![]() |
اسكريبت سيرتي الحلوة الفصل الثاني بقلم مها زايد
رفعت بصرها إلى السماء وتنهدت، كأنها ترجوه أن يمدّ لها يد العون، ثم أعادت نظرها إلى ثائر، لتجده يقول...
متشيليش هم يا آنسة، أنا والدي صاحب البيت اللي فيه القهوة اللي قصادك ده، ده بيت عيلتنا فيه شقتي أنا وإخواتي، وشقة تحت لأهلي، وليا أخ لسه صغير بس شقته جاهزة فهأجرهالك لحد ما ظروفك تتعدل، إيه رأيك؟
لم يكن يسمع "غانم" حديثهما، فهو فقد سمعه مع حرية قدميه، لكنه فهم ما يدور من ردود أفعالهما، فابتسم له وربت على يده بلطف، ليعبر له عن امتنانه.
صعد ثائر وهو يجر الكرسي الجالس عليه "غانم" بدلًا عن "سيرة" التي كانت تلحقهما، كانوا يُتابعان السير حتى أوقفته والدته مستفهمة عن هويتهما وأسباب مجيئهما.
أخبرها ثائر أنه سيروي لها هذه التفاصيل لاحقًا، فتح الشقة ليريها لهما فاندهاشا.
كم هي جميلة ونظيفة وواسعة، وأكتمل جمالها بهذا السرير ومرتبته الفيبر المريحة والغطاء الثقيل الذي سيدفئهما من هذا البرد.
أكمل شهامته وأحضر لهما ملابس غير تلك التي أغرقها المطر.
بدلت "سيرة" ملابسها وبدلت لأبيها ملابسه أيضًا وقاما بتناول الطعام الساخن الذي أحضره لهما ثائر، فبعد أن أكلت نقلت والدها على السرير ونامت بجانبه كالقتيلة، فقدماها وظهرها يؤلمانها بشدة.
أفاقت "سيرة" على دقات متتابعة على باب الشقة، فقامت ونظرت من العين السحرية لتجده "ثائر" وبصحبته والدته.
عرّفهما ثائر إلى بعضهما البعض، فأظهرت "منيرة" تعاطفها مع حالهما، وعرضت عليها المساعدة ولكنها شكرتها، فثائر لم يجعلهم يحتاجون شيئًا.
مر أسبوعان وطلبت "سيرة" من ثائر أن يجد لها عملًا، فيكفي هذا القدر من الخدمات التي لن تستطيع ردها، بدأ يبحث ثائر عن عمل مناسب لها حتى وجد فذهب ليخبرها.
دق الباب ففتحت له "سيرة" وهي ترتدي سلوبيت مرفق معه طاقية تُشبه رأس الأرنب، لها أذنان طويلتان، فبدت مضحكة.
انهار ثائر من الضحك على هذا المنظر، فبدأت تغضب "سيرة"، فلجم ضحكاته بسرعة وبدأ بالحديث بتلك الجدية التي اعتادت عليها.
اتفضلي، ده عنوان الشركة اللي هتروحيها الصبح، هتسألي على أستاذ حاتم العزبي وهو هيظبطلك الدنيا، متقلقيش.
شكرته "سيرة" كثيرًا وأغلقت الباب بعدما تأكدت من نزوله بالفعل.
كانت تفكر كثيرًا حتى كادت تجن، ماذا سترتدي غدًا، فهي لا تملك سوى فستانٍ قديم، لا يصلح لمثل هذه المقابلة التي تحتاج للمظهر الحسن.
لم تكد تنهي تفكيرها حتى دق الباب مرة ثانية، ففتحت "سيرة" لتجده "ثائر" ممسكًا بكيسٍ لمحل ملابس فاخر، ففهمت أنه أحضر لها ملابس.
رفضت أن تأخذها منه بلا مقابل، ولكنها لا تملك المال، فوالدته هي من تطعمهما كل هذه المدة، وأبوه يحضر لأبيها الدواء، فلم تعد تريد أن يفعلوا المزيد من الخدمات التي لن تستطيع ردها، فعرضت عليه أن يأخذ آخر ما كانت تمتلك من الذهب وهي سلسلة خفيفة، فوافق حتى يُرضيها.
ذهبت للعمل وبدأت تذهب كل يوم، حتى أصبحت تملك المال، فالراتب كان جيدًا جدًا، أكثر مما تمنت، فهو وظفها في وظيفة لها علاقة بتعليمها، فهي خريجة كلية الألسن، وتعمل كمترجمة في إحدى قنوات الأخبار المشهورة.
أما ثائر فهو محرر صحفي مشهور، ولكنها كانت لا تعرفه، فصُدمت حينما علمت بمدى شهرته، فهي كانت تعامله بشكل لا يناسب هذه المكانة.
ذهبت لتتحدث معه يومًا بعد عودتها من العمل فقالت:
ممكن أعرف حضرتك خبيت عليا ليه إنك مشهور؟
هتفرق معاكي في إيه طيب، أنا مش بحب أعرف حد علشان يعاملني بطبيعته.
عموما شكرًا، وكتر خيرك، أنا حاسبة كل قرش صرفته وهردهولك متقلقش.
بصلها بلوم وهو بيقول: أنا بتاع فلوس برضو؟ أخص عليكي، أنا اعتبرتك زي قريبتي وباباكي زي بابا، فعادي يعني مفيش بين القرايب الكلام ده.
فضلت مستغربة ليه قال قرايب مش إخوات، بس عادي يعني طنشت، هي في إيه ولا إيه.
مرت الأيام حتى أتموا العام، كانت جيرتهم طيبة، كانوا أناسًا لا يحبون المشاكل، خدومين، كرماء، يمتلكون كل الصفات الجميلة التي أجبرت "سيرة" وأباها على حبهم.
وفي يوم دق الباب ففتحت "سيرة" بعد أن علمت أنها والدة ثائر من العين السحرية، فدخلت بابتسامتها المعتادة وطلبت أن تُقابل والدها.
بدأت تكتب "منيرة" له في دفتر ما تريد، فبعد السلامات بدأت بالحديث الذي أتت من أجله، وهو طلب ثائر الزواج من "سيرة".
وافق بكل سرور، ولكن طلب مهلة ليسأل ابنته، فوافقت "منيرة" واستأذنت منه.
ودعته وودعت "سيرة"، ونزلت للأسفل لتجد ثائر ينتظر على أحر من الجمر، أبلغته رد والدها، فصمت وذهب لغرفته.
كان الخوف ينهش قلبه؛ يخشى الرد، ولا يقوى على الانتظار.
مرّ يومان وهو جالس في غرفته، تتفجر الأفكار في رأسه، حتى دخلت عليه والدته بالبشرى: لقد وافقت "سيرة".
تمت الخطبة ستة أشهر فقط، لم يُكلفها شيئًا، تزوجا في شقته بينما ظل والدها في الشقة التي استأجراها في البداية.
لم يكلفها سوى شنطة ملابسها، التي أحضرها لها بالفعل.
كان فرحهما بسيطًا، لأن لا أحد من ناحيتها سيحضر، فلم يكن يريد إحراجها، فلم يعزم سوى المقربين له فقط، فكان فرحًا كما نقول عائليًا، ولكنه كان دافئًا ومليئًا بالحب وصفاء المشاعر، وتمني السعادة لهم من قلوب كل الحضور.
تمت الزيجة على خير، وقضيا شهر العسل في دهب، كان أسبوعين فقط لظروف عملهما، ولكنهما كانا من أسعد وأجمل أيامهما، فقد صنعا ذكريات تكفيهما عمرًا بأكمله.
كان يتغزل بها دائمًا وينعتها بأحب الألقاب إلى قلبها "سيرتي الحلوة".
كان يراها الجميل في حياته، كان واثقًا أنه إذا حدث له مكروه لن تذكره إلا بالخير، حتى تظل دائمًا سيرته طيبة بين الناس.
مرت الأيام سريعًا حتى أصبحت "سيرة" أمًا لثلاثة أولاد، الذكور جميعهم يشبهون حبيبها "ثائر"، أما الفتاة فنسخة منها.
كانت "سيرة" شغوفة بتربية القطط، فهي كانت رهيفة المشاعر، إلى أن أصبحت أمًا، فأجبرتها الظروف أن تنحي رقتها جانبًا لتظهر ذلك الوجه الغاضب، والصوت الجهوري، والألفاظ الخادشة للحياء أحيانًا.
وفي يوم بينما كان يشاهد "ثائر" التلفاز، دخلت عليه "سيرة" قائلة:
انت اللي قتلت موفاسا؟
أجابها بكل براءة:
لا والله أنا زقيته بس وكان كويس، هو مات؟
إيه؟
إيييه!
ردت "سيرة" بعدما أدركت كلامه:
أنا كان قصدي على الكارتون، انت قصدك على إيه؟
يا نهار أسود، بقى انت اللي ضربت القط وخليته يتعب؟ ومن الصبح وأنا محتاسة بيه؟
بدأ هو يركض من أمامها ليختبئ بعد أن أدرك ما قاله ببراءته المعتادة،
بينما هي تصرخ وهي تُكمل ركضها وراءه وهي ممسكة بطاسة البيض قائلة:
تعالالييي!
لمتابعه روايات سكيرهوم زورو موقعنا علي التلجرام من هنا
