رواية زهور بنت سلسبيل الفصل الواحد والتسعون 91 بقلم مني عبد العزيز


 رواية زهور بنت سلسبيل الفصل الواحد والتسعون 

وائل بعد انتهائه من الحديث مع الغفير، صعد سيارته واتجه باتجاه منتصف البلدة، توقف بسيارته  ظل قابع بها  شارد يفكر فيما هو مقدم عليه يحدث نفسه. 

_ مالك يا وائل وقفت العربية في نص البلد ياترى متردد ولا خايف في اللي نويت عليه، يتنهد بحيرة ويكمل حديثه   مش عارف هو  اللى هعمله ده صح ولا غلط،  بس وصفة  في الوقت ده هي الأهم لازم أكمل الخطوة دي عشانها بعد اللي سمعته منها، مش مطمن هي ممكن تعمل ايه في نفسها ووقتها ذنبها يكون في رقبتي، مش هقدر أتحمل لوم نفسي ولا لوم أمى وقبل كل ده هقف قدام ربنا ازاي وانا السبب في موتها وكان في ايدي أنقذها،

يعاود الحديث مع نفسه وعينه على زجاج السيارة: 
  تنقذها وتظلم نفسك وزهور وحبك ليها هتقدر تنساه، يبتسم بحسرة  زهور لا من توبي ولا من شكلى ، زمان وهي لسه متعرفش هي مين وبنت مين وأصلها وفصلها ايه كان ممكن لكن دلوقتي لا  أكيد لو كنت اعترفت بحبى ليها كانت  ممكن توافق لكن مش عشان حبتك لا عشان تحس بان حد رغبها،  وتعالى هنا انت نسيتي فرق السن ما بينكم قد ايه، عارف انه كبير بس ده مكنش عقبة زهور.

يتوقف  عن الكلام يضحك بحسرة  :  بلاش تضحك على نفسك يا وائل زهور استحالة توافق عليك مش عشان فرق السن وبس لا زهور قوية عاوزة تاخد حقها تعيش اللى معشتوش انت نفسك قولتلها تفكر فى نفسها تعيش اللى جاى 
من عمرها مرتاحه متفكرش تسيب كل حاجه  وترمى الماضى تتمتع بحياتها، بعد كل ده عاوز تعترف بحبك ليها، طب تعالى اقولك دلوقتى انت لسه شاب وفعز قوتك مع كل اللي عشته بعد كام سنه هتكون خلاص  القوة دى قلت ويدوب عايش بالعلاج وهى هتكون فى عز شبابها وعافيتها  عاوزة تعيش وتدلع وتحس بأنها ست وقتها هتكون عامل ازاي يا وائل هتقدر تعيش معها باي شكل هتستحمل نظرتها ولا شعورها بالندم اعقل يا وائل، وصفة هى الحل توبها من توبك متعرفش اصلك كفاية عليك حبها ليك وفرق السن قليل لما تكبر هتكبر معاك هتسندوا بعض وغير كده وكده بتحبك وأكيد هي تستحق انك تعوضها عن سنين انتظارها ليك عن حبها واهتمامها بيك اللى انت كنت فكره عشان القرابة وقبل ده وده تنقذها من نفسها وشيطانها قبل ما تعمل فى روحها حاجه. 
يعيد تشغيل سيارته وينطلق بها مسرعًا في قيادته حتى توقف أمام منزل عائلة وصفة يوقف سيارته يترجل منها يقف يهندم ملابسه ويضع عباءته فوق كتفه، ويسحب نفس عميق وزفره بسرعه، يخطو باتجاه المنزل يصفق بيده مناديا على أهل المنزل، ليخرج شاب يكبره بقليل مرحبا به يخطوا خلفه  
وسط ترحيبه  به يدلف إلى غرفة الضيوف ويجلس مكان ما أشار له الشاب، يرفع رأسه يرسم بسمة على وجهه يحدثه بهدوء ورزانه. 

الشاب:  اهلا اهلا يا عمدة نورت الدار حلت علينا البركة. 

وائل:  اهلا بيك  يا سيد الدار منورة بأهلها،  اقعد يا سيد عاوزك بكلمتين مهمين بس فى الاول ممكن تنادي اخوك ومرات خالى يحضرونا. 

سيد باستغراب من طلبه يومئ برأسه ويتجه الى والدته وشقيقه يخبرهم بقدوم وائل ويقص عليهم حديثه ليدلفوا لغرفة الضيوف يملؤهم الفضول من حديثه، فور دلو فهم  هب  وائل واقفا يمد يده يصافح شقيق وصفه الآخر وينحني بجزعه  مقبلا يد والدتها، بعد التحية والسلامات والسؤال عن الأحوال تحدث وائل بهدوء واستكانة هو نفسه لا يعلم كيف نطق بتلك الكلمات. 
وائل:  بصوا يا جماعة من غير كلام كتير ولا لف ودوران   انا النهاردة جاى  طالب ايد وصفة اختكم على كتاب الله وسنة  رسوله «عليه افضل الصلاة والسلام» ومتأخذنيش انى جيت لوحدى وامى وكبار العائلة مجوش ويايا بس انا قلت اتقدم انا فى الاول عشان الإحراج كان في قبول ووافقتم عليا يبق نقول للكل ونجي نطلبها موفقتو ش  يبقى اتجنبت الإحراج لينا احنا الاتنين. 
ينظرون لبعضهم بذهول تبتلع الام ما بجوفها سريعا و تهب واقفة،  تتحدث بسعادة بالغة. 
ام وصفة:  انت بتقول ايه يا عمدة انت جيتك النهاردة تسوى الدنيا وما فيها إحنا نجهزها ونوديها لحد دارك. 
وائل:  ربنا يعزك يا مرات خال ومقامكم محفوظ انتم وهي واللى تؤمروا بيه هيكون  جاهز في الوقت واللحظة وصفة مقامها عالى اوى ومهرها هيكون أعلى مهر في البلد كلها والشبكة اللى تشاور عليها هتكون عندها ، وبلاش عمدة دى قوليلى يا وائل  انا زي سيد ابنك بالظبط وانتى مربيانا سوى. 

شقيق وصفة الأصغر: ابن أصول ياعمدة وكلامك على عينا وراسنا بس فى الاول نأخذ رأيها هي بترفض العرسان اللى بيتقدموا ليها. 
سيد الأكبر:  هي تستجري ترفض أنا اكتفها واوديها دوار العمدة واجوزها له غصب عنها. 
وائل بحدة:  مش  أنا اللى اتجوز بالطريقة دى يا سيد وكمان مفيش حاجه غصب  وخصوصا الجواز، وسبق وقلت  وصفة مقامها عالى قوى، وكمان قبل ما توافق انت واخوك شوروا عليها وخدوا رايها وانا هنا قاعد مستني رفضها ولا موافقتها. 

الام:  عداك العيب يا بنى كلام جواهر،  انا هقوم اكلمها وأخذ رايها على ما تشرب الشاى هكون رجعت ومعايا ردها. 

خرجت الأم مسرعة تجاه غرفة ابنتها فتحت عليها الباب سريعا تحدثها بلهفة تصق صدرها وهى ترى ابنتها ممددة على الفراش تسيل دموعها على الوسادة مغمضة العينين 
ذابلة الوجه  تسرع ناحيتها مناديه عليها بخوف لتفتح وصفة عينيها ببطء وحزن.. 
الام:  وصفة وصفة  قومى يا بت مالك كده دبلانه ولونك مخطوف فيكى ايه. 
وصفة:  أنا صاحية يامه مفيش حاجه انا تعبانه شوية مرهقة من الشغل، ومشيت مسافة كبيرة من الشغل لهنا. 
الام:  ياضنايا  ياما قلتلك ارتاحى وبطلى الشغل خواتك خلاص اتجوزوا وربنا كرمهم وبيشتغلوا  والبنات الحمد لله متستتين في بيوتهم  لازمته ايه الشغل بقى على العموم  يلا خلاص هانت و هترتاحى، و ربنا هيعوضك على سنين  تعبك وصبرك  متقدملك عريس كل بنات البلد يتمنوه   .

وصفة بتعب وقلة حيلة:  أما  كفايا كلام في الموضوع ده انا تعبانه وعاوزه انام،  مفيش حيل للكلام والمناهده بتاعت كل يوم. 
الأم بلهفة:   تنامى ايه  فزى قومى اغسلى وشك بشوية ماية  وغيرى هدومك دي واسمعنى كويس عارفة مين قاعد فى المندرة جوه مع إخواتك. 
وصفة بضجر:  أمه الله يخليكى قولى اللى عندك ولو على العريس مش عايزه اعرف هو مين ولا مؤهلاته ايه أنا موافقة عشان ارتاح واريحكم مني. 
الام:  مش عاوزه تعرفى هو مين.
وصفة: لا مش عاوزة اعرف، روحى لخواتي بلغيهم موافقتي ويتفقوا على معاد الفرح في أقرب وقت إن شاء الله يكون النهاردة انا موافقة معنديش مانع. 
الأم بسعادة بالغة تطلق مجموعة من الزغاريد وتترك ابنتها تنظر في أثرها بذهول، تبتسم بسخرية وترمى بحالها على الفراش مرة أخرى تاركة العنان لدموعها، لتنتفض من مكانها مع دخول شقيقها الأكبر يهنئها ويخبرها بأن العريس يود الجلوس معها قليلا للتأكد من موافقتها،  بعد جدال معًا ورفضها القاطع  الذهاب معه وإنها موافقة ويكفى ذلك إلا  أنها رضخت بالنهاية لقسم شقيقها عليها أن لم تدخل سوف يقوم بتطليق زوجته، وتتحمل هى ذنب الزوجة والصغار،  
تنظر لشقيقها بعتاب وحزن تقوم بهندامه ملابسها واحكام حجابها وتخرج من الغرفة تاركة شقيقها يبتسم على حركاتها 
، يرفع يده للسماء يدعو بسعادتها. 

وائل جالس يسامر والدة وصفة بعد خروج ولديها ينتظر قدوم وصفة ليتأكد من موافقتها بالفعل ويرى هل هي سعيدة بطلبه  الزواج منها؟
يقف فور دخولها عليهم الغرفة تفتح الباب دون طرقة لتقف مكانها تزامنًا مع شهقاتها تفتح عيونها وتغمضها مرات متتالية تحدث نفسها هل ما تراه أمامها حقيقة ام انها تعيش أحد أحلامها ولازالت كما هى نايمه بفراشها.

تسمع اصوات قريبة منها لكن يخيل لها بأنها بعيدة عنها تشعر بأنها فى مكان مرتفع والأصوات تصل لها من بعيد كصدأ  صوت تنظر إلى يد  والدتها على كتفها تربت عليها    عينها تتابعها تنظر في إثرها حتى خرجت من الغرفة،  لم تتزحزح لازالت على حالتها لتسمع صوت من خلفها يحدثها. 
التفت له بعد سحب نفس عميق واقتربت بخطاها لتجلس على الأريكة  المقابلة له وبدون أى هوادة انطلقت تتحدث بكل كبرياء وعزة نفس وسط نظرات وائل لها وابتسامته يتفرس في ملامحها الهادية ويستمع لصوتها رغم تحدثها بحدة الا انه متحشرج يظهر كم تحاول كبت بكائها. 
وصفة: اسمع يا عمدة لو عمتى  حكتلك على حاجه واثرت عليك  واكيد حلفتك بحاجات كتير وممكن تكون هديدتك بزعلها منك  او اي حاجه   تيجى تتقدملى،من خوفها اعمل في روحى حاجه فأحب أقولك بس انا بقى بقولك اهو اني كويسة ومش هعمل حاجة فى روحى، مش أنا اللى أغضب ربنا.

تسحب نفس أعمق من  ذى قبل تحاول السيطرة على حالها وتتمسك بعدم البكاء، مش انا اللي اتجوز شفقة ولا عشان يمين عمتى اقسمت عليك،  لانى عارفة ومتأكده انك مشغول بحد تاني واستحالة تيجى من نفسك غير غصبانيه وخوفك من زعلها. 

وائل يقترب في جلسته منتقلا من مكانه لقربها يحدثها بكلمات جعلتها تتوقف عن الحديث تنظر له بعين جاحظة  يومي برأسة عدة مرات ويبتسم لها  ويتركها ويتجه الى باب الغرفة ينادى على شقيقها ووالدتها التي.لبت نداء بسرعة ولهفة.

وائل بصوت رجولي متفهم لحديثها والازعه به : مش انا اللي اتجوز عشان امي حلفت عليا،ولو قلتلك انها متعرفش انى جاى هنا اطلب ايدك وكمان حاجه مهمة  جداً جداً بعد كلامك ده لو كنت متحمس للجواز قيراط دلوقتى أربعة وعشرين،  وبما انك وافقتى من الاول فخير البر عاجله، وحالا هشيع للمأذون يجيى نكتب الكتاب ويومين تلاتة بكتيرة تجهزى نفسك عشان الفرح،  سيد ياسيد. 
سيد سريعا:  نعم يا عمدة خير كفالة الشر. 
وائل: بعد اذنك انت ومرات خالى وإبراهيم اخوك شيع جيب المأذون وشيخ الجامع وكل قرايبكم وحبايبكم هنكتب الكتاب دلوقتي ويوم الجمعه الفرح ومن بكرة هعدي عليكم نروح الصاغة تختار وصفة شبكتها وتجيب فستان الفرح ومستلزماتها كلها. 

والدتها لم تتحمل السعادة دلفت سريعا للغرفة تطلق العنان لفرحتها وتضم. ابنتها الجالسة تنظر لوائل تغمض عينها تارة وتفتحها تهز رأسها تتأكد من أنها لا تحلم، تعيدها بضمها لها للواقع، لا تجد كلمة تنطق بها عقد لسانها وهى تستمع لحديثه مع والدته بالهاتف يخبرها بأن تأتى سريعا الى منزل عائلة وصفة مع عبد الرؤوف. 

______________ اللهم إرحم أبى واجعله من أهل الجنة. 

الجد:  يلا قوموا شيلو الاكل ده علي جنب ودخلوا الكنب جوة وكمان في كلمتين عاوزكم فيهم على جنب. 

لم ينبس احد بكلمة ينظرون الى زهور الواقفة تنظر لهم بانتصار ويجزون على أسنانهم، شرعوا في حمل الأرائك وبالفعل نقلوها إلى داخل الغرفة، قام الجد بخلع جاكيت حلته ووضعها على  حافة التخت ونزع حذاءه وتمدد على التخت بنصف  جلسة كلما تحرك  يصدح صوت التخت مصدرا صوت مزعج  ، يشعر بحرقان شديد فى أنفه وجفاف فى حلقة يغمض عينيه لتتدحرج دمعاته يعتدل بجلسته ينظر تجاه أحفاده وبصوت  حزين تحدث. 

الجد: أنا عارف ان جوا كل واحد فيكم كلام واسئلة كتير،  هجاوبكم على كل أسئلتكم،  وأولها ليه وافقت زهروان انكم تيجوا تعيشوا هنا  مع انى ممكن أخفيكم عن العالم كله، ومحدش يوصلكم،  بس أنا لقيت من العدل انكم تيجوا تعيشوا هنا في البيت اللي عاشت فيه زهروان   عشرين سنة من عمرها، وفى نفس الوقت عيشتكم هنا تصفى زهنكم تفكروا كويس في كل خطوة هتخدوها تتعلموا الصبر.

زاهر مقاطعة بحدة طفيفة: اوك يا جدو أنا معاك إن عدل نعيش هنا زينا زيها وأكيد أحنا من أول لحظة دخلنا هنا قد ايه تأثرنا واتوجعنا، مش عشان هى عاشت هنا واحنا عشنا في قصور لأننا ببساطة مناش ذنب فى ده أنا عن نفسي إفتكرت عمو زياد الله يرحمه، وحنيته وقد ايه وصانا في جوابة اللي سابه ليا على بنته وانا نحافظ عليها ومنزعلهاش أبدا،   لكن انك تنصرها علينا وتوافقها على كل كلمة فده سورى يعنى غباء كده زهروان هتسوق فيها و هتدخل معانا في تحدي وهتستغل النقطة دى،  ان حضرتك  موافقها على رأيها. 

الجد يومئ برأسه يعتدل في جلسته ويهبط بقدميه ملامس للارض ويلتف بجزعه تجاه أحفاده: 

أنا متفهم قصدك وعارف إنكم كلكم ملكمش ذنب ولا هى ليها ذنب الذنب ذنبي أنا وأنا متحمل نتيجته لكن في حاجه مهمه جدًا لازم تعرفوها، زهروان عندها حق فى تصرفها ده 
  متفتكروش اللي عملته برة ده إساءة منها ليكم ولا إنها قليل ذؤق  لا دي، رد فعل سريع منها لأنها شعرت بأنها ضعيفة ما بنا فكرت في حاجة سريعة تخلي موقفها قوى مابنا،  مالقتش غير البيت ده هو اللي في امكانياتها زى ما تقولوا نقطة قوتها ، تفرض رأيها وتمشية علينا كلامها بحاجة  بسيطة تتحكم فى نومنا وبدليل المرارة اللي في كلامها لما ردت عليك قالتلك انها  لا اختك ولا مراتك، أنا وافقت زهروان على اننا ننام هنا مش عشان هى صح بس  في  كلمة قالتها ميصحش تناموا في طريق الحمام  انتم مش محارم ليها وهى بنت لها خصوصيتها وأكيد الحمام اهم خصوصية لأي إنسان والمكان الوحيد  اللي بيكون فيه على طبعته بياخد راحته فيه بزياده عن أي مكان. 

حازم: ماهو احنا بردة فى مشكله  لو واحد فينا حب يدخل الحمام هنكون فى مشكله  وكمان  حضرتك مدخلتش من وقت ما جيت  ؟ 

الجد يهز رأسه يسحب نفس شعر بخناجر تغرس بجوفة  :   لاول مرة فى حياتى أأجل فرض ومصليش مقدرتش اتحمل أدخل الحمام بعد كلام حمزة وحازم عليه مقدرتش ادخل من السمع حاسس اني لو دخلت الحمام  هموت مش عشان قرفان لا أنا موجوع وحزين على سنين طويلة حفيدتي عايشة في البيت ده وانا عايش فى قصر حمام الشغالين فيه أكبر من الاوضة اللي نايمين فيها دلوقتى. 

زين بهدوء ونعاس:  أنا معاك ياجدو وموافق حضرتك فى رايك ان زهروان لها كل الحق في كلامها لكن بعد اذنك بلاش تظهر لها أنك توافقها على رأيها على طول ناقشها،  يا تقنعك يا تقنعها. 

الجد بتفهم:  أنا معاك وموافق على رايك  وفعلا ده اللي أنا مقررة،  بس للأسف  النهاردة بالذات مكنش ينفع أعمل كده
اللي حصل ليها وعاشت فيه يخليني مش بس معترضتش على أي  كلمة تقولها لا أنا أوقفها على رأيها واختم بالعشرة كمان. 
الشباب  بلهفة  وفضول:  ليه حصل ايه  خلى حضرتك تقول كده! 

اعتدل على الفراش يسند رأسه على ظهر التخت أغمض عينه وبصوت ممتلئ بالاوجاع والحزن. 
الجد:  انا مكنتش عاوز  احكيلكم في ظرفكم دي اى حاجه  تتعبكم ولا تذيد من وجعكم لكن لازم احكي لكم عشان تعرفوا لية وافقت زهروان على رأيها وكمان عشان  متتحملوش عليها ولا تأخذوا موقف منها. 

يقص كل ما حدث من وقت اتفاقه معها على  مساعدتهم في كشف المتسببين في تورطهم بحرق  الشركات والقصر،  حتى وصولها للبلدة ومعه غادير. 

يجلسون جميعا يستمعون للجد كل منهم مبهور بما يقصه الجد من كلمات زهور أول  مقابلته لها ومبادرتها هي فى العرض عليه بمساعدتهم وشجاعتها التي ابدتها في الفندق وانتزاعها اعترافات  نهال بسهولة رغم الخطر المصاحب لتلك المجازفة. 
لينتفض زين يتبدل حاله من النعاس ومحاولة النوم  إلى كتلة نار مشتعلة من الغضب،  يسب ويلعن نهال وشريكها عاصم زوج عمته زينه ليهب الجد من جلسته ويخطو تجاهه ينهره على صياحة  ويحاول أن يهديه ويثنيه عما يهدد به ويوقفه بالقرب من باب الغرفة  مع تصاعد أصوات باقي الشباب. 

زين بعصبية:  سبني يا جدوا أمشي، نهال وشريكها لازم يدفعوا التمن لازم أخذ حقنا منها،  شوهت سمعتنا وبهدلتنا  غير محاولتها تقت*ل كل العايلة مهمهاش أخوتها، حتى زهروان ما رحمتها هي والك* لب عاصم الخسيس كان عاوز،  آه يا عاصم  الموت رحمك من إيدى. 

حازم:  زين عنده حق يا جدوا كفاية بقي هنفضل سيبين نهال كده من غير ما تتعاقب ولا نوقفها عند حدها،  كفاية البهدلة اللي إحنا فيها كفاية كده تعبنا تعبنا. 

الجد: ممكن  تهدوا شوية  قالها وهو يشير لـ زاهر وحمزة قبل الحديث وهو يرى  تلك النظرة الغامضة فى عيونهم،  زين انت وحازم اقعدوا و اسمعوني كويس بلاش تسرع،  
عودوا نفسكم  تسمعوا اللي بيكلم للنهاية وفكروا كويس أوى فى كل كلمه  بيقولها وعواقبها وخصوصا  انت يا زين بلاش ردت فعلك تكون سريعه فكر مرة واتنين وتلاتة قبل أي خطوة هتخدها والكلام ليكم كلكم فكروا واتعلموا من اللى حصل عشان اللى جاى هيكون صعب،  ولما أقول صعب يعنى هتبدوا من الأول اللي فات كان شئ وال جاي شئ تاني خالص، زمان مكناش واخدين بالنا من أعدائنا،  كنا بنقول ما دام مضرناش حد ومخدناش حق حد وكفينا خيرنا شرنا يبق مناش أعداء بس طلعنا غلطانين وإن النجاح  ليه ضريبة، غيرة وحقد ومؤامرات،  كل ده ظهر وابتدوا يكملوا ال نهال وعاصم بداوه ودلوقتى بيوقعوا المجموعة ونزلوا أسهمها غير الضربات الكتير ال لسة هتظهر. 

حمزة بحدة ظاهرة يحاول التماسك ويتحدث برزانة:  و هنستنا إية تاني أظن قاعدتنا هنا خلاص ملهاش لازمة جه الوقت اللي نرجع ونوقف كل دول عند حدهم وخصوصا نهال كفاية عليها لحد كده،  عاصم وربنا رحمة من ايدي لكن نهال واللي معها أقسم بالله ما هسبهم  ولا هرحمهم،  وفين بابا وعمى ليه سايبين المجموعة تقع كده وخصوصا  عمو زايد، دي حياته المجموعة بعد اذنك يا جدو معتش في وقت لازم نرجع ونأخذ حقنا من كل واحد  فكر يؤذينا مش حاول.  

الجد:  عمك وابوك كل واحد فيهم بيحارب فى جها، و افهموا بقى وانتبهوا، لسه بقولكم اهدوا وفكروا قبل ما تتكلموا وسيبوا اللي قدامكم ينهى كلامه،  يا استاذ منك ليه انتم نسيتوا القضايا اللي متلفقة ليكم  لسه ما انتهاش التحقيق فيها،  ومع اول ظهور ليكم  هيتقبض عليكم. 
حمزة:  جدوا نهال لازم تعترف باللى عملته وشركاتها كمان مش لازم نتهاون فى ده م*وت عاصم واتهامها بقت*لة  ده فى حد ذاتة ما يثبتش براءتنا. 
الجد بمرارة:  للأسف لا براءتكم كانت فى ادين عاصم ونهال اعترافهم كان هيغير كتير لكن الم*وت اسرع مننا. 

حمزة:  عاصم م*ات، فنهال لسه عايشه نجبرها إنها تعترف  بفعلتها. 

عبدالرحيم  أغمض عينه وفتحها ببطئ شديد وجلس على الأريكة  الجالس عليها زاهر يحاول التماسك  لينتفض فور سماع ما يقوله جده. 
الجد:  للأسف  نهال حصلت عاصم. 
زاهر: قصد حضرتك انها. 
الجد:  ايوه  اللواء أشرف هيكل هو اللى اتصل بيا من  شوية،  وبلغنى بالموضوع نهال انت*حرت  وهى متحوله للنيابة رميت نفسها من شباك اوضة التحقيق وللاسف مخدتش بالها من أسلاك الكهرباء جنب الشباك ولا من أسياخ الحديد خيالها المريض خيلها انها ممكن تهرب ونسيت إن ربنا يمهل ولا يهمل. 

الجد بحزن وألم واضح عليه:  مع كل اللى عملته بس قلبى موجوع عليها وحزين على اللى حصل ليها ومحتار أبلغ امهاتكم إزاي وقلقان إن الخبر ينتشر وانا هنا بعيد عنهم، ويعرفوا وميلقوش حد يأخد بخاطرهم مع جدتكم. 

زاهر بشك:  جدي ليه بتقول كده تيته مش موجوده معهم وبابا وعمى وعماتي وبناتهم، ولا حصل حاجه تانيه مخبيها علينا. 

الجد: قلتلكم أبوك وعمك مش ملحقين على المصايب اللى وراء بعضها، وجدتك مش هتقدر تواسيهم لوحدها ولا هتقدر على رد فعلهم، وعماتك زينه وكلكم عارفين طبعها وزينب 
مش متوقع ردت فعلها  زينب تأذت من نهال ووجعها  من اللى عمله خالكم بها وجعها جداً وكتمه جوها وأكيد دى الفرصة اللى  هتخليها تخرج كل ال جوها. 

حمزة:  وده مش  سبب قوى نرجع عشانه ماما وخلتو أكيد في أمس الحاجة  لينا، هنقعد هنا حاطين ايدنا على خدنا هربانين،  أسف يا جدو انا مش هقدر أقعد هنا انا هرجع  حتى لو اتقبض عليا. 
الجد:  حمزة بلاش جنانك ده دلوقتي  والدتك وانت عارف ان ابوك جنبها واستحالة حد يقرب منها، انا بس قلت مخاوفى عشان اعرفكم حجم الضغوط اللي على كتاف عمك وابوك،  كلام فى موضوع رجعكم ده محسوم محدش فيكم هيسيب البلد غير لما القضية تنتهي وبراءتكم تظهر وقتها بس تقدروا ترجعوا. 
زاهر:  ولحد ده ما يحصل هنفضل  هنا هربانين قافلين على نفسنا زى المجرمين دا انا كنت اتجننت. 

الجد:  فترة قصيرة اوعدكم بالكتير اسبوعين تلاتة وامكن قبل كده، اللواء أشرف بلغنى  بإن هالة السكرتيرة  سلمت نفسها واعترفت بكل اللى حصل  وده خلى موقف مساعد عاصم  ضعيف وغير أقواله استحملو الفترة دي واعتبروا نفسكم فى رحلة ريحوا اعصابكم  و فكروا كويس ازاي تخرجوا من المحنة دى واقفين على رجليكم، ازاى تطوروا من نفسكم ومن شغلكم،  والكلام ليك يازين بشكل خاص وليكم بشكل عام  فكر كويس فى حياتك ومستقبلك هل فعلا عاوز تعيش هنا وترتبط بالبنت اللى قولت عليها وانك فعلا منجذب ليها وحبتها وقبل ده كله هتقدر تعيش هنا وتسيب عائلتك واهلك واصحابك ومنصبك، ولا لا فكروا كويس انتم كمان فى اللى انتم عاوزينه واوعدكم  وخاصة انت يازين هقف جنبك واساعدك فى قرارك بس الأهم تتأكد انك فعلا نسيت نورين وانك مش بتهرب من حبك ليها ولا من وجودها بحياتك.

يقف من جلسته يتجه تجاه الفراش يرمى حالة عليه يشعر بثقل في جسده  وألم يحتل كل خالية فيه، يتمدد على الفراش متكئ على يده ورأسه مسنده على ظهر الفراش، ينظر تجاه أحفاده وحازم الذي جلس جواره والسكون الذي عم الغرفة ونظراتهم لاعلى الغرفة غارقين فى التفكير حتى ارتخت جفونه وذهب فى نوم ينتفض بعد وقت على إثر مداهمة كابوس مرعب لمنامه،  يهب واقفا من على الفراش ينظر لأحفاده النائمون  لـ ينتعل حذاءه و يلتقط جاكت حلته ويخرج من الغرفة مسرعا،  يشعر بأنفاسه هتزهق يفتح أزرار قميص ليخفف شعوره بالاختناق يجوب المكان بعينه وهو يقف مكانه 
حتى توقف على باب الغرفة القانتة فيها زهور وغادير،  يسحب نفس عميق يكتم بداخله يشعر بزلزلة الأرض تحت قدمة يخرج أنفاسه بسرعة مع نوبة من السعال يحاول كتمها بيده حتى لا يفيق الجميع على صوته، يحسم أمرة بعد وقت وهو واقف على حالته يقدم قدم ويأخر الأخرى حتى وقف أمام باب الغرفة رفع يده يطرق عليه بهدؤ مرة وفي الثانية فتح الباب رفع عينه بكسرة وتحدث بصوت مهزوم  متحشرج  تحدث لمن بالباب وخطى داخل الغرفه منكس رأسه وكتفيه كأنه يحمل أثقال عليهم. 
ـــــــــــ
غادير دلفت الغرفة خلف زهور وقفت مكانها خلف الباب لم تتحرك منه تشعر بدوار شديد وعينها تجوب الغرفة تنظر لمحتوياتها بذهول تمرر عينها على كل قطعه تشعر بحزن 
تخت وخزانة ملابس،  إحدى أبوابها منزوع  مرآة تكاد لا ترى بها انعكاس صورتها لقدمها وتهالك زجاجها، خطت خلف زهور فور  دلفها للغرفة اتجهت مسرعة تجاه الفراش ترتمي عليه بشوق كبير تضم وسادة صغيرة لاحضانها ترفع جزعها تنظر تجاه غادير الواقفة لا تتحرك  تحدثها تستجيب غادير لها وتتجه للجلوس بجوارها على الفراش تلتفت لزهور تحدثها بصوت مشفق لتحدثها زهور بصدق وتفاجئها بأشياء لم تتخيلها. 

زهور:  مالك يابنتي وقفة عندك كده ليه تعالى ارتاحى شوية. 

غادير:  زهروان ممكن أسالك سؤال وياريت تجوبني بصراحه  وبنفس الوقت متعتبرهوش تقليل منك. 

زهور بابتسامة:  أنا عارفة السؤال ومش بس كده فى أسئلة كتير تانية عاوزة تسأليها،  وأنا هجوبك عليها كلها من غير ما تشعري بالحرج. 

سؤالك الاول:  ليه صممت على النوم هنا مع ان الاوضة مش واو ولا فيها حاجه تستاهل إني اتمسك بيها كده. 
هجاوبك ببساطة شديدة  لاكتر من سبب الأول انا عشت فى الاوضة دى كل ايام عمرى بحلوها ومرها والمخده الصغيرة في ايدى دى ياما  شهدت على أيام وليالي بكيت فيها وانا بكتم صوت بكايا فيها، السرير ده اللى يدوب وخدنا انا وانتى بالعافية ياما نمت عليه وموعتش للدنيا من التعب وقتها كان بالنسبالي  سرير من ريش نعام. 

تانى حاجه  بين الاوضة والحمام مش كتير وقت ما احب ادخل الحمام  هدخل بسرعه من غير ما يحسوا بينا، تالت حاجه أنا تعودت إني أدافع عن حقي مهما اللى كان واقف قدامى ميهمنيش هو مين او إيه بالنسبالى، المهم اخد حقى. 

غادير بتفهم تحدثها: أنا متفهمه كل كلامك بس حسب كلام زاهر الاوضة التانية صغيرة عليهم هم وجدوا كان ممكن يناموا هنا وعادى انا وانتى هناك. 
زهور بخجل حاولت إخفائة:  هم جم قبل منك هنا وشافوا البيت وعاشوا فيه كام يوم  فانا متحرجتش منهم لكن انتى أول مره تجي هنا والبيت يعنى وكمان الاوضة دى مترتبة وفيها فرش وسريرها مريح. 
غادير بعطف: زهروان معقولة عملتى ده كله عشان محرجه مني غلطانه انتى انا غير ما انتى فاهمه خالص أنا أبسط ما تتصوري لا بيهمنى شكل المكان ايه ولا عامل ازاى اهم حاجة عندى نظافته وراحتي النفسية فيه. 

زهور:  كلامك  الاخير ده هو نفس إجابة سؤال من الاسئلة اللى جواكى. 
غادير: هو ايه السؤال؟ 
زهور:  ايه السر انى جيت هنا ومرحتش انفس عن غضبي وحزني في مكان تاني زى الفندق او اروح اي مكان راقي او ادخل اى محل اشترى لبس واغير من شكلي واستيلى بدل ما اعمل كدة اجى هنا في البيت ده اللى عشت فيه أصعب أيام 
عارفه ليه جيت هنا؛ عشان هنا بلقى روحى بقدر اتنفس، 

عارفه لما تعيش طول عمرك بتتهمى إمك بأنها رمتك وتخلت عنك عشان تعيش في ترف عارفة لما تفضلى تهنيها وتدعى عليها بعدم الراحة لما تستعرى منها ومن شبهك ليها ولا لما حد يغلط في اسمك ويناديكى بإسمها وتبقى بتحاولي تمسحي اسمها من جنبك كأنك بتنفضي تراب عالق بهدومك وطين مش قادرة تبعديه عنك أنا جيت هنا عشان أقولها سامحنى يا أمى سامحنى أنا ظلمتك زى ما الدنيا كلها ظلمتك،  بس ظلمى انا أكبر ياما سهرت أيام اتخيل فيهم شكل  مقابلتي ليكى ازاى، كلهم انتهوا بإنى هنتك وياما قسيت عليكى بكلام جارح جيت هنا وفى الاوضة دى بالذات عشان أبرئك من تهم كتير ملكيش ذنب فيها، جيت هنا عشان انادى عليكى بعلو صوتى وأقولك سامحنى يا أمى  سامحنى يا أمى أنا ندمانة على سوء ظنى بيكى على عشرين سنة من عمرى عدوا وأنا مستعرية منك. 

لم تعد تتحمل خارت قواها جثت على قدمها تبكى بحرقة مع كل كلمة تنطق بها تعكف يدها حول نفسها كأنها تضم أحدهم إليها، غادير لم تتحمل تكتم بكاها بيدها تبكي بحزن ووجع مع كلمات زهور و نحيبها،لم تعد تقاوم لتنحنى سريعا تحاوط زهور بين يديها تشتد فى ضمها. 

زهور: سامحنى يا ماما وارجعيلى لو للحظه وحده خدينى فيها فى حضنك نسينى وجع سنين بعدك ارتوي فيها من حنانك، أبكي على كتفك وأشتكيلك وجعى اشتكيلك مرارة اليتم ببعدك وانا فكراكى عيشة، ولما عرفت بموتك المر بقي علقم و وجعك في قلبي زاد معتش قادرة اتحمله. 

غادير ببكاء تربت على كتفها تهديها بكلمات بسيطه مواسية لها لتنتفض مع زهور وابتعدا عن بعضهما تزيح كل منهما دموعها ويقفون معا يهندمن ملابسهن بعد سماع  دقات على باب الغرفة، تخطوا غادير تجاه الباب وتحاول زهور تهدئه شهقاتها وانفاسها العالية إثر البكاء. 
تبتعد غادير عن باب الغرفة تلتفت لزهور التى تحدثت بصوت متحشرج لمن يقف بالباب سامحة له بالدخول 
  يدخل الجد وعينيه لا يقوى على رفعهما منكس الرأس  مرتخى الكتفين توقف أمام زهور الواقفة، تجاهد في كبت دموعها، طال وقوف الجد وهو يقف على حالته تلتفت زهور تنظر ل غادير بتسأل، عما حل بجدها، تقترب غادير له تضع يده على كتفه يلتفت لها نصف التفاته يغمض عينيه ويهز رأسه وخرج صوته بصعوبة كأنه نسى الكلام يحاول التحدث تخونه كلماته وتخرج متلعثمة. 

غادير بهلع:  جدو في ايه حضرتك مالك تعبان حصل حاجه زاهر قال حاجه  ضايقتك. 
الجد بصعوبة رفع يد زهور يقبض عليها بيده ويتحدث:  الواقف قدامك دلوقتي  مش عبدالرحيم الغمراوى اللي  بتكرهية، ولا جدك   اللي واقف قدامك دلوقتي  أب جاى يترجاكِ تنقِذ،   ابنه  من الموت أنا آسف على اللى هطلبه منك وهتلمس لكي مليون عذر لو رفضتي، انتي من أول دقيقة تعارف عليا وانتي شلتي هم كبير على كتافك مشفتيش لحظه حلوه من وقتها  أنا بقول الكلام ده مش بستعطفك بيه ولا بحاول أأثر على موافقتك،  ولا عشان أكبر الموضوع لانه كبير أوى أوى. 
غادير:  جدوا فيه ايه قلقتنا!؟. 

عبدالرحيم يكمل حديثه وهو يخطوا بزهور يجلسها على الفراش ويجلس جوارها فور شعوره بتلك الرجفة التى وصلت له من يدها الممسك بها. 

الجد: اعتبرينى أناني انتهازي؛ بس أنا اتوجعت فوق ما تتخيلي بموت واحد من أولادى مش هقدر أعيش ثانية واحدة لو فقدت الثاني  زهروان عمك زايد بين الحياة والموت دخل بغيبوبة بعد كلامك في القسم  مقدرش يتحمل  مفيش على لسانه غير اسم والدتك،  مستسلم للموت. 

شهقة خرجت من غادير تابعتها نظرات زهور توزعها بين الجد الذي نهر غادير بعلو صوت بكاها وبين الفراغ لتتحدث بصوت متزن و متحشرج يكاد حبالها الصوتية تمزق. 
زهور:  مطلوب مني ايه بالظبط وأنا أنفذه. 

الجد يسحبها يضمها لصدره يربت على ظهرها يبك بصوت عالي: ما خيبتي ظني فيكِ كنت بدعى ربنا انك توافقي وفي نفس الوقت متأكد من موفقتك لانك زي زياد بالظبط،  مش بيعرف يرفض دائما كان بيدى من غير حساب دايما جه على نفسه عشان غيرة. 
زهور:  أنا مش زى حد ومن الاخر دي أخر حاجه هساعد فيها أنا من بعدها هعيش لنفسي  وبس أنا طول عمري بعطي  وعمري ما أخذت بأخد على دماغي وبطعن في قلبي،  مش بلحق أفوق من الصدمة القئ اللؤ بعدها، وقبل ما حضرتك تتكلم وتعتذر، ياريت تقولى المطلوب مني وانا وقتها هنفذه. 

عبدالرحيم صمت قليلا اغمض عينيه ظفر نفس بصعوبه 
:  طالب منك تدخلى لعمك زايد العناية على انك سلسبيل،  
أنا عارف انك مصدومه من طلبي بس يابنتي. 
زهور مقاطعته  هبت واقفة:  من غير تبرير أنا متفهمه  قصد حضرتك وقلت قبل كده  هنفذ كل المطلوب مني وبعدها  خلاص مفيش حاجه تربطني بيك غير الاسم،  كل اللي مطلوب دلوقتي تفهمني كل حاجه بالظبط والتنفيذ أمته. 

عبدالرحيم:  أنا مش هرد على كلامك ده دلوقتي مش عشان خايف تغيري رايك لا عشان انا حاسس بيكى قد ايه موجوعه حزينه مشتتة زي الطير المد*بوح بس*كينه تلمه  لا قادر يتنفس ولا يوقف سيل الد *م اللي بينزل منه بيطفطف بأجنحته يقاوم وجعه، وقلتلك لو أنا أناني في الطلب اللي بطلبه منك فده عشان انا  أب  ووقت الأمر ما يتعلق بالأولاد 
أنانيه الأب تطغى عليه. 

زهور بعصبيه طفيفه :  طيب ممكن حضرتك تقولي المطلوب وبعدها  كل واحد  ينفذ ال في دماغه وحر فيه.  

أتى عبد الرحيم يعترض  إقتربت غادير منه  : جده مش وقته حضرتك وياريت تنهوا النقاش دلوقتى عشان أنا شايفه انكم نفس الشخص فبلاش تدخلوا في تحدي هنفضل فيه فترة طويلة وهبعد عن الموضوع الاهم، ودلوقتى ممكن تحكي لينا الموضوع والمطلوب بالضبط. 

عبدالرحيم  يهز رأسه يجلس على الفراش:  المطلوب زهروان هتدخل لزايد العناية على أنها سلسبيل وبتمنى  المحاولة دى تنجح. 
زهور:  ممكن تشرح لينا شوية تفاصيل حصلت ما بنهم 
مخليه في الحالة دي.! 
عبدالرحيم بحده وقف ينظر لزهور شزرا من يراه على تلك الحالة وراءه فور دلوفه للغرفه لاقسم أنهما شخصان وليس نفس الشخص:  زهروان بالرغم من مغز كلامك وصلني بس هتغاضي عنها لانك لسه مش فاهمه الموضوع ومعنى كلامك الموجه الاتنين وده لا يمكن أسمح بيه أبداً. 

زهروان  تسب حالها  على تلك الاتهامات التي لازالت تتهم بها والدتها تعض لسانها بقوة تشعر بالالم تظرف دمعتها بصمت وحرقة بأنفها والهبة تحرق صدرها  :  أرجوك كفاية 
أنا مش قادرة استحمل اكتر من كده ياريت نختصر وتقولي المطلوب. 
الجد التقطها سريعا جذبا أيها لى حنايا صدره: أهدى أهدى انا. 
زهور تبتعد عنه بالرغم من احتياجها لتلك الضمه تلتقط حقيبتها تزيح دموعها:  مفيش وقت حسب كلام حضرتك من شوية فياريت نمشي قبل ما اغير رايي. 
غادير تسرع خلفها:  زهروان عندها حق ياجدوا. 
زهور:  وانتي كمان بطلي زهروان دي اسمى زهور زهور بنت سلسبيل. 
قالت هذا واتجهت ناحية باب المنزل تفتحه وتخرج منه دون وخلفها غادير والجد خلفهم يغلق باب المنزل بهدوء  بعد أن ألقي على غرفة أحفاده نظرة أخيرة. 

تقف غادير تلتفت للجد:  جدو العربية فين هنرجع دلوقتي ازاي. 
الجد بتذكر:  نسيت خالص اتصل عليه. 
غادير:  هو مش مفروض موصل  حضرتك. 
الجد:  انا خفت حد يأخد باله من العربية قلت ليه يرجع مصر وهتصل عليه لما نرجع. 
غادير:  طيب والعمل دلوقتي! 
زهور:  بسيطة النهار خلاص طلع  هنمشي لمحطة القطار  ساعة ونكون في القاهرة. 

غادير:  ساعه ايه بس دا الطريق  اللي هنمشيه للمحطة فوق التلات ساعات! 
زهور:  في طريق  تاني أسرع بس يلا بسرعه نمشي عشان نلحق معاد القطار. 
يسير الثلاثة في طريق البلدة ليصلا الى محطة القطار بعد أقل من نصف ساعة توجه الجد يسأل أحد العاملين على معاد قطار القاهرة ليخبره العامل بأنه على وصول ليقوم بشراء تذاكر القطار ويتجه للفتيات يخبرهم بأن القطار اقترب موعده. 

بعد أقل من خمس دقايق  صعدوا ثلاثتهم للقطار وسط تزاحم عدد من الركاب والطلبة يبحثوا بأعينهم عن مكان فارغ يجلسوا عليه بعد تجوال دام دقيقتين وجدوا مكان شاغر ليجلسوا به،  تنظر زهور لغادير التي تنظر لها بتسأل تنفلت  إبتسامة عفوية من زهور تعلو بعدها شهقة من غادير.


تعليقات