كُتب. كل سطر كان يزيد من قسوة ملامحه، حتى تغيّر وجهه كلياً، واسودّت عيناه من شدة الغضب.


حين رات آية رد فعله، انتفض قلبها خوفاً، وزادت دموعها أكثر. 


شعر معتصم برجفة أيه وخوفها، فأغمض عينيه محاولًا أن يهدأ، واردف بجديه :

– ليه مقلتيش من أول ما بعتلك؟


ردت وهي تبكي بصوت متقطع:

– خفت... ومكنتش عارفة أعمل إيه.


اقترب منها أكثر وتابع بجدية غاضبة :

– وآخرة خوفك ده كان هيبقا إي يا أيه؟ هتسيبيه يهددك؟


لم تستطع الرد، وانفجرت في بكاء مرير، ثم شعرت بدوار مفاجئ وكادت أن تسقط. أسرع إليها معتصم في هلع، أمسكها بين ذراعيه بحنان وهمس بخوف ممزوج بالحب:

– اهدي يا حبيبتي... تعالي اقعدي.


جلس بجوارها ومسح دموعها بيده المرتعشة، واردف بحب وهو ينظر في عينيها:

– خلاص يا قلبي... متقلقيش من حاجة. 


آيه بحزن وارتباك: أنا معرفش الصور دي وصلتله إزاي يا معتصم، والله العظيم ما أعرف.


معتصم بجديّة : أنا مش عاوزك تحلفي، لأني مصدّقك. الصور دي مبعوتة من واحدة صحبتك، وأنا متأكد إنها هي اللي بتدبّر كل ده، وهي نفسها اللي بتكلمك، مش شاب زي ما فاكرة.


آيه بصدمة : إزاي! بس أنا كل صحابي بنات محترمين وماشفتش منهم حاجة تخليني أشك فيهم.


معتصم بجمود وهدوء حاد: لا يا آيه، مش كلهم. في بنت منهم أنا حذرتك منها قبل كده وقلتلك تبعدي عنها، بس وقتها زعلتي واتقمصتي وفكرتيني عايز أتحكم فيكي.


آيه بانكسار : يمكن تكون بتظلمها يا معتصم... أنا بصراحة ما شفتش منها حاجة وحشة


تضايق من طيبتها الزائدة، لكنه في الوقت نفسه لم ينكر أن أكثر ما جذبه إليها هو عفويتها وبراءتها. اقترب منها وقبّل جبينها بحب :

: "أنا مش هحكم عليها غير لو شوفت منها وحش... عشان كده قلتلك تبعدي عنها."


نظرت إليه أيه باستغراب:

: "تقصد إيه؟"


أخرج معتصم هاتفه بهدوء، وناولها اياه ليُريها المحادثة. كانت الكلمات واضحة وصريحة: لقد بعثت صديقتها تعترف بأنها أُعجبت به منذ أول مرة رأته في عقد قرانهم .


تسمرت أيه مكانها، تقرأ الكلمات مراراً وعيناها تمتلئ بالدموع حتى انهمرت بلا إرادة.


شعر بالحزن وهو يراها تبكي، فـأكثر ما يضايقه هو دموعها.فأردف بجدية وهو يمسح على يدها:

– دموعك دي ما تنزلش غير على اللي يستاهلها، فهماني؟


رفعت آية عينيها إليه بتعب وهمست:

– أنا آسفة...


ابتسم بحنان وهز رأسه:

– متتأسفيش يا قلبي. طول ما إحنا عايشين هنقابل مواقف صعبة، بس الأهم إننا نتعلم منها. موضوع التهديد والصور ده أنا هخلصه دلوقتي قدامك، وهفرمتلها فونها. وتخبط راسها في اجدع حيطه ومش عايزك تخافي تاني من حوار زي ده... الحاجات دي بقت منتشرة، وشرطة الإنترنت بقت بتتعامل معاها بصرامة. وفي إجراءات قوية بتتاخد، غير إن اللي بيقدم الشكوى بياخد تعويض، والطرف التاني بيتحبس كمان.


آيه بتفهم... بس ازاي تكون هي؟! واللي باعت بيقولي قابليني، ومستحيل هتكشف نفسها!


معتصم بتفكير هادي... لا يا حبيبتي، هي مش هتكشف نفسها، هتعملها بطريقة أذكى. تتفق مع واحد صاحبها أو أي حد تعرفه، وتخليه يمثل الدور، وهي توجهه من ورا الستار. وتصورك وتبعتلي ... وساعتها يبان قدامي إنك بتخونيني، وده يفتحلها الطريق أكتر.


آيه بصدمة وحزن... هو في ناس ممكن توصل للدرجة دي؟


معتصم... في شياطين إنس يا آيه، مش لازم تكوني واثقة في الكل زيادة عن اللزوم. أنا مصدقك، بس لازم تتعلمي تخدي بالك عشان محدش يستغل طيبتك.


حرّكت آيه رأسها بخوف ظاهر، فمدّ معتصم يده يطمئنها بكلماته الدافئة، ثم أدخل الرقم على اللاب توب بهدوء، وأكمل عمله حتى أنهى كل شيء. التفت اليها وبغمزه:

.. أي خدمة.


ضحكت واردف بمرح ممزوج بالحب.. هو أنا قلتلك قبل كده إني بحبك؟


ابتسم معتصم واقترب أكثر: لا.


تنهدت آيه واردفت بصدق:

آ. بس أنا خلاص تخطيت مرحلة الحب، اللي جوايا دلوقتي اسمه عشق.


ضحك معتصم من عمق قلبه، وجذبها لحضنه وهو يهمس في أذنهابحنان.. وأنا كمان تخطيت مرحلة العشق يا بنت قلبي.


ارتسمت فرحة غامرة على ملامحها، فشدّت ذراعيها حوله أكثر، وهمست دعاءً شاكرة: لله على وجوده في حياتها.


...... 


عند إسلام، أنهى مكالمته مع والد رغد وهو في طريقه إلى بيت عمها ليضع النقاط الأخيرة ويتفق معه على كل شيء. وبعد قليل وصل، فجلس مع عمها وتحدثا مطولًا، حتى انتهى الحوار على خير، واتفقوا أن تكون الخطبة مقرونة بكتب الكتاب.

إسلام، بابتسامة لم يستطع إخفاءها، أكّد لعمها أنه قد تشاور مع الحاج مصطفى في كل التفاصيل، فاطمأن العم ووافق.

نهض إسلام بعدها يستأذن وهو في قمة سعادته، يكاد لا يصدق أن حلمه سيتحقق وأنها ستكون زوجته بعد يومين فقط.


أما رغد، فما إن وصلها الخبر أن إسلام تقدم رسميًا وطلب الخطبة ومعها كتب الكتاب، حتى غمرتها الفرحة، وخفق قلبها بقوة وهي تهمس لنفسها: "أخيرًا هبقى معاه."


... 

_عاد إسلام وقابل معتصم في المنزل وفرح عند رؤيته . وبعدها تحدثوا مع بعضهم البعض وكان معتصم سعيداً لأخيه واكثر ما اسعده السعادة التي رآها في عينيه. 


... مرت الأيام، وذهب إسلام وعائلته منزل رغد، وتمت الخطبة، وكتب كتابهم. اما رغد فكانت تطير من الفرحة، وبعد فتره من الوقت غادر الجميع لتركهم مع بعض وهي جالسة تشعر وكأن نيران تشتعل في وجهها من كثرة احراجها، ولا تعرف ماذا تفعل.


كان يراقبها ويري توترها الواضح فبتسم بحب... رغد بصيلي. 


رفعت عينيها اليه فكانت تريد ان تقول له الكثير من الأشياء، لكنها لم تستطع التحدث


إسلام بهدوء وابتسامة حنونة... انتي دلوقتي بقيتي مراتي، ياريت تخففي كسوف من حيتي شويه.


رغد بموأمة ... حاضر.


إسلام بعشق... والله ما مصدق إن القمر ده بقا مراتي.


احمر وجه رغد خجلاً ، فاضحك إسلام على حيائها، فنظرت له بغيظ طفولي.


رفع إسلام يده على فمه محاولًا كتم ضحكاته... خلاص خلاص مش هضحك، بس مستغرب، الكلام بيخليكي كده أمال الفعل هيعمل فيكي إيه؟


اتسعت عينا رغد بصدمة من جرأته، واحمر وجهها أكثر، بينما هو اقترب بخطوات واثقة، يضحك على حال ارتباكها.

واردف من بين ضحكاته :

"متخليش دماغك تروح لبعيد... أنا أقصد حضن كتب الكتاب."


ثم مد يده برفق وسحبها إلى حضنه، لتشعر بخفقان قلبه المتسارع كأنه يعانق روحها قبل جسدها. همس قرب أذنها بصوت دافئ:

"بحبك أوي يا رغد... وبوعدك هخليكي أسعد إنسانة في الدنيا... وأنا هفضل دايمًا أسعد واحد لمجرد إني جنبك."


.امتلأت عينا رغد بالدموع وهي تستمع لكلامه، لتعانقه اكثر، وهمست بصوت مرتجف يغلبه الحب:

– أنا بعشقك يا إسلام، إنت حب طفولتي وشبابي، وإنت عمري اللي جاي كله.


ابتسم إسلام من قلبه، واحتضنها أكثر وكأنه يخبئها بين ذراعيه، وحمد الله في داخله .


ومضت الأيام، يزداد فيها حب إسلام لرغد يومًا بعد يوم، وكانت رغد تعيش قمة سعادتها بين دفء اهتمامه وصدق مشاعره.

وكذلك الحال مع معتصم وآية، فقد جمعهما نفس القدر الجميل الذي كتب لكلٍ منهما نصيبه من الحب الحقيقي.


-----وفي مكانٍ آخر، جلست وحيدة مكسورة الخاطر، يغمرها الحزن مما جرى لها. كانت شاردة في ذكرياتها مع إسلام، تستحضر حنانه واهتمامه، بينما الدموع تنساب على وجنتيها بحر"قة . تمنّت لو أن الزمن يعود بها لتكون تحت قدميه، وتعيش بقربه.


ازداد بكاؤها حتى انهارت تمامًا، خصوصًا بعدما علمت بخبر زواجه، فاشتد عليها الألم أكثر، ولم تجد ما تفعله سوى أن ترفع يديها بالدعاء أن يريح الله قلبها، بعدما أكلها الندم.


وفي تلك اللحظة، دخل شقيقها بنبرة جافة وبغضب مكتوم:

ــ "يلا يا أختي، قومي… عريسك مستنيك ياخدك."


نسمه بصدمة... "انت بتتكلم جد يا شهاب؟ إسلام جاي يخدني؟"


شهاب بسخرية قاسية... "إسلام؟ مين اللي هيبصلك دا لو شافك؟ مش بعيد يخلص عليكي!"


انقبض قلب نسمه، وشعرت وكأن روحها تُسحب من جسدها، فارتجفت وهي تقول بخوف...... تقصد إيه؟ وعريس مين؟ أنا جوزي هو إسلام بس، ومفيش غيره!"


شهاب بمرارة... "وطالما كده، محفظتش عليه ليه يا رخيصة؟"


نسمه بندم وقهر، اقتربت من أخوها والدموع تملأ عينيها... "ندمت يا شهاب، والله ندمت."


شهاب بقسوة وجفاء... "انتي اللي ذيك، ملهاش تعيش، بس عشان كلام الناس، وأمك سكتنا، ودلوقتي قدامي عشان الراجل بره مستنيكي."


جمدت مكانها، ودموعها تسقط بلا توقف، فسحبها أخوها من شعرها وهو يصرخ: "بغلط... اخلصي!"


صرخت بوجع، وأمرها بتغيير ملابسها والخروج، فامتثلت بخوف، تفعل ما يُطلب منها. وعندما انتهت، خرجت وعندما رات من تزوجت به سقطت على الأرض مصدومة، انفاسها تتثاقل وكأنها على وشك فقدان الوعي.


الرجل بابتسامة لعوبة، أظهرت أسنانه الفضية : "مالك يا عروسة؟ اسم الله عليكي!"


بقيت بسمة تحدق فيه بصدمه، ودموعها تتساقط على وجهها كالشلال، بينما كانت والدتها تبكي بصمت على حالها. التفتت نحو والدها، وجسدها يرتعش من الخوف.

همست بارتجاف:

— يابا… إزاي اتجوزه ده شكله أكبر منك… بالله عليك يا حج… ما تعملش فيا كده… خلص عليا… ارميني في البحر… بس بلاش العقاب ده!


دفعها والدها وابتعد عن المكان، ونظرت لوالدتها بعيون مليئة بالقهر، قبل أن تتحول أنظارها نحو العجوز الذي أصبح زوجها. حركت رأسها رفضاً مستميتاً، وبدأت تصرخ بشكل هستيري، وكأن صوتها يحاول مقاومة القدر المفروض عليها.


---------

بعد فترة، قرر إسلام ومعتصم إقامة حفل كبير في قاعة رائعة، وامتدت الفرحة في كل أرجاء البلد.


عند وصول إسلام ليأخذ رغد، شعر بانبهار لا يوصف بجمالها، وبدت رغد بدورها مأخوذة بمظهره الأنيق بالبدلة. همسات الإعجاب من أصدقائهما وصلت إلى أذنهما، ما أثار غيرتها .


اقترب إسلام منها بابتسامة دافئة وهمس بحب:

– "طالعة زي القمر."


رغد، بضيق طفولي:

– "ما انت طالع ولا بتوع الروايات، والعيون كلها عليك… وشكل الجوازه مش هتم."


ضحك إسلام بشدة على غيرتها الواضحة، ثم ضمها إليه وهمس:

– "عيوني مش بتشوف غيرك يا قلبي."


ابتسمت رغد له بحب واطمئنان، فغمسها إسلام في حضنه، وقبل جبينها برقة، وأخذا طريقهما نحو القاعة وسط نظرات الإعجاب والفرح.


.... 

أما معتصم، فلم يتمالك صبره، وكان يتوق لرؤيتها. وحال ظهورها، وقفت عيناه مذهولتين، واقترب منها وهمس بدهشة:

— «إيه الجمال ده كله!»


ابتسمت آية بخفة :

— «جمال مين بقى؟ دا انت هتغطي عليا بحلاوتك دي!»


ضحك معتصم، وضمها إلى صدره وهمس بمحبة:

— «مبروك عليا وجودك في حياتي يا قمري.»


فرحت آية بكلماته، ومضوا معًا حتى وصلوا القاعة. استقبلهم إسلام بابتسامة، وبارك لأخيه :

— «ألف مبروك يا حبيب!»


معتصم بحب:

— «ربنا يبارك فيك يا قلب أخوك.»


ثم تبادل إسلام التهاني مع آية، وبارك معتصم لرغد. دخلوا القاعة، وكان المشهد رائعًا؛ مليئة بالأهل والأحباب، وكل لحظة فيها كانت أشبه بأجمل يوم في حياتهم.


#تمت

لمتابعه روايات سكيرهوم زورو موقعنا علي التلجرام من هنا

تعليقات