رواية امرأة العقاب الخاتمة 3 والاخيرة
داخل منزل حاتم ……..
كانت عيني نادين عالقة على السماء بشرود وهي تجلس فوق المقعد الكبير بشرفة الغرفة وبيدها كوب شاي دافئ ، ومن خلفها شعرها الكستنائى بتطاير بحرية بفعل نسمات الهواء ، لم تدم جلستها الوحيدة كثيرًا حيث شعرت بخطواته خلفها ثم التف وجلس بجوراها هاتفًا :
_ مش جايلك نوم ولا إيه ؟
ابتسمت وردت برقة معتادة عليها :
_ لا بس الجو كتير رومانسي الليلة فحبيت أضل بالهوا شوية
حاتم بتنهيدة طويلة :
_ ملك نامت من بدري ولا إيه ؟
نادين بإيجاب :
_ أه من وقت ما رجعنا من الحفلة ، ضلت تلعب كتير مع سليم ابن آدم وكمان هنا ويزيد لحد ما تعبت
مسح على وجهه بإرهاق وهو يقول :
_ هو حتى أنا تعبت أوى كأني كنت في شغل مش حفلة
طالعته ببسمة سعيدة فرمقها بستغراب حتى هتفت هي :
_ اكتر شيء مفرحني أن علاقتك أنت وعدنان صارت كتير منيحة وهاي العدواة اللي بينكم انتهت
حاتم بتعجب :
_ وأنتي إيه اللي يفرحك في كدا ؟!
أجابت نادين ببساطة وتلقائية جميلة :
_ شيء طبيعي أني أفرح ، أكيد مش هكون مبسوطة لما يكون في مشاكل بينكم وأنتوا مع بعض بالشغل ، ومشكل ما إلها أي داعي بسبب ماضي انتهى بالنسبة إلنا كلنا .. صح ؟
تمعنها مطولًا بنظرة غرامية وفور انتهائها رد بهيام وإعجاب :
_ صح يا أعقل زوجة وأجمل ست في الدنيا
ضحكت بخفة لكنها ردت بمزاح :
_ عم تتريق ولا شو !! .. شو بتقصد بالضبط ؟
قهقه عاليًا ولف ذراعه حول كتفيها ثم ضمها لصدره مقبلًا شعرها ورد :
_ قصدي أنك اجمل هدية من ربنا ليا .. ربنا يخليكي ليا ياحبيبتي
أغلقت عيناها متلذذة بدفء ذراعيه وصدره ووقع كلماته الساحرة على أذنيها لتجيبه كالمغيبة :
_ ويخليك لألي ياحبيب قلبي
هيمن الصمت التام عليهم لدقائق حتى اخترقت هي فقاعة الصمت وسألته بحماس طفولي :
_ حاتم أنت شو أكتر شيء بتحبه فيني ؟
نظر لها وابتسم بدفء ثم أخذ نفسًا عميقًأ قبل أن يرد بنبرة صوت ساحرة :
_ أنك قوية .. طموحة ودايمًا عايزة تبقى الأفضل ، رغم كل اللى عدى عليكي ومريتي بيه فضلتي صامدة وقوية .. فوق كل ده عمرك ما فقدتي الأمل من حبي ليكي وفضلتي محتفظة بحبك ليا في قلبك سنين وفي حين ما كنت بحكيلك عن مشاعري لست تانية غيرك فضلتي برضوا جمبي ومسبتنيش للحظة واحدة ، كنت كل ما احس نفسي تايه بجيلك وكنتي بتدليني على الطريق .. كنت بلاقي معاكي الآمان والحب النقي اللي محستهوش مع حد ابدًا ، بس للأسف كنت اعمى ومشفتش الحب ده كله وكنت هضيعك من إيدي
لمعت عيناها بالعبارات العاشقة ، كلماته كانت كسمفونية تعزف بالحب اسمه على قلبها ومهما تحدثت لن تتمكن من التعبير عن ما تشعر به بداخلها الآن ، لكن شفتيها تولت المهمة ولم يكن هناك أفضل من قبلة تخبره بكل هذا .. حيث لثمت جانب ثغره بقبلة مطولة وتمتمت بعاطفة جيَّاشة :
_ أنا دايمًا جمبك وراح ضل لأخر نفس فيني .. أساسًا ما بقدر ابعد عنك لحظة واحدة
حاتم بنظرة تفيض حبًا وهو يحتضن وجهها بكفه :
_ صدقيني ولا أنا يانادين كمان .. أنتي بقيتي كل حياتي أنتي وبنتي
عانقته بحميمية شديدة وتعلقت برقبته وهي تجيبه بعشق وسعادة :
_ الله يخليك لإلنا ياحبيبني
_ ويخليكم ليا ياحياتي
***
بصباح اليوم التالي تحديدًأ بغرفة عدنان وجلنار …….
تسللت أشعة الشمس إلي الغرفة من النافذة وضربت بعيناه فلم يمر سوى لحظات قصيرة وبدأ يفتح عيناه بانزعاج من الضوء ثم اعتدل في نومته بحنق وحين التفت بجواره رآها نائمة بثبات عميق وشعرها الناعم المبعثر حولها على الوسادة كأنه يذكره بليلتهم الصاخبة بالأمس ، ابتسم بحب ثم انحنى عليها وطبع قبلة رقيقة فوق وجنتها قبل أن ينتصب جالسًا وينهض من الفراش ليقود خطواته نحو الحمام لكي يأخذ حمامه الصباحي الدافئ .
بتلك الأثناء كانت هنا أمام الباب تطرق بيدها الرقيقة منتظرة أجابة والديها ولكنها لم تجد رد ، فردت جسدها ووقفت على أطراف أصابعها حتى تستطيع الوصول لمقبض الباب ، امسكت بالمقبض وأدارته برفق ثم فتحت الباب ودخلت فلم تجد سوى أمها بالغرفة وهي نائمة بفراشها في ثبات ، زمت شفتيها بحزن لأنها لم تلحق بأبيها قبل أن يخرج واقتربت من فراش أمها وجلست بجوارها وقبل أن تمد يدها إليها حتي توقظها من النوم سمعت صوت رذاذ المياه بالحمام فعادت اشراقة وجهها من جديد وبقت جالسة بجوار أمها النائمة تنتظر خروج أبيها من الحمام .
دقائق طويلة نسبيًا من الانتظار مرت حتى خرج أخيرًا من الحمام وهو يمسك بيده منشفة بيضاء صغيرة يجفف بها شعره من الماء والصغيرة تتابعه مبتسمة وهي تجلس بكل هدوء بجوار أمها ، فور أن ابعد المنشفة عن رأسه ووجه وعيناه التقطتها فغضن حاجبيه بدهشة وهتف :
_ صباح الخير ياهنايا ، ليه صاحية بدري كدا ياحبيبتي ؟
رفعت كتفيها لأعلى وردت بنعومة وبراءة طفولية :
_ معرفش أنا صحيت ، بس يزيد لسا نايم
ابتسم لها بدفء وأكمل تجفيف شعره ، بينما هي فقفزت واقفة فوق الفراش ووقفت على خافته تحدثه بنظراتها الساحرة :
_ بابي ممكن تسرحلي شعري أصل مامي نايمة وأنا مش بعرف أعمله وحدي
لمس المكر الطفولي الذي اعتاد عليه في عيني صغيرته وضحك مغلوبًا ثم أجابها بصدق :
_ بس أنتي عارفة أني مبعرفش يابابا !
ضيقت عيناها بتوسل طفولي وضمت كفيها لبعضهم ووضعتهم أسفل ذقنها وهي تترجاه وتستعطفه بنظراتها البريئة :
_ please .. please يابابي
تنهد بعدم حيلة وقال مبتسمًا في استسلام لإلحاحها :
_ طيب
قفزت فرحًا وسرعان ما نزلت من الفراش وهرولت راكضة للخارج متجهة إلي غرفتها .. ولم تغيب عن عينيه سوى لحظات معدودة وعادت ركضًا وهي تحمل بيدها فرشاة شعرها ، ثم جلست فوق الأريكة ومدت يدها بالفرشاة له وهي تبتسم باتساع وسعادة تظهر بوضوح في عينيها البندقية التي ورثتها عنه .
جلس خلفها وجذب الفرشاة من يدها وقبل أن يضعها فوق شعرها انحنى عليها ولثم شعرها بحنان أبوي ، ثم اعتدل وبدأ في تخليل الفرشاة بين خصلات شعرها وتسريحه بكل رفق خشية من أن يؤلمها دون أن يقصد .
سمع صوتها الحماسي وهي تخبره بكل عفوية :
_ تعرف يابابي أنا المس اختارتني اغني في الحفلة وقالتلي أن أنا صوتي أحلى واحد
عدنان بدفء وحب :
_ طبعًا أنتي احلى ، مفيش اجمل من بنتي حبيبتي أكيد
لمعت عيناها بوميض الفرحة والعاطفة فالتفتت برأسها تجاه أبيها وهمست له بذكاء طفولي :
_ لا أنت احلى يابابي
قهقه عاليًا ودنى منها يلثم وجنتها هاتفًا :
_ أه يابكاشة بتاكلي بعقلي حلاوة
ضحكت عاليًا ثم عادت توليه ظهرها من جديد ليكمل هو تسريح شعرها وسكنت تمامًا ثم نظرت لأمها النائمة فور تذكرها لشيء وهتفت تسأل أبيها ببراءة :
_ بابي أنت بتحب مامي أوي صح ؟
همهم بصمت دون أن يتحدث كرد بالإيجاب على سؤالها ليجدها تطرح سؤالها الثاني الطفولي :
_ إزاي ؟!!
غضن حاجبيه بتعجب وتمتم باسمًا :
_ يعني إيه إزاي ؟! .. هو أنا ينفع أسألك دلوقتي إنتي بتحبيني إزاي ، لو سألتك هتعرفي تردي ؟
التزمت الصمت وهي تبحث بعقلها عن إجابة لسؤاله أو سؤالها هي بالأحرى ولم تعرف بماذا تجيبه فردت بعفوية :
_ مش عارفة !
عدنان بصوت ينسدل كالحرير ناعمًا كله مشاعر نابعة من الصميم :
_ لما بتحبي حد مبتعرفيش امتى ولا إزاي حبتيه ياحبيبتي
استحوذه السكون للحظة ثم أكمل بعين تفيض عشقًا :
_ مامتك من أول ما شفتها وهي شقلبت كياني وحياتي .. أخدت عقلي وتفكيري في الأول وبعدين قلبي
سكتت هنا لبرهة تحاول استيعاب كلماته ثم سألته بتلقائية :
_ شوفتها فين يابابي ؟
ابتسم وأجابها بخفوت جميل :
_ في الشركة عند جدو نشأت
صابها الحماس الطفولي للحديث ولمعرفة بقية قصة حب والديها فانتصبت في جلستها والتفتت تجاه أبيها بجسدها كله غير مكترثة لشعرها ثم القت نظرة تأملية مطولة على أمها النائمة ثم عادت بنظرها لأبيها وسألته بلطافة رائعة :
_ مامي كانت حلوة زي دلوقتي ؟
ضحك بخفة ثم القى نظرة سريعة على جلنار قبل أن يعود بنظره لصغيرته ويهمس بغرام ملحوظ في صوته ونظرته :
_ كانت حلوة أوي .. ودلوقتي بقت أجمل
صمتت وراحت تفكر بعقلها الطفولي البريء ثم هتفت برقة تليق بصوتها الناعم :
_ يعني أنا حلوة عشان مامي جميلة وأنا شبهها
ضحك بصمت وطالت نظرته العاشقة والحانية لابنته قبل أن يمسك بكفها الصغير ويقترب بشفتيه من جبهتها يقبلها بلطف ثم يرفع يدها لشفتيها ويلثم ظاهره بحنو هامسًا :
_ إنتي أجمل من أي حد ياهنايا .. مفيش حد في جمالك يابابا
انفرجت شفتيها مطلقة سراح ابتسامة عريضة فوق ثغرها وبعيناها لمعة فرحة وثقة بالنفس تتمزج بمشاعر تملأها العشق والحب لأبيها .. وبكل تلقائية ارتمت بجسدها على صدره تعاقنه بقوة وتهتف في نبرة طفولية ناعمة تذيب القلب :
_ أنا بحبك أوي يابابي
ابتسم بدفء وضمها لصدره مجيبًا إياها بصوت يملأه الصدق :
_ وأنا كمان ياروح بابي
تململت جلنار في الفراش وفتحت عيناها تدريجيًا بمزاج لطيف وفور استقرار عيناها على زوجها وابنتها ابتسمت بدفء وهمست في صوت يتغلله أثر النعاس :
_ صباح الخير
ابتعدت عن والدها ورمقت أمها بوجه مشرق ومضيء ثم ركضت إليها تقفز فوق الفراش وتعانقها هاتفة بحب نقي من الابنة لأمها :
_ صباح النور يامامي
ضيقت عيناها باستغراب بسيط من تصرفها الطفولي العفوي لكنها ابتسمت بحنو وقبلت شعرها وقبل أن تجيبها وجدتها تبتعد عنها وتستعرض أمامها شعرها الحريري هاتفة بسعادة :
_ بصي يامامي بابي سرحلي شعري إزاي
انتقلت بنظرتها المدهوشة نحو عدنان الذي يتابعهم وهو يضحك بصمت ، ولم تكن هي في وضع يختلف عنه حيث ضحكت وردت باندهاش حقيقي وخبث :
_ الله .. طيب ما بابي طلع بيعرف أهو يسرح الشعر ياترى عنده مواهب مكبوتة إيه تاني
انطلقت ضحكته الرجولية المرتفعة ثم هتف وهو يغمز بعيناه لابنته :
_ طلبات هنون كلها أوامر ، لو منعرفش نتعلم عشانها
قهقهت جلنار عاليًا وهدرت وهي تنظر لابنتها ببسمة ماكرة :
_ ياسيدي على الحب
ضحكت الصغيرة برقة جميلة ولم تلبث لحظة حتى سمعت صوت ابيها يقول بهدوء :
_ روحي شوفي اخوكي صحي ولا لسا ياهنا
اجابت بامتثال تام لأوامر أبيها وهي تنزل من فوق الفراش :
_ حاضر يابابي
ركضت الصغيرة لخارج الغرفة تقصد غرفتها هي وأخيها ، وكانت جلنار تتابعها بنظراتها مبتسمة وفور رحليها التفتت بوجهها نحوه فرأته بتطلعها ببسمة مائلة ونظرات لعوب ، ضيقت عيناها بحيرة ثم وجدته يستقيم واقفًا ويسير نحو الباب .. توقف واغلقه بكل هدوء ثم استدرا لها وهو مازال يبتسم مما جعل تعجبها يتحول لقلق منه فقالت بريبة :
_في إيه ياعدنان ؟!
قهقه بخفة على معالمها المرتعدة منه وتابع سيره نحوها حتى جلس أمامها على الفراش وغمز بيساره في نظرات جريئة هامسًا :
_ ماتسمعيني واحدة عدنان من بتاعت امبارح .. اصل الصراحة لسا بتتردد في ودني لحد دلوقتي
فهمت مراده وسبب تلك التصرفات المريبة التي اتضح أن مضمونها رغبات وقحة ، فردت عليه بدلال وهي تتمنع :
_ لا دي بتطلع مرة واحدة
رفع حاجبه مستنكرًا ردها ولمعت عيناه بوميض ماكر وعلى حين غرة مد يده لخصرها وبأصبعه دغدغها فانتفضت بفزع لتهتف بتلقائية وهي تضحك في ميوعة وغنج أنثوي :
_ عـدنـان !
انفرج ثغره في ضحكة عالية وهتف في لؤم :
_طب ما اهي موجودة أهو .. ولا تحبي نجرب تاني عشان نتأكد !
قالت مسرعة بضحكة رقيقة :
_ عدنان بلاش قلة أدب بقى عيب
مال بوجهه عليها وهمس في عبث :
_ هو في احلى منها !
جلنار بعدم فهم :
_ هي إيه دي ؟!
أجابها بجرأة ووقاحة وهو يضحك :
_ قلة الأدب يارمانتي
ابتسمت في قلة حيلة امتزجت بخجلها فاقترب هو منها أكثر وقبل أن ينول مراده ارتفع صوت طرق الباب المصاحب لصوت طفليهم وهم يصيحون :
_ مامي .. بابي ، ندخل ؟
عاد برأسه للخلف وقال بغيظ مكتوم :
_ أنا برضوا استغربت و كنت بقول هما فين .. اتأخروا !
جلجلت ضحكتها بأرجاء الغرفة كلها ليرمقها هو مخنوقًا ويهتف بصوت الرجولي :
_ ادخلوا ياحبايب أبوكم
ثم استقام واقفًا وقال موجهًا حديثه لجلنار :
_ أنا هقوم اكمل لبس عشان اروح الشغل
اماءت له بالموافقة محاولة كتم ضحكتها ولكن فور دخول الصغيرين انفجرت ضحكًا مجددًا .. ولم يسكتها سوى نظرته الملتهبة لها !! …..
***
داخل غرفة آدم ومهرة ……
كانت مهرة تجلس فوق الاريكة وبيدها هاتفها تتفحص أحد مواقع التواصل الاجتماعي ، أما آدم فكان بالحمام يأخذ حمامه صباحه ، وبينما كانت منغمسة بمشاهدة أحدى الفديوهات على هاتفها ارتفع صوت رنين زوجها .. تجاهلت رنينه ببادئ الأمر وتابعت مشاهدته بعدم مبالاة لكن الرنين لا يتوقف والمتصل مُلِح ، تنهدت بقوة في عدم حيلة واستقامت واقفة تتجه نحوه ثم التقطته وتطلعت بشاشته تقرأ اسم المتصل الذي كان ( ريم ) ، بتلقائية اتسعت عيناها في غضب وحاجبها اليسار ارتفع ودون لحظة تردد حتى فتحت الاتصال ورفعته إلى أذنها ترد بقوة :
_ الو
أجابت الفتاة برقة وتعجب من الصوت الأنثوي الذي أجاب :
_ مش ده رقم آدم ؟
اشتعل فتيل نيرانها حين سمعتها تتفوه باسم زوجها في برود مستفز وكأنه صديقها أو عشقيها ، تمالكت أعصابها وردت بهدوء مزيف :
_ أه رقمه وأنا مهرة مراته فكراني أكيد مش كدا ؟
تبدلت نبرة صوتها وباتت أكثر برود وهي تجيبها :
_ أه فكراكي يا مدام مهرة ، هو آدم مش موجود ولا إيه لأني عايزة اكلمه في حاجة تخص الشغل
للمرة الثانية تلفظ اسمه بنفس الطريقة ، أخذت مهرة نفسًا طويلًا وهي تهمس لنفسها ( اهدي يامهرة اهدي ) ، ردت عليها بنبرة مختنقة :
_ لا موجود بس مش فاضي لو حاجة مهمة قوليلي وأنا هبلغه
رفضت الأخرى وردت بميوعة :
_ لا لا الموضوع ضروري ولازم أتكلم معاه هو شخصيًا
نفذت طاقة صبرها وذلك الهدوء خرج عن السيطرة فتحول لثوران ، التهبت عيناها من فرط الغيظ وأجابتها في نبرة منذرة وقد خلعت ثوب حياة الرخاء التي تتجول بها منذ أن تزوجت :
_ امممم طب اسمعي ياسكر .. كهن البنات والخبث واللؤم ده مش معايا ، في مثل بيقولك ابعد عن الشر وغنيله .. الشر ده أنا عشان لما بلاقي حية بتحوم حوالين بيتي وجوزي بقطع راسها خالص ، فمتخلنيش اضطر أني أعمل كدا ده لو حابة تكملي في شغلك مع آدم بيـــه .. علاقتك مع جوزي تبقى في حدود الشغل ومتحاوليش تلفي وتدوري عشان صدقيني مش هسمي عليكي ، فهمتيني ياقطة
سكتت للحظة ثم تحولت نبرتها المريبة إلى أخرى رقيقة وبأسلوب راقي يليق بزوجة ابن الشافعي :
_ متقلقيش ياحبيبتي أول ما آدم يفضى هبلغه أنك كنتي عايزة تبلغيه بأمور مهمة تخص الشغل
ضغطت عى كلمة ( الشغل ) وهي تنطقها كتحذير غير مباشر لها ثم انهت الاتصال فورًا والقت بالهاتف على الفراش وهي تطلق زفيرًا ناري ، بقت واقفة مكانها عاقدة ذراعيها أسفل صدرها تنتظر خروجه من الحمام وهي تشتعل من فرط غيرتها وغضبها ولم يدم انتظارها طويلًا حيث دقائق معدودة وخرج وسار تجاه الخزانة بطبيعية تامة دون أن ينتبه لها ، ولم يلاحظ وضعها المريب إلا عندما سمع صوتها الساخر وهي تقول :
_ ريم اتصلت وكانت عايزة تكلمك في موضوع ضروري أوي
التفت برأسه لها وادقت عيناه بتعجب ثم رد :
_ موضوع إيه ده ؟! .. مسألتهاش إيه هو الموضوع ؟
ابتسمت ياستنكار وقالت في لهجة مخيفة :
_ سألتها بس النكرة دي بتقول أن الموضوع مهم وخصوصي ولازم تكلمك شخصيًا
ترك المنشفة التي بيدهاد ووجه كامل اهتمامه إليها وهو يسأل بحيرة وبعض السخرية :
_ موضوع خصوصي !! .. هي قالتلك كدا؟!
_ أيوة قالت
رفع حاجبه وهو يبتسم باستهزاء ثم رد بنفاذ صبر :
_ لما اروح الشركة هبقى اشوف الموضوع ده
التهبت نظراتها أكثر وتقدمت نحوه لتقف أمامه مباشرة هامسة بأعين نارية :
_ أنت سايب البنت دي بتشتغل في الشركة لغاية دلوقتي ليه ؟!
آدم بلهجة لطيفة :
_ مش أنا اللي مشغلها ده عدنان وهي معملتش حاجة تستحق أنها تتطرد عشانها حتى الآن
اشتعلت نيران غيرتها أكثر من رده وباتت نظراتها أكثر عدوانية :
_ ولو عملت ؟
ادرك نواياها الشيطانية التي تحوم بحلقة ذهنها فابتسم وقال مغلوبًا :
_ في إيه يامهرة !
انفجر البركان الخامد حيث صاحت بانفعال حقيقي :
_ في أن الحقيرة دي بتلف عليك وكل شوية تتصل لسبب ومن غير سبب وفي الشركة طول الوقت بتحوم حواليك وأنت عامل نفسك مش فاهم حاجة
ضحك بصمت وهو يطيل النظر إليها وسط هيجانها وعصبيتها النابعة من غيرتها ثم قال بكل هدوء مع بسمته الماكرة :
_ مين قالك أني مش فاهم .. أنا مكبر دماغي لأن في مية حاجة أهم شغالة تفكيري فمش هروح أسيب كل ده واهتم بالبنت دي وبالهبل ده
مهرة بغضب شديد :
_ تمام يا آدم خليك في شغلك ومتهتمش لأي حاجة مضيقاني
انهت عباراتها واستدارت تهم بالرحيل لكنه امسك بها بلطف وأعادها إليه هامسًا :
_ محدش يقدر يضايقك يامهرتي بعدين أنتي غيرانه من مين ! .. هو أنا في ست تقدر تملى عيني غيرك
ردت بضيق وهي تتعمد عدم النظر إليه :
_ كلكم بتقولوا كدا !
آدم بخنق مزيف يمتزج بمرحه الخفي :
_ يعني أنتي شايفة أن أنا زيهم !!
لم تجيب واشاحت بوجهها للجهة الأخرى ليضحك عليها ويقترب منها لاثمًا وجنتها هاتفًا بمرح جميل :
_ I love one وانت الـ one
لم تتمكن من حجب ضحكتها الناعمة التي زينت وجهها على رده اللطيف لتجده يعود ويلثم وجنتها مجددًا هامسًا هذه المرة ببعض من الجدية ونبرة حانية :
_ خلاص بقى متزعليش ، اللي أنتي عايزاه هعملهولك ياروحي
التفتت بوجهها إليه وهتفت في فرحة طفولية :
_ بجد !
اماء لها بالإيجاب وهو يبتسم بعشق فقالت هي بثقة :
_ أنا عارفة أنك مش هتوافق تطردها من غير سبب وبيني وبينك أنا كمان مرضاش بس متخلهاش بتشتغل معاك وميبقاش ليها أي علاقة بيك في الشغل
لم يبدي أي اعتراض وأجابها بكل طواعية وهي يبتسم :
_ حاضر أي أوامر تاني يامولاتي
هدرت بدلال أنثوي :
_ لا ياحبيبي أنا مقدرش اوجهلك أوامر .. ده طلب ولو أنت بتحبني بجد هتعمله عشان سعادتي وراحتي
قهقه عاليًا وأردف وهو يغمز بخبث :
_ ياولد .. يعجبني التثبيت ده !
بادلته الضحك برقة ليضمها لصدرها هاتفًا بصوت يفيض حبًا :
_ وأنا إيه يهمني غير سعادتك ياحبيبتي ، كل طلباتك أوامر يا أم سليم
رفعت نظرها إليه وتأملته بكل غرام وامتنان ثم لثمت جانب ثغره بحب وعادت لملجأها الدافيء مرة أخرى بين ذراعيه ….
***
بتمام الساعة العاشرة مساءًا ………
توقف عدنان بسيارته أمام منزله ونزل منها ثم قاد خطواته للباب ووقف أمامه يخرج المفتاح ثم وضعه بالقفل وأداره لينفتح الباب ويدخل ثم أغلقه خلفه .
ضيق عيناه بتعجب فور دخوله حين وجد السكون التام يستحوذ المنزل وكذلك الأضواء مغلقة ، مازلت الساعة مبكرة على موعد نومهم ! ، وبالأخص جلنار لا تنام بذلك الوقت أبدًا .
لوهلة انتابه القلق وارتفع هرمون الادرينالين في جسده مما جعله بتجه نحو كبس الكهرباء بسرعة وهو يصيح مناديًا عليها :
_ جـلـنـار !
انتشر الضوء بالارجاء وأذا به فجأة يسمع صوت ضحك صغيريه الذي اتضح انهم كانوا يختبئون بالظلام .. التفت بجسده لهم في دهشة لتهتف هنا بسعادة وبوجوارها أخيها يحاول تقليدها :
_ surprise !!
كان يتطلع إليهم بعدم فهم وبسكون تام حتى رأى جلنار تخرج من المطبخ مرتدية ثوب أحمر طويل وتحمل فوق يدها كعكة عيد ميلاد وتغني بغنج يليق بها وقد بدأ الصغيرين يشاركون أمهم في الغناء :
_ happy birthday to you .. happy birthday to you
علقت عيناه على زهرته الحمراء وهي تتوهج داخل ذلك الثوب الأحمر ، فهي تسرقه عقله وأنفاسه كلما ترتدي ذلك اللون .. تصبح مغرية ومثيرة تمامًا كزهرة الرمان الحمراء ، تجذبك نحوها كالمغيب ! .
لم يفق من شروده بزهرته إلا على صوت ابنته التي تعلقت به تعانقه ومعها ابنه وهم يهتفون :
_ كل سنة وأنت طيب يابابي
اخفض نظره إليهم وابتسم بحنان وسعادة حقيقية ثم انحنى لمستوى قامتهم وراح يقبّل كل منهم بحب جارف في قبلات مطولة وهو يهمس بصوت محتقن بالعبارات :
_ ربنا يخليكم ليا يا روح بابي .. أنتوا أجمل هدية من ربنا ليا ، نعمة هفضل احمده عليها لآخر نفس فيا
طال عناقهم لوالدهم وهم ينعمون بدفء وحنان أحضانه ، لكن ابتعدوا عنه على صوت أمهم وهي تقول بمرح ونعومة :
_ يلا بقى يابابي عشان نطفي الشمع
قفزا الصغيران فرحًا واسرعوا يقفوا بجوار أمهم ثم لحق هو بهم ووقف بجوار صغيريه ، انحنت جلنار واشعلت الشموع فاسرعت هنا للأضواء واغلقتها ثم عادت لهم وبدأوا بمراسم الاحتفال بعيد ميلاده السابع والثلاثون وهو يتابعهم بنظره في ابتسامة عاشقة .. ذلك المشهد الجميل وهم حوله هكذا يرى الحب والسعادة بعينهم كان يضاهي الدنيا بأسرها بالنسبة له ، وماذا يريد المرء أكثر من حب ووجود عائلته حوله .. قفز بعقله ذكريات الماضي وكيف أنه كان على حافة خسارة كل شيء ولو لم يفق باللحظات الأخيرة لكان الآن يعاني الآم الفقدان ، لم يكن ليرى ذلك المشهد أمام عيناه ابدًا .. فشلت عيناه في التحكم بعباراتها التي تجمعت بهم وسقطت لكنه اسرع ومسحها .
عند انتهائهم من الاحتفال انحنى على ابنه ورفعه ليجعله ينفخ بالشموع وكانت معه شقيقته تشاركه وانتهى الأمر بالتصفيق من الطفلين وهم يضحكون بسعادة تلمع في عيناهم البريئة .
ركضت هنا للكبس واضاءت المنزل من جديد ثم هتفت محدثة اخيها بحماس طفولي :
_ يلا يايزيد نطلع نجيب هدية بابي
صاب الصغير نفس حماس أخته وركض خلفها يصعدا الدرج قاصدين غرفتهم حيث يخبئون هدية أبيهم …
اقتربت جلنار منه بكل أنوثة ودنت منه تطبع قبلة ناعمة فوق وجنته اذابت ما تبقى من ثبات لديه وختمتها بنبرتها الساحرة :
_ كل سنة وأنت طيب ومعانا يا حبيبي .. ويخليك لينا يارب
أخذ يتمعنها ببسمة واسعة ونظرات هائمة ورده كان بكلمة واحدة بعد أن مال عليها ولثم جبهتها مطولًا :
_ رمانتي
ابتسمت له بدلال يذيب العقل فتجول هو بنظره على جسدها وذلك الثوب ثم همس :
_ آااه لو تعرفي الفستان واللون ده عليكي بيعملوا فيا إيه
لفت ذراعيها حول رقبته وغمغمت بغنج أنثوي :
_ بيعملوا إيه ؟
_ بيسرق عقلي وأنفاسي ، وقلبي دقاته بتزيد زي مراهق لسا بيعيش تجربة الحب لأول مرة
ابتسمت وردت بنعومة وأعين تفيض عشقًا :
_ معقولة للدرجة دي
تنهد الصعداء بغرام هامسًا :
_ واكتر كمان يارمانتي
كادت أن تجيب عليه لكنها ابتعدت عنه حين سمعا صوت الصغار على الدرج بحماس لكي يعطون والدهم هديته التي كانت عبارة عن ساعة يد فاخرة .
أخذ عدنان الهدية وراح يقبل كل منهم بحنو يشكرهم في حنان أبوي ، وقد طلبوا منه أن يرتديها الآن أمامهم فلم يرد أن يرفض طلبهم وفعل .
طالت جلستهم مع بعض لنصف ساعة وأكثر ثم على صوت جلنار وهي توجه اوامرها لصغارها بأن موعد النوم قد حان وأن يصعدوا على غرفتهم ، فنفذوا الأوامر على مضض وصعدوا لغرفتهم للنوم .
كانوا يجلسون على الأريكة وهي تجلس بين ذراعيه ورأسها فوق صدره لتسمع صوته وهو يسألها بتعجب :
_ أنتي لحقتي تعملي كل ده أزاي واحنا الصبح كان عند ماما أساسًا
ضحكت وأجابته ببساطة :
_ أنا مجهزة كل حاجة من بدري وطبعًا عشان دي surprise في مخلتكش تحس بحاجة
اماء رأسه بتفهم لتكمل هي باسمة :
_ أنت كنت ناسي أن عيد ميلادك النهارده صح ؟
ققهقه بخفة رد بالإيجاب :
_ الصراحة آه
ضحكت مغلوبة ثم تطلعت إليه بتحذير وقالت بمزاح :
_ ياترى هتنسى عيد ميلادي كمان
أجابها ببسمة جانبية كلها ثقة وهو يغمز بعينه اليسار :
_ هو أنا عمري نسيته ؟!
سكتت بإحراج من سؤاله وهي تبتسم باتساع ليهتف هو بغرام :
_ أنا انسى أي حاجة إلا أنتي يارمانتي
تأمتله بهيام ثم همست باسمه في نبرة اذابته :
_ عدنان
اقترب بوجهه منها كالمغيب يوليها اهتمامه ليسمع ما تريد قوله قتتسع ابتسامته تدريجيًا وتهتف من بين ضحكها بكلمات وعيناها تقول العكس تمامًا :
_ أنا بكرهك
انفجر ضاحكًأ بقوة ثم رد عليها من بين ضحكه :
_ عارف يارمانتي عارف
تلألأت العبارات في عيناها وهمست باسمة بعين تحتضنه بها :
_ أنا عمري ما كرهتك في عز مشاكلنا واللي حصل بينا مقدرتش اكرهك .. كنت بقولك كدا مش عشان أنت تصدق لا عشان أحاول اقنع نفسي أنا واشيلك من قلبي
مد يده واحتضن وجهها بكفه يملس على وجنتها بكل لطف هامسًا في صوت رخيم :
_ عارف ياجلنار وعشان كدا أنا متخلتش عنك .. لو كنتي فعلًا بتكرهيني مكنتش هجبرك عليا ومكنتش هقبل بكدا حتى لو بحبك ، لكن أنا عارف أنك بتحبيني وعشان كدا صممت اثبتلك حبي واخليكي تسامحيني واعوضك عن كل اللي فات
ابتسمت وقد عاد الضوء يلمع في عيناها الدامعة من جديد وهي تهمس بصدق يحمل كل حرف تفوهت به :
_ أنا بحبك أوي يا عدنان
تمعنها مطولًا ببسمة عاشقة وبدلًا من أن يجيبها دنى إليها وانغمسا معًا في لحظاتهم الخاصة ، في كل لمسة يخبرها بطريقة مختلفة عن مدى حبه لها ……
***
بصباح اليوم التالي …………
داخل مسرح المدرسة تجلس جلنار وبجوارها ابنها الصغير في المقاعد الأولى ولا يتبقى سوى لحظات معدودة وتخرج هنا لتقديم فقرتها الأولى وهي الغناء .. وحتى الآن لم يصل عدنان ! .
كانت كل لحظة تلتفت خلفها تنظر لباب القاعة وكلما تحاول الاتصال به تجد هاتفه مغلق ، وبينما كانت منشغلة بمتابعة الباب خرجت هنا على المسرح وهي ترتدي فستان طويل وردي .. ابتسمت جلنار لها بحب أمومي وبادلتها الصغيرة البسمة لكنها راحت تبحث بنظرها عن أبيها وفورًا عبس وجهها عندما لم تجده .. حاولت جلنار تشجيعها على الغناء وأنه سيأتي وبدأت الصغيرة بالغناء في وجه عابس وحزين حتى أنها بدأت تخطأ في ترتيب كلمات الأغنية وتنسى بعضها وجلنار تحاول تذكيرها .. لكنها فجأة لمحت أبيها يدخل من الباب وبتلقائية طفولية صاحت بسعادة في مكبر الصوت الذي بيدها :
_بابي
جميع من بالقاعة التفتوا تجاه الباب بينما يزيد فوثب واقفًا واسرع راكضًا من جانب أمه نحو أبيه الذي تلقاه وحمله فوق ذراعيه ثم سار به بين المقاعد ووسط النظرات المعلقة عليه حتى وصل لمقعده بجوار زوجته التي ابتسمت له براحة وقالت بقلق :
_ اتأخرت كدا ليه ؟!
رد بضيق من تأخره على ابنته :
_ الطريق كان زحمة
ثم التفت إلي ابنته على المسرح وابتسم لها وهو يغمز بحنو فضحكت بصمت وتابعت الغناء بوجه مشرق دون أي أخطاء وفور انتهائها ارتفع صوت الصفيق من الجميع .
استمرت الحفلة حوالي ساعة ونصف وبعد انتهائها خرجوا ووقفوا بالخارج ينتظرون ابنتهم التي راحت تبحث عنهم بين الجميع وفور سقوط عيناها عليهم هرولت إليهم ركضًا وتعلقت بأبيها أولًا هاتفة بفرحة :
_ إيه رأيك يابابي ؟
عدنان بحنو وابتسامة عريضة :
_ شطورة يابابي كنتي حلوة أوي
غمزت جلنار لها وهي تقول بابتسامة :
_ مفيش حضن لمامي كمان ولا إيه !
ابتعدت عن أبيها وارتمت على أمها تعانقها بقوة وبحميمية وهي تهتف بحب شديد :
_ مامي حبيبتي .. أنا بحبك أوي
جلنار بدفء أمومي :
_ وأنا كمان بحبك ياهنون
ابتعدت عن أمها وعانقت أخيها الصغير الذي بادلها العناق بحب …..
***
بعد دقائق طويلة توقفت السيارة أمام البحر فنظرت له جلنار وسألته باستغراب :
_ أنت مش راجع الشغل ولا إيه ياعدنان .. جبتنا هنا ليه ؟!
عدنان باسمًا وهو يجيب بالرفض :
_ تؤتؤ .. النهارده ليكم يارمانتي هنقضي اليوم في اليخت مع غدا سمك وجمبري أنما إيه
قفزا الصغيران بالمقعد الخلفي في سعادة وخرجوا ثم قادوا خطواتهم نحو ال ( يخت ) وصعدوا به ليجدوا طعام الغذاء جاهز والطاولة ممتلئة بأسماك بحرية مختلفة .
تحركت المركب بالمياه وبدأوا هما بتناول طعامهم معًا وبعد انتهائهم اخذوا الصغيرين يلهون ويلعبون وجلنار جلست بجوار عدنان يتابعون أولادهم بابتسامة عريضة .
توقفت هنا عن اللعب حين تذكرت شيء والتقطت هاتف والدتها لترفعه موجهة الكاميرا على والديها .. ابتسموا وراح عدنان يقترب أكثر من زوجته ولف ذراعه حول ظهرها فمالت برأسها عليه تضعه فوق كتفه وبعدما التقطت هنا الصورة لوالديها صاحت لأخيها :
_ تعالى يايزيد عشان نتصور كلنا
ثم نظرت لأمها وقالت بحيرة :
_ بس مين هيصورنا ؟!
ضحكت جلنار واستقامت واقفة تأخذ الهاتف من يد ابنتها وتضعه فوق الطاولة وتقوم بتشغيل المؤقت ثم تعود وتجلس بجوار عدنان ويزيد بجوار أبيه من الجهة الأخرى .. أما هنا فقد ضغطت على زر التصوير وهرولت مسرعة ترتمي بين والديها بالمنتصف حتى تلتقطها الصورة معهم فتتعالي ضحكاتهم عليها وبتلك اللحظة يكون المؤقت انتهي والتقط الهاتف الصورة ! …….
تمت بحمد الله
