رواية قلوب لا ترمم الفصل الخاتمه بقلم نورهان موسي



 رواية قلوب لا ترمم الفصل الخاتمه بقلم نورهان موسي 



الخاتمة 


بعد مرور ثلاث سنوات... 

في مدينة ساحلية صغيرة، جلس بدر على مقهى قديم يطل على البحر. الهواء كان محملًا برائحة الملح، وصوت الأمواج يتلاطم على الشاطئ القريب. كان المساء ينزل ببطء، يغلف الدنيا بلون رمادي خافت. 

أمام بدر، كوب قهوة بارد لم يمسّه. 

وفي حضنه، جلس ابنه يوسف، يتأمل الطريق بعينيه الواسعتين. 

مرت السنوات عليه ثقيلة، تحمل بين طياتها كل وجع الأيام الماضية. تعلم كيف يعيش بكسور قلبه، كيف يبتسم لابنه رغم الحزن الساكن في عينيه. لم ينسَ علياء يومًا، لم يمر يوم دون أن تمر صورتها في خياله، لكنه تعلم أن الحب وحده لا يكفي حين تغادر الثقة. 

مرر يده على شعر يوسف بحنان، وهمس لنفسه وكأنه يحكي حكاية لم يكتمل فصلها: 

ــ الحب محتاج قلبين بيصدقوا بعض... مش بس قلبين بيحبوا. 

في نفس اللحظة، ولكن على بُعد مئات الكيلومترات، كانت علياء تجلس على شرفة منزلها المطل على حديقة صغيرة. 

كانت تتكئ بظهرها على الكرسي الخشبي، وطفلتها الصغيرة "ليان" تعبث بضحكة بريئة في العشب الأخضر أمامها. 

بقلب هادئ ونظرات ممتنة، تابعت علياء ابنتها، بينما بجوارها جلس زوجها، يقرأ كتابًا بصمت مريح. 

لم تنسَ علياء الماضي، لم تمحُ الذكريات من ذاكرتها، لكنها تجاوزتها. أدركت مع مرور الوقت أن الحب لا يكفي وحده لبناء حياة. أدركت أن الأمان والثقة هما الجناحان الحقيقيان للطيران نحو السعادة. 

أغمضت عينيها قليلًا، وتركت النسيم يداعب وجهها. ابتسمت بطمأنينة، وهمست كأنها تودع آخر أشباح ماضيها: 

ــ لما الثقة بتنهار... حتى الحب العظيم بينهار معاها. 

ابتسم زوجها لها، ابتسامة صافية خالية من الشك أو الخوف، وشدت يدها بيده، لتشعر بدفء لم تعرفه من قبل. 

بعيدان كانا... كلٌ في عالمه. 

بدر مع ذكرياته التي قرر أن يحملها في صمت. 

وعلياء مع حب جديد منحه القدر لها، حب بُني على ثقة وأمان. 

وفي مكان ما بين البحر والسماء، كانت أصوات الأمواج تهمس بالحقيقة القديمة: 

الحب بلا ثقة... مثل بيت بلا أساس. مهما بدا جميلًا، فهو مهدد بالانهيار في أي لحظة. 

وهكذا، أغلق كلٌ منهما فصله الأخير، وسار في طريقه... حاملاً ذكرى، أو حاملاً قلبًا جديدًا.


لمتابعه روايات سكيرهوم زورو موقعنا علي التلجرام من هنا

تعليقات