رواية دلال حرمت علي قلبك الفصل العشرون 20 بقلم شيماء سعيد


 رواية دلال حرمت علي قلبك الفصل العشرون 

رأته يدلف أمام لمكتب الضابط مثل الغريق الذي وجد أخيراً طوق النجاة، ركضت إليه بجسد ينتفض ليفتح ذراعيه إليها، ضمها بصمت ثم نظر للضابط ليقول الآخر بهدوء:

_ هسيبكم مع بعض شوية يا باشا..

أصبحت معه بمفردها فبكت بشهقات عالية، لا يستوعب عقلها ما مرت به بالساعات القليلة الماضية، حضنه أمان حركة يده على ظهرها دعم، قبلته أعلي رأسها وعد، أشياء بسيطة جعلتها تأخذ ثقة كبيرة، أغلقت عينيها بفرار تتمني لو تذهب معه من هنا، أبعدها عنه بهدوء وقال:

_ إيه إللي حصل يا دلال ؟!..

أبعدت عينيها عنه بندم شديد، يا ليتها سمعت ما قاله، خرج صوتها برجفة وقالت:

_ معرفش والله العظيم ما أعرف إيه اللي حصل، أنا لقيته ميت صرخت عشان حد يدخل يعرف ايه اللي بيحصل، لقيتهم بيتهموني ان أنا اللي موته والبوليس جه ولقيت نفسي هنا، أنا مش فاهمة حاجه يا أيوب وخايفة.. 

بداخله غضب لو خرج به عليها لقسمها نصفين، حالتها لا تسمح الآن أيوب إلا بالدعم فقط تعود للمنزل وبعدها هناك حديث آخر، جذبها لتجلس على الأريكة الكبيرة وجلس بجوارها ثم قال بحنان:

_ متخافيش طول ما أنا جنبك قوليلي إيه اللي حصل بالظبط وأنا أوعدك مش هتقعدي هنا أكتر من النهاردة.. 

بكت خوفاً من رد فعله وقالت:

_ أنا أسفة يا ريتني سمعت كلامك..

من أين يصرف هذا الأسف وبماذا يستفيد به؟!. مسح على ذقنه بتعب وقال:

_ مش وقته قوليلي إيه اللي حصل..

أومات إليه ثم قالت بكلمات غير متزنة:

_ اللي حصل هو يعني أنك بعد ما مشيت هي كلمتني وقالتلي ان انا لو مرحتش المستشفى هتندم إنها ساعدتني، والله يا أيوب انا مكنتش هروح وكنت هسمع كلامك زي ما قولتلي بس صعبت عليا لما رحت كنت ناوية ادخل لباباها واقول له اني اني .. 

يا الله قلبه غير قادر على رؤيتها بهذا الشكل، سحبها بقوة لياخذها بين أحضانه وقال:

_ دلال أنتِ مرات أيوب رسلان إياكي تخافي قولي يا حبيبتي أنا سامعك..

دعم رهيب يقدمه لها، هذا كل ما تحتاجه أكثر من مساعدته لخروجها من هنا، الأمان الذي قدمه إليها كافي ليريح قلبها، أومأت إليه ليزيل دموعها بطرف أصابعه فقالت:

_ لما دخلت مكتب بابا ياسمين قولتله إني عايزة استقيل قالي مفيش مشكلة بس النهاردة مينفعش عشان الشغل كتير لما حاولت اتكلم معاه رفض، ياسمين أخدتني اوضة الكشف عشان أعمل لمريض أسنانه قالتلي إنها أديته البنج وأنا أكمل الشغل مكانها، أول ما خرجت قربت من المريض لقيته مش بيتنفس صرخت عليهم دخلت هي وباباها وقالي ان أنا اللي قتلته، مفيش دقيقة ولقيت البوليس مالي المكان هو ده كله اللي حصل،  أنا مش عايزة أدخل الحجز يا أيوب مش هقدر ممكن أموت فيها دي..

عملية مدبرة لعين أي أحمق، ضعفها وخوفها هزمه لا يستطيع أن ينكر ذلك، وضع يده فوق يدها بقوة وقال:

_ مش هتدخلي الحجز هتقعدي هنا في مكتب الظابط بكره الصبح هتبقي في بيتك ده وعد مني ليكي، بس عايزك تبقي أقوى من كده يا دلال عشاني وعشان بنتنا اتفقنا يا حبيبتي.. 

ببراءة طفلة أخذت عهد من والدها قالت:

_ اتفقنا أنا مش هخاف لحد ما ييجي بكرا ونمشي من هنا..

يا الله من أين يأخذ قوة حتي يستطيع تركها بمفردها ويذهب، أيوب خروجها من هنا أهم بكثير من بقائك معها، ثم نفسه بصعوبة ثم وضع قبلة حنونة فوق رأسها مردفاً:

_ شاطرة خدي بالك من نفسك ومن إللي في بطنك لحد ما أرجع..

ماذا ؟!.. الي أن يعود!!.. ستظل هنا بمفردها ؟!.. حركت رأسها بخوف قائلة:

_ هو أنتِ هتسيبني لوحدي..

_ ده قسم يا دلال مهما كانت قوتي ونفوزي مش هينفع أفضل معاكي، وبعدين لو بقيت معاكي مين اللي هيخرجه متخافيش زي ما اتفقنا هتفضلي في مكتب الظابط لحد الصبح..  ..

ما باليد حيلة يا دلال عليكِ تحمل غبائك أومات إليه بضياع لم يقدر على تحمله فقام سريعاً وخرج من المكتب، رأي مصطفي يقف مع الضابط فأقترب منهما مردفاً:

_ مش عايز مراتي تطلع من مكتبك يا ابراهيم..

أومأ إليه إبراهيم قائلا:

_ متخافش يا باشا المدام في عينينا بس الوقت مش في صالحك لو القضية اتحولت للنيابة مش هقدر أعمل لها حاجة.. 

_ مفيش حاجة هتتحول براءة مراتي هتظهر الليلة، يلا يا مصطفي..

______ شيما سعيد _______

بمنزل أبو الخير..

بعد ليلة أمس ترك المنزل وأكمل يومه فوق السطح بعد تعب كبير قرر العودة إليها سيأخذها بين أحضانه ويعتذر منها عن غباء حديثه، المفاجأة جعلته يقول أشياء كثيرة عندما رددها برأسه علم بجريمته، لأول مرة بحياته يشعر بالخجل من حاله وخصوصاً أمام إمرأة..

وصل لباب غرفتها ورفع يده بتردد شديد، هل ناصر أبو الخير يخشي المواجهة ؟!...نعم هذا ما حدث بعد عناء شديد دق مرة والثانية حتي أت إليه صوتها المهزوم يقول:

_ اتفضلي يا طنط زينب..

فتح الباب ودلف ويا ليته لم يفعل، رأي بعينيه حصاد زرعته ذبلت الورده من جديد، بيدها أحد فساتين تضعه بداخل حقيبة ملابسها فأقترب منها مردفاً بتعجب:

_ أنتِ بتعملي إيه ؟!..

توقع ردها عليه فهي دائما رقيقة مطيعة ولكن هنا كانت الكارثة الكبري عندما أكملت وضع الملابس قطعة وراء الأخري بلا رد فقال بغضب:

_ مش بكلمك يبقي تردي عليا..

وهل تعطي إليه الفرصة ؟!.. لا والله كل فرصه معها انتهت، أغلقت الحقيبة ثم أخذت نفس عميق وأعطت وجهها إليه مردفة بهدوء:

_ شكراً يا أبية..

ماذا ؟!.. ماذا تقول تلك الفتاة ؟!.. سألها بتعجب:

_ شكراً على إيه وبعدين إيه موضوع أبيه ده ؟!..

تعبيرات وجهها تعبر عن كم الضرر الواقع عليها، تنهدت وقالت بصوت متحشرج من بكائها الطويل:

_ شكراً على كل حاجة، دخلتني بيتك وفضلت تحت حمايتك مع اني كنت جوا مصبية مفيش حد يدخل نفسه فيها أو يدخلني جوا بيته، بعد كدة كتبتني على اسمك كل ده يستحق الشكر أما موضوع أبيه فده إحترام لفرق السن إللي بنا..

فرق السن بينهما ؟!.. وهي منذ متي تراه أكبر منها ؟!.. من الواضح إنها تعاقبه تحاول أن تأخذ حقها منه بعد ما قاله أخذ نفسه بهدوء وقال:

_ حقك عليا يا حنين قولت إمبارح كلام عبيط وو..

قطعته بإشارة واحدة من كفها الصغير وقالت ببرود:

_ لأ بلاش تعتذر ليلة إمبارح دي مكافأة نهاية خدمتك ليا يا رب تكون المكافأة عجبتك يا حاج..

لا إلي هنا وكفى لم تولد المرأة التي تقف أمام ناصر أبو الخير بعد صرخ بغضب:

_ ما تظبطي نفسك يا بت ولا هي هبت منك ولا ايه؟!.. 

حركت كتفها ببساطة وقالت:

_ هبت مني ليه كنت عايز أكتر؟!. بصراحة مش هقدر اديك زيادة معدتي بدأت تقلب وأنت اكتر واحد عارف الحاجات دي قبول، وبصراحه  أكتر عشان أكون صريحة معاك انا قولت راجل كان مع تلات ستات قبل كده يعني باشا في الحاجات دي لكن على ارض الواقع طلع الاداء مش قوي، فكفايه عليك اللي اخدته .. 

رفع يده بلحظة غضب تم بها إهانة كرامته إلا إنه بآخر لحظة ضرب الحائط بجواره، انتهت علاقته بها قبل أن تبدأ ليس هو الرجل المنتظر لابنة رسلان، رد عليها بقسوة:

_ الحاجة لما تبقي مستخدمة حتي مهما كان الأداء عالي مش بتعرف تتكيف..

صرخ به بغضب:

_ أخرس قطع لسانك يا حيوان، أنت بنفسك عرفت أنك أول واحدة إيه ناوي تكمل في الكذبة عشان تفضل الراجل الأصيل إللي لم عرض صاحبه، أنت مش أصيل يا ناصر ولا تفرق حاجة عن أدم، قولت مش بنت فيها إيه لما أمتع نفسي ومحدش هيأخد باله ولم شوفت الحقيقة بعينك عايز تخلع، لأ فوق ده انا حنين رسلان مش أي ست ويوم ما اكمل حياتي مش هيبقي مع راجل عجوز بتاع ستات..

لو كان برأسه القليل من العقل فهو ذهب مع دخول والدته للغرفة على أثر صريخها وسماع ما قالته، صفعها بقوة أسقطت جسدها أرضا لتضرب السيدة زينب على صدرها مردفة:

_ يا لهوي يا ناصر هي دي ادك ؟!..

أقتربت من حنين تساعدها على القيام مردفة:

_ قومي يا بنتي حقك عليا أنا..

قامت بمفردها دون مساعدة ووقفت أمامه مردفة:

_ طلقني..

لم يتصور أن يصل بينهما الأمر لهنا، آخر ما يريده الانفصال عنها ومع ذلك قال بجبروت:

_ أنتِ طالق يا حنين..

______ شيما سعيد ______

بمكتب أيوب..

كان عقله يعمل بكل الاتجاهات، معه مصطفي وأحد رجاله " حسني" كل واحد منهم يبحث عن طرف الخيط بمكان معين، فقال أيوب:

_ البنت دي طلعت مش بنت المدير ولا حاجة ده حد كان عايز يوقع دلال من الأول..

أومأ إليه مصطفي بتأكيد وقال:

_ صح كده يا باشا..

نظر أيوب لحسني وقال بقوة:

_ ساعه واحده بس يا حسني الدكتور والبنت اللي اسمها ياسمين دول يكونوا عندي، لو رجعت بطن أمها تاني هات لي أمها نفسها.. 

قام حسني من مكانه وقال بهدوء:

_ أنا اخدت الخطوة دي من أكتر من 10 دقايق يا باشا وبعتت لهم الرجالة. 

نظر إليه أيوب بشكر وقال:

_ راجل يا حسني، المحامي قالك إيه يا مصطفي ؟!..

_ زي ما قولتلك الصبح يا باشا المحامي عشان يثبت براءتها هتتعرض على النيابة وهناك هتتحول الجثة للطب الشرعي وساعتها مدام دلال هتقعد هناك فترة..

هذا مستحيل أن يسمح به، نفي بسرعة وقال:

_ لأ دلال مش هتتحمل وأنا مش هسمح لمراتي تبات ليله كمان برة بيتي شوفلي الرجاله وصلوا لايه يا حسني.. 

قال حسني:

_ حاضر يا باشا..

خرج حسني ليضرب أيوب رأسه بالمقعد أكثر من مرة فقال مصطفي بلهفة:

_ اهدى يا أيوب كده غلط..

اجابه أيوب بغضب:

_  أهدي إزاي وأنا مش عارف إيه اللي بيحصل لمراتي دلوقتي أنا متأكد ان اللي عمل كده في دلال يقصدني أنا يا مصطفى، دلال مفيش بينها وبين أي حد أي حاجه أنا المقصود باللعبه القذرة دي بس أقسم بالله هجيبه ووقتها ما هرحمه.. 

أكد مصطفى على حديث أيوب وقال:

_ مش هنرحمه أنا على طول في ضهرك..

بالفعل منذ زمن الزمن ومصطفى بضهره يسنده، إذا لم يقع الي الآن فيعود الافضل الأكبر لصديق وفي مثل مصطفي، لا لم يتحمل أكثر قام من محله ثم قال:

_ أنا رايح لها..

_ رايح لمين يا إبني استني؟!.. 

لا لم ينتظر من المؤكد إنها خائفة الآن أخذ متعلقاته وقال بجنون:

_ رايح أشوف دلال واطمن عليها هي أكيد خايفة من غيري..

______ شيما سعيد ______

بقسم الشرطة..

بأحد الزوايا البعيدة بمكتب الضابط كانت تنكمش دلال حول نفسها، أخر ما توقعته أن تكون ياسمين عدو إليها، سقطت من عينيها دمعة وهمست لنفسها بسخرية:

_ غبية يا دلال غبية كانت عارفة عنك كل حاجة وأنتِ متعرفيش عنها أي حاجة.. 

كم كانت حمقاء تبحث فقط عن أحد يسمع أوجاعها بلا عتاب أو كلمة نقد، للمرة الثانية تراه يدخل عليها بلا سابق إذن لتركض إليه وجسدها منتظر الأمان بين أحضانه، أغلق ذراعيه عليها بقوة آه من نيران منزله بدونها، همست بضياع:

_ الحمدلله إنك جيت يا أيوب..

أبتعد عنها قليلاً ثم نظر على طاولة الطعام مردفاً:

_ ما اكلتيش ليه؟!..

ومن أين تأتي إليها النفس حتي تضع لقمة واحدة بفمها، حركت رأسها بتعب وقالت:

_ مش جعانة..

جذبها من كفها الناعم بحنان حتي جلس بها على الأريكة ثم سحب الطاولة مقرباً إياها منهما أكثر وقال بهدوء:

_ مفيش حاجة اسمها مش جعانة لو أنتِ مش جعانة اللي في بطنك أكيد جعان.. 

رغم حنانه وهدوءه إلا أنها تري قسوة عينه بكل وضوح، بكت وقالت:

_ أنا أسفه يا أيوب لو كنت سمعت كلامك مكانش حصل كده..

أخذ معلقة من الشوربة ووضعها بداخل فمها مردفاً بنبرة ساخرة:

_ وأنتِ من أمتى بتسمعي الكلام يا دلال على طول واقفه قدامي واحدة بواحدة كاني عدو ليكي، بس كل ده مش مشكله دلوقتي تخرجي من هنا وبعدين نتحاسب.. 

نفت بحركة سريعة من رأسها وقالت بحزن:

_ والله ما كنت أقصد يا أيوب دي كانت صاحبتي والوحيدة اللي وقفت جنبي في وقت مكانش في حد معايا ما اعرفش هي عملت كده ليه ولا أنا عملت لها إيه عشان نوصل لكده أنا وثقت فيها يا أيوب .. 

ماذا يقول إنه الهدف الحقيقي من تلك اللعبة ؟!.. حقا لا يقدر أخذ قطعة من الدجاج ووضعها بداخل فمها مردفاً بنبرة خشنة:

_ وحياة كل دمعه نزلت من عينك لاخليها تنزل تحت رجلك وتبوسها عشان ترحميها ومش هرحمها يا دلال.. 

بخوف طفلة صغيرة ضائعة قالت:

_ مش عايزة أي حاجة غير اني اخرج من هنا الناس شكلهم وحش أوي هنا يا أيوب قبل أنت ما تيجي كانوا بيتعاملوا معايا وحش.. 

مسح على خصلاتها بحنان وقال:

_ متخافيش الليلة دي بس وبكرا الصبح هتبقي على سريرك..

بثقة عمياء به ابتسمت ليترك المعلقة من يدة ويقول ببرود:

_ يلا يا دلال كفاية دلع وكملي أكلك لوحدك..

مع وجوده معها نسيت المكان والزمان فأقتربت منه أكثر وقالت بدلال:

_ مش حلوة دلال دي منك مش بحبها امشي دلوعة الباشا..

رفع حاجبه بمعني حقا هل هذا الوقت المناسب للغنج؟!.. أخذ نفسه وقال:

_ لأ مفيش دلوعة الباشا خلاص.

الكلمة سقطت عليها مثل الحجارة وقالت بخوف:

_ يعني إيه ؟!.

قبل أن يضعف أمامها آت إليه إتصال من حسني ففتح الخط وقال بلهفة:

_ ها يا حسني؟!..

_ البنت معايا يا باشا لكن الدكتور فص ملح وداب.. 

_ أنا جايلك حالا يا حسني مش عايز حد يقرب منها لحد ما اوصل.. 

أغلق الهاتف فقالت بقلق:

_ أنت رايح فين ؟!..

_ رايح أجيب حقك..

_____ شيما سعيد ______

وصل للمخزن وكأنه يسابق الزمن، دفع الباب بقوة ودلف وجدها مقيدة على أحد المقاعد، سيعطي إليها شرف كبير الآن أنها ستكون أول مرة يصفعها أيوب رسلان، سقط بيده على وجهها بكل قوة وقال بجبروت:

_ مين اللي وراكي يا روح أمك ؟!.

صفعة واحدة منه كانت كافية لتغير معالم وجهها بالكامل، صرخت بقوة فأقترب من مصطفي مردفاً:

_ اهدي يا باشا مش كدة..

_ خد رجالتك واطلع برة يا مصطفى..

_ بس..

_ مفيش بس اطلع..

نفذ مصطفي ما قاله بقلة حيلة فقال أيوب:

_ انطقي..

الإعتراف سيكون نهايتها إذا كان من صاحب المشفي ام من جومانة فحركت رأسها بتعب مردفة:

_ أنا بعمل إيه هنا بالظبط واقول ايه هي مراتك تعمل المصيبه وعايز تلبسها في غيرها البلد دي فيها حكومة وأنا هبلغ عنك.. 

أومأ إليها بهدوء مريب قبل أن يجن جنونه ويعطي إليها القلم الثاني، صدمت عندما سقطت سنة من أسنانها فابتسم مردفاً:

_ أنا مفيش ورايا حاجة أنتِ اتكلمي وانا ارد عليكي لحد ما اخلص صف سنانك وادخل على باقي الاعضاء.. 

بكت برعب جعله يشعر بالقليل من الانتشاء، رعبها هذا نقطة ببحر رعب دلوعته، دلف مصطفي من جديد ليقول أيوب بغضب:

_ هو أنا مش قولت مش عايز حد يبقى معايا هنا..

أقترب منه مصطفي وقدم إليه هاتف وفلاشة وقال:

_ استنى بس يا أيوب أنا فتشت بيت البنت دي كويس لقيت فيه فلاشة وموبايل ولما فرمتنا الاتنين لقينا بدل المصيبة كتير تجارة أعضاء ودعارة وفيديوهات حكاية وعرفنا مين إللي وراها كمان.. 

أبتعد عنها أيوب وأخذ نفسه بترقب مردفاً:

_ مين إللي وراها ؟!..

حمحم مصطفي بتوتر ثم قال:

_ مدام جومانة..

من البداية كان يشم رائحتها، يا ويلها سيجعلها تتمنى الموت ولن تحصل عليه، قال بهدوء مخيف:

_ وريني إيه اللي على الفلاشة دي..

فتح مصطفى اللاب توب وبدأ عرض بعض الفيديوهات المخله لياسمين مع كبار رجال الأعمال وفيديوهات أخرى خاصة بعمليات مشبوهه فابتسم أيوب براحة شديدة ونظر لياسمين مردفاً:

_ بالفيديوهات اللي معايا دي أقدر أعيشك الباقي من عمرك في السجن بس أنا ما يلزمنيش أعيشك في السجن، أنا كل اللي يهمني مراتي تطلع، تطلعي دلال ولا تدخلي معاها.. 

تعلم إنها الآن على حافة الهاوية وربما تكون بدأت بالسقوط فقالت:

_ هطلع دلال بس أضمن منين تطلعني من القضية دي وتديني الفلاشة بتاعتي..

رد ببرود:

_ معنديش ضمان أنتِ وشطارتك دلال تطلع وجومانة تدخل تاخدي فلاشتك ومع السلامة..

_ أيوة بس أنا لو اعترفت على مدام جومانة هدخل أنا كمان السجن لاني اللي اديته كمية المخدر اللي مات بسببها.. 

حرك رأسه بسخرية مردفاً:

_ إن يتقبض عليكي في قضيه خطأ طبي ممكن تطلعي منها براءة بكام ألف لمحامي زبالة أحسن بكتير من الفيديوهات الجامدة دي خصوصاً تجارة الأعضاء، تفتكري الكبار لو عرفوا إنك اتكشفتي ممكن يعملوا فيكي إيه ؟!. 

______ شيما سعيد _____

أمام قصر رسلان وقفت سيارة ناصر أبو الخير، ألقي عليها نظرة الوداع وهو يراها تستعد للنزول فمسك كفها وقال بتعب:

_ مكنش نفسي تبقى دي النهاية يا حنين..

بلعت المرارة بحلقها وقالت بنبرة حاولت أن تكون طبيعية بقدر المستطاع وقالت:

_ تصدق ولا أنا كمان، أنا عملت حاجات كتير أوي عشان أبقى معاك يا ناصر بس أنت معملتش أي حاجة عشان تبقى معايا، إن جيت  للحق لو بنفكر بالعقل كده احسن لنا كتير.. 

لا يريد تركها وغروره يمنعه من الإقتراب، أراد أن يطول الحديث فقال:

_ ليه كدبتي وقولتي إنك مش بنت؟!.

لأنها حمقاء كبيرة ليس لديها عقل وتعشق السير بالطرق المظلمة، خرجت منها تنهيدة ساخرة قبل أن تقول:

_ عشان أتجوزك يا ناصر، عمي كان مستحيل يقبل جوازي منك إلا كدة..

خفق قلبه وتمني لو يقدر على ضمها إليه، فاق من أحلامه على صوتها وهي تفتح باب السيارة مردفة:

_ ربنا يهنيك يا ناصر..

خرج خلفها وحمل حقيبتها حتى أخذها منه الحارس فظل يتابعها حتي أختفت ثم قال بقهر:

_ شكلي طلعت بحبك يا حنين، هتوحشيني..

______ شيما سعيد _____

دلفت حنين للمنزل وجدته خالي، فأخذت نفسها بتعب وصعدت لغرفة نومها، سمعت صوت والدتها بجناحها مع والدها الراحل فوقفت محلها بذهول مما سمعته..

بالداخل قالت جومانة بسعادة:

_ كل حاجه ماشية زي ما أنا رسمت لها بالظبط وخلال شهور هيتلف على رقبه دلال حبل المشنقة، المهم عايزاك تكلم الظابط اللي تبعنا قوله أول ما الزفت التاني دلدول أيوب ما يمشي يدخلها الحجز الستات اللي جوه هيتصرفوا في الباقي.. 

ثواني وقالت بغل:

_ يعني إيه ماكانش يعرف ان الموضوع فيه أيوب رسلان فهمه كويس أوي إن لو حطيته في دماغي هشيله من على الكرسي خالص، هو أخد من مني فلوس عشان اللي في بطنها ينزل لو مش هيدخلها الحجز ينزله هو بايده.. 

وضعت حنين كفها حول فمها بصدمة اهتز جسدها إليها، لا تعلم لما فعلت ذلك إلا أنها فعلت فتحت مسجل الصوت على كامل حديث جومانة ثم قالت بقهر:

_ أنا هقول لعمو مش هخليها تكون سبب في اذيه حد تاني صحيح أنا مش عارفة مين البنت دي لكن أكيد عمو هيتصرف...

_____ شيما سعيد ______

بعد نصف ساعة بقسم الشرطة وقف الضابط أمام دلال مردفاً:

_ يومي كده خلاص يا مدام دلال بس أنتِ هتفضلي موجودة في المكتب  لحد بكره الصبح لو احتجتي أي حاجة اطلبيها من العسكري اللي على الباب.. 

أومات إليه بصمت منذ ذهاب أيوب وهي تشعر بالخوف بين يديه كانت تعيش أمان لم تعرف مقداره الا الليلة، ذهب الضابط فأخذت نفسها بتعب ثم أقتربت من الشرفة تشاهد الأجواء من حولها، بكل خطوة إليها يصبح الفشل مصيرها، وضعت كفها على بطنها مردفة بحنان:

_ أنت معايا يا حبيبي وطول ما أنت معايا وأبوك معايا أنا في أمان حقك عليا إني دخلتك في مكان زي ده بس مش بأيدي ولا كنت اعرف ان هي توصل هنا.. 

انتفضت بخوف مع فتح باب المكتب عليها بقوة، نظرت للعسكري برعب فقال بقوة:

_ يلا قدامي يا روح أمك على الحجز حتى قالك أنك هنا في بيت أبوكي ولا إيه ؟!.. 

عادت خطوة للخلف ثم حركت رأسها برفض مردفة:

_ حجز إيه أنا مش هدخل حجز وبعدين حضرة الظابط قالي إني هفضل هنا لحد الصبح..

سحبها الآخر من يدها بقوة وقال:

_ حضرة الظابط وريته خلصت والباشا بتاعه دلوقتي قمر بيدخلك الحجز قدامي يا حلوة.. 

أتسعت عينيها بخوف يستحيل أن تتحمل مكان مثل هذا، سحبها من ذراعها بقوة رغماً عنها ثم ألقي بها بداخل زنزانة مرعبة، انكمشت حول لنفسها لعل ما يحدث كابوس سينتهي الآن.

إبتسمت أحدي السيدات ثم أشارت للآخري فها هي السيدة المنتظرة أتت، أقتربت منها وقالت بقوة:

_ قومي يا بت فزي هو مين فينا كان إذن لك تقعدي؟!.. 

أيام دار الأيتام تسير أمام عينيها مثل شريط سينمائي، تذكرت المشرفة وقسوتها ها هي تعود لنفس النقطة من جديد، أين أنت يا أيوب فدلال بخطر كبير، جذبتها الأخري من خصلاتها مردفة بجبروت :

_ ما تردي يا روح أمك هو أنا مش بكلمك والا أنتِ عاملة نفسك هانم علينا يا بت..  

صرخت دلال بخوف شديد:

_ ابعدي عني أنتِ عايزة مني ايه؟!..

_ وكمان بتعلي صوتك عليا لأ ده أنتِ عايزة تربي بقى يلا يا نسوان نعرفوها إزاي تطول لسانها على أسيادها.. 

دقيقة واحدة مرت عليها وهي تشعر بضربات نارية على بطنها لم تتحمل أكثر وأغلقت عينيها بأستسلام شديد...

تعليقات