اسكريبت الطيف الذي عبر الفصل الرابع 4 والاخير بقلم الست ورد



 اسكريبت الطيف الذي عبر الفصل الرابع بقلم الست ورد 



"أنا اسمي أيهم، عندي ٢٨ سنة، متخرج من تلت سنين من كلية الطب، وبقدم حاليًا على الدكتوراه. الحمد لله بصلي في الجامع وبحاول أكون قريب من ربنا، وإن شاء الله لو بقيتِ من نصيبي، أُعاهد الله أني أحافظ عليكِ، وأكون لكِ زوجًا صالحًا ينور طريقك لطريق الحق، وأساعدك في بيتنا."


كانت ضربات قلبي سريعة… ليس حبًا، بل إعجابًا بحديثه.

من فينا لا تتمنى أن يرزقها الله زوجًا صالحًا يكون لها صديقًا وحبيبًا؟ زوجًا صالحًا فحسب.


مش هنكر إنه بيملك ملامح وسيمة وهادئة إلى حدٍّ كبير. لا أحد يعلم ما هذا الهدوء والسكينة التي تظهر في وجهه، وكان يمتلك شعرًا أسود طويلًا يُرجعه إلى الخلف بطريقة جعلته أكثر وسامة.


فاقتني من شرودي نبرته الهادئة وهو يسأل:

"مافيش حاجة حابة تسأليها؟"


"أنا والله الأسئلة كلها راحت عن بالي… لكن في كذا سؤال حابة أسأله."


ضحك بخفة وهو يمسح أنفه بلُطف:

"اتفضلي."


"حضرتك شايف يعني إيه إن الراجل يكون قوّام على المرأة؟"


"القِوامة مش تسلط، هي مسؤولية. ربنا جعلها للرجل علشان يصون ويخدم ويحمي. فالقِوامة معناها إن الراجل يكون قدّ الثقة دي، ينفق، ويوجّه برحمة، ويكون سند مش سيّد. القِوامة تكليف قبل ما تكون تشريف."


"ولو حصل خلاف بين الزوجين؟ شايف الصح يكون التعامل إزاي؟"


"الاختلاف وارد، المهم نعرف نختلف بأدب. النبي ﷺ ما رفعش صوته على نسائه، فاللي أؤمن بيه إن الحوار الهادئ والستر أهم من الغضب، وإن الغلط يتعالج بالحسنى، مش بالانتقام ولا الخصام الطويل."


"طب لو زوجتك يوم غلطت فيك، مش بمعنى الإهانة، لكن مثلًا عصبتك… تتصرف إزاي؟"


"الغلط وارد من الطرفين، والستر أول خطوة. أنا شايف إن الراجل اللي يغضب بسرعة ما ينفعش يكون قائد بيت. ممكن أهدى وأتكلم بعدين، لأن الغضب في ساعة ممكن يهدم حب سنين."


"إزاي بتتعامل مع مسألة الفتوى؟ يعني لما يحصل أمر ديني مش عارف حكمه، بتعمل إيه؟"


"ما بقولش رأيي ولا باخد من بوستات. بسأل أهل العلم اللي أثق فيهم، لأن الفتوى مسؤولية، واللي يتصدر يفتي لازم يكون راسخ في العلم مش مجرد قارئ."


"شايف يعني إيه تكون قدوة في البيت؟"


"القدوة مش وعظ، هي فعل. يعني لو أنا بصلي، مش علشان أقولها صلي، لكن علشان تحب الصلاة زيي. أربي أولادي بالحب والقدوة، مش بالخوف."


"لو بنتك في المستقبل سألتك عن الحياء، هتشرحلهالها إزاي؟"


"الحياء مش ضعف، هو زينة الإيمان. هقولها إن الحياء بيحفظ كرامتها، ويخليها جميلة في عين ربها قبل الناس، ولو فقدته، فقدت أغلى ما تملك."


"في رأيك، إيه اللي ممكن يضيع بيت حتى لو الزوجين بيحبوا بعض؟"


"قلة الصدق. الحب لو ما كانش عليه ستر من الله وصدق بين الاتنين، بيتحوّل لهشاشة. لكن لما يكون في حب لله وصدق وستر، حتى العواصف ما تكسرش البيت."


أخدت نفس وابتسمت بإعجاب من دقّة حديثه وثقافته. الأسئلة لم أكن أتخيل أن أقولها، لكن كما يقولون سؤال ورا سؤال يجيب عشرة.


"أنا كده خلصت، لو حضرتك عاوز تسأل… اسأل."


شبك أصابع إيديه ببعض، وأخذ نفسًا عميقًا وقال:

"إيه أهم حاجة شايفة إن البنت تكون ملتزمة بيها قبل الجواز؟"


"الأهم طاعة الله والالتزام بالصلاة. الدين هو الأساس، وكل حاجة تانية تكمل الشخصية… زي الاحترام، والصدق، وحُسن الخُلق."


"إزاي بتتعامل مع اختلاف الآراء بينك وبين اللي حواليك، سواء أسرة أو أصحاب؟"


"بحاول أفهم قبل ما أحكم، وأختار الكلام اللي يكون فيه هدوء واحترام. الغضب مش حل، والنقاش الهادي بيجيب نتيجة أفضل."


"لو حصل موقف حرام حواليكي وتقدري تمنعيه أو تصحيه، هتتصرفي إزاي؟"


"بحاول بالتي هي أحسن، أقدّم النصيحة برفق، وبنفس الوقت أحمي نفسي وما أوقعش في الغلط، لأن الوقاية أهم من العقاب."


"إيه مفهوم الحياء بالنسبة ليكي؟"


"الحياء زينة الإيمان مش ضعف، بيحفظ الإنسان ويحميه من الخطأ، ويخليه محترم في نظر الله وأهل الخير."


"لو واجهتي موقف صعب بينك وبين زوجك المستقبلي، تتصرفي إزاي؟"


"أهدى الأول وأفكر بحكمة، مش بالعاطفة، وأحاول أتكلم بصراحة وهدوء. الهدف نفهم بعض ونحل المشكلة مش نزعل بعض."


"إيه رأيك في دور المرأة في البيت؟ هل شايفة إن دورها بس تربية أولاد وطبخ؟"


"الدور أكبر من كده. المرأة تربي القيم، تكون سند، وتشارك في القرارات الحكيمة. طبعًا البيت مهم، بس العقل والقلب أهم."


"لو اتعرضتي لتجربة صعبة أو ظلم، تتعاملي معاه دينيًا ونفسيًا إزاي؟"


"بالصبر والدعاء، وأطلب العون من الله، وبعد كده أتعامل بحكمة، وأرفع الظلم بالطرق الشرعية، مش بالانفعال."


"إيه أهم حاجة تخلي البيت متماسك وهادئ؟"


"الصدق، الصبر، والمودة. الراجل والست لما يكونوا قدوة لبعض، ويتعاملوا برحمة واحترام، البيت يفضل آمن وسعيد."


"إيه اللي ممكن يضيع بيت، حتى لو فيه حب كبير؟"


"غياب التفاهم والصدق، وكتمان المشاكل بدل الحوار. الحب لو مش مربوط بالاحترام والتواصل، بيضيع بسرعة."


كانت ملامحه وقتها بتظهر عليها علامات الراحة والإعجاب بحديثي.

أعجب كلٌّ منا بالآخر — بثقة الآخر، وبفصاحة اللسان، وبالهدوء اللي كان يحتل الجوّ بينا.


دخلت علينا والدتي وهي تزغرط، وتزغرط معها والدته، وسط كسوفنا إحنا الاتنين.

اقترب مني والدي، وقفت أمامه، كانت عيناه تمتلئان بدموعٍ حاول يخفيها.

قبّل أعلى رأسي وأنا أضمه إلى حضني وقال:

"أنا مش هغصب بنتي وحبيبتي على حاجة. اللي هي عاوزاه… هو اللي هيكون."


"اللي تشوفه حضرتك يا بابا."


انتشرت الزغاريط، وفرح كلٌّ من العائلتين، وكانت سهرة لطيفة ولذيذة.

واتفق والدي ووالده على يوم الخطوبة، اللي كان بعد أسبوع من اليوم ده.

قرأنا الفاتحة، وباتت معي فرح تلك الليلة.


"مش متخيلة إننا كبرنا وبقينا عرايس، والنهارده كانت قراية فتحتك!"


نمت على كتفها وأنا ببتسم بحنين لأيام الطفولة:

"حققنا أحلامنا يا فرح…

حققنا أحلام طفولتنا ومرحلة الابتدائي.

وثقتنا في نفسنا ما اتغيرتش.

وثقتي في نفسي كانت بسببك، بسبب دعمك ليا وثقتك فيّ، من غيرها مكنتش وصلت هنا."


ضحكت فرح وقالت وهي بتطبطب عليا:

"كل واحد فينا بيحتاج كلمة دعم من حد بيحبه علشان يكمل، وأنتِ ما قصرتيش في ده يا سناء.

صح اختلفنا كتير وبعدنا عن بعض، بس القلوب عمرها ما اتغيرت.

ورجعنا أقرب من الأول…

وكل اللي يشوفنا يفتكرنا أخوات، من كتر ما إحنا متعلقين ببعض."


"ربنا يديمك ليا يا نور عيني."


"ويديمك ليا يا سناء بجد."


مرّ الأسبوع بخير، وفرح ما سبّتش لحظة. جبتُ فستانًا أبيض فيه حزام ذهبي ولمعان بسيط، وخمارًا أبيض. خلال هذا الأسبوع أديتُ الكثير من الاستخارات، وبعدها كنت أشعر براحةٍ وهدوءٍ تجاهه.


لم نتكلّم في ذلك الأسبوع كثيرًا، إلا يوم شراء الذهب؛ كانت ذقنُه قد ازدادت قليلًا. أعجبني خاتمٌ كان هادئًا، لكنني تركته لأنه لم يكن خاتمًا للخِطبة بتاتًا، وساعدني الخطيب وأخبرني بصدق عن رأيه. ولم أكذب إن قلت إن ذوقه كان عاليًا بحقّ، وهذا أسعدني شديدًا.


جاء يوم الخطبة، حضر أقاربنا، وكان الجميع منشغلين؛ كانت فرح وبنات خلاني مع بعصنا البعض، وأغلقنا على أنفسنا الغرفة حتى لا يرانا شباب العائلة.


الشيء الذي كنت أستحي منه في الأفراح — وهو أن رقصي كان مثالياً منذ صغري، وأنا أحبّ الرقص — فكنت أتمايل أمام المرآة إلى يومنا هذا، وأصبحت أكثر احتشامًا. لكن بما أنَّنا بنات فقط، فرقصنا كثيرًا حتى تعبنا ولم نكن مستعدين لإكمال اليوم بهذا التعب.


بعد ساعات قليلة انتهى كلّ شيء تقريبًا. لبستُ فستاني وخمارًا بسيطًا وجذابًا. لم أضع أي مكياج، فأنا أحبّ ملامحي ولا أجد مشكلة في ذلك.


امتلأت الغرفة بالزغاريط حين دخلت والدتي ورأتني، فعلاّتْ عيونها بالبُكاء: 

"والله لو عيطي هعيط."


"لا مش هعيط، خلاص، بس طلعتي جميلة أوي يا سناء، ربنا يحميك يا عيوني."


دمعتُ من كلامها وأخذتها في حضني. كانت فرح تبُصّلي بدموع. يا جدعان دي مجرد خطبة مش كتب كتاب.

بنت خالي ميساء ركضت بحماس: 

"العريس وصل! العريس وصل!"


زادت ضربات قلبي فمسكت فرح إيدي وهي تطمئن بعينيها. جاء بابا وأخذني، ورأيت في عينيه لمعة الفخر والانبهار. قبل أعلى رأسي قائلاً: 

"والله كبرتِ وأحلويتي يا سناء."


أخَذني إلى عريسي الذي كان جالسًا على كرسي الكوشة، وسلّم على بابا وأهداني بوكيه ورد توليب ناعم ورائحته تذهل. لبسنا الدبل؛ والدته هي التي لبستْه لي، وهو لبسها لنفسه.

"مبارك عليكِ."


"الله يُبارك فيك، عقبالك."


ضحِكَ بخفّة، وأنا لم أدْرِ لماذا أضحك. احمرّت وجنتاي عندما علمتُ السبب؛ عفويتي هذه ستقضي عليّ يومًا ما.


رأيته يُخرج من جيب سترته علبة صغيرة، فتحها تحت أستغرابي ، فـنظرتُ إليه بدهشة لم أستطع إخفاءها، وقلت في تلعثُم خفيف:

"أنت جبت ده إزاي؟"


ابتسم، وكان في عينيه لمعان غريب، ثم قال بهدوءٍ يشبه الدفء:

"لقد رأيتُ انبهاركِ به يومها… ولم أحبّ أنكِ لم تختاريه."


تأملتُ الهدية باندهاشٍ ممزوجٍ بالامتنان، ثم تمتمت بصوتٍ خافت:

"بس دلوقتي هو غالي."


ضحك بخفةٍ صافية وقال بنبرة لم أفهمها: 

"أي حاجة تعجبك قوليلي عليها، لو هنحت في الصخر هجبهالك."


حينها، شعرتُ بشيءٍ يختنق بداخلي من شدّة الجمال… كأن قلبي حبس أنفاسه دون إذنٍ منّي.

شعورٌ لذيذ تسلّل إلى أعماقي، لم أفهمه، ولم أرد أن أفهمه… كل ما كنت أعلمه أن اللحظة بدت أكبر من الحديث. 


كانت الأجواء هادئة. ذهب الرجال إلى قسمهم، ونحن البنات رقصنا. كان يومًا جميلاً بحقّ.


_


"السلام عليكم ورحمة الله وبركاته."


"وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته."


"كيف حالك؟"


"الحمد لله في تمام الله، وأنتَ؟"


"بقيت في أفضل حال عندما أسمعت الي صوتك."


احمرّت وجنتاي وسمعت ضحكته من الجهة الأخرى. لماذا يحب أن يحرجني هكذا؟ فتح معي موضوعًا آخر فنسيت تمامًا إحراجي منه. كنا متفهمين لدرجةٍ لم يتوقّعها أحد، ليس من غِرور ولكن كأنّ التشابه حدث صدفة.


لم أكن أتخيل أن أيهم في الحقيقة أحلى من الحلم بمليون مرة — ليس في شكله فقط، بل في حديثه، في غضّ بصره، في إيمانه، في عبادته. لم أتصوّر أنني سأتزوج يومًا برجل متدين.


سألني في يوم من الأيام عندما أتصل عليّ حتي يطمن لأحوالي وبجواري والدتي: 

"تحبّي نعمل قاعة زفاف؟"


أخذت نفسًا وأردفت بحكمة: 

"أحنا لو عملنا فرح هيكون فيه أغاني وهيكون مختلط. لا أريد أن أبدأ صفحة جديدة بدايتها ذنوب، ولن أرضى أن زوجي يتحمّل ذنوب كل الناس في القاعة — ذنوبنا تكفينا."


 "أحنا ممكن نعمل قاعة تكون إسلامية. أنا عارف إن اليوم ده أي بنت بتستناه، ومش عايز أحرمك منه."


"وأنا مش من البنات دي يا أيهم. إحنا ممكن نعمل حفلة كتب كتاب صغيرة، نجمع الأقارب والناس اللي بنحبهم، وفي اليوم التاني نعمل الحنة عادي — أنت تعمل حنة وأعمل حنة، ونكون بنات مع بعض، وبهذا ما فيش ذنوب أخذناها، وأنت وأصحابك كذلك."


"الفكرة عجبتني. بارك الله فيك وقربك منه أكثر وأكثر، واعانك على طاعته."


"اللهم بارك، ولك المثل."


_


النهارده كُتِب كتابي بعد سنة خطوبة مليئة بالضوابط. اليوم سيكون حلالي؛ اليوم سألمس يده بدون خوف وبدون توتر. قررت أن أهديه أعظم شيء. بكت والدتي عندما رأتني، وأخذتني في أحضانها وقبلت رأسي، ففعلت لها مثل ذلك.


بكت فرح وهي تأخذني في حضنها: 

"شبه حور العين يا سناء."


"عقبالك يا نور عيني."


جاء أبي ورأيت الدمع في عينيه. وضعت يدي على خده وأردفت بتأثر: 

"أنت بتعيط يا بابا؟"


"بعيط ايه يا بنت الكلـ*؟ دي حاجة دخلت في عيني."


ضحكت بخفة بعدما رأيته يمسح دموعه، وأخذته في حضني: 

"والله لو قولتلي اقعدي هقعد ومروحش."


ضربني على كتفي ولم أتوقع فعلته: 

"والله؟ ما صدقت إنك هتتجوزي عاوز انفرد بأمك شوية."


"والله؟" 

قلتها بصدمة وعبوس.


"أنتِ نور عيني يا سناء."


ابتسمت وأنا أشدّ من احتضانه.

خرجت برفقة أبي، وأنا أُحيط كتفه بذراعي. رأيته يقف على بُعدٍ منّا، وعندما اقتربت، لمحت الصدمة على وجهه، ورأيته يحبس أنفاسه، وما زالت أنظاره مصوَّبة ناحيتي، لم يغمض عينيه، ولم يرمش.


قال أبي بخفة وهو يبتسم:

"عملتِ في الواد إيه؟ شكله هيفرفر منّا!"


ضحكت بخجل وقلت:

"معملتش حاجة والله."


وقفت أمامه، فنغزه والدي وهو يضحك بخفة، فرأيت احمرارًا خفيفًا على وجنتيه وهو يحمحم بخجل.

جلس في مكانه على طاولة العقد في الجانب الأيمن، وكان الشيخ يجلس في المنتصف، وإلى جواره والدي، وأنا بجوار أبي.


بدأت مراسم الزواج، وكنت في غاية التوتر.

انتهى العقد، ومعها جاءت الجملة التي ينتظرها كل قلبٍ مُحبّ، قال الشيخ بصوته الدافئ:

"بارك الله لكما، وبارك عليكما، وجمع بينكما في خير."


قام والدي، فقمت أنا، وقام الجميع.

أخذني أبي في أحضانه، كانت لحظة مؤثرة، بكيت فيها دون إرادة، ثم احتضنت أمي بحرارة.


رأيته يقترب منّي، يمدّ يديه نحوي بخطواتٍ بطيئة. هدأت الأصوات من حولنا، ولم يبقَ سوى نظراتنا.

لم أتجرأ يومًا أن أنظر في عينيه التي تشبه حبّات القهوة. وبعد تردّد، مدت يدي نحو يديه.


يبدو للبعض أن الأمر بسيط، لكنه بالنسبة لي لم يكن كذلك…

فقد كنت طوال فترة الخطوبة أرفض أن ألمسه، وأصرّ أن تكون أول لمسةٍ بيننا بعد أن يصبح حلالي.


شدّ يدي بقوّة، وجذبني نحوه، فارتجف قلبي، وازدادت دقاته بعنف.

بدون قصد، وضعت يدي على صدره، فشعرت بضربات قلبه تتسارع.


سألته بعفوية:

"ما به قلبك؟"


فأجاب وهو يشدّ من احتضانه:

"لم يُصدّق أن دُنياه أصبحت بين يديه."


ازدادت دقّات قلبي، فضممته بعد تردّدٍ تحت زغاريد النساء وتصفيق الشباب.


قال بصوتٍ متهدّج:

"عندما رأيتكِ تأتين مع والدك، لم أصدق ما تراه عيناي. كنت أريد بشدة أن أضمّك إلى صدري، لكنني صبّرت نفسي بأن بعد دقائق ستكونين بين يديّ. لم أصدق، ولم أكن أتخيّل أنكِ ستلبسينه بهذه السرعة… كم دعوتُ الله أن يرزقكِ النقاب حتى لا يراكِ أحد غيري، لكن لم أكن أتوقّع أن يُستجاب الدعاء بهذه السرعة."


نزلت دموعي حين شعرت بدموعه تسقط. ابتعدت قليلًا، لم أرَ أحدًا سواه.

مسحت دموعه برفق وقلت:

"لبسته لأني كنت أعلم أنك ستفرح، لكن لم أكن أتخيل أن ردّ فعلك هذه ستحيي قلبي من جديد."


كانت لحظاتٍ لا تُنسى، فالألسن قد تُخفي، لكن العيون لا تكذب.

رأيت الحبّ في عينيه البُنّيتين… وأظنّ أنّي رأيت الحبّ نفسه يسكنهما.


"عيناكِ تخبراني بأنكِ واقعةٌ في الهوى، مولاتي."


ابتسمت بخفوتٍ يُغري بالبوح، وردّت بصوتٍ يقطر دلالًا:

"وعيناكَ تخبراني بأنك ميتَمٌ في حُبّي، مولاي."


اقترب خطوة، ونفى في هيامٍ خافت:

"بل أنا أسيرُ حبّك، لا ميتَمٌ فيه… أعيشُ على ذكرِك كما يعيشُ القلبُ على النبض."


تمت بحمدالله 


لمتابعه روايات سكيرهوم زورو موقعنا علي التلجرام من هنا

تعليقات