رواية من نبض الوجع عشت غرامي الجزء الثالث الفصل الخامس عشر 15 بقلم فاطيما يوسف



 رواية من نبض الوجع عشت غرامي الجزء الثالث الفصل الخامس عشر بقلم فاطيما يوسف

غمرتني قسوتك حتى شعرت أنّ صقيع الشتاء يسري في عروقي، فكيف ليدٍ كنتُ ألوذُ بدفئها أن تصير سيفًا يُمـ.ــزّق وجداني؟

كلّما بحثتُ في عينيك عن مأوى لروحي، وجدتُ جدارًا من الجفاء يصدّني، وكأنّي غريبة في وطنٍ كنتُ سيّدته يومًا،

أعاتبك بدموعي التي سئمتْ من مرافقتي، وأنتَ لا تجيب سوى بالصمت الجارح، وكأنّك تستلذُّ بانكساري،

أيّها القاسي، أما علمتَ أنّني ما كنتُ يومًا خصمًا لك، بل كنتُ السند والرفيق والحلم المرهون بك وحدك؟

لكنّك هجرتَ قلبي وتركته نهبًا للوحشة، كأنّك لم تعرف يومًا كم أحببتُك حدّ الفناء،

فأجابها؛بقلبٍ يشتعل كبرياءً؛ أنتِ السبب في كل ما وصلنا إليه ،بخيباتك، بتماديك، بإهمالك الذي سلّط عليّ الغضب حتى تحجّرت مشاعري أمامك،

لو لم تزرعي الشوك في دربي، ما كان قلبي ليقسو، ولكنّكِ أنتِ من علّمتني أن أقوي قلبي كي لا يُذبـ.ـح من جديد.

كان الليل ساكنًا، يلفّ البيت بوشاحٍ من سكينةٍ وهميّة، والنجوم خلف النوافذ واهنة كأنها تخجل من أن تبزغ على قلوبٍ مثقلةٍ بالسرائر، وفي قلب الظلام، كانت “مها” تتقلب في فراشها، مضطربة الأنفاس، غارقة في غياهب حلمٍ جثم على صدرها كالطوفان،

رأت نفسها في ساحةٍ موحشة، جدرانها عالية كجدران السجون، والسماء فوقها متشققة لا تُلقي إلا الحجارة، كانت الأيدي الغامضة، بلا وجوه، تتناوب على قذفها بالطوب والحصى، تتساقط الأحجار على كتفيها ورأسها، بعضها يُدمي، بعضها يشجّ، والكل يتزاحم ليشارك في الرجم، كانت تصرخ فلا يجيبها أحد، تبكي فلا يرحمها أحد، شعرت أن الأرض تبتلع قدميها، وأن الجدران تنطبق عليها، وأن كل حجر يسقط إنما ينطق باسم خطيئتها القديمة،

ارتفعت صرخة مكتومة في حلقها، ولم تكد تخرج حتى شعرت بألمٍ حادٍ في صدرها، كأن آخر حجر قد أصاب قلبها، هناك، في آخر الحلم، سمعت بكاء طفلين صغيرين، صوتٌ مألوف حنون، كأنهما توأماها الراحلين يمدان أيديهما من قبرهما، يعاتبونها؛لماذا فعلتِ يا أمّاه؟ وحين همّت لتجري نحو الصوت، سقطت صخرة عظيمة فوق رأسها، وغرق كل شيء في سواد مطبق،

انتفض جسدها فجأة، كأنها سقطت من جبل شاهق، فاستيقظت، كان وجهها غارقًا في العرق، أنفاسها متقطعة، صدرها يعلو ويهبط كأنها قد ركضت دهورًا، فتحت عينيها المرتعشتين، فوجدت نفسها في غرفتها، النور الخافت من المصباح يلامس الملامح الساكنة لجسد “جاسر” النائم بجوارها، مدت بصرها إليه طويلًا، وخفف قلبها عنـ.ـف رجفته حين رأت سكينة النوم تغمره،حمدت الله في سرها أنه لم يستيقظ على صرختها، ولم ير عري خوفها، ومع ذلك، كان صدرها يختنق، والهواء يضيق عنها، كأن شبح الحلم لم يغادرها بعد، نهضت في بطء، وقدماها ترتجفان، وسارت نحو الحمام وهناك، وقفت تحت الماء المنهمر، تتركه يختلط بدموعها، لعلّه يغسل آثار الذنب من روحها قبل جسدها، تذكّرت تلك الخطيئة التي لم تفارق مخيلتها رغم كل تلك السنين وبالتحديد عندما سمعت الشيخ في التلفاز يشدد الحكم على المرأة المحصنة التي ارتكبت جريمة الزنا وأن عقوبتها الرجم حتى الموت، وهي ترتجف تحت الدش، تلك الليلة التي خانت فيها ربها قبل أن تعرف “جاسر”، لحظة الضعف التي جرفت كيانها في خطيئة الزنا،لم تكن مجرد زلة؛ كانت جرحًا مفتوحًا ظلّ ينزف في ذاكرتها،

رأت وجه الرجل الذي أغواها يومًا، سمعت همس الشيطان، ورأت نفسها وهي تسقط في بئرٍ بلا قرار، كلما حاولت أن تغسل نفسها بالماء، عاد المشهد يجلدها من الداخل، وحين وضعت يديها على بطنها، تذكرت توأمها الذين رحلوا عقابًا، كان موتهم قسوة لم تستوعبها يومًا، لكنها كانت تعلم في أعماقها أن ذلك كان عدلًا من رب لا يظلم،

انفـ.ـجرت في بكاءٍ مرير تحت الدش، تئن كطفلة يتيمة تبحث عن صدرٍ يأويها، حاولت أن تكتم شهقاتها حتى لا توقظ زوجها، لكن الدموع كانت أغزر من أن تُكتم،وبعد وقتٍ بدا كعمرٍ كامل، أغلقت الماء وخرجت، جسدها منهك، روحها مثقلة، ووجهها ملطخ بدموع لم تجف،

ارتدت إسدالها الأبيض، وجدت فيه ملاذًا كأنها تتحصن بحمى الله، وضعت المصلاة على الأرض، وقفت بين يدي ربها تصلي ركعات قيام الليل، دموعها تتساقط على خديها حتى بللت ثوبها، كانت آيات القرآن تسري على لسانها بصوتٍ متهدّج، يشوبه البكاء أكثر مما يشوبه الأداء، وحين وصلت إلى قوله تعالى:

﴿ٱلزَّانِيَةُ وَٱلزَّانِي فَٱجْلِدُوا كُلَّ وَ ٰحِدٖ مِّنْهُمَا مِاْئَةَ جَلْدَةٖۖ وَلَا تَأْخُذْكُم بِهِمَا رَأْفَةٞ فِي دِينِ ٱللَّهِ إِن كُنتُمْ تُؤْمِنُونَ بِٱللَّهِ وَٱلۡيَوۡمِ ٱلۡأٓخِرِۖ وَلْيَشْهَدْ عَذَابَهُمَا طَآئِفَةٞ مِّنَ ٱلۡمُؤۡمِنِينَ﴾

انفـ.ـجرت في بكاء أشد، شعرت وكأن الآية تُتلى عليها وحدها، كأنها إعلان حكم لم يُمحَ من صحيفة ذنبها، وكأنها تسمع صوتًا في قلبها يقول؛هذا جزاؤكِ يا “مها” خرّت على سجودها، تضـ.ــرب الأرض بجبهتها، تستغفر، تسترحم، كأنها تريد أن تذوب في السجادة فلا يقوم لها كيان،

وفي تلك اللحظة، كان “جاسر” قد استيقظ على وقع بكائها، رفع رأسه من الوسادة، فرأى ضوء الإسدال الأبيض في الظلام، وجسدها المنحني في الصلاة، وصوتها المرتعش وهي تردد آيات الله ،سرت في جسده قشعريرة، فنهض من فراشه بخوف لم يعرفه من قبل،

اقترب منها بخطوات مرتجفة، وعيناه تترقبان وجهها المبلل بالدموع، جلس إلى جوارها وهو يراها تبكي بحرقة، قلبه يتفتت لرؤيتها هكذا، مد يديه، وضمها إلى صدره بقوة، كأنّه يريد أن ينتزعها من يد الحزن، أحاط كتفيها بذراعيه، وأسند رأسها إلى صدره، وهمس بجانب أذنها وهو يحاول تهدئتها :

ـ بس، بس يا حبيبي، مالك يا بابا بتعيطي ليه اكده؟ وعيونك مِحمرة كانك هتعيطي بقالك كَتير عاد !

ما إن استمعت إلى صوته وهي تبكي بحرقة حتى ارتمت في حضنه كما لم تبكِ من قبل، وهو يزداد تمسكًا بها، يشعر بمرارة عجزه عن فهم كل ما في داخلها، لكنه يدرك أن قلبه صار حصنها الأخير، ارتجف وهو يسمع شهقاتها، أحس أن الدموع التي تسيل على صدره نـ.ـارٌ تحرقه، وأقسم في سره ألا يتركها وحدها في هذا العذاب ، فربت على ظهرها بحنو بالغ وجذب رأسها إليه يقبلها :

ـ مالك يا”مها” ؟هم كل اللي هيقوموا يصلوا قيام الليل هيعيطوا اكده؟!

ىكيد في حاجة هتخنقك عاد، احكي لي وفضفضي واني هشيل عنيكي الوجع .

ما إن ارتمت “مها” في حضنه، حتى تشبّثت به بقوّة، وقبضتاي يديها تمسكان بثيابه من ظهره، وهي تتمسّح في حضنه كالقِطّ الوديع، كأنّها تخشى أن ينفلت من بين يديها، فهو الحضن الوحيد الذي وجدت فيه الأمان، والحضن الوحيد الذي شعرت معه أنّها إنسانة حيّة، وامرأة تحسّ وتنبض، ولهذا تعلّقت به حتى أقصى الحدود، كالغريق الذي لا يعرف من طوق النجاة سواه،وفي لحظةٍ مفاجئة، همست بجوار أذنه وهي تعترف له للمرّة التي لا تحصي عددها، بهمسةٍ مرتجفة كأنّها تخشى أن تخسر الحبيب الذي جاء بعد عُمرٍ من المعاناة، كزهرةٍ وجدت ماءها بعد طول جدب، فتخاف أن يُنتزع منها فجأة فتعود صحراء قاحلة :

ـ اني هحبك قووي يا “جاسر” حب ميتوصفش ولا يتسمع عنيه ، خليك فاكر اكده دايما ، إن “أم الزين” محبتش ولا هتحب حد كدك ، انت النور اللي نور ضلامي ، وانت الرحمة من ربنا ليا .

كان “جاسر” يشعر أنّها موجوعة من دقّات قلبها المتلاحقة، ومن نبرة صوتها المبحوحة بالوجع، ومن بكائها الذي لا يُدرَك له معنى، واعترافها الممزوج بإحساسٍ أنّها أثقل مما يحتمل، رغم أنّه لطالما طمأنها بأنّه يحبّها أكثر ممّا تحبّه هي، وأنّها كلّ شيءٍ في حياته، ومع ذلك لم يفهم سبب ذلك القلق العالق في نبرتها حتى وهي تعترف بحبّها، فسألها وهو يُبعدها قليلًا عن حضنه، محتضنًا وجنتيها بين يديه، وعيناه تستقرّان في أعماق عينيها، كأنّه يقرأ منهما الصدق، ويبحث عن سرّ تلك الحيرة التي تُثقِل روحها:

ـ اني نفسي افهم ليه كل البكا دي؟ وليه هتعيطي وتنكدي على حالك؟ وليه القلق اللي باين في عينيكِ دي عاد ؟

طب هو في حاجة مزعلاكي من حد ؟ او اني عميلت حاجة ضايقتك؟ أو حد زعلك علشان كل العياط دي احكي لي وفضفضي لي ؟

كانت “مها” تتمنّى أن تُحدّثه عن شعورها بالذنب، وعن عدم راحتها من ذلك الإثم العظيم الذي اقترفته، ولا سيّما بعدما سمعت الشيخ اليوم يتحدّث عن المرأة الزانية بالرجل الزاني، وبالتحديد حين قال: الزاني لا ينكح إلا زانية. ومنذ تلك اللحظة وقلبها يكاد يتمزّق، تطاردها الكوابيس، وتراها في نومها كالسياط تُلهب روحها، وتشعر أنّ “جاسر” لا يستحق أن يعيش مع امرأة مثلها. فقرّرت أن تسأله عن الأمر، لكن بطريقة مغايرة تمامًا، وبدأت تفضفض له بما في صدرها علّها تجد راحة بعد طول عذاب:

ـ النهاردة واني بسمع البرنامج الديني اللي بسمعه كل يوم كان بيتحدت عن معصية الزنا، فواحدة اتصلت بالشيخ وبتسأله؛ عن إنها ارتكبت معصية الزنا بدون عمد أو نيك إنها تعمل اكده وهي متجوَزة وجوزها كان مِهَمل فيها وماكانش هيديها حقوقها كست، وطلبت الطلاق منيه وهو ما كانش راضي يطلِقها وان هي حاسة بالذنب، وتابت توبة نصوحة لربنا، فهل هي لازم تتجوَز زاني زي ما هو قال في البرنامج؟ بس أني ما فهمتش حاجك من رد الشيخ،

وتابعت حكواها بعيناي زائغة وهي تبتلع حلقها بصعوبة بالغة واضطرت إلى الكذب كي تستر على حالها فلطالما سترها الله كل تلك السنين:

ـ وبجد الموضوع دي اثر فيا قوي، فكرني لما “مجدي” الله يرحمه كان هيتعامل معاي باهمال واني كنت محافظة على حالي واني كان ممكن أوصل للحالة اللي الست دي وصلت لها ،وحاسه باختناق شديد من ساعة ما سمعت البرنامج، وبرده معرفاش جواب الشيخ ما فهمهوش؟ وكمان سألته هل عليها حد الرجم بعد التوبة النصوحة وكل دي مفهمتوش ؟

كان “جاسر” ينظر إليها باستغراب؛ كيف لها بكل تلك الحساسيّة، وكيف تبكي على امرأةٍ لا تعرفها، وكيف يكون قلبها واسعًا إلى هذا الحدّ حتى يتألّم من أجل شكوى غيرها، وكيف تجرؤ أصلًا على أن تقارن نفسها بمثل تلك المرأة؟ فطمأنها وهو يربّت على ظهرها برفقٍ يحمل دفء السكينة:

ـ طب ليه هتشغلي حالك بمواويل الشكاوي اللي هتاجي على التلفزيون دي وهتبكي كمان عاد عليهم ؟!طلعتِ حساسة قوي يا “ام الزين”! وبعدين كيف تشبهي حالك بواحدة زي داي واصل ؟!

حرام عليكِ دي إنتِ كيف الملايكة ووشك هيشع نور ،دي انتِ هتصلي لربنا السنن والفروض كلاتها وهتصومي تطوع لحد ما حسيت ان جسمك ضعف، وكمان هتقيمي الليل وهتحافظي على صلاة الفجر،كيف تشبهي حالك بحالة زي داي واصل ؟

كانت “مها” تحاول ألّا تضعف أو تُظهر تأثّرها بكلامه كي لا يشعر بشيء، ومع ذلك ظلّت مُصمّمة على معرفة الإجابة، فجمعت شتات نفسها بإعجوبة حتى لا يساوره الشكّ في حالها، ثم سألته بإصرارٍ وتشَبّث، فهي تُريد أن تعرف الحقيقة، ما دام هو دارسًا للشريعة والقانون كي يرتاح قلبها إن طمئنها أو يتعذب إن صدمها بإجابته :

ـ انت عارف اني بتأثر جامد لدرجة اني حتى لو هتفرج على مشهد مؤثر في التلفزيون في مسلسل أو فيلم ممكن هقعد اعيط على المشهد ودي طبع فيا دموعي قريبة ، بس اني عايزه أعرِف الإجابة منيك علشان ما فهمتهاش من الشيخ ؟

ابتسم لها “جاسر” براحةٍ أمام حنانها وطيبة قلبها، ثم بدأ يجيبها بحكم الشرع على التفصيل، وبسلاسةٍ في أسلوبه تجعله قريبًا إلى الفهم، وبطريقته التي تُقرّب المعنى سريعًا إلى ذهنها ،وكانت إجابته:

إذا زنت المرأة ، ثم أجبرت على الزواج من رجل عفيف ، فهل يصح ذلك الزواج ؟

ليس المقصود من قوله تعالى : ( الزَّانِي لَا يَنْكِحُ إلَّا زَانِيَةً … الآية ) النور/3 ، أن الزاني ليس له أن يتزوج إلا زانية ، وكذلك المرأة الزانية ليس لها أن تتزوج إلا زانيا ، بل المقصود من الآية : حرمة نكاح الزاني أو الزانية من العفيف ، ما لم يتوبا .

قال ابن كثير رحمه الله : ” ذهب الإمام أحمد بن حنبل رحمه الله : إلى أنه لا يصح العقد من الرجل العفيف على المرأة البغي ما دامت كذلك حتى تستتاب ، فإن تابت صح العقد عليها ، وإلا فلا ، وكذلك لا يصح تزويج المرأة الحرة العفيفة بالرجل الفاجر المسافح ، حتى يتوب توبة صحيحة ؛ لقوله تعالى : ( وَحُرِّمَ ذَلِكَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ ) ” انتهى من ” تفسير ابن كثير ،

وقال الشيخ عبد الرحمن السعدي رحمه الله : ” ومعنى الآية : أن من اتصف بالزنا ، من رجل أو امرأة ، ولم يتب من ذلك ، أن المقدم على نكاحه ، مع تحريم الله لذلك ، لا يخلو :

إما أن لا يكون ملتزما لحكم الله ورسوله ، فذاك لا يكون إلا مشركا .

وإما أن يكون ملتزما لحكم الله ورسوله ، فأقدم على نكاحه مع علمه بزناه ، فإن هذا النكاح زنا ، والناكح زان مسافح ، فلو كان مؤمنا بالله حقا ، لم يقدم على ذلك .

وهذا دليل صريح على تحريم نكاح الزانية حتى تتوب ، وكذلك إنكاح الزاني حتى يتوب .

انتهى من ” تيسير الكريم الرحمن في تفسير كلام المنان ” (ص/561) .

فالرجل العفيف لا يجوز له أن يتزوج امرأة زانية ، وكذلك المرأة العفيفة لا يجوز لها الزواج من رجل زانٍ ، إلا إذا حصلت التوبة ممن اتصف بالزنا منهما ، وكذلك الزاني والزانية ليس لهما أن يتزوجا إلا إذا تابا .

نعم، يجوز الزواج من الزانية التائبة حتى لو لم يقم عليها الحد، فالزواج لا يقتصر على العفة، والتوبة الصادقة تمحو الذنب وتُعيد العِفّة للشخص التائب، ولا يُشترط لصحّة الزواج أو جوازه إقامة الحدّ عليها في الشرع الإسلامي.

تفاصيل الحكم:

التوبة تمحو الذنب:

التوبة النصوح تُعيد الإنسان كما لو لم يذنب، لقوله تعالى: “وَالَّذِينَ إِذَا فَعَلُوا فَاحِشَةً أَوْ ظَلَمُوا أَنفُسَهُمْ ذَكَرُوا اللَّهَ فَاسْتَغْفَرُوا لِذُنُوبِهِمْ وَمَن يَغْفِرُ الذُّنُوبَ إِلَّا اللَّهُ وَلَمْ يُصِرُّوا عَلَىٰ مَا فَعَلُوا وَهُمْ يَعْلَمُونَ”.

العِفّة تعود بالتوبة:

فإذا تابت المرأة عن الزنا، عادت إليها العِفّة التي فقدتها بالوقوع في المعصية، وهذا يعني أنها تُعتبر عفيفة طالما أنها تابت إلى الله.

لا يُشترط إقامة الحد:

شروط الزواج لا تتعلق بإقامة الحدود الشرعية، فالزواج صحيح ومن حق التائب أن يتزوج، كما يحق للمسلم أن يتزوج من مسلمة أسلمت بعد كفر.

خلاصة:

لا يوجد مانع شرعي من الزواج بالزانية التائبة، فباب التوبة مفتوح لجميع العاصين، والتوبة الصادقة تجعل الشخص تائبًا عفيفًا أمام الله، ولا يُشترط تنفيذ العقوبة عليها لكي يصبح الزواج بها صحيحًا .

ملحوظة ( الاحكام دي من أهل العلم والفتوى ومن خلال دراستي لأصول الدين والشريعة و تقدروا تبحثوا عنها كويس علشان تتاكدوا من صحتها كان لازم ابين حكم مها في جوازها من جاسر وبين حكم الشرع من جميع الجهات )

بعد أن شرح لها الأمر وأفهمها، شعرت براحةٍ عميقةٍ في داخلها، إذ أيقنت أنّ الله قد أسقط عنها الوزر بتوبتها، وأنّ زواجها منه لا يترتّب عليه إثمٌ شرعي، ولأوّل مرةٍ تذوق طعم الطمأنينة بعد الكوابيس التي كانت تزورها وكثرة التفكير في ذلك الأمر، فتنفّست الصعداء بارتياحٍ شديد، وابتسمت بسعادةٍ خالصة، ثمّ ألقت بنفسها في حضنه شاكرةً إيّاه :

ـ ياه ريحتني، وبجد هدعي للست داي ان ربنا يتوب عليها من الذنب كانت صعبانة عليا قوي،

بس انت ما شاء الله عليك فهمتني حكم الدين بسلاسة ربنا يخليك ليا ،خلاص ما تقلقش علي اني بقيت زينة ها، ويلا هات يدك نروح نكمل نوم علشان اني قلقت منامك .

رفع “جاسر” حاجبه بدهاء، وهو يقترب منها، قابضًا على يديها كلتيهما بين كفَّيه، ثم أخذ يطبع قبَلاتٍ دافئة على باطن كفّيها بحبٍّ، وهو يقول لها بمكرٍ ظاهر :

ـ وه ! طب هو في راجل عاقل يصحى من النوم يلاقي الجمال دي كلاته قدامه بخدوده القمر دول وياخدها ويناموا اكده عادي؟

من قبل ما يديها درس معتبر في كيفية احتواء الحبيب القلقان في منتصف الليل ،داي توبقى عيبة في حقي قووي .

ابتسمت بعيون خجلة وهي تسأله عن مقصده بنعومة ودلال تشبهها :

ـ أمممم… كيف دي يعني ، مفهماش من حديتك دي حاجة .

جذبها من يدها وساعدها على القيام ثم احتضن وجنتيها بين كفاي يديه وأجابها بقبلات متناثرة على عينيها ووجنتيها مجيباً إياها بعبث:

ـ لاااه، الشرح دي بالذات علشان تفهميه لازم يوبقى عملي ، ولازمن تركزي معاي قوي علشان تستفادي وقلبك يطمَن وجسمك اللي كان هيرتعش دلوك يستكين في حضن الليل وسماه ونجومه يا “ام الزين” وانتي طالعة كيف القمر دلوك وعايزة تتاكلي وكل.

تلاعبت في ياقة بيجامته وتمتمت بمكر أنثوي :

ـ وه وانت مهتزهقش عاد يا مكار انت ولا هتمل منيه الشرح دي يا سيادة الاستاذ العابث ؟

أجابها بجانب أذنها بسحقها بين أحضانه هامساً بصوت رجولي مبحوح من تأثره باقترابها :

ـ هو فيه حد بردو يزهق من الحلاوة بالقشطة يا “أم الزين” دي يوبقى غشيم .

أخذها “جاسر” في حضنه، وأكملا لحظاتهما وقد غمرها بسقيا من دفء أحضانه، وحبّه، واحتوائه، ورجولته، فانهارا معًا في تيّار العاطفة، وكانت “مها” خير مرحِّبٍ بجنون العشق في أحضان حبيب عمرها وروحها،

وكان اللقاء بين الحبيبين كالتقاء نهرٍ متعطّشٍ بالبحر الواسع، لا يرتويان من وصالٍ ولا يشبعان من أنفاسٍ متلاحقة،

هو يُلقي عليها قلبه كالشمس حين تُسدل ضياءها على الأرض الباردة، وهي تُعانقه كالأرض التي تتشرّب المطر بعد طول ظمأ،

فالعشق بينهما كان سرًّا مقدّسًا، كلّما ازداد قربًا ازداد اشتعالًا، لا يُطفئه زمانٌ ولا يُنهكه تكرار.

*******

كانت “رحمة” تشعر بالاختناق الشديد، لا تطيق نفسها بسبب وجود المربية التي تُدعى “كارما”في البيت ،لم تكن مرتاحة لتصرّفاتها، ولا حتى لوجودها، ولم تكن تتخيّل أن “ماهر” قد يأتي بمربية لابنته على هذا النحو، بل وأطلعها على كل تفاصيل حياتهم، ويقترب منها إلى هذا الحد، وفي ذلك الوقت بالذات كانت “رحمة”بأمسّ الحاجة إلى مَن تُحدّثه،

كان الوقت تحديدًا العاشرة مساءً، فأرسلت رسالة إلى “سكون” تسألها إن كانت مستيقظة أم لا؟ وفي تلك اللحظة كانت “سكون” بدورها مهمومة، إذ تركها “عمْران” ومضى، لكنها حين رأت رسالة “رحمة” التي أخبرتها بأنها تحتاج إليها، ردّت عليها بأنها ستأتي لتجلس معها قليلًا، خاصة أنّ “ماهر” قد أخذ “كارما” و “فيروز” وخرجوا، ومنذ ذلك الحين وهي تأكل نفسها همًّا، والغيرة تتآكل قلبها ، فارتدت ملابسها وقرّرت أن تذهب إلى “سكون”، علّها تُفضفض بما في صدرها وتُخرج ما يثقل قلبها، فقد باتت غير مرتاحة ولا تطيق نفسها، فـكانت “رحمة” آنذاك كزهرةٍ عطشى في صحراء قاحلة، تبحث عن قطرة ماء، وكان وجعها كريحٍ عاتية تقتلع السكينة من قلبها وتذرُه في مهبّ الحيرة ،

وصلت “رحمة” إلى بيت أبيها، فوجدت أباها وأمّها نائمين، فحمدت الله على ذلك، ثم صعدت مسرعة إلى “سكون”، إذ لو رأته أمّها حالتها تلك لسألتها عن كلّ شيء، ولو علمت “زينب” بما حدث بينها وبين – “ماهر”، وكيف أنّه ألقى عليها اليمين وهي ما تزال في بيته، وكيف تُهمل ابنتها، لما أبقت لها لا حليبًا ولا رائبًا،مضت “رحمة” إلى “سكون”، وما إن فتحت لها الباب حتى ارتمت في حضنها وهي تبكي بحرقة، وكانت تلك أوّل لحظات الضعف لـ”رحمة”التي عُرفت بقوّتها وصلابتها دوماً، والضعف لم يكن يعرف إلى قلبها سبيلًا، حاولت “سكون” أن تهدّئها، وأعدّت لها عصير ليمون ليخفّف من توتّرها، ثم جلستا معًا، وبدأت “رحمة”تروي كلّ ما جرى بينها وبين “ماهر” وكانت “سكون” غير مصدّقة لما تسمع، وحين وصلت “رحمة” إلى لحظة حديثها عن ابنتها التي احتُجزت في المصعد، شهقت “سكون” بخوفٍ شديد وذهول :

ـ وه! معقول يا ” رحمة” توبقي في الاسانسير وبتك جارك وتنشغلي عنيها بالموبايل والرد على شغلك؟! لحد ما ايديها تنزنق ويوحصل لها مشاكل في مفصل يدها وتمزق في الأربطة وهي لساتها طفلة صَغيرة ؟!وكل دي حوصل واحنا ما نعرِفش أي حاجة! ولا امك ولا اخوكِ ولا أي حد ؟!

حرام عليكِ بجد ازاي جالك قلب ما تُبقيش ماسكه بتك اكده بقبضة من حديد وخصوصا وانتِ في مكان خطير زي دي ؟

وكمان كيف ما هتقولي على موضوع الحمام اللي بتك عيملته على حالها وانتم بره، بجد انتِ موخداش بالك من بتك خالص ولا مراعياها واكده غلط وهيأثِر على نفسية البنت .

شهقت”رحمة” بشدّة من شدّة البكاء حين ضغطت عليها “سكون”، ثم واصلت “رحمة” حديثها وهي تحاول أن تُبرّر موقفها، غير أنّ ضميرها كان لا يزال يؤنّبها على تقصيرها وإهمالها مع ابنتها :

ـ والله يا “سكون” ما كانش قصدي كان معاي عميلة مهمة كان لازمن أرد عليها،والحوار كلاته حوصل في ثواني، وطبعا “ماهر” كان مترصد لي على غلطة وكل شوي يحذرني أخلي بالي من البنت، وخصوصي موضوع الحمام اللي حوصل دي كان شادد عليا جامد ،وكمان نفسية البنت زي ما بتقولي تعبانة جدا ،وبصراحة اني بَعيدة عنيها اكنر الوقت علشان شغلي، بس هعمل ايه؟ شغلي بيتطلب مني اني اكون مركزة 24 ساعة في ال 24 ساعة، وما بقتش عارفة أراضي مين ولا مين، بس اني والله كان حداي كذا قضية، قلت هخلصهم وهفوق لبتي واعوٓضها عن الايام اللي اني بغيب عنيها فيها، بس ربنا شكل ما يكون هيعاقبني على اهمالي فيها،ومش عايزة اقول لك “ماهر” من وقتها وهو مش طايقني ورمى عليا يمين الطلاق .

شهقت “سكون” بصدمة حين سمعت منها أنّ “ماهر” قد ألقى عليها يمين الطلاق وهي ما تزال مقيمة في بيته، فضـ.ـربت على صدرها بذهول، وهي تسألها بدهشةٍ شديدة :

ـ واه ،واه ! “ماهر” طلقك وانتِ لساكي قاعده وياه في دارَه ؟! دي لو أخوكِ عرف عن اللي حوصل وقعدتك وياه، ولا امك ولا ابوكي لو كان لساته فايق مش على سَرير المرض كان زمانك دلوك مضـ.ـروبة بالنـ.ـار عاد،

كيف قاعدة في داره وانتِ مطلقه منيه ما خايفاش لاحد يعرِف وتوبقى ايامك مفيتاش؟ ليه ما جبتيش بتك وجيتي لحد ما الموضوع هدى؟ ليه قاعدة عنديه لحد دلوك يا “رحمة” انطُقي، ممصدقاش نفسي واللي سمعته منيك دلوك واصل يا بت أبوكِ الحاج “سلطان” وأخت “عمران” !

دفنت “رحمة” وجهها بين يديها كلتيهما، وظلّت تبكي بحرقة من كلام “سكون”، وهي واقعة بين وضعين لا تدري أيّهما تختار؛ بين أن تترك ابنتها لـ “ماهر” وتعود إلى بيت أبيها، أو أن تبقى في بيته حتى تُحلّ المشكلة دون أن يعرف أحد، إذ لا تستطيع أن تبتعد عن ابنتها ولا أن تتركها ، ثم روت لـ “سكون” تهديد “ماهر” وهي منهارة من شدّة البكاء :

ـ غصب عني يا “سكون” غصب عني اني افضل هناك، اني والله كنت هجيب بتي وهاجي اهنه، بس “ماهر” هددني اني اسيب البنت وما اخهاش معاي، ولو عميلت اكده هيرفع عليا قضية وياخ البنت مني بالفيديو اللي معاه ،وكمان شهادة الناني في المكان اللي البنت عيملت فيه حمام، وهتقول كلام “فيروز” ليها لما سالتها عني، و”ماهر” جبار هيكسب القضية من أول جلسة ومش بَعيد يجيب لي حكم حبس باهمالي في البنت، وبالشكل دي هخسر بتي زي ما خسرت جوزي، واني ما اقدرش أبعِد عنيها، اني كنت اه بسيبها طول النهار بس بالليل باخدها في حضني واقعد وياها شوية، حتى لو صغيرين بس كانت بتنام في نفس المكان اللي اني موجودة فيه، وكمان هددني ان هيوري الفيديو لـ”عمران” وماما وانتِ عارفة لو الحاجة “زينب” شافت الفيديو هتعمل فيا ايه؟ مش بَعيد تكسِر لي ضلع علشان وضعي بتي واللي كانت فيه، وهي دايما تنصحني كل لما تشوفني على يدك اني اخد بالي من بتي وما اخليش الشغل بتاعي ياخد كل وقتي واسيب بتي، وكل اما اجي حداها اهنه تفضل تقول لي خلي بالك من بتك، اقعدي مع بتك، بتك أهم حاجة، بالك بقى لو عرفت اللي حوصل وحكاوي “ماهر” لما يقول لها عن إهمالي معاها في البيت وفي كل حتة فاضطريت اني اخبي موضوع الطلاق لعل وعسى أقدر اخليه يتراجع عن قراره وعميلت اكده حاولت أصالحه بكل الطرق بوست يده وبوست رجليه ،وهو مصمم ان اني اسيب الشغل واقعد في البيت، واهد حلمي ونجاحي اللي اني تعبت جدا علشان أبنيه سنين وسنين ،وهو يتراجع عن قراره في البنت والطلاق، واني رفضت علشان ما اقدرش اسيب تعبي وشقاية طول السنين اللي فاتت داي كلاتها يضيع في الأرض في لحظة غضب منه ولحظة تقصير مني.

ـ لحظة تقصير ! نطقتها “سكون” بذهول مما سمعته من “رحمة”، ثم واصلت حديثها وهي تستنكر عليها كلامها، كأنها ترى “فيروز” أمامها، طفلة محرومة من أمّها وحنانها، وتخيّلت لو أنّ ابنتها “سكن” عاشت الإحساس نفسه، فدقّ قلبها بوجعٍ شديد على شعور تلك الصغيرة، فشدّدت على “رحمة” في كلامها:

ـ لأول مرّة هاقسى عليكِ في الكلام يا “رحمة” واقول لك حرام عليكِ، كيف تحرمي بتك من حضنك ساعات كَتيرة بل وصلت لسنين؟ البنت بالذات بتحتاج حضن امها ودلعها وبتحتاج وجود امها في كل الاوقات، لدرجة ان بتك قالت للناني زي ما انتِ ما حكيتي انك منبهّة عليها وقت ما تكوني شغالة ما تناديش عليكِ، خالص والاحساس دي وصل للبنت حتى في ساعة الخطر اللي هي بتحس بيه انها ما تناديش عليكِ، ازاي يا “رحمة” الشغل اخدك لدرجة ان تخلي بتك في الدرجة الأخيرة من اهتماماتك ؟ازاي الشغل اخدك انك ما تسمعيش نصايح جوزك اللي اتحرم من بته قبل اكده بسبب إهمال امها وتخلي بالك من بتك وتراعيها زيك زي اي ام؟ ازاي وصل بيكي الحالة انك تكوني بالقساوة الجامدة دي على بتك؟!

دي اني بتي لو صباعها انجرح اني بعيط عليها وافضل احضنها وما اسيبهاش لحد ما تهدى وتنسى، ازاي سايباها طول النهار وطول الوقت لام محمد وللمس اللي في الحضانة هم اللي يخلوا بالهم منيها ؟

وجوزك مهما كان راجل وفي شغله وحتى لو عوض البنت شوية عنك عمره ما هيعوضها حنان امها، بصراحة “ماهر” الله يكون في عونه بسبب اللي انتم فيه ،وبصراحة اكتر يا “رحمة” هو عنديه حق لازم تسيبي الشغل يا اما تاخدي عدد قضايا معين ما يخليكيش مشغولة عن بتك وفي نفس الوقت تراعيها ما تخسريش شغلك ،يعني بالكَتير قوي شغلك وقضاياكي تخلصيهم وقت حضانة بتك وباقي اليوم ليها ولحضنها ولجوزك، يا اما اكده يا اما المربية الجَديدة اللي انتِ بتتكلمي عنيها دي هتاخد مكانك وخصوصا ان جوزك حكى لها على كل حاجة ما بينكم في لحظة ضعف وفي لحظة عناد منك وياه، وانتِ كيف ما بتقولي انها باين عليها قوية ومتعلَمة والبنت اتعلقت بيها وهي مهتمة بيها، بتك اهم حاجة في الدنيا يا “رحمة” ،اهم من نفسك واهم من شغلك واهم من كل حاجة، امال لما يوبقى عنديك تلاتة اللهم بارك زيي بقى هتعملي ايه ولا هتعرفي تشتغلي ولا تنامي ولا تاكلي ولا تشربي، بصراحة اني شايفة الغلط كله عِندك انتِ ولو استخدمتي عقلك مع جوزك هتعرف تكسبيه لصالحك وخصوصي لما يشوف منك متابعه مع البنت وانك هتقدري تستغني عن 3/4 شغلك عشان رعاية بيتك وبتك اسمعي نصيحتي قبل العدة ما تخلص وامك واخوكِ يعرفوا اللي حوصل وبرده هتتحرمي من بتك.

كانت “رحمة” تتنفّس بصعوبة من حالها وما آلت إليه، غير قادرة على أن تستغني عن حلمها في أن تبلغ أعلى قمّة النجاح في المحاماة، بعد أن كانت قد فقدت الأمل في العمل حين جلست على كرسي العجز، فأصابتها عقدة نفسيّة جعلتها تشعر دائمًا أنّها ستكون متأخّرة وفاشلة، وأنّ حلمها بالنجاح كمحامية بارزة قد تبخّر في ذلك الوقت، ولهذا، عندما شُفيت، عملت بكلّ ما أوتيت من قوّة لتصبح “رحمة سلطان المهدي” المحامية المرموقة، لتغدو “الديفا” في قاعات المحاكم،

ظلّت “سكون” تنصحها، ثم ضمّتها إلى صدرها بقوّة، وكانت آخر كلمة قالتها لها وهي تربّت عليها بحرارة، كأنّما تنطق بهذه النصائح لنفسها قبل “رحمة”، وهي تشعر بالوجع هي أيضًا بسبب ما تمرّ به من أزمات مع “عمْران”:

ـ صدقيني يا “رحمة” الست مننا مهما كانت قوية ومهما كانت ناجحة وشاطرة في شغلها عمرها ما هتحس انها ناجحة فعلا ولا هتحس بطعم الدنيا إلا في حضن جوزها وولادها وهي شايفاهم قدامها بخير وبتديهم من حضنها وحنانها، عمرك ما هتقدري تعوضي ابتسامة من بتك لحظة رضا من حنانك، ولا عمرك هتقدري تحسي انك مرتاحة غير في حضن جوزك مهما كنتِ ناجحة، ومهما وصلتي لقمة النجاح صدقيني بنتك وجوزك ما يتعوضوش بكنوز الدنيا، روحي يا “رحمة” دلوك بيتك ارمي ضعفك قدام جوزك ،حسسيه ان انتِ ما لكيش ولا أي قيمة ولا لازمة من غيره ومن غير بتك، حسسيه ان هو وبتك أهم حاجة عنديكي في الدنيا، وانك ما تقدريش تعيشي من غيرهم، حسسيه انهم كل حاجة في حياتك بلاش شغل الشراسة والعند اللي انتِ دايما واخدة عليهم، الراجل بيحب يحس ضعف مرته قدامه، بيحب يحس دايما ان هو صاحب القوامة عليها ،وان هي مهما قويت هي ضعيفة قدامه ومحتاجة لحضنه، الراجل بيحب الكلمة الحنينة والست الحنينة ما بيحبش أبدا الست اللي تعامله الند بالند، صدقيني لما تواجهيه بضعفك أحسن ما تواجهيه بقوتك وشراستك وعِندك ووقتها هيعند وياكي والموضوع هيقلب بتحدي وبتكم هي الخسرانة، هو قدم لك كل الحلول وانتِ رافضة انك تستغني عن بعض وقت من شغلك علشان بتك للأسف يا “رحمة” ما تزعليش مني ومن الكلمة دي اكده منتهى الأنانية منيكي.

وضعت “سكون” “رحمة” بين شقّي الرحى، وأوضحت لها أنّها بلغت غاية الأنانيّة، بعيدة كل البعد عن “ماهر”، وأنّه طالما ردّد على مسامعها تلك الكلمة، حين سمعتها أيضًا من “سكون” تعاظم في داخلها شعور متخبّط، لا تدري أتهتدي إليه أم تجافيه، لكنّها عزمت أن تنصاع لنصيحة “سكون”، فتعود إلى زوجها بضعفها، وتحاول مرّة أخرى،

فأرتمت في حضن “سكون” وبكت طويلًا، كأنّها تُفرغ أنهارًا متراكمة من الوجع، ثم نهضت بعزم وقرّرت أن تمضي إلى بيتها، تنتظر زوجها وابنتها حين يعودان، ثم تحدّثه بما أوصتها به “سكون” بالحرف،

وعادت “رحمة”، فأوّل ما صنعت أنّها تنعمت بحمام دافئ ينعش روحها ،وظلّت حتى الساعة الثانية عشرة ليلًا ولم يأت زوجها ولا ابنتها، جلست تنهش الغيرة قلبها، حتى كادت تُفتّت أضلاعها، ولم تعد تطيق نفسها، راودها أن تحطّم أركان البيت كلّه، علّها تقتصّ من ذلك الشعور المهلك، شعور الغيرة الذي استبدّ بفؤادها، والإحساس أنّ امرأة أخرى قد تأتي لتسلب حياتها، زوجها، وابنتها من بين يديها،

فلم تجد سوى أن تضمّ جسدها بذراعيها، وتضع رأسها على ركبتيها وتبكي بحرقة، كأنّها تُنشد الفرج بين دموعها، ولمّا أقبل “ماهر” حاملًا صغيرته النائمة على كتفه، عاد من عمله مرهقًا، وقد أوكل “كارما” إلى قضاء شأنٍ من شؤون العمل، على أن تعود مع ميعاد رجوع “فيروز” من الحضانة غداً ،

وما إن خطا بعتبة البيت ورآها غارقة في دموعها، حتى انكسرت روحه، وتهدّم جدار صبره، فلم يعد يدري أيسعى لاحتضانها أم يقف حائرًا بين جراحها وجراحه،كان يستشعر الصراع المستعر في أعماقها، ويكاد يلمس بيديه ذلك الألم والضعف الذي يعصف بها، وقلبه يتمزّق عليها تمزّقًا لا يُحتمل،

لقد كان يعشقها عشقًا لا سبيل لإنكاره، عشقًا يوشك أن يحرقه من شدّته، لكنّه أصبح عشق محروم لا يُطال، وبينهما غصّة تكاد تخنق أنفاسهما، كأنّ الأقدار تآمرت أن تزرع بين قلبيهما جدارًا من حرمان لا ينكسر،

صعد إلى الأعلى ووضع ابنته في مهدها وقبلها من جبينها ودثرها بالغطاء جيداً ، ثم نزل إلى الأسفل ووقف يتردّد، يمدّ يده ولا يجرؤ، يهمّ أن يقترب فيكاد يبتعد، و”رحمة” تنظر إليه من بين دموعها، تحار بين رغبة جارفة أن ترتمي بين ذراعيه، وبين خوف مميت أن يُشيح عنها، كانا كلاهما أسرى عشق واحد، يلتهمهما بلهيب لا يُطفأ، ويقيّدهما بحديد لا يُكسر،

وفي تلك اللحظة، ساد بينهما صمت أثقل من الكلام، صمت مُحمّل بالاعترافات التي لم تُقال، والآهات التي لم تجد منفذًا، والحبّ الذي حُكم عليه أن يُعذّب صاحبيه في صمت ،

حتى جلس بجانبها مبتعدا عنها قليلاً وهو يسألها بروح منهكة لما وصلا إليه حالهما :

ـ وبعدها لك عاد يا “رحمة” ؟ عملت لك كل اللي انتِ رايداه، نحيت مسؤولية البنت عنك خالص، وسبتك لشغلك ولنجاحك وبرده مش مرتاحة ولا مريحاني ولا مريحة البنت، اني تعبت منك وتعبت ليكي وتعبت لوضعنا دي، ممكن افهم ايه سبب فحمتك وعياطك الشديد طالما انت اللي اخترتي الوضع اللي احنا فيه دي ؟

رفعت “رحمة” عينيها المبلّلتين بالدموع، ولأوّل مرّة رأى “ماهر” ضعفها، لأوّل مرّة اضطرب قلب “ماهر” من انكسار “رحمة”، فصغيرته وابنة قلبه الأولى وعزيزة عينيه قد كسرت لم يكن يتخيّل أنّه حين يراها بهذا الضعف والانكسار، سيدقّ قلبه بوجعٍ يمزّق أعماقه ،حتى نطقت وهي تقترب منه، ودموعها تنحدر كشلالات من عينيها، تحمل وجعًا عظيمًا يثقل روحها :

ـ مش هو ده اللي انت رايده؟ مش انت رايد تشوف دموعي وضعفـي وانكساري قدامك؟ رايد تطلع لـ “رحمة” الخاضعـة ليك؟ ما كنتش متخيلـة إنك تذلني في يوم من الأيام وتكسرني قدام أي إنسانـة؟

إزاي جالك قلب تعمل فيا اكده؟ إزاي جالك قلب تخلي واحدة غريبـة تتحكم فيا وتقف الند بالند قدامي وتذلني بكلامها؟

إزاي قدرت تخليها تلمسك يا “ماهر” وتحط يدها على وشك وتروح وتاجي معاها في كل مكان؟ إزاي قدرت تكسرني بالشكل دي؟ أني مش متخيلـة إنك “ماهر” اللي أني حبيتـه وإنك قدرت تعمل فيا اكده.

كان “ماهر” من داخله ممزّقًا بالوجع عليها، وما كان يتخيّل أنّ إحساسها سيبلغ حدّ الانكسار لمجرّد أنّه جلب “كارما” إلى البيت، غير أنّه كان يريد مُربّيـة لابنته ترعاها، إذ إنّ “رحمة” مشغولـة، لا تمنح صغيرتها وقتًا ولا فرصة، ولا تعطي حياتهم أنفاسًا هادئة بسبب انهماكها الشديد في عملها، عـ…ــضّ “ماهر” على شفتَيه بأسًى، وهو يمرّر يده على شعره بضيقٍ من حالتها، ثمّ اقترب منها أكثر، يبرّر أمامها التصرفات التي أقدم عليها، والغضب الذي بلغ به أقصاه بسببها هي :

ـ ما أني قبل ما أجيبها وأدخلها حياتنا اترجيتك تخلي بالك من بتك، واترجيتك تسيبي شغلك، قلت لك إن هي محتاجاكِ بدل المرة ألف مرة، وانت بتعندي ومصممة إنك تفضلي شغلك على بتك، خلي بالك يا “رحمة” كل اللي إحنا فيه ما هو إلا رد فعل نتاج أفعالك الشنيعة وإهمالك، دايمًا بتتعاملـي معايا بشراسة وعند وكبرياء عالي، الراجل ما يحبش مرتـه تتعالى عليه ،زي أني دلوك مقادرش أشوفك وانتِ بتبكي قدامي، ليه يا “رحمة” انتِ اللي مدمرة حياتنا بالشكل دي ؟

ليه عايزاني اقبل ان اني و”فيروز” نكون على الهامش من حياتك ؟ ليه رايداني احس بعدم الأمان والبنت معاكي وان ممكن بتي يجرى لها حاجة وهي معاكي طول ما انتِ لازمة نفسك ومجبراها بشغلك اللي ما بينتهيش؟

ونسيتِ انك ام وست بيت وكل حاجة عنديكي واخداها عافية وقوة واقتدار .

حتى تلك اللحظة، لم تعد “رحمة” قادرة على الاحتمال؛ اقتربت منه، ومدّت يديها تطلب حضنـه الذي حُرِمَت منه منذ مدة طويلة، لقد افتقدت ضعفها بين ذراعيه، واشتاقت أن تستريح في صدره العريض، ذلك الحصن الآمن الذي كان يحميها حتى من نفسها، ومن كل وحشٍ يطاردها من حولها، افتقدت عبير أنفاسه الذي كانت تستنشقه كل ليلة لتغفو على صدره، كي تظل أنفاسها مطوّقة برائحته،

من الأساس “ماهر” بالنسبة لـ “رحمة” لم يكن مجرّد زوج، بل كان الأب الحنون، والأخ الحامي، والابن القريب، والروح التي تتكئ عليها، هو الأمان، هو الحب الأول، هو الحياة التي تسري في عروقها، هو السند، الصد المنيع أمام كل خطر يهددها، هو النور الذي يضيء لها الدروب، وهو رمز النجاح والقوّة والإرادة والأمل، لقد كان بالنسبة إليها كل الوجود، ومنذ أن ابتعد عنها وهي لا تعرف سبيلاً للعيش، كأن روحها توقّفت عن الحياة،

فما كان من “ماهر” إلّا أن لبّى دعوتها؛ فتح ذراعيه، فاندفعت إليه، دفنت نفسها في حضنه، تضرب بقبضتي يديها الصغيرتين على ظهره، بينما تشدّ عليه عناقاً متوسّلةً ألّا يتركها، وهو كذلك ضمّها بقوة، كأنّه يردّ إليها أنفاسها من جديد، في تلك اللحظة، همست له بما لم تجرؤ يوماً أن تُخرجه، كلمات صافية خرجت من قلبها مباشرة، كأنّها انبثقت من أضلعها لا من لسانها؛ كلمات اعتراف مغموسة بدموعها، تعلن له أنّه وطنها الوحيد، وحلمها المفقود، وملاذها الأبدي :

ـ أصلك ما هتعرِفش أنت بالنسبة لي إيه؟ انت كل حاجـة ليا، انت حبيب عمري، أول نبضـة قلبي كانت ليك، أول سهر وعذاب ليالي في حبك كانوا علشانك، أنت بالنسبة لي روحي اللي أنا عايشـة بيها، بالنسبة لي أماني وأمنـي، اللي من وقت ما اتخليت عني وأنا حاسـة إن أنا هموت في أي لحظـة وأنا بعيد عن حضنك.

“ماهر” هو الآخر لان ضعفه في حضنها، فهو كذلك يعشقها عشقاً لا حدود له، حياته من غيرها غدت جحيماً، لا يقوى أن ينام ولا أن يأكل ولا أن يشرب ولا أن يعيش، حتى في أشد ساعات قسوته عليها حفاظاً على بيتهما وعلى وجودها، كان يلوم نفسه أشد اللوم على ما يفعله بها، وما إن ذكرت “رحمة” سيرة الموت، حتى أخرجها من حضنه، واحتضن وجهها بين كفيه وهو يعترف بالاعتراف ذاته، وبالضعف نفسه، فما الحبيب في الحب إلا أسير عشقٍ ينسى نفسه أمام من يحب، ولا يطيق أن يرى دموعه ولا ضعفه، و”ماهر”، الصلب العاشق لـ”رحمة”، في لحظات ضعفها لا يستطيع أن يراها كذلك :

ـ ما تجيبيش سيره الموت داي على لسانك ،مش بحب اشوفك ضعيفـة ولا مكسورة ،ولا أحب اشوفك غير قويـة ،اوعاكي تدمعي ولا تخافي من حد طول ما اني موجود، انت روحي يا “رحمة” فاهمة يعني ايه روحي ؟صدقيني حتى في ساعات قسوتي معاكي بلوم نفسي بس كل اللي حصل وعند “فيروز” بملكش اعصابي ما بعرِفش اني بعمل ايه ولا بقول ايه! ارجوكِ يا “رحمة” اني رايد حياتي مع مراتي وبتي تكون مستقرة، رايد حياتي اللي انا بحبها منك واللي اني عايزها تكون معاكي، اعيشها في سكن ورحمـة، ارجوكي سيبي الشغل واملي حياتي اني وبتك بيكي احنا محرومين منك يا “رحمة” وصدقيني قمة نجاح الست في بيتها واستقراره.

“رحمة” تركت كل ما قاله، وتمسّكت بكلمة أنها امرأته، وهي غير مستوعبـة أنه نطقها، فسألته وقد بلّلت شفتيها الجافّتـين بدهشـة ولهفـة:

ـ انت قلت مرتي دلوك؟ يعني انت رجعتني واني لساتي على ذمتك وفي عصمتك صوح يا “ماهر” ؟

في تلك اللحظـة لم يستطع “ماهر” أن يُخيّب رجاءها، ولا أن يُنكر أنّه قد تراجع عن يمينه منذ اليوم الثاني، ولم يقوَ على أن يُكسر قلبها، فسحب “رحمة” إلى حضنه حتّى كاد أن يسحق ضلوعها بين يديـه، وهو يُريح فؤاده، عاجز عن احتمال رؤيتها ضعيفـة:

ـ صوح يا “رحمة”، “ماهر البنان” ضعيف قصاد حبه الأول والأخير ،ضعيف قصادك يا “رحمة” “،ماهر البنان” مش قادر يكمل عقابه ولا قادر يعيش حياته بالشكل دي .

هنا كانت الانطلاقة لـ “رحمة” لتقترب منه، وتُغمره بقبلات متفرّقة، تُنثرها على كل موضع تصل إليه، وكأنّها تُعاهده بحبٍّ لا يعرف حدودًا، ولم يطيق ذرعاً أن يتحمل عاصفة اشتياقها ،فحملها بين ذراعيه كما لو أنّه يحمل كنزاً استعاد ملكه بعد ضياعٍ طويل، صعد درجات السُّلَّم بخطواتٍ متسارعة، غير قادرٍ على كبح اندفاع قلبه ولا توقَد أنفاسه، التصقت به “رحمة” التصاقاً شديداً، كأنها تخشى أن يتركها للحظة، كانت أصابعها تتشبّث بعنقه وكتفيه، وعيناها مغمضتان تستسلمان لذلك الحضن الذي افتقدته طويلاً، حضنٌ يشبه النجاة بعد الغرق،

دخل الغرفة وأغلق الباب خلفه، فبدا كأن العالم قد انمحى ولم يبقَ سوى جسدين توحّدا في صراعٍ جميل بين الحنين والهيام،وضعها على السرير في رفقٍ مشوبٍ بعاصفة من التوق، ثم مال عليها، فالتقت أنفاسهما التقاءً متشابكاً لا فكاكَ منه، كانت ارتعاشاتها تصرخ بشوقٍ مكبوت، وهو يفيض عليها بلهفةٍ متوهجة، يضمّها بقوة كأنّه يريد أن يمحو كل مسافةٍ طالما فرّقت بينهما،

كان لقاؤهما أقرب إلى العاصفة، تتلاطم فيه أمواج الشوق والحرمان، كل لمسة منه على بشرتها كانت كشرارةٍ توقِد نـ.ـاراً ساكنة في أعماقها، وكل تنهيدةٍ منها كانت كسيلٍ يذيب جليد القسوة والجفاء اللذين تراكمَا بينهما، تبادلا العناق كما يتبادل الظمآن قطرات الماء بعد عطشٍ مُهلِك، وكأن أجسادهما تتحدث بلسانٍ لم تعرفه الكلمات، يروي ما عجزت الحروف عن الإفصاح به،

لم يكن اللقاء مجرد اقتراب جسدي، بل كان عودة روحٍ إلى روح، وانصهار قلبين في بوتقةٍ واحدة، كان “ماهر” يحتضنها بشراسة العاشق الذي أقسم ألا يترك محبوبته بعد الآن، وكانت “رحمة” تستجيب له بحرارة أنثى أرهقها البُعد وأذابها الانتظار، كأنها تفرغ كل ما في جوفها من خوفٍ وحزنٍ واحتياج في تلك اللحظات العاصفة، فـتلاشت الحدود بينهما، وتحوّل صمتهما إلى لغةٍ ملتهبة، كأن الليل كله توقّف ليشهد ميلاد عهدٍ جديد بينهما، ولم يبقَ بعد ذلك سوى ارتجاف الأجساد المتعبة، وأنفاسٍ متقطّعة تعلن أن العاصفة قد هدأت، وأنهما أخيراً عادا إلى حضنٍ واحد، حضنٍ لا يعرف الفُرقة ولا يقبل الهجران دون حسبان للقادم ولا اتفاق على أي شي فلقد تحكم بهم الاشتياق واللهفة وفي قانون الشوق ما على العاشق ملام .

الفصل السادس عشر من هنا

stories
stories
تعليقات