رواية بين هذا وذاك الفصل الاول
_هدومك ريحتها برفيوم حريمي!
_حد قالك إني شغال في الجيش! ما طبيعي معايا حريم في الشغل.
قالها ببرود وهو بيلبس جاكت بدلته، وبيعدل شعره قدام المراية، وهي وراه بصاله بشك وقالت:
_مش معنى إن معاك ستات في الشغل تبقى ريحتهم طابعة في هدومك كده!
نفخ بزهق ولف بيبصلها بملل:
_وبعدين؟ اعمل ايه يعني؟ اقولهم متحطوش برفيوم تاني اصل رانيا هانم بتشك فيا!
غمضت (رانيا) عنيها بتحاول تهدي نفسها وبعدين فتحتها وقالت:
_لأ، متقولش كده، بس خليك بعيد عنهم، لو بعيد ريحتهم مش هتطبع فيك كده.
ابتسم بسخافة وقال ببجاحة:
_حاضر هبقى اقعدهم جنبي بدل ما بقعدهم على رجلي.
وخرج من الاوضة فمشيت وراه وهي بتقول بعصبية:
_راعي الفاظك وانتَ بتتكلم قدامي حتى لو بتتكلم بتريقة، ومش كل ما افتح معاك كلام تقفله بالطريقة دي.
نزل سلم الفيلا وهي وراه وقال:
_لما تكوني بتتكلمي في الاقتصاد ولا في مصلحة ابننا ابقى اسمعك ومقفلش الكلام بتريقة.
وقفت قدامه في اخر السلم وهي بتقول:
_يا سلام! وانا مينفعش اتكلم غير في اللي على هواك ولا إيه!! طب واللي انا عايزة اتكلم فيه يولع!
على صوته وهو بيزعق:
_ لا مهو مش كل يوم نفس الحوار ده، راجع متأخر ليه، كنت فين ومع مين وبتكلم مين وريحتك معرفش إيه؟ ارحميني وركزي في حاجات تانية غيري شوية.
_اول مرة اشوف راجل زعلان من اهتمام مراته بيه، إلا بقى لو كان اهتمامي بيخليك تكدب وتحور.
رفع حاجبه اليمين بسخرية وقال:
_اهتمام! لو ده اهتمام فانتِ كرهتيني فيه، ياريت ماتهتميش هنرتاح كلنا.
_مامي.
بصوا الاتنين ل "ريان" ابنهم اللي عنده ٥ سنين واللي واقف على قرب منهم وبيبصلهم بقلق من صوتهم العالي، فرجع بصلها وقال:
_او اهتمي بابنك احسن.
وبعدها اتجه لباب الفيلا وخرج منها، اتحركت ناحية ابنها لحد ما وقفت قدامه وقالت وهي بتحاول تبتسم كأن مفيش حاجة:
_خلصت لعب مع الناني؟
رد ببراءة:
_ايوه، وزهقت.. انتي وبابي كنتوا بتتخانقوا؟
نزلت لمستواه ومسكت وشه بايدها وقالت بابتسامة:
_انا وبابي كنا بنهزر، إيه رأيك نطلع نلبس ونروح النادي.
صاح بحماس معبر عن فرحته واستعداده للمشوار، فضحكت متناسية لوقت صغير اللي حصل بينها وبين جوزها.
€€€€€€€€€€€€
_مالك بتنفخ من وقت ما جيت ليه؟
سأله صاحبه وشريكه في الشركة (صابر) فرد عليه بزهق:
_موال كل يوم مع رانيا.
_قصدك كل ساعة!
قالها (صابر) بضحكة، فهو راسه بيأس ومردش لحد ما قال صاحبه تاني:
_بس بصراحة هي معذورة.
_ هو انا كل ما اكلمك تقولي معذورة!
قالها بعصبية فرد (صابر) بابتسامة:
_يا بني انتَ بتعمل كل حاجة تشكك الست في الراجل! سهر وبتسهر لقرب الفجر بره، مكالمات بتجيلك مبتردش قدامها، ريحة هدومك كل يوم ريحة شكل، إيه هي الست ملهاش حق تشك؟
_هو انتَ اهبل ولا مش عايش معايا! مانتَ عارف ان ريحة هدومي دي بتكون من العميلات اللي بتيجي الشركة، وسهري بره مانا بكون معاك انتَ والشلة! والمكالمات انا بطبعي مابحبش ارد على مكالماتي قدام حد انا حر!
اتكلم (صادق) بجدية:
_اولاً يا حسام انتَ مش مجبر ابدًا تسلم على العميلات بالأحضان، بس انتَ اللي واخد الموضوع عادي وسايق فيها، ثانيًا سهرك معانا مقولتش فيه حاجه بس تريحها وتعرفها إنك كنت معانا مش كل ما تسألك تعمل خناقة وتقلب الطربيذه! وحوار المكالمات فده مرض عندك ربنا يشفيك منه بجد، لأن عادي لو مكالمة شغل ما ترد قدامها! ولو حد من صحابك ترد برضو! ولو حطيت نفسك مكانها في أي موقف من دول صدقني مش هتتحمل.
رجع ضهره لورا وسند على الكرسي بيقول بزهق:
_نفسي تفكها مني شوية، تشلني من دماغها، تركز مع حاجه تانية غيري!
حرك (صادق) راسه بسخرية وقال:
_محدش عاجبه حاله.
رفع (حسام) ايده باعتراض:
_لا ده انتَ اللي اهبل وربنا يشفيك، يا بني ده انتَ في نعمة، كويس ان مراتك مش مركزة معاك ومشغولة عنك.
رد بنبرة واضح فيها الخنقة:
_اه، لدرجة إني لما بتعب مبتلاحظش، ولو اتاخرت في الشغل ولا بره ساعتين ولا اربعه ولا بتفكر تتصل تطمن.
ضرب كف بكف وقال:
_طب والله انتَ في نعمة، ياريت رانيا تعمل زي سمر مراتك.
_مانا قولتلك محدش عاجبه حاله، عارف لو رانيا بقت زي سمر انتَ مش هتطيق الوضع.
هز راسه بنفي قاطع:
_مستحيييل، بقولك دي أمنية حياتي تكون مكبرة دماغها مني كده.
بصله (صادق) بغيظ وقال:
_طب يا رب يسمع منك وامنيتك تتحقق.
ابتسمله (حسام) بسماجة وردد:
_يا رب.
€€€€€€€€€€€€
في النادي...
_يابت انتي هبلة! ما تكبري دماغك منه يا رانيا! يا حبيبتي الرجالة دول لو شغلتي دماغك بيهم هيهبلوكي ويخلوكي ماشية بتكلمي نفسك.
وكملت بفخر:
_اتعلمي مني، اهو انا سايبه صادق براحة راحته، اصله يعني هيروح فين، هيلف يلف ويرجعلي، وما دام كده هو حر يعمل اللي يعمله، المهم...
رفعت صوابعها بتعد عليهم وقالت:
_خيانة لأ، اشك انه يعرف عليا ست تانية تبقى وقعته طين، غير الحاجتين دول انا سيباه حر طليق عشان ميزهقش، الرجالة بتزهق وبتمل بسرعة خدي بالك، وواضح إنك وصلتي حسام للمرحلة دي بنجاح.
بصتلها بتوتر وهي بتقول:
_مانا شاكة أنه يعرف ستات عليا.
لوت (سمر) بوقها بتقول وهي مش مقتنعة:
_بصراحة مش حاسة، هو اه افعاله غريبة، لكن انتي بتقولي مسكتي تليفونه وقلبتي فيه في مره وملقتيش حاجة، وحوار سهره مانا بقولك صادق زيه، وتقريبًا بيرجع في نفس التوقيت اللي بتقولي عليه.
قاطعتها (رانيا) باستغراب:
_تقريبًا!
_اه اصل بكون نمت مع العيال، هو انا هقعد استناه لوش الفجر! انا مش فاضية زيه، عندي عيل بيروح حضانة وعيل بيصحيني من ٥ الصبح بالعياط.
رفعت (رانيا) حاجبها بشك وقالت:
_وليه متقوليش ان هم الاتنين بيكونوا بيرمرموا سوا، يعني جايلك منين اليقين ان مادام مع بعض يبقوا تمام! هو جوزك الشيخ صادق!
بصتلها (سمر) بسكوت وحيرة وبعدها قالت:
_الله! انتِ هتقلقيني ليه؟
_ما هو لازم تقلقي! يا بنتي انتِ نفسك بتقولي بنام قبل ما يرجع، ومبسألوش رايح فين وجاي منين، وعايشين كانكوا في فندق! جايبه منين الثقة أنه مش عارف واحده عليكي!؟
بصتلها بخضة وقالت:
_يالهوي ده انا اروح فيها، لا انا لازم اراقبه كده من بعيد لبعيد..
سكتت شوية وبعدين عينيها وسعت وهي بتقول:
_صدقي ده بقاله مدة طويلة مبيتكلمش معايا زي الأول ولا بقى حتى يقرب مني زي زمان! وكمان بقيت احسه بيتكلم بالعافية كده وبيرد بالقطارة، ومبقاش يضايق لما اقوله هروح اقعد عند امي يومين بالعيال.
_وبقالكوا على الوضع ده قد إيه؟
سكتت شوية كأنها بتحسب المدة وقالت:
_يعني، ييجي سنة كده.
رجعت (رانيا) ضهرها لوره وهي بتقول باستسلام:
_جوزك ضاع خلاص.
بصتلها (سمر) بتبريفة وعقلها بدأ ينشعل بيه لأول مرة من مدة كبيرة.
€€€€€€€€€€€€€
في فيلا حسام...
كانوا قاعدين بياكلوا على السفرة وفجأة رن تليفون (حسام) فكالعادة خده وقام، وهي متابعاه بعينها، لحد ما خلص مكالمته ولاحظت انه مرجعش يكمل أكل، فقامت باندفاع وراحت ناحيته بعد ما قعد في الصالون، قعدت جنبه وحطت ايدها على كتفه بتسأله :
_إيه يا حبيبي مكملتش اكلك ليه؟
بصلها وابتسم بهدوء وهو كان متأكد انها هتعمل كده:
_مفيش يا حبيبتي شبعت، ارجعي انتِ كملي اكلك مع ريان.
حركت كتفها بلا معنى وقالت:
_طب تحب اعملك قهوة؟
هز راسه بلأ، ومسك كفها اللي مسنود على كتفه باسه بهدوء وهو بيقول:
_تسلم ايدك، لو عوزت هخلي ام علي تعملي.
رفعت حاجبها بضيق وهي بتسأله:
_وده ليه بقى! بتعملها احسن مني؟
ضحك ضحكة صغيرة وهو بيبصلها باستغراب وقال:
_حبيبتي احنا جايبنها عشان كده! اومال هي لازمتها هنا إيه؟
ضمت شفايفها باعتراض:
_انا اصلا ماكنتش عاوزه حد يساعدني في البيت، يعني شغلنا مش كتير واحب اهتم بجوزي وابني بنفسي.
_يا ستي وانا مش عايز اتعبك، كفاية عليكي ريان اللي مبتقبليش الناني بتاعته تساعده غير في اللعب والهوم وورك احيانا، ده انا بقيت حاسس اني بدفعلها مرتب على الفاضي! لكن الفيلا كبيرة وشغلها كتير، سيبي ام علي تتعامل، وبطلي كل يوم تنطيلها في المطبخ وتطبخي انتي.
تذمرت تقول:
_مانتَ اللي قولتلي مابحسش بطعم الاكل غير من ايدك.
_يعني ماشي، انا فعلاً في اكلات معينة مبعرفش أكلها غير من ايدك، ولما احب اكلها هبقى اقولك عليها يا ستي وتدخلي تعمليها.
_ماشي.
قالتها بصوت واطي بيعبر عن عدم اقتناعها، وكملت بتعرض عليه بحماس:
_بقولك إيه ما تيجي نروح الساحل كام يوم كده.
بصلها باستغراب وقال:
_ساحل! هو انتِ مش واخده بالك أننا في شهر ١١!
_مانتَ اللي ماكنتش فاضي في الشهور اللي فاتت.
_فنروح في دخول البرد وريان يتعب مننا! واصلاً عمرك ما هتستمتعي بالبجر في الوقت ده..
قالها من غير اقتناع، فهزت راسها بضيق:
_بقالنا سنتين مروحناش البحر.
_الصيف الجاي إن شاء الله.
قالها وهو بيهاودها، وقبل ما تعترض سمعت صوت صرخة (ريان) فانتفض الاتنين بيجروا لبره، وقرب منه (حسام) اللي كان الأسرع وهو بيقول بخوف: