رواية أعمال سفلية الفصل الثاني بقلم محمود الأمين
الجزء الثاني
لقيت سعدون بيمدلي ايده وبيقولي شدّ حيلك… البقاء لله وميل علي ودني وقلي أحسنلك تبعد عن طريقي… انت مش قدي ولا قدّ الأسياد… ومشي.
رجعت البيت بعد انتهاء العزا تايه مش عارف أفكر في حاجة، دخلت أوضتي ومن غير تفكير رميت نفسي على السرير ونمت.
صحيت على صوت همس جاي من بعيد: صلاح… صلاح، فتحت عيني كويس عشان أشوف مين اللي بيهمس، شوفت بنت واقفة في ركن الأوضة في الضلمة. اتقدمت ودخلت دايرة الضوء وشوفتها… دي هدي، بنتي… هدي اللي ماتت. حركت راسها يمين وشمال وسمعت صوت عضم بيتكسر. قومت وانا بقول بنتي… لا! بنتي!
كنت عامل زي الطفل الصغير اللي فقد حد عزيز عليه ومش عارف يعيش من غيره.
وفي يوم كنت نايم، الباب خبط… قومت من النوم وانا بقول مين اللي بيخبط بره؟
خرجت كان سعدون البطاش مسكته من هدومه وقولتله
_ انت جاي برحليك بعد ما قتلت بنتي؟ أنا مش هسيبك
= اهدى… أنا مليش ذنب في موت بنتك
_كدّاب… كدّاب! أنا هقتلك
= اهدى واعرف أنا جاييلك ليه
_مش عايز أعرف… اطلع بره
= اهدى… بقولك أنا عاوزك معايا
_عاوزني إزاي معاك؟
= عاوزك تشتغل معايا… انت عندك قوة تحكم في البشر وسيطرة على الجن، ولو اشتغلنا مع بعض محدّش هيقدر يوقف قصادنا
_انت مجنون؟ عاوزني أشتغل في الشر والأذية معاك؟
= وكان نفعك الخير في إيه؟ قدرت تحمي بنتك؟
_اللي حصل لبنتي قدر ربنا
= أنا ماشي، بس هترجع وهتيجي انت تطلب تشتغل معايا
بعدها، قطع تفكيري صوت خبط على الباب… قومت وفتحت الباب، كان راجل ومعاه طفل صغير عنده 10 سنين.
_ابني بيروح مني يا شيخ
= اتفضل بس واحكيلي
دخلوا الأوضة وقعدوا وبدأ يحكي: ابني اتعود أنه يدخل الحمام، يقف قدام المرايا ويغني، هو صوته حلو ما شاء الله، لكن أنا ووالدته زعقناله… وفي مرة والدته ضربته، دخل الحمام وفضل يعيط، والنور فصل وهو جوه صرخ، ومن يومها ابني بيقوم من النوم يصرخ ويقول: عاوزني اروح معاهم، وظهر على جسمه كدمات وخربشة.
قولت للطفل، واللي كان اسمه عمر: بص في عينيّ وركز، وبدأت أقري المعوذتين. لكن لقيت الطفل بيضحك واتكلم بصوت راجل كبير: مش هتعرف تعمل حاجة… انت خلاص انتهيت، موت بنتك هدّك
معرفش ليه لما قال كده عيطت وقولت للراجل: علاج ابنك مش عندي… أنا تعبان ومش هعرف أشتغل
= ارجوك يا مولانا
دخلت مراتي وقالت للراجل: الشيخ صلاح تعبان… عدّي عليه وقت تاني
رجعت الأوضة بعيط، وقولت: ايه خلاص، أنا بقيت ضعيف، فقدت الهبة اللي ربنا مدّهالي، مراتي كانت بتهديني لكن بدأت أفكر في كلام الدجال، وقولت في نفسي: ليه ما اشتغلتش معاه؟
في اليوم ده نمت. وحلمت حلم غريب اوي، كنت واقف في اوضه بنتي، الاوضه كانت فاضية لكن فجأه باب الاوضه اتفتح ولقيت هدى داخله عليا بتقرب مني، ملامحها الطفوليه البريئه اللي وحشتني قربت منها وحضنتها لكن حسيت بنار، نار قايده في جسمي، لما بصيت على البنت كان شكلها صعب نص وشها متحلل والدود بيخرج منه.. صحيت مفزوع
مش عارف اخلص من الكوابيس.. بس كنت خلاص اخدت قراري
تاني يوم نزلت وروحت لبيت سعدون البطاش، اللي أول ما شافني ضحك وقال:
_ قولتلك هتاجي
_أنا هشتغل معاك، بس عاوز أفهم هنعمل إيه بالظبط
= اطمن، أنا الواحد بيجيني ملبوس، بخرج من عليه الجن وبسخر عليه خادم عشان يرجع تاني ويتعب ويدفع تاني… أما اللي جاية تعمل عمل بنعمله… وبنعالج اللي اتأذي…، شوفت حد بيعمل خير كده؟ قلبه طيب بالشكل ده
_انت شيطان
= كلنا شياطين، وإيه الجديد يا حبيبي؟ احنا غلبنا إبليس بمراحل
بعد نقاش طويل بدأنا الشغل، وكانت البداية مع الست جميلة، اللي جات تعمل عمل لمرات ابنها. سعدون طلب منها حاجة من قطرها، كانت جايبة حاجة فعلا من لبسها وصورتها.
بدأ سعدون يكتب حروف بدم قط دبحه في أول الجلسة على اللبس حروف بالمقلوب، وعلى صورة البنت كتب كلام كتير. وبعدها قال: اقسمت عليك يا طارش بالعهد الذي أخذته عليك الأسياد بأن تتوكل على صاحبة الجسد… وقعد يعيد ويزيد في الطلسم ده. وبعدها سكت وهو بياخد نفسه بالعافية واتكلم وقال: كده خلاص، هتتعب وهتتعذب، ومش هتشوف يوم حلو في حياتها
كل يوم حالة واتنين، واتعلمت منه ازاي أذي ناس كتير، لحد ما جه اليوم اللي اتكلم فيه سعدون وقال:
_ لازم يكون معاك من النهارده خادم
= وده إزاي؟
_ بسيطة… غمّض عينيك
غمضت، حط إيده على دماغي، والمشهد اتبدل من حواليا… شوفت نفسي واقف في مكان، وحوالي كائنات كتير شكلها مرعب، وفي النص كرسي كبير قاعد عليه كائن ضخم مرعب جداً وقال
_عليك السمع والطاعة والسجود
=لا… أنا مش هسجدلك
= ليس مخيّرًا يا إنسان
لقيت نفسي مسلوب الإرادة بسجد لشيطان، ايوه، اشركت بالله وكفرت. فوقت لقيت نفسي في بيت سعدون، الي قالى
_ دلوقتي انت بقيت من اتباع الأسياد… مبروك
كنت مش مصدق اني عملت كده، كل حاجه اتعلمتها من ابويا، بقت لعنه بتعذب ضميري، كل يوم كنت بنام فيه، كنت بحلم بنار جهنم وانا بترمي جواها وفي يوم كنت انا وسعدون قاعدين والباب خبط وقام عشان يفتح الباباتفتح الباب ودخل الراجل وابنه الصغير "عمر"...
أيوه، نفس الراجل وابنه اللي جملي قبل كده ومعرفتش أعالج الطفل.
الراجل أول ما شافني قال:
_ هو انت هنا كمان؟ يلا بينا يا ابني... مفيش أمل.
رد عليه سعدون:
= استنى بس يا أستاذ، هو فيه إيه؟
الراجل قال:
_ فيه إني روحت للشيخ صلاح ومعرفش يحل الموضوع.
بصّلي سعدون بنظرة فيها استهزاء وقال:
_ لو الشيخ صلاح معرفش يحل الموضوع... فأنا الشيخ سعدون موجود، وعندي الحل.
قعدوا، وبدأ الراجل يحكي مشكلته لسعدون، وكان بيهز دماغه..
بعدها قام وقال:
استنّوني خمس دقايق.
خرج سعدون.
قومت أنا ورُحت للراجل وقلتله:
_ خد ابنك وامشِي.
=إيه؟
_ بقولك خد ابنك وامشي. سعدون راجل دجّال، وبيعالج بالسحر وتسخير الجن.
ابنك مش هيخف على إيده، بالعكس.. هيتنكس تاني، وهترجعله تاني، وهتدفع تاني.
=انت مش عايز ابني يتعالج ليه؟ انت بتكرهني ليه؟
_ أنا مش بكرهك، أنا بقولك الحقيقة.
في اللحظة دي دخل سعدون…
ومعه قط أسود و عضمة كبيرة وعريضة أعرفها كويس، دي عضمة لوح الكتف اللي بيستخدمها السحرة في الاذيه
وقال:
_ واقفين ليه؟ اقعدوا.
حط إيده على دماغ الطفل وبدأ يقول كلام واطي مش مفهوم.. وبعدها شال إيده، الطفل كان مغمّض…فتح عينيه وكانت بيضة كلها وقال بصوت غريب:
_ ابعد عني، مش هخرج، مش هسيبه.
سعدون رد:
= عايز منه إيه؟
_ عاوزينه معانا.. مش هنسيبه.
= ولا تقدروا تعملوا حاجة!
بحق سمسائيل وملوك الجن، وبحق العهد والميثاق… خلّصوه! خلّصوه!.. صرخ الطفل
وقال:
_ اسكت… اسكت!
وبشكل تلقائي قولت
بسم الله الرحمن الرحيم
اللَّهُ لَا إِلَٰهَ إِلَّا هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ...
ولسه هكمل الآية ، وسمعت صرخه رجت المكان كله، ولقيت الطفل عينيه اتقلبت للون الابيض وبدا يبص حواليه، وشه اتملى عروق زرقة ونافره، ولقيته بيبصلى